المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: الاستعداد للمعركة - مرويات غزوة حنين وحصار الطائف - جـ ١

[إبراهيم بن إبراهيم قريبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: في الحديث عن غزوة حنين

- ‌الفصل الأول: في مقدمات الغزوة

- ‌المبحث الأول: سبب الغزوة

- ‌المبحث الثاني: الاستعداد للمعركة

- ‌الفصل الثاني: في المسير إلى حنين

- ‌المبحث الأول: تاريخ الغزوة

- ‌المبحث الثاني: في تعيين الأمير على مكة:

- ‌المبحث الثالث: عدد الجيش الإسلامي في هذه الغزوة:

- ‌المبحث الرابع: استعداد هوازن العسكري:

- ‌المبحث الخامس: تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالنصر، وبيان فضل الحراسة في سبيل الله:

- ‌المبحث السادس: بقايا من رواسب الجاهلية:

- ‌المبحث السابع: بيان من قال في هذه الغزوة "لن نغلب اليوم من قلة

- ‌الفصل الثالث: في وصف المعركة

- ‌المبحث الأول: سبب هزيمة المسلمين في بداية المعركة

- ‌المبحث الثاني: مواقف مريبة إثر انكشاف المسلمين في بادئ الأمر:

- ‌المبحث الثالث: عدد الثابتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين:

- ‌المبحث الرابع: عوامل انتصار المسلمين في حنين:

- ‌الفصل الرابع: ما أسفرت عنه معركة حنين من ضحايا وغنائم

- ‌المبحث الأول: خسائر المشركين في هذه الغزوة

- ‌المبحث الثاني: إصابات المسلمين في هذه الغزوة

- ‌الباب الثاني: ملاحقة فلول المشركين والأحداث التاريخية التي أعقبت ذلك

- ‌الفصل الأول: تعقب الفارين نحو نخلة وأوطاس

- ‌المبحث الأول: التوجه نحو نخلة

- ‌المبحث الثاني: سرية أوطاس

- ‌المبحث الثالث: موقف الشيماء وبجاد

- ‌الفصل الثاني: في غزوة الطائف

- ‌المبحث الأول: حصار الطائف

- ‌المبحث الثاني: ما صدر من التعليمات العسكرية للمسلمين في حصار - الطائف

- ‌المبحث الثالث: عدد القتلى من الفريقين في غزوة الطائف

- ‌المبحث الرابع: فك الحصار عن الطائف والعودة إلى الجعرانة

- ‌الفصل الثالث: في تقسيم الغنائم

- ‌المبحث الأول: الفرق بين الغنيمة والفيئ والنفل

- ‌المبحث الثاني: جفاء الأعراب وغلظتهم

- ‌المبحث الثالث: اعتراض ذي الخويصرة التميمي على الرسول صلى الله عليه وسلم في قسم الغنائم

- ‌المبحث الرابع: في بيان حكمة توزيع الغنائم على قوم دون آخرين

- ‌المبحث الخامس: موقف الأنصار من توزيع الغنائم وخطبة الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم

الفصل: ‌المبحث الثاني: الاستعداد للمعركة

‌المبحث الثاني: الاستعداد للمعركة

إن الاستعداد والتأهب لملاقاة العدو والأخذ بالأسباب المادية أمر لازم، وسبب من أسباب النصر، وهو لا ينافي التوكل، إذ إن المسلم يؤمن إيمانا جازما بأن النصر من عند الله عز وجل، وهو في نفس الوقت يؤمن بأنه مأمور بالأخذ بالأسباب، وأخذ الحيطة، والتدابير اللازمة ضد عدوه، وقد أمر الله عز وجل بذلك في قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} .1

ومن هذا المنطلق فقد روى الترمذي من حديث الزبير بن العوام.

24-

قال: كان على النبى صلى الله عليه وسلم درعان يوم أحد، فنهض إلى الصخرة2 فلم يستطع، فأقعد طلحة تحته، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى استوى على الصخرة فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أوجب طلحة". ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد ابن إسحاق.

وفي الباب عن صفوان بن أمية، والسائب بن يزيد3.

وأعاد الحديث في كتاب المناقب بسنده ومتنه وقال: حسن صحيح غريب4.

قلت: الحديث عنعنه ابن إسحاق وهو مدلس ولكنه قد صرح بالتحديث عند الحاكم، ومن طريقه رواه البيهقي، ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي5.

1 سورة الأنفال _ آية: 60.

2 إلى الصخرة: أي صخرة كانت هناك يستوي عليها وينظر إلى الكفار، ويشرف على المؤمنين. (تحفة الأحوذي 5/341) .

3 السنن 3/119 أبواب الجهاد (باب ما جاء في الدرع) .

4 5/307 باب مناقب طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.

5 الحاكم: المستدرك 3/25، والبيهقي: السنن الكبرى 9/46.

ص: 90

25-

وحديث السائب1 بن يزيد أخرجه أبو داود عن يزيد2 أن خصيفة عن السائب، عن رجل3 قد سماه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحد بين درعين، أو لبس درعين4. وأخرجه الترمذي في الشمائل5.

والحديث سكت عنه المنذري6، وفيه إبهام وهو قوله عن رجل.

وأخرجه ابن ماجه: فقال: عن السائب بن يزيد إن شاء الله تعالى: أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد خذ درعين، كأنه ظاهر بينهما7. وهو عند أحمد أيضا فحدث به يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، مرة بالاستثناء، ومرة بدون استثناء8.

قال المباركفوري في أثناء شرحه للحديث: قوله: كان على النبي صلى الله عليه وسلم درعان "أي مبالغة في قوله تعالى: {خُذُوا حِذْرَكُمْ} ، [سورة النساء، من الآية:71] .وقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [سورة الأنفال، من الآية:60] . فإنها تشمل الدرع، وإن فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأقوى أفرادها حيث قال: ألا إن القوة الرمي، ثم قال: قال القاري9: وفيه إشارة إلى جواز المبالغة في أسباب المجاهدة وأنه لا ينافي التوكل والتسليم بالأمور الواقعة المقدرة"10.

1 السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي، وقيل في نسبه غير ذلك. يعرف بابن أخت النمر - بفتح فكسر - صحابي صغير، له أحاديث قليلة، وحج به في حجة الوداع، وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة (ت 91) وقيل قبل ذلك، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة. /ع. (ابن حجر: التقريب 1/283) .

2 يزيد بن عبد الله بن خصيفة - بمعجمة وصاد مهملة وفاء مصغرا - ابن عبد الله ابن يزيد الكندي، المدني، وقد ينسب لجده، ثقة من الخامس. /ع. (المصدر السابق 2/367) .

3 قوله: عن رجل (عند البيهقي: عن رجل من بني تيم، عن طلحة بن عبيد الله) . (السنن الكبرى 9/46) .

4 أبو داود: (السنن 2/30) ، كتاب الجهاد (باب في لبس الدروع) .

5 انظر: (الأطراف للمزي 3/263) ، حديث (3805) ، والإتحافات الربانية بشرح الشمائل المحمدية لأحمد عبد الجواد الدومي ص150.

6 محمد شمس الحق العظيم آبادي: (عون المعبود 7/253) .

7 ابن ماجه: (السنن 2/938)، وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقع هذا الحديث في سنن ابن ماجه من طريق هشام بن سوار، والصواب هشام بن عمار، فإن هشام بن سوار ليس من رجال التقريب.

8 أحمد: (المسند 3/449) .

9 هو الشيخ ملا علي القاري بن سلطان بن محمد الهروي الحنفي، الجامع للعلوم النقلية والعقلية، والمتضلع من السنة النبوية، أحد جماهير الأعلام ومشاهير أولي الحفظ والأفهام، توفي سنة (1014هـ) . (الشوكاني: البدر الطالع 1/445- 446، وكحالة: معجم المؤلفين 7/100- 101) .

10 (تحفة الأحوذي 5/341، وانظر: زاد المعاد لابن قيم الجوزية 3/480، وشرح المواهب اللدنية للزرقاني 3/10) .

ص: 91

ومن هنا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أراد الخروج إلى حنين لملاقاة جموع هوازن أرسل إلى صفوان بن أمية يطلب منه دروعا ليلقى فيها عدوه، كما تقدم ذلك من حديث جابر بن عبد الله1.

وقد جاء أيضا من حديث صفوان بن أمية نفسه عند أبي داود وغيره وهذا سياقه عند أبي داود:

26-

قال: حدثنا الحسن2 بن محمَّد، وسلمة3 بن شبيب، قالا: أخبرنا يزيد4 بن هارون، أخبرنا شريك5، عن عبد العزيز6 بن رفيع، عن أمية7 ابن صفوان بن أمية، عن أبيه8: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه أدرعا يوم حنين، فقال: أغصبا يا محمد؟ فقال: "لا، بل عارية مضمونة".

قال أبو داود: هذه رواية يزيد ببغداد، وفي روايته بواسط تغير على غير هذا9.

1 تقدم الحديث برقم (23) وهو حديث حسن.

2 الحسن بن محمد بن الصباح - بفتح المهملة وتشديد الموحدة - الزعفراني - بفتح الزاي وسكون العين المهملة - أبو علي البغدادي صاحب الشافعي، ثقة من العاشرة (ت260) أو قبلها بسنة./خ عم. (ابن حجر: التقريب1/170، وتهذيب التهذيب 2/318) .

3 سلمة بن شبيب المسمعي - بكسر الميم الأولى وفتح الميم الثانية - النيسابوري، نزيل مكة، ثقة من كبار الحادية عشرة (ت بضع وأربعين بعد المائتين) /م عم. (التقريب 1/316، وتهذيب التهذيب 4/146) .

4 يزيد بن هارون بن زاذان السلمي، مولاهم، أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة (ت206) /ع. (التقريب2/372،وتهذيب التهذيب11/366)

5 شريك بن عبد الله النخعي الكوفي، القاضي بواسط، ثم الكوفة، أبو عبد الله، صدوق يخطئ كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلا فاضلا، عابدا شديدا على أهل البدع، من الثامنة (ت 177 أو 178) /خت م عم. (التقريب 1/351، وتهذيب التهذيب4/333- 337) . وقال الذهبي في (تذكرة الحفاظ1/232) :وحديث شريك من أقسام الحسن.

6 عبد العزيز بن رفيع - بفاء مصغرا - الأسدي، أبو عبد الملك، المكي نزيل الكوفة، ثقة من الرابعة (ت 103) وقيل بعدها. /ع. (التقريب 1/509، تهذيب التهذيب 6/337) .

7 أمية بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي، المكي، مقبول من الرابعة. /بخ د ت س. (التقريب 1/83، وتهذيب التهذيب 1/371) .

8 صفوان بن أمية بن خلف الجمحي القرشي المكي، صحابي من المؤلفة، مات أيام قتل عثمان بن عفان، وقيل: سنة 41، وقيل: 42 في أوائل خلافة معاوية. /خت م عم. (التقريب 1/367، وتهذيب التهذيب 3/424- 425) .

9 أبو داود: السنن 2/265 كتاب البيوع (باب في تضمين العارية) .

ص: 92

والحديث أخرجه النسائي، وأحمد، والدارقطني، والحاكم، ومن طريقه أخرجه البيهقي، الجميع من طريق يزيد بن هارون، عن شريك بن عبد الله، عن عبد العزيز بن رفيع به1.

ثم قال الحاكم: وله شاهد من حديث عبد الله بن عباس:

27-

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية أدرعا وسنانا في غزوة حنين، فقال: يا رسول الله: "أعارية مؤداة"؟

ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه2. وسكت عنه الذهبي.

والحديث فيه شريك بن عبد الله القاضي، وقد وصف بأنه صدوق يخطئ كثيرا، وقد خالفه:

1-

جرير3 بن عبد الحميد بن قرط، فرواه عن عبد العزيز بن رفيع بلفظ:"عن أناس من آل عبد الله بن صفوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا صفوان هل عندك من سلاح؟ قال: عارية أم غصبا؟ " قال: "لا، بل عارية"، فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين4 درعا" 5.

1 النسائي: السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف للمزي 4/190 حديث (4945) . وأحمد: (المسند 3/400- 401، 6/465) . و (الدارقطني: السنن 3/39) . و (الحاكم: المستدرك 2/47) . و (البيهقي: السنن الكبرى 6/88) .

(المستدرك 2/47، من طريق الحاكم أخرجه البيهقي 6/88. وأخرجه أيضا الدارقطني في سننه 3/38. وفيه: إسحاق بن عبد الواحد القرشي، قال الذهبي في ميزان الاعتدال 1/194- 195: واه) .

3 جرير بن عبد الحميد بن قرط - بضم القاف وسكون الراء بعدها طاء مهملة - الضبي الكوفي نزيل الري وقاضيها، ثقة صحيح الكتاب. قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه (ت 188) . /ع. (ابن حجر: التقريب 1/127، وتهذيب التهذيب 2/75) .

4 قال المنذري: فيه جهالة وإرسال. (انظر: عون المعبود 9/477) .

(أبو داود: السنن2/265 كتاب البيوع، باب في تضمين العارية. والدارقطني: السنن 3/40، والبيهقي: السنن الكبرى 6/89) .

ص: 93

2-

أبو الأحوص1، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء2، عن ناس من آل صفوان بن أمية نحوه3.

3-

ورواه قيس4 بن الربيع، عن عبد العزيز بن الرفيع، عن ابن أبي مليكة5، عن امية بن صفوان عن أبيه6.

فأدخل (ابن أبي مليكة) بين عبد العزيز وأمية بن صفوان.

قال الألباني والحديث مضطرب الإسناد، لكن له شاهدان:

الأول: عن جابر بن عبد الله "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى صفوان بن أمية فسأله أدراعا مائة درع وما يصلحها". الحديث7.

الثاني: من رواية جعفر8 بن محمد، عن أبيه9: أن صفوان بن أمية أعار رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحا هي ثمانون درعا، فقال له: أعارية مضمونة أم غصبا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل عارية مضمونة".

أخرجه البيهقي10 وقال: وبعض هذه الأخبار، وإن كان مرسلا، فإنه يقوى بشواهده مع ما تقدم من الموصول.

1 هو سلام بن سليم الحنفي مولاهم أبو الأحوص الكوفي/ ثقة متقن، من السابعة (ت179) ./ع. (التقريب 1/342، وتهذيب التهذيب 4/282) .

2 عطاء بن أبي رباح - بفتح الراء الموحدة - واسم أبي رباح: أسلم القرشي مولاهم، المكي، ثقة فقيه فاضل لكنه كثير الإرسال، من الثالثة (ت114) على المشهور، وقيل: إنه تغير بآخره، ولم يكن ذلك منه./ع. (التقريب 2/22، وتهذيب التهذيب 7/199) .

3 أبو داود: السنن 2/266 كتاب البيوع، باب في تضمين العارية. والدارقطني: السنن 3/40، والبيهقي: السنن الكبرى 6/89.

4 قيس بن الربيع الأسدي، أبو محمد الكوفي، صدوق، تغير لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به، من السابعة (ت سنة بضع وستين بعد المائة) . /د ت ق. (التقريب 2/128، وتهذيب التهذيب 8/391) .

5 هو: عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة - بالتصغير- التيمي، المدني، أدرك ثلاثين من الصحابة، ثقة فقيه، من الثالثة (ت 117) ./ع. (التقريب 1/431، وتهذيب التهذيب 5/306- 307) .

(الدارقطني: السنن 3/40، والبيهقي: السنن الكبرى 6/89) .

7 تقدم برقم (23) وهو حديث حسن.

8 جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله المعروف بالصادق، صدوق فقيه، إمام، من السادسة (ت 148) ./بخ م عم. (التقريب 1/132، وتهذيب التهذيب 2/103)

9 أبوه هو: أبو جعفر الباقر، ثقة فاضل. تقدم في حديث (19) .

10 (السنن الكبرى6/89-90،وأخرجه الطبري في تاريخ الرسل والملوك3/73) .

ص: 94

ثم قال الألباني: وبالجملة فالحديث صحيح بمجموع هذه الطرق الثلاث1.

قلت:

28-

وروى البيهقي من مرسل الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى صفوان بن أمية في أداة ذكرت له عنده فسأله إياها فقال صفوان: أين الأمان، أتأخذها غصبا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن شئت أن تمسك أداتك فامسكها وإن أعرتنيها فهي ضامنة علي حتى نؤديه إليك". والحديث مطول في قصة حرب حنين2.

وجاء في هذا المعنى ما رواه ابن ماجه، وأحمد، والنسائي، والبخاري في التاريخ من حديث عبد الله بن أبي ربيعة، وهذا سياقه عند ابن ماجه:

29-

قال: حدثنا أبو بكر3 بن أبي شيبة، ثنا وكيع4، ثنا إسماعيل5 بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، عن أبيه6 عن جده7: أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف منه حين غزا حنينا ثلاثين أو أربعين ألفا8، فلما قدم قضاها إياه9، ثم قال

(إرواء الغليل 5/344- 346) . ويعني بالطرق الثلاث: طريق شريك، وطريق جابر، وطريق جعفر بن محمد عن أبيه.

(السنن لكبرى 7/19) .

3 هو: عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الواسطي الأصل، أبو بكر الكوفي، ثقة حافظ، صاحب تصانيف، من العاشرة (ت235) /خ م د س ق. (التقريب 1/245، وتهذيب التهذيب 6/2- 4) .

4 وكيع بن الجراح بن مليح - بفتح الميم، وكسر اللام وحاء مهملة - الرؤاسي - بضم الراء وهمزة ثم مهملة - أبو سفيان الكوفي، ثقة حافظ عابد، من كبار التاسعة (ت196) /ع. (التقريب 2/33، وتهذيب التهذيب 11/123، والمغني لابن طاهر الهندي ص74) .

5 إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، (مقبول) من السادسة/س ق. (التقريب1/65وانظر تهذيب التهذيب1/272وتعجيل المنفعة ص14) .

6 هو إبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي، (مقبول) من الثالثة/خ س ق. (المصدر السابق 1/38) .

7 هو جد إبراهيم، وهو عبد الرحمن بن أبي ربيعة، واسم أبي ربيعة: عمرو بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أبو عبد الرحمن المكي، صحابي، مات ليالي قتل عثمان بن عفان، وهو والد عمر بن أبي ربيعة الشاعر/ س ق. (المصدر السابق 1/414، وتهذيب التهذيب 5/208) .

8 عند النسائي:"أربعين ألفا"بدون شك. وعند البخاري: استلفه مالا بضعة عشر ألفا.

9 عند النسائي: فجاءه مال فدفعه إليّ وقال: "بارك الله لك في أهلك ومالك، إنما جزاء السلف الحمد والأداء"، وعند البخاري:"إنما جزاء السلف الحمد والوفاء".

ص: 95

له النبي صلى الله عليه وسلم: "بارك الله لك في أهلك ومالك، إنما جزاء السلف الوفاء والحمد"12.

والحديث أورده النسائي من طريق سفيان الثوري، عن إسماعيل بن إبراهيم ولم يذكر فيه (حين غزا حنينا) .

والحديث فيه:

أ - إسماعيل بن إبراهيم وقد وصفه ابن حجر بقوله: (مقبول) .

و (المقبول) عنده هو من ليس له من الحديث إلَاّ القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله3.

وإسماعيل قد وثقه أبو داود، وابن حبان، وعلى خذا فيكون ثقة ولعل ابن حجر نظر على قول أبي حاتم فيه (شيخ)

ب - إبراهيم بن عبد الرحمن (قد وصفه ابن حجر أيضا بقوله "مقبول" وفي تهذيب التهذيب ذكر بأن ابن حبان وثقه، وابن قطان الفاسي قال فيه:"لا يعرف"، وإبراهيم قد أخرج له البخاري في الصحيح، ولذا فقد مال ابن حجر في هدي الساري5 إلى رد قول ابن قطان، فقال: روى عنه جماعة ووثقه ابن حبان، وله في الصحيح حديث واحد في كتاب الأطعمة في دعائه صلى الله عليه وسلم في تمر جابر بن عبد الله بالبركة6.

وقد كان الشيخ أبو الحسن7 المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في

1 والحديث يدل أيضا على حسن المعاملة في القضاء وهو من الآداب السامية التي حث الدين الإسلامي عليها، لحديث "إن خيركم أو من خيركم أحاسنكم قضاء". رواه ابن ماجة في سننه 2/809 كتاب الصدقات.

2 ابن ماجة: السنن 2/809 كتاب الصدقات، باب حسن القضاء. وأحمد: في المسند 4/36، والنسائي: السنن - المجتبى - 7/276 كتاب البيوع، باب الاستقراض، والبخاري: في التاريخ الكبير 5/9- 10.

3 انظر: (التقريب 1/5) .

4 انظر: (تهذيب التهذيب 1/272) .

(هدي الساري ص388، وانظر: تهذيب التهذيب 1/138- 139) .

6 البخاري: (الصحيح 7/69) ، كتاب الأطعمة، باب الرطب والتمر.

7 هو علي بن الفضل بن علي بن حاتم بن حسن بن جعفر الحافظ العلامة المفتي، شرف الدين أبو الحسن، ابن القاضي الأنجب أبي المكارم المقدسي ثم المالكي، سمع صحيح البخاري من القاضي أبي عبيد نعمة بن زيادة الله الغفاري، عن عيسى بن أبي ذر الهروي، وسمع من الحافظ السلفي فأكثر عنه، وانقطع إليه وتخرج به، ولد سنة (544) توفي سنة (611) . (الذهبي: تذكرة الحفاظ 4/1390- 1392) .

ص: 96

الصحيح: هذا اجتاز القنطرة، يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه.

قال أبو الفتح1 القشيري في مختصره: وهكذا نعتقد، وبه نقول، ولا نخرج عنه إلا بحجة ظاهرة، وبيان شاف يزيد في غلبة الظن على المعنى الذي قدمناه من اتفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بالصحيحين، ومن لوازم ذلك تعديل رواتهما.

وقد ردَّ ابن حجر أيضا بنحو هذا2.

وابن قطان الفاسي قد قال عن الجماعة لا يعرفون مع أنهم معروفون عند غيره، وقد ردَّ الذهبي في صنيعه هذا، وذكر أمثلة لذلك3.

?- الانقطاع:

فقد قال البخاري: إبراهيم لا أدري سمع من أبيه أم لا.

وقال ابن عبد البر: يقولون لم يرو عن عبد الله بن أبي ربيعة غير إبراهيم – يعني ابن ابنه -4.

والذي ظهر لي ان الحديث فيه انقطاع بين "إبراهيم بن عبد الرحمن" وبين جده "عبد الله بن ربيعة" وأنّ "عبد الرحمن" والد إبراهيم ليس من رجال السند، إذ لو كان من رجال السند لوجدت ترجمته في "التقريب" و"تهذيب التهذيب" ولم أجد ترجمته أيضا في التاريخ الكبير للبخاري، ولا في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم.

كما أنني لم أجد في ترجمة "عبد الله بن أبي ربيعة" أن ابنه عبد الرحمن ممّن روى عنه.

ولا في ترجمة "إبراهيم" أنه روى عن أبيه "عبد الرحمن".

1 هو: محمد بن علي بن وهب بن مطيع بن دقيق العيد القشيري، المنفلوطي الصعيدي، المالكي ثم الشافعي، الإمام الفقيه المجتهد المحدث الحافظ العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبو الفتح، صاحب التصانيف منها: العدة شرح العمدة، وكتاب (الإلمام) وله كتاب في علوم الحديث، ولد سنة (625) بقرب ينبع من الحجاز، وتوفي سنة (702) هـ. (الذهبي: تذكرة الحفاظ 4/1481- 1483) .

(ابن حجر: هدي الساري ص384) .

(الذهبي: ميزان الاعتدال 1/556 و3/426) .

(ابن حجر: الإصابة 2/305، وتهذيب التهذيب 5/208، والتاريخ الكبير للبخاري 5/9- 10، والاستيعاب 2/299) .

ص: 97

وبهذا يكون الراوي عن "عبد الله بن أبي ربيعة" هو "إبراهيم بن ابنه"، وهو لم يدرك جده، وذلك أن عبد الله بن أبي ربيعة مات ليالي قتل عثمان بن عفان، وأن أم إبراهيم1 تزوجت بأبيه "عبد الرحمن" بعد يوم الجمل، فتكون ولادة إبراهيم بعد وفاة جده بمدة، فيكون الحديث منقطعا.

وهذه الأحاديث تدل دلالة واضحة على أنه يجب على المسلم أن يأخذ حذره، وأن يتأهب لملاقاة عدوه ويؤيدها قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} . [سورة الأنفال، من الآية: 60] .

وقد ذكر بن عبد البر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقرض من حويطب بن عبد العزى أربعين ألف درهم، وأن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم أعان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بثلاثة آلاف رمح فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كأني أنظر إلى رماحك يا أبا الحارث تقصف أصلاب المشركين"2.

1 هي أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وكانت قبل عبد الرحمن تحت طلحة بن عبيد الله فقتل يوم الجمل. (الطبقات الكبرى لابن سعد8/462) . وفي موطأ مالك 2/752 كتاب الأقضية، باب ما لا يجوز من النحل "ومات أبو بكر وأم كلثوم حمل في بطن أمها".

(الاستيعاب 1/385، 3/537، وأسد الغابة 2/75، 5/369، والإصابة 1/364، والسيرة الحلبية لبرهان الدين الحلبي 3/63) .

ص: 98