الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب -
التربية بالعقوبة:
والمراد بالعقوبة ههنا معناها الشامل، لا كما يُظن أنها مقتصرة على العقاب البدني؛ فمن العقوبة أن يُعَرَّض بالطالب، ومنها إظهار السخط عليه، ومنها قطع المديح عنه، ومنها عتابه وتوبيخه، ومنها العقاب البدني إذا أتى ما يوجبه، على أن يكون عقابًا يؤلمه ولا يضره، وعلى ألا يكون ناتجًا عن سورة جهل أو ثورة غضب.
ومما يحسن في هذا أن يراعى التدرج بالعقوبة.
وإصلاح الأخطاء عن طريق التربية بالعقوبة والتدرجُ في ذلك كان معروفًا عند السلف وقد أشار إلى ذلك بعض من تكلموا على آداب العالم والمتعلم.
قال الغزالي: أن يزجر المتعلم بطريق التعريض ما أمكن، ولا يصرح، وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ. (1)
وقال ابن جماعة: ويوقفه مع ذلك على ما صدر منه بنصح وتلطف، لا بتعنيف وتعسف؛ قاصدًا بذلك حسن تربيته، وتحسين خلقه، وصلاح شأنه.
فإن عرف لذكائه بالإشارة فلا حاجة إلى صريح العبارة، وإن لم يفهم إلا بصريحها أتى بها، وراعى التدريج بالتلطف. (2)
(1) إحياء علوم الدين 1 / 57.
(2)
تذكرة السامع والمتكلم ص89.
وقال: أن يراقب أحوال الطلبة في آدابهم، وهديهم، وأخلاقهم باطنًا وظاهرًا، فمن صدر منه من ذلك ما لا يليق من ارتكاب محرم أو مكروه، أو ما يؤدي إلى فساد حال، أو ترك اشتغال، أو إساءة أدب في حق الشيخ أو غيره، أو كثرة كلام بغير توجيه ولا فائدة، أو حرص على الكلام، أو معاشرة من لا تليق عشرته أو غير ذلك
…
عرَّض الشيخ بالنهي عن ذلك بحضور مَنْ صدر منه غير مُعَرِّض به ولا مُعَيِّن له، فإن لم ينته نهاه عن ذلك جهرًا، ويغلظ القول عليه إن اقتضاه الحال؛ لينزجر هو وغيره، ويتأدبَ به كل سامع، فإن لم ينته فلا بأس حينئذٍ بطرده أو الإعراض عنه لا سيما إذا خاف على بعض رفقائه وأصحابه من الطلبة موافقته. (1)
(1) تذكرة السامع والمتكلم ص101 -102.