الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأخذ بها هو الأولى في مثل هذه الحوادث التاريخية التي لا تتعلق بالعقائد والأحكام الشرعية، على أن مجموع الروايات يقوي بعضها بعضا، ولذلك حسّن الحديث ابن حجر لما له من الشواهد.
وحسّن الألباني القدر المتعلق بتولية عتاب أميراً بالشواهد المقوية لذلك.
وأما ما عدا ذلك من قصة توليته وما حدث فيها فهو الذي يحسن الأخذ به من الناحية التاريخية وإن لم يقو سنده من الناحية الحديثية، وقد جرى العلماء منذ القديم على هذا المسلك. والله أعلم.
المبحث الثالث: عدد الجيش الإسلامي في هذه الغزوة:
الجيش الذي خرج إلى غزوة حنين مكون من:
أ- الجيش الإسلامي الذي فتح مكة المكرمة.
ب- الذين انضافوا إليهم من مسلمة الفتح.
وعدد الجيش الذي فتح مكة عشرة آلاف مقاتل، وهو نص حديث ابن عباس عند البخاري، وهذا سياقه
39-
قال: حدثني محمود1، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر قال: أخبرني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف 2، وذلك على رأس ثمان سنين
1 محمود: هو ابن غيلان، أبو أحمد المروزي.
2 قال ابن حجر: وفي مرسل عروة عند ابن إسحاق وابن عائذ: "ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألفا من المهاجرين والأنصار، وأسلم، وغفار، ومزينة، وجهينة، وسليم". ثم قال: وكذا وقع في "الإكليل"، "وشرف المصطفى" ويجمع بينها أن العشرة آلاف خرج بها من المدينة، ثم تلاحق بها الألفان. (فتح الباري 8/4 ونسبه الهيثمي في مجمع الزوائد 6/170)، للطبراني وقال: وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف. ونسبه ابن كثير لعروة والزهري وموسى بن عقبة. (البداية والنهاية 4/324- 325) .
ونصف1 من مقدمه المدينة، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون". الحديث2.
وعند ابن إسحاق قال: حدثني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس مطولا فيه:"ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل مر الظهران3 في عشرة آلاف من المسلمين". الحديث4.
ومن طريق ابن إسحاق: أخرجه أحمد مختصرا، والطبري، والطحاوي والحاكم بطوله، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي5.
وأورده الهيثمي مختصرا وقال: في الصحيح طرف منه في الصيام، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع. ثم أورده مطولا وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح6.
والحديث دليل واضح على أن الذين خرجوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم لفتح مكة المكرمة، كانوا عشرة آلاف مقاتل. وقد خرجوا إلى غزوة حنين مع من انضم إليهم من الطلقاء7.
40-
فقد ورد عند البخاري ومسلم من طريق معاذ8 بن معاذ، عن
1 قال ابن حجر: هكذا وقع في رواية معمر وهو وهم، والصواب على رأس سبع سنين ونصف، وإنما وقع الوهم من كون غزوة الفتح كانت في سنة ثمان، ومن أثناء ربيع الأول إلى أثناء رمضان نصف سنة سواء، فالتحرير أنها سبع سنين ونصف، وذكر توجيهات أخرى. (الفتح 8/49) .
(صحيح البخاري 5/120 كتاب المغازي، باب غزوة الفتح في رمضان) .
3 مر الظهران: هو وادي فاطمة، يقع شمال مكة المكرمة بنحو 30 كم. (انظر: غزوة بني المصطلق ص54- 55) .
(سيرة ابن هشام 2/399- 400) .
(أحمد: المسند 1/266، والطبري: تاريخ الرسل والملوك 3/49، والطحاوي: شرح معاني الآثار 3/319- 320، والحاكم: المستدرك 3/43) .
(مجمع الزوائد6/164-167،وابن كثير: البداية والنهاية4/285-286، 324) .
7 الطلقاء - بضم الطاء وفتح اللام وبالمد - هم الذين أسلموا يوم فتح مكة، ومفرده طليق، يقال ذلك: لمن أطلق من أسار أو وثاق. قال القاضي عياض في المشارق: قيل لمسلمي الفتح الطلقاء لِمَنِّ النبي صلى الله عليه وسلم عليهم -. (مشارق الأنوار 1/319، وانظر: النهاية لابن الأثير 3/136، وشرح النووي على صحيح مسلم 3/100 و4/469) .
8 معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان العنبري، أبو المثنى البصري، القاضي، ثقة متقن، من كبار التاسعة (ت 196) /ع. (ابن حجر: التقريب 2/257) .
ابن عون1، عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان2 وغيرهم بنعمهم3 وذراريهم، ومع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف4 ومن الطلقاء5
…
الحديث6.
والحديث يدل على أن الجيش الخارج إلى حنين عشرة آلاف من غير الطلقاء، وقد جاء عند ابن إسحاق أن الطلقاء كانوا ألفين من أهل مكة. ساق ذلك بدون إسناد7.
وأخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر قال:"ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ألفان من أهل مكة، مع عشرة آلاف منن أصحابه الذين فتح الله بهم مكة، فكانوا اثني عشر ألفا"8.
1 هو عبد الله بن عون بن أرطبان - بفتح فسكون - أبو عون البصري، ثقة ثبت فاضل، من أقران أيوب في العلم والعمل والسن، من السادسة (ت 150) على الصحيح /ع. (المصدر السابق 1/439) .
2 نسبة إلى غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
3 النعم - بفتح العين وقد تسكن - الإبل والشاء، أو خاص بالإبل. (الفيروز آبادي: القاموس المحيط 4/182) .
4 وقع عند مسلم وأحمد من طريق السميط، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: افتتحنا مكة، ثم إنا غزونا حنينا فجاء المشركون بأحسن صفوف رأيت، قال: فصفت الخيل ثم صفت المقاتلة ثم صفت النساء من وراء ذلك، ثم صفت الغنم ثم صفت النعم، قال: ونحن بشر كثير قد بلغنا ستة آلاف. الحديث.
قال النووي: الرواية الأولى أصح؛ لأن المشهور في كتب المغازي أن المسلمين كانوا اثني عشر ألفا، عشرة آلاف شهدوا الفتح، وألفان من أهل مكة ومن انضاف إليهم، وهذا معنى قوله:"ومعه عشرة آلاف ومعه الطلقاء".
قال القاضي عياض: قوله: "ستة آلاف" وهم من الراوي عن أنس. والله أعلم. (انظر: صحيح مسلم 2/736 كتاب الزكاة، ومسند أحمد 3/157، وشرح صحيح مسلم للنووي 3/101) .
5 وعند مسلم من هذه الطريق (ومع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف ومعه الطلقاء) .
وعند البخاري من طريق أزهر عن بن عون (لما كان يوم حنين التقى هوازن ومع النبي صلى الله عليه وسلم، عشرة آلاف والطلقاء".
وعند أحمد من طريق: سليم بن أخضر عن ابن عون: "لما يوم حين وجمعت هوازن وغطفان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جمعاً كثيراً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرة آلاف أو أكثر ومعه الطلقاء) .
(البخاري: الصحيح 5/130- 131، كتاب المغازي، باب غزوة الطائف، واللفظ له. ومسلم: الصحيح2/735 كتاب الزكاة. وأحمد: المسند 3/190، 279-280. ومنتخب كنز العمال 4/171 مع مسند أحمد. ورمز له بـ (ش) عبارة على أن الحديث عند ابن أبي شيبة) .
(سيرة ابن هشام 2/440، والبداية والنهاية لابن كثير 4/324) .
(تاريخ الرسل والملوك 3/73، وتقدم برقم (35) .
41-
وأخرج الطبري أيضا بسنده عن السدي، وابن زيد1 في قوله تعالى:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ2 إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً} ، [سورة التوبة، من الآية: 25] .
قالا: "كانوا اثني عشر ألفا"3.
وكلا الإسنادين مقطوع4.
42-
ورواه أيضا عن عروة بن الزبير، وعن قتادة5.
43-
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق ابن إسحاق قال: حدثنا الزهري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين في ألفين من مكة وعشرة آلاف كانوا معه فسار بهم الحديث6.
44-
وساق بسنده أيضا عن الحاكم فقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أبو بكر
1 ومحمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ- بضم القاف والفاء بينهما نون ساكنة - التيمي المدني، ثقة من الخامسة /م عم. (التقريب 2/162) .
2 حنين: قال ياقوت: يجوز أن يكون تصغير الحنان، وهو الرحمة تصغير ترخيم. ويجوز أن يكون تصغير الحن، وهو حي من الجن. قال السهيلي: سمي بحنين بن قانية بن مهلائيل، قال وأظنه من العماليق. وهو يذكر ويؤنث. فإن قصدت به البلد ذكرته وصرفته، كما في قوله تعالى {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} . وإن قصدت به البلدة والبقعة أنثته ولم تصرفه، وهو واد قريب من مكة. (معجم البلدان 2/313) .
قلت: تصغير الترخيم عبارة عن تصغير الاسم بعد تجريده من الزوائد التي فيه، فإن كانت أصوله ثلاثة صغر على "فعيل" وإن كانت أربعة صغر على "فعيعل" (انظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 2/487) ووادي حنين يسمى الآن (الشرائع) وهو يبعد عن مكة بنحو عشرين كيلا شرقي مكة. معجم المعالم الجغرافية لعاتق البلادي ص107، وحمد الجاسر: التعليق على كتاب المناسك للحربي ص471، وباشميل: غزوة حنين ص60، وفؤاد حمزة: قلب جزيرة العرب ص268) .
(جامع البيان 10/101، 103) .
4 الخبر المقطوع ما أضيف إلى التابعي أو من دونه من قول أو فعل. (تدريب الراوي للسيوطي ص117) . وفي سند السدي: أسباط بن نصر، وهو صدوق كثير الخطأ يغرب. والسدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن، صدوق يهم ورمي بالتشيع. (التقريب 1/53 و71- 72) . وفي سند ابن زيد انقطاع بينه وبين عبد الله بن وهب.
(جامع البيان 10/99- 100) .
(دلائل النبوة 3/40- 41 ب-أ) .
القاضي1 قالا: نا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: أنا أحمد بن عبد الجبار، قال: نا يونس بن بكير عن أبي جعفر عيسى الرازي، عن الربيع أن رجلا قال يوم حنين لن نغلب اليوم من قلة، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} ، [سورة التوبة، من الآية: 25] . قال الربيع: وكانوا اثني عشر ألفا، منهم ألفان من أهل مكة2.
والحديث فيه:
أ- يونس بن بكير "صدوق يخطئ"3
ب- أبو جعفر الرازي التميمي عيسى بن أبي عيسى "صدوق سيئ الحفظ"4.
ج- الربيع بن أنس البكري "صدوق له أوهام، ورمي بالتشيع".
قال ابن حبان: والناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر الرازي عنه، لأن في أحاديثه عنه اضطرابا كثيرا5
د- الإرسال، فإن الربيع لم يدرك هذه الوقعة.
54-
وروى ابن سعد قال: أخبرنا الضحاك6 بن مخلد الشيباني، أبو عاصم النبيل، قال: أخبرنا عبد الله7 بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب الثقفي، أخبرني
1 هو أحمد بن الحسن القاضي، هكذا ذكر البيهقي غي "دلائل النبوة" 3/42. وتقدمت تراجم رجال بقية الحديث في حديث رقم (23) .
(دلائل النبوة 3/41ب، والنظر المواهب اللدنية للقسطلاني 1/161) .
(التقريب 2/384) .
(المصدر السابق 2/406، والمجروحين لابن حبان 2/120) .
(التقريب 1/243، وتهذيب التهذيب 3/238- 239) .
6 هو الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني، أبو عاصم النبيل، البصري، ثقة ثبت، من التاسعة (ت 212) أو بعدها. /ع. (التقريب 1/373، وتهذيب التهذيب 4/450) .
7 عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب بن يعلى، أبو يعلى الثقفي، عن عمرو ابن شعيب، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، وعنه الثوري، ومعتمر بن سليمان، ومروان بن معاوية، ووكيع، وابن مهدي، وابن المبارك، وأبو عاصم وغيرهم. صدوق يخطيء ويهم، من السابعة /بخ م د تم س ق. قال المزي، وتبعه ابن حجر: وقع عند ابن ماجة في التكبير في صلاة العيد سبع أو خمس "عبد الرحمن بن يعلى" وهو خطأ، والصواب هو عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي، وكذلك سماه أبو داود في روايته. ثم قال المزي: وقد روى ابن ماجة غير هذا الحديث على الصواب. (انظر: تهذيب الكمال للمزي 5/414، والتقريب 1/429، 503، وتهذيب التهذيب 5/298- 299، 6/301) .
قلت: والحديث الذي أشار إليه المزي وابن حجر عند ابن ماجة في التكبير في صلاة العيد من طريق أبي كريب، وأنه قال فيه عن عبد الرحمن بن يعلى، فإن الحديث في سنن ابن ماجة الموجودة بين أيدينا "عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى". (انظر سنن ابن ماجة 1/407 كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في كم يكبر الإمام في صلاة العيدين، و410 باب ما جاء في الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها، وسنن أبي داود 1/262 كتاب الصلاة، باب التكبير في العيدين) .
عبد الله1 بن عياض، عن أبيه2 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى هوازن في اثني عشر ألفا، فقتل من أهل الطائف يوم حنين مثل من قتل يوم بدر، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ترابا من البطحاء فرمى به وجوهنا فانهزمنا 3
والحديث رواه الطبراني من طريق زيد4 بن الحريش، والعباس5 ابن عبد العظيم العنبري، قالا: ثنا أبو عاصم به6.
ورواه الحاكم من طريق أبي قلابة7، ثنا أبو عاصم به8.
ثم قال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي9.
1 عبد الله بن عياض روى عن أبيه وعنه أبو يعلى عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى ابن كعب الثقفي الطائفي. (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 5/129) . ووقع في طبقات ابن سعد "وأخبرني عبد الله بن عباس"، والصواب عبد الله بن عياض. (وإسقاط حرف العطف) .
2 عياض بن عبد الله الثقفي، وقال ابن عبد البر: عياض الثقفي. وقال البخاري: عياض له صحبة. قال ابن حجر: فرق ابن الأثير بين عياض الثقفي، وعياض بن عبد الله الثقفي، وهو وهم. (الإصابة 3/49 و183، وأسد الغابة 4/322 و325، والاستيعاب 3/129، وتاريخ البخاري الكبير 7/19) .
(الطبقات الكبرى لابن سعد 2/154- 155) .
4 زيد بن الحريش الأهوازي، نزيل البصرة، روى عن عمران بن عيينة وروى عنه إبراهيم بن يوسف الهسنجاني. (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/561) .
5 العباس بن عبد العظيم بن إسماعيل بن توبة العنبري، أبو الفضل البصري، ثقة حافظ، من كبار الحادية عشرة (ت240) /خت م عم. (التقريب1/397،وتهذيب التهذيب5/121) .
(المعجم الكبير 17/368- 369) .
7 عبد الملك بن محمد الرقاشي - بفتح الراء وتخفيف القاف ثم معجمة - أبو قلابة البصري، يكنى أبا محمد، وأبو قلابة لقب، صدوق يخطيء، تغير حفظه لما سكن بغداد، من الحادية عشرة، (ت276) /ق. (التقريب 1/522، وتهذيب التهذيب 6/419، ولسان الميزان 5/49 كلها لابن حجر) .
(المستدرك 2/121) .
(دلائل النبوة 3/45 أ) .