الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَوْلُ الْقَائِلِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ. فَإِنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ أَلْحَقَهُمْ بِأَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ حَكَمَ لَهُمْ بِحُكْمِ آبَائِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَرَارِي الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ: هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ، وَلِلنَّاسِ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ اخْتِلَافٌ، وَعَامَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ آبَائِهِمْ فِي الْكُفْرِ، وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ آثَارٌ عَنْ نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَاحْتَجُّوا لِهَذِهِ الْمَقَالَةِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» " وَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ - بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8 - 9] وَبِقَوْلِهِ: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الواقعة: 17] ; لِأَنَّ اسْمَ الْوِلْدَانِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْوِلَادَةِ. وَلَا وِلَادَةَ فِي الْجَنَّةِ، فَكَانُوا هُمُ الَّذِينَ نَالَتْهُمُ الْوِلَادَةُ فِي الدُّنْيَا، وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا سَبْيًا وَخَدَمًا لِلْمُسْلِمِينَ فِي الدُّنْيَا، فَهُمْ خُدَّامٌ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ (وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا) أَيْ: وُجِدُوا (شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ، وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ قَدْ) : لِلتَّحْقِيقِ عَلَى مَا فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
4626 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مِنْ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يُرِيَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
4626 -
(وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مِنْ أَفْرَى الْفِرَى) : بِكَسْرِ الْفَاءِ جَمْعُ فِرْيَةٍ وَهِيَ الْكِذْبَةُ، وَأَفْرَى أَفْعَلُ مِنْهُ لِلتَّفْضِيلِ أَيْ: أَكْذَبُ الْكِذْبَاتِ (أَنْ يُرِيَ) : بِضَمِّ يَاءٍ وَكَسْرِ رَاءٍ (الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا) أَيْ: شَيْئًا لَمْ تَرَ عَيْنَاهُ فِي النِّهَايَةِ أَيْ يَقُولُ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَذَا، وَلَمْ يَكُنْ رَأَى شَيْئًا ; لِأَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ مَلَكَ الرُّؤْيَا لِيُرِيَهُ الْمَنَامَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ بِإِرَاءِ الرَّجُلِ عَيْنَيْهِ وَصْفُهُمَا بِمَا لَيْسَ فِيهِمَا وَنِسْبَةُ الْكِذْبَاتِ إِلَى الْكَذِبِ لِلْمُبَالَغَةِ نَحْوَ قَوْلِهِمْ: لَيْلٌ أَلْيَلُ وَجَدَّ جِدُّهُ قَالَ السُّيُوطِيُّ: الْفِرْيَةُ الْكِذْبَةُ الْعَظِيمَةُ، وَجُعِلَ كَذِبُ الْمَنَامِ أَعْظَمَ مِنْ كَذِبِ الْيَقَظَةِ ; لِأَنَّهُ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَادَّعَى جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ كَذِبًا. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : وَفِي الْجَامِعِ: ( «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يُدْعَى الرَّجُلُ لِغَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا، أَوْ يَقُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مَا لَمْ يَقُلْ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ وَاثِلَةَ، وَرَوَى أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: "«إِنَّ مِنْ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يُرِيَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ فِي الْمَنَامِ مَا لَمْ تَرَيَا» ".
4627 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" «أَصْدَقُ الرُّؤْيَا بِالْأَسْحَارِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ.
ــ
4627 -
(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَصْدَقُ الرُّؤْيَا بِالْأَسْحَارِ» ) أَيْ: مَا رُؤِيَ بِالْأَسْحَارِ، وَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْغَالِبَ حِينَئِذٍ أَنْ تَكُونَ الْخَوَاطِرُ مُجْتَمِعَةً وَالدَّوَاعِي سَاكِنَةً ; وَلِأَنَّ الْمَعِدَةَ خَالِيَةٌ فَلَا يَتَصَاعَدُ مِنْهَا الْأَبْخِرَةُ الْمُشَوِّشَةُ ; وَلِأَنَّهَا وَقْتُ نُزُولِ الْمَلَائِكَةِ لِلصَّلَاةِ الْمَشْهُودَةِ؛ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ) : وَكَذَا أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ
[كِتَابُ الْآدَابِ] [
بَابُ السَّلَامِ]