المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌هذا هو الدواء

‌هذا هو الدواء

نُشرت سنة 1957

قرأ الناس مقالتي في العدد الثالث من «المسلمون» فكتبوا إليّ يقولون: هذا هو الداء عرفناه، فما الدواء؟

والدواء قريبٌ منا، سهلٌ علينا، ولكن الناس يدَعونه ويذهبون في طلبه أبعد المذاهب؛ فمن ماضٍ إلى أقصى اليسار يرى الإصلاح، كل الإصلاح، في فتح بيوت للبغاء العلني، يحتج لذلك بأن «الكبت» هو الذي يدفع إلى هذه المنكرات التي نراها، وأن البغاء شيء لا يخلو منه زمان ولا مكان، فلأن يكون منظماً وأن يكون بنظر من الحاكمين خير من أن يكون فوضى وأن يكون مستتراً، ولأن فتح هذه البيوت ينقّي البلد وينظفها، كمن يعمد إلى علبة فيجعلها لأقذار داره ولَقَى أهله، كيلا تنتشر هذه الأقذار في الدار وتدخل كل بيت فيها.

ومن ذاهب إلى أقصى اليمين لا يرضيه إلاّ أن تعود الفتاة اليوم إلى مثل ما كانت تخرج به جدتها من نصف قرن، إلى الملاءة المزمومة أو الإزار الأبيض، ولا يحسب للواقع ولا للزمان حساباً، ويرى الطفرة في الإصلاح، مع أن الطفرة مستحيلة،

ص: 195

وهذا الفساد ما جاء في يوم واحد حتى يذهب في يوم واحد، بل إن النساء ما فتئن يقصّرن الثياب أصبعاً أصبعاً حتى بلغن بها ما نراه اليوم. وأنا لا أكره الحجاب السابغ، ولكني أحب لمن يتصدر للإصلاح أن يتكلم من الأرض لا من رؤوس المآذن، وأن يرسم الطريق الموصل للإصلاح العملي الممكن لا أن ينظم القصائد الخيالية في تمجيد المثل العليا.

أما فتح بيوت الزنا فالجواب عليه من وجوه. أولها: أن الزنا شرٌّ كالقتل والجرح والسرقة، وليس في الدنيا عاقل يراه خيراً، فإذا جاز أن نفتح له بيتاً نبيحه فيه بحجة أنه لا يخلو من الزنا زمان ولا مكان، فلماذا لا نعمد إلى حي من الأحياء أو قرية من القرى فنعلن أن القتل أو الجرح مباح فيها، ما دام القتل والجرح لا يخلو منهما -كذلك- زمان ولا مكان؟

الثاني: أننا لو قلنا بأن الزنا ليس كالقتل، لأنه يتم بالتراضي بين الفاعلين والقتل والجرح لا يكون إلا قسراً، ولو ذهبنا مذهب من يجيز إتيان هذا المنكر وفتحنا هذه البيوت، لكان من حق كل شاب أو كهل أن يدخلها إن شاء، لا سبيل إلى إباحتها لزيد منهم ومنعها على عمرو، وإذن يجب أن نجعل في كل بلدة من البغايا عدداً يكفي ما فيها من رجال. فإذا كان في القاهرة -مثلاً- مليونان ونصف مليون من الناس فإن منهم أربعمئة ألف رجل على الأقل، وليس يكفي هؤلاء إذا أرادوا دخول هذه البيوت أقل من أربعين ألف بغي، فما رأيكم في أن يكون في القاهرة مثلاً أربعون ألف بغي؟ ومن أين نأتي بها إلا أن نخزي أربعين ألف أسرة وأن نجلّلها بالعار، أو أن نستورد من كل أمة ساقطاتها ومومساتها،

ص: 196

يأتين معهن بأمراض أجسادهن وأمراض نفوسهن ويأخذن بها مالنا وشرفنا وديننا؟!

الثالث: إننا لو وفقنا في فتح هذه البيوت وجمعنا فيها ما تحتاج إليه من البغايا، لاكتفى الشباب بها عن الزواج وكسدت بنات البيوت وبقين بلا زواج، فماذا نصنع بهن؟ هل ننشئ لهن أديرة تتسع لهن جميعاً ونسوقهن جميعاً إليها ليكنّ راهبات فيها، أم نفتح لهن (أيضاً

) بيوتاً نضع لهن فيها مومسين من الذكور؟

ولا تستبشعوا هذا الوصف، فليس الذنب ذنب الطبيب الذي يصف المرض الفظيع صادقاً بل الذنب ذنب المرض، وإذا كان الوصف بشعاً فإن الواقع الموصوف أبشع.

* * *

تقولون: فما العلاج عندك؟

العلاج عندي على مراحل؛ ذلك أن المجتمع يقاسي الآن مثل آلام النوبة المرضية (الكريزة)، فالمرحلة الأولى لوقف النوبة، والثانية لمنع عودتها، والثالثة لإذهاب المرض، والرابعة للوقاية من رجعته بتقوية الجسم وتحصينه.

فالمرحلة الأولى في محاربة نوبة الدعارة التي وصفت لكم مظاهرها وأريتكم آثارها، وذلك:

أولاً: بتقوية جهاز الشرطة الأخلاقية وتنظيمها وتمكينها من العمل، لأن الشرطي هو أول من يُستجار به إذا كانت الجريمة وأول من يُلتفَت إليه ويُبحَث عنه، فإن كان الشرطي مفقوداً أو

ص: 197

كان غائباً، أو كان مقيداً لا يستطيع أن يصنع شيئاً، لم يبقَ مانعٌ من الجريمة ولا وازع للمجرم.

ولقد طالما شكى إليّ رجال الشرطة الأخلاقية، من أنهم يعرفون أرباب الدعارة وبيوتها، ولكنهم لا يستطيعون أن يعملوا شيئاً لأنه ليس لديهم قانون وازع رادع، وأنهم يقبضون على المرأة الفاسدة فلا يملكون لها شيئاً، إلا أن تكون مريضة فيعالجوها لتبرأ فتعاود الفساد، ويطلقوها تَفسُد وتُفسِد ولكن تحت المراقبة

أي أننا نمسك اللص فنقول له: لا بأس أن تسرق، ولكن اقعد في مركز معين واسرق بعلمنا ورأينا!

وعمل رجال الشرطة الأخلاقية صعب، صعب جداً، لأنهم أمام إغراء بالجمال وإغراء بالمال، ويحتاجون إلى إيمان الصّدّيقين وصبر الشهداء ليقاوموا ويصبروا؛ لذلك يجب أن يُختاروا -ما أمكن- من الكهول المجربين أصحاب الخلق والدين، وأن يُعطَوا تعويضاً ضخماً فوق الراتب. ومهما أخذوا فإنهم الخاسرون لأنهم في موقف امتحان فظيع. وأن يزاد عددهم، وأن يكون في يدهم سلطان يحاربون به الدعارة، ومن ورائهم قضاء لديه قانون صارم يمكنه من عقوبة لصوص الأعراض مثل عقوبة لصوص المال. ومن خان منهم أمانته (بعد التعويض الكبير والرعاية) كان أيسر عقوبة له الطرد من الوظيفة.

وهنا نأتي إلى القانون. فإنه لا بد من تعديل قانون العقوبات تعديلاً يرضي الله ويصلح الأمة ويمنع الإجرام، وذلك هو العَقّار الثاني لتوقيف نوبة المرض وتخفيف آلامها.

ص: 198

العقّار الثالث: القضاء على الدعارة السرية التي استفحل شرها وعظم ضررها واستترت بكل لباس، فالبيوت الفاجرة تختفي بين البيوت الفاضلة في الأحياء الكريمة، والبغايا الفاجرات يلبسن ثياب الفنانات (الأرتستات)، والسيارات تحمل في الليل هذا الشر إلى الشوارع البعيدة المظلمة وأطراف البساتين، وفي مخازن التجارة والعيادات والمكاتب خلوات فساد، وربما اتخذت المرأة الفاجرة زي الفتاة الطاهرة فزعمت (أو زعم صاحبها) أنها سكرتيرة أو موظفة أو ممرضة، وما هي إلا بغي.

يجب وجوباً لا هوادة فيه ولا تراخيَ أن تُشَنّ حملة كاسحة ماسحة على الدعارة السرية وعلى من يسخّر نفوذه وقوته لحمايتها، ممن يرتادها ويستمتع بلذة الإثم فيها، وأن لا تُقبل فيها وساطة ولا شفاعة ولا يعرض لها تسويف ولا تأخير.

وبهذه العقاقير الثلاثة نوقف النوبة (الكريزة).

* * *

أما منع تكرارها فيكون بالمرحلة الثانية من العلاج. يكون بالقضاء على المغريات والمغويات.

وأولها: السينما. والسينما في كل بلاد الناس تراقَب أفلامها ويُمنع الفاجر منها، ولهم أفلام للأطفال وأفلام للمراهقين، ولا يسمحون بأن يرى الصغار والكبار الأفلام كلها على السواء. أما نحن فنسمح للصغير والكبير، وللمراهق والمراهقة، أن يرى هذه الأفلام الخليعة التي تفسد الرجولة وتضيع الأخلاق. وتصوروا ماذا يكون من شاب مَثَله الأعلى وقدوته هذا المهرج التافه

ص: 199

إسماعيل ياسين، أو الآخر المخنث محمد فوزي!

فلماذا لا نقلد الإفرنج إلا في الشر؟ لماذا لا نقلدهم في الخير؟

هذه السينما هي رأس الشرور وأسُّ البلايا.

والثانية: هذه الروايات وهذه الكتب التي تباع علناً مع الجرائد، لا يراقبها أحد ولا يحاول أحد أن يعرف ماذا فيها، لا وزارة المعارف ولا غير المعارف، ولا المفتي ولا البطرك، مع أن الواجب على رجال الدين وعلى رجال التعليم وعلى أرباب الأقلام أن يشرفوا عليها وأن يحاربوا الشر الكامن فيها. من روايات أرسين لوبين ومن الكتب التي تنشر باسم الثقافة الجنسية أو الروايات المترجَمة، وفيها جميعاً جراثيم الطاعون الذي يذهب بالرجولة والأخلاق والدين.

حتى المجلات. إن في هذه المجلات المصورة طامات وبلايا، وما أفسد هذه الأمةَ شيءٌ كما أفسدتها هذه المجلات.

والثالث: هذا التكشف، بل هذا العري في الشوارع والأسواق. لقد صار النساء يمشين بثياب لا تكاد تنزل عن الركبتين، والذراعان لا يسترهما شيء إلى الكتف. مع أن الشرع والعقل والمدنية، كل أولئك يدعو إلى فرض لباس الحشمة ومنع التكشف والاختلاط، ولا سيما بين الشبان والشابات.

ولو أنا جنّدنا لمحاربة الدعارة آلافاً مؤلفة من الشرطة، ووضعنا لردع الفاسقين أقسى القوانين، لما أفادنا ذلك شيئاً مع

ص: 200

هذه المغريات. إننا ننظف الأرض ولكنا نترك السقف مثقوباً يقطر منه الوَكْف (الدلف) فلا تنظف الأرض أبداً

نداوي المرض ولكننا نعود فنعطي المريض جراثيم الداء مع الدواء.

* * *

أما الذي يعالج المرض ويستلُّه من مكمنه ويقطع أسبابه فهو الزواج. وكل ما ذكرت لكم إلى الآن إنما هو علاج طارئ، يقطع النوبات المؤلمة ويمنع تجددها، وهذا هو العلاج الحقيقي.

لا تضحكوا وتقولوا: ولكنك قد اعترفت أنت بصعوبة الزواج، فكيف تعود إليه فتصفه؟

أنا الآن طبيب ووظيفتي أن «أشخّص» المرض، وقد شخصته في تلكم المقالة، وأن أصف الدواء، وهأنذا أصفه اليوم؛ عليّ أن أقول إن المرض هو الملاريا مثلاً، ودواؤه الكينين، فإذا أخفى الصيادلة الكينين أو رفعوا ثمنه أو أضربوا وأغلقوا صيدلياتهم في وجوه المرضى فليس يُلام الطبيب، ولكن تُلام الحكومة التي تدعهم يتلاعبون بصحة الناس. ولست أعني الصيادلة ولا الحكومة ولكن هذا مثال.

الدواء الزواج، وعلى الحكومة أن تؤلف لجنة من أهل الخبرة والاختصاص لتعمل على درس مشكلة الزواج وتبحث عن طرق تيسيره. وليس ذلك مستحيلاً، وقد أُلِّفت لجنة لذلك مرة، وكنت أعددت لها مشروع قانون «تسهيل الزواج» (لعلّه لا يزال موجوداً بين أوراقي) ويتضمن بعث حملة للترغيب في الزواج

ص: 201

في الصحف وعلى المنابر، وإصلاح عاداته، وتقليل تكاليفه، وتحديد المهور، وزيادة التعويض العائلي، وإلزام كل موظف من المرتبة السادسة فما فوق بالزواج وجعله شرطاً للدخول في الوظيفة، وفرض ضريبة على العزّاب ممن يقدر على الزواج ويمتنع عنه بلا عذر، وتعديل برامج التعليم في المدارس الثانوية للبنات بحيث تخرّج زوجات وأمهات، لا أن تدرس البنت ما يدرسه الشاب نفسه بلا تبديل ولا تغيير

إلى آخر ما يخطر على البال في هذا الموضوع.

وأنا أرى أن تُؤلَّف هذه اللجنة من ممثل واحد عن كل من دائرة الفتوى والأوقاف والمحافظة ووزارة المعارف ووزارة الداخلية ووزارة الصحة والقضاء الشرعي وكلية الطب وكلية الآداب ووزارة المالية، معهم ممثلان للمجلس النيابي وممثلان لرجال الدين المسيحي وممثل للجمعيات النسائية. وعلى من يهتم بأمر بناته وأبنائه وأخلاق البلد وصحته أن يعمل ما استطاع على تحقيق تأليفها.

وكل ما نصنعه لإصلاح هذا الفساد الأخلاقي ومحاربة الدعارة باطل في باطل إذا لم يكن معه تيسير الزواج. وإذا أنت وجدت رجلاً جائعاً وأمامه أنواع الأطعمة في واجهات المطاعم، وأردت أن لا يسرق منها، فعليك أن تقدم له بدلاً عنها؛ عليك أن تشبعه. فإذا تركته جائعاً تنهش شهوة الطعام أحشاءه والطعامُ أمامه، وألقيت عليه مئة خطبة وموعظة كان ذلك كله كلاماً فارغاً.

واللهُ ما سدّ باباً إلا فتح إلى جنبه باباً، وما حرم شيئاً إلا

ص: 202

أحل في مقابلته شيئاً، حرّم الربا والميسر (1) وأحل البيع والتجارة، وحرّم الزنا وأحلّ الزواج، فإذا منع المجتمعُ الحلالَ المشروعَ عمد الشبان والشابات إلى الحرام الممنوع.

* * *

أما القسم الرابع من العلاج، وهو الذي يقوّي الجسد ويعطي المناعة ويضمن الوقاية من العودة إلى المرض، فهو تربية النشء على خوف الله وعلى الأخلاق الفاضلة وعلى النفور من الرذيلة. وليس المهم أن تدخل الدروس الدينية في الامتحان أو لا تدخل، بل المهم أن نحسن اختيار المعلمين، أعني معلمي الدين، وأن يكونوا من ذوي القلوب ومن المتمسكين بالدين حقاً؛ فإن المدرس الذي يأمر بالخير ويخالفه، والذي يكذّب فعلُه قولَه، والذي يدعو إلى الآخرة وهمه الدنيا، هذا المدرس شرٌّ مركّب.

هاتوا المدرّس العالم العامل ذا القلب الحاضر ولا يهمني بعد هل دخل الدين في الامتحانات العامة أم لا. ودليلي أن المدرّس الذي يكون في الجامع ويبلغ من نفوس الناس أعظم المبالغ ويؤثر فيها أعمق الأثر ليس لديه امتحان ولا علامات ولا نجاح ولا سقوط، ومع ذلك فقد صنع هذا كله.

ولا يُفهم من كلامي أني لا أرى دخول درس الدين في الامتحان، لا، وأنا أصر على دخوله وعلى زيادة ساعاته، ولكن

(1) وهو اليانصيب، هو بذاته.

ص: 203

الأصل المعلم لا المنهج ولا الكتاب ولا الامتحان (1).

وإذا نحن حاربنا الدعارة ومنعنا المغريات وسهّلنا الزواج ولم نجد في النفوس خلقاً وديناً لم يفدنا ذلك كله. ونحن نرى في المتزوجين وممن لهم الأبناء والبنات مَن هم مِن الفسّاق، لم يمنعهم الزواج حين لم يمنعهم الخلق ولا الدين.

* * *

خوف الله هو الأصل فإن ذهب لم تسدّ مكانه الأخلاق ولا القوانين، لأن القانون يبقى ما بقي الشرطي، فإذا أمنت أن يراك الشرطي لم تبال بالقانون. والأخلاق تبقى ما بقي الناس، فإن لم يرك الناس لم تبال بالأخلاق.

هذه هي الحقيقة، فلماذا نكتمها ونفرُّ من الاعتراف بها؟

إن النفوس فُطرت على العمل ابتغاء المنفعة، فمن من الناس يكون جائعاً وليس معه إلا قرش واحد فيضعه في صندوق الصدقات حيث لا يراه أحد ولا يطّلع عليه مخلوق ويبقى بلا طعام؟

(1) والواقع أنه ليس عندنا شيء اسمه علم الدين، بل علم التوحيد وعلم الحديث وعلم التفسير وعلم التجويد وعلم الفقه

فيجب أن يكون لكل علم الساعات الكافية لتدريس مواده. إنها علوم مختلفة وإن جمعها اسم الدين، كما يجمع الحسابَ والجبرَ والهندسة والمثلثات اسمُ الرياضيات، والكيمياءَ والفيزياء والطبيعي اسمُ الطبيعيات، والنحوَ والصرف والبلاغة اسمُ العربية.

ص: 204

أنا أقول لكم من.

المؤمن، المؤمن وحده هو الذي يصنع هذا، ويصنع أكثر منه، لأنه يعتقد أن الله يعطيه بدلاً من هذا القرش أضعافاً مضاعفة ويعوّضه عما حمل من آلام الجوع لذائذ ليس لها حد (1).

المؤمن الذي يخاف الله هو الذي يفعل الخير دائماً ويمتنع عن الشر دائماً، سواء أكان وحده أم كان مع الناس، لأنه يعلم أن الله معه دائماً ومطّلع عليه في كل وقت، وأن ما يفعل من الخير وما يَدَع من الشر لن يذهب سدى، بل هو سيجد مكافأته عاجلاً أو آجلاً.

وإذا ذهب خوف الله من النفوس لم ينفع بعده شيء.

لا تنتهي الأنفُسُ عن غيّها

ما لم يكن منها لها زاجِرُ

* * *

(1) هذه هي فطرة البشر التي فطر الله الناس عليها. وما يروونه عن رابعة وغيرها من المتصوفة من عبادة الله لا خوفاً من ناره ولا طمعاً في جنته دعوى لا دليل عليها. والله قد وصف الأنبياء بأنهم يَرْجون ويخافون، فما هؤلاء بالنسبة إلى الأنبياء؟

ص: 205