المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: في بيان حكمة توزيع الغنائم على قوم دون آخرين - مرويات غزوة حنين وحصار الطائف - جـ ١

[إبراهيم بن إبراهيم قريبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: في الحديث عن غزوة حنين

- ‌الفصل الأول: في مقدمات الغزوة

- ‌المبحث الأول: سبب الغزوة

- ‌المبحث الثاني: الاستعداد للمعركة

- ‌الفصل الثاني: في المسير إلى حنين

- ‌المبحث الأول: تاريخ الغزوة

- ‌المبحث الثاني: في تعيين الأمير على مكة:

- ‌المبحث الثالث: عدد الجيش الإسلامي في هذه الغزوة:

- ‌المبحث الرابع: استعداد هوازن العسكري:

- ‌المبحث الخامس: تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالنصر، وبيان فضل الحراسة في سبيل الله:

- ‌المبحث السادس: بقايا من رواسب الجاهلية:

- ‌المبحث السابع: بيان من قال في هذه الغزوة "لن نغلب اليوم من قلة

- ‌الفصل الثالث: في وصف المعركة

- ‌المبحث الأول: سبب هزيمة المسلمين في بداية المعركة

- ‌المبحث الثاني: مواقف مريبة إثر انكشاف المسلمين في بادئ الأمر:

- ‌المبحث الثالث: عدد الثابتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين:

- ‌المبحث الرابع: عوامل انتصار المسلمين في حنين:

- ‌الفصل الرابع: ما أسفرت عنه معركة حنين من ضحايا وغنائم

- ‌المبحث الأول: خسائر المشركين في هذه الغزوة

- ‌المبحث الثاني: إصابات المسلمين في هذه الغزوة

- ‌الباب الثاني: ملاحقة فلول المشركين والأحداث التاريخية التي أعقبت ذلك

- ‌الفصل الأول: تعقب الفارين نحو نخلة وأوطاس

- ‌المبحث الأول: التوجه نحو نخلة

- ‌المبحث الثاني: سرية أوطاس

- ‌المبحث الثالث: موقف الشيماء وبجاد

- ‌الفصل الثاني: في غزوة الطائف

- ‌المبحث الأول: حصار الطائف

- ‌المبحث الثاني: ما صدر من التعليمات العسكرية للمسلمين في حصار - الطائف

- ‌المبحث الثالث: عدد القتلى من الفريقين في غزوة الطائف

- ‌المبحث الرابع: فك الحصار عن الطائف والعودة إلى الجعرانة

- ‌الفصل الثالث: في تقسيم الغنائم

- ‌المبحث الأول: الفرق بين الغنيمة والفيئ والنفل

- ‌المبحث الثاني: جفاء الأعراب وغلظتهم

- ‌المبحث الثالث: اعتراض ذي الخويصرة التميمي على الرسول صلى الله عليه وسلم في قسم الغنائم

- ‌المبحث الرابع: في بيان حكمة توزيع الغنائم على قوم دون آخرين

- ‌المبحث الخامس: موقف الأنصار من توزيع الغنائم وخطبة الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم

الفصل: ‌المبحث الرابع: في بيان حكمة توزيع الغنائم على قوم دون آخرين

‌المبحث الرابع: في بيان حكمة توزيع الغنائم على قوم دون آخرين

في نهاية غزوة حنين وزع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم بطريقة لم تكن مألوفة للصحابة من قبل، فقد خص صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم بالحظ الأوفر من هذه الغنائم.

ولقد أحدث ذلك التقسيم في نفوس أجلاء الصحابة تساؤلا فيما بينهم وعجب بعض مشاهير الصحابة من ذلك الأسلوب الذي اتبع في توزيع غنائم حنين وظن بعض الصحابة أن في ذلك حرمانا لهم وهم القاعدة الصلبة التي تحطمت عليها جحافل الشرك في الغزوات كلها ومنها غزوة حنين، ولم يكن أولئك المؤلفة قلوبهم ومن شاكلتهم ليبلغوا معشار ما بلغه مشاهير الصحابة من النجدة والجهاد والصمود في وجوه أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا كان لا بد للباحث أن يبين الحكمة في توزيع غنائم حنين خاصة إذا ظهر أنها قد خفيت على أولئك العظماء من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم تظهر لهم إلا بعد أن بين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه الحكمة من ذلك، فاستبانوا الأمر وزال عنهم الإشكال، وسوف نمضي سياق النصوص الواردة في هذا الصدد لندرك من خلال التأمل والتدبر فيها وجه الحكمة في توزيع الغنائم ويزول الإشكال الذي عبر عنه بعض الأنصار بقولهم:"إن هذا لهو العجب إن سيوفنا تقطر من دمائهم وإن غنائمنا ترد عليهم"1.

لقد حظي بهذه الغنائم الطلقاء والأعراب والرؤساء الذين يحملون الحقد للإسلام ونبي الإسلام والذين كانوا من جملة الأسباب في هزيمة المسلمين في بداية المعركة فقد جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا فكان معها، فرآها أبو طلحة فقال: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر! 2، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما هذا الخنجر"؟ قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل رسول الله يضحك، قالت: يا رسول الله

1 انظر: 419-420 من مبحث موقف الأنصار من توزيع الغنائم تحت الحديث 203.

2 تقدم تخريجه برقم (47) و (60) .

ص: 390

اقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أم سليم إن الله قد كفى وأحسن" وفي حديثه أيضا قال: "افتتحنا مكة ثم إنا غزونا حنينا" الحديث وفيه: "ونحن بشر كثير قد بلغنا ستة آلاف، وعلى مجنبة خيلنا خالد بن الوليد، وقال: فجعلت خلينا تلوي خلف ظهورنا فلم نلبث أن انكشفت خيلنا وفرت الأعراب ومن نعلم من الناس"1.

وفي حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه عند مسلم والترمذي وغيرهما وهذا سياق الترمذي:

185-

"حدثنا الحسن2 بن علي الخلال أخبرنا يحيى3 بن آدم عن ابن المبارك4 عن يونس5 عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن صفوان بن أمية قال: "أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وإنه لأبغض الخلق إلي، فمازال يعطيني حتى أنه لأحب الخلق إلي".

قال أبو عيسى: "حدثني بن علي بهذا أو شبهه".

ثم قال: حديث صفوان: "رواه معمر وغيره عن الزهري عن سعيد ابن المسيب أن صفوان بن أمية قال: أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأن هذا الحديث أصح وأشبه، إنما سعيد بن المسيب أن صفوان بن أمية"6.

وعند مسلم عن ابن شهاب قال: "غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح فتح مكة، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المسلمين فاقتتلوا بحنين، فنصر الله دينه والمسلمين وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ صفوان بن أمية مائة من النعم، ثم مائة، ثم مائة"7.

1 تقدم تخريجه برقم (46) .

2 هو الحرواني ثقة حافظ.

3 هو ابن سليمان الكوفي أبو زكريا مولى بني أمية ثقة حافظ.

4 هو عبد الله بن المبارك، ثقة ثبت.

5 هو ابن يزيد الأيلي ثقة، إلا أنه في روايته عن الزهري وهما قليلا، قاله ابن حجر في التقريب 2/386.

6 الترمذي: السنن 2/88 كتاب الزكاة باب ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم.

7 وعند الواقدي: "ويقال إن صفوان طاف مع النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يتصفح الغنائم إذ مر بشعب مما أفاء الله عليه، وفيه غنم وإبل ورعاؤها مملوء فأعجب صفوان، وجعل ينظر إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعجبك يا أبا وهب هذا الشعب؟ قال: نعم، قال: هو لك وما فيه. فقال صفوان: أشهد ما طابت بهذا نفس أحد قط، إلا نبي وأشهد أنك رسول الله (مغازي الواقدي 3/946) .

وانظر: أنساب الأشراف للبلاذري ص 362.

ص: 391

قال ابن شهاب: حدثني سعيد بن المسيب أن صفوان قال: "والله! لقد أعطاني1 رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إلي فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي"2.

والحديث عند الترمذي وابن سعد وأحمد والطبراني بلفظ عن سعيد بن المسيب "عن صفوان بن أمية" وظاهره الاتصال وعند مسلم والفسوي وابن عبد البر والبيهقي: "أن صفون بن أمية"3 وظاهره الانقطاع بين "سعيد بن المسيب وصفوان بن أمية".

وقد رجح الترمذي الأخير.

1 وعند أحمد: "أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وإنه لأبغض الناس إلي فمازال يعطيني حتى صار وإنه لأحب الناس إلي".

وعند ابن سعد: "لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وإنه لمن أبغض الناس إليّ، فما زال يعطيني حتى إنه لمن أحبّ الناس إليّ".

2 مسلم: الصحيح 4/1806كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال:"لا وكثرة عطائه ".

والترمذي: السنن 2/88 كتاب الزكاة، باب ماجاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم.

وابن سعد: الطبقات الكبرى 5/449 والطبراني المعجم الكبير 8/60 وأحمد: المسند 3/401 و6/465 وقد رواه بسندين:

الأول: قال حدثنا زكريا بن عدي عن سعيد بن المسيب عن صفوان بن أمية به.

والثاني: حدثنا زكريا بن عدي قال أنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن صفوان بن أمية به.

ففي سند أحمد الأوّل زكريا بن عدي عن سعيد بن المسيب مباشرة، وفي السند الثاني بينه وبين سعيد بن المسيب ثلاثة من الرواة، وبهذا يكون قد سقط من السند الأوّل ثلاثة من الرواة.

وأيضاً فقد ذكر ابن حجر في تقريبه: سعيد بن المسيب من كبار الطبقة الثانية وزكريا في كبار العاشرة، فبينهما ثمان طبقات (انظر: التقريب 1/261و305) .

3 الفسوي: المعرفة والتاريخ 1/309 وابن عبد البر: الشفا 1/123، والبيهقي: السنن الكبرى 7/19.

وحديث صفوان هذا نسبه الزرقاني في شرح المواهب اللدنية 3/37 للبخاري ومسلم ونسبه السفاريني في شرح ثلاثيات مسند أحمد 2/28-29، للبخاري دون مسلم، والظاهر أن نسبته للبخاري خطأ وإنما هو عند مسلم عن أبي الطاهر، وأحمد ابن عمرو بن السرح أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب، وقد نسبه ابن الجوزي والمزي والنابلسي لمسلم دون البخاري.

انظر: تحفة الأشراف للمزي 4/189، حديث (4944) . وذخائر المواريث للنابلسي 1/270 حديث (2423) وتلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي ص 394.

والحديث رواه الطبري أيضا في جامع البيان 10/162 من طريق معمر عن الزهري قال: قال صفوان بن أمية الخ بإسقاط "سعيد بن المسيب".

ص: 392

وأيده ابن العربي في عارضة الأحوذي حيث قال: الصحيح من هذا عن سعيد بن المسيب أن صفوان بن أمية؛ لأن سعيدا لم يسمع من صفوان شيئا وإنما يقول الراوي فلان عن فلان إذا سمع شيئا ولو حديثاً واحداً، فيحمل سائر الأحاديث التي سمعها من واسطة عنه على العنعنة، فأما إذا لم يسمع منه شيئا فلا سبيل إلى أن يحدث عنه لا بعنعنة ولا بغيرها1. اهـ.

إن هذا العطاء الجزيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤلفة قلوبهم وغيرهم ليدل على علو نفسه وغزارة جوده وعظيم سخائه، ومعرفته الكاملة بالدواء الذي يحسم الداء من أصله.

إن الحكمة والسياسة العادلة في هذا العطاء لأقوام دون آخرين هي إنقاذ أناس من النار بحطام زائل من الدنيا، ووكل آخرين إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، والإيمان واليقين، ويدل على هذا حديث عمرو ابن تغلب عند البخاري وأحمد وغيرهما وهذا سياقه عند البخاري:

186-

حدثنا محمد2 بن معمر قال حدثنا أبو عاصم3 عن جرير بن حازم، قال سمعت الحسن4 يقول حدثنا عمرو5 بن تغلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي6 بمال أو سبي7 فقسمه، فأعطى رجالا وترك رجالا فبلغه أن الذين ترك عتبوا8، فحمد9 الله ثم أثنى عليه ثم قال: "أما بعد: فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل، والذي أدع

1 انظر: المباركفوري: تحفة الأحوذي 3/335 والألباني: تخريج أحاديث فقه السيرة للغزالي ص 427-428.

2 هو ابن ربعي القيسي البصري البحراني - بالموحدة والمهملة.

3 أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد الشيباني.

4 الحسن: هو البصري.

5 عمرو بن تغلب - بفتح المثناة وسكون المعجمة وكسر اللام ثم الموحدة - النمري - بفتح النون والميم - صحابي تأخر إلى الأربعين / خ س ق (التقريب 2/66 وتهذيب التهذيب 8/8-9) .

6 وفي لفظ عند البخاري والفسوي "قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم مال، فأعطى قوماً ومنع آخرين، فكأنهم عتبوا عليه" وعند أحمد "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه شيء فأعطاه ناسا وترك ناسا فبلغه عن الذين ترك أنهم عتبوا وقالوا".

7 قال ابن حجر: "في رواية الكشميهني "بشيء" وهو أشمل"(فتح الباري 6/254) وفي رواية أحمد "أتاه شيء".

8 عتب عليه يعتب ويعتب عتبا ومعتباً، والاسم المعتبة بفتح التاء وكسرها من الموجدة والغضب (النهاية 3/175) .

9 وعند أحمد "فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: " إني أعطي ناسا وأدع ناساً وأعطي رجالا وأدع رجالاً"، وعنده أيضاً، "إني أعطي أقواماً وأرد آخرين".

ص: 393

أحب إلي من الذي أعطي ولكن أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع1 وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى2 والخير، فيهم عمرو بن تغلب3. "فوالله4 ما أحب أن لي بكلمة5 رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم"6. تابعه يونس7.

وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني لأعطي رجالاً حدثاء عهد بكفر أتألفهم أو قال: أستألفهم"8.

187-

وفي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً، فقلت: يا رسول الله! اعط فلاناً؛ فإنه مؤمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أو مسلم" أقولها ثلاثاً، ويردها على ثلاثاً "أو مسلم" ثم قال:"إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه مخافة9 أن يكبه الله في النار"10.

1 الجزع - محرك ضد الصبر، والهلع: أشد الجزع والضجر. (النهاية 5/269 ومختار الصحاح ص:103،و697) .وفي لفظ عند البخاري "إني أعطي قوماً أخاف ظلعهم وجزعهم".وعنده وعند الفسوي "أعطي أقواماً لما في قلوبهم من الجزع والهلع".

2 الغني: بالكسر والقصر: ضد الفقر (مختار الصحاح ص: 483) وفي لفظ عند البخاري "من الخير والغنى".

3 وفي لفظ عند البخاري وأحمد والفسوي وأبي نعيم "منهم عمرو بن تغلب".

4 وعند البخاري أيضا "فقال عمرو بن تغلب: ما أحب أن لي بكلمة رسول الله الخ" وعند أحمد "قال: وكنت جالساً تلقاء وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم".

5 قوله: "ما أحب أن لي بكلمة من رسول الله الخ" أي التي قالها في حقه وهي إدخاله إياه في أهل الخير والغنى.

وقيل المراد: "الكلمة التي قالها في حق غيره، فالمعنى: لا أحب أن يكون لي حمر النعم بدلا من الكلمة المذكورة التي لي، أو يكون لي ذلك، وتقال تلك الكلمة في حقي"(فتح الباري 6/253) .

6 البخاري: الصحيح 2/10، كتاب الجمعة، باب من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد) 4/74 كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي يعطي المؤلفة وغيرهم من الخمس ونحوه.

و9/125-126 كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً} وأحمد: المسند 5/65 والفسوي: المعرفة والتاريخ 1/330 وأبو نعيم: حلية الأولياء 2/11 والبيهقي: السنن الكبرى 7/18) .

7 قال ابن حجر: "يونس هو: ابن عبيد، وقد وصله أبو نعيم في مسند يونس بن عبيد له، بإسناده عنه عن الحسن عن عمر بن تغلب"(فتح الباري 2/405) والمعنى: أن يونس تابع جريراً في شيخه الحسن البصري.

8 انظر مبحث موقف الأنصار من توزيع الغنائم حاشية (4) ص: 418.

9 وفي لفظ "خشية أن يكب في النار على وجهه".

10 البخاري: الصحيح 1/11 كتاب الإيمان، باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة الخ، 2/105-106،كتاب الزكاة، باب قول الله تعالى:{لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} ، ومسلم: الصحيح1/132-133كتاب الإيمان، باب تأليف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه، والنهي عن القطع بالإيمان من غير دليل قاطع، و2/732-733 كتاب الزكاة باب إعطاء من يخاف على إيمانه واللفظ له وأحمد: المسند1/176-182.

ص: 394

قال ابن حجر: "الرجل المتروك اسمه: جعيل بن سراقة الضمري، سماه الواقدي في المغازي"1.

قلت: قول الواقدي المشار إليه هو "قال سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله، أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة مائة، وتركت جعيل بن سراقة الضمري!.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما والذي نفسي بيده، لجعيل بن سراقة خير من طلاع2 الأرض كلها مثل عيينة والأقرع، ولكني تألفتهما ليسلما ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه"3.

188-

وأخرج ابن إسحاق قال: حدثني محد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن قائلا قال: لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه: يا رسول الله اعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة ومائة وتركت جعيل بن سراقة الضمري! "4.

ثم ساق مثل حديث الواقدي.

وأورده ابن حجر في الإصابة ثم قال: هذا مرسل حسن: لكن له شاهد موصول.

189-

روى الروياني5 في مسنده وابن عبد الحكم6 في فتوح مصر من طريق بكر7 بن سوادة عن أبي سالم8 الجيشاني عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "كيف ترى جعيلا؟ ".

1 فتح الباري 1/80.

2 طلاع الأرض، أي ما يملؤها حتى يطلع عنها ويسيل (النهاية 3/133) .

3 مغازي الواقدي 3/948.

4 سيرة ابن هشام 2/496 وتاريخ الرسل والملوك 3/91 والروض الأنف 7/250.

5 الروياني، هو: الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن هارون، صاحب المسند المشهور مات سنة سبع وثلاث مائة (تذكرة الحفاظ للذهبي 1/752-758) .

6 هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين المصري، ثقة من الحادية عشرة (ت 257) س / له تاريخ مصر وغيره (التقريب 1/487 وتهذيب التهذيب 6/208، وشجرة النور الزكية في طبقات المالكية ص 67.

7 بكر بن سوادة بن ثمامة الجذامي أبو ثمامة المصري، ثقة فقيه من الثالثة (ت بضع وعشرين ومائة / خت م ع التقريب 1/106 وتهذيب التهذيب 1/483) .

8 هو سفيان بن هانئ المصري، أبو سالم الجيشاني - بفتح الجيم وسكون التحتانية بعدها معجمة - تابعي مخضرم، شهد فتح مصر، ويقال له صحبة، مات بعد ثمانين / م د س (المصدر السابق 1/312و4/123) وفي الإصابة (2/113) قال ابن مندة اختلف في صحبته، ثم قال ابن حجر، قلت: "اتفق البخاري ومسلم وأبو حاتم والعجلي وابن حبان على أنه تابعي، وقال ابن يونس: شهد فتح مصر وله رواية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان قد وفد عليه وصحبه وروى أيضا عن أبي ذر وعقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم، وروى عنه ابنه سالم وحفيده سعيد بن سالم ويزيد بن أبي حبيب وبكر بن سوادة وآخرون ومات بالإسكندارية في إمرة عبد العزيز بن مروان، وكان عبد العزيز بن مروان أميراً على مصر من قبل أبيه واستمر عشرين سنة من سنة (60) إلى سنة (86) وهو والد عمر بن عبد العزيز (تهذيب التهذيب 6/356) .

ص: 395

قلت: مسكينا كشكله من الناس.

قال: "وكيف ترى فلانا؟ "

قلت: سيد من السادات

قال: "لجعيل خير من ملء الأرض مثل هذا".

قال: قلت يا رسول الله، فلان هكذا وتصنع به ما تصنع.

قال: "إنه رأس قومه فتألفهم". إسناده صحيح وأخرجه ابن حبان من وجه آخر عن أبي ذر، ولكن لم يسم جعيلا1.

190-

وأخرجه البخاري من حديث سهل بن سعد، فأبهم جعيلا وأبا ذر2.

وأخرجه أبو نعيم من طريق بكر بن سوادة أيضاً3.

1 الحديث أخرجه ابن حبان مطولا كما في موارد الظمآن ص 635 وفيه "قال أبو ذرّ: سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل من قريش قال: "هل تعرف فلانا؟ " قلت: نعم يا رسول الله.

قال: "فكيف تراه أو تره"؟ قلت: إذا سأل أعطي، وإذا حضر أدخل قال:"ثم سألني عن رجل من أهل الصفة" قال: هل تعرف فلانا؟ قلت: لا والله ما أعرفه يا رسول الله، فما زال يحليه وينعته حتى عرفته يا رسول الله فقلت: قد عرفته يا رسول الله، قال: فكيف تراه؟ فقلت: هو رجل مسكين من أهل الصفة فقال: "هو خير من طلاع الأرض من الآخر"، قلت:"يا رسول الله أفلا يعطى من بعض ما يعطى من بعض الآخر؟ فقال: إذا أعطي خيرا فهو أهله، وإذا صرف عنه فقد أعطي حسنة".

2 الإصابة 1/239 والحديث في صحيح البخاري 7/8، كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين 8/80، كتاب الرقاق، باب فضل الفقر، ولفظه:"عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: مرّ رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما تقولون في هذا؟ " قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال: أن يستمع"، قال: ثم سكت،. فمرّ رجل من فقراء المسلمين، فقال: ما تقولون في هذا؟ "، قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال: أن لا يستمع"، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا خير من ملء الأرض مثل هذا".

وأخرجه أيضا ابن ماجه في 2/1379 كتاب الزهد، باب فضل الفقراء، قال ابن حجر: في هذا الحديث قوله (مر برجل) لم أقف على اسمه ويؤخذ من رواية ابن إسحاق أنه عيينة بن حصن الفزاري، والأقرع بن حابس ثم ساق حديث ابن إسحاق.

وأما المار الثاني: فإني لم أقف على اسمه ويؤخذ مما أخرجه الروياني في مسنده وابن عبد الحكم (في فتوح مصر) أنه جعيل بن سراقة (فتح الباري 9/136 و11/227) .

3 حلية الأولياء 1/353.

ص: 396

191-

وفي حديث رافع بن خديج رضي الله عنه عند مسلم وغيره وهذا سياق مسلم:

حدثنا محمد1 بن أبي عمر المكي حدثنا سفيان2 عن عمر3 بن سعيد بن مسروق عن أبيه4، عن عباية5 بن رفاعة عن رافع بن خديج قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان6 بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس كل إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك، فقال عباس بن مرداس:

أتجعل نهبي ونهب العبيد

بين عيينة والأقرع؟

فما كان بدر ولا حابس

يفوقان مرداس7 في المجمع

وما كنت دون امرئ منهما

ومن تخفض اليوم لا يرفع

قال: فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة.

ثم قال مسلم: وحدثنا أحمد بن عبدة الضبي أخبرنا ابن عيينة عن عمر بن سعيد بن مسروق بهذا الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم غنائم حنين فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة من الإبل، وساق الحديث بنحوه.

وزاد: وأعطى علقمة بن علاثة8 مائة9.

وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر رسول

1 هو العدني.

2 هو ابن عيينة.

3 هو أخو سفيان الثوري.

4 هو سعيد بن مسروق الثوري.

5 عباية - بفتح أوله والموحدة الخفيفة وبعد الألف تحتانية - خفيفة ابن رفاعة بن رافع ابن خديج الأنصاري الزرقي، من الثالثة.

6 تقدم في حديث (185) ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه مائة من الغنم، ثم مائة، ثم مائة.

7 قوله (يفوقان مرادس)، قال النووي: هو كذا في جميع الروايات غير مصروف وهو حجة لمن جوز ترك الصرف بعلة واحدة، وأجاب الجمهور بأنه في ضرورة الشعر (شرح النووي 3/103) .

8 علاثة: بضم العين المهملة وتخفيف اللام وبثاء مثلثة المصدر السابق 3/103.

9 مسلم: الصحيح 2/737 كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه، والحميدي: المسند 1/200، والمعجم الكبير للطبراني 4/325، والبيهقي: دلائل النبوة 3/51 ب.

ص: 397

الله صلى الله عليه وسلم أناساً في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى ناساً من أشراف العرب، فآثارهم يومئذ في القسمة" الحديث1.

وفي حديث أنس بن مالك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى أبا سفيان وعيينة والأقرع وسهيل بن عمرو في الآخرين يوم حنين" الحديث2.

وفي لفظ "لما أفاء الله على رسوله أموال هوازن فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل كل رجل"3.

وفي لفظ: "وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم كثيرة فقسم في المهاجرين والطلقاء"4.

وفي حديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه قال: "لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم" الحديث5.

192-

وعند الطبراني قال: حدثنا إسحاق6 بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن معمر7 عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، وعن هشام بن عروة عن أبيه، قال أعطى النبي صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام يوم حنين عطاء

1 تقدم تخريجه برقم (183) .

2 انظر حديث (204) .

3 انظر تحت حديث (203) تعلقة (6) ص 417) .

4 انظر تحت حديث (203) ص: (416) .

5 انظر تخريجه برقم: (205) .

6 إسحاق بن إبراهيم بن عباد أبو يعقوب - الدبر - بفتح الدال المهملة والباء الموحدة وبعدها راء - راوي كتب عبد الرزاق عنه.

وقد استصغر في عبد الرزاق فسمع منه تصانيفه وهو ابن سبع سنين أو نحوها وقد روى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة فوقع التردد فيها، هل هي منه فانفرد بها، أو هي معروفة مما تفرد به عبد الرزاق. وقد احتج بالدبري أبو عوانة في صحيحه وغيره وأكثر عنه الطبراني.

قال الدارقطني في رواية الحاكم: "صدوق ما رأيت فيه خلافا، إنما قيل لم يكن من رجال هذا الشأن قلت: ويدخل في الصحيح! قال: إي والله وقد رمز له الذهبي بـ (صح) إشارة إلى أنه ثقة، مات سنة 285 على الأشهر أو 287"(ميزان الاعتدال 1/181-182 ولسان الميزان لابن حجر 1/349-350 واللباب لابن الأثير 1/489) .

7 أي: إن معمراً روى هذا الحديث عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير. ورواه أيضا عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير.

ص: 398

فاستقبله1 فزاده، فقال: يا رسول الله أي عطيتك خير؟ قال: "الأولى". فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا حكيم بن حزام إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذها بسخاوة نفس وحسن أكلة بورك له فيه، ومن أخذه باستشراف نفس وسوء أكلة لم يبارك له، وكان الذي يأكل ولا يشبع، اليد العليا خير من اليد السفلى". قال: ومنك يا رسول الله، قال:"ومني". قال: "فوالذي بعثك بالحق لا أرزأ2 بعدك أحداً شيئاً أبداً". قال: "فلم يقبل ديوانا 3 ولا عطاء حتى مات"4.

فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "اللهم إني أشهدك على حكيم بن حزام أني ادعوه لحقه من هذا المال وهو يأبى، فقال: "إني والله لا أرزاك ولا غيرك، فمات حين مات وإنه لمن أكثر قريش مالاً"5.

والحديث أخرجه الواقدي من طريق سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير عن حكيم بن حزام قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنين، مائة من الإبل فأعطنيها، ثم سألته مائة فأعطنيها، ثم سألته مائة فأعطنيها، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا حكيم بن حزام، إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه" الحديث.

ثم قال الواقدي أيضا وحدثني ابن أبي الزناد6 قال: "أخذ حكيم المائة الأولى ثم ترك"7.

1 لعل الصواب: فاستقله.

2 لا أرزأ: أي لا آخذ من أحد شيئا بعدك (النهاية 2/218) .

3 الديوان - ويفتح مجتمع الصحف، والكتاب يكتب فيه أهل الجيش، وأهل العطية، وأول من وضعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، جمعه دواوين ودياوين (القاموس المحيط 4/224) .

4 قال ابن حجر: "وإنما امتنع حكيم من أخذ العطاء مع أنه حقه لأنه خشي أن يقبل من أحد شيئا فيعتاد الأخذ فتتجاوز به نفسه إلى ما لا يريده ففطمها عن ذلك وترك ما يريبه، وإنما أشهد عليه عمر رضي الله عنه لأنه أراد أن لا ينسبه أحد لم يعرف باطن الأمر إلى منع حكيم من حقه"(فتح الباري 3/336) .

5 المعجم الكبير للطبراني 3/210.

6 ابن أبي الزناد: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان.

7 مغازي الواقدي 3/945.

ص: 399

193-

والحديث في الصحيحين وغيرهما من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير نحوه1 وليس فيه لفظ "حنين".

ومن المعلوم أن حكيم بن حزام من مسلمة الفتح، ومن مؤلفة قلوبهم، وأن هذا تأليف لأهل مكة إنما كان في غزوة حنين.

كما صرّح حديث الطبراني والواقدي بذلك، وأن تلك الأموال الكثيرة إنما كانت في غزوة حنين، ولم يقع بعد فتح مكة، غزوة حصلت فيها مثل تلك الغنائم في العهد النبوي سوى غزوة حنين، إن هذه العطايا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وقعت من نفوس القوم موقعها وظهرت الحكمة جلية من وراء ذلك، وهو استئلاف أناس للدخول في الإسلام أو تثبيتهم عليه، ووكل آخرين إلى إيمانهم.

قال ابن حجر: "اقتضت حكمة الله أن غنائم الكفار لما حصلت ثم قسمت على من لم يتمكن الإيمان من قلبه لما بقي من الطبع البشرى في محبة المال فقسمه فيهم لتطمئن قلوبهم وتجتمع على محبته، لأنها جلبت على حب من أحسن إليها، ومنع أهل الجهاد من أكابر المهاجرين ورؤساء الأنصار مع ظهور استحقاقهم لجميعها، لأنه لو قسم ذلك فيهم لكان مقصورا عليهم، خلاف قسمته على المؤلفة، لأن فيه

1 البخاري: الصحيح 2/104 كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة، و4/5 كتاب الوصايا، باب تأويل قوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} و4/73 كتاب الفرض الخمس، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة وغيرهم من الخمس، و8/79 كتاب الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"هذا المال خضرة حلوة". ومسلم: الصحيح 2/717 كتاب الزكاة، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى، الترمذي: السنن 4/56 كتاب صفة القيامة.

والنسائي: السنن 5/45 كتاب الوكالة، باب اليد العليا، 5/75-77 من كتاب الزكاة أيضا، باب مسألة الرجل في أمر لا بد منه.

والحميدي: المسند 1/253 والدارمي: السنن 1/326 كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة و2/219 كتاب الرقاق، باب الدنيا خضرة حلوة. واحمد: المسند 3/434 والطبراني: المعجم الكبير 3/210-213 والبيهقي: السنن الكبرى 4/196 وقد نسب المزي في الأطراف وتبعه صاحب ذخائر المواريث - هذا الحديث للترمذي في كتاب الزهد عن سويد بن نصر، ولم أجده في كتاب الزهد بعد مراجعته مراراً في الطبعة التي بين يدي، وقد تحصلت على الحديث في كتاب القيامة، وهو عن سويد بن نصر.

(انظر: الأطراف للمزي 3/74 حديث: (3426) ، وذخائر المواريث 1/197، حديث 1788) .

ص: 400

استجلاب قلوب أتباعهم الذين كانوا يرضون إذا رضي رئيسهم فلما كان ذلك العطاء سببا لدخولهم في الإسلام ولتقوية قلب من دخل فيه قبل تبعهم من دونهم في الدخول، فكان في ذلك عظيم المصلحة". إهـ1.

194-

"وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه"2.

ومن خلال ما سبق من النصوص التاريخية والأحاديث النبوية تبرز أمامنا حقيقتان:

الأولى: دقة نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمق معرفته بدخائل النفوس البشرية وما يقوم اعوجاجها، حيث أعطى تلك العطايا السخية ومنح تلك المنح الهائلة لأناس يعادونه، وكفار لم يدخلوا في دين الله بعد وآخرين يتألف بهم قومهم لعلهم يهتدون ويسلمون، وكانت النتيجة التي توخها صلى الله عليه وسلم من تخصيص هؤلاء الذين تألفهم بهذه العطايا أن أسلموا وحسن إسلامهم وكانوا جنودا صادقين في الدفاع عن الإسلام والانخراط في سلك المهاجرين والأنصار الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه كما دلت على ذلك النصوص السابقة.

وعلى وجه الإيجاز كانت تلك الأعطيات بردا وسلاما على نفوس أولئك النفر وشفاء لما في صدورهم من مرض الضلال وحب المادة وقد عبروا أنفسهم عن هذا الإحساس وهذا التحول النفسي الخطير حين قال بعضهم "أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وإنه لأبغض الخلق إلي، فما زال يعطيني حتى إنه لحب الخلق إلي" وكفى بهذه النتيجة العظيمة دليلا على حسن ذلك التقسيم للغنائم، وأنه واقع موقعه، وكيف لا يكون كذلك وهو عمل المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

1 فتح الباري 8/49.

2 صحيح مسلم 4/1806 كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا، وكثرة عطائه.

ص: 401

الحقيقة الثانية: في هذه الغزوة تجلت قوة إيمان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وثباتهم العظيم أمام مغريات المادة وأنهم كانوا كما قيل "يقلون عند الطمع ويكثرون عند الفزع"1.

بل إنهم أعظم من هذا بكثير كانت غايتهم رضي الله عنهم الدفاع عن دينه ونشر الحق، ولم تكن المادة مسيطرة على نفوسهم ولا باعثة لهم على الجهاد كما يزعم ذلك أعداء اله من المستشرقين وأذنابهم، وهذا الموقف العظيم لهم من أعظم الأدلة على طهارة نفوسهم ووضوح هدفهم ونبل مقاصدهم في جهادهم في سبيل الله، ولقد رباهم الرسول الله صلى الله عليه وسلم التربية الإسلامية الكاملة في معناها، ووثق صلى الله عليه وسلم من إيمانهم ووكلهم إلى هذا الإيمان، وما كان تساؤلهم في مبدأ توزيع الغنائم ولا تعجبهم من ذلك التقسيم لها إلا بسبب خفاء الحكمة عليهم في ذلك حتى بين لهم الرسول صلى الله عليه وسلم الحكمة من ذلك فرضوا وسلموا له تسليما ولم يبق في نفوسهم حرج ولا ميل عن الحق، بل كانوا مغتبطين بما أوضحه الرسول صلى الله عليه وسلم لهم من أنه وكلهم إلى ما في قلوبهم من الغنى والخير والإيمان واليقين.

وما دام الحديث عن المؤلفة قلوبهم والحكمة من إعطائهم فيحسن بنا أن نعرفهم ونسرد أسماءهم كما ذكر ذلك أهل المغازي وغيرهم فنقول:

1 ذكر ذلك الجاحظ في البيان والتبيين 2/45 بلفظ "فمن كلامه صلى الله عليه وسلم حين ذكر الأنصار فقال: "أما والله ما علمتكم إلا لتقلون عند الطمع وتكثرون عند الفزع" ولم أجده في كتاب من كتب الحديث.

ص: 402

المؤلفة قلوبهم

أ- المؤلفة: جمع مؤلف، مأخوذ من التأليف، وهو المدارة والإيناس، يقال: تألف فلان فلانا إذا داراه وآنسه وقاربه وواصله حتى يستمليه1 إليه.

ب- وفي الاصطلاح: هم السادة المطاعون في عشائرهم ممن يرجى إسلامه أو يخشى شره، أو يرجى بعطيته قوة الإيمان منه، أو إسلام نظيره، أو جباية الزكاة ممن لا يعطيها، أو الدفع عن المسلمين2.

قال ابن حجر: "المراد بالمؤلفة ناس من قريش أسلموا يوم الفتح إسلاما ضعيفا، وقيل كان فيهم من لم يسلم بعد كصفوان بن أمية، وقد اختلف في المراد بالمؤلفة قلوبهم الذين هم أحد المستحقين للزكاة فقيل: كفار يعطون ترغيبا في الإسلام، وقيل مسلمون لهم أتباع كفار ليتألفوهم وقيل مسلمون أوّل ما دخلوا في الإسلام ليتمكن الإسلام من قلوبهم".

ثم قال: "وأما المراد بالمؤلفة هنا: فهذا الأخير، لقوله في الحديث "فإني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم" 3.

195-

وقال ابن إسحاق4: أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم وكانوا أشرافاً من أشراف الناس، يتألفهم ويتألف بهم قومهم، فأعطى أبا سفيان بن حرب مئة بعير5، وأعطى ابنه معاوية مائة بعير، وأعطى حكيم ابن حزام مئة بعير6، وأعطى

1 القاموس المحيط 3/119 ولسان العرب 10/ 353 والمصباح المنير 1/26) .

2 جامع البيان للطبري 10/161 والإفصاح لابن هبيرة 1/224-225، والمغني لابن قدامة 6/428-429 والعدة شرح العمدة للمقدسي ص 142-143 والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلاء الدين المرداوي 3/227 وتاريخ الخميس للدياربكري 2/114 والسيرة الحلبية لبرهان الحلبي3/85 والفقه على المذاهب الأربعة للجزيري 1/623 و624 و625 ومنهاج المسلم للجزائري ص 256.

3 فتح الباري 8/48.

4 وساق الطبري أسماء المؤلفة قلوبهم من غير طريق ابن إسحاق: فقال: حدثنا عبد الأعلى قال: ثنا محمد بن ثور عن معمر عن يحيى بن أبي كثير: أن المؤلفة قلوبهم الخ (جامع البيان 10/161-162.

5 وأربعين أوقية فضة، وأعطى ابنه معاوية ويزيد كل واحد مثله، فقال أبو سفيان لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله إنك لكريم فداك أبي وأمي، والله لقد حاربتك فلنعم المحارب كنت، ولقد سالمتك فنعم المسالم أنت جزاك الله خيراً (مغازي الواقدي 3/944-945) .

6 وعند الواقدي: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه مائة، ثم مئة ثم مئة، ثم وعظه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ المائة الأولى ثم ترك.

ص: 403

الحارث1 بن الحارث بن كلدة مئة بعير، وأعطى الحارث بن هشام مئة بعير، وأعطى سهيل بن عمرو ومئة بعير2، وأعطى حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس مئة بعير3، وأعطى العلاء4 ابن جارية الثقفي حليف بني زهرة مئة بعير، وأعطى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر مئة بعير، وأعطى صفوان بن أمية مئة بعير5، فهؤلاء أصحاب المئين.

وأعطى دون المائة رجالا من قريش منهم:

مخرمة بن نوفل الزهري6، وعمير بن وهب الجمحي7.

وهشام8 بن عمرو أخو بني عامر بن لؤي لا أحفظ ما أعطاهم وقد عرفت أنها دون المئة.

وأعطى سعيد بن يربوع بن عن كثة بن عامر بن مخزوم خمسين من الإبل9،

1 كان أبوه طبيب العرب وحكيمها، وهو من المؤلفة قلوبهم، وكان من أشراف قومه وأما أبوه الحارث بن كلدة فمات أوّل الإسلام ولم يصح إسلامه.

(انظر: أسد الغابة 1/384 و420 و2/45 و3/10 و5/209 و491 و6/148-149) وانظر: ترجمة الحارث بن كلدة في الإصابة 1/288) .

2 زاد الزرقاني: (أخوه سهل) (شرح المواهب 3/37 وأسد الغابة 2/475.

3 انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 5/454.

4 العلاء بن جارية - بجيم وتحتية- كذا في الإصابة 2/497 وشرح المواهب اللدنية 3/37 ووقع في أسد الغابة 4/73 وفتح الباري 8/48.

العلاء بن (حارثة) بالحاء المهملة والمثلثة وكذا في جامع البيان للطبري 10/162 وعند الواقدي 3/946 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه خمسين بعيرا.

5 تقدم في حديث (185) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه مائة من النعم ثم مائة، ثم مائة.

6 وعند الواقدي 3/946 وأسد الغابة 5/125 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه خمسين بعيرا.

7 في شرح المواهب قال: أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين من الإبل وذكر ابن عبد البر في المؤلفة: عمير بن ودقة وقال: "لم يبلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل من غنائم حنين وكذا قيس بن مخرمة وعباس بن مرداس وهشام بن عمرو وسعيد بن يربوع وسائر المؤلفة قلوبهم أعطاهم مائة مائة"(الاستيعاب 2/489) .

وقال ابن حجر: "لم يذكر ابن إسحاق عمير بن ودقة في المؤلفة وذكر بدله "عمير بن وهب الجمحي" وبدل "قيس بن مخرمة" "مخرمة بن نوفل" الإصابة 3/35) .

8 وعند الواقدي 3/946 أعطاه خمسين من الإبل.

9 انظر الاستيعاب: لابن عبد البر 2/489 مع الإصابة، والإصابة 2/51-52.

ص: 404

وأعطى السهمي خمسين من الإبل1، وأعطى عباس بن مرداس أبا عمر فسخطها، فعاتب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عباس بن مرداس يعاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم

كانت نهابا تلافيتها

بكري على المهر في الأجرع 2

وإيقاظي القوم أن يرقدوا

إذا هجع الناس لم أهجع

فأصبح نهبي ونهب العبيد

بين عيينة والأقرع3

وقد كنت في الحرب ذا تدرا

فلم أعط شيئا ولم أمنع

إلاّ أفائل4 أعطيتها

عديد قوامها الأربع

وما كان حصن ولا حابس

يفوقان شَيْخِيَّ في المجمع5

وما كنت دون امرئ منها

ومن تضع اليوم لا يرفع

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهبوا به، فاقطعوا عني لسانه، فأعطوه حتى رضي6، فكان ذلك قطع لسانه الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم"7.

1 قال ابن حجر: "قال ابن هشام: اسمه عدي بن قيس السهمي، وروى ابن مردويه من طريق بكر بن بكار عن علي بن المبارك عن يحيى ابن أبي كثير في تسمية المؤلفة عدي بن قيس السهمي".

ثم قال ابن حجر: "عند ذكره قيس بن عدي السهمي: قال: ذكره ابن إسحاق في السيرة الكبرى، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم فيمن أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين في المؤلفة دون المائة".

وذكره الواقدي فيمن أعطاه مائة، ثم قال:"فلا أدري هل عدي بن قيس، وقيس بن عدي واحد انقلب، أو اثنان".

وقال الزرقاني: "قال الشامي: الظاهر أنهما اثنان، لاتفاق ابن إسحاق والواقدي على ذلك". (انظر الإصابة 2/471 و3/35 و255 ومغازي الواقدي 3/946 وشرح المواهب اللدنية 3/37) .

2 الأجرع: الأرض ذات الحزونة متشاكل الرمل. (المعجم الوسيط 1/118) .

3 قال ابن هشام: وحدثني بعض أهل العلم: أن عباس بن مرداس أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت القائل:

فأصبح نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة

، فقال أبو بكر الصديق: بين عيينة والأقرع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هما واحد.

فقال أبو بكر: أشهد أنك كما قال الله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} ، [سورة يّس: من الآية: 69] . (سيرة ابن هشام 2/494) . ونسبه ابن كثير: لعروة بن الزبير وموسى بن عقبة عن الزهري (البداية والنهاية 4/360) .

4 في القاموس المحيط 3/329: أفيل: كأمير ابن المخاض فما فوقه، والفصيل، جمعه أفال كجمال، وأفائل.

5 شيخي: يعني أباه مرداسا، ويروى "شَيْخِيَّ" بتشديد الياء يريد أباه وجده، قال ابن هشام:"أنشدني يونس النحوي" فما كان حصن ولا حابس.. يفوقان (مرداس) في المجمع واستشهد بهذا البيت على ترك صرف ما ينصرف لضرورة الشعر.

6 وعند مسلم في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم له مائة انظر حديث (191) .

7 سيرة ابن هشام 2/492-494 والروض الأنف 7/246-248.

ص: 405

الحديث أخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم به، ثم ساق سندا آخر عن عبد الله الأعلى عن محمد بن ثور عن معمر عن يحيى بن أبي كثير ثم ساق جملة من المؤلفة1.

وقد سرد ابن هشام تسمية المؤلفة قلوبهم ونسبهم إلى بطونهم فقال:

196-

حدثني من أثق به من أهل العلم في إسناد له، عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: "بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش وغيرهم، فأعطاهم يوم الجعرانة من غنائم حنين:

أ- من بني أمية بن عبد شمس: أبو سفيان بن حرب بن أمية، وطليق بن سفيان بن أمية، وخالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية2.

ب- ومن بني عبد الدار بن قصي: شيبة3 بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، وأبو السنابل4 بن بعكك ابن الحارث بن عميلة بن السباق بن عبد الدار، وعكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار.

ج- ومن بني مخزوم بن يقظة: زهير5 بن أبي أمية بن المغيرة، والحارث بن هشام بن المغيرة، وهشام بن الوليد بن المغيرة، وسفيان بن عبد الأسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وخالد بن هشام بن المغيرة، والسائب بن أبي السائب بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.

1 تاريخ الرسل والملوك 3/90 وجامع البيان 10/161-162.

2 وزاد غيره فيهم: معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن أبي سفيان. وانظر حديث (195) وخالد بن أسيد - بفتح الهمزة وكسر السين هو أخو عتاب بن أسيد، وطليق بن سفيان كان هو وابنه حكيم بن طليق من المؤلفة قلوبهم، وعند ابن حزم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى طليقاً وخالد بن أسيد كل واحد دون المائة (جوامع السيرة ص (246) وانظر: أسد الغابة 2/89 و3/96) .

3 هو الذي حاول الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وكان ممن ثبت بعد ذلك وقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر ابن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه دون المائة.

4 أبو السنابل: جمع سنبلة، وبعكك - بموحدة فمهملة، فكافين وزن جعفر - كره ابن حزم فيمن أعطي دون المائة، وكذا عكرمة بن عامر بن هاشم.

5 قيل أنه أخو أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزاد بعضهم في بني مخزوم: سعيد بن يربوع انظر حديث (195) . وعبد الرحمن بن يربوع، عثمان بن وهب المخزومي.

ص: 406

د- ومن بني عدي بن كعب: مطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة، وأبو جهم بن حذيفة بن غانم1.

هـ- ومن بني جمح بن عمرو: صفوان بن أمية بن خلف، وأحيحة2 بن أمية بن خلف، وعمير بن وهب بن خلف، وعمير بن وهب بن خلف.

و ومن بني سهم: عدي بن قيس بن حذافة السهمي3.

ز- ومن بني عامر بن لؤي: حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس ابن عبدود، وهشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب.

ومن أفناء القبائل:

ح- من بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة: نوفل بن معاوية بن عروة ابن صخر بن رزن بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الديل.

ط- ومن بنى قيس، ثم من بني عامر بن صعصعة ثم من بني كلاب ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة: علقمة4 بن علاثة بن عوف بن الأحوص ابن جعفر بن كلاب، ولبيد5 بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب.

1 انظر: أسد الغابة 2/261، و534، و112، و3/501، و4/73، 5/191، و6/57، وجوامع السيرة لابن حزم ص 246) .

2 أحيحة - بمهملتين مصغرا - أخو صفوان بن أمية، كان من المؤلفة قلوبهم (انظر أسد الغابة 1/69، والإصابة 1/23، شرح المواهب 3/37) .

3 تقدم في حديث (195) حاشية ص 405 تعليقة (1) قول ابن حجر: فلا أدري هل عدي بن قيس وقيس بن عدي واحد انقلب أو اثنان.

وزاد الزرقاني في شرح المواهب 3/37: الجد بن قيس السهمي وقال: أورده ابن الجوزي في التلقيح. وقد راجعت أسد الغابة والإصابة فلم أجد من اسمه الجد بن قيس السهمي، وإنما الموجود الجد بن قيس الأنصاري السلمي وكان ممن يظن فيه النفاق وفيه نزل قوله تعالى:

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} ، [سورة التوبة، الآية: 49] . (أسد الغابة: 1/327 والإصابة 1/228) .

4 قال ابن حجر: ثبت ذكره في الصحيح في حديث أبي سعيد الخدري من رواية عبد الرحمن بن أبي نعم عنه قال: بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهبية في تربتها، فقسمها بين (أربعة نفر: عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، وعلقمة بن علاثة / وزيد الخيل) الحديث (الإصابة 2/503) .

والحديث في صحيح البخاري 4/109 كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى (وإلى عاد أخاهم هودا) . وصحيح مسلم: 2/741-742 كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، إلخ.

وكذا ثبت ذكره في حديث رافع بن خديج عند مسلم انظر حديث (191) .

5 في أسد الغابة 4/516: وكان لبيد بن ربيعة، وعلقمة بن علاثة العامريان من المؤلفة قلوبهم، وحسن إسلامهما.

ص: 407

ي- ومن بني عامر بن ربيعة: خالد بن هوذة بن ربيعة بن عمرو ابن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وحرملة بن هوذة بن ربيعة بن عمرو.

ك- ومن بني نصر بن معاوية: مالك بن عوف بن سعيد بن يربوع.

ل- ومن بني سليم بن منصور: عباس بن مرداس بن أبي عامر: أخو بني الحارث بن بهثة بن سليم1.

م- ومن بني غطفان، ثم من بني فزارة: عيينة بن حصن بن حذيفة ابن بدر.

ن- ومن بني تميم ثم من بني حنظلة: الأقرع بن حابس بن عقال، من بني مجاشع بن دارم2.

فهؤلاء تسعة وعشرون شخصا ذكرهم ابن هشام.

قلت: وزاد غيره:

س- في بني أمية بن عبد شمس: معاوية بن أبي سفيان، يزيد بن أبي سفيان، خالد بن أسيد، طليق بن سفيان وابنه حكيم بن طليق3.

ع- وفي بني مخزوم بن يقظة: سعيد بن يربوع، وعبد الرحمن بن يربوع، عثمان بن وهب المخزومي، عكرمة بن أبي جهل4.

ف- وفي بني سهم: الجد بن قيس السهمي5.

ص- وفي بني سليم: عمير بن مرداس اخو عباس بن مرداس.

ق- ومن بني هاشم: أبو سفيان الحارث بن عبد المطلب6.

1 وزاد ابن الجوزي: عمير بن مرداس، أخو عباس بن مرداس، ذكر ذلك ابن حجر في الفتح 8/48 والزرقاني في شرح المواهب اللدنية 3/37) .

2 سيرة ابن هشام 2/494 -496 والروض الأنف 7/248-250.

3 انظر حاشية ص 406 تحت حديث (196) والقاموس المحيط 3/118.

4 انظر شرح المواهب اللدنية 3/37.

5انظر: حاشية ص407تعليقة (3) تحت حديث (196) والقاموس المحيط3/118-119.

6 انظر جامع البيان للطبري 10/162، نصب الراية للزيلعي 2/394 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني 3/37.

ص: 408

ر- ومن ثقيف: العلاء بن جارية الثقفي1، وأسيد2 بن جارية الثقفي، والأخنس3 بن شريق، عمير بن الأخنس بن شريف4.

ش- ومن بني تميم: عمرو بن الأهتم5.

ت- ومن بني أسد بن عبد العزى: حكيم بن حزام6.

ث- ومن بني عبد مناف: جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف النوفلي7.

خ-ومن بني نبهان: زيد بن مهلهل النبهاني، المعروف بزيد الخيل8.

ذ- ومن بني عبد شمس بن عبدود: سهيل بن عمرو العامري، وأخوه سهيل بن عمرو9.

ض-كعب بن الأخنس10.

فهؤلاء اثنان وخمسون رجلا.

قال الزرقاني: "وقد سردهم ابن الجوزي11 في التلقيح وابن طاهر12 في "مبهماته" والحافظ في "الفتح" والبرهان13 في "النور" وهو أحسنهم وعند كل ما ليس

1 انظر حديث (195) .

2 أسيد - بفتح الهمزة - (أسد الغابة 1/109 وشرح المواهب اللدنية 3/37) .

3 شرح المواهب اللدنية 3/37.

4 الإصابة 3/28-29.

5 أسد الغابة 4/196 وفتح الباري 8/48 وشرح المواهب اللدنية 3/37.

6 انظر حديث (195) .

7 انظر القاموس المحيط 3/118.

8 انظر القاموس المحيط 3/118 وتعليقة (4) من حاشية ص 407

9 انظر شرح المواهب الدنية 3/37 وحديث (195) وتعليقة (2) من ص 404.

10 انظر شرح المواهب اللدنية 3/37.

11 هو أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي، وكتابه هذا يسمى "تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التواريخ والسير" وقد راجعته فلم أجده ذكر أسماء المؤلفة قلوبهم على نحو ما أشار الزرقاني.

12 هو أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي المعروف (بابن القيسراني)(ولد سنة 448 وتوفي سنة 507)(تذكرة الحفاظ للذهبي 4/1242-1245 والكتاني: الرسالة المستطرقة ص 102) .

13 هو برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي الأصل (طرابلس الشام) المعروف (بسبط ابن العجمي)، ولد سنة:(753هـ)، وتوفي سنة:(84)، وله كتاب يسمى:(نور النبراس على سيرة ابن سيد الناس) . (البدر الطالع للشوكاني 1/28-30 ومعجم المؤلفين لكحالة 1/92-93) .

ص: 409

عند الآخر، ثم ساقهم الزرقاني فأوصلهم سبعة وخمسين رجلا ثم قال: فهؤلاء سبع وخمسون نفسا".

ثم قال: قال الحافظ: "وفي عد العلاء بن جارية ومالك بن عوف النصرى نظر. وقد قيل إنهما أتيا طائعين من الطائف إلى الجعرانة"1.اهـ.

وهؤلاء المؤلفة قلوبهم حسن إسلامهم وصاروا مجاهدين في سبيل الله الناشرين للدين الإسلامي في الآفاق، والذابين عنه.

قال ابن حزم: "وقد حسن إسلام جميع المؤلفة قلوبهم، حاشا عيينة ابن حصن فلم يزل مغموزاً".

وكان المؤلفة - مع حسن إسلامهم - متفاضلين في الإسلام، منهم الفاضل المجتهد: كالحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، حيكم بن حزام. وفيهم خيار دون هؤلاء: كصفوان بن أمية، وعمرو بن وهب، ومطيع بن الأسود/ ومعاوية بن أبي سفيان. وسائرهم لا نظن بهم إلا الخير.

وكان ممن أسلم يوم الفتح وبعده، من الأشارف نظراء من ذكرنا - ووثق رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحة إيمانهم، وقوة نياتهم في الإسلام لله تعالى فلم يدخلهم مدخل من

1 شرح المواهب اللدنية 3/36-37.وانظر: مغازي الواقدي3/944-948 والطبقات الكبرى لابن سعد2/152-153 وتاريخ خليفة بن خياط ص:90، والتفسير لابن أبي حاتم 4/114أرقم 283، وكتاب المنمق في أخبار قريش لمحمد بن حبيب البغدادي ص 532-533 وكتاب المعارف لابن قتيبة ص: 149، وجامع البيان للطبري 10/100 و161-162، وجوامع السيرة لابن حزم ص 245-247، ولسان العرب 10/353 ونصب الراية للزيلعي 2/394 والقاموس المحيط للفيروز آبادي 3/118-119 وفتح الباري لابن حجر 8/48 وتاريخ الخميس للديار بكري 2/114، والسيرة الحلبية لبرهان الدين الحلبي 3/84-85 ونيل الأوطار للشوكاني 7/308، وسيأتي في الأحكام بيان من أين يعطون وهل حكمهم باق أولا انظر ص (684) .

ص: 410

أعطاه - عكرمة بن أبي جهل، وعتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، وجبير1 بن مطعم2.

قال ابن الجوزي: "اعلم أن من المؤلّفة أقواماً تؤلفوا في بدء الإسلام ثم تمكن الإسلام في قلوبهم فخرجوا بذلك عن حدّ المؤلّفة".

وإنما ذكرهم العلماء في المؤلفة اعتبار ببداية أحوالهم، وفيهم من لم يعلم منه حسن الإسلام، والظاهر بقاؤه على حالة التأليف، ولا يمكن أن يفرق بين من حسن إسلامه، وبين من لم يحسن إسلامه، لجواز أن يكون من ظننا به شرا أنه على خلاف ذلك، إذ الإنسان قد يتغير عن حاله ولا ينقل إلينا أمره، فالواجب أن نظن بكل من نقل عنه الإسلام خيراً.

197-

وقد جاء عن أنس رضي الله عنه قال: "كان3 الرجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم لشيء يعطاه من الدنيا، فلا يمسي حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما فيها"4.

1 قد عد في المؤلفة جبير بن مطعم وعكرمة بن أبي جهل انظر فقرة (ث) و (ع) ص 408-409.

2 جوامع السيرة ص 248.

3 الحديث في صحيح مسلم ولفظه "عن أنس رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنما بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال: أي قوم أسلموا فوالله إن محمدا ليعطي عطاء ما يخاف الفقر".

فقال أنس: "إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلاّ الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها" (4/1806 كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط، فقال: لا وكثرة عطائه.

4 السيرة الحلبية 3/85-86.

ص: 411