المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الخامس "الصدق" فيها المنافي للكذب - معارج القبول بشرح سلم الوصول - جـ ٢

[حافظ بن أحمد حكمي]

فهرس الكتاب

- ‌[[الفصل الثاني توحيد الطلب والقصد]]

- ‌ النُّصُوصَ الْوَارِدَةَ فِي فَضْلِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ كَثِيرَةٌ لَا يُحَاطُ بِهَا

- ‌الثَّانِى الْيَقِينُ الْمُنَافِي لِلشَّكِّ

- ‌ الرَّابِعُ "الِانْقِيَادُ" لِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ

- ‌ الْخَامِسُ "الصِّدْقُ" فِيهَا الْمُنَافِي لِلْكَذِبِ

- ‌[[الفصل الثالث في تعريف العبادة وذكر بعض أنواعها وأن من صرف منها شيئا لغير الله فقد أشرك]]

- ‌مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ

- ‌[[الفصل الرابع: في بيان ضد التوحيد، وهو الشرك وكونه ينقسم إلى قسمين: أكبر وأصغر، وبيان كل منهما]]

- ‌[أَوَّلُ ظُهُورِ الشِّرْكِ] :

- ‌[دُخُولُ الْوَثَنِيَّةِ إِلَى بِلَادِ الْعَرَبِ عَلَى يَدِ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيِّ] :

- ‌[أَسْبَابُ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بِالْمُشْرِكِينَ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ] :

- ‌[أَكْثَرُ شِرْكِ الْأُمَمِ فِي الْإِلَهِيَّةِ، لَا بِجُحُودِ الصَّانِعِ] :

- ‌[الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ] :

- ‌[التَّعْرِيفُ بِالشِّرْكِ] :

- ‌[الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ] :

- ‌[الرِّيَاءُ وَالنِّفَاقُ] :

- ‌[الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ] :

- ‌[[الفصل الخامس في بيان أمور يفعلها العامة منها ما هو شرك، ومنها ما هو قريب منه، وبيان المشروع من الرقى والممنوع منها، وهل تجوز التمائم]]

- ‌[الْكَلَامُ عَنِ الرُّقَى]

- ‌[التَّمَائِمُ وَالْحُجُبُ] :

- ‌[[الفصل السادس من الشرك فعل من يتبرك بشجرة أو حجر أو بقعة أو قبر أو نحوها يتخذ ذلك المكان عيدا، وبيان أن الزيارة تنقسم إلى سنية وبدعية وشركية]]

- ‌[زِيَارَةُ الْقُبُورِ] :

- ‌[[الفصل السابع في بيان ما وقع فيه العامة اليوم مما يفعلونه عند القبور، وما يرتكبونه من الشرك الصريح والغلو المفرط في الأموات]]

- ‌[[حكم من أوقد سراجا على القبر أو بنى على الضريح مسجدا]]

- ‌[[اغترار الأمة بإبليس ومخالفتهم نهي الرسول وتحذيره]]

- ‌[[الفصل الثامن في بيان حقيقة السحر وحكم الساحر وذكر عقوبة من صدق كاهنا]]

- ‌ البحث الأول في حَقِيقَتُهُ وَتَأْثِيرُهُ:

- ‌ الْبَحْثُ الثَّانِي وَهُوَ حُكْمُ السَّاحِرِ:

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: وَهُوَ عُقُوبَةُ السَّاحِرِ شَرْعًا وَوَعِيدًا] :

- ‌ الْبَحْثُ الرَّابِعُ وَهُوَ "بَيَانُ أَنْوَاعِهِ

- ‌[[الفصل التاسع يجمع معنى حديث جبريل في تعليمنا الدين وأنه ينقسم إلى ثلاث مراتب:‌‌ الإسلام والإيمان والإحسان. وبيان كل منها]]

- ‌ الإسلام والإيمان والإحسان

- ‌الْحَدِيثُ بِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

- ‌الْحَدِيثُ بِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌الْحَدِيثُ بِهِ عَنْهُ وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ:

- ‌الْحَدِيثُ بِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:

- ‌الْحَدِيثُ بِهِ عَنْ أَبِي عَامِرٍ:

- ‌الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ:

- ‌[مَرْتَبَةُ الْإِيمَانِ] :

- ‌[مَرْتَبَةُ الْإِحْسَانِ] :

- ‌[أَرْكَانُ الْإِسْلَامِ الْخَمْسَةُ] :

- ‌ الْخَامِسُ الْحَجُّ:

- ‌ أُمُورٍ تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ

- ‌[أَرْكَانُ الْإِيمَانِ] :

- ‌ الثَّانِي الْإِيمَانُ "بِالْمَلَائِكَةِ

- ‌مِنْهُمُ الْمُوَكَّلُ بِالْوَحْيِ

- ‌وَمِنْهُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَالْكَرُوبِيُّونَ

- ‌وَمِنْهُمْ مَلَائِكَةٌ سَيَّاحُونَ يَتَّبِعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ

- ‌الْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنَ الشَّرَائِعِ

- ‌[الْإِيمَانُ بِأَمَارَاتِ السَّاعَةِ] :

- ‌[نُصُوصُ السُّنَّةِ فِي إِثْبَاتِ عَذَابِ الْقَبْرِ] :

- ‌[نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي لِقَاءِ اللَّهِ] :

- ‌[بَرَاءَةُ: النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ] :

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا جَاءَ فِي الْمِيزَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا جَاءَ فِي الصِّرَاطِ

- ‌ اعْتِقَادُ وَجُودِهِمَا الْآنَ

- ‌[مَا قَالَتْهُ الْيَهُودُ فِي النَّارِ]

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا جَاءَ فِي الْحَوْضِ وَالْكَوْثَرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي آيَاتِ الشَّفَاعَةِ وَأَحَادِيثِهَا وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ

الفصل: ‌ الخامس "الصدق" فيها المنافي للكذب

الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ عز وجل بَعْدَ ذَلِكَ: {وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} [لُقْمَانَ: 23-24] . وَفِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ" 1 وهذا هُوَ تَمَامُ الِانْقِيَادِ وَغَايَتُهُ.

"وَ"

‌ الْخَامِسُ "الصِّدْقُ" فِيهَا الْمُنَافِي لِلْكَذِبِ

، وَهُوَ أَنْ يَقُولَهَا صِدْقًا من قلبه يواطئ قَلْبِهِ لِسَانَهُ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [الْعَنْكَبُوتِ: 1-3] إلى آخر الآيات. وَقَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَالُوهَا كَذِبًا: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ، يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ، فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [الْبَقَرَةِ: 8-11]، وَكَمْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَأْنِهِمْ وَأَبْدَى وَأَعَادَ وَكَشَفَ أَسْتَارَهُمْ وَهَتَكَهَا وَأَبْدَى فضائحهم في غيرما مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ كَالْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالْأَنْفَالِ وَالتَّوْبَةِ وَسُورَةٍ كَامِلَةٍ فِي شَأْنِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ" 2، فَاشْتَرَطَ فِي إِنْجَاءِ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ مِنَ النَّارِ أَنْ يَقُولَهَا صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، فَلَا يَنْفَعُهُ مُجَرَّدُ اللَّفْظِ بِدُونِ مُوَاطَأَةِ الْقَلْبِ، وَفِيهِمَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَطَلْحَةَ بْنِ

1 رواه الخطيب في تاريخه "4/ 369" والحكيم وأبو نصر السجزي في الإبانة "كنز العمال ح1084"، والديلمي في الفردوس "ح7791".

قال أبو نصر: حسن غريب، وكذلك قال النووي. قلت: فيه نعيم بن حماد وقد ضعف. "انظر جامع العلوم والحكم وكلام ابن رجب عليه" وضعفه الألباني.

2 البخاري "1/ 226" في العلم، باب من خص بالعلم قومًا دون قوم.

ومسلم "1/ 61/ ح32" في الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا.

ص: 422

عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما مِنْ قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ، وَهُوَ ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَافِدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ لَمَّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ" قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَزْيِدُ عَلَيْهَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ"1. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: "إِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ" 2، فَاشْتَرَطَ فِي فَلَاحِهِ وَدُخُولِ الْجَنَّةِ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا.

"وَ" السَّادِسُ "الْإِخْلَاصُ" وَهُوَ تَصْفِيَةُ الْعَمَلِ بِصَالِحِ النِّيَّةِ عَنْ جَمِيعِ شَوَائِبِ الشِّرْكِ، قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى:{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزُّمَرِ: 3] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [الْبَيِّنَةِ: 5] الْآيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى:{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزُّمَرِ: 2] . وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزُّمَرِ: 11]، {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} [الزُّمَرِ: 41] . وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النِّسَاءِ: 146]، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مَنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ" 3 وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ عز وجل"4. وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا، إلا فتحت لها أَبْوَابُ السَّمَاءِ حَتَّى تُفْضِيَ إِلَى الْعَرْشِ

1، 2 البخاري "1/ 148، 149" في العلم، باب القراءة على المحدث، وفي الإيمان، باب الزكاة في الإسلام.

ومسلم "1/ 41، 42/ ح12" في الإيمان، باب السؤال عن أركان الإسلام.

ومسلم "1/ 40، 41/ ح11" في الإيمان، باب الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام.

3 البخاري "1/ 193" في العلم، باب الحرص على الحديث. وفي الرقاق، باب صفة الجنة والنار "11/ 418".

4 البخاري "1/ 518" في الصلاة، باب إذا دخل بيتا يصلي حيث يشاء.

مسلم "1/ 456/ ح264" في المساجد، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر.

ص: 423

مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ1. وَلِلنَّسَائِيِّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ حَدِيثِ رَجُلَيْنِ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مُخْلِصًا بِهَا قَلْبُهُ، يُصَدِّقُ بِهَا لِسَانَهُ إِلَّا فَتَقَ اللَّهُ لَهَا السَّمَاءَ فَتْقًا حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى قَائِلِهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَحُقَّ لَعَبْدٍ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ سُؤْلَهُ" 2.

"وَ" السَّابِعُ "الْمَحَبَّةُ" لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلِمَا اقْتَضَتْهُ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ وَلِأَهْلِهَا الْعَامِلِينَ بِهَا الْمُلْتَزِمِينَ لِشُرُوطِهَا، وَبُغْضٍ مَا نَاقَضَ ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [الْبَقَرَةِ: 165]، وَقَالَ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [الْمَائِدَةِ: 54] ، فَأَخْبَرَنَا اللَّهُ عز وجل أَنَّ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَشَدُّ حُبًّا لَهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُشْرِكُوا مَعَهُ فِي مَحَبَّتِهِ أَحَدًا كَمَا فَعَلَ مُدَّعُو مَحَبَّتِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دونه أندادا يحبونهم كَحُبِّهِ، وَعَلَامَةُ حُبِّ الْعَبْدِ رَبَّهُ تَقْدِيمُ مُحَابِّهِ وَإِنْ خَالَفَتْ هَوَاهُ وَبُغْضُ مَا يُبْغِضُ رَبُّهُ وَإِنَّ مَالَ إِلَيْهِ هَوَاهُ، وَمُوَالَاةُ مَنْ وَالَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمُعَادَاةُ مَنْ عَادَاهُ، وَاتِّبَاعُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَاقْتِفَاءُ أَثَرِهِ وَقَبُولُ هُدَاهُ. وَكُلُّ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ شُرُوطٌ فِي الْمَحَبَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ الْمَحَبَّةِ مع عدم وجود شَرْطٍ مِنْهَا، قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى:{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} [الْفَرْقَانِ: 43] الْآيَاتِ. وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} [الْجَاثِيَةِ: 23] ، فَكُلُّ مَنْ عَبَدَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ عَبْدٌ لِهَوَاهُ، بَلْ كُلُّ مَا عَصَى اللَّهَ بِهِ مِنَ الذُّنُوبِ فَسَبَبُهُ تَقْدِيمُ الْعَبْدِ هَوَاهُ عَلَى أَوَامِرِ

1 تقدم قبل قليل.

2 النسائي في عمل اليوم والليلة "ح28" وسنده ضعيف فيه محمد بن عبد الله بن ميمون بن مسيكة ويعقوب بن عاصم، وهما مقبولان كما قال الحافظ:"إذا توبعا، وإلا فلينان".

ص: 424

اللَّهِ عز وجل وَنَوَاهِيهِ. وَقَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ الْمُوَالَاةِ وَالْمُعَادَاةِ فِيهِ: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4] الآيات، وَقَالَ تَعَالَى:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ} [الجاثية: 22] الْآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [الْمَائِدَةِ: 51] الْآيَاتِ. وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التَّوْبَةِ: 23-24] الْآيَتَيْنِ. وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الْمُمْتَحَنَةِ: 1] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَقَالَ تَعَالَى فِي اشْتِرَاطِ اتِّبَاعِ رَسُولِهِ، صلى الله عليه وسلم:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: 31] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ" أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1. وَفِيهِمَا عَنْهُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" 2. وَفِي كِتَابِ الْحُجَّةِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ

1 البخاري "1/ 72" في الإيمان، باب من كره أن يعود في الكفر، وفي الأدب، باب الحب في الله "1/ 463"، ومسلم "1/ 66/ ح68" في الإيمان، باب خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان.

2 البخاري "1/ 58" في الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان.

ومسلم "1/ 17" في الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل.

ص: 425

الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ"1 وَذَلِكَ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْخَبَرُ عَنِ اللَّهِ وَالْأَمْرُ بِمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ والنهي عما يكره وَيَأْبَاهُ، فَإِذَا امْتَثَلَ الْعَبْدُ مَا أمره الله بِهِ وَاجْتَنَبَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِهَوَاهُ كَانَ مُؤْمِنًا حَقًّا، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ لَا يَهْوَى سِوَى ذَلِكَ. وَفِي الحديث:"أوثق عرا الْإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ، وَالْبُغْضُ فِيهِ"2. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: مَنْ أَحَبَّ فِي اللَّهِ وَأَبْغَضَ فِي اللَّهِ، وَوَالَى فِي اللَّهِ وَعَادَى فِي اللَّهِ، فَإِنَّمَا تُنَالُ وِلَايَةُ اللَّهِ بِذَلِكَ، وَقَدْ أَصْبَحَ غَالِبُ مُؤَاخَاةِ النَّاسِ الْيَوْمَ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ لَا يُجْدِي عَلَى أَهْلِهِ شَيْئًا3. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ: ادَّعَى قَوْمٌ مَحَبَّةَ اللَّهِ عز وجل فَابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} 4. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: "مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى" 5. قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا سُلَيْمٌ -وَأَثْنَى عَلَيْهِ- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ حَدَّثَنَا -أَوْ سَمِعْتُ- جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إِلَى

1 تقدم قبل قليل، وأن سنده ضعيف.

2 رواه أحمد في مسنده من حديث البراء بن عازب "4/ 286" وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف.

ورواه الطبراني في المعجم الصغير من حديث عبد الله بن مسعود "1/ 223-224" وفيه عقيل الجعدي قال البخاري: منكر الحديث "المجمع 1/ 95" وعنه الخرائطي في مكارم الأخلاق "تخريج الأحياء 1/ 159" بسند ضعيف، والحديث له شواهد أخرى، يرتقي إلى درجة الاحتجاج.

3 انظر جامع العلوم والحكم "ص32".

4 انظر ابن كثير "1/ 367" وهي رواية مرسلة، وقد روي غيرها عن ابن عباس.

5 البخاري "13/ 249" في الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد خرجه الحاكم "1/ 55" وقال: على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقد خرجه البخاري كما ترى.

ص: 426

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَائِمٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالُوا: إِنَّ مَثَلَهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنَ الْمَأْدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الْمَأْدُبَةِ، فَقَالُوا: أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهُهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا: فَالدَّارُ الْجَنَّةُ وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ1. وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا تَتِمُّ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَّا بِشَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَتِمُّ مَحَبَّةُ اللَّهِ عز وجل إِلَّا بِمَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ وَكَرَاهَةِ مَا يَكْرَهُهُ، فَلَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يُحِبُّهُ تَعَالَى وَيَرْضَاهُ وَمَا يَكْرَهُهُ وَيَأْبَاهُ إِلَّا بِاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ، فَصَارَتْ مَحَبَّتُهُ مُسْتَلْزِمَةً لِمَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَتَصْدِيقِهِ وَمُتَابَعَتِهِ؛ وَلِهَذَا قَرَنَ مَحَبَّتَهُ بِمَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ عز وجل: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التَّوْبَةِ: 24] وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ الَّتِي فِيهَا: مَنْ فَعَلَ ذَنْبَ كَذَا فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ، أَوْ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فَعَلَ كَذَا؛ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ النُّصُوصِ بِأَنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَبِأَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ أَيْضًا مُتَفَاوِتُونَ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فِي السَّبْقِ وَارْتِفَاعِ الْمَنَازِلِ، فَيَكُونُ فَاعِلُ هَذَا الذَّنْبِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الَّتِي أعدت لمن لم يرتكبه، أو لا يدخلها في الوقت الذي يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ لَمْ

1 البخاري "13/ 249، 250" في الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 427

يَرْتَكِبُ ذَلِكَ الذَّنْبَ، وَهَذَا وَاضِحٌ مَفْهُومٌ لِلْعَارِفِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ. وَكَذَلِكَ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا تَحْرِيمُ أَهْلِ هَاتَيْنِ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى النَّارِ، وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا إِخْرَاجُهُمْ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ صَارُوا حُمَمًا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِأَنَّ تحريم من يدخلها بِذَنْبِهِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ بِأَنَّ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهَا يَكُونُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ ثُمَّ بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ، ثُمَّ يَغْتَسِلُونَ فِي نَهْرِ الْحَيَاةِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَحِينَئِذٍ قَدْ حُرِّمُوا عَلَيْهَا فَلَا تَمَسُّهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ. أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يُحَرَّمُونَ مُطْلَقًا عَلَى النَّارِ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ الَّتِي لَا يَخْرُجُ مِنْهَا مَنْ دَخَلَهَا، وَهِيَ مَا عَدَا الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا مِنَ النَّارِ الَّتِي يَدْخُلُهَا بَعْضُ عُصَاةِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ مِمَّنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِقَابَهُ وَتَطْهِيرَهُ بِهَا عَلَى قَدْرِ ذَنْبِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ فَلَا يَبْقَى فِيهَا أَحَدٌ. وَهَذِهِ إِشَارَةٌ كَافِيَةٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَسْطَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ عِنْدَ ذِكْرِ الشَّفَاعَاتِ، وَنَذْكُرُ الْأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا هَذَا وَهَذَا وَالْأَحَادِيثَ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الْجَمْعُ بَيْنَ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الْبَابِ كَلَامًا حَسَنًا بَعْدَ سِيَاقِهِ حَدِيثَ معاذ وحديث عتبان وَحَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ وَحَدِيثَ عُبَادَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَعَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ. قَالَ: وَأَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا مَا فِيهِ أَنَّ مَنْ أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَلَمْ يُحْجَبْ عَنْهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنَّ النَّارَ لَا يُخَلَّدُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ الْخَالِصِ بَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يُحْجَبُ عَنْهَا إِذَا طُهِّرَ مِنْ ذُنُوبِهِ بِالنَّارِ، وَقَدْ يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ بِلَا عِقَابٍ قَبْلُ. وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ معناه: أن الزنى وَالسَّرِقَةَ لَا يَمْنَعَانِ دُخُولَ الْجَنَّةِ مَعَ التَّوْحِيدِ وَهَذَا حَقٌّ لَا مِرْيَةَ فِيهِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنْ لا يعذب عليهما مَعَ التَّوْحِيدِ، وَفِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا:"مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ نَفَعَتْهُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ يُصِيبُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ"1. الثَّانِي فِيهِ أَنْ يُحَرَّمَ عَلَى النَّارِ، وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْخُلُودِ فِيهَا أَوْ عَلَى مَا يُخَلَّدُ فِيهَا أَهْلُهَا، وَهِيَ مَا عَدَا الدَّرْكَ الْأَعْلَى مِنَ النَّارِ، فَإِنَّ الدَّرْكَ الْأَعْلَى يَدْخُلُهُ كَثِيرٌ مِنْ عُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ بِذُنُوبِهِمْ ثُمَّ يَخْرُجُونَ بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ

1 مسند البزار "كشف الأستار 1/ 10" وقال: وقد روي عن أبي هريرة موقوفا ورفعه أصح. قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح "المجمع 1/ 17".

ورواه الطبراني في الصغير "1/ 140" والأوسط "المجمع 1/ 17".

ص: 428

وَبِرَحْمَةِ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُخْرِجَنَّ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" 1 وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ مقتضٍ لِذَلِكَ، وَلَكِنَّ المقتضى عمله لَا يَعْمَلُ عَمَلَهُ إِلَّا بِاسْتِجْمَاعِ شُرُوطِهِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ فَقَدْ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ مُقْتَضَاهُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَهُوَ أَظْهَرُ. وَقَالَ الْحَسَنُ لِلْفَرَزْدَقِ وَهُوَ يَدْفِنُ امْرَأَتَهُ: مَا أَعْدَدْتَ لِهَذَا الْيَوْمِ؟ قَالَ: شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً قَالَ الْحَسَنُ: نِعْمَ العدة، لكن لشهادة أن لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ شُرُوطًا فَإِيَّاكَ وَقَذْفَ الْمُحْصَنَاتِ. وَقِيلَ لِلْحَسَنِ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَقَالَ: مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَدَّى حَقَّهَا وَفَرْضَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ لِمَنْ سَأَلَهُ: أَلَيْسَ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ مَا مِنْ مِفْتَاحٍ إِلَّا لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ أَتَيْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحُ لَكَ2، وَهَذَا الْحَدِيثُ:" إِنَّ مِفْتَاحَ الْجَنَّةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَأَلَكَ أَهْلُ الْيَمَنِ عَنْ مِفْتَاحِ الْجَنَّةِ فَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"3 وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا كَوْنُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَتَّبَ دُخُولَ الْجَنَّةِ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّصُوصِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ قَالَ: "تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ"4. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي

1 هو من حديث الشفاعة الذي ذكر في عدة مواطن في هذا الكتاب وأخرجه البخاري "13/ 473، 474" في التوحيد، باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم. ومسلم في الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة "1/ 182-184/ ح193".

2 ذكره البخاري تعليقا في الجنائز، باب من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله "3/ 109" ووصله في التاريخ وأبو نعيم في الحلية.

3 أحمد "5/ 242" وليس فيه ذكر قوله: "إذا سألك أهل اليمن". وفيه شهر بن حوب وهو ضعيف عن معاذ بن جبل وهو منقطع. وفيه إسماعيل بن عياش وروايته عن غير الشاميين ضعيفة وهو كذلك هنا.

4 البخاري "10/ 414" في الأدب، باب فضل صلة الرحم. مسلم "1/ 42، 43/ ح13" في الإيمان، باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة.

ص: 429

هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَالَ: "تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ" فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيدُ على هذا شيئا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ سره أن ينطر إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا"1.

وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَّةِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِأُبَايِعَهُ فَاشْتَرَطَ عَلَيَّ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنْ أُقِيمَ الصلاة وأن أؤتي الزَّكَاةَ وَأَحُجَّ حُجَّةَ الْإِسْلَامِ وَأَنْ أَصُومَ رَمَضَانَ وَأَنْ أُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا اثْنَتَيْنِ فَوَاللَّهِ مَا أُطِيقُهُمَا: الْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ. فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ ثُمَّ حَرَّكَهَا وَقَالَ: "فَلَا جِهَادَ وَلَا صَدَقَةَ فَبِمَ تدخل الجنة إذن"؟! قُلْتُ: أُبَايِعُكَ فَبَايَعْتُهُ عَلَيْهِنَّ كُلِّهِنَّ2. فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ شَرْطٌ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ مَعَ حُصُولِ التَّوْحِيدِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ، وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" فَفَهِمَ عُمَرُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ مَنْ أَتَى الشَّهَادَتَيْنِ امْتَنَعَ مِنْ عُقُوبَةِ الدُّنْيَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، فَتَوَقَّفُوا فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ. وَفَهِمَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ قِتَالُهُ إِلَّا بِأَدَاءِ حُقُوقِهَا؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ مَنَعُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ" وَقَالَ: الزَّكَاةُ حَقُّ الْمَالِ. وَهَذَا الَّذِي فَهِمَهُ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه قَدْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَرِيحًا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ وَغَيْرُهُمَا رضي الله عنهم، وَأَنَّهُ قَالَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ

1 البخاري "3/ 261" في الزكاة، باب وجوب الزكاة.

مسلم "1/ 44/ ح14" في الإيمان، باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة.

2 أحمد "5/ 224" وفي سنده أبو المثنى العبدي "مؤثر بن عفارة" وهو مقبول كما قال الحافظ: "إذا توبع وإلا فلين" ولا يروى هذا إلا من طريقه. انظر الاستيعاب "1/ 230".

ص: 430

وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ"1. وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ} [التَّوْبَةِ: 5] الْآيَةَ وَلَا تَثْبُتُ إِلَّا بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ مَعَ التَّوْحِيدِ، وَلَمَّا قَرَّرَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه هَذَا لِلصَّحَابَةِ رَجَعُوا إِلَى قَوْلِهِ وَرَأَوْهُ صَوَابًا، فَإِذَا عُلِمَ أَنَّ عُقُوبَةَ الدُّنْيَا لَا تَرْتَفِعُ عَمَّنْ أَدَّى الشَّهَادَتَيْنِ مُطْلَقًا بَلْ يُعَاقَبُ بِإِخْلَالِهِ بِحَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْإِسْلَامِ، فَكَذَلِكَ عُقُوبَةُ الْآخِرَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ أَوَّلًا وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ وَالْحُدُودِ، مِنْهُمُ الزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِىُّ وَغَيْرُهُمَا، وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْهَا كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ وَالْحُدُودِ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهِيَ فِي آخِرِ حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مَنْسُوخَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَكِنْ ضُمَّ إِلَيْهَا شَرَائِطُ، وَيَلْتَفِتُ هَذَا إِلَى أَنَّ زِيَادَةَ النَّصِّ هَلْ هِيَ نَسْخٌ أَمْ لَا؟ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ مَشْهُورٌ وَقَدْ صَرَّحَ الثَّوْرِيُّ بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَأَنَّهُ نَسَخَتْهَا الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ. وَقَدْ يَكُونُ مُرَادُهُمْ بِالنَّسْخِ الْبَيَانَ وَالْإِيضَاحَ، فَإِنَّ السَّلَفَ كَانُوا يُطْلِقُونَ النَّسْخَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرًا وَيَكُونُ مرادهم أن آيات الْفَرَائِضِ وَالْحُدُودِ تُبَيِّنُ تَوَقُّفَ دُخُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ عَلَى فِعْلِ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ فَصَارَتِ النُّصُوصُ مَنْسُوخَةً أَيْ: مُبَيَّنَةً مُفَسَّرَةً، وَنُصُوصُ الْحُدُودِ وَالْفَرَائِضِ نَاسِخَةً أَيْ: مُفَسِّرَةً لِمَعْنَى تِلْكَ النُّصُوصِ مُوَضِّحَةً لَهَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تِلْكَ النُّصُوصُ الْمُطْلَقَةُ قَدْ جَاءَتْ مُقَيَّدَةً فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ فَفِي بَعْضِهَا: "مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا دَخَلَ الْجَنَّةَ" 2، وَفِي بَعْضِهَا "مُسْتَيْقِنًا" 3، وَفِي بَعْضِهَا: "مُصَدِّقًا بِهَا قَلْبُهُ لِسَانَهُ" 4، وَفِي بَعْضِهَا: "يَقُولُهَا مِنْ

1 حديث ابن عمر رواه البخاري "1/ 75" في الإيمان، باب:"فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم".

ومسلم "1/ 53/ ح22" في الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله.

حديث أنس رواه البخاري "1/ 497" في الصلاة باب فضل استقبال القبلة.

وفي الباب عن أبي هريرة، وجابر.

2، 3، 4 تقدم لفظه.

ص: 431

قَلْبِهِ" 1، وَفِي بَعْضِهَا: "قَدْ ذَلَّ بِهَا لِسَانُهُ وَاطْمَأَنَّ بِهَا قَلْبُهُ"2. وَهَذَا كُلُّهُ إِشَارَةٌ إِلَى عَمَلِ الْقَلْبِ وَتَحَقُّقِهِ بِمَعْنَى الشَّهَادَتَيْنِ، فَتَحَقُّقُهُ بِمَعْنَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ: أَنْ لَا يَأْلَهَ قَلْبُهُ غَيْرَ اللَّهِ حُبًّا وَرَجَاءً وَخَوْفًا وَطَمَعًا وَتَوَكُّلًا وَاسْتِعَانَةً وَخُضُوعًا وَإِنَابَةً وَطَلَبًا، وَتَحَقُّقُهُ بِشَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يُعْبَدَ بِغَيْرِ مَا شَرَعَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا الْمَعْنَى جَاءَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا دَخَلَ الْجَنَّةَ" قِيلَ: مَا إِخْلَاصُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَنْ تَحْجِزَكَ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ" وَهَذَا يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ3، وَلَكِنَّ إِسْنَادَهُمَا لَا يَصِحُّ، وَجَاءَ أَيْضًا مِنْ مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ نَحْوُهُ وَتَحْقِيقُ هَذَا الْمَعْنَى وَإِيضَاحُهُ أَنَّ قَوْلَ الْعَبْدِ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" يَقْتَضِي أَنْ لَا إِلَهَ غَيْرُ اللَّهِ وَالْإِلَهُ الَّذِي يُطَاعُ وَلَا يُعْصَى هَيْبَةً وَإِجْلَالًا وَمَحَبَّةً وَخَوْفًا وَرَجَاءً وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ وَسُؤَالًا مِنْهُ وَدُعَاءً لَهُ، وَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ كُلُّهُ لِغَيْرِ اللَّهِ عز وجل، فَمَنْ أَشْرَكَ مَخْلُوقًا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ مِنْ خَصَائِصِ الْإِلَهِيَّةِ كَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي إِخْلَاصِهِ فِي قَوْلِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَنَقْصًا فِي تَوْحِيدِهِ، وَكَانَ فِيهِ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْمَخْلُوقِ بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ فُرُوعِ الشِّرْكِ؛ وَلِهَذَا وَرَدَ إِطْلَاقُ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ المعاصي التي منشؤها مِنْ طَاعَةِ غَيْرِ اللَّهِ عز وجل أَوْ خَوْفِهِ أَوْ رَجَائِهِ أَوِ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ أَوِ الْعَمَلِ، كَمَا وَرَدَ إِطْلَاقُ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ عَلَى الرِّبَا وَعَلَى الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ عز وجل وَعَلَى التَّوَكُّلِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَوَّى بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْمَخْلُوقِ فِي الْمَشِيئَةِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وشاء فُلَانٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ: مَا لِي إِلَّا اللَّهُ وَأَنْتَ، وَكَذَلِكَ مَا يَقْدَحُ فِي التَّوْحِيدِ وَتَفَرُّدِ اللَّهِ بِالنَّفْعِ وَالضُّرِّ كَالطِّيَرَةِ وَالرُّقَى الْمَكْرُوهَةِ وَإِتْيَانِ الْكُهَّانِ وَتَصْدِيقِهِمْ بِمَا يَقُولُونَ.

1 تقدم لفظه.

2 رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، والأكثر على تضعيفه "المجمع 1/ 26".

3 حديث زيد بن أرقم رواه الطبراني في الكبير "ح5074" وفي سنده الهيثم بن جماز وهو ضعيف وأبو داود الدارمي وهو متروك والأوسط "مجمع الزوائد 1/ 23" وفي سنده عبد الرحمن بن غزوان وهو وضاع.

حديث أنس رواه الخطيب في تاريخه "12/ 64" وفي سنده محمد بن عبد الرحمن بن غزوان كان يضع الحديث "الميزان ت 7857".

ص: 432

كَذَلِكَ اتِّبَاعُ هَوَى النَّفْسِ فِيمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ قَادِحٌ فِي تَمَامِ التَّوْحِيدِ وَكَمَالِهِ؛ وَلِهَذَا أَطْلَقَ الشَّرْعُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الذنوب التي منشؤها مِنْ هَوَى النَّفْسِ أَنَّهَا كُفْرٌ وَشِرْكٌ كَقِتَالِ الْمُسْلِمِ وَمَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْمِلَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ السَّلَفُ: كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ وَشِرْكٌ دُونَ شِرْكٍ، وَقَدْ وَرَدَ إِطْلَاقُ الْإِلَهِ عَلَى الْهَوَى الْمُتَّبَعِ قَالَ تَعَالَى:{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الْفَرْقَانِ: 43] قَالَ الْحَسَنُ رحمه الله: هُوَ الَّذِي لَا يَهْوَى شَيْئًا إِلَّا رَكِبَهُ1، وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الَّذِي كُلَّمَا هَوَى شَيْئًا رَكِبَهَ، وَكُلَّمَا اشْتَهَى شَيْئًا أَتَاهُ لَا يَحْجِزُهُ عَنْ ذَلِكَ وَرَعٌ2. وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ:"مَا تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ إِلَهٌ يُعْبَدُ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ هَوًى مُتَّبَعٍ"3، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:"لَا تَزَالُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَدْفَعُ عَنْ أَصْحَابِهَا حَتَّى يُؤْثِرُوا دُنْيَاهُمْ عَلَى دِينِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ وَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ"4. وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الْقَطِيفَةِ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ" 5، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا وَأَطَاعَهُ وَكَانَ مِنْ غَايَةِ قَصْدِهِ وَمَطْلُوبِهِ وَوَالَى لِأَجْلِهِ وَعَادَى لِأَجْلِهِ، فَهُوَ عَبْدُهُ وَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مَعْبُودَهُ وَإِلَهَهُ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى طَاعَةَ الشَّيْطَانِ فِي مَعْصِيَتِهِ عِبَادَةً لِلشَّيْطَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يس: 60] . وَقَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لِأَبِيهِ: {يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا} [مَرْيَمَ: 44] فَمَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ بِعُبُودِيَّةِ الرَّحْمَنِ وَطَاعَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْبُدُ الشَّيْطَانَ بِطَاعَتِهِ، وَلَمْ يَخْلُصْ مِنْ عِبَادَةِ الشَّيْطَانِ إِلَّا مَنْ أَخْلَصَ عُبُودِيَّةَ

1 أخرجه ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم "الدر المنثور 6/ 260".

2 أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم "الدر المنثور 1/ 260".

3 رواه ابن أبي عاصم في السنة "ح3" والطبراني في الكبير "المجمع 1/ 193" وأبو نعيم في الحلية "6/ 118" وابن الجوزي في الموضوعات "3/ 139" وسنده موضوع.

4 رواه أبو يعلى "المطالب العالية ح3274" وقال البوصيري: سنده ضعيف.

5 البخاري "6/ 81" في الجهاد، باب الحراسة في الغزو في سبيل الله، وفي الرقاق، باب ما يتقى من فتنة المال.

ص: 433