الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
الإخلاصَ الإخلاصَ:
(1)
فالإخلاص يرفع شأن الأعمال حتى تكون مراقي للفلاح، والإخلاص هو الذي يحمل على مواصلة عمل الخير، وهو الذي يجعل في عزم الرجل متانة، ويربط على قلبه إلى أن يبلغ الغاية.
وكثير من العقبات لا يساعدك على العمل لتذليلها إلا الإخلاص.
ولولا الإخلاص يضعه الله في قلوب زاكيات لحرم الناس من خيرات كثيرة تقف دونها عقبات.
ومدار الإخلاص على أن يكون الباعث على العمل أولًا امتثال أمر الله، وابتغاء وجهه عز وجل.
ولا حرج على من يطمح بعد ذلك إلى شيء آخر كالفوز بنعيم الآخرة، والنجاة من أليم عذابها.
بل لا يذهب بالإخلاص بعد ابتغاء وجه الله أن يخطر ببال الإنسان أن للعمل الصالح آثارًا طيبة في هذه الحياة الدنيا، كطمأنينة النفس، وأمنها من المخاوف، وصيانتها من مواقف الهون، إلى غير ذلك من الخيرات التي تعقب العمل الصالح، ويزداد بها إقبال النفوس على الطاعات قوة إلى قوة.
(1) انظر أدب الطلب للشوكاني ص133 ورسائل الإصلاح 1 / 9 -12، وآثار الشيخ محمد البشير الإبراهيمي 4 / 142، والمدرس ومهارات التوجيه للشيخ محمد الدويش ص44 -45.
والذي يرفع الشخص إلى أقصى درجات الفضل إنما هو الإخلاص الذي يجعله الإنسان حليف سيرته، فلا يقدم على عمل إلا وهو مستمسك بعروته الوثقى، ولا تبالغُ إذا قلت: إن النفس التي تتحرر من رق الأهواء ولا تسير إلا على ما يمليه عليها الإخلاص هي النفس المطمئنة بالإيمان، المؤدبة بحكمة الدين ومواعظه الحسنة؛ فذلك الإخلاص هو الذي يسمو سلطانهُ على كل سلطان، ويبلغ أن يكون مبدأً راسخًا تصدر عنه الأعمال بانتظام.
ثم إن العمل المثمر هو الذي ينبني على عقيدة؛ لئلا يتناقض، وما تدفعه إرادة؛ لئلا يتراجع، وما يحثه جهاد؛ لئلا يقف، وما يصحبه تجرد؛ لئلا يتهم، وما ينتشر؛ لئلا يضيق فيضيع، وما تكون غايته الخير؛ لئلا يكون فسادًا في الأرض.
وذلك إنما يكون بالإخلاص؛ فإن للإخلاص تأثيرًا عظيمًا في هذا الشأن؛ فمن تَعَكَّسَتْ عليه أمورُه، وتضايقت عليه مقاصده فليعلم أن بذنبه أصيب، وبقلة إخلاصه عوقب.
فإذا كان الإخلاص بهذه المثابة، وإذا كان له تلك المآثر فحقيق علينا -معاشر المعلمين - أن نضعه نصب أعيننا، وأن نجاهد أنفسنا على التحلي به، وأن نربي من تحت أيدينا عليه؛ لكي يتخرجوا رجالًا يقوم كل منهم بالعمل الذي يتولاه بحزم وإتقان.
وإن مما يعين على التحلي بالإخلاص أن تعلم أخي المعلم أن الإخلاص يثمر لك أن تتمتع بما يتمتع به غيرك من مزايا مادية، وإجازات وترقيات، وتزيد عليهم أن تتذوق عملك، وتعشق مهمتك، وتقبل عليها بكل ارتياح وسرور، وأن جميع ساعاتك التي تقضيها في إعداد دروسك، وفي ذهابك إلى المدرسة وإيابك منها مدخرة لك عند الله عز وجل.
أما الآخرة -وهي المقصود الأعظم، والمطلب الأسمى -فهناك أي ثواب ستناله، وأي أجر ينتظرك؟ هذه أمور علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى، والله يضاعف لمن يشاء.