المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: عدد الثابتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين: - مرويات غزوة حنين وحصار الطائف - جـ ١

[إبراهيم بن إبراهيم قريبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: في الحديث عن غزوة حنين

- ‌الفصل الأول: في مقدمات الغزوة

- ‌المبحث الأول: سبب الغزوة

- ‌المبحث الثاني: الاستعداد للمعركة

- ‌الفصل الثاني: في المسير إلى حنين

- ‌المبحث الأول: تاريخ الغزوة

- ‌المبحث الثاني: في تعيين الأمير على مكة:

- ‌المبحث الثالث: عدد الجيش الإسلامي في هذه الغزوة:

- ‌المبحث الرابع: استعداد هوازن العسكري:

- ‌المبحث الخامس: تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالنصر، وبيان فضل الحراسة في سبيل الله:

- ‌المبحث السادس: بقايا من رواسب الجاهلية:

- ‌المبحث السابع: بيان من قال في هذه الغزوة "لن نغلب اليوم من قلة

- ‌الفصل الثالث: في وصف المعركة

- ‌المبحث الأول: سبب هزيمة المسلمين في بداية المعركة

- ‌المبحث الثاني: مواقف مريبة إثر انكشاف المسلمين في بادئ الأمر:

- ‌المبحث الثالث: عدد الثابتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين:

- ‌المبحث الرابع: عوامل انتصار المسلمين في حنين:

- ‌الفصل الرابع: ما أسفرت عنه معركة حنين من ضحايا وغنائم

- ‌المبحث الأول: خسائر المشركين في هذه الغزوة

- ‌المبحث الثاني: إصابات المسلمين في هذه الغزوة

- ‌الباب الثاني: ملاحقة فلول المشركين والأحداث التاريخية التي أعقبت ذلك

- ‌الفصل الأول: تعقب الفارين نحو نخلة وأوطاس

- ‌المبحث الأول: التوجه نحو نخلة

- ‌المبحث الثاني: سرية أوطاس

- ‌المبحث الثالث: موقف الشيماء وبجاد

- ‌الفصل الثاني: في غزوة الطائف

- ‌المبحث الأول: حصار الطائف

- ‌المبحث الثاني: ما صدر من التعليمات العسكرية للمسلمين في حصار - الطائف

- ‌المبحث الثالث: عدد القتلى من الفريقين في غزوة الطائف

- ‌المبحث الرابع: فك الحصار عن الطائف والعودة إلى الجعرانة

- ‌الفصل الثالث: في تقسيم الغنائم

- ‌المبحث الأول: الفرق بين الغنيمة والفيئ والنفل

- ‌المبحث الثاني: جفاء الأعراب وغلظتهم

- ‌المبحث الثالث: اعتراض ذي الخويصرة التميمي على الرسول صلى الله عليه وسلم في قسم الغنائم

- ‌المبحث الرابع: في بيان حكمة توزيع الغنائم على قوم دون آخرين

- ‌المبحث الخامس: موقف الأنصار من توزيع الغنائم وخطبة الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم

الفصل: ‌المبحث الثالث: عدد الثابتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين:

والحديث فيه الواقدي، وهو متروك الحديث1.

وعند ابن إسحاق بدون إسناد قال: وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار، قلت: اليوم أدرك ثأري من محمد - وكان أبوه قتل يوم أحد – اليوم أقتل محمدا، قال: فأدرت برسول الله صلى الله عليه وسلم لأقتله، فأقبل شيء حتى تغشى فؤادي، فلم أطق ذاك، وعلمت أنه ممنوع مني2.

ومن طريقه أخرجه الطبري والبيهقي3.

والخلاصة: أن الأحاديث الواردة في سبب إسلام شيبة بن عثمان كلها ضعيفة، ولذا قال ابن السكن4: في إسناد قصة إسلامه نظر5.

ولكن هذه الروايات على ضعف أكثرها تدل على محاولات شيبة للقضاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ الثأر منه، كما أن تلك الأقوال الحاقدة التي أطلقها بعض أهل مكة كانت بمثابة التشفي من المسلمين، والرغبة في اندحار الحق.

وتلتقي هذه الأقوال وتلك المحاولات من شيبة وغيره في إطار واحد يمثل ضيق نفوس هؤلاء بالإسلام، وحبهم للعهد الجاهلي وبقائه، ولكن أبى الله إلا أن يتم نوره، وينصر نبيه صلى الله عليه وسلم، ولله الحمد والمنة.

(انظر: ابن حجر: التقريب 2/194) .

2 ابن هشام: (السيرة النبوية 2/443- 444) .

(تاريخ الرسل والملوك 3/74- 75، ودلائل النبوة 3/43- 44ب) .

4 هو: الحافظ الحجة أبو علي سعيد بن عثمان، تقدم.

(ابن حجر: الإصابة 2/161) .

ص: 169

‌المبحث الثالث: عدد الثابتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين:

مر بنا أن مالك بن عوف سبق إلى وادي حنين وفرق جيوشه في منعطفاته ومضايقه واستعدوا وتأهبوا وأحكموا خطتهم1.

وكان المسلمون لا يعلمون بذلك، وبينما هم ينحدرون في الوادي إذ انهالت عليهم هوازن بوابل من النبال والسهام، فانكشفت مقدمة المسلمين، وتبعها بقية

1 تقدم في مبحث (سبب هزيمة المسلمين ص141) .

ص: 169

الجيش الإسلامي، ولم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قلة من المسلمين، وهذا ما نريد الحديث عنه في هذا المبحث.

على أنه قد اختلفت الروايات في عدد الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي كالآتي:

أ- ورد في حديث أنس بن مالك عند البخاري ومسلم وغيرهما قال: "لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بنعمهم وذراريهم، ومع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف ومعه الطلقاء، فأدبروا عنه حتى بقي وحده" الحديث1.

قال ابن حجر: ويجمع بين قوله "حتى بقي وحده" وبين الأخبار الدالة على أنه بقي جماعة، بأن المراد: بقي وحده متقدما مقبلا على العدو، والذين ثبتوا معه كانوا وراءه، أو وحدة بالنسبة لمباشرة القتال، وأبو سفيان ابن الحارث وغيره كانوا يخدمونه في إمساك البغلة ونحو ذلك2.

ب- وأخرج ابن أبي شيبة والبزار من حديث بريدة بن الحصيب أن الناس تفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق معه إلا رجل واحد يقال له زيد. وهذا سياق الحديث عند البزار:

70-

حدثنا معمر3 بن سهل، وصفوان4 بن المغلس قالا: ثنا عبيد5 بن

1 تقدم الحديث برقم (40) .

(فتح الباري 8/29، والزرقاني: شرح المواهب اللدنية 3/11) .

3 كذا وقع في السند "معمر"، ولعل الصواب: محمد بن سهل بن عسكر بن عمارة التيمي، مولاهم، أبو بكر البخاري، نزيل بغداد، ثقة من الحادية عشرة (ت 251) /م ت س. فإنه يروي عن عبيد الله بن موسى.

انظر: (تهذيب الكمال للمزي5/446و7/603،والتقريب2/167، وتهذيب التهذيب 9/207 كلاهما لابن حجر، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي 5/313) .

4 لم أجد ترجمته.

5 عبيد الله بن موسى بن أبي مختار، باذام - بموحدة وذال معجمة - العبسي الكوفي، أبو محمد ثقة، كان يتشيع، من التاسعة.

قال أبو حاتم: "كان أثبت في إسرائيل من أبي نعيم، واستصغر في سفيان الثوري"(ت213) على الصحيح. /ع. (التقريب 1/539-540، وتهذيب التهذيب 7/50-53 كلاهما لابن حجر. والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 5/334-335) .

ص: 170

موسى، ثنا يوسف1 بن صهيب، عن عبد الله2 بن بريدة، عن أبيه3 قال:

"تفرق الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلم يبق إلا رجل يقال له زيد4، وهو آخذ بعنان5 بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهباء6، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

1 يوسف بن صهيب الكندي، الكوفي، ثقة من السادسة/ د ت س. (التقريب 2/381، وتهذيب التهذيب 11/415) .

2 عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، أبو سهل المروزي، قاضيها، ثقة، من الثالثة (ت 105، وقيل: 115) . /ع. (المصدر السابق 1/403- 404، و5/157) .

3 هو: بريدة بن الحصيب - بمهملتين مصغرا - أبو سهل الأسلمي، صحابي، أسلم قبل بدر (ت63) /ع. (التقريب1/96،تهذيب التهذيب1/432- 433) .

4 لعله زيد بن الأرقم الأنصاري الخزرجي، فقد جاء عند الطبراني في معجمه الكبير 5/215 عن زيد بن أرقم قال: انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فقال:

أنا النبي لا كذب

أنا ابن عبد المطلب

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 6/182: "رواه الطبراني ورجاله ثقات".

5 العنان: ككتاب: سير اللجام الذي تمسك به الدابة، جمعه أعنة وعنن. (القاموس المحيط 4/249) .

وثبت في الأحاديث المستفيضة أن الذي كان ملازما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآخذا بلجام البغلة وركابها هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وكان العباس هو الذي نادى المهاجرين والأنصار، ولعل هؤلاء الثلاثة كانوا يتناوبون ذلك أو أن كل واحد منهم آخذا من جهة.

6 قوله: "على بغلة شهباء"، وكذا جاء في حديث عند الطبراني في الأوسط، وفي حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم، وفي حديث البراء عند أبي يعلى والروياني، وحديث العباس عند ابن سعد وأحمد والطبري والعسكري في الأمثال، وحديث عبد الرحمن مولى أم برثن عند الطبري. قال ابن حجر: وقع عند مسلم من حديث العباس "وكان على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي"، وله من حديث سلمة بن الأكوع "وكان على بغلته الشهباء".

ووقع عند ابن سعد وتبعه جماعة ممن صنفوا في السيرة أنه كان على بغلته "دلدل" - بدالين مضمومتين- وفيه نظر، لأن "دلدل" أهداها له المقوقس.

وقد ذكر القطب الحلبي: أنه استشكل عند الدمياطي ما ذكره ابن سعد، فقال له: كنت تبعته فذكرت ذلك في السيرة، وكنت حينئذ سيريا محضا، وكان ينبغي لنا أن نذكر الخلاف، ثم قال القطب الحلبي: يحتمل أن يكون يومئذ ركب كلا من البغلتين إن ثبت أنها كانت صحبته، وإلا فما في الصحيح أولى.

ثم قال ابن حجر: وقد أغرب النووي فقال: وقع عند مسلم "على بغلته البيضاء"، وفي أخرى "الشهباء" وهي واحدة، ولا نعرف له بغلة غيرها، قال ابن حجر: وتعقب بـ: "دلدل" فقد ذكرها غير واحد، لكن قيل: إن الاسمين لواحدة. وقال في حديث أنس بن مالك الذي فيه "أن ملك أيلة أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء"، قال: ومما ينبه عليه هنا أن البغلة البيضاء التي كان عليها في حنين غير البغلة البيضاء التي أهداها له ملك أيلة، لأن ذلك كان في تبوك، وغزوة حنين كانت قبلها، وقد وقع في مسام من حديث العباس أن البغلة التي كانت تحته في حنين أهداها له فروة بن نفاثة، وهذا هو الصحيح.

وذكر أبو الحسين بن عبدوس أن البغلة التي ركبها يوم حنين "دلدل" وكانت شهباء أهداها له المقوقس، وأن التي أهداها له فروة يقال لها: فضة، ذكر ذلك ابن سعد، والصحيح ما في مسلم. إهـ. كلام ابن حجر.

وقال الزرقاني: "وقع في رواية لأحمد وأبي داود وغيرهما من حديث أبي عبد الرحمن الفهري أنه صلى الله عليه وسلم كان يومئذ على فرس. قال الشامي: وهي شاذة، والصحيح أنه كان على بغلة".

ثم قال الزرقاني: "ويحتمل أنه عبر عنها بالفرس مجازا لشبهها به في الإقدام، بحيث كان العباس يكفها، ونزوله بعد انخفاضها به، وأخذه الحصى ورميهم به، فلا تنافي".

(انظر: ابن حجر: فتح الباري 6/75 و8/30، والنووي: شرح صحيح مسلم 4/400-401، وابن سعد: الطبقات الكبرى 2/150، والزرقاني شرح المواهب اللدنية 3/9- 10، 13- 14، والسهيلي: الروض الأنف 7/217) .

ص: 171

"ويحك1 ادع الناس"، فنادى زيد: يا أيها الناس! هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكم، فلم يجئ أحد، فقال: ويحك خص الأوس والخزرج، فنادى: يا معشر الأوس والخزرج! هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكم، فلم يجئ أحد، فقال: ويحك خص المهاجرين فإن لي في أعناقهم بيعة، قال: فحدثني بريدة أنه أقبل منهم ألف قد طرحوا الجفون حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشوا قدما حتى فتح الله عليهم".

قال البزار: لا نعلم رواه إلا بريدة، ولا رواه عن عبد الله إلا يوسف بن صهيب، وهو كوفي مشهور.

وقال الهيثمي وابن حجر: "رجاله ثقات"2.

ونسبه ابن كثير ليونس بن بكير فقال: وروى يونس بن بكير في مغازيه عن يوسف بن صهيب، عن3 عبد الله: أنه لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين إلا رجل واحد اسمه زيد4.

?- وعند أبي يعلى والطبراني من حديث أنس بن مالك: أنه لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث، وهذا سياقه عند أبي يعلى قال:

1 "ويحك" قال ابن الأثير: ويح كلمة ترحم وتوجع، تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، وقد يقال بمعنى المدح والتعجب، وهي منصوبة على المصدر، وقد ترفع وتضاف ولا تضاف. (النهاية 5/235) .

(الهيثمي: كشف الأستار2/347-348، ومجمع الزوائد6/181، وابن حجر: مختصر زوائد مسند البزار ص250-251،رقم (816)،والمطالب العالية 4/250) . وعلي المتقي الهندي: منتخب كنْز العمال 4/167 مع "مسند أحمد".

3 وقع في البداية والنهاية: "بن" وهو خطأ، والصواب "عن" كما تقدم في أول هذا الحديث.

(البداية والنهاية 4/332) .

ص: 172

71-

حدثنا محمد1 بن أبي بكر، ثنا عمرو2 بن عاصم، ثنا أبو العوام، عن معمر3، عن الزهري4، عن أنس قال:"لما كان يوم حنين انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث". الحديث5.

قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط ورجالهما رجال الصحيح، غير عمران بن دوار6 وهو أبو العوام، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه ابن معين وغيره".

قلت: يشهد له حديث العباس، فقد أخرج الحاكم من طريق ابن أبي عمر7:

72-

ثنا سفيان8، عن الزهري، عن كثير9 بن عباس بن عبد المطلب عن أبيه10 قال: "شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلقد رأيته وما معه إلا أنا وأبو

1 محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدّم - بوزن محمد - المقدّمي - بالتشديد - أبو عبد الله الثقفي، مولاهم البصري ثقة من العاشرة (ت 234) /خ م س. (التقريب2/148، وتهذيب التهذيب9/279،والمغني لابن طاهر الهندي ص74) .

2 عمرو بن عاصم بن عبيد الله الكلابي، القيسي أبو عثمان البصري، صدوق، في حفظه شيء، من صغار التاسعة (ت 213) /ع. (التقريب 2/72، وتهذيب التهذيب 8/58) .

وفي هدي الساري ص431 قال: وثقه ابن معين والنسائي، وقال أبو داود: لا أنشط لحديثه.

ثم عقب ابن حجر بقوله: قد احتج به أبو داود في السنن والباقون.

3 معمر بن راشد الأزدي، مولاهم، أبو عروة البصري، نزيل اليمن ثقة ثبت، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئا، وكذا فيما حدث به بالبصرة، من كبار السابعة (ت 1549 /ع. (التقريب 2/266، وتهذيب التهذيب 10/243) .

4 تقدمت ترجمة أنس والزهري في رقم (22) و (32) .

5 أبو يعلى: (المسند 3/338ب رقم (303) . والهيثمي (مجمع البحرين 2/243 رقم (77) ، ومجمع الزوائد 6/180- 181) .

6 قال عنه ابن حجر: همران بن دوار - بفتح الواو بعدها راء - أبو العوام القطان البصري، صدوق يهم، ورمي برأي الخوارج، من السابعة (ت 160- 170) /خت عم. (التقريب 2/83، وتهذيب التهذيب8/130) .

7 هو: محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، نزيل مكة، صدوق صنف المسند، وكان لازم ابن عيينة، لكن قال أبو حاتم:"كانت فيه غفلة"، من العاشرة (ت234) /م ت س ق. (التقريب 2/218، وتهذيب التهذيب 9/518) .

8 سفيان: هو ابن عيينة، تقدمت ترجمته في حديث (51) .

9 كثير بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، أبو تمام، صحابي صغير مات بالمدينة أيام عبد الملك. /خ م د س. (التقريب 2/132، وتهذيب التهذيب 7/420- 421) .

10 عباس بن عبد المطلب بن هاشم، عم النبي صلى الله عليه وسلم، مشهور، (ت 32) أو بعدها. /ع. (التقريب 1/397- 398، وتهذيب التهذيب 5/122) .

ص: 173

سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكبها وأبو سفيان لا يألو أن يسرع نحو المشركين" 1 ثم قال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وسكت عنه الذهبي.

د- وعند ابن ابي شيبة من مرسل الحكم2 بن عتيبة قال:

73-

لما فر الناس يوم حنين جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

"أنا النبي لا كذب

أنا بن عبد المطلب

فلم يبق معه إلا أربعة نفر، ثلاثة من بني هاشم، ورجل من غيرهم، علي، والعباس بين يديه، أبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان، وابن مسعود من الجانب الأيسر، قال: وليس يقبل نحوه أحد إلا قتل3" 4.

?- وفي حديث جابر بن عبد الله عند ابن إسحاق ما يدل على أنه بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة، وهذا سياقه: قال:

لما استقبلنا وادي حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف خطوط إنما ننحدر فيه انحدارا – قال: وفي عماية الصبح، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي، فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه، وقد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا، فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدّوا علينا شدة رجل واحد، وانشمر الناس راجعين، لا يلوي أحد على أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، ثم قال: أين أيها5 الناس؟ هلموا إليّ، أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله، قال: فلا شيء، حملت الإبل بعضها على بعض فانطلق الناس، إلا أنه قد بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر6 من المهاجرين والأنصار وأهل بيته.

(المستدرك 3/255) .

2 الحكم بن عتيبة - بفوقية ثم موحدة مصغرا - أبو محمد الكندي، الكوفي، ثقة ثبت فقيه، إلا أنه ربما دلس، من الخامسة (ت 113) أو بعدها. /ع. (ابن حجر: التقريب 1/192) .

3 قال الزرقاني: قوله "وليس يقبل نحوه أحد إلاّ قتل": أي بقتل الملائكة على المتبادر من أنه لم يبق إلاّ هؤلاء الأربعة، وبين ما انشغلوا به. وتقدم حديث عبد الرحمن فتلقانا عند صاحب البغلة رجال بيض الوجوه حسان. (شرح المواهب 3/15، 18، وانظر حديث (88) .

4 ابن حجر: (فتح الباري 8/29، والزرقاني: شرح المواهب 3/18) .

5 خطاب للصحابة.

6 النفر: اسم جمع بقع على الجماعة من الرجال خاصة، ما بين الثلاثة إلى العشرة، ولا واحد له من لفظه. (ابن الأثير: النهاية 5/93) .

ص: 174

وفيمن ثبت معه من المهاجرين: أبو بكر، وعمر.

ومن أهل بيته: علي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث وابنه1، والفضل بن العباس، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، وأيمن بن عبيد. الحديث2.

والحديث رواه أحمد والطبري والبيهقي: الجميع من طريق ابن إسحاق، ولم يذكروا "ابن أبي سفيان:".

و وعند أحمد والبزار والطبراني والحاكم من حديث عبد الله بن مسعود أن الذين ثبتوا يوم حنين كانوا ثمانين، وهذا سياقه عند أحمد قال:

74-

ثنا عفان3، ثنا عبد الواحد4 بن زياد، ثنا الحارث5 بن حصيرة، ثنا القاسم6 بن عبد الرحمن، عن أبيه7 قال: قال عبد الله بن مسعود: كنت مع رسول

1 قال ابن هشام: اسم ابن أبي سفيان بن الحارث: "جعفر"، وبعض الناس يعد فيهم قثم بن العباس، ولا يعد ابن أبي سفيان. (السيرة النبوية 2/443) .

2 تقدم تخريج الحديث برقم (58) .

3 عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، أبو عثمان الصفار، البصري، ثقة ثبت، قال ابن المديني: كان إذا شك في حرف من الحديث تركه، وربما وهم.

وقال ابن معين: "أنكرناه في صفر سنة (219) " ومات بعدها بيسير. من كبار العاشرة. /ع. (التقريب 2/25، وتهذيب التهذيب 7/230) .

4 عبد الواحد بن زياد، العبدي، مولاهم، البصري، ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده فيه مقال، من الثامنة (ت176) /ع. (التقريب1/526، وتهذيب التهذيب6/434) .

5 الحارث بن حصيرة - بفتح المهملة وكسر المهملة بعدها - الأزدي، أبو نعمان الكوفي، صدوق يخطئ، ورمي بالرفض، من السادسة، وله ذكر في مقدمة مسلم. /بخ س ص. (ابن حجر: التقريب 1/140، وتهذيب التهذيب 2/140) . ووقع في البداية والنهاية لابن كثير4/332:"الحارث بن حصين" بالنون، وهو خطأ.

6 القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود المسعودي، أبو عبد الرحمن الكوفي، القاضي، ثقة عابد، من الرابعة (ت 120) أو بعدها /خ عم. (ابن حجر: التقريب 2/118، وتهذيب التهذيب 8/321) .

7 هو عبدا لرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي، الكوفي، ثقة من صغار الثانية (ت79) وقد سمع من أبيه، لكن شيئاً يسيراً. /ع. (المصدر السابق1/488،6/215) .

وقد وقع في التقريب الطبعة المصرية خطأ في الرمز حيث رمز له بـ ق، والصواب "ع" كما في:(تهذيب التهذيب، وميزان الاعتدال 2/573. والخلاصة للخزرجي 2/141) .

ص: 175

الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، قال: فولى1 عنه الناس وثبت معه ثمانون رجلا من المهاجرين والأنصار فنكصنا2 على أقدامنا نحوا من ثمانين قدما ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله عز وجل عليهم السكينة3، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته يمضي قدما فحادت4 به فمال عن السرج فقلت له: "ارتفع رفعك الله" الحديث5.

والحديث رواه البزار والطبراني والحاكم: كلهم من طريق عفان ابن مسلم به6.

وأورده الهيثمي ثم قال: رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحارث بن حصيرة وهو ثقة7.

وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".

وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: الحارث وعبد الواحد ذوا مناكير، وهذا منها، ثم فيه إرسال".

والحديث أعله الذهبي بأنه من مناكير عبد الواحد8 والحارث، وبالإرسال.

وعبد الواحد الذي يقول فيه الذهبي إنه صاحب مناكير، قد وثقه أئمة هذا الشأن حيث نقل توثيقه عن يحيى بن معين، وأبي زرعة9، وأبي حاتم10، وابن

1 وعند الطبراني والحاكم: "فولى عنه الناس وبقيت معه في ثمانين رجلا من المهاجرين والأنصار".

وعند البزار: "فتفرق الناس وبقيت في ثمانين".

2 فنكصنا: النكوص: الرجوع على وراء وهو القهقرى. (ابن الأثير: النهاية5/116) . وعند الطبراني: "فتنكصنا"، وعند الحاكم:"فكنا".

3 السكينة: الوقار والتاني في الحركة والسير، وقيل: السكون والرحمة، وقيل غير ذلك. (ابن الأثير: النهاية 2/385- 386) .

4 حاد عن شيء والطريق يحيد إذا عدل، إراد أن البغلة نفرت وتركت الجادة. (ابن الأثير: النهاية 1/466) .

5 أحمد: (المسند 1/453، وابن كثير: البداية والنهاية 4/332 وقال: "تفرد به أحمد") .

6 البزار: كما في (كشف الأستار 2/382) . و (الطبراني: المعجم الكبير 10/209، والحاكم: المستدرك 2/117. والبيهقي: دلائل النبوة 3/44- 45. والسيوطي: الدر المنثور 3/224) .

(مجمع الزوائد 6/180 وفي 10/403 قال: عن الحارث "وثق".

8 وقع في حاشية المستدرك "عبد الله" وهو خطأ.

9 هو: عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فرّوخ، أبو زرعة الرازي، إمام حافظ ثقة مشهور، من الحادية عشرة (ت 264) /م ت س ق. (التقريب 1/536، وتهذيب التهذيب 7/30) .

10 هو: محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أبو حاتم الرازي، أحد الحفاظ، من الحادية عشرة (ت 277) /د س. (التقريب2/143،وتهذيب التهذيب9/31) .

ص: 176

سعد1، والنسائي، وأبي داود، والعجلي2، والدارقطني، وابن حبان.

وقال ابن عبد البر: "لا خلاف بينهم أنه ثقة ثبت".

وقال ابن القطان الفاسي3: "ثقة لم يعتل عليه بقادح، ولكن أشار يحيى"4 القطان إلى لينه، فروى ابن المديني عنه أنه قال: ما رأيته طلب حديثا قط وكنت أذاكره بحديث الأعمش فلا يعرف منه حرفا.

قال ابن حجر: "وهذا غير قادح لأنه كان صاحب كتاب، وقد احتج به الجماعة"5.

قلت: والذهبي نفسه أورد قول يحيى بن القطان في "سير أعلام النبلاء" وعقب عليه بقوله: قلت: قد كان عبد الواحد من علماء الحديث، وحديثه مخرج في الصحاح6.

وفي "تذكرة الحفاظ" قال عنه: عبد الواحد بن زياد الإمام الفقيه.. وثقه أحمد وغيره، وأما ابن حبان فقال: ليس بشيء، ثم عقب على هذا بقوله: قلت: كان عالما صاحب حديث وله أوهام ولكن حديثه محتج به في الكتب. ا?7.

قلت: وأكثر ما نقموا عليه حديثه عن الأعمش، وحديث الباب ليس من حديثه عن الأعمش.

فعلى هذا فقول الذهبي بأن عبد الواحد صاحب مناكير وأن هذا الحديث منها فيه نظر.

1 محمد بن سعد بن منيع الهاشمي مولاهم، البصري، نزيل بغداد، كاتب الواقدي، صدوق فاضل، من العاشرة (ت 230) /د. (التقريب 2/163، وتهذيب التهذيب 9/182) .

2 هو: الإمام الحافظ القدوة أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي، نزيل طرابلس المغرب، حدّث عنه ولده صالح بمصنفه في الجرح والتعديل، وهو كتاب مفيد يدل على سعة حفظه، كانوا يعدونه مثل أحمد ويحيى بن معين (182-261) . (الذهبي: تذكرة الحفاظ 2/560- 561) .

3 هو: أبو الحسن علي بن محمد - تقدمت ترجمته في حديث (63) .

4 يحيى بن سعيد بن فرّوخ - بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة وسكون الواو ثم معجمة - التميمي، أبو سعيد القطان البصري، ثقة متقن حافظ، إمام قدوة من كبار التاسعة (ت 198) /ع. (التقريب 2/348، وتهذيب التهذيب 11/216) .

(ابن حجر: هدي الساري ص422، وتهذيب التهذيب 6/434، وابن ابي حاتم: الجرح والتعديل 6/20) .

(سير أعلام النبلاء 9/8، وتذكرة الحفاظ 1/258) .

(سير أعلام النبلاء 9/8، وتذكرة الحفاظ 1/258) .

ص: 177

وأما الحارث فوثقه قوم وضعفه آخرون ورمي بالتشيع.

وحديث الباب ليس فيه ما يدعو على التشيع.

وقد توسط فيه ابن حجر فقال: "صدوق يخطئ ورمي بالرفض".

وأما الإرسال1: فقد اختلف العلماء في سماع عبد الرحمن من أبيه، فمنهم من نفاه مطلقا، ومنهم من أثبته مطلقا، ومنهم من قال: سمع حديثا، ومنهم من قال: سمع حديثين، وقال ابن حجر:"سمع من أبيه لكن شيئا يسيراً".

وذلك لأن عبد الرحمن عند وفاة أبيه كان عمره ست سنوات وهو وقت يمكن أن يسمع فيه بعض الأحاديث، ويصعب الجزم بأن حديث الباب من المسموع لأنهم لم ينصوا على ذلك، وإذا كان الحديث مرسلا فيكون ضعيفا لكن يشهد له حديث حارثة2 بن النعمان وهو ما اورده ابن حجر في ترجمته فقال:

75-

وروى ابن شاهين3 من طريق المسعودي4، عن الحكم5، عن القاسم6،: أن حارثة أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يناجي رجلا ولم يسلّم، فقال جبرائيل: "أما

1 المراد بالإرسال هنا: الانقطاع بين عبد الرحمن وأبيه، لأن المرسل يطلق على كل ما لم يتصل إسناده عند بعض علماء الحديث، وهو المشهور عند الفقهاء والأصوليين. (تدريب الراوي للسيوطي ص118) .

2 حارثة بن النعمان بن رافع أو نفيع بن زيد بن عبد بن ثعلبة الأنصاري، أبو عبد الله المدني، شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها ورأى جبريل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليهما وكان من الفضلاء، يقال توفي في خلافة معاوية بن أبي سفيان. وقد ورد عند أحمد بإسناد صحيح، وهو عند الطبراني أيضا أن حارثة سلم على جبريل ورد جبريل عليه السلام. (ابن حجر: الإصابة 1/298- 299. وأحمد: المسند: 5/433، والطبراني المعجم الكبير 3/257. وأبو نعيم: حلية الأولياء 1/356) .

3 هو: الحافظ الإمام المفيد المكثر محدث العراق، أبو حفص: عمر بن أحمد بن عثمان ابن أحمد البغدادي، الواعظ المعروف بابن شاهين، صاحب التصانيف منها: التفسير الكبير ألف جزء، والمسند ألف وثلاثمائة جزء، والتاريخ مائة وخمسون جزءا وغيرها. (297-385هـ) . (الذهبي: تذكرة الحفاظ 3/987- 989) .

4 هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي، المسعودي صدوق، اختلط قبل موته، وضابطه: أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط. من السابعة (ت 160 وقيل: 165) /خت عم. (ابن حجر: التقريب 1/487، وتهذيب التهذيب 6/2109.

5 الحكم هو ابن عتيبة. ثقة ثبت، تقدم في حديث (73) .

6 القاسم: الظاهر أنه ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود فإنه شيخ المسعودي، والحكم بن عتيبة شيخ المسعودي، وعلى هذا فيحتمل أن المسعودي تارة رواه عن الحكم بن عتيبة عن القاسم وتارة رواه عن القاسم مباشرة، غير أن الحكم بن عتيبة شيخه القاسم بن مخيمرة، وهو من الثالثة، والقاسم بن عبد الرحمن من الرابعة، وكلاهما ثقة وقد قال ابن المديني: القاسم بن عبد الرحمن لم يلق من الصحابة غير جابر بن سمرة.

وقال ابن معين: "القاسم بن مخيمرة لم يصح أنه سمع من أحد من الصحابة، وعلى هذا فإن الحديث منقطع سواء أكان القاسم هو ابن عبد الرحمن أو ابن مخيمرة". (المزي: تهذيب الكمال 4/400، 6/556، 559)

ص: 178

أنه لو سلم لرددنا عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبرائيل: وهل تعرفه؟ فقال نعم، هذا من الثمانين الذين صبروا يوم حنين رزقهم ورزق أولادهم على الجنة" 1.

ورواه الحارث2 من وجه آخر عن المسعودي، فقال: عن القاسم3، عن الحارث بن النعمان كذا قال.

ورواه الطبراني من طريق ابن أبي ليلى4، عن الحكم5، عن مقسم6، عن ابن عباس، فذكر نحوه7.

قلت: الحديث المشار إليه عند الطبراني هذا سياقه:

76-

قال: حدثنا محمد8 بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد9 بن عمران بن أبي ليلى، حدثني أبي10، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم عن ابن عباس

1 ابن حجر: الإصابة1/299وعند الطبراني:"رزقهم ورزق أولادهم على الله في الجنة".

2 الحارث: هو الحارث بن محمد بن أبي أسامة، داهر الإمام أبومحمد التميمي، البغدادي، صاحب المسند (186-282 هـ) . (الذهبي: تذكرة الحفاظ 2/619-620) .

3 القاسم: هو ابن عبد الرحمن، وهو شيخ المسعودي، فيكون المسعودي تارة روى عنه مباشرة، وتارة عنه بواسطة (الحكم بن عتيبة) .كما تقدم ص:178 تعليقة (6) .

4 هو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي القاضي، أبو عبد الرحمن صدوق، سيء الحفظ جدا، من السابعة (ت248) عم. (ابن حجر: التقريب2/184، والتهذيب 9/301) .

5 الحكم هو: ابن عتيبة.

6 مقسم - بكسر أوله - ابن بجرة - بضم الموحدة وسكون الجيم - ويقال: نجدة - بفتح النون وبدال - أبو القاسم، مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له: مولى ابن عباس، للزومه له، صدوق، وكان يرسل، من الرابعة (ت 101) وما له في البخاري سوى حديث واحد. /خ عم. (المصدر السابق 2/273، 10/288) .

7 ابن حجر: الإصابة 1/299.

8 محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، الحافظ الكبير - مطَيَّن، محدث الكوفة، كان من أوعية العلم، حدث عنه الطبراني وأبو بكر الإسماعيلي وغيرهم (202- 297هـ) . (الذهبي: تذكرة الحفاظ 2/662) .

9 محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق، من العاشرة. / بخ ت. (ابن حجر: التقريب 2/197، وتهذيب التهذيب 9/381) .

10 عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، مقبول، من الثامنة /ت ق. (المصدر السابق 2/84، 8/137 وقال: ذكره ابن حبان في الثقات) .

ص: 179

قال: "مرّ حارثة بن النعمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل عليه السلام، يناجيه، فلن يسلم، فقال جبريل عليه السلام: "ما منعه أن يسلم، إنه لو سلم لرددت عليه، ثم قال: أما إنه من الثمانين"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما الثمانون؟ ". قال: يفر الناس عنك غير ثمانين يصبرون معك، رزقهم ورزق أولادهم على الله في الجنة، فلنا رجع حارثة سلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا سلمت حين مررت؟ ". قال: "رأيت معك إنسانا فكرهت أن أقطع حديثك، قال::فرأيته؟ " قال: نعم، قال: "ذاك جبريل عليه السلام، وقد قال: فأخبره بما قال جبريل عليه السلام" 1.

والحديث قال فيه الهيثمي: "رواه الطبراني والبزار بنحوه وإسناده حسن، رجالهم كلهم وثقوا وفي بعضهم خلاف"2.

وعند البيهقي بطريق مرسل وفيه راو لم أجد ترجمته3 عن حارثة بن النعمان: حزرت من بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فقلت: مائة واحدة4.

وعند الواقدي: ويقال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انكشف الناس، قال لحارثة بن النعمان: "يا حارثة كم ترى الذين ثبتوا؟ قال: فلما التفت ورائي تحرجا، فنظرت عن يميني وشمالي فحزرتهم مائة، فقلت يا رسول الله هم مائة! حتى كان يوم مررت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يناجي جبريل عليه السلام عند باب المسجد، فقال جبريل عليه السلام: من هذا يا محمد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حارثة بن النعمان، فقال جبريل عليه السلام: هذا أحد المائة الصابرة يوم حنين، لو سلم لرددت عليه السلام، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما كنت أظنه إلا دحية الكلبي واقفا معك 5.

ز- وعند الترمذي: من حديث ابن عمر أن الثابتين يوم حنين نحو المائة، وهذا نصه:

1 الطبراني: المعجم الكبير 3/257، والواقدي: المغازي 3/901.

2 مجمع الزوائد 9/314.

3 هو محمد بن عمرو بن خالد أبو علاثة.

(البيهقي: دلائل النبوة 3/45، وانظر: البلاذري: أنساب الأشراف ص: 364- 365، وابن سعد: الطبقات الكبرى 3/487- 488) .

(الواقدي: المغازي 3/900- 901) .

ص: 180

77 حدثنا محمد1 بن عمر بن علي المقدمي، حدثني أبي2، عن سفيان3 بن حسين، عن عبيد الله4 بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قالك "لقد رأيتنا يوم حنين وإن الفئتين لموليتان وما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل"5.

ثم قال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث عبيد الله، لا نعرفه ألا من هذا الوجه.

قال المباركفوري: قوله: "وإن الفئتين لموليتان"، كذا في النسخ الحاضرة، وأورد الحافظ هذا الحديث في الفتح نقلا عن الترمذي وفيه:"وإن الناس لملون"6 مكان "وإن الفئتين لموليتان"7.

والحديث فيه عمر بن علي المقدمي وهو مدلس وقد عنعن.

وقد وضعه ابن حجر في المرتبة الرابعة من مراتب المدلّسين، وهي المرتبة التي لا يحتج بشيء من حديث من أصحابها إلا بما صرحوا فيه بالسماع، لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل8.

والحديث حسنه الترمذي وابن حجر وجمع بينه وبين حديث ابن مسعود، وهذا

1 محمد بن عمر بن علي بن عطاء بن مقدم - بوزن محمد - المقدمي - بالتشديد - البصري، صدوق من صغار العاشرة. /عم. (ابن حجر: التقريب 2/194، والتهذيب 9/361) .

2 هو: عمر بن علي بن عطاء بن مقدم، كان يدلس شديدا، من الثامنة (ت 190) وقيل: بعدها. /ع. (المصدر السابق 2/61، 7/485- 486) .

3 سفيان بن حسين بن حسن، أبو محمد، أو أبو الحسن الواسطي، ثقة، في غير الزهري باتفاقهم، من السابعة (ت بالري مع المهدي، وقيل: في أول خلافة الرشيد) /خت م عم. (المصدر السابق 1/310 و4/107- 108) .

4 عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، المدني، أبو عثمان، ثقة ثبت، قدمه أحمد بن صالح على مالك في نافع، وقدمه ابن المعين في القاسم عن عائشة، على الزهري عن عروة عنها، من الخامسة (ت بضع وأربعين بعد المائة على الصحيح) /ع. (ابن حجر: التقريب 1/537، والتهذيب 7/38) .

(الترمذي: السنن 3/117 كتاب الجهاد، باب ما جاء في الثبات عند القتال.

قال ابن حجر: وعند أبي نعيم: "تفصيل المائة: بضعة وثلاثون من المهاجرين، والبقية من الأنصار". (فتح الباري 8/29، الزرقاني: شرح المواهب اللدنية 3/11، 18) .

وكذا عند الواقدي: (المغازي 3/901) .

6 في الفتح، وتحفة الأحوذي:"وإن الناس لمولين"، وعند الزرقاني في شرح المواهب 3/18:"وإن الناس لمولون"، ثم قال: جملة في موضع نصب مفعول رأى الثاني.

(تحفة الأحوذي 5/336) .

8 ص38.

ص: 181

نص كلامه قال: وروى الترمذي من حديث ابن عمر بإسناد حسن قال: "لقد رأيتنا يوم حنين وإن الناس لمولون، وما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل".

ثم قال: وهذا أكثر ما وقفت عليه من عدد من ثبت يوم حنين1.

ثم قال: وروى أحمد والحاكم من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ثم ساق الحديث وقال في نهايته:"وهذا لا يخالف حديث ابن عمر فإنه نفى أن يكونوا مائة، وابن مسعود أثبت أنهم كانوا ثمانين". ا?2.

وعلى هذا الجمع يكون حديث ابن عمر مؤيدا لحديث ابن مسعود.

والخلاصة: أن الأحاديث اختلفت في عدد الثابتين يوم حنين كما تقدم إيضاح ذلك، وعلى إثر ذلك اختلفت أقوال العلماء تبعا لهذه الآثار وخلاصة ما ورد في الآثار:

أ- أن الذين ثبتوا يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة3. كما ورد في حديث الحكم بن عتيبة.

ب- وفي بعضها: عشرة، كما في حديث جابر بن عبد الله عند ابن إسحاق.

ج_ أو اثنا عشر4.

د- أو كانوا ثمانين، كما في حديث ابن مسعود وحارثة بن النعمان.

?- أو أنهم نحو مائة وهو الوارد في حديث عبد الله بن عمر، وهو قريب من الوارد في حديث عبد الله بن مسعود وحارثة بن النعمان.

1 وقع في التعليق على جامع الأصول لابن الأثير 8/405 يوم "أحد" وهو خطأ.

(فتح الباري 8/29- 30، وانظر: شرح المواهب اللدنية للزرقاني 3/18- 19) .

3 تقدم في حديث أنس بن مالك أن الصحابة أدبروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بقي وحده. وفي حديث بريدة بن الحصيب أنه بقي رجل يقال له: زيد. انظر الحديث (40 و70) .

4 قال الزرقاني: وبهذا قال النووي، وكأنه أخذه من قول ابن إسحاق الذي رواه عن جابر قال: ثبت معه: أبو بكر، وعمر، وعلي، والعباس، وابنه الفضل، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، وأيمن بن عبيد، فهؤلاء عشرة، وتقدم في مرسل الحكم ذكر ابن مسعود، والثاني عشر يمكن تفسيره بعثمان بن عفان، فقد روى البزار عن أنس أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا ضرب كل منهم بضعة عشر ضربة. (شرح المواهب اللدنية 3/19، وانظر: حديث رقم (53) .

ص: 182

و أو كانوا مائة، ورد ذلك في حديث حارثة بن النعمان أيضا، عند الواقدي والبيهقي1.

قال الزرقاني: وجمع شيخنا، بحمل الأربعة على من بقي معه آخذا بركابه، والاثنى عشر والعشرة على المتلاحقين بسرعة، فمن قال اثنا عشر عد من كان معه أولا فيهم، ومن قال عشرة أراد الأربعة وستة ممن أسرع، وحمل الثمانين على الذين نكصوا على أقدامهم ولم يولوا الدبر، والمائة عليهم وعلى من انضم إليهم حين تقدموا إليه عليه السلام. إ?2.

وذكر ابن حجر بعض هذه الأقوال ثم قال: ووقع في شعر العباس ابن عبد المطلب:

نصرنا رسول الله في الحرب تسعة

وقد فر من فر عنه فأقشعوا

وعاشرنا3 وافي الحمام بنفسه

لما مسه في الله لا يتوجع

ثم قال: ولعل هذا هو الثابت، ومن زاد على ذلك يكون عجل في الرجوع فعد فيمن لم ينهزم. ا?4.

قلت: لعل ما قاله ابن حجر هو الصواب، ويؤيده ما ورد عند ابن إسحاق من حديث العباس بن عبد المطلب بإسناد صحيح قال:

إني لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بحكمة5 بغلته البيضاء قد شجرتها بها، قال: وكنت امرأ جسيما شديد الصوت، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين رأى ما رأى من الناس: "أين أيها الناس؟ فلم أر الناس يلوون على شيء، فقال العباس، اصرخ، يل معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة، قال: فأجابوا لبيك6 لبيك! قال: فيذهب الرجل ليثني بعيره، فلا يقدر على ذلك، فيأخذ درعه، فيقذفها في عنقه،

1 انظر: شرح المواهب اللدنية 3/19- 20، والسيرة الحلبية 3/65.

(شرح المواهب اللدنية 3/1920، والسيرة الحلبية 3/65) .

3 هو: أيمن بن عبيد، وافى الحمام أي قتل شهيدا في المعركة.

(ابن حجر: فتح الباري 8/29-30) .

5 الحكمة: حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحنكه تمنعه من مخالفة راكبه، وشجرتها بها: أي وضعتها في شجرها، أكفها بها والشجر: مفتح الفم، وقيل الذقن. (ابن الأثير: النهاية 1/420، 2/446) .

6 لبيك: هو من التلبية وهي إجابة المنادي، ولم يستعمل إلا على لفظ التثنية في معنى التكرير: أي إجابة بعد إجابة. (المصدر السابق 4/222) .

ص: 183

ويأخذ سيفه وترسه، ويقتحم عن بعيره، ويخلي سبيله، فيؤم الصوت، حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس فاقتتلوا". الحديث1.

فهذا يدل على ان بعضهم عاد بسرعة إلى المعركة فكأنه لم ينهزم، وممن صرح باسمه لأنه ثبت يوم حنين غير من تقدم2:

قثم بن العباس، وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب، وعبد الله بن الزبير، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وعقيل بن أبي طالب، وشيبة بن عثمان الحجبي، وأبو دجانة – سماك بن خرشة الأنصاري – وأبو طلحة – زيد بن سهل الأنصاري – وسعد بن عبادة، وأسيد بن حضير، وأبو بشر المازني الأنصاري.

ومن النساء:

أم سليم - والدة أنس بن مالك -، وأم عمارة - يقال اسمها نسيبة بنت كعب بن عمرو الأنصارية، والدة عبد الله بن زيد -، وأم الحارث - جدة عمارة بن غزية الأنصارية-، وأم سليط - والدة سليط بن أبي سليط بن أبي حارثة.

هؤلاء الذين نص على أسمائهم بأنهم ثبتوا يوم حنين، وهم مفرقون في الأحاديث، ومنهم من نص عليه في ترجمته3.

وقد تحقق لدي من خلال هذه الروايات الكثيرة المتباينة في ظاهرها حول رصد الذين ثبتوا يوم حنين من المسلمين، أن أولى الأقوال بالقبول هو قول (ابن حجر) ولا تنافي بين العشرة المذكورين في شعر العباس، وبين القول أنهم كانوا اثني عشر لتقارب العدد في ذلك، ولا شك أن هول الموقف وشدة الأزمة أديا إلى هذا الاختلاف في النظر إلى عدد الذين صمدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن المقبول قوله في ذلك هو العباس لأنه أعلم من غيره، حيث كان أبرز الثابتين يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينادي في الناس، فكان قوله مقدما على غيره، ومن قال بأنهم ثمانون أو مائة يحمل على المسرعين في إجابة نداء العباس، وهذا ما أرجحه في هذه المسألة. والله أعلم.

1 ابن هشام: السيرة النبوية 2/444- 445.

2 في الأحاديث الآنفة الذكر، وانظر: منتخب كنز العمال 4/167 مع مسند أحمد، والمستدرك للحاكم 3/274.

3 الزرقاني: شرح المواهب 3/19.

ص: 184