المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٧

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ ذِكْرِ الْكَلْبِ]

- ‌[بَابُ مَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا يَحْرُمُ]

- ‌[بَابُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابُ الضِّيَافَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي مَتَى يَكُونُ الْمَرْءُ مُضْطَرًّا لِتَحِلَّ لَهُ الْمَيْتَةُ]

- ‌[بَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌[بَابُ النَّقِيعِ وَالْأَنْبِذَةِ]

- ‌[بَابُ تَغْطِيَةِ الْأَوَانِي]

- ‌[كِتَابُ اللِّبَاسِ]

- ‌[بَابُ الْخَاتَمِ]

- ‌[بَابُ النِّعَالِ]

- ‌[بَابُ التَّرَجُّلِ]

- ‌[بَابُ التَّصَاوِيرِ]

- ‌[كِتَابُ الطِّبِّ وَالرُّقَى]

- ‌[بَابُ الْفَأْلِ وَالطِّيَرَةِ]

- ‌[بَابُ الْكِهَانَةِ]

- ‌[كِتَابُ الرُّؤْيَا]

- ‌[كِتَابُ الْآدَابِ] [

- ‌بَابُ السَّلَامِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِئْذَانِ]

- ‌[بَابُ الْمُصَافَحَةِ وَالْمُعَانَقَةِ]

- ‌[بَابُ الْقِيَامِ]

- ‌[بَابُ الْجُلُوسِ وَالنَّوْمِ وَالْمَشْيِ]

- ‌[بَابُ الْعُطَاسِ وَالتَّثَاؤُبِ]

- ‌[بَابُ الضَّحِكِ]

- ‌[بَابُ الْأَسَامِي]

- ‌[بَابُ الْبَيَانِ وَالشِّعْرِ]

- ‌[بَابُ حِفْظِ اللِّسَانِ وَالْغِيبَةِ وَالشَّتْمِ]

- ‌[بَابُ الْوَعْدِ]

- ‌[بَابُ الْمُزَاحِ]

- ‌[بَابُ الْمُفَاخَرَةِ وَالْعَصَبِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ عَلَى الْخَلْقِ]

الفصل: قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ خَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ، وَكَرِهَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الشَّامِ الْمُتَقَدِّمِينَ لُبْسَهُ لِغَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ، وَرَوَوْا فِيهِ أَثَرًا وَهُوَ شَاذٌّ مَرْدُودٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَنَسٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَلْقَى خَاتَمَهُ أَلْقَى النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ إِلَى آخِرِهِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْخَاتَمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ. قُلْتُ: كَيْفَ يَكُونُ الظَّاهِرُ الْعَامُّ الْمُحْتَمَلُ سَبَبًا لِرَدِّ الْخَاصِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ مِنْ أَوَائِلِ الْأَمْرِ، وَقَدْ نُسِخَ حُكْمُهُ، وَحَدِيثُ أَبِي رَيْحَانَةَ مِمَّا اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْجَوَازِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ، وَكَرَاهَتُهُ لِبَعْضِ النَّاسِ بِالْخُصُوصِ ; وَلِذَا قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ لُبْسَ الْخَاتَمِ لِغَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ خِلَافُ الْأَوْلَى ; لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ التَّزَيُّنِ، وَالْأَلْيَقُ بِحَالِ الرِّجَالِ خِلَافُهُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، فَتَكُونُ الْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْجَوَازِ هِيَ الصَّارِفَةُ لِلنَّهْيِ عَنِ التَّحْرِيمِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْخَبَرِ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الزِّينَةِ وَالْخَاتَمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ) .

ص: 2808

4406 -

وَعَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: أَنَا أَكْرَهُ أَنْ يُلْبَسَ الْغِلْمَانُ شَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ ; لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ» ، فَأَنَا أَكْرَهُهُ لِلرِّجَالِ، الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالصَّغِيرِ. رَوَاهُ فِي " الْمُوَطَّأِ ".

ــ

4406 -

(وَعَنْ مَالِكٍ) : أَيِ ابْنِ أَنَسٍ صَاحِبِ الْمُوَطَّأِ (قَالَ: أَنَا أَكْرَهُ أَنْ يُلْبَسَ) : بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِلْبَاسِ أَيْ يُكْسَى (الْغِلْمَانُ) : أَيِ الصِّبْيَانُ (شَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ) : وَكَذَا الْفِضَّةِ إِلَّا نَحْوَ الْخَاتَمِ وَالْحَرِيرِ فِي مَعْنَاهُمَا (لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ) : أَيْ فَإِذَا كَانَ خَاتَمُ الذَّهَبِ مَنْهِيًّا فَغَيْرُهُ أَوْلَى (فَأَنَا أَكْرَهُ لِلرِّجَالِ) : قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا الذُّكُورُ، وَإِلَّا فَالرَّجُلُ ذَكَرٌ مِنْ بَنِي آدَمَ بَلَغَ حَدَّ الْبُلُوغِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْمِيمُ قَوْلِهِ عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِ (الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالصَّغِيرِ) : وَقِيلَ: إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّغْلِيبِ، وَفِي عِبَارَتِهِ مُسَامَحَةٌ ; لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّغِيرِ، بَلْ بِمَنْ يُلْبِسُهُ مِنَ الْكَبِيرِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: هَلْ يَجُوزُ إِلْبَاسُ حُلِيٍّ كَالذَّهَبِ لِلْأَطْفَالِ، الْمَذْكُورُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ جَوَازُهُ. قُلْتُ: الصَّحِيحُ عِنْدَنَا مَنْعُهُ. (رَوَاهُ) : أَيْ مَالِكٌ (فِي الْمُوَطَّأِ) : بِالْهَمْزِ فِي آخِرِهِ، وَقَدْ يُقَالُ بِالْأَلْفِ وَهُوَ اسْمُ كِتَابِهِ، وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ كَمَا سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ.

ص: 2808

[بَابُ النِّعَالِ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

4407 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعْرٌ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

(2)

بَابُ النِّعَالِ

بِكَسْرِ النُّونِ جَمْعُ نَعْلٍ كَالْبِغَالِ وَالْبَغْلُ، وَهُوَ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ: مَا وُقِيَتْ بِهِ الْقَدَمُ مِنَ الْأَرْضِ كَالنَّعْلَةِ مُؤَنَّثَةٌ اهـ: وَهُوَ كَذَا فِي الْمُحْكَمِ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْآنَ التَّاسُومَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النَّعْلُ يَجِيءُ مَصْدَرًا وَقَدْ يَجِيءُ اسْمًا، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَلَوْ قَالَ: بَابُ النَّعْلِ لَاحْتَمَلَ الْمَعْنَيَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى الثَّانِي هُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْهَرُ.

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: النَّعْلُ لِبَاسُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّمَا اتَّخَذَ النَّاسُ غَيْرَهُ لِمَا فِي أَرْضِهِمْ مِنَ الطِّينِ اهـ. وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالِيَ لِمُوسَى عليه الصلاة والسلام:{فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه: 12] مَعَ مَا ثَبَتَ مِنْ لُبْسِ نَعْلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه صَاحِبَ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادَةِ وَالسِّوَاكِ وَالطَّهُورِ، وَكَانَ يَلْبَسُ نَعْلَيْهِ إِذَا قَامَ وَإِذَا جَلَسَ جَعَلَهُمَا فِي ذِرَاعَيْهِ حَتَّى يَقُومَ.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

4407 -

(عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعْرٌ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَيُسَكَّنُ أَيْ يَلْبَسُ النِّعَالَ الْمَصْنُوعَةَ مِنْ جُلُودٍ نُقِّيَتْ عَنِ الشَّعَرِ. زَادَ التِّرْمِذِيُّ: وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا أَيْ لِمُتَابَعَةِ الْهُدَى لَا لِمُوَافَقَةِ الْهَوَى، فَإِنَّهُ جَوَابٌ عَمَّا قَالَ لَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ: رَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ

ص: 2808

السِّبْتِيَّةَ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُثْنَاةٌ مَنْسُوبَةٌ إِلَى السِّبْتِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هِيَ الْمَدْبُوغَةُ. قَالَ الْحَنَفِيُّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ: وَإِنَّمَا اعْتُرِضَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهَا نِعَالُ أَهْلِ النِّعْمَةِ وَالسَّعَةِ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْبَسْهَا الصَّحَابَةُ، كَمَا أَفَادَهُ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ السَّائِلَ قَالَ: رَأَيْتُكَ تَفْعَلُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ لَمْ يَفْعَلْ أَصْحَابُنَا، وَعَدَّ هَذِهِ مِنْهَا.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ السَّائِلِ مِنْهُ أَنْ يَعْرِفَ مَا الْحِكْمَةُ فِي اخْتِيَارِهِ إِيَّاهَا وَمُوَاظَبَتِهِ عَلَيْهَا، مَعَ أَنَّ الصَّحَابَةَ مَا كَانُوا يَتَقَيَّدُونَ بِنَوْعٍ مِنَ اللُّبْسِ وَغَيْرِهِ إِلَّا مَا فِيهِ الْمُتَابَعَةُ، هَذَا وَفِي قَوْلِهِ: يَتَوَضَّأُ فِيهَا إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَحْتَرِزُ عَنْهَا اعْتِمَادًا عَلَى أَصْلِ طَهَارَتِهَا، أَوْ حُصُولِ الطَّهَارَةِ بِدِبَاغَتِهَا، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذَا مَنْ يَدَّعِي أَنَّ الشَّعَرَ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ، وَأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الدِّبَاغُ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِذَلِكَ اهـ.

وَظَاهِرُ إِطْلَاقِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجُوزُ لُبْسُهَا فِي كُلِّ حَالٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُكْرَهُ لُبْسُهَا فِي الْمَقَابِرِ لِحَدِيثِ بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَّةَ قَالَ: «بَيَنَا أَنَا أَمْشِي فِي الْقُبُورِ وَعَلَيَّ نَعْلَانِ إِذَا رَجُلٌ يُنَادِي مِنْ خَلْفِي: يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ! إِذَا كُنْتَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ» . أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَاحْتَجَّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَتَعَقَّبَهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِخَلْعِهِمَا لِأَذًى كَانَ فِيهِمَا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ:" «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ» " وَهُوَ دَالٌّ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ النِّعَالِ فِي الْمَقَابِرِ. قَالَ: وَقَدْ ثَبَتَ حَدِيثُ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي نَعْلَيْهِ» ، قَالَ: فَإِذَا جَازَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بِالنَّعْلِ فَالْمَقْبَرَةُ أَوْلَى.

قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ إِكْرَامَ الْمَيِّتِ، كَمَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ، وَلَيْسَ ذِكْرُ السِّبْتِيَّتَيْنِ لِلتَّخْصِيصِ، بَلِ اتَّفَقَ ذَلِكَ، وَالنَّهْيُ إِنَّمَا هُوَ لِلْمَشْيِ عَلَى الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ.

قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَشْيَ عَلَى الْقُبُورِ مَنْهِيٌّ بِالنِّعَالِ وَبِغَيْرِهَا، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَشْيُهُ عَلَى الْقُبُورِ، فَنَبَّهَهُ بِأَمْرِ الْخَلْعِ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ أَدَبٍ وَتَوَاضُعٍ، لَا مَكَانَ تَكَبُّرٍ وَاخْتِيَالٍ، فَعَالَجَهُ بِالضِّدِّ وَأَمَرَهُ بِالْأَمْرِ الْأَشَدِّ، وَهُوَ لَا يُنَافِي جَوَازَ لُبْسِهَا دَفْعًا لِلْحَرَجِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ.

ص: 2809

4408 -

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّ نَعْلَ النَّبِيِّ كَانَ لَهَا قِبَالَانِ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

4408 -

(وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: إِنَّ نَعْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهَا قِبَالَانِ) : الْقِبَالُ بِكَسْرِ الْقَافِ زِمَامُ النَّعْلِ وَهُوَ السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْأُصْبُعَيْنِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ لِنَعْلِهِ زِمَامَانِ يُجْعَلَانِ بَيْنَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالْأُصْبُعَيْنِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا. قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ عُلَمَائِنَا: يَعْنِي كَانَ لِكُلِّ نَعْلٍ زِمَامَانِ يُدْخِلُ الْإِبْهَامَ وَالَّتِي تَلِيهِ فِي قِبَالٍ، وَالْأَصَابِعَ الْأُخَرَ فِي قِبَالٍ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الشَّمَائِلِ عَنْ قَتَادَةَ، «قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كَيْفَ كَانَ نَعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: هُمَا قِبَالَانِ» أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَالْإِفْرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِاعْتِبَارِ جِنْسِهَا، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: الْقِبَالُ هُوَ الزِّمَامُ الَّذِي يُعْقَدُ فِيهِ الشِّسْعُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ أُصْبُعَيِ الرِّجْلِ. وَقَالَ الْجَزَرِيُّ: كَانَ لِنَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيْرَانِ يَضَعُ أَحَدَهُمَا بَيْنَ إِبْهَامِ رِجْلِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا، وَيَضَعُ الْآخَرَ بَيْنَ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا، وَمَجْمَعُ السَّيْرَيْنِ إِلَى السَّيْرَيْنِ الَّذِي عَلَى وَجْهِ قَدَمِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الشِّرَاكُ اهـ. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ كَانَ لِنَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَالَانِ مُثَنًّى شِرَاكُهُمَا. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

ص: 2809

4409 -

وَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ:«سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا يَقُولُ: " اسْتَكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ ; فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

4409 -

(وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا يَقُولُ: " اسْتَكْثِرُوا) : أَيِ اتَّخَذُوا كَثِيرًا (مِنَ النِّعَالِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ) : أَيْ مَا دَامَ الرَّجُلُ لَابِسَ النَّعْلِ يَكُونُ كَالرَّاكِبِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ شَبِيهٌ بِالرَّاكِبِ فِي خِفَّةِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ وَقِلَّةِ تَعَبِهِ وَسَلَامَةِ رِجْلِهِ مِمَّا يَلْقَى فِي الطَّرِيقِ مِنْ خُشُونَةٍ وَشَوْكٍ وَأَذًى وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِظْهَارِ فِي السَّفَرِ بِالنِّعَالِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُسَافِرُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَكَذَا أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَفِي الْأَوْسَطِ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو، وَرَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا:" «نَعْلَانِ أُجَاهِدُ فِيهِمَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ وَلَدَ الزِّنَا» ".

ص: 2809

4410 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، لِتَكُنِ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

4410 -

(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ) : أَيْ أَرَادَ لُبْسَ النَّعْلِ (فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى) : بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ بِالْيَمِينِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الشَّمَائِلِ (وَإِذَا نَزَعَ) : وَفِي رِوَايَةٍ: خَلَعَ أَيْ أَرَادَ خَلْعَهَا (فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ بِالْيُسْرَى كَمَا فِي رِوَايَةٍ، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضُ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلِاسْتِحْبَابِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْحِذَاءُ كَرَامَةٌ لِلرِّجْلِ حَيْثُ إِنَّهُ وِقَايَةٌ مِنَ الْأَذَى، وَإِذَا كَانَتِ الْيُمْنَى أَفْضَلَ مِنَ الْيُسْرَى اسْتُحِبَّ الْبَدْءُ بِهَا فِي لُبْسِ النَّعْلِ، وَالتَّأْخِيرُ فِي نَزْعِهِ لِيَتَوَفَّرَ بِدَوَامِ لُبْسِهَا حَظُّهَا مِنَ الْكَرَامَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:(لِتَكُنِ الْيُمْنَى) : وَفِي رِوَايَةٍ: فُلْتَكُنِ الْيُمْنَى وَفِي أُخْرَى فَلْتَكُنِ الْيَمِينَ وَيَنْصُرُهُ قَوْلُهُ: (أَوَّلَهُمَا) : وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ (تُنْعَلُ) : عَلَى خِلَافٍ فِي تَأْنِيثِهِ وَتَذْكِيرِهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ، فَيَكُونُ تَذْكِيرُهُ عَلَى تَأْوِيلِ الْعُضْوِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ، وَيُحْتَمَلُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَتُنْعَلُ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ كَانَ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَعَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ قَوْلُهُ:(وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ) : وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: هُمَا مَنْصُوبَانِ عَلَى خَبَرِ كَانَ أَوْ عَلَى الْحَالِ وَالْخَبَرُ تُنْعَلُ وَتُنْزَعُ وَضُبِطَا بِمُثَنَّاتَيْنِ فَوْقَانِيَّتَيْنِ وَبِتَحْتَانِيَّتَيْنِ مُذَكَّرَيْنِ.

قَالَ مِيرَكُ: وَالْأَوَّلُ فِي رِوَايَتِنَا عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَيْنِ رَاجِعَانِ إِلَى الْيُمْنَى، وَالثَّانِي مِمَّا ضَبَطَهُ الشَّيْخُ، وَأَفَادَ بِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ النَّعْلِ وَالْخَلْعِ يَعْنِي بِهِمَا الْمَصْدَرَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنَ الْفِعْلَيْنِ، وَهَذَا لَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ، قَالَ الْعِصَامُ: وَفَائِدَةُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْأَمْرُ بِجَعْلِ هَذِهِ الْخَصْلَةِ مَلَكَةً رَاسِخَةً ثَابِتَةً دَائِمَةً لِمَا أَنَّ النُّفُوسَ تَأْخُذُ هَذَا الْأَمْرَ هَيِّنًا، أَوْ أَنَّهَا اعْتَادَتْ بِتَقْدِيمِ الْيُمْنَى، فَكَانَتْ مَظِنَّةَ فَوْتِ تَقْدِيمِ الْيُسْرَى اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ مُجَرَّدَةٌ لِتَأْكِيدِ الْأُولَى، وَأَقُولُ: بَلْ فِيهِ زِيَادَةُ إِفَادَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْفِعْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ عَلَى النَّهْجَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إِنَّمَا هُوَ رِعَايَةُ إِكْرَامِ الْيُمْنَى فَقَطْ نَعْلًا وَخَلْعًا، حَتَّى لَا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ سَاوَى بَيْنَ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى، بِأَنْ أَعْطَى كُلًّا مِنْهُمَا ابْتِدَاءً فِي أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ، وَنَظِيرُهُ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَتَقْدِيمُ الْيُسْرَى فِي خُرُوجِهِ، وَعَكْسُهُ فِي دُخُولِ الْخَلَاءِ وَخُرُوجِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ثَبَتَ فِي الشَّمَائِلِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها " «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي تَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَطَهُورِهِ» " وَبِهِ يَظْهَرُ ضَعْفُ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ إِنَّ فَائِدَتَهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِتَقْدِيمِ الْيُمْنَى فِي الْأَوَّلِ لَا يَقْتَضِي تَأْخِيرُ نَزْعِهَا لِاحْتِمَالِ إِرَادَةِ نَزْعِهِمَا مَعًا، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لِلتَّأْكِيدِ فَقَدْ وَهِمَ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَكَلَّفَ مَعْنًى غَيْرَ مَا قُلْتُ يُخْرِجُهُ بِهِ عَنِ التَّأْكِيدِ، فَقَدْ أَتَى بِمَا يَمُجُّهُ السَّمْعُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ اهـ.

وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنَّ نَزْعَهُمَا مَعًا وَلُبْسَهُمَا مَعًا مِمَّا لَا يَكَادُ يُتَصَوَّرُ فِي أَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ، فَهُوَ أَوْلَى بِمَا يُقَالُ فِي حَقِّهِ أَنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَا يَمُجُّهُ السَّمْعُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، هَذَا وَقَدْ قَالَ مِيرَكُ: زَعَمَ بَعْضُ النُّقَّادِ أَنَّ الْمَرْفُوعَ مِنَ الْحَدِيثِ انْتَهِي عِنْدَ قَوْلِهِ بِالشِّمَالِ، وَقَوْلُهُ فَلْتَكُنِ إِلَى قَوْلِهِ تُنْزَعُ مُدَرَّجٌ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الرُّوَاةِ شَرْحًا وَتَأْكِيدًا لِمَا سَبَقَ اهـ، وَيَنْبَغِي فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَخُرُوجِهِ مِنْ مُرَاعَاةِ السُّنَّتَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَأَكْثَرُ النَّاسِ عَنْ عِلْمِهِ جَاهِلُونَ، وَعَنْ عَمَلِهِ غَافِلُونَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ص: 2810

4411 -

وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

4411 -

(وَعَنْهُ) : أَيْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ) : نَفِيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ لِلتَّنْزِيهِ، وَفِي الشَّمَائِلِ:" لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ ": وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّمَائِلِ: وَاحِدٍ بِالتَّذْكِيرِ لِتَأْوِيلِ النَّعْلِ بِالْمَلْبُوسِ (لِيُحْفِهِمَا) : بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِهِمَا، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ أَوْ مِنْ بَابِ عِلْمٍ.

وَالْإِحْفَاءُ ضِدُّ الْإِنْعَالِ، وَهُوَ جَعْلُ الرِّجْلِ حَافِيَةً بِلَا نَعْلٍ وَخُفٍّ أَيْ لِيَمْشِ حَافِي الرِّجْلَيْنِ (جَمِيعًا أَوْ) : لِلتَّخْيِيرِ (لِيَنْعِلْهُمَا) : وَهُوَ بِالضَّبْطَيْنِ الْمَذْكُورِينَ (جَمِيعًا) : وَالضَّمِيرَانِ لِلْقَدَمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُمَا ذِكْرٌ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ، وَهَذَا مَشْهُورٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَجَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ قَوْلَهُ تَعَالَى:{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32] ،

ص: 2810

وَقَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ} [النحل: 61] ، لَكِنْ إِذَا رُوِيَ لِيَنْعَلَهُمَا بِفَتْحٍ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلنَّعْلَيْنِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّقْدِيرُ لِيَلْبَسَ نَعْلَ الْقَدَمَيْنِ، وَقَدْ بَسَطْنَا هَذَا الْمَبْحَثَ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ.

قَالَ الْقَاضِي: إِنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ لِقِلَّةِ الْمُرُوءَةِ وَالِاخْتِلَالِ وَالْخَبْطِ فِي الْمَشْيِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:" «رُبَّمَا مَشَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ» " - إِنْ صَحَّ - فَشَيْءٌ نَادِرٌ لَعَلَّهُ اتَّفَقَ فِي دَارِهِ بِسَبَبٍ. قُلْتُ: وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ بَعْدَ النَّهْيِ يُحْمَلُ عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ أَوْ بَيَانِ الْجَوَازِ، وَأَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمَشْيُ يَشُقُّ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ سَمَاحَتِهِ فِي الشَّكْلِ، وَقُبْحِ مَنْظَرِهِ فِي الْعَيْنِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَعْدِلْ بَيْنَ جَوَارِحِهِ، وَرُبَّمَا نُسِبَ فَاعِلُ ذَلِكَ إِلَى اخْتِلَالِ الرَّأَيْ وَضَعْفِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّهَا مِشْيَةُ الشَّيْطَانِ.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْكَرَاهَةُ لِلشُّهْرَةِ فَتَمْتَدُّ الْأَبْصَارُ لِمَنْ يُرَى ذَلِكَ مِنْهُ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الشُّهْرَةِ فِي اللِّبَاسِ، وَكُلِّ شَيْءٍ يَصِيرُ صَاحِبُهُ مَشْهُورًا، فَحَقُّهُ أَنْ يَجْتَنِبَ. كَذَا حَقَّقَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ، وَقَالَ: قَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: " «لَا يَمْشِ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ وَلَا فِي خُفٍّ وَاحِدٍ» " وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ إِخْرَاجَ أَحَدِ الْيَدَيْنِ مِنَ الْكُمِّ، وَإِلْقَاءَ الرِّدَاءِ عَلَى أَحَدِ الْمَنْكِبَيْنِ، وَلُبْسَ نَعْلٍ فِي رِجْلٍ وَخُفٍّ فِي أُخْرَى. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا لَا يُجْدِي. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ص: 2811

4412 -

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ، وَلَا يَمْشِ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ، وَلَا يَأْكُلْ بِشِمَالِهِ، وَلَا يَحْتَبِي بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ، وَلَا يَلْتَحِفِ الصَّمَّاءَ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

4412 -

(وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ) : بِكَسْرِ مُعْجَمَةٍ وَسُكُونِ مُهْمَلَةٍ أَيْ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكُمْ، كَمَا فِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. (فَلَا يَمْشِي) : بِصِيغَةِ النَّفْيِ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: " فَلَا يَمْشِ "(فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ) : أَيْ فِي الْأُخْرَى، كَمَا فِي رِوَايَةٍ (حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ) : قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ الْمَشْدُودِ فِي الزِّمَامِ، وَالزِّمَامُ هُوَ الَّذِي يُعْقَدُ فِيهِ الشِّسْعُ، وَفِي رِوَايَةٍ " حَتَّى يُصْلِحَهَا ": أَيِ النَّعْلَ.

قَالَ الطِّيبِيُّ: وَمَعْنَى حَتَّى أَنَّهُ لَا يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ إِذَا قَطَعَ شِسْعَ نَعْلِهِ الْأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ فَيَمْشِي بِالنَّعْلَيْنِ. صُحِّحَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ هَذَا اللَّفْظُ، قَالَ مِيرَكُ: وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَزِينٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ أَوْ شِرَاكِهِ فَلَا يَمْشِي فِي إِحْدَاهُمَا بِنَعْلٍ وَالْأُخْرَى حَافِيَةً لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا» ، فَلَا مَفْهُومَ لَهُ حَتَّى يَدُلَّ عَلَى الْإِذْنِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنَّمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ وَهُوَ التَّنْبِيهُ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى ; لِأَنَّهُ إِذَا امْتَنَعَ مَعَ احْتِيَاجٍ فَمَعَ عَدَمِهِ أَوْلَى، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: وَهَذَا دَالٌّ عَلَى ضَعْفِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «رُبَّمَا انْقَطَعَ شِسْعُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَشَى فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى يُصْلِحَهَا» .

قَالَ مِيرَكُ: هَكَذَا نَقَلَهُ الشِّيحُ عَنْ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَلَمْ أَجِدْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي أَصْلِ التِّرْمِذِيِّ، بَلْ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«رُبَّمَا مَشَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ» ، وَهَكَذَا أَوْرَدَهُ صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ، وَصَاحِبُ الْمِشْكَاةِ، وَالشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْمَصَابِيحِ عَنِ التِّرْمِذِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَسَيَأْتِي فِي الْأَصْلِ، هَذَا وَذُكِرَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الرُّخْصَةِ بِالْمَشْيِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ أَحَادِيثُ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا. (وَلَا يَمْشِي) : بِالنَّفْيِ، وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (فِي خُفٍّ وَاحِدٍ وَلَا يَأْكُلْ) : بِالْخَبَرِ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ عَلَى مَا فِي نُسْخَةٍ (بِشِمَالِهِ) : قِيلَ: هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ عَطْفٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْمُقَيَّدِ وَالْقَيْدِ، لَا عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدِهِ مُتَقَدِّمٍ، حَتَّى يَلْزَمَ مُشَارَكَةُ الْمَعْطُوفِ لِلْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ هُنَا، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى صِيغَةِ النَّفْيِ بِمَعْنَى النَّهْيِ، وَلَا يَجُوزُ جَعْلُهُ نَهْيًا مَعْطُوفًا عَلَى النَّهْيَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى النَّهْيِ السَّابِقِ مَأْخُوذًا مَعَ شَرْحِهِ كَيْلَا يَتَقَيَّدَ بِالشَّرْطِ، وَحِينَئِذٍ لَا إِشْكَالَ سَوَاءً جُعِلَ نَهْيًا أَوْ نَفْيًا. (وَلَا يَجْتَبِي) : بِالنَّفْيِ فَقَطْ (بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ) : أَيْ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى عَوْرَتِهِ شَيْءٌ (وَلَا يَلْتَحِفِ الصَّمَّاءَ) : بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيِ الْتِحَافَ الصَّمَّاءِ وَهُوَ لُبْسُهَا، وَنَهَى عَنْهُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُؤَدِّي إِلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) ، وَرَوَى الشَّرْطِيَّةَ الْأُولَى بِانْفِرَادِهَا مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ.

ص: 2811

وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ، وَابْنِ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " «إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ، فَلْيَسْتَرْجِعْ ; فَإِنَّهَا مِنَ الْمَصَائِبِ» ". وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْهَى أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَأَنْ يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ وَأَنْ يَجْتَبِيَ فِي ثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» .

ص: 2812

الْفَصْلُ الثَّانِي

4413 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ لِنَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَالَانِ، مُثَنًّى شِرَاكُهُمَا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّانِي

4413 -

(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ لِنَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) : أَيْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ (مِنْ نَعْلَيْهِ قِبَالَانِ، مُثَنًّى) : اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ التَّثْنِيَةِ أَوْ مِنَ الثَّنْيِ كَمَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ، وَهُوَ صِفَةٌ لَقِبَالَانِ، وَنَائِبُ الْفَاعِلِ قَوْلُهُ:(شِرَاكُهُمَا) : بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى وَجْهِهَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : أَيْ فِي الْجَامِعِ، وَرَوَاهُ فِي الشَّمَائِلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ مِثْلَهُ، وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «كَانَ لِنَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَالَانِ، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما» - وَأَوَّلُ مَنْ عَقَدَ عَقْدًا وَاحِدًا أَيِ اتَّخَذَ قِبَالًا وَاحِدًا عُثْمَانُ رضي الله عنه إِشَارَةً إِلَى بَيَانِ الْجَوَازِ، وَأَنَّ لُبْسَهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُعْتَادِ لَا عَلَى قَصْدِ الْعِبَادَةِ لِلْعِبَادِ، لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ أَفْعَالَهُ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةٌ: مُبَاحٌ وَمُسْتَحَبٌّ وَوَاجِبٌ وَفَرْضٌ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ عُثْمَانُ لَتُوُهِّمَ كَرَاهَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى قِبَالٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَنَّهُ خِلَافُ الْأُولَى ; لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَاهُ، وَلَهُ يُعْلَمُ أَنَّ تَرْكَ لُبْسِ النَّعْلَيْنِ وَلُبْسَ غَيْرِهَا غَيْرُ مَكْرُوهٍ أَيْضًا.

ص: 2812

4414 -

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِمًا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

4414 -

(وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْتَعِلَ) : مِنْ بَابِ الِانْفِعَالِ أَيْ يَلْبَسُ نَعْلَهُ (الرَّجُلُ قَائِمًا) : قَالَ الْمُظْهِرُ: هَذَا فِيمَا يَلْحَقُهُ التَّعَبُ فِي لُبْسِهِ قَائِمًا كَالْخُفِّ وَالنِّعَالِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى شَدِّ شِرَاكِهَا. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : وَرَوَاهُ الضِّيَاءُ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ، وَلَفْظُهُ:«نَهَى أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ وَهُوَ قَائِمٌ» .

ص: 2812

4415 -

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ــ

4415 -

(وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) .

ص: 2812

4416 -

وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهم قَالَتْ:«رُبَّمَا مَشَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ» . وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهَا مَشَتْ بِنَعْلٍ وَاحِدَةٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ.

ــ

4416 -

(وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ) : أَيِ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَأَبُوهُ، وُلِدَ عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَسَبَقَ ذِكْرُهُمْ رضي الله عنهم، (عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: رُبَّمَا) : بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِهَا وَهُوَ هُنَا لِلْقِلَّةِ أَيْ قَلِيلًا (مَشَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ) : وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ. (وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهَا) : أَيْ عَائِشَةَ (مَشَتْ بِنَعْلٍ وَاحِدَةٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : أَيْ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا (وَقَالَ: هَذَا) : أَيِ الْمَرْوِيُّ الثَّانِي وَهُوَ الْمَوْقُوفُ (أَصَحُّ) : أَيْ إِسْنَادًا أَوْ مَعْنًى.

ص: 2812

4417 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ إِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ فَيَضَعَهُمَا بِجَنْبِهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

4417 -

(وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ) : خَبَرٌ مُقَدَّمٌ (إِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ) : ظَرْفٌ لِلْمُبْتَدَأِ وَهُوَ قَوْلُهُ: (أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ فَيَضَعَهُمَا بِجَنْبِهِ) : أَيِ الْأَيْسَرِ تَعْظِيمًا لِلْأَيْمَنِ، وَلَا يَضَعُ قُدَّامَهُ تَعْظِيمًا لِلْقِبْلَةِ، وَلَا وَرَاءَهُ خَوْفًا مِنَ السَّرِقَةِ، وَكَانَ فِي أَصْلِ الطِّيبِيِّ أَنَّ (مِنْ) بِزِيَادَةِ (أَنَّ) فَقَالَ: اسْمُ (أَنَّ) قَوْلُهُ: أَنْ يَخْلَعَ وَ (إِذَا جَلَسَ) ظَرْفٌ لَهُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

ص: 2812