المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[[الفصل الخامس في بيان أمور يفعلها العامة منها ما هو شرك، ومنها ما هو قريب منه، وبيان المشروع من الرقى والممنوع منها، وهل تجوز التمائم]] - معارج القبول بشرح سلم الوصول - جـ ٢

[حافظ بن أحمد حكمي]

فهرس الكتاب

- ‌[[الفصل الثاني توحيد الطلب والقصد]]

- ‌ النُّصُوصَ الْوَارِدَةَ فِي فَضْلِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ كَثِيرَةٌ لَا يُحَاطُ بِهَا

- ‌الثَّانِى الْيَقِينُ الْمُنَافِي لِلشَّكِّ

- ‌ الرَّابِعُ "الِانْقِيَادُ" لِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ

- ‌ الْخَامِسُ "الصِّدْقُ" فِيهَا الْمُنَافِي لِلْكَذِبِ

- ‌[[الفصل الثالث في تعريف العبادة وذكر بعض أنواعها وأن من صرف منها شيئا لغير الله فقد أشرك]]

- ‌مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ

- ‌[[الفصل الرابع: في بيان ضد التوحيد، وهو الشرك وكونه ينقسم إلى قسمين: أكبر وأصغر، وبيان كل منهما]]

- ‌[أَوَّلُ ظُهُورِ الشِّرْكِ] :

- ‌[دُخُولُ الْوَثَنِيَّةِ إِلَى بِلَادِ الْعَرَبِ عَلَى يَدِ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيِّ] :

- ‌[أَسْبَابُ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بِالْمُشْرِكِينَ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ] :

- ‌[أَكْثَرُ شِرْكِ الْأُمَمِ فِي الْإِلَهِيَّةِ، لَا بِجُحُودِ الصَّانِعِ] :

- ‌[الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ] :

- ‌[التَّعْرِيفُ بِالشِّرْكِ] :

- ‌[الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ] :

- ‌[الرِّيَاءُ وَالنِّفَاقُ] :

- ‌[الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ] :

- ‌[[الفصل الخامس في بيان أمور يفعلها العامة منها ما هو شرك، ومنها ما هو قريب منه، وبيان المشروع من الرقى والممنوع منها، وهل تجوز التمائم]]

- ‌[الْكَلَامُ عَنِ الرُّقَى]

- ‌[التَّمَائِمُ وَالْحُجُبُ] :

- ‌[[الفصل السادس من الشرك فعل من يتبرك بشجرة أو حجر أو بقعة أو قبر أو نحوها يتخذ ذلك المكان عيدا، وبيان أن الزيارة تنقسم إلى سنية وبدعية وشركية]]

- ‌[زِيَارَةُ الْقُبُورِ] :

- ‌[[الفصل السابع في بيان ما وقع فيه العامة اليوم مما يفعلونه عند القبور، وما يرتكبونه من الشرك الصريح والغلو المفرط في الأموات]]

- ‌[[حكم من أوقد سراجا على القبر أو بنى على الضريح مسجدا]]

- ‌[[اغترار الأمة بإبليس ومخالفتهم نهي الرسول وتحذيره]]

- ‌[[الفصل الثامن في بيان حقيقة السحر وحكم الساحر وذكر عقوبة من صدق كاهنا]]

- ‌ البحث الأول في حَقِيقَتُهُ وَتَأْثِيرُهُ:

- ‌ الْبَحْثُ الثَّانِي وَهُوَ حُكْمُ السَّاحِرِ:

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: وَهُوَ عُقُوبَةُ السَّاحِرِ شَرْعًا وَوَعِيدًا] :

- ‌ الْبَحْثُ الرَّابِعُ وَهُوَ "بَيَانُ أَنْوَاعِهِ

- ‌[[الفصل التاسع يجمع معنى حديث جبريل في تعليمنا الدين وأنه ينقسم إلى ثلاث مراتب:‌‌ الإسلام والإيمان والإحسان. وبيان كل منها]]

- ‌ الإسلام والإيمان والإحسان

- ‌الْحَدِيثُ بِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

- ‌الْحَدِيثُ بِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌الْحَدِيثُ بِهِ عَنْهُ وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ:

- ‌الْحَدِيثُ بِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:

- ‌الْحَدِيثُ بِهِ عَنْ أَبِي عَامِرٍ:

- ‌الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ:

- ‌[مَرْتَبَةُ الْإِيمَانِ] :

- ‌[مَرْتَبَةُ الْإِحْسَانِ] :

- ‌[أَرْكَانُ الْإِسْلَامِ الْخَمْسَةُ] :

- ‌ الْخَامِسُ الْحَجُّ:

- ‌ أُمُورٍ تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ

- ‌[أَرْكَانُ الْإِيمَانِ] :

- ‌ الثَّانِي الْإِيمَانُ "بِالْمَلَائِكَةِ

- ‌مِنْهُمُ الْمُوَكَّلُ بِالْوَحْيِ

- ‌وَمِنْهُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَالْكَرُوبِيُّونَ

- ‌وَمِنْهُمْ مَلَائِكَةٌ سَيَّاحُونَ يَتَّبِعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ

- ‌الْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنَ الشَّرَائِعِ

- ‌[الْإِيمَانُ بِأَمَارَاتِ السَّاعَةِ] :

- ‌[نُصُوصُ السُّنَّةِ فِي إِثْبَاتِ عَذَابِ الْقَبْرِ] :

- ‌[نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي لِقَاءِ اللَّهِ] :

- ‌[بَرَاءَةُ: النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ] :

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا جَاءَ فِي الْمِيزَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا جَاءَ فِي الصِّرَاطِ

- ‌ اعْتِقَادُ وَجُودِهِمَا الْآنَ

- ‌[مَا قَالَتْهُ الْيَهُودُ فِي النَّارِ]

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا جَاءَ فِي الْحَوْضِ وَالْكَوْثَرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي آيَاتِ الشَّفَاعَةِ وَأَحَادِيثِهَا وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ

الفصل: ‌[[الفصل الخامس في بيان أمور يفعلها العامة منها ما هو شرك، ومنها ما هو قريب منه، وبيان المشروع من الرقى والممنوع منها، وهل تجوز التمائم]]

وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ" 1. وَتَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ حَدِيثِ قُتَيْلَةَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاوِ وَثُمَّ أَنَّهُ إِذَا عَطَفَ بِالْوَاوِ كَانَ مُضَاهِيًا مَشِيئَةَ اللَّهِ بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ إِذْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا عَطَفَ بِثُمَّ فَقَدْ جَعَلَ مَشِيئَةَ الْعَبْدِ تَابِعَةً لِمَشِيئَةِ اللَّهِ عز وجل كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الْإِنْسَانِ: 30] ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ: لَوْلَا اللَّهُ وَفُلَانٌ هَذَا، مِنَ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: لَوْلَا اللَّهُ ثُمَّ فُلَانٌ ذَكَرَهُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ. وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الْبَقَرَةِ: 22]، قَالَ: الْأَنْدَادُ هُوَ الشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ عَلَى صَفَاةٍ سَوْدَاءَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: وَاللَّهِ وَحَيَاتِكَ يَا فُلَانُ وَحَيَاتِي وَيَقُولُ: لَوْلَا كَلْبَةُ هَذَا لَأَتَانَا اللُّصُوصُ الْبَارِحَةَ، وَلَوْلَا الْبَطُّ فِي الدَّارِ لَأَتَى اللُّصُوصُ، وَقَوْلُ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، وَقَوْلُ الرَّجُلِ: لَوْلَا اللَّهُ وَفُلَانٌ، لَا تَجْعَلْ فِيهَا فُلَانًا، هَذَا كُلُّهُ بِهِ شِرْكٌ2.

[[الفصل الخامس في بيان أمور يفعلها العامة منها ما هو شرك، ومنها ما هو قريب منه، وبيان المشروع من الرقى والممنوع منها، وهل تجوز التمائم]]

فَصْلٌ: فِي بَيَانِ أُمُورٍ يَفْعَلُهَا الْعَامَّةُ مِنْهَا مَا هُوَ شِرْكٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ وَبَيَانُ الْمَشْرُوعِ مِنَ الرُّقَى وَالْمَمْنُوعِ مِنْهَا، وَهَلْ تَجُوزُ التَّمَائِمُ:

هَذِهِ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْعَامَّةُ غَالِبُهَا مِنَ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ، لَكِنْ إِذَا اعْتَمَدَ الْعَبْدُ عَلَيْهَا بِحَيْثُ يَثِقُ بِهَا وَيُضِيفُ النَّفْعَ وَالضُّرَّ إِلَيْهَا كَانَ ذَلِكَ شِرْكًا أَكْبَرَ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ مُتَوَكِّلًا عَلَى سِوَى اللَّهِ مُلْتَجِئًا إِلَى غَيْرِهِ.

وَمَنْ يَثِقْ بِوَدْعَةٍ أَوْ نَابِ

أَوْ حَلْقَةٍ أَوْ أَعْيُنِ الذِّئَابِ

أَوْ خَيْطٍ اوْ عُضْوٍ مِنَ النُّسُورِ

أَوْ وَتَرٍ أَوْ تُرْبَةِ الْقُبُورِ

لِأَيِّ أَمْرٍ كَائِنٍ تَعَلَّقَهْ

وَكَّلَهُ اللَّهُ إِلَى مَا عَلَّقَهْ

1 "4/ 295/ ح4980" في الأدب، باب لا يقال: خبثت نفسي، وإسناده صحيح.

2 ابن أبي حاتم "ابن كثير 1/ 61" وإسناده حسن.

ص: 497

"وَمَنْ يَثِقْ" هَذَا الشَّرْطُ جَوَابُهُ: "وَكَّلَهُ" الْآتِي.

"بِوَدْعَةٍ" قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هُوَ شَيْءٌ أَبْيَضُ يُجْلَبُ مِنَ الْبَحْرِ، يُعَلَّقُ فِي حُلُوقِ الصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ. وإنما نهي عنها لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَلِّقُونَهَا مَخَافَةَ الْعَيْنِ1.

"أَوْ نَابِ" كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ، يَأْخُذُونَ نَابَ الضَّبْعِ وَيُعَلِّقُونَهُ مِنَ الْعَيْنِ. "أَوْ حَلْقَةٍ" وَكَثِيرًا مَا يُعَلِّقُونَهَا مِنَ الْعَيْنِ، وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ يُعَلِّقُونَهَا مِنَ الْوَاهِنَةِ وَهُوَ مَرَضُ الْعَضُدِ.

"أَوْ أَعْيُنِ الذِّئَابِ" وَكَثِيرًا مَا يُعَلِّقُونَهَا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْجِنَّ تَفِرُّ مِنْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ إِذَا وَقَعَ بَصَرُ الذِّئْبِ عَلَى جِنِّيٍّ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفِرَّ مِنْهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ؛ وَلِهَذَا يُعَلِّقُونَ عَيْنَهُ إِذَا مَاتَ عَلَى الصِّبْيَانِ وَنَحْوِهُمْ.

"أَوْ خَيْطٍ" وَكَثِيرًا مَا يُعَلِّقُونَهُ عَلَى الْمَحْمُومِ وَيَعْقِدُونَهُ فِيهِ عُقَدًا بِحَسَبِ اصْطِلَاحَاتِهِمْ، وَأَكْثَرُهُمْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ سُورَةَ:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الانشراح: 1] إِلَى آخِرِهَا، وَيَعْقِدُ عِنْدَ كُلِّ كَافٍ مِنْهَا عُقْدَةً، فَيَجْتَمِعُ فِي الْخَيْطِ تِسْعُ عُقَدٍ بِعَدَدِ الْكَافَاتِ، ثُمَّ يَرْبُطُونَهُ بِيَدِ الْمَحْمُومِ أَوْ عُنُقِهِ.

"أَوْ عُضْوٍ مِنَ النُّسُورِ" كَالْعَظْمِ وَنَحْوِهُ، يَجْعَلُونَهَا خَرَزًا وَيُعَلِّقُونَهَا عَلَى الصِّبْيَانِ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَدْفَعُ الْعَيْنَ.

"أَوْ وَتَرٍ" وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا عَتَقَ وَتَرُ الْقَوْسِ أَخَذُوهُ وَعَلَّقُوهُ -يَزْعُمُونَ عَنِ الْعَيْنِ- عَلَى الصِّبْيَانِ وَالدَّوَابِّ.

"أَوْ تُرْبَةِ الْقُبُورِ" وَمَا أَكْثَرَ مَنْ يَسْتَشْفِي بِهَا لَا شَفَاهُمُ اللَّهُ، وَاسْتِعْمَالُهُمْ لَهَا عَلَى أَنْوَاعٍ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهَا وَيَمْسَحُ بِهَا جِلْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَمَرَّغُ عَلَى الْقَبْرِ تَمَرُّغَ الدَّابَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغْتَسِلُ بِهَا مَعَ الْمَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَشْرَبُهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهَذَا كُلُّهُ نَاشِئٌ عَنِ اعْتِقَادِهِمْ فِي صَاحِبِ ذَلِكَ الْقَبْرِ أَنَّهُ يَنْفَعُ وَيَضُرُّ حَتَّى عَدُّوا ذَلِكَ الِاعْتِقَادَ فِيهِ إِلَى تُرْبَتِهِ، فَزَعَمُوا أَنَّ فِيهَا شِفَاءً وَبَرَكَةً لِدَفْنِهِ فِيهَا، حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَعْتَقِدُ فِي تُرَابِ بُقْعَةٍ لَمْ يُدْفَنْ فِيهَا

ذَلِكَ الْوَلِيُّ بِزَعْمِهِ، بَلْ قِيلَ لَهُ: إِنَّ جِنَازَتَهُ قَدْ وُضِعَتْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ. وَهَذَا وَغَيْرُهُ مَنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بِأَهْلِ هَذِهِ

1 النهاية في غريب الحديث والأثر "5/ 168".

ص: 498

الْعُصُورِ زِيَادَةً عَلَى مَا تَلَاعَبَ بِمَنْ قَبْلَهُمْ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ.

"لِأَيِّ أَمْرٍ كَائِنٍ تَعَلَّقَهْ" الضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ وَغَيْرِهِ "وَكَّلَهُ اللَّهُ" أَيْ: تَرَكَهُ "إِلَى مَا عَلَّقَهْ" دُعَاءٌ عَلَيْهِ أَيْ: لَا حَفِظَهُ اللَّهُ وَلَا كَلَأَهُ بَلْ تَرَكَهُ إِلَى مَا وَثِقَ بِهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ دُونَ اللَّهِ عز وجل. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يُوسُفَ: 106]، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدْعَةً فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ" رَوَاهُ أَحْمَدُ1. وَلَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا فِي يَدِهِ حَلْقَةً مِنْ صُفْرٍ فَقَالَ: "مَا هَذَا"؟ قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ فَقَالَ: "انْزَعْهَا؛ فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا، فَإِنَّكَ لَوْ مُتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا" 2. وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا فِي يَدِهِ خَيْطٌ مِنَ الْحُمَّى فَقَطَعَهُ وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يُوسُفَ: 106]3. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَأَرْسَلَ رَسُولًا أَنْ "لَا يُبْقِيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةً مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةً إِلَّا قُطِعَتْ" 4. وَعَنْ رُوَيْفِعٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا رُوَيْفِعُ، لَعَلَّ الْحَيَاةَ تَطُولُ بِكَ، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا أَوِ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ" رَوَاهُ أَحْمَدُ5. وَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

1 أحمد "4/ 154" وأبو يعلى والطبراني في الكبير "17/ 297/ ح820" والحاكم "4/ 216" وصححه ووافقه الذهبي. قال المنذري: إسناده جيد. قلت: فيه خالد بن عبيد المعافري، لم يوثقه إلا ابن حبان، ولكن صح من حديثه بلفظ:"من تعلق تميمة فقد أشرك" رواه أحمد "4/ 156" والحاكم "4/ 219".

2 أحمد "4/ 445" وابن ماجه "2/ 1167/ ح3531" في الطب، باب في تعليق التمائم، والطبراني في الكبير "18/ 172/ ح392"، وابن حبان "الإحسان 7/ 628" وإسناده فيه المبارك بن فضالة، وهو لين الحديث من رواية الحسن عن عمران ولم يسمع منه، وله شواهد عدة.

3 رواه ابن أبي حاتم كما في تيسير العزيز الحميد "ص160" من حديث عروة بن الزبير عن حذيفة، ولا يعرف له سماع منه.

4 البخاري "6/ 141" في الجهاد، باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل.

ومسلم "3/ 1672/ ح2115" في اللباب، باب كراهة قلادة الوتر في رقبة البعير.

5 أحمد "4/ 108، 109" وأبو داود "1/ 9، 10/ ح36" والنسائي "8/ 135" في الزينة، باب عقد اللحية. وأحد أسانيد أحمد فيه ابن لهيعة، وسنده عندهما صحيح.

ص: 499

عُكَيْمٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ عَلَّقَ شَيْئًا وُكِّلَ إِلَيْهِ" وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ1. وَعَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَتْ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا جَاءَ مِنْ حَاجَةٍ فَانْتَهَى إِلَى الْبَابِ تَنَحْنَحَ وَبَزَقَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَهْجُمَ مِنَّا عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، قَالَتْ: وَإِنَّهُ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَتَنَحْنَحَ وَعِنْدِي عَجُوزٌ تَرْقِينِي مِنَ الْحُمْرَةِ، فَأَدْخَلْتُهَا تَحْتَ السَّرِيرِ، قَالَتْ: فَدَخَلَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِي فَرَأَى فِي عُنُقِي خَيْطًا فَقَالَ: مَا هَذَا الْخَيْطُ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: خَيْطٌ رُقِيَ لِي فِيهِ، فَأَخَذَهُ فَقَطَعَهُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ آلَ عَبْدِ اللَّهِ لَأَغْنِيَاءُ عَنِ الشِّرْكِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ" قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ: لِمَ تَقُولُ هَذَا وَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ يَرْقِيهَا، فَكَانَ إِذَا رَقَاهَا سَكَنَتْ؟! فَقَالَ: إِنَّمَا ذَاكَ مِنَ الشَّيْطَانِ، كَانَ يَنْخَسُهَا بِيَدِهِ فَإِذَا رَقَاهَا كَفَّ عَنْهَا، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أَنْ تَقُولِي كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا" رَوَاهُ أَحْمَدُ2. وَرَوَى جُمْلَةَ الدَّلَالَةِ مِنْهُ عَلَى الْبَابِ أَبُو دَاوُدَ3، أعني الجملة مرفوعة إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ: الرُّقَى هِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْعَزَائِمُ وَخَصَّ مِنْهُ الدَّلِيلُ مَا خَلَا مِنَ الشِّرْكِ، فَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْعَيْنِ وَالْحُمَّةِ، وَالتَّمَائِمُ: شَيْءٌ يُلْقُونَهُ عَلَى الْأَوْلَادِ عَنِ الْعَيْنِ، وَالتِّوَلَةُ: شَيْءٌ يَصْنَعُونَهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يُحَبِّبُ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا وَالرَّجُلَ إلى امرأته ا. هـ.4. وَقَوْلُهُ فِي الرُّقَى: وَخَصَّ مِنْهَا الدَّلِيلُ مَا خَلَا عَنِ الشِّرْكِ

إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى مَا سَنَذْكُرُهُ بِقَوْلِنَا:

1 أحمد "4/ 310" والترمذي "4/ 403/ ح2073" في الطب، باب ما جاء في كراهية التعليق. وعبد الله بن عكيم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره "التهذيب "5/ 283" وقال الترمذي: وحديث عبد الله بن عكيم إنما نعرفه من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

"ومحمد سيئ الحفظ جدا".

وقال: وفي الباب عن عقبة بن عامر.

قلت: قد تقدم، فالحديث صحيح لشواهده.

2، 3 أحمد "1/ 381" ورواه أبو داود "4/ 9/ ح3882" في الطب، باب في تعليق التمائم، وإسناده حسن.

4 فتح المجيد شرح كتاب التوحيد "ص133".

ص: 500