المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالنصر، وبيان فضل الحراسة في سبيل الله: - مرويات غزوة حنين وحصار الطائف - جـ ١

[إبراهيم بن إبراهيم قريبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: في الحديث عن غزوة حنين

- ‌الفصل الأول: في مقدمات الغزوة

- ‌المبحث الأول: سبب الغزوة

- ‌المبحث الثاني: الاستعداد للمعركة

- ‌الفصل الثاني: في المسير إلى حنين

- ‌المبحث الأول: تاريخ الغزوة

- ‌المبحث الثاني: في تعيين الأمير على مكة:

- ‌المبحث الثالث: عدد الجيش الإسلامي في هذه الغزوة:

- ‌المبحث الرابع: استعداد هوازن العسكري:

- ‌المبحث الخامس: تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالنصر، وبيان فضل الحراسة في سبيل الله:

- ‌المبحث السادس: بقايا من رواسب الجاهلية:

- ‌المبحث السابع: بيان من قال في هذه الغزوة "لن نغلب اليوم من قلة

- ‌الفصل الثالث: في وصف المعركة

- ‌المبحث الأول: سبب هزيمة المسلمين في بداية المعركة

- ‌المبحث الثاني: مواقف مريبة إثر انكشاف المسلمين في بادئ الأمر:

- ‌المبحث الثالث: عدد الثابتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين:

- ‌المبحث الرابع: عوامل انتصار المسلمين في حنين:

- ‌الفصل الرابع: ما أسفرت عنه معركة حنين من ضحايا وغنائم

- ‌المبحث الأول: خسائر المشركين في هذه الغزوة

- ‌المبحث الثاني: إصابات المسلمين في هذه الغزوة

- ‌الباب الثاني: ملاحقة فلول المشركين والأحداث التاريخية التي أعقبت ذلك

- ‌الفصل الأول: تعقب الفارين نحو نخلة وأوطاس

- ‌المبحث الأول: التوجه نحو نخلة

- ‌المبحث الثاني: سرية أوطاس

- ‌المبحث الثالث: موقف الشيماء وبجاد

- ‌الفصل الثاني: في غزوة الطائف

- ‌المبحث الأول: حصار الطائف

- ‌المبحث الثاني: ما صدر من التعليمات العسكرية للمسلمين في حصار - الطائف

- ‌المبحث الثالث: عدد القتلى من الفريقين في غزوة الطائف

- ‌المبحث الرابع: فك الحصار عن الطائف والعودة إلى الجعرانة

- ‌الفصل الثالث: في تقسيم الغنائم

- ‌المبحث الأول: الفرق بين الغنيمة والفيئ والنفل

- ‌المبحث الثاني: جفاء الأعراب وغلظتهم

- ‌المبحث الثالث: اعتراض ذي الخويصرة التميمي على الرسول صلى الله عليه وسلم في قسم الغنائم

- ‌المبحث الرابع: في بيان حكمة توزيع الغنائم على قوم دون آخرين

- ‌المبحث الخامس: موقف الأنصار من توزيع الغنائم وخطبة الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم

الفصل: ‌المبحث الخامس: تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالنصر، وبيان فضل الحراسة في سبيل الله:

‌المبحث الخامس: تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالنصر، وبيان فضل الحراسة في سبيل الله:

لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بان هوازن ومن شايعها من القبائل الأخرى حشدت قواها لضرب المسلمين، اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك غاية لاهتمام، وأعد للموقف عدته.

فأمر أحد قواده أن يذهب إلى القوم ليعلم له ذلك، وليرصد له وجهتهم وقدراتهم القتالية، زيادة في التثبت في حقيقة الأمر.

فذهب ذلك الجندي لمهمته، فدخل في القوم فوجدهم على أتم استعداد لملاقاة المسلمين، قد جمعوا جموعهم بما فيهم النساء والذراري والأموال، فعاد مسرعا، فنقل لرسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهم، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله. وهذا هو صريح حديث سهل1 بن الحنظلية عند أبي داود وغيره.

50-

وهذا سياقه عند أبي داود قال: حدثنا أبو توبة2، أخبرنا معاوية3 - يعني ابن سلام - عن زيد4 - يعني ابن سلام – أنه سمع أبا سلام5 قال: حدثني

1 سهل ابن الحنظلية، اختلف في اسم أبيه. والمشهور أن اسم أبيه: عمرو بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي.

والحنظلية: أمه، وقيل: أم أبيه، وقيل: أم جده. شهد سهل بيعة الرضوان، وأحدا، والخندق والمشاهد كلها ما عدا بدرا، كان فاضلا كثير الصلاة والذكر، وكان عقيما لا يولد له، مات بدمشق في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. /بخ د س. (ابن حجر: التقريب 1/336، وتهذيب التهذيب 4/250، والإصابة 2/86، وابن الأثير: أسد الغابة 2/469، وابن قدامة: الاستبصار في نسب الصحابة من الأنصار ص239) .

2 هو الربيع بن نافع، أبو توبة الحلبي، نزيل طرطوس، ثقة حجة، عابد، من العاشرة (ت 241) . /خ م د س ق. (ابن حجر: التقريب 1/246) .

3 معاوية بن سلام - بالتشديد - ابن أبي سلام، أبو سلام الدمشقي، وكان يسكن حمص، ثقة، من السابعة (ت في حدود 170) /ع. (المصدر السابق 2/259) .

4 زيد بن سلام - أخو معاوية - ابن أبي سلام ممطور، الحبشي - بالمهملة والموحدة والمعجمة - ثقة من السادسة /بخ م عم. (المصدر السابق 1/275) .

5 أبو سلام هو ممطور الأسود الحبشي، أبو سلام - جد زيد ومعاوية - ثقة، يرسل، من الثالثة /بخ م عم. (المصدر السابق 2/273) .

ص: 125

السلولي1 أبو كبشة أنه حدثه سهل بن الحنظلية أنهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فأطنبوا2 السير حتى كان عشية3 فحضرت4 صلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل5 فارس فقال: يا رسول الله إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة6 آبائهم بظعنهم7 ونعمهم وشائهم،

1 السلولي - بفتح مهملة وتخفيف اللام - أبو كبشة الشامي، ثقة من الثانية /خ د ت س. (المصدر السابق 2/465) .

وقد وقع في التقريب من النسخة المصرية ذكر أبي كبشة السلولي من باب التمييز، والصواب ما أثبته كما في:(تهذيل الكمال9/68، وتهذيب التهذيب 12/210، والتقريب الطبعة الهندية ص423، والكاشف للذهبي3/370، والخلاصة للخزرجي 3/239) .

2 فأطنبوا في السير: أي بالغوا فيه وتبع بعض الإبل بعضا، يقال: أطنب في الكلام إذا بالغ فيه، وأطنبت الإبل إذا تبع بعضها بعضا في السير، وأطنب الريح إذا اشتدت في غبار.

(ابن منظور: لسان العرب 2/50، والفيومي: المصباح المنير 2/449، والفيروز آبادي: القاموس المحيط 1/98) .

3 عشية: بالنصب على أنه خبر كان، واسمها محذوف، أي كان الوقت عشية.

4 وعند الطبراني: وحضرت الصلاة.

وعند الحاكم والبيهقي: فحضرت الصلاة، وعند البيهقي أيضا في الدلائل: فحضرت صلاة الظهر.

5 قول: "رجل فارس"، أي راكب فرسا.

وقال ابن حجر في فتح الباري 8/27: وهذا الرجل قد ورد عند ابن إسحاق من حديث جابر بن عبد الله ما يدل على أنه عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي. وقد تقدم حديث جابر المشار إليه.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

ولفظه: "عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى حنين لما فرغ من فتح مكة، جمع مالك بن عوف النصري من بني نصر وجشم، ومن سعد بن بكر، وأوزاع من بني هلال" الحديث. وفيه: "فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، فقال: اذهب فأدخل في القوم حتى تعلم لنا من علمهم، فدخل فمكث فيهم يوما أو يومين، ثم أقبل فأخبره الخبر". الحديث. تقدم برقم (23) . وصرح بهذا أيضا الحلبي في سيرته (3/63) .

6 وعند ابن أبي عاصم والطبراني والحاكم والبيهقي "على بكرة أبيهم".

قال ابن الأثير: هذه كلمة للعرب يريدون بها الكثرة وتوفر العدد، وأنهم جاءوا جميعا لم يتخلف منهم أحد، وليس هناك بكرة في الحقيقة، وهي التي يستقى عليها الماء، فاستعيرت في هذاالموضع. (النهاية1/149،وابن منظور: لسان العرب5/147) .

7 الظعن: النساء، واحدتها ظعينة، وأصل الظعينة: الراحلة التي يرحل ويظعن عليها، أي يسار عليها. وقيل للمرأة ظعينة، لأنها تظعن مع الزوج إذا ظعن، أو لأنها تحمل على الراحلة إذا ظعنت، وقيل للظعينة: المرأة في الهودج، ثم قيل للهودج بلا امرأة، وللمرأة بلا هودج: ظعينة.

وجمع الظعينة: ظعن - بضم الظاء وسكون العين وتحريكها -، وظعائن، وأظعان.

والنعم: بفتح العين وقد تسكن: الإبل والبقر والغنم، والنعم: جمع لا واحد له من لفظه.

وشائهم: جمع شاة، والشاة الواحدة من الغنم، تقع على الذكر والأنثى، يقال لكل واحد شاة، وقيل: تكون الشاة من الضأن والمعز والظباء والبقر والنعام وحمر الوحش. (النهاية 3/157، ولسان العرب 16/64، 17/141، 404، والمصباح المنير 1/389، 2/456، والقاموس المحيط 4/182، 287، 245) .

ص: 126

اجتمعوا1 إلى حنين فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله.

ثم قال: من يحرسنا الليلة؟ 2.

قال أنس3 بن أبي مرثد4 الغنوي: أنا يا رسول الله، قال: فاركب، فركب فرسا له، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استقبل5 هذا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا نغرن6 من قبلك الليلة، فلما أصبحنا"7 خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاه فركع ركعتين، ثم قال: "هل أحسستم8 فارسكم؟ قالوا: يا رسول الله ما أحسسناه، فثُوّب9 بالصلاة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو

1 وعند البيهقي: متوجهون إلى حنين. وكذا عند الحاكم.

2 وعند الحاكم والبيهقي: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا رجلا يكلأنا الليلة؟ ".

3 هو: أنس بن أبي مرثد الغنوي، يعود نسبه إلى قيس عيلان. وقيل فيه:"أنيس" بالتصغير، يكنى أبا يزيد. اختلف في اسم أبيه، وفي سياق نسبه. فنسبه بعضهم للأنصار لحلف كان بينهم.

قال ابن الأثير: وليس هذا من الأنصار في شيء، وإنما هو غنوي حليف حمزة بن عبد المطلب.

(انظر سيرة ابن هشام 1/678، 2/169- 170، والاستيعاب لابن عبد البر 1/61، 3/429 مع الإصابة، وأسد الغابة لابن الأثير1/153، 159، 4/500، 5/137، والإصابة لابن حجر1/73، 3/307، 4/177، والتاريخ الكبير للبخاري 2/30، وتحفة الأشراف للمزي 3/320) .

4 مرثد - بمفتوحة وسكون راء ومثلثة - وزن جعفر. (انظر: الإصابة لابن حجر 3/307، والمغني لابن طاهر الهندي ص70) .

5 وعند البيهقي: "انطلق إلى هذا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا تنزلن إلا مصليا أو قاضي حاجة".

6 قوله: ولا نغرن: بصيغة المتكلم مع الغير على البناء للمفعول، من الغرور، وفي آخره نون ثقيلة، أي لا يجيئنا العدو من قبلك على غفلة منك. وقد وردت هذه الفظة بالتاء والياء والفعل في الجميع مؤكد ومبني للمفعول. (عون المعبود 7/179- 180) .

7 وعند ابن أبي عاصم: "فلما أصبحت". وعند البيهقي:"فلما كان الغد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي".

8 وعند ابن أبي عاصم والطبراني والبيهقي: "هل حسستم فارسكم؟، فقال رجل: يا رسول الله، ما حسسناه".

9 فثوب بالصلاة: بالبناء للمفعول، وعند أبي داود في كتاب الصلاة من هذا الطريق، ومن طريقه أخرجه البيهقي في كتاب الصلاة عن أبي سلام قال حدثني السلولي عن سهل بن الحنظلية قال: ثوب بالصلاة - يعني صلاة الصبح - والمعنى: أقيمت الصلاة.

ص: 127

يتلفت1 إلى الشعب حتى إذا قضى صلاته وسلم فقال: "أبشروا فقد جاءكم فارسكم"2، فجعلنا ننظر إلى خلال3 الشجر في الشعب، فإذا هو قد جاء حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشعب، حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحت4 اطلعت الشعبين كليهما فلم أر أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل نزلت5 الليلة؟ قال: لا، إلا مصليا أو قاضيا حاجة6، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد أوجبت7 فلا عليك أن لا تعمل بعدها "8.

1 وعند أبي داود في كتاب الصلاة، والبيهقي من طريقه:"فحعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب، وقد كان أرسل فارسا إلى الشعب من الليل يحرس".

وعند ابن أبي عاصم: "فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى يلتفت إلى الشعب".

وعند الطبراني: "فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة يلتفت إلى الشعب".

والحديث فيه جواز الالتفات في الصلاة ما لم يلو عنقه خلف ظهره. ويدل لذلك أيضا ما أخرجه الحاكم في المستدرك 1/236- 237 عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت في صلاته يمينا وشمالا ولا يلوي عنقه خلف ظهره". ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

ثم قال: قد اتفقا على إخراج حديث أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله - صلى اله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة، فقال:"هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد".

ثم قال: وهذا الالتفات غير ذاك، فإن الالتفات المباح أن يلحظ بعينه يمينا وشمالا، ثم أورد حديث الباب شاهدا لحديث ابن عباس.

وأورد الحازمي: حديث ابن عباس ثم قال: تفرد به الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند متصلا، وأرسله غيره عن عكرمة، ثم قال: وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز الالتفات في الصلاة ما لم يلو عنقه، وإليه ذهب عطاء ومالك وأبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي وأهل الكوفة، ثم أورد حديث الباب شاهدا لهم، ثم قال: وقال من ذهب إلى حديث ابن عباس هذا الحديث لا يناقض حديث سهل بن الحنظلية، لاحتمال أن الشعب كان في جهة القبلة، وكان صلى الله عليه وسلم يلتفت إلى الشعب ولا يلوي عنقه، ثم ذكر من قال بالمنع مطلقا ومن قال بالكراهة، والمسألة خلافية. (الحازمي: الاعتبار ص66، وعون المعبود 3/184- 185) .

2 عند الحاكم والبيهقي: "إن فارسكم قد أقبل"

3 عند الحاكم: "فجعلنا ننظر إلى ظل الشجرة".

4 وعند البيهقي: "فلما أصبحنا طلعت على الشعبين".

5 عند ابن أبي عاصم: "أنزلت الليلة؟ ". وعند الطبراني والحاكم والبييهقي: "نزلت الليلة؟ "، بإسقاط أداة الاستفهام. وعن الحاكم والبيهقي:"لعلك نزلت".

6 في بعض الألفاظ: "أو قاضي حاجة" بالإضافة.

7 قوله:"قد أوجبت" أي علمت عملا يوجب لك الجنة، فلا ضرر ولا جناح عليك في ترك العمل بعد هذه الحراسة لأنها تكفيك لدخول الجنة. (عون المعبود7/180) .

قلت: وهذا كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل بدر: "لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". ولكن الصحابة رضوان الله عليهم قابلوا هذا بالشكر والمواظبة على الأعمال الصالحة ومواصلة الجهاد في سبيل الدعوة إلى الله حتى آخر لحظة من حياتهم، ولم يكن للاتكال سبيل إلى نفوسهم لكمال معرفتهم بدينهم وعظيم خشيتهم من ربهم.

8 أبو داود: (السنن 1/210) ، كتاب الصلاة، باب الرخصة في الالتفات في الصلاة، 2/9 كتاب الجهاد، باب في فضل الحراسة في سبيل الله عز وجل.

ص: 128

والحديث أخرجه النسائي في "السنن الكبرى". والبخاري في "التاريخ". وابن أبي عاصم والطبراني. والحاكم والبيهقي والحازمي مختصرا ومطولا، الجميع من طريق معاوية بن سلام الدمشقي به1.

وقال الحاكم: هذا الإسناد من أوله إلى آخره صحيح على شرط الشيخين غير أنهما لم يخرجا مسانيد سهل بن الحنظلية لقلة رواية التابعين عنه وهو من كبار الصحابة. ووافقه الذهبي.

وأورده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وقال: أخرجه أبو داود والحاكم من طريق أبي توبة الربيع بن نافع الحلبي، ثنا معاوية بن سلام به.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي، وهو كما قالا2.

والحديث يدل على اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم البالغ بمعرفة أعدائه، حيث كان يتابع تحركاتهم ويرقب سيرهم حتى يكون على بصيرة وخبرة بما يدبرون ضده من مؤامرات، وفيه معجزة نبوته حيث أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن ما حشدته هوازن من قوة ستكون غنيمة للمسلمين، وقد وقع ما أخبر به عليه الصلاة والسلام.

وفيه منقبة عظيمة لأنس بن أبي مرثد الغنوي، وفضل الحراسة في سبيل الله عز وجل.

وفيه تسابق الصحابة وحرصهم على ما فيه نفع للمسلمين وخدمة لدينهم وامتثال أمر نبيهم صلى الله عليه وسلم. ودقة التزامهم بأوامره صلى الله عليه وسلم. فلم يبرح أنس موضعه إلا في حدود

1 انظر: تحفة الأشراف للمزي 4/95 حديث (4650) . والتاريخ الكبير للبخاري 2/30، وكتاب الجهاد لابن أبي عاصم ص50 ضمن مجموعة (27) ورقمه العام (535) . و (المعجم الكبير للطبراني 6/115- 116) . و (المستدرك للحاكم 1/237، 2/83- 84) . (السنن الكبرى للبيهقي 2/7، 13، 348، 9/149) . و (دلائل النبوة 3/43ب) .

2 المجلد الأول، حديث رقم (378) وتحقيق لأحاديث مشكاة المصابيح حاشية 3/1668.

ص: 129