المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: استعداد هوازن العسكري: - مرويات غزوة حنين وحصار الطائف - جـ ١

[إبراهيم بن إبراهيم قريبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: في الحديث عن غزوة حنين

- ‌الفصل الأول: في مقدمات الغزوة

- ‌المبحث الأول: سبب الغزوة

- ‌المبحث الثاني: الاستعداد للمعركة

- ‌الفصل الثاني: في المسير إلى حنين

- ‌المبحث الأول: تاريخ الغزوة

- ‌المبحث الثاني: في تعيين الأمير على مكة:

- ‌المبحث الثالث: عدد الجيش الإسلامي في هذه الغزوة:

- ‌المبحث الرابع: استعداد هوازن العسكري:

- ‌المبحث الخامس: تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالنصر، وبيان فضل الحراسة في سبيل الله:

- ‌المبحث السادس: بقايا من رواسب الجاهلية:

- ‌المبحث السابع: بيان من قال في هذه الغزوة "لن نغلب اليوم من قلة

- ‌الفصل الثالث: في وصف المعركة

- ‌المبحث الأول: سبب هزيمة المسلمين في بداية المعركة

- ‌المبحث الثاني: مواقف مريبة إثر انكشاف المسلمين في بادئ الأمر:

- ‌المبحث الثالث: عدد الثابتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين:

- ‌المبحث الرابع: عوامل انتصار المسلمين في حنين:

- ‌الفصل الرابع: ما أسفرت عنه معركة حنين من ضحايا وغنائم

- ‌المبحث الأول: خسائر المشركين في هذه الغزوة

- ‌المبحث الثاني: إصابات المسلمين في هذه الغزوة

- ‌الباب الثاني: ملاحقة فلول المشركين والأحداث التاريخية التي أعقبت ذلك

- ‌الفصل الأول: تعقب الفارين نحو نخلة وأوطاس

- ‌المبحث الأول: التوجه نحو نخلة

- ‌المبحث الثاني: سرية أوطاس

- ‌المبحث الثالث: موقف الشيماء وبجاد

- ‌الفصل الثاني: في غزوة الطائف

- ‌المبحث الأول: حصار الطائف

- ‌المبحث الثاني: ما صدر من التعليمات العسكرية للمسلمين في حصار - الطائف

- ‌المبحث الثالث: عدد القتلى من الفريقين في غزوة الطائف

- ‌المبحث الرابع: فك الحصار عن الطائف والعودة إلى الجعرانة

- ‌الفصل الثالث: في تقسيم الغنائم

- ‌المبحث الأول: الفرق بين الغنيمة والفيئ والنفل

- ‌المبحث الثاني: جفاء الأعراب وغلظتهم

- ‌المبحث الثالث: اعتراض ذي الخويصرة التميمي على الرسول صلى الله عليه وسلم في قسم الغنائم

- ‌المبحث الرابع: في بيان حكمة توزيع الغنائم على قوم دون آخرين

- ‌المبحث الخامس: موقف الأنصار من توزيع الغنائم وخطبة الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم

الفصل: ‌المبحث الرابع: استعداد هوازن العسكري:

وأورده الهيثمي ثم قال: رواه الطبراني وفيه: عبد الله بن عياض، ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه، وبقية رجاله ثقات1.

وبهذا فإن تصحيح الحاكم لهذا الحديث، وموافقة الذهبي لهن فيه نظر.

والخلاصة في هذا أن الأحاديث الصحيحة نصت على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى غزوة حنين بعشرة آلاف مقاتل، و (الطلقاء) ولفظ "الطلقاء" شيء زائد على العشرة الآلاف، وقد بينت هذه الأحاديث بأن الطلقاء كانوا ألفين من اهل مكة، وهي وإن كان كل حديث منها لا يسلم من مقال، إلاّ أنها بمجموعها يقوي بعضها بعضا، ولها أصل في الأحاديث الصحيحة، وهو لفظ "الطلقاء" الزائد على عشرة الآلاف، وأطبق أهل المغازي وغيرهم على أن الطلقاء كانوا ألفين من مسلمة الفتح انضافوا إلى الجيش الإسلامي القادم من المدينة لفتح مكة، وذهبوا جميعاً إلى غزوة حنين وكان عددهم اثني عشر ألفا2. هذا على ما جاء في الروايات الصحيحة بأن الجيش القادم من المدينة المنورة كان عشرة آلاف.

وأما على رأي عروة بن الزبير، وموسى بن عقبة، والزهري، بأن الجيش القادم من المدينة اثني عشر ألفا، فيكون مجموع الجيش الخارج إلى حنين أربعة عشر ألفا، وقد تقدم توجيه ذلك3.

وقال عطاء: كان المسلمون يوم حنين ستة عشر ألفا4.

(مجمع الزوائد 6/186) .

(انظر: سيرة ابن هشام 2/440، وتاريخ الرسل والملوك للطبري 3/73، وتاريخ خليفة بن خياط ص88، وجوامع السيرة لابن حزم ص238، والكامل لابن الأثير 2/178، وزاد المعاد لابن قيم الجوزية 3/468، والبداية والنهاية لابن كثير 4/324، والمواهب اللدنية للقسطلاني 1/161، والسيرة الحلبية لبرهان الدين الحلبي 3/63) .

3 تقدم تحت حديث (39) .

(تفسير البغوي 3/72) ، مع "الخازن".

ص: 116

‌المبحث الرابع: استعداد هوازن العسكري:

من المعلوم أن هوازن قبيلة قوية في عددها وعددها، وقد أقامت حولا كاملا تعد العدة لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم 1. وقد انضم إليها بعض القبائل الأخرى من

(انظر: شرح المواهب اللدنية للزرقاني 3/7، 10- 11، 20- 22) .

ص: 116

غطفان وغيرهم، فأحكموا خطتهم ووقف الجميع صفا واحدا في وجه المسلمين يريدون القضاء عليهم.

فقد جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بنعمهم وذراريهم، ومع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف ومن الطلقاء. الحديث1. وعند مسلم وأحمد من طريق السميط2، عن انس بن مالك.

46-

قال: "افتتحنا مكة، ثم أنّا غزونا حنينا، فجاء المشركون بأحسن صفوف رأيت، قال: فصفت3 الخيل، ثم صفت المقاتلة، ثم صفت النساء من وراء ذلك، ثم صفت الغنم، ثم صفت النعم". الحديث4.

وأخرج أبو داود الطيالسي وأحمد وغيرهما من طريق حماد5 بن سلمة أنا إسحاق6 بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك:

47-

"أن هوازن جاءت يوم حنين بالصبيان والنساء والإبل والنعم فجعلوهم صفوفا يكثرون على رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث7.

وأخرجه ابن حبان والحاكم، كلاهما من طريق حماد بن سلمة به.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه8.

وسكت عنه الذهبي.

48-

وأخرج أبو داود وأحمد كلاهما من طريق نافع9 أبي غالب الباهلي مطولا

1 تقدم برقم (40) .

2 السميط - بضم أوله - وهو ابن عمير، ويقال: ابن سمير السدوسي، البصري، أبو عبد الله، (ابن حجر: التقريب 1/334، والخلاصة للخزرجي 1/440) .

3 فصفت: بابناء للمفعول.

(مسلم: الصحيح 2/736 كتاب الزكاة، باب عطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام. واحمد: المسند 3/157) .

5 ثقة، تقدم في حديث (36) .

6 إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري، المدني، أبو يحيى، ثقة حجة، من الرابعة (ت132) وقيل بعدها. /ع. (التقريب 1/59، وتهذيب التهذيب 1/239-240) .

7 أبو داود الطيالسي: المسند 2/108- 109، بترتيب الساعاتي "منحة المعبود"، وأحمد: المسند 3/190، 279.

(ابن حبان: موارد الظمآن ص417، والحاكم: المستدرك 2/130) .

9 أبو غالب الباهلي مولاهم، الخياط البصري، اسمه نافع أو رافع، ثقة من الخامسة /د ت ق. (التقريب 2/297، 460، وتهذيب التهذيب 10/415، 12/196) .

ص: 117

فيه: "قال: يا أبا حمزة هل غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ - قال: نعم. غزوت معه يوم حنين فخرج المشركون بكثرة فحملوا علينا حتى رأينا خيلنا وراء ظهورنا". الحديث1.

فهذه الأحاديث على اختلاف ألفاظها تدل على أن هوازن استعدت للمعركة استعدادا كاملا، ولم تدخر شيئا في وسعها.

وقد وصف ابن إسحاق جموع هوازن المتكاثرة فقال: لما سمعت هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة، جمعها مالك2 بن عوف النصري، فاجتمع إليه

1 أبو داود: (السنن 2/186) ، كتاب الجنائز، باب أين يقوم الإمام من الميت إذا صلى عليه. وأحمد: المسند 3/151 واللفظ له وإسناده حسن. وأخرجه الترمذي وابن ماجة كلاهما من طريق نافع بن أبي غالب مختصرا بقصة الصلاة على الجنازة دون قصة حنين، وحسنه الترمذي. (سنن الترمذي 2/249- 250 كتاب الجنائز باب ما جاء أين يقوم الإمام من الرجل والمرأة، وسنن ابن ماجة 1/479 فيه) .

2 مالك بن عوف بن سعد بن ربييعة بن يربوع بن واثلة بن دهمان بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، أبو علي النصري - بالصاد المهملة - نسبة إلى جده الأعلى نصر المذكور. ووقع في بعض الكتب النضري - بالضاد المعجمة - وهو خطأ. قاد مالك جيوش هوازن في غزوة حنين وكان عمره ثلاثين سنة، أسلم في الجعرانة بعد أن هزم هو وجنده وحسن إسلامه، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه فكان يقاتل ثقيفا فلا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه حتى يصيبه. ثم شهد فتح دمشق وشهد القادسية مع سعد بن أبي وقاص.

ووقع في المعجم الكبير للطبراني 17/301 عن أبي خليفة الفضل بن الحباب عن محمد بن سلام الجمحي قال: كان مالك بن عوف النصري رئيساً مقداماً، وكان أول ذكره وما شهر من بلائه "يوم الفجار" مع قومه كثر صنيعه يومئذ وهو على هوازن حين لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق مع الناس أموالهم

الخ. وذكر انهزامه ولحوقه بالطائف. وحصل خطأ في قوله: أول ما شهر من بلائه "يوم الفجار".

والصواب "يوم حنين" وذلك لأن "آخر الفجارات" حضره رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عمومته وعمره (20) سنة على رأي ابن إسحاق، وكانت غزوة حنين في السنة الثامنة للهجرة وبين آخر حروب الفجار وغزوة حنين (61) سنة، وكان عمر مالك بن عوف عندما قاد جيوش هوازن في حنين (30) سنة، فتكون حرب الفجار وقعت قبل ميلاد مالك بن عوف بـ (31) سنة.

وحديث الطبراني هذا أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 6/184- 185 وقال: رواه الطبراني عن خليفة بن خياط محمد بن سلام الجمحي، (وقوله: خليفة بن خياط) خطأ والصواب "أبو خليفة الفضل بن حباب" كما هو في معجم الطبراني.

وقال ابن حجر: وانقلب "مالك بن عوف" على خليفة بن خياط فسماه (عوف بن مالك) .

(انظر ترجمة مالك في جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص269، والاستيعاب لابن عبد البر 3/380 مع الإصابة، وأسد الغابة لابن الأثير 5/42، وتاريخ ابن خلدون 2/310، والإصابة لابن حجر 3/182، 352، وسيرة ابن هشام 1/184، 186، والطبقات الكبرى لابن سعد 2/150، وشرح المواهب اللدنية للزرقاني 3/5، وتاريخ خليفة بن خياط ص99) .

ص: 118

من هوازن ثقيف كلها، واجتمعت نصر، وجشم كلها، وسعد بن بكر وناس من بني هلال وهم قليل، ولم يشهدها من قيس عيلان إلاّ هؤلاء، وغاب عنها فلم يحضرها من هوازن كعب ولا كلاب، ولم يشهدها منهم أحد له اسم، وفي بني جشم دريد1 بن الصمة شيخ كبير ليس فيه شيء إلا التيمن2 برأيه ومعرفته الحرب، وكان شيخاً3 مجرباً، وفي ثقيف سيدان لهم4، وفي الأحلاف5 قارب6 بن الأسود بن مسعود بن معتب، وفي بني مالك ذو الخمار7 سبيع بن الحارث بن مالك، وأخوه أحمر بن الحارث، وجماع8 أمر الناس إلى مالك بن عوف النصري، فلما أجمع المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حط مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس وفيهم دريد بن الصمة في شجار9 له يقاد به، فلما نزل قال: بأي

1 دريد بن الصمة - واسم الصمة - معاوية بن بكر بن علقمة بن خزاعة بن غزية - بوزن عطية - ابن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن، قتل كافرا في هذه الغزوة، وسيأتي الخلاف فيمن قتله في حديث (97) . (جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص270. والروض الأنف للسهيلي 7/200- 201) .

2 التيمن: التبرك. (النهاية لابن الأثير 5/302، والقاموس للفيروز آبادي 4/278) .

3 وعند الواقدي: ونصرها دريد بن الصمة في بني جشم وهو يومئذ ابن ستين ومائة سنة، شيخ كبير ليس فيه شيء إلا التيمن به ومعرفته بالحرب، وكان شيخا مجربا، وقد ذهب بصره يومئذ. (المغازي 3/886) .

4 وعند الطبري: "وعلى ثقيف: عبد ياليل" انظر ص186.

5 الأحلاف: هم أحد قبيلي ثقيف، فإن ثقيفا قسمان:

أحدهما: بنو مالك. والثاني: الأحلاف. (ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب 1/33، وأسد الغابة 4/375) .

6 هو ابن أخي عروة بن مسعود كانت معه راية الأحلاف في غزوة حنين، فلما انهزم المشركون أسند الراية إلى شجرة وهرب. قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبو مليح بن عروة بن مسعود المدينة قبل وفد ثقيف حين قتلت ثقيف عروة بن مسعود، يريدان مفارقة ثقيف، وأن لا يجامعوهم على شيء أبدا، فأسلما فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: توليا من شئتما، فقالا: نتولى الله ورسوله. (ابن الأثير: أسد الغابة 4/375- 376) .

7 ذو الخمار: بالخاء والميم قتل كافرا في هذه الغزوة. (سيرة ابن هشام 2/437 و450. والكلاعي: الاكتفاء 2/333) . ووهم المعلقون على سيرة ابن هشام فقالوا: اسمه عوف بن الربيع، وعوف ابن الربيع صحابي من أسد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وهو: ذو الخيار - بالخاء والمثناة التحتانية -. (انظر: ابن الأثير: أسد الغابة 4/310، وابن حجر: الإصابة 3/42) .

8 في (المصباح المنير 1/133) : وجماع الناس بالضم والتثقيل أخلاطهم، وكذا في (المعجم الوسيط 1/135) .

9 الشجار: هو مركب مكشوف دون الهودج، ويقال له: مشجر أيضا. (ابن الأثير: النهاية 2/446. والروض الأنف للسهيلي 7/201) .

ص: 119

واد أنتم؟ قالوا: ب أوطاس، قال: نعم مجال الخيل! لا حزن1 ضرس ولا سهل دهس2، ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار3 الشاء؟ قالوا: ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم. قال: أين مالك؟ قيل: هذا مالك ودعي له، فقال: يا مالك4، إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام، ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار الشاء؟ قال: سقت مع الناس اموالهم، وأبناءهم، ونساءهم، قال: ولِمَ ذاك؟ قال: أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله، ليقاتل عنهم، قال: فأنقض به5، ثم قال: راعي ضأن6 والله! وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك" الحديث7.

قال ابن كثير: بعد إيراده لهذا الحديث: هكذا أورده ابن إسحاق من غير إسناد.

وقد روى يونس بن بكير عن ابن إسحاق، عن عاصم بم عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه8.

1 الحزن: بفتح الحاء وسكون الزاي، المكان الغليظ الخشن.

والضرس: بكسر الضاد وسكون الراء: الأكام الخشنة. (المصدر السابق 1/380، 3/83) .

2 الدهس - بفتح الدال وسكون الهاء - ما سهل ولان من الأرض ولم يبلغ أن يكون رملا. (المصدر السابق 2/145) .

3 وعند الواقدي: "وثغاء الشاء". (المغازي 3/887 - والمراد: صوت الشاء) .

4 وعند الواقدي: "يا مالك إنك تقاتل رجلا كريما وقد اصبحت رئيس قومك

الخ". (المغازي 3/887) .

5 وعند الواقدي: "فأنقض بيديه". (المغازي 3/888) .

قال ابن الأثير: "وفي حديث هوازن "فأنقض به دريد"، أي نقر بلسانه في فيه، كما يزجر الحمار، فعله استجهالا به.

قال الخطابي: أنقض به، أي صفق بإحدى يديه على الأخرى، حتى يسمع لهما نقيض، أي صوت. (النهاية 5/107) .

وقال السهيلي: الإنقاض بالأصبع الوسطى والإبهام كأنه يدفع بهما شيئا. (الروض الأنف 7/201) .

6 وعند الواقدي: "راعي ضأن ما له وللحرب؟ ". (المغازي 3/888) وانظر: الروض الأنف 7/201.

(سيرة ابن هشام 2/437، وانظر: مغازي الواقدي 3/885، والطبقات الكبرى لابن سعد 2/149) .

8 تقدم الحديث برقم (23) وإسناده حسن.

ص: 120

وعن عمرو بن شعيب، والزهري، وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو ابن حزم وغيرهم قصة حنين فذكر نحو ما تقدم1.

وأخرج الطبري فقال: حدثنا بشر2 بن معاذ قال: ثنا يزيد3، قال: ثنا سعيد4، عن قتادة5، قوله:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} . [سورة التوبة، من الآية: 25] . حتى بلغ {وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} ، [سورة التوبة، من الآية: 26]6. قال: وحنين ماء بين مكة والطائف، قاتل عليها نبي الله هوازن وثقيف، وعلى هوازن مالك بن عوف أخو بني نصر، وعلى ثقيف عبد ياليل بن عمرو الثقفي" الحديث7.

وهذه الأحاديث المتقدمة تدل على أن هوازن كانت قد جمعت جمعا كثيرا، وإن كانت لم تنص على عدد هوازن ومن معهم صراحة، وقد ورد عند الواقدي ما يدل على أن عدد هوازن ومن معهم عشرون ألفا.

قال: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أبي حدرد8 الأسلمي فقال له: انطلق فادخل حتى تأتي بخبر منهم، وما يقول مالك، فخرج عبد الله فطاف في عسكرهم، ثم انتهى إلى مالك بن عوف فوجد عنده رؤساء هوازن، فسمعه يقول لأصحابه: إن محمدا لم يقاتل قط قبل هذه المرة، وإنما يلقى قوما أغمارا9 لا علم لهم بالحرب فينصر

1 البداية والنهاية 4/324.

2 بشر بن معاذ العقدي - بفتح المهملة والقاف- أبو سهل البصري، الضرير، صدوق، من العاشرة (ت سنة بضع وأربعين بعد المائتين) /ت س ق. (التقريب 1/101، وتهذيب التهذيب 1/458) .

3 يزيد: هو ابن زريع البصري، أو معاوية "ثقة ثبت" تقدم في حديث (1) .

4 هو سعيد بن أبي عروبة - بفتح مهملة وضم راء خفيفة وبموحدة - واسمه: مهران اليشكري، مولاهم أبو النضر البصري، ثقة حافظ له تصانيف، لكنه كثير التدليس، واختلط، وكان أثبت الناس في قتادة، من السادسة (ت 156، وقيل: 157) . /ع. (التقريب 1/302، وتهذيب التهذيب 4/63، والمغني لابن طاهر الهندي ص54) .

5 قتادة بن دعامة - بكسر مهملة وخفة عين مهملة - بن قتادة السدسي، أبو الخطاب البصري ثقة ثبت، يقال: ولد أكمه وهو رأس الطبقة الرابعة (ت سنة بضع عشرة بعد المائة) /ع. (التقريب 2/123، وتهذيب التهذيب 8/351، والمغني لابن طاهر الهندي ص30) .

(الروض الأنف للسهيلي 7/183) .

7 الطبري: جامع البيان 10/100، وتقدم برقم (42) .

8 هو عبد الله بن أبي حدرد، وإرساله إلى هوازن ليعرف وجهتهم، ثابت من حديث جابر بن عبد الله - المتقدم برقم (23) .

9 الأغمار: جمع غمر - بالضم - وهو الجاهل الغر الذي لم يجرب الأمور. (ابن الأثير: النهاية 3/385) .

ص: 121

عليهم فإذا كان في السحر فصفوا مواشيكم ونساءكم وأبناءكم من ورائكم، ثم صفوا صفوفكم، ثم تكون الحملة منكم، واكسروا جفون سيوفكم فتلقونهم بعشرين ألف سيف مكسورة الجفون1، واحملوا حملة رجل واحد واعلموا أن الغلبة لمن حمل أولا". الحديث2.

فقوله في هذا الحديث: "فتلقونه بعشرين ألف سيف" يدل على أن القوم كانوا عشرين ألفا.

وكون هوازن كانت عشرين ألفا أو أكثر ذلك، وإن لم يرد ذلك في حديث صحيح مصرح به.

إلا أن في الأحاديث الصحيحة الثابتة ما يؤيد هذا، فقد تقدم في حديث أنس بن مالك أنه قال:"لما كان يوم حنين وجمعت هوازن وغطفان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جمعا كثيرا".

وفيه أيضا:"لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم"3.

وفي حديث جابر بن عبد الله قال: "لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتح مكة، جمع مالك بن عوف من بني نصر وجشم، ومن سعد بن بكر، وأوزاع من بني هلال، وناسا من بني عمرو ابن عامر، وعوف بن عامر، وأوزعت معهم الأحناف من ثقيف وبنو مالك"4.

وفي حديث سهل بن الحنظلية: أنهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فأطنبوا السير حتى كان عشية، فحضرت صلاة الظهر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل فارس فقال:"يا رسول الله إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم بظعنهم ونعمهم وشائهم، اجتمعوا إلى حنين" الحديث5.

فمن خلال هذه الألفاظ الواردة في الأحاديث الصحيحة يفهم منها أن القوم حشدوا جموعا كثيرة، وقد تقدم في أول هذا المبحث أنهم أقاموا حولا كاملا يعدون العدة لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1 جفن السيف: غمده الذي يكون فيه. (الفيروز آبادي: القاموس المحيط 4/209) .

(مغازي الواقدي 3/893) .

3 تقدم برقم (40) .

4 تقدم برقم (23) .

5 سيأتي تخريجه برقم (50) .

ص: 122

ولذا فقد قال ابن حجر: والعذر لمن انهزم من غير المؤلفة أن العدو كانوا ضعفهم في العدد وأكثر من ذلك1.

وعند القسطلاني: "فاستقبلهم من هوازن ما لم يروا مثله قط من السواد والكثرة"2.

وعند الزرقاني: "إنهم كانوا أضعاف المسلمين".

ثم قال: "وما وقع في البيضاوي والبغوي ونحوهما أن ثقيفا وهوازن كانوا أربعة آلاف إن صح فلا ينافيه لأنهم انضم إليهم من العرب ما بلغوا به ذلك، فقد مر أنهم أقاموا حولا يجمعون لحربه عليه السلام لا أنهم باعتبار ما معهم من نساء ودواب يرون ضعفا وأضعاف المسلمين، وإن كانوا في نفس الأمر أربعة آلاف، لأن بعده لا يخفى؛ لأن فيه رد كلام الحفاظ الثقات الأثبات بلا دليل، فإن أربعة داخلة في الزائد فلا يصح رد الزائد إليها بهذا الحمل المتعسف الذي يأباه قول مالك بن عوف "تلقونه بعشرين ألف سيف". فإن البهائم لا سيوف معها3.

وهذه الجموع الهائلة جمعها مالك بن عوف في وادي أوطاس4، ثم أرسل عيونه إلى المسلمين ليعلم مدى قوتهم واستعدادهم لخوض المعركة.

49-

قال ابن إسحاق: وحدثني أمية5 بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أنه حدث: أن مالك بن عوف بعث عيونا من رجاله، فأتوه وقد تفرقت أوصالهم، فقال: ويلكم! فقالوا: رأينا رجالا بيضا على خيل بلق6 فو الله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، فو الله مارده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد7.

1 فتح الباري 8/29.

(المواهب اللدنية 1/162) .

(الزرقاني: شرح المواهب اللدنية 3/7، 10، 11، 20، 22) . وانظر: (باشميل: غزوة حنين ص 69- 70، 73- 74، 78، 80، 115- 116، 125، 128، 139، 148- 149) . وانظر: (تفسير القرآن الكريم للبيضاوي ص221،وتفسير البغوي3/72مع الخازن) .

4 انظر ص 252 تعليقة (1) .

5 قال فيه ابن أبي حاتم: سئل عنه أبي فقال: ما بحديثه بأس. (الجرح والتعديل 2/301- 302) .

6 البلق - محركة - سواد وبياض كالبلقة - بالضم - وارتفاع التحجيل إلى الفخذين. (ابن منظور: لسان العرب 11/307، والفيروز آبادي: القاموس 3/214) .

(ابن هشام: السيرة 2/439) .

ص: 123

ومن هذه الطريق أخرجه الطبري1.

والحديث ضعيف، لأن أمية بن عبد الله لم يصرح بمن حدثه.

وعند الواقدي: "قال: بعث مالك بن عوف رجالا من هوازن ينظرون إلى محمد وأصحابه –ثلاثة نفر– وأمرهم أن يتفرقوا في المعسكر، فرجعوا إليه وقد تفرقت أوصالهم، فقال: ما شأنكم ويلكم؟ ".

قالوا: رأينا رجالا بيضا على خيل بلق، فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى! وقالوا له: ما نقاتل أهل الأرض، إن نقاتل إلا أهل السموات - وإن أفئدة عيونه تخفق2- وإن أطعتنا رجعت بقومك فإن الناس إن رأوا مثل ما رأينا أصابهم مثل الذي أصابنا.

قال: أف3 لكم! بل أنتم قوم أجبن أهل العسكر، فحبسهم عنده فرقا4 أن يشيع ذلك الرعب في العسكر، وقال: دلوني على رجل شجاع، فأجمعوا له على رجل فخرج ثم رجع إليه وقد أصابه نحو ما أصاب من قبله منهم، فقال: ما رأيت؟

قال: رأيت رجالا بيضا على خيل بلق ما يطاق النظر إليهم، فوالله ما تماسكت أن أصابني ما ترى!

فلم يثنه5 ذلك عن وجهه6.

والحديث رواه الواقدي عن مشايخه مرسلا، وفيه الواقدي وقد وهنه العلماء، وقد تناقل العلماء هذه المسألة في مؤلفاتهم، وهي وإن لم تثبت من الناحية الحديثية، إلا أن الجواسيس والعيون لرصد المعلومات عن العدو وقدرته القتالية قبل القيام بالهجوم المباشر أمر متعارف عليه لدى القادة والرؤساء، وهو شيء يضعه كل قائد مسؤول في مقدمة خططه وحساباته واستعداداته لمواجهة خصمه7.

(تاريخ الرسل والملوك 3/72، وانظر: ابن كثير: البداية والنهاية 4/323) .

2 تخفق: تتحرك وتضطرب رعبا من هول ما رأت. (ابن الأثير: النهاية 1/56، والفيروز آبادي: القاموس 3/227- 228) .

3 أف لكم: كلمة معناها التضجر، والمراد بها هنا الاحتقار. (ابن الأثير: النهاية 1/55) .

4 فرقا: أي خوفا.

5 فلم يثنه: أي لم يرده ذلك عن عزمه وتصميمه. (المصباح المنير1/105و2/565) .

(الواقدي: المغازي 3/892، وانظر: ابن سعد الطبقات الكبرى 2/150، وابن الأثير: الكامل 2/178، وابن قيم الجوزية: زاد المعاد 3/467، والقسطلاني: المواهب اللدنية 1/161، والزرقاني: شرح المواهب اللدنية 3/7) .

(باشميل: غزوة حنين ص111) .

ص: 124