المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وقفة أخيرة مع القصة - التفسير القرآني للقرآن - جـ ٨

[عبد الكريم يونس الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌17- سورة الإسراء

- ‌[ما يقال فى تسمية السورة]

- ‌[مناسبتها للسورة التي قبلها]

- ‌الآية: (1) [سورة الإسراء (17) : آية 1]

- ‌[وقفة مع الإسراء.. والمعراج]

- ‌دواعى هذه الرحلة:

- ‌رحلة فى العالم الأرضى:

- ‌رحلة فى العالم العلوي:

- ‌قصّة المعراج:

- ‌الآيتان: (2- 3) [سورة الإسراء (17) : الآيات 2 الى 3]

- ‌[الحقيقة المحمّدية.. وما يقال فيها]

- ‌الآيات: (4- 7) [سورة الإسراء (17) : الآيات 4 الى 7]

- ‌[بنو إسرائيل.. ووعد الآخرة]

- ‌الآيات: (8- 14) [سورة الإسراء (17) : الآيات 8 الى 14]

- ‌الآيات: (15- 22) [سورة الإسراء (17) : الآيات 15 الى 22]

- ‌الآيات: (23- 30) [سورة الإسراء (17) : الآيات 23 الى 30]

- ‌الآيات: (31- 39) [سورة الإسراء (17) : الآيات 31 الى 39]

- ‌الآيات: (40- 44) [سورة الإسراء (17) : الآيات 40 الى 44]

- ‌الآيات: (45- 47) [سورة الإسراء (17) : الآيات 45 الى 47]

- ‌الآيات: (48- 52) [سورة الإسراء (17) : الآيات 48 الى 52]

- ‌الآيات: (53- 57) [سورة الإسراء (17) : الآيات 53 الى 57]

- ‌الآيات: (58- 60) [سورة الإسراء (17) : الآيات 58 الى 60]

- ‌الآيات: (61- 65) [سورة الإسراء (17) : الآيات 61 الى 65]

- ‌الآيات: (66- 70) [سورة الإسراء (17) : الآيات 66 الى 70]

- ‌الآيات: (71- 77) [سورة الإسراء (17) : الآيات 71 الى 77]

- ‌الآيات: (78- 82) [سورة الإسراء (17) : الآيات 78 الى 82]

- ‌الآيات: (83- 88) [سورة الإسراء (17) : الآيات 83 الى 88]

- ‌الآيات: (89- 96) [سورة الإسراء (17) : الآيات 89 الى 96]

- ‌الآيات: (97- 100) [سورة الإسراء (17) : الآيات 97 الى 100]

- ‌الآيات: (101- 104) [سورة الإسراء (17) : الآيات 101 الى 104]

- ‌الآيات: (105- 111) [سورة الإسراء (17) : الآيات 105 الى 111]

- ‌18- سورة الكهف

- ‌الآيات: (1- 8) [سورة الكهف (18) : الآيات 1 الى 8]

- ‌أصحاب الكهف

- ‌الآيات: (9- 26) [سورة الكهف (18) : الآيات 9 الى 26]

- ‌«عرض القصة»

- ‌كلمة عن القصة:

- ‌قصة أصحاب الكهف

- ‌وقفة أخيرة مع القصة

- ‌الآيات: (27- 31) [سورة الكهف (18) : الآيات 27 الى 31]

- ‌الآيات: (32- 44) [سورة الكهف (18) : الآيات 32 الى 44]

- ‌الآيات: (45- 49) [سورة الكهف (18) : الآيات 45 الى 49]

- ‌الآيات: (50- 53) [سورة الكهف (18) : الآيات 50 الى 53]

- ‌الآيات: (54- 59) [سورة الكهف (18) : الآيات 54 الى 59]

- ‌الآيات: (60- 64) [سورة الكهف (18) : الآيات 60 الى 64]

- ‌الآيات: (65- 78) [سورة الكهف (18) : الآيات 65 الى 78]

- ‌الآيات: (79- 82) [سورة الكهف (18) : الآيات 79 الى 82]

- ‌[القضاء.. والقدر.. والإنسان

- ‌ما‌‌ القضاء؟ وما القدر

- ‌ القضاء

- ‌القدر:

- ‌الأسباب والمسببات:

- ‌الآيات: (83- 98) [سورة الكهف (18) : الآيات 83 الى 98]

- ‌[ذو القرنين.. من هو؟ وما شأنه

- ‌(ذو القرنين)

- ‌[الأسباب التي بين يدى ذى القرنين]

- ‌(مغرب الشمس.. ومطلعها)

- ‌«يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ»

- ‌(السد، وما أقيم منه)

- ‌الآيات: (99- 110) [سورة الكهف (18) : الآيات 99 الى 110]

- ‌19- سورة مريم

- ‌الآيات: (1- 6) [سورة مريم (19) : الآيات 1 الى 6]

- ‌الآيات: (7- 15) [سورة مريم (19) : الآيات 7 الى 15]

- ‌الآيات: (16- 36) [سورة مريم (19) : الآيات 16 الى 36]

- ‌الآيات: (37- 40) [سورة مريم (19) : الآيات 37 الى 40]

- ‌الآيات: (41- 50) [سورة مريم (19) : الآيات 41 الى 50]

- ‌الآيات: (51- 58) [سورة مريم (19) : الآيات 51 الى 58]

- ‌الآيات: (59- 63) [سورة مريم (19) : الآيات 59 الى 63]

- ‌الآيات: (64- 70) [سورة مريم (19) : الآيات 64 الى 70]

- ‌الآيات: (71- 72) [سورة مريم (19) : الآيات 71 الى 72]

- ‌[جهنم.. هل يردها الناس جميعا

- ‌الآيات: (73- 76) [سورة مريم (19) : الآيات 73 الى 76]

- ‌الآيات: (77- 87) [سورة مريم (19) : الآيات 77 الى 87]

- ‌الآيات: (88- 98) [سورة مريم (19) : الآيات 88 الى 98]

- ‌20- سورة طه

- ‌مناسبتها للسورة التي قبلها

- ‌الآيات: (1- 8) [سورة طه (20) : الآيات 1 الى 8]

- ‌الآيات: (9- 16) [سورة طه (20) : الآيات 9 الى 16]

- ‌الآيات: (17- 24) [سورة طه (20) : الآيات 17 الى 24]

- ‌الآيات: (25- 41) [سورة طه (20) : الآيات 25 الى 41]

- ‌الآيات: (42- 56) [سورة طه (20) : الآيات 42 الى 56]

- ‌الآيات: (57- 70) [سورة طه (20) : الآيات 57 الى 70]

- ‌الآيات: (71- 76) [سورة طه (20) : الآيات 71 الى 76]

- ‌الآيات: (77- 82) [سورة طه (20) : الآيات 77 الى 82]

- ‌الآيات: (83- 98) [سورة طه (20) : الآيات 83 الى 98]

- ‌الآيات: (99- 104) [سورة طه (20) : الآيات 99 الى 104]

- ‌الآيات: (105- 114) [سورة طه (20) : الآيات 105 الى 114]

- ‌الآيات: (115- 127) [سورة طه (20) : الآيات 115 الى 127]

- ‌الآيات: (128- 135) [سورة طه (20) : الآيات 128 الى 135]

الفصل: ‌وقفة أخيرة مع القصة

«ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ» ولا جواب غير هذا!

‌وقفة أخيرة مع القصة

ولا نريد أن نترك القصة دون أن نقف وقفة قصيرة مع بعض تلك التلبيسات التي يدخل بها بعض الدارسين الذين يتأثّرون خطا المستشرقين، الذين ينظرون إلى القرآن نظرتهم إلى أي عمل بشرىّ.. فالقرآن عندهم هو من عمل «محمد» ضمّنه ما وقع فى خاطره وتأملاته من آراء.

يقول أحد هؤلاء الدارسين للقصص القرآنى، وهو يستدعى من شواهد القرآن ما يؤيد به زعمه الذي يزعمه فى القصص القرآنى، وهو أنه يستملى مادته من أساطير الأولين.. يقول فى قصة أصحاب الكهف:

«أما قصة أصحاب الكهف، فنقف منها فى هذا الموطن- أي موطن الاستدلال على أسطورية القصص القرآنى- كما يتخرص- عند مسألتين:

الأولى: مسألة عدد الفتية، والثانية: مدة لبثهم فى الكهف..

ثم يتحدث عن المسألة الأولى.. فيقول:

«أما من حيث العدد، فليس يخفى أن القرآن لم يذكر عددهم فى دقة (كذا) وإنّما ردّد الأمر بين ثلاثة، ورابعهم كلبهم، وخمسة وسادسهم كلبهم، وسبعة وثامنهم كلبهم..

«وليس يخفى أن القرآن الكريم، قد ختم هذه الآية بتلك النصيحة (كذا!) التي بتوجه بها إلى النبىّ، وهى قوله تعالى: «قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ

ص: 605

بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ.. فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً» .

ثم يسأل هذا العالم ببواطن الأمور، فيقول:

«ما معنى هذا التردد فى العدد؟ وما معنى هذه النصائح؟

ثم هو يجيب:

«لا نستطيع أن نقول: إن المولى سبحانه وتعالى كان يجهل عدد الفتية من أصحاب الكهف، وأنه من أجل هذا لم يقطع فى عددهم برأى! فالمولى سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء، وإنه يعلم السرّ وأخفى! «وإنما نستطيع أن نقول: إن هذا لم يكن إلا لحكمة.. والحكمة فيما نعتقد هى أن المطلوب من النبىّ عليه السلام أن يثبت أن الوحى ينزل من السماء (!!) وأن يثبت ذلك لا بالعدد الحقيقي للفتية من أصحاب الكهف- فذلك لم يكن موطن الإجابة- وإنما بالعدد الذي ذكره اليهود من أهل المدينة للمشركين من أهل مكة، حيث ذهب وفدهم ليسأل عن أمر محمد، أنبيّ هو أم متنبىء.. وإذ كان أحبار اليهود قد اختلفوا فى العدد، وذكر كل منهم عددا معيّنا، كان على القرآن أن ينزل بهذه الأقوال، حتى يكون التصديق من المشركين بأن محمدا عليه السلام نبىّ! ولو ذكر القرآن العدد الحقيقىّ وأعرض عن أقوال اليهود لكان التكذيب القائم على أن محمدا لم يعرف الحقيقة.. وليس وراء هذا إلا أن الوحى لا ينزل من السماء!!» .

ولا نذهب مع هذا الباحث إلى أكثر من هذا، فلا نعرض رأيه فى عدد السنين التي ذكرها القرآن عن نومة أهل الكهف، ويكفى أن نردّ هذا الاتهام الصريح للقرآن الكريم.. فإن هذا القول يصيب القرآن فى صميمه.

فأولا: إذا سلمنا بأن القرآن قد جاء فى قصصه بما يطابق ما عند اليهود

ص: 606

من معارف، وذلك ليثبت لهم، ولمن تلقّى عنهم من مشركى مكة- صدق محمد، وأنه نبىّ يوحى إليه من ربّه، وأنه لو جاء بالواقع الذي يخالف ما عندهم لما سلّموا به- نقول: لو سلمنا بهذا القول فى القرآن لكان معنى هذا، أنه كان عليه أن يجرى مع اليهود إلى آخر الشوط، فلا يجىء بشىء مما يخالف ما هم عليه من مذاهب وآراء، ولكان عليه ألا يقول فى المسيح غير ما قالت النصارى من أنه ابن الله، بل ولما كان له إلا أن يقول بما يقول به المشركون أنفسهم فى آلهتهم، وذلك حتى يسلّموا له، وينتهى الأمر عند هذا الحدّ، وكفى الله المؤمنين القتال.

ألهذا إذن جاءت رسالة محمد؟ وأ لهذا أيضا جاءت رسالات الرسل، تجرى على ما عند الأقوام من آراء ومعتقدات؟ وأين مكان الرسالة إذا فى الناس؟ وما محتواها؟ إذا كانت لا تخرج على ما عند المرسل إليهم؟

ونقول فى عدد أصحاب الكهف: إن القرآن الكريم لم يذكر فى عدد أصحاب الكهف قولا له، وإنما ذكر ما يجرى على ألسنة الناس من حديث عنهم، وعن عددهم، على مدى الأزمان، حاضرها ومستقبلها.. ولهذا جاء التعبير القرآنى:«سَيَقُولُونَ» ولم يقل قالوا.. ولو كان من تدبير القرآن أن يردد أقوال اليهود، لينال بذلك موافقتهم، ويأخذ منهم شهادة بأن القرآن وحي من عند الله، لكان من الحكمة أن يأخذ بقول واحد من هذه الأقوال، وينتصر له، وبهذا يوقع الخلاف بين أصحاب هذه الأقوال المختلفة!.

ثم نسأل: كيف يكون فى موافقة القرآن لمقولات اليهود المتضاربة المختلفة فى عدد الفتية ما يجعل عند اليهود وعند المشركين دليلا على أن القرآن وحي؟ ألا تكون التهمة قائمة بأن محمدا قد تلقّى هذه المقولات من اليهود

ص: 607

أنفسهم، كما يقال إن مشركى مكة قد تلقوها منهم؟ فما هو الجديد الذي جاء به محمد ليشهد له بأن القرآن وحي من عند الله؟ وهل كانت هذه المقولات من الأسرار التي احتفظ بها اليهود فيما بينهم؟ وكيف تكون سرّا وهى على هذا الخلاف الشديد بينهم؟ كلام لا معقول له أبدا.

أما التعليل الذي يمكن أن يفهم عليه إغفال القرآن لذكر العدد الحقيقي لأصحاب الكهف، والقطع به، فهو ما جرى عليه أسلوب القرآن فى كل موقف يلتقى فيه بأصحاب المراء والجدل، الذين يريدون أن يسوقوه إلى المماحكات والمهاترات، التي لا تنتج إلا اضطرابا وبلبلة.. والقرآن يعرف طريقه إلى غاياته التي يريدها، فهو لا يقف عند هذه المواقف، ولا يلقاها بما يقدره أصحابها من صرفه عن وجهته، وشغله بهذا اللغو من الكلام عن رسالته! ففى كل مرّة كان يسأل فيها النبىّ سؤالا متعنّتا، لا يراد به كشف حقيقة، أو جلاء غامضة- كان يدع السائلين لما هم فيه، ويصرف وجهه عنهم، ليلقى الحياة كلها، بالجواب الذي فيه نفع للناس، وهدى للعالمين! سأل المشركون النبىّ عن الهلال: ما باله يبدو صغيرا، ثم يكبر، ثم يعود صغيرا؟.

وكان الجواب: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ.. قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ، وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها» !. (189: البقرة) وكذلك الشأن فى فتية أصحاب الكهف.. إن العبرة الماثلة فى قصتهم، ليست فى عددهم قلّ أو كثر.. فليكونوا ثلاثة، أو مائة، أو ألفا.. أو ما شئت من عدد.. وإنما العبرة، هى فى موقف هؤلاء الفتية من الضلال الذي كان

ص: 608

مطبقا على البيئة التي يعيشون فيها. وفى تخليص أنفسهم من هذا الضلال، وفى التضحية بالأهل، والمال، والوطن، فى سبيل العقيدة، والفرار من وجه الفتنة فيها!.

وماذا يعود على من يقف على هذه القصة، إذا هو علم على وجه التحديد، عدّة هؤلاء الفتية وعدد السنين التي لبثوها فى كهفهم؟.

إن كثرة العدد أو قلته- سواء فى الأشخاص أو فى السنين- لا يقدّم ولا يؤخّر كثيرا أو قليلا، فى مضمون القصة ومحتواها، وفى الأثر النفسي الذي تحدثه، وفى المعطيات التي تجىء منها وتقع موقع العبرة والعظة! وفى قوله تعالى:«فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً، وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً» إلفات إلى النبىّ الكريم، بألا يقف من مقولات القائلين فى أصحاب الكهف، وفى تحديد الزمن الذي عاشوا فيه، والبلد الذي كانوا من أهله، وفى أسمائهم، وأسماء ملوكهم، ورؤسائهم.. إلى غير ذلك- ألا يقف النبىّ من هذه المقولات موقف الباحث الطالب للحقيقة.. فكل هذه قشور، لا لباب فيها، وإنما اللباب، هو الأحداث والمواقف، واتجاهات تلك الأحداث وهذه المواقف..

والمراد بالمراء الظاهر هنا، هو، ألا يدفع النبىّ ما يقول القائلون فى عدّة أصحاب الكهف، وأسمائهم، وأزمانهم، وغير هذا، وألا يستقصى الحقيقة فى هذا. فالحقيقة، وما وراء الحقيقة، سواء فى هذا المقام! فأى جديد يدخل على محتوى القصة إذا كان عدد أصحاب الكهف كذا أو كذا، أو كان أسماء أبطالها فلانا، وفلانا وفلانا، أو غير فلان وفلان وفلان؟ وقل مثل هذا، فى الزمن الذي الذي لبثوه فى الكهف، وفى البلد الذي جرت فيه أحداث القصة!

ص: 609