الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معجم المناهي اللفظية
(حرف الألف)
آشهد: (1)
قال الزركشي - رحمه الله تعالى -: ((ليتحرز من أغلاط يستعملها المؤذنون:
أحدهما: مد الهمزة من أشهد فيخرج من الخبر إلى الاستفهام.
ثانيها: مد الباء من أكبر فينقلب المعنى إلى جمع كبر وهو الطبل.
ثالثها: الوقف على إله ويبتدئ: إلا الله. فربما يؤدي إلى الكفر.
رابعها: إدغام الدال من محمد في الراء من الرسول، وهو لحن خفي عند القراء.
خامسها: أن [لا] ينطق بالهاء من الصلاة فيصير دعاءً إلى النار. ذكر هذه الخمسة صاحب التذكرة.
سادسها: أن يفتح الراء في أكبر الأُولى أو يفتحها ويسكن الثانية.
سابعها: مد الألف من اسم الله ومن الصلاة والفلاح، فإن مده مدّاً زائداً على ما تكلمت به العرب لحن. قال أبو الفتح عبد الواحد بن الحسين المغربي: الزيادة في حرف المد واللين على مقدارها لكنة وخطأ.
ثامنها: قلب الألف هاءً من الله....)) انتهى.
آلله:
انظر اللفظ قبله.
(1) (آشهد: إعلام الساجد: ص / 367- 368. المغني لابن قدامه 2/90. وانظر في هذا الحرف: الله أكبر.
آلهة: (1)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا قدِم أبي أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأُخرجت.. الحديث. رواه البخاري، وغيره.
قال ابن حجر:
(وفيه الآلهة: أي الأصنام، وأطلق عليها الآلهة باعتبار ما كانوا يزعمون. وفي جواز إطلاق ذلك وقفه. والذي يظهر كراهته) اهـ.
وانظر زيادة للبحث في لفظ ((أُمتي)) .
آمنت برسولِكَ الذي أرسلت (في الدُّعاء عند النوم) : (2)
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل:
اللهم إنِّي أسلمت وجهي إليك - إلى أن قال - آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت..))
قال: فردَّدتهن لأستذكرهن، فقلت: آمنت برسولك الذي أرسلت، قال صلى الله عليه وسلم:((قل: آمنت بنبيك الذي أرسلت)) .
رواه مسلم. والترمذي. وغيرهما.
آه: (3)
الأنين، أو التأوه، نحو ((آه)) أو ((أوَّه)) على قسمين: في الصلاة، أو خارجها، أما في الصلاة فتبطل به، عند الشافعية وأحمد وغيرهم.
(1) (آلهة: فتح الباري 3/469، وانظر لفظ العزى من حرف العين.
(2)
(آمنت برسولِكَ الذي أرسلت (في الدُّعاء عند النوم) : شرح مسلم 17 / 33، 34. جامع الترمذي 5/469. فتح المغيث للسخاوي.
(3)
(آه: المجموع للنووي 4/89، 5/129. عدة الصابرين ص/231. فتح الباري 10 /124. الفتاوى 24/284، وفهرسها 37/92. فتح الباري 4/490. مجموع فتاوى ابن باز: 4/144.
وقال أبو حنيفة، وصاحباه، ومالك: إن كان لخوف الله تعالى لم تبطل صلاته، وإلا بطلت.
وعن أبي يوسف: أنه إن قال: ((آه)) لم تبطل، وإن قال:((أوّه)) بطلت، وأما خارج الصلاة نحو تأوُّه المريض، وأنينه، فإن النووي - رحمه الله تعالى - ردَّ على من قال بكراهته، فقال:
(وهذا الذي قالوه من الكراهة ضعيف أو باطل، فإن المكروه هو الذي ثبت فيه نهي مقصود، ولم يثبت في هذا النهي، بل في صحيح البخاري عن القاسم قال: قالت عائشة: وارأساه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بل أنا وارأساه)) . فالصواب أنه لا كراهية فيه، ولكن الاشتغال بالتسبيح ونحوه أولى. فلعلهم أرادوا بالكراهة هذا) اهـ.
وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: (وأما الأنين فهل يقدح في الصبر؟ فيه روايتان عن الإمام أحمد، قال أبو الحسين: أصحهما الكراهة؛ لما روي عن طاووس أنه كان يكره الأنين في المرض. وقال مجاهد: كل شيء يكتب على ابن آدم مما يتكلم حتى أنينه في مرضه. قال هؤلاء: إن الأنين شكوى بلسان الحال ينافي الصبر.
ثم ذكر الرواية الثانية: أنه لا يكره ولا يقدح في الصبر
…
الخ.
ثم قال ابن القيم: (والتحقيق أن الأنين على قسمين: أنين شكوى، فيُكره، وأنين استراحة وتفريج، فلا يكره، والله أعلم) إلى آخره. وأما جعل ((آه)) من ذكره الله، كما روى عن السري السقطي، فهو من البدع المنكرة.
وانظر لفظ أفٍ.
ولفظ: هاه في حرف: الهاء.
ومن التأوه ما يكون محموداً كإظهار التوجُّع والتألم لمخالفة حكم شرعي؛ للإنكار على المخالف، كما وقع في حديث البخاري في إنكار النبي صلى الله عليه وسلم -
على بلال في بيع باطل، فقال له:((أوَّه أَوَّه عين الربا، لا تفعل)) .
آوى أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم طريداً وآنسه وحيداً: (1)
سُئِل العز بن عبد السلام - رحمه الله تعالى - عمن قال ذلك، فأجاب:(من زعم أن أبا بكر رضي الله عنه آوى رسول الله صلى الله عليه وسلم طريداً فقد كذب، ومن زعم أنّه آنسه وحيداً فلا بأس بقوله والله أعلم) . اهـ.
أألِجُ: (2)
جاء النهي عنه في مسند أحمد، وسنن أبي داود، والترمذي.
وعن عمرو بن سعيد الثقفي: أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أألج؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأمةٍ يقال لها: روضة: ((قومي إلى هذا فعلِّميه، فإنه لا يحسن يستأذن، فقولي له يقول: السلام عليكم أأدخل؟)) فسمعها الرجل، فقال: أأدخل.
ذكره ابن حجر في ترجمة روضة من ((الإصابة)) .
وعن ريحانة قالت: جئت عمر فقلت: أألج؟ فقال لي: إذا جئتِ فقولي: السلام عليكم، فإن قالوا: وعليكم السلام، فقولي: أأدخل؟
رواه سعيد بن منصور. وعنه ابن حجر في: الإصابة، القسم الثالث من حرف الراء في النساء.
آيات بيِّنات:
يأتي في حرف الميم: مفاتيح الغيب.
آية: (3)
بيَّن الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله تعالى - أنه لا يجوز إطلاقها على ما في الكتب السابقة على القرآن الكريم
(1) (آوى أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم طريداً وآنسه وحيداً:? فتاوى ابن عبد السلام ص / 40.
(2)
(أألج: الإصابة لابن حجر 7/ 658، 662.
(3)
(آية: انظر: استدراكات وتصحيحات الشيخ أحمد شاكر على الجز الأول من تاريخ ابن خلدون ص /437 بتعليق شكيب أرسلان.
((لأن الآية لا تطلق إلا على آية القرآن الكريم؛ لأنه اصطلاح إسلامي صِرْف، مأخوذ من معنى الإعجاز، ولم توصف الكتب السابقة بالإعجاز، ولم تكن موضعاً لتحدي الأُمم، وتعجيزها)) .
آية الله:
ليس اسماً للنبي صلى الله عليه وسلم ولا يلقب به، فكيف بغيره صلى الله عليه وسلم؟ انظر في حرف الطاء: طه.
أب: (1)
من الإلحاد في أسماء الله سبحانه وتعالى: تسمية النصارى لله تعالى ((أباً)) وتجد هذا بسطاً في تفسير قوله تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
وعند تفسير قول الله تعالى {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} من سورة الأحزاب، يذكر المفسرين حكم إطلاق (أب) على النبي صلى الله عليه وسلم فليحرر.
وانظر: أبو المؤمنين، ولفظ: اللات.
الأب: (2)
في حكم إطلاقه على غير الأب لصلب. هذا مما سُئِل عنه ابن الصلاح فأجاب عنه - رحمه الله تعالى - وهذا نصها:
((مسألة: في الأُبوة، هل يجوز أن يطلق في الكتاب العزيز، والحديث الصحيح: الأب، من غير صُلْب، وأيْش الفرق بين آدم أبي البشر، وبين إبراهيم الخليل - صلى الله عليهما وسلم - أب، فآدم أبو البشر، وإبراهيم أبو الإيمان، أو لمعنى آخر.
ونرى مشايخ الطرقية يسمونهم: أبا المريدين، فيجب بيان هذا من الكتاب العزيز، والحديث الصحيح، وأّيُّما أعْلى: الأب، أو الأخ، أو الصاحب؟ ترى الصحابة رضي الله عنهم كانوا إخوة رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث الإسلام
(1) (أب: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح. بدائع الفوائد 1/169 - 170. مختصر لوامع الأنوار البهية ص 103. تيسير العزيز الحميد ص/ 580. الجوائز والصلات ص/27-29. خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم لابن طولون: ص/331 - 332. خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم لابن الملقن ص 25.
(2)
(الأب: فتاوى ابن الصلاح: ص / 64 - 66.
والإيمان، وتراهم خُضُّوا باسم: الصاحب. بيِّنُوا لنا هذا، رزقكم الله الجنة.
أجاب رضي الله عنه: قال الله تعالى {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} وإسماعيل من أعمامه، لا من آبائه، وقال سبحانه:{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} وأمه قد كان تقدم وفاتها، قالوا: والمراد خالتُهُ، ففي هذا: استعمال الأبوين من غير ولادة حقيقية، وهو مجاز صحيح في اللسان العربي، وإجراء ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم، والعالم، والشيخ، والمريد: سائغ من حيث اللغة، والمعنى، وأما من حيث الشرع، فقد قال سبحانه وتعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} ، وفي الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم:((إنما أنا لكم بمنزلة الوالد، أُعلِّمُكم)) .
فذهب بعض علمائنا إلى أنه لا يُقال فيه صلى الله عليه وسلم: أنه ((أبو المؤمنين)) وإن كان يُقال في أزواجه: ((أُمهات المؤمنين)) .
وحجته ما ذكرت.
فعلى هذا، فيقال: هو ((مثل الأب)) أو ((كالأب)) أو ((بمنزلة أبينا)) .
ولا يُقال: ((هو أبونا)) أو ((والدنا)) .
ومن علمائنا من جوَّز، وأطلق هذا أيضاً، وفي هذا للمحقق مجال بحث يطول.
والأحوط: التورع، والتحرز عن ذلك. وأمّا الأخ، والصاحب، فكل واحد منهما أخص من الآخر وأعم، فأخ ليس بصاحب، وصاحب ليس بأخ، وإذا قابلت بينهما فالأخ أعلى.
وأمَّا في حق الصحابة رضي الله عنهم فإنما اختير لفظ الصحبة، لأنها خصيصة لهم، وأُخوة الإسلام شاملة لهم ولغيرهم، وأيضاً فلفظ الصحابة يشعر بالأمرين: أُخوة الدين والصحبة؛ لأنه لا يطلق ذلك في العرف على الكافر وإن صاحبهُ صلى الله عليه وسلم مُدّةً. والله
أعلم)) انتهى. وانظر: أبو المؤمنين، وأجداد المؤمنين.
الأبد: (1)
في مبحث أسماء الله سبحانه وتعالى من كتاب: ((تيسير العزيز الحميد)) ، بعد تقرير أنها توقيفية، وسياق حديث الترمذي، قال:
(وما عدا ذلك ففيه أسماء صحيحة ثابتة، وفي بعضها توقف، وبعضها خطأ محض، كالأبد، والناظر، والسامع، والقائم، والسريع، فهذه وإن ورد عدادها في بعض الأحاديث فلا يصح ذلك أصلاً، وكذلك: الدَّهر، والفعَّال، والفالِق، والمخرج، والعالم، مع أن هذه لم ترد في شيء من الأحاديث
…
الخ) .
أبدي:
يأتي في حرف الياء: يا أزلي يا أبدي.
أبقاك الله: (2)
قال السفاريني: (قال الخلال في الآداب: كراهية قوله في السلام: أبقاك الله. أخبرنا عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل قال: رأيت أبي إذا دُعي له بالبقاء يكرهه. يقول: هذا شيء قد فرغ منه.
وذكر شيخ الإسلام - قدَّس الله روحه -: أنه يكره ذلك، وأنه نص عليه أحمد وغيره من الأئمة. واحتج له بحديث أُم حبيبة لما سألت أن يُمتِّعها الله بزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبيها أبي سفيان، وبأخيها معاوية، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنِّكِ سألت الله لآجال
(1) (الأبد: تيسير العزيز الحميد ص/ 579. ويأتي في لفظ الياء: يا أزلي.
(2)
(أبقاك الله: غذاء الألباب 1/ 296، وانظر إرشاد ذوي العرفان لما للعمر من الزيادة والنقصان، للشيخ مرعي - رحمه الله تعالى -. ويأتي في الملحق بلفظ: أدام الله أيامك. ولفظ: أطال الله بقاءك. من حرف الألف. ولفظ: البقاء لك، ولك الدوام. من حرف الباء. ولفظ: عشت ألف سنة، من حرف العين.
مضروبة، وآثار مرطوءة، وأرزاق مقسومة، لا يعجل منها شيء قبل حله، ولا يؤخر منها شيء بعد حله، ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار، وعذاب في القبر كان خيراً لك)) . رواه مسلم من حديث ابن مسعود
…
) اهـ.
ذكرت هذا اللفظ في: ((المناهي)) على سبيل التوقي، وإلا فالصحيح أنه لا يُنهى عنه لما تراه في:((الملحق)) بلفظ: ((أطال الله بقاءك)) .
أبقيتُ لأهلي الله ورسوله: (1)
في مبحث صدقة المرء بماله كله من كتاب ((زاد المعاد)) قال: (فمكّن أبا بكر الصدِّيق رضي الله عنه من إخراج ماله كله، وقال: ((ما أبقيت لأهلك؟)) فقال: أبقيت لهم الله ورسوله) . اهـ.
قلت: وهذا إنما هو في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أما بعد وفاته فلا، وذلك - والله أعلم - أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد انتقل إلى جوار ربه، فالبقاء إنما هو للهِ سبحانه وتعالى؛ ولهذا يصح في قول أحدنا أن يقول: أبقيتُ لأهلي الله سبحانه وتعالى. والله أعلم.
ابن الملقن: (2)
كان سراج الدِّين أبو حفص عمر بن علي المصري الشافعي، م سنة (804) رحمه الله المشهور بابن الملقن: كان يغضب إذا قيل له: ابن الملقن. بحيث لم يكتبها بخطه.
ابن بَهْلل: (3)
يُقال للذي لا يعرف نسبه. فرمي إنسان به قذف له.
ابن الدَّموك: (4)
هو: ولد الزنا
…
فإطلاقه قذف.
ابن علية: (5)
في ترجمة إسماعيل بن إبراهيم بن علية، من ((السير)) للذهبي قال: (كان يقول: من قال: ابن علية، فقد اغتابني.
(1) (أبقيتُ لأهلي الله ورسوله: زاد المعاد 3/24.
(2)
(ابن الملقن: مختصر استدراك الذهبي على المستدرك: 1/23.
(3)
(ابن بهلل: المرصع ص /97.
(4)
(ابن الدَّموك: المرصع لابن الأثير ص /172.
(5)
(ابن علية: السير 9/108. شرح الأذكار 6/ 137. طبقات الحنابلة 1 / 99.
قلت: هذا سوء خُلق منه رحمه الله شيْءٌ قد غلب عليه فما الحيلة؟ قد دعا النبي صلى الله عليه وسلم غير واحدٍ من الصحابة بأسمائهم مضافاً إلى الأُم، كالزبير: ابن صفية، وعمار: ابن سمية) اهـ.
وذكر النووي في ((الأذكار)) اتفاق العلماء على تحريم تلقيب الإنسان بما يكره سواء كان صفة له كالأثرم، أو صفة لأبيه أو لأُمه، أو لغير ذلك مما يكره.
وأنهم اتفقوا على جواز ذكره بذلك على جهة التعريف لمن لا يعرفه إلا بذلك.
قال شارحها: (والأولى أن يسلك فيمن لا يُعْرفُ إلا بما يكرهه: المسلك الحسن الذي سلكه إمامنا الشافعي، حيث قال: أخبرني إسماعيل الذي يُقال له: ابن علية، فجمع بين التعريف والتبري من التلقيب، رحمه الله تعالى ورضي عنه) اهـ.
ابن كَرْكَم: (1)
قيس بن كركم، يروي عن ابن عباس، هو: قيس بن شُفي، كان يحيى القطان يكره أن يُقال: ابن كركم.
أبناء درزة: (2)
هم السفلة الذين لا خير فيهم، ويُقال للأرذال: هم أولاد درْزة.
أبو جهل:
يأتي في حرف التاء: تعس الشيطان.
أبو حاجب: (3)
هو كناية في قذف الآدمي، يُراد به أنه ولد زنية.
أبو الحكم: (4)
يُروى عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسمى الرجل: حرباً، أو: وليداً، أو مُرَّة، أو:
(1) (ابن كَرْكَم: الثقات لابن حبان 5/312.
(2)
(أبناء درزة: المرصع لابن الأثير ص /171.
(3)
(أبو حاجب: المرصع ص /136.
(4)
(أبو الحكم: تهذيب السنن 7/254. سنن النسائي 8/226، 227. الأدب المفرد 2/273. مصنف عبد الرزاق 11/42. الإصابة 2/102. السير للذهبي 4/ 180. فيض القدير 6/349. زاد المعاد 2/4، 9.كنز العمال 16/425. الإصابة 3/ 383، رقم 3976، 6/ 523، رقم 8923. المنهيات للحكيم الترمذي ص 85.
الحكم، أو: أبا الحكم، أو: أفلح، أو: نجيحاً، أو يساراً)) ، رواه الطبراني في معجميه: الكبير، والأوسط.
قال الهيثمي: ((وفيه محمد بن محصن العكاش وهو متروك)) .اهـ.
قال المناوي بعده: ((وبه يعرف ما في رمز السيوطي لحسنه)) .اهـ.
لكن في الباب حديث: المقدام بن شريح بن هانئ لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه، سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلِم تكنى أبا الحكم؟)) فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما أحسن هذا، فمالك من الولد؟)) ، قال: شريح، ومسلم، وعبد الله، قال:((فمن أكبرهم؟)) قلت شريح، قال:((فأنت أبو شريح)) . رواه أبو داود والنسائي، والبخاري في:((الأدب المفرد)) بإسناد صحيح.
وانظر في حرف التاء: تعس الشيطان، وفي حرف الحاء: الحباب.
أبو عيسى: (1)
كره جماعة من السلف: الكنية بها، وأجازها آخرون من العلماء.
(1) (أبو عيسى: تهذيب سنن أبي داود 7/259. تاريخ المدينة لابن شبة 2/752. مصنف عبد الرزاق 11/42. الأدب المفرد. زاد المعاد 2/8. الإصابة 6/199، في ترجمة المغيرة بن شعبة، وفي ترجمة عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب 4/340، رقم /5177. سير أعلام النبلاء 4/99- 100. جامع الأُصول 1/ 363. جمع الوسائل في شرح الشمايل، للقاري ص /7. رفع الأستار للمشاط ص/44. معارف السنن 1/14. المنهيات للحكيم الترمذي ص / 85. وفي حرف التاء: تعس الشيطان.
فائدة: الشمائل بالياء لا بالهمزة؛ لأنها جمع: شمال بكسر الشين، بمعنى الطبيعة.
لا جمع: شمأل بفتح الفاء والهمز؛ لأنه مرادف للمكسور والذي هو بمعني الريح.. إلى أخر ما ذكره القاري في شرحه المذكور ص/10. العلل لابن أبي حاتم 2/251.
وحجة القائلين بالكراهة: ما رواه أبو داود، وابن شبّة، وعبد الرزاق، والبخاري في ((الأدب المفرد)) ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من إنكاره على من تكنى بأبي عيسى، فمنهم: ابنه عبد الرحمن، والمغيرة بن شعبة. وقال رضي الله عنه:((وهل لعيسى من أب؟)) .
وفي ((رفع الأستار)) قال: (وحمل ابن سلطان الكراهة على التسمية ابتداء، أما بعد الشهرة فلا يكره؛ لإجماع العلماء والمصنفين على التعبير عن الترمذي به) اهـ.
أبو فلان: (1)
في التكني عدة أبحاث:
1.
استحباب تكنية الرجل بأكبر أولاده، وكنية النبي صلى الله عليه وسلم:((أبو القاسم)) أكبر أولاده صلى الله عليه وسلم.
2.
تكنية الرجل والصبي قبل أن يُولد له، وقد ترجم البخاري - رحمه الله تعالى - في صحيحه بقوله: باب الكنية للصبي، وقبل أن يولد للرجل.
وذكر حديث: ((يا أبا عمير ما فعل النغير)) ، مشيراً بذلك إلى الرد على من قال بالمنع.
3.
جواز تكنية الرجل بأبي فلانة، وأبي فلان، والمرأة بأُم فلان، وأُم فلانة، قال النووي - رحمه الله تعالى -:((اعلم أن هذا كله لا حجْر فيه)) .
4.
تكنية الرجل الذي له أولاد بغير أولاده. قال النووي - رحمه الله تعالى -: ((هذا باب واسع لا يحصى من يتصف
(1) (أبو فلان: شرح الأذكار لابن علان 6/141 - 163. فتح الباري 10 / 582، 591 - 593. فيض القدير 6/ 350. المقفع بحاشيته 1/527 في أحكام أهل الذمة. المرصع لابن الأثير ص /41 - 47 مهم. الاقتباس من القرآن الكريم ص 201 - 202. المنهيات للحكيم الترمذي ص / 105. الدرر السنية 4/417.
به ولا بأس بذلك)) .
5.
تكنية المرء نفسه، وهي مكروهة إلَاّ أن يقصد التعريف كما قرره الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -.
6.
النهي عن التكنى بِكُنى مخصوصة، ويأتي ذكرها بعد هذا، إن شاء الله تعالى.
7.
تكنية الكافر، والمبتدع، والفاسق.
أما الكافر فلا تجوز تكنيته بكنى المسلمين، ولا تكنيته على سبيل التعظيم.
وإنما تجوز إذا كان لا يعرف إلا بها، أو خيفت فِْتنةٌ من ذكره باسمه.
وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُصافح المشركون أو يُكنوا، أو يُرحب بهم. رواه أبو نعيم، وهو في ((الحلية 1/236)) وفيه عنْعنةُ أبي الزبير، وبقيةُ يدلس تدليس تسوية، ولم يصرح إلَاّ عن شيخه.
في صحيح البخاري، قال: باب كنية المشرك.
أما الفاسق والمبتدع فلا يكنى أي منهما على سبيل التوقير، مع فسقه وفجوره، أو بدعته.
أبو القاسم: (1)
عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، فإنما أنا أبو القاسم أقسم بينكم)) . رواه مسلم.
وعنه، وعن أنس رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي)) . رواه أحمد، والشيخان، وابن ماجه. حديث أنس عند الترمذي أيضاً.
وقد استقرأ ابن القيم رحمه الله
(1) (أبو القاسم: فتح الباري 10/572. شرح مسلم 13/ 112. تهذيب سنن أبي داود 7/261، 263 الترمذي. ابن ماجه. الأدب المفرد 2/278، 297، 301. مصنف عبد الرزاق 11 / 44. كنز العلماء 16 / 425، 426، 427. زاد المعاد 2/7. تحفة المودود 136 - 144. مهم جداً. فيض القدير 6/ 347. الجوائز والصلات لنور الحسن صديق خان ص / 438 - 440 مهم. الإصابة 6/ 4 رقم / 7762 - 6/ 18 رقم 7786. 7/ 326 رقم / 10400. مصنف ابن أبي شيبة 8 / 667. المنهيات للحكيم الترمذي ص / 85. تهذيب التهذيب: 9 / 371.
تعالى -: أنه لم يثبت النهي عن التكني بكنية إلَاّ بأبي القاسم، وذكر الخلاف على أقوال أربعة، ثم قال:(والصواب أن التسمي باسمه صلى الله عليه وسلم جائز. والتكني بكنيته ممنوع منه. والمنع في حياته أشد. والجمع بينهما ممنوع منه. والله أعلم) .
وانظر في حرف القاف: القاسم.
أبو الكروبيين: (1)
في متاب ((ليس)) لابن خالويه: (كنيته - أي إبليس - أبو الكروبيين) اهـ.
وفي حديث ضعف أنه اسم لطائفة من الملائكة.
وعليه؛ فلا يتكنى به توقياً.
أبو لهب:
يأتي في حرف التاء: تعس الشيطان.
أبو مرة: (2)
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -:
(قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: الأحاديث الصحيحة المتواترة تدل على عود الروح إلى البدن وقت السؤال. وسؤالُ البدنِ بلا روح قولٌ قاله طائفةٌ من الناس، وأنكره الجمهور.
وقابلهم آخرون فقالوا: السؤال للروح بلا بدن، وهذا قاله ابن مرة، وابن حزم. وكلاهما غلط
…
) اهـ.
ويُقصد بابن مرة: إبليس، لعنه الله تعالى.
ورحم الله ابن القيم فقد كان شديد التتبع لابن حزم، ويتتبع أوهامه. وقد قال فيه في مبحث نفقة الزوجة:(وبإزاء هذا القول قول منجنيق الغرب: أبو محمد بن حزم) اهـ.
وهذه الكنية لإبليس ذكرها الأشبيلي في: ((آكام المرجان)) ، كما ذكر له كنية أُخرى هي: أبُوْ كدُّوْس.
وذكر ابن الأثير له من الكنى:
أبو الكروَّس، أبو ليلى، أبو مخلَّد، أبو قترة، أبو مرة قال:((وهو أشهرها)) أبو
(1) (أبو الكروبيين: فتح الباري 6/339. المنهيات للحكيم الترمذي ص /84. السلسلة الضعيفة: 623.
(2)
(أبو مرة: زاد المعاد 4/156. الروح ص /50 آكام المرجان في أخبار الجان. فتح الباري 6/339. المرصع لابن الأثير ص / 302، 353، 121، 273، 295، 301، لسان العرب 5/ 171.
الجن.
والعجيب أن تكنية إبليس - لعنة الله - بأبي مرة موجودة عند أهل قطرنا في الديار النجدية عند الغضب والتراشق.
والتسطير لها هنا؛ للإيقاظ، بالتوقي عن تكنية المسلم بها. والله أعلم.
أبيار علي: (1)
وقت النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت، ومنها: ميقات أهل المدينة: ((ذو الحليفة)) وهو واد يقع على حافة وادي العقيق على يمين الذاهب إلى مكة مع طريق الهجرة ((المُعَبَّد)) ويكون ((جبل عيْرٍ)) - وهو حد المدينة جنوباً - على يساره، ولا يزال هذا الميقات معروفاً بالاسم إلى هذا اليوم، ويعرف أيضاً باسم:((آبار علي)) أو: ((أبيار علي)) وهي تسمية مبنية على قصة مكذوبة، مختلقة موضوعة، هي: أن علياً رضي الله عنه قاتل الجن فيها. وهذا من وضع الرافضة - لا مسَّاهم الله بالخير ولا صبَّحهم -؛ وما بني على الاختلاف فينبغي أن يكون محل هجر وفراق، فلنهجر التسمية المكذوبة ولنستعمل ما خرج التلفظ به بين شفتي النبي صلى الله عليه وسلم ولنقل:((ذو الحليفة)) .
أبيت اللعن:
يأتي عند لفظ: إتاوة.
إتاوة: (2)
ساق الجاحظ جملة ألفاظ من أمر الجاهلية تركها الناس، فقال:
(ما ترك الناس من ألفاظ الجاهلية
وسنقول في المتروك من هذا الجنس ومن غيره، ثم نعودُ إلى موضعنا الأول إن شاء الله تعالى.
ترك الناس مما كان مستعملاً في الجاهلية أُموراً كثيرة، فمن ذلك تسميتهم للخراج: إتاوة، وكقولهم للرشوة ولما يأخذه السُلطان: الحُملان، والمكس.
وقال جابر بن حُني:
(1) (أبيار علي: منسك شيخ الإسلام ابن تيمية.
(2)
(إتاوة: الحيوان 1/327 - 330.
أفي كلِّ أسواق العِراقِ إتاوةٌ وفي كلِّ ما باع امرؤ مكسُ دِرهم
وكما قال العبديُّ في الجارود:
أيا ابن المعلَّى خِلتنا أم حسبتنا صراريَّ نُعطي الماكسين مُكوسا
وكما تركوا: أنعم صباحاً، وأنعم ظلاماً، وصاروا يقولون: كيف أصبحتم؟ وكيف أمسيتم؟
وقال قيس بن زهير بن جذيمة، ليزيد بن سنان بن أبي حارثة: أنعم ظلاماً أبا ضمرة! قال: نعمت، فمن أنت؟ قال: قيس بن زهير.
وعلى ذلك قال امرؤ القيس:
ألا عمِ صباحاً أيُّها الطَّللُ البالِي وهلْ يعِمنْ من كان في العُصُر الخالِي
وعلى ذلك قال الأول:
أتوا ناري فقلتُ منُون قالوا سراة الجنِّ قلتُ عِمُوا ظلاما
وكما تركوا أن يقولوا للملك أو السَّيِّد المطاع: أبيت اللعن، كما قيل:
مهلاً أبيت اللعن لا تأكُل معهْ.
وقد زعموا أن حُذيفة بن بدرٍ كان يُحيا بتحية الملوك، ويُقال له: أبيت اللعن. وتركوا ذلك في الإسلام من غير أن يكون كفراً.
وقد ترك العبد أن يقول لسيده: ربِّي. كما يُقال: ربُّ الدار، وربُّ البيت. وكذلك حاشية السيِّد والملك تركوا أن يقولوا: ربنا، كما قال الحارث بن حلّزة:
ربُّنا وابننا وأفضلُ من يمـ ـشِي ومن دُون ما لديهِ الثناءُ
وكما قال لبيد حين ذكر حُذيفة بن بدر:
وأهلكْن يوماً ربَّ كِندة وابْنهُ وربَّ معدٍّ بين خبْتٍ وعرْعرِ
كما عيّر زيدُ الخيل، حاتماً الطائي في خروجه من طيء ومن حرب الفساد، إلى بني بدر، حيث يقول:
وفرَّ من الحربِ العوانِ ولم يكنْ بها حاتم طبّاً ولا متطبِّبا
وريب حصنا بعد أن كان آبياً
أبُوة حِصنٍ فاستقال وأعتبا
أقِمْ في بني بدر ولا ما يهمنا إذا ما تقضَّت حربُنا أن تطربا
وقال عوف بن محلَّم، حين رأى الملك: إنه ربي وربِّ الكعبة. وزوجُه أُمُّ أُناس بنت عوف.
وكما تركوا أن يقولوا لقُوام الملوك: السَّدنة، وقالوا: الحجبة.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى، عن أبي عبد الرحمن يونس بن حبيب النحوي، حين أنشده شعر الأسدي:
ومركضة صريحى أبوها تُهان لها الغلامة والغلامُ
قال: فقلت له: فتقول للجارية: غلامة؟ قال: لا، هذا من الكلام المتروك، وأسماؤه زالت مع زوال معانيها، كالمِرباعِ، والنَّشيطة، وبقي: الصَّفايا، فالمرباع: رُبع جميع الغنيمة الذي كان خالصاً للرئيس، وصار في الإسلام الخمس، على ما سنَّه الله تعالى. وأما النشيطة فإنه كان للرئيس أن ينشط عند قسمة المتاع العلق النفيس يراه إذا استحلاه. وبقي: الصَّفي، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كل مغنم، وهو كالسيف اللهذم، والفرسٍ العتيق، والدرع الحصينة، والشيء النادر.
وقال ابن عنمة الضبي، حليف بني شيبان، في مرثية بسطام بن قيس:
لك المِرباعُ منها والصفايا وحُكمك والنشيطة والفُضولُ
والفضول: فضول المقاسم، كالشيء إذا قسم وفضلت فضلة استهلكت، كاللؤلؤة، والسيف، والدرع، والبيضة، والجارية، وغير ذلك) انتهى.
ثم قال أيضاً: (وأما الكلام الذي جاءت به كراهية من طريق الروايات فروي عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يقولن أحدكم: خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقِست نفسي)) كأنَّه كره صلى الله عليه وسلم أن يضيف المؤمن الطاهرُ إلى نفسهِ الخُبْث والفساد بوجه من الوجوه.
وجاء عن عمر، ومجاهد، وغيرهما:
النهيُ عن قول القائل: استأثر الله بفلان، بل يُقال: مات فلان. ويُقال: استأثر الله بعلم الغيب، واستأثر الله بكذا وكذا.
قال النخعي: كانوا يكرهون أن يُقال: قراءة عبد الله، وقراءة سالم، وقراءة أًبيّ، وقراءة زيد، وكانوا يكرهون أن يقولون: سنة أبي بكر وعمر (1)، بل يقال: سنة الله ورسوله، ويقال: فلان يقرأ بوجه كذا، وفلان يقرأ بوجه كذا.
وكره مجاهد أن يقولوا: مُسيجد، ومصيحف، للمسجد، القليل الذرع، والمصحف القليل الورق، ويقول: هم، وإن لم يريدوا التصغير، فإنه بذلك شبيه.
وربما صغَّروا الشيء من طريق الشفقة والرقة، كقول عمر: أخافُ على هذا العُريب، وليس التصغير بهم يريد. وقد يقول الرجل: إنما فلانٌ أُخيِّي وصُديِّقي؛ وليس التصغير له يريد. وذكر عمرُ، ابن مسعود، فقال: كُنيفٌ مُلئ عِلْماً. وقال الحباب بن المنذر يوم السَّقيفة: أنا جُذيلها المُحكَّك، وعُذيقها المرجَّب، وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة:((الحُميراء)) ، وكقولهم لأبي قابوس الملك: أبو قُبيس. وكقولهم: دبت إليه دويهية الدهر، وذلك حين أرادوا: لطافة المدخل، ودقة المسلك.
(1) أضلت العصبية الجاحظ في قوله هذا. وكيف يكره العلماء تعبيراً عبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ يقول:((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)) وقد اقتدى علماء الإسلام بالرسول فقالوا كثيراً: هذا من سنة أبي بكر وعمر، وهذا من سنة العمرين، أما الرافضة وغلاة الشيعة فقد دفعهم الحقد على الشيخين إلى إنكار هذا التعبير. هذا وقد قرأت في كتاب سيبويه 1/268:((وأما قولهم أعطيكم سنة العمرين، فإنما أدخلت الألف واللام على عمرين وهما نكرة فصارا معرفة بالألف واللام، واختصا به، كما اختص النجم (يريد الثريا) بهذا الاسم وكأنهما جعلا من أمة كل واحد منهم عمر، ثم عرفا بالألف فصارا بمنزلة النسرين، إذا كنت تعني النجمين)) .
ويُقال: إن كان فُعيل في أسماء العرب، فإنَّما هو على هذا المعنى، كقولهم: المُعيديِّ، وكنحو: سُليم، وضُمير، وكُليب، وعُقير، وجُعيل، وحُميد، وسُعيد، وجُبير، وكنحو: عُبيد، وعُبيد الله، وعُبيد الرماح.
وطريْقُ التحقير والتصغير إنما هو كقولهم: نُجيل، ونُذيل. قالوا: ورُبَّ اسم إذا صغّرته كان أملأ للصدر، مثل قولك: أبو عبيد الله، هو أكبر في السماع، من أبي عبد الله، وكعب بن جُعيل، هو أفخم من كعب بن جعل.
وربما كان التصغير خِلقة وبنية، لا يتغير، كنحو: الحُميا، والسُكيت، وجُنيدة، والقطيعا، والمريطاء، والسُّميراء، والمليساء، وليس هو كقولهم: القُصيرى، وفي كبيدات السماء، والثريا.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: دققت الباب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((من هذا؟)) فقلت: أنا. فقال: ((أنا!)) كأنه كره قولي: أنا.
وحدثني أبو علي الأنصاري، وعبد الكريم الغفاري، قالا: حدَّثنا عيسى بن حاضر قال: كان عمرو بن عُبيد يجلس في داره، وكان لا يدع بابه مفتوحاً، فإذا قرعه إنسان قام بنفسه حتى يفتحه له. فأتيتُ الباب يوماً، فقرعته، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا، فقال: ما أعرف أحداً اسمه أنا. فلم أقل شيئاً، وقمتُ خلف الباب، إذ جاء رجلٌ من أهل خراسان فقرع الباب، فقال عمرو: من هذا؟ فقال: رجلٌ غريبٌ قدم عليك، يلتمس العلم. فقام له ففتح له الباب، فلما وجدت فرجة أردت أن ألج الباب، فدفع الباب في وجهي بعنف، فأقمت عنده أياماً ثم قلت في نفسي: والله إنِّي يوم أتغضب على عمرو بن عُبيد، لغير رشيد الرأي. فأتيت الباب فقرعته عليه فقال: من هذا؟ فقلت: عيسى بن حاضر، فقام ففتح لي الباب.
وقال رجل عند الشعبي: أليس الله قال كذا وكذا! قال: وما علَّمك؟ وقال
الربيع بن خُثيم: اتقوا تكذيب الله، ليتق أحدكم أن يقول: قال الله في كتابه كذا وكذا، فيقول الله: كذبْت لم أقله.
وقال عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه -: ((لا يقل أحدكم: أهريقُ الماء، ولكن يقول: أبول)) .
وسأل عمر رجلاً عن شيء، فقال: الله أعلم. فقال عمر: ((قد خزينا إن كُنَّا لا نعلم أن الله أعلم، إذا سُئٍل أحدكم عن شيء فإن كان يعلمه قاله، وإن كان لا يعلمه قال: لا علم لي بذلك)) .
وسمع رجلاً يدعو ويقول: اللهم اجعلني من الأقلين! قال: ما هذا الدعاء؟ قال: إني سمعت الله عز وجل يقول: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} وقال: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} قال عمر: عليكم من الدعاء بما يعرف.
وكره عمر بن عبد العزيز، قول الرجل لصاحبه: ضعه تحت إبطك.
وقال: هلَاّ قلت: تحت يدك، وتحت منكبيك! وقال مرة - وراث فرسٌ بحضرة سليمان - فقال: ارفعوا ذلك النثيل، ولم يقل: ذلك الروث.
وقال الحجاج لأُم عبد الرحمن بن الأشعث: عمدت إلى مال الله فوضعته تحت.. كأنه كره أن يقول على عادة الناس: تحت إستك، فتلجلج خوفاً من أن يقول قذعاً أو رفثاً، ثم قال: تحت ذيلك.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يقولن أحدكم لمملوكه: عبدي، وأمتي، ولكن يقول: فتاي، وفتاتي، ولا يقول المملوك: ربي، وربتي، ولكن يقول: سيدي وسيدتي)) .
وكره مطرِّف بن عبد الله، قول القائل للكلب: اللهم أخزه.
وكره عمران بن الحُصين أن يقول الرجل لصاحبه: ((انعم الله بك عَيْناً)) و ((لا أنعم الله بك عيناً)) انتهى.
وهذا النقل الحافل عن الحيوان للجاحظ تراه بنحوه في بعض الألفاظ
لدى ابن فارس، المتوفى سنة (395 هـ) - رحمه الله تعالى - في ((الصاحبي)) ص /101- 107، مع زيادة ألفاظ أُخرى مهمة، وهذا نص كلامه بطوله الممتع:
(باب آخر في الأسماء: قد قلنا فيما مضى ما جاء في الإسلام من ذكر المسلم والمؤمن وغيرهما. وقد كانت حدثت في صدر الإسلام أسماء، وذلك قولهم لمن أدرك الإسلام من أهل الجاهلية: ((مُخَضْرَم)) .
فأخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد مولى بني هاشم، قال: حدَّثنا محمد بن عباس الخُشْكِيُّ، عن إسماعيل بن أبي عبيد الله، قال: المخضرمون من الشعراء: من قال الشعر في الجاهلية، ثم أدرك الإسلام.
فمنهم حسّان بن ثابت، ولبِيدُ بن ربيعة، ونابغة بني جعْدة، وأبو زُبَيد، وعمْرُو بن شأس، والزبرِقان بن بدر، وعمرُو بن معْدِي كرٍب، وكعب بن زُهير، ومعْن بن أوْس.
وتأويل المخضرم: من خضْرمت الشيء أي قطعته، وخضْرم فلان عطيته أي قطعها، فسمّى هؤلاء ((مخضرمين)) كأنهم قطعوا عن الكفر إلى الإسلام.
وممكن أن يكون ذلك لأن رتبتهم في الشعر نقصت؛ لأن حال الشعر تطامنتْ في الإسلام لما أنزل الله جلَّ ثناؤه من الكتاب العربي العزيز.
وهذا عندنا هو الوجه؛ لأنه لو كان من القطع لكان كلُّ من قُطع إلى الإسلام من الجاهلية مخضرماً، والأمر بخلاف هذا.
ومن الأسماء التي كانت فزالت بزوال معانيها، قولهم: المِرْباعُ، والنَّشيطةُ، والفُضُولُ.
ولم نذكر ((الصَّفِيّ)) ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصطفى في بعض غزواته وخُصَّ بذلك، وزال اسم الصَّفِيّ لمَّا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومما تُرك أيضاً: الإتاوة، والمكْسُ،
والحُلْوان. وكذلك قولهم: انْعمْ صباحاً، وانْعمْ ظلاماً. وقولهم للملك: أبيْت اللَّعْن.
وتُرِك أيضاً قولُ المملوك لمالكه: ربِّي، وقد كانوا يخاطبون ملوكهم بالأرْباب.
قال الشاعر:
وأسْلمْن فيها ربَّ كِنْدة وابْنهُ وربَّ معدٍّ بين خبْتٍ وعرعرٍ
وتُرك أيضاً تسميةُ من لم يحُجَّ: ((صرُورةً)) .
فحدَّثنا علي بن إبراهيم، عن علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد - في حديث الأعمش - عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي عبيدة، عن موسى، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا صرُورة في الإسلام)) .
ومعنى هذا فيما يُقال: هو الذي يدعُ النكاح تبتُّلاً.
حدَّثني علي بن أحمد بن الصَّبَّاح، قال: سمعت ابن دُريْد يقول:
أصل الصّرُورة: أن الرجل في الجاهلية كان إذا أحدث حدثاً فلجأ إلى الحرم لم يُهجْ، وكان إذا لقيه وليّ الدم في الحرم قيل له: هو صرورة فلا تهجْه. ثم كثر ذلك في كلامهم حتى جعلوا المتعبد الذي يجتنب النساء وطيب الطعام: صرورة وصرورياً، وذلك عنى النابغة بقوله:
لو أنها عرضت لأشمط راهبٍ عبد الإله صرورةٍ متعبّدٍ
أي منقبض عن النساء والتنعم، فلما جاء الله جل ثناؤه بالإسلام وأوجب إقامة الحدود بمكة وغيرها، سمّى الذي لم يحُجَّ ((صرورة وصرورياً)) خلافاً لأمر الجاهلية، كأنهم جعلوا أنّ تركه الحجَّ في الإسلام كترك المُتألّه إتيان النساء والتنعم في الجاهلية.
ومما تُرك أيضاً قولهم للإبل تُساق
في الصَّداق: النَّوافج. على أن من العرب من كان يكره ذلك. قال شاعرهم:
وليس تِلادِى من وِراثةِ والدِي ولا شان مالي مُسْتفادُ النَّوافجِ
وكانوا يقولون: ((تهْنِك النَّافِجةُ)) مع الذي ذكرناه من كراهة ذوي أقدارهم لها وللْعُقُولِ. قال جندل الطهَّويّ:
وما فكّ رِقّي ذاتُ خلقٍ خبرْنج ولا شان مالي صُدْقةٌ وعُقُولُ
ولكن نمانِي كُلُّ أبيْض صارِمٍ فأصبحتُ أدري اليوم كيف أقول
ومما كُرِه في الإسلام من الألفاظ، قول القائل:((خبُثت نفسي)) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقولنَّ أحدُكم خبُثتْ نفسي)) .
وكُرِه أيضاً أن يُقال: استأثر الله بفلان.
ومما كرهه العلماء قول من قال: سُنة أبي بكر وعمر، إنما يقال: فرْضُ الله، جلّ وعزّ، وسُنَّتُه، وسنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (1) .
ومما كانت العرب تستعمله ثم تُرك، قولهم:((حِجْراً محجوراً)) وكان هذا عندهم لمعنيين:
أحدهما: عند الحِرْمان إذا سُئٍل الإنسان قال: ((حجراً محجوراً)) ، فيعلم السائل أنه يريد أن يحرمه. ومنه قوله:
حنَّتْ إلى النَّخلة القُصْوى فقلتُ لها حِجْرٌ حرامٌ ألا تِلْك الدَّهارِيس
والوجه الآخر: الاستعاذة. كان الإنسان إذا سافر فرأى من يخافه قال: حِجْراً محجوراً. أي حرام عليك التعرّض لي. وعلى هذا فُسِّر قوله عز وجل: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً} يقول المجرمون ذلك كما كانوا يقولونه في الدنيا) انتهى.
(1) مضي التعليق على هذا قريباً. ويأتي في الفوائد: سنة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما..
الاتحاد:
يأتي في لفظ الميم: المحو.
الأجانب: (1)
في مقال حافل شمل عدة ألفاظ معاصرة، جاء في مجلة ((البعث الإسلامي)) بعنوان:((التغريب يشمل الألفاظ)) للأستاذ على القاضي، هذا نصه بطوله:
((المجتمع الإسلامي في الماضي كان يستعمل ألفاظاً تحمل مدلولات إسلامية، لا يختلف أحد في فهمها ولا في استعمالها، ولا تدور المناقشات حولها.
ثم جاء الاستعمار العسكري للبلاد الإسلامية الذي تبعه الاستعمار الفكري، فعمل على تغيير الألفاظ، وتغيير مدلولاتها، فيسير المسلمون في اتجاه الحضارة الغربية، ويتركون الحضارة الإسلامية.
لقد دعا الغربيون إلى استعمال اللغات العامية بدلاً من استعمال اللغة العربية بحجة أو يأُخرى، ولم ينجحوا كثيراً في هذا الاتجاه، ثم بدأوا يغيرون التعبيرات التي لها حيوية إسلامية، ومدلولات تحرك المشاعر والسلوك، إلى تعبيرات أٌخرى لها مدلولات أُخرى.
ومن هنا فقد قام المستشرقون بحملة منظمة على أُسس دقيقة؛ ليحدثوا تغييرات في التعبيرات الإسلامية، فأحلُّوا تعبيرات غريبة محل التعبيرات الإسلامية، ومع مرور الزمان تبهت المعاني الإسلامية شيئاً فشيئاً، حتى تنمحي أو تكاد، وتثبت المعاني الغريبة عن الإسلام
…
وإذا أراد المسلم أن يرجع إلى أصل هذه التعبيرات، فإنه يرجع إلى الخليفة الثقافية الغربية - وحينئذ يتم للغرب ما يريد من تغريب المسلمين - الأمر الذي يمكِّن لهم من ديارهم كما يمكِّن لهم من عقولهم، ومن هذه التعبيرات:
(1) (الأجانب: مجلة البعث الإسلامي. عدد /2مجلد / 35، شوال عام 1410 هـ ص /28 - 33.
الأجانب: بدلاً من الكُفِّار.
الحرب: بدلاً من الجهاد.
التراث: بدلاً من الإسلام.
المساعي الحميدة: بدلاً من الصلح بين طائفتين من المسلمين.
الوطنية والقومية: بدلاً من الإسلامية.
إلى غير ذلك من التعبيرات التي تسربت إلى ثقافتنا الحديثة بدون أن نشعر، وبعد فترة بدأت هذه البذور تأتي بثمارها.
فقد أصبح الكفار يعيشون في بلادنا على أنهم أجانب فقط، ومن الممكن أن يكون الأجنبي أيضاً مسلماً، وأن يكون عربياً، لأنه من غير البلد الذي يعيش فيه، ومن الممكن أيضاً أن يكون الأجنبي أرقى ثقافة وأكثر مدنية.
وبالتالي فالمسلم لا يرى أن هؤلاء الكفار دونه في شيء، وأنه مطالب بهدايتهم إلى الإسلام، فيبدأ في الاقتداء بهم، وتنمحي صورة المسلم شيئاً فشيئاً، ويصير الأمر إلى ما نرى في بلادنا الإسلامية من الاقتداء بالأجانب، والاقتناع بأنهم المثل الأعلى في التربية.
ثم إلى الاقتناع بأن التمسك بالإسلام هو سبب التأخر في المجتمعات الإسلامية التي تتمسك به، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك.
واستعملت كلمة الحرب، بدلاً من الجهاد:
لأن الجهاد يعطي ظلاله الإسلامية فهو حرب ضد أعداء الإسلام، وهو جهاد في سبيل الله تعالى، ومن يقتل في سبيل الله فإنه شهيد.
وهدف الجهاد:
تحقيق رسالة المسلم في هذه الحياة باعتباره خليفة من الله في الأرض. أما الحرب فشيء مختلف، فقد يكون بين المسلمين وأعدائهم، وقد يكون بين المسلمين بعضهم مع بعض.
وقد يكون لمطمع مادي أو مطمع ذاتي، كتحقيق زعامة مثلاً، وما إلى
ذلك. ولابد من جهاد المستعمر؛ لأنه كافر ومستغل وضال.
ولكن ليس هناك ما يدعو إلى حربه؛ لأنه صديق، ونحن نستفيد من حضارته وما إلى ذلك.
وبقي المستعمرون في بلادنا فترات طويلة يغتصبون خيراتنا، ويستعبدوننا ويغيرون مفاهيمنا، ويعملون على إخراجنا من ديننا
…
ولم يخرجوا من ديارنا إلا بعد أن اطمأنوا إلى أنهم ربَّوْا مجموعات من أبناء البلاد مكَّنوا لها، وبذلك استطاع أن يطمئن إلى تحمسها لتنفيذ ما يريد.
واستعملت كلمة التراث:
فأصبح المسلم يحس بأن القرآن والسنة من التراث، كأي شيء آخر، وبذلك لم يعد لهما أهمية كبرى، والمسلم لذلك لا يعتز به الاعتزاز الكامل - وقد لا يخطر ببال المسلم القرآن والسنة، بل الكتب الصفراء - وحينئذ يرى أن هذا التراث بالٍ، وأن التمسك به رجعية، وما ينسحب على الكتب الصفراء ينسحب مع الزمن إلى القرآن الكريم والسنة النبوية
…
ومن الممكن أن نستغني عن التراث أو بعضه.
ولكن ليس من الممكن أن نستغني عن الإسلام ولا عن القرآن والسنة.
واستعملت كلمة المساعي الحميدة:
بدلاً من الصلح بين طائفتين من المسلمين.
والمساعي الحميدة جهود تبذل، قد تفيد وقد لا تفيد - وحينئذ لا يحس الساعي في الصلح بأنه قد قصّر في أداء مهمته؛ لأنه أدَّى ما عليه - لكن الصلح بين طائفتين متقاتلتين من المسلمين فرضٌ على المسلمين، ولا ينتهي إلَاّ بانتهاء القتال، والأمر واضح في الآية الكريمة:
{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا
عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:9] .
فلابد إذن من إتباع الخطوات الآتية:
1.
الإصلاح بين الطائفتين المتقاتلتين من المسلمين.
2.
إن لم يمكن ذلك فلابد من مقاتلة الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله تعالى.
3.
إن عادت الفئة الباغية إلى الصف الإسلامي، فالصلح بين الطائفتين مطلوب، لإعطاء كل ذي حق حقه، والله يحب المقسطين.
وما اتخذ بين العراق وإيران إنما هو مساع حميدة، وليس الصلح بين طائفتين من المسلمين، ومعنى ذلك أن التغريب قد أتي ثماره.
بل إن التغريب قد وصل إلى أن الدول الإسلامية قد انقسمت في سلوكها، فبعضها يؤيد هذه الدولة، وبعضها يؤيد تلك الدولة، وبعضها لا شأن له، وكأن الأمر لا يعنيه.
واستعملت الوطنية والقومية بدلاً من الإسلامية، وكان الغرض من ذلك تفتيت الوحدة الإسلامية، وتقسيمها إلى قوميات وأجناس تتصارع فيما بينها، وذلك يمكِّن للمستعمر أن يصل إلى ما يريد.
ويلاحظ أن من خصائص القومية والوطنية الغربية: الكراهية والخوف، فهي لا تبقى إلا إذا كان للشعب ما يكرهه وما يخافه.
ولا زال الغربيون في البلاد الغربية يثيرون الكامن من عواطف الخوف والكراهية؛ ليبقى لهم ما يريدون، وقد حلَّل العلامةُ الألماني ((جود)) ذلك تحليلاً نفسياً فقال:
((إن العواطف التي يمكن إثارتها هي عواطف المقت والخوف التي تحرك جماعات كثيرة من الدهماء - بدلاً من الرحمة - فالذين يريدون أن يحكموا على شعب لغاية ما،
لا ينجحون حتى يلتمسوا له ما يكرهه ويوجدوا له ما يخافه، فلم يعد من دواعي العجب أن الحكومات القومية في هذا العصر في معاملتها لجيرانها، إنما تنقاد بعواطف المقت والخوف، فعلى تلك العواطف يعيش من يحكمونها، وعلى تلك العواطف يقوى الاتحاد القومي)) .
ويقول ((والترشزبارت)) في ذلك أيضاً: ((إِنَّ الروح الغربية يتفشى فيها القلق والخوف، وهي شديدة التأثر، نزاعة إلى الفردية، محبة للتنافس، وإن الفرد من خلال هذا النموذج الغربي لا يعبأ بخلاص روحه، وإنما يهمه فرض سلطانه وتوسيع دائرة نفوذه، وقد نجح الفرد في تغيير وجه الأرض، ولكن هذه الثقافة أخذت تملأ سماءها السحبُ وتومض حولها البروق، وتعصف بها الأعاصير، وأوربا تنزلق إلى الهاوية، وتقترب من النهاية، ولا شيء يستطيع دفع هذا المصير المحتوم) .
وعلى هذا الأساس قُسِّمتْ الأُمة الإسلامية إلى دويلات، تمشياً مع هذه النزعة، ولا زالت تُقَسَّمُ حتى الآن، فلبنان التي هي جزء من الدولة الإسلامية الكبرى يعمل على تقسيمها إلى دويلات، وأهم من ذلك الروح التي تسود تلك الدويلات - روح الكراهية والحقد - وقد أصبح كل قطر إسلامي يتعامل مع غيره على أساس العداوة في أكثر الأحيان، وأصبحت المودَّة صناعية تسير مع المصلحة الخاصة، وقد تكون مع الدولة الكافرة، بينما العداوة للدولة الإسلامية.
لكن الإسلام يُربِّي أبناءه على أساس أن الناس جميعاً خلقوا من ذكر وأُنثى، وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا، وأن أكرمهم عند الله أتقاهم، ومهمة المسلم عمارة الأرض، وتحقيق الأمن والسلام فيها.
أما عاطفة الكراهية فإنه يوجهها إلى العدو الحقيقي الذي لا يريد بالإنسان إلا الشر، ذلك هو الشيطان الذي حذَّرهم الله تعالى منه بقوله:
{يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ
كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [الأعراف: من الآية27] .
وقد بدأ تفكك الدويلات الإسلامية على أساس القوميات التي بدأت في الشام، ولو أن المظلومين قاموا باسم الإسلام ليدفعوا الظلم، لوصلوا إلى ما يريدون - مع بقاء وحدة المسلمين - وحينئذ يبقى لهم كيانهم ووحدتهم، ويستطيعون أن يؤدوا رسالتهم في هذه الحياة.
وفي عصور الظلمات وفي ظروف خاصة بالأُمة الإسلامية استهوتها هذه الشعارات، وأصبح الجميع يرددونها، وأصبح بعض المسلمين يعمل على تنفيذها، ونجح الاستعمار في ذلك نجاحاً كبيراً.
وهكذا قامت جامعة الدول العربية على أساس القومية العربية لإبعاد الإسلام، وهكذا تُثار نعرة الفرعونية في مصر، والبربرية في شمال إفريقيا، وغير ذلك. وهكذا قامت الحرب بين إيران والعراق، ولم نجد من الدول الإسلامية من يعمل بالآية الكريمة:
{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا.....}
وهكذا تبقى إسرائيل في وضعها آمنة مطمئنة؛ لأن الجهود غير موجهة إليها، بل إلى أشياء بعيدة عنها تساعدها على تحقيق آمالها وأهدافها وسط الأُمة الإسلامية.
ولأنها تعيش آمنة فإنها تسعى في الأرض فساداً، وتنفذ مخططاتها في أمن وتبجح واستهانة بالعالم الإسلامي كله.
ويهتف بعض الناس ((ستبقى القدس عربية)) ، ترى لماذا لا نقول:((ستبقى القدس إسلامية)) فنكون أقرب إلى الحقيقة، وبذلك نثير مشاعر المسلمين في جميع أنحاء الأرض؟
إن كل نجاح للأُمة الإسلامية لا يتم إلا تحت راية (الإسلام) .
وكل فشل يتم تحت راية (العروبة) .
لأن الإسلام يُوحِّد؛ بينما العروبة تُفرِّق.
ومن هنا فإنهم يحاولون أن يبعدونا
عن طريق السليم ليصلوا إلى ما يريدون.
بل إنهم عوَّدُونا أن يتحدثوا عن الإسلام في كل ما يتعلق بالفشل، بينما يتحدثون عن العروبة والعرب في كل ما يتعلق بالنجاح.
إنه مخطط خبيث، ولابد من أن نتنبه له حتى نصحح مسارنا، لنبلغ بالإسلام إلى ما نريد ونحقق رسالتنا الإسلامية) اهـ.
أجداد المؤمنين: (1)
قال الكرماني - رحمه الله تعالى -:
(أُم المؤمنين مقتبس من قوله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} ، قال العلماء: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، في وجوب احترامهن وتحريم نكاحهن، لا في جواز الخلوة، والنظر، وتحريم نكاح بناتهن. وهل يُقال لإخوانهن، وأخواتهن: ((خالات وأخوال المؤمنين)) ، ويقال: لبناتهن: ((أخوات المؤمنين؟)) . فيه خلاف.
ولا يقال لآبائهن وأُمهاتهن: ((أجداد وجدات المؤمنين)) .
وهل يقال: أنهن ((أمهات المؤمنات)) ؟ مبني على الخلاف المعروف في الأُصول: هل يدخل النساء في خطاب الرجال؟
وعن عائشة: أنا أُمُّ رجالكم لا أُمُّ نسائكم.
وهل يقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ((أبو المؤمنين)) ؟ الأصح الجواز. ومعنى قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} أي: لصلبه. والله أعلم) انتهى.
الأجدع: (2)
يأتي في الأعور.
وفي حرف العين: عبد المطلب.
وفي ترجمة: مسروق بن الأجدع ِ: أن عمر رضي الله عنه غيَّر اسم: الأجدع
(1) (أجداد المؤمنين: شرح الأذكار لابن علان 6/61.
(2)
(الأجدع: وانظر: الداء والدواء ص/117. تهذيب السنن 7/256. سير أعلام النبلاء 4/ 65. كنز العمال 16 / 424. الإصابة 6/ 292، رقم 8412. مصنف ابن أبي شيبة 8/ 665. مستدرك للحاكم: 4/279.
إلى عبد الرحمن، وقال: الأجدع شيطان.
الأجر على قدر المشقة: (1)
هذه العبارة من أقاويل الصوفية، وهي غير مستقيمة على إطلاقها، وصوابها:((الأجر على قدر المنفعة)) أي منفعة العمل وفائدته كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وغيره
الأجلُّ: (2)
يجري في بعض المكاتبات: إلى فلان الأجلّ، أي: بالنسبة للأحياء من المخلوقين، فهو نِسْبِيٌ والأروع تركها. وقد سئل عنها الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله تعالى، فأجاب بقوله: لا يجوز.
إحْ إحْ: (3)
التنحنح من المأموم عند إطالة الإمام القراءة، أو لينبه داخلاً، وهكذا. وهذا منكر، وفي إبطاله الصلاة بحث ٌ.
أحد: (4)
ذكر الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - بحثاً عن القاضي عياض - رحمه الله تعالى - في: الأحد، والواحد، وأحد، فقال:(وقيل: لا يُقال ((أحد)) إلا لله تعالى، حكاه جمِيْعه عياض) اهـ.
وقد وقع في حديث قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنا وبنو المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنَّما نحن وهم شيء واحد)) ، ووقع في رواية المروزي:((شيء أحد)) .
أحل الله كذا: (5)
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: (ومن الألفاظ المكروهة
…
أن يقول
(1) (الأجر على قدر المشقة: الفتاوى: 10/620، 25/281. القواعد للمقري: 2/ 410. الأحكام للعز ابن عبد السلام: 1/29.
(2)
(الأجلُّ: فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 1/206.
(3)
(إحْ إحْ: البيان والتحصيل لابن رشد 1/337. المغني 1/710. زاد المعاد 1/ 270.
(4)
(أحد: فتح الباري 6/245.
(5)
(أحل الله كذا: زاد المعاد 2/37. وانظر في حرف الخاء: خليفة الله.
المفتي: أحلَّ الله كذا، وحرَّم الله كذا، في المسائل الاجتهادية، وإنَّما يقول فيما ورد النص بتحريمه) اهـ.
أحبائي في رسول الله صلى الله عليه وسلم: (1)
جاءت الشريعة بالمحبة في الله - تعالى - وهي الدارجة على لسان السلف، والمحبة هي ركن المِلّة، ومن أوجب الواجبات محبة ما يحبه الله، وبغض ما يكرهه الله، ولا يكون إيمان عبد إلاّ بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإتِّباعه، وتوقيره، وتعظيمه، وتبجيله، على رَسْم الشرع المطهَّر، مع مراعاة مجافاة الغلو والإفراط، ومن ذلك قول بعضهم:((أحبائي في رسول الله)) فقل: أحبائي في الله، قفواً لأثر السلف، وبعداً عن الغلو.
أحلام:
يأتي في حرف الواو: وِصال.
أحمد ((تسمية الحيوان به)) :
قبَّح الله الكفر، والكافرين، وإلى الله الشكوى من فسقة المسلمين، ما أسرع مبادراتهم في التقاط غثائيات الكفرة، والملحدين، ومنها:
أنه قد شاع في التقاليد الغربية، اتخاذ الكافر له صديقاً من كلب، أو قرد أو نحوهما من الحيوانات، فيقوم بخدمته، ويكون أليفة، وجليسه، ورفيقه، وصديقه، ويكون لديه من الخدمة له والبِرِّ فيه، ما لا يكون من ولد لوالده، حتى بلغ الحال إلى إجراء الوصية منه لكلبه بماله، أو بكذا من المال.
ومن الحفاوة به، أنه يختار له اسماً بارزاً، لشخصية مهمة لديهم.
وما أنتج هذا إلا خواء النفس، وفراغها من الدِّين، وهيامها في الشهوات، وتقطع الحسرات.
ولهذا: أنشئت جمعية الرفق بالحيوان في الغرب ثم سرت إلى المسلمين، وما علموا مغزاهم، ونهاية مطلبهم، والإسلام لا يلحق العذاب والسوء بذي روح من حيوان وغيره، فعدم التعرض للحيوان بسوء أصل
(1) (أحبائي في رسول الله صلى الله عليه وسلم: المجموع الثمين: 3/120.
شرعي يرعاه كل مسلم.
والمهم هنا أنه سرى إلى من شاء من فسقة المسلمين، اقتناء كلب، أو قرد أو قِطٍّ، والاهتمام به، وربما كان من بهيمة الأنعام، واقتفاء أثر الغرب بما يصنع، فيسمي المسلم كلبه باسم:((محمد)) أو ((أحمد)) أو ((عبد الله)) وهكذا من أسماء المسلمين، وما كنت أظن هذا، لولا أنني وقفت على حقيقة الأمر، بعد أن سُئلت عنه فأجبت بما نصه:
لا يجوز تسمية الحيوانات من بهيمة الأنعام ولا غيرها باسم أحد من الآدميين، لقوله الله تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} الآية. ويزداد الأمر تحريماً إذا كان الاسم اسم نبي، أو صحابي، والمسمى حيوان نجس، ولا يعهد هذا في تاريخ المسلمين، وهو من شرف هذه الأمة ومحافظتها على كرامتها وكرامة من رفع الله ذكرهم وأعلى شأنهم.
وحدوث هذا تقليد غربي إفرنجي وافد من عمل الكافرين في تسمية الكافر رفيقة من الحيوانات بأسماء الآدميين من الكفار الذين لهم مكانة لديهم.
والخلاصة: أن تسمية الحيوان بأسماء الآدميين محرمة من جهتين: هتك حرمة الآدميين، وأسمائهم الشريفة، والتشبه بالكافرين. فالواجب اجتناب ذلك والحذر منه.
ولا يعترض على هذا بوجود تسمية بعض الحيوانات بأسماء بعض الآدميين من الجاهلية. والجواب: أن هذه وقعت قبل الإسلام، كتسمية الضبعة:((أم عامر)) ثم هي أسماء وكنى نادرة وتقع اتفاقاً؛ لسبب أحاط بها، وهذا ليس مما نحن فيه.
أحمد محمد: (1)
التسمية بهما على التركيب لذات واحدة، مراداً بالأول: التبرك، والثاني:
(1) (أحمد محمد: انظر أسرار العربية ص 30، 97.
العلمية. هذا من بداة الأعاجم وأوابدهم، وما حلَّ في جزيرة العرب إلَاّ بحلول مفاريد منهم.
ومن التقعيدات الجارية في الشريعة: النهي عن التشبه بالأعاجم، ولهذا فلا تحس له بأثر ولا أثارة في أسماء أعلام العرب، لا في جاهلية، ولا إسلام، والله المستعان.
الأحوال الشخصية: (1)
اصطلاح قانوني يطلق على أحكام النكاح وتوابعه. وفي إبطاله: انظر: المواضعة في الاصطلاح: لراقمه، وهي في المجلد الأول: من ((فقه النوازل)) .
أخبرني قلبي بكذا: (2)
قال القرطبي - رحمه الله تعالى - عند تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} الآية.
(قلت: ومن هذا النمط من أعرض عن الفقه والسنن وما كان عليه السلف من السنن، فيقول: وقع في خاطري كذا، وأخبرني قلبي بكذا، فيحكمون بما يقع في قلوبهم ويغلب عليهم في خواطرهم، ويزعمون أن ذلك لصفائها من الأكدار وخلوها من الأغيار فتجلى لهم العلوم الإلهية والحقائق الربانية..) إلى آخره، وهو مهم.
وليس المقصود ذات اللفظ، وما يأتي على لسان المتكلم في أمور الدنيا، أو تحري بحث مسألة في كتاب مثلاً وهكذا أن يقول: وقع في خاطري كذا، وإنما المراد إقامة ما وقع في الخاطر دليلاً على الحكم، وهو ما يعبر عنه لدى الخوارج باسم ((الإلهام)) ، ولدى الصوفية باسم ((فتيا القلب)) والله أعلم.
(1)(الأحوال الشخصية: فقه النوازل 1/ 187- 188. ورسالة الشيخ أحمد شاكر رحمه الله ((الكتاب والسنة)) ص/13- 14. وانظر في حرف الفاء: الفقه المقارن.
(2)
(أخبرني قلبي بكذا: تفسير القرطبي 7/39، 11 / 40 - 41. وانظر في حرف الحاء: حدثني قلبي عن ربي. وفي حرف الخاء: خضنا بحراً....
أُختِي: (1)
يقولها الزوج لزوجته....
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - في ((الإعلام)) ، في مبحث: طلاق الهازل: (وحاصل الأمر أن اللعب والهزل والمزاح في حقوق الله تعالى غيرُ جائز، فيكون جد القول وهزله سواء بخلاف جانب العباد، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمزح مع الصحابة ويباسطهم، وأما مع ربه - تعالى - فيجد كل الجد، ولهذا قال للأعرابي يمازحه: ((من يشتري مني العبد؟)) فقال: تجدني رخيصاً يا رسول الله؟ فقال: ((بل أنت عند الله غالٍ)) . وقصد صلى الله عليه وسلم أنه عبد الله، والصِّيغة صيغة استفهام. وهو صلى الله عليه وسلم كان يمزح ولا يقول إلَاّ حقاً، ولو أن رجلاً قال: من يتزوج أمي أو أُختي؛ لكان من أقبح الكلام.
وكان عمر رضي الله عنه يضرب من يدعوا امرأته: أخته، وقد جاء في ذلك حديث مرفوع رواه أبو داود: أن رجلاً قال لامرأته: يا أخته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((أختك هي؟ إنما جعل إبراهيم ذلك حاجة لا مزاحاً) اهـ.
أخزى الله الشيطان:
يأتي في حرف التاء: تعس الشيطان، وفي حرف الميم: ما شاء الله وشاء فلان.
وانظر: زاد المعاد 2/10.
الأخ في إطلاقه على النبي صلى الله عليه وسلم: (2)
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان في نفر من المهاجرين والأنصار، فجاء بعير، فسجد له، فقال له أصحابه: يا رسول الله تسجد لك البهائم، والشجر، فنحن أحق أن نسجد لك، فقال صلى الله عليه وسلم: ((اعبدوا ربكم، وأكرموا أخاكم، ولو كنت آمراً
(1) (أُختِي: إعلام الموقعين 3/137 - 138.
(2)
(الأخ في إطلاقه على النبي صلى الله عليه وسلم: الدين الخالص 2/ 208. ((مجمع الزوائد)) في كتاب النكاح منه. الفتح الرباني للساعاتي: 16/ 226 - 227.
أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها
…
)) الحديث رواه أحمد.
قال صدِّيق - رحمه الله تعالى -: بعد سياقه له:
(وأطلق صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لفظ: الأخ، على نفسه المقدسة، ومثله في الكتاب العزيز في حق الأنبياء كثيرٌ طيِّبُ.
وليس في هذا الإطلاق استخفافٌ له صلى الله عليه وسلم كما زعم بعض الجهلة من الأُمة.
قال بعض أهل العلم في معنى هذا الحديث: يعني أن بني الإنسان كلهم إخوة فيما بينهم) اهـ.
قلت: وهِل الشيخُ صديق - رحمه الله تعالى - فإنه ليس في الحديث إطلاقه من الصحابي في حق النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه. فليحرر.
اخْسأ كلْب بن كلْب: (1)
في سبِّ الكلب.
في ((شرح الإحياء)) للزبيدي ذكر في النهي عن الغيبة لحظ النفس: قول السبكي، فقال:
(قال تاج الدِّين - أي السبكي -: كنت جالساً بدهليز دارنا، فأقبل كلب، فقلت: اخسأ كلْب بن كلب، فزجرني الوالد من داخل البيت.
فقلت: أليس هو كلب بن كلب؟ قال: شرط الجواز عمد قصد التحقير، فقلت: هذه فائدة) انتهى.
الإخشيد: (2)
قال الزبيدي - رحمه الله تعالى -: ((الإخْشِيد - بالكسر -: ملك الملوك، بلغة أهل فرغانة، وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء)) انتهى.
انظر في حرف الشين: (شاهنشاه) .
(1) (اخْسأ كلْب بن كلْب: شرح الإحياء 8/566.
(2)
(الإخشيد: تاج العروس: 8/57 مادة: خشد. الفنون الإسلامية لحسن الباشا: 1/ 28. الألقاب الإسلامية: ص /136 - 137.
أخطأ:
حكم قولها للمجتهد.
يأتي تفصيل القول فيها من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في حرف الكاف: كل مجتهد مصيب.
وخلاصته: أن لفظ الخطأ فيه إجمال مانع من فهم المراد: فلفظ الخطأ قد يُراد به الإثم، وقد يُراد به عدم العلم.
أخطئ مع الناس ولا تصب وحدك: (1)
ومثله عند أهل اللغة: خطأٌ مشهور خيْرٌ من صواب مهجور.
وكلاهما خطأ، فالحق أحق أن يتبع، فكن مع الحق وإن كنت وحدك، فليست العبرة بكثرة السالكين، وإنما العبرة بمن كان على الصراط المستقيم.
ادْعُ لنا: (2)
الأصل جواز طلب المسلم الدعاء له من مسلم آخر؛ لأنه أمر في مقدور المخلوق، كما بَّينه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في مواضع من ((الفتاوى: 1/132، 133، 326، 329)) .
ويدل لهذا الأصل، حديث إجابة المؤذن: وفيه: ((ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله)) الحديث، رواه مسلم. وحديث عمر رضي الله عنه في خبر أويس المرادي القرني وفيه، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه:((فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل)) . رواه مسلم.
وأما حديث عمر رضي الله عنه قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، فأذِن لي، وقال: ((أشركنا يا أخي في
(1) (أخطئ مع الناس........: الاعتصام للشاطبي.
(2)
(ادْعُ لنا: الاعتصام للشاطبي 23 - 24 مهم. الفتاوى 11 / 111، وفيه تعليل لطيف فلينظر. فهرسها 36/5 مهم. ضعيف الجامع 6/78. مشكاة المصابيح 2/ 695. شرح حديث: ما ذئبان جائعان، ص55 - 56.
دعائك، ولا تنسنا)) رواه أبو داود. ورواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. ورواه ابن ماجه، وهو ضعيف الإسناد.
وطلب الدعاء من الغير: (1) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيه تفصيل في أن على طالب الدعاء له من غيره أن يكون مقصده نفعه، ونفع الداعي؛ بتكثير أجره على الدعاء له، وأن لا يطلب الدعاء له مقابل معروف بذله له، وأن يكون الطلب من أهل الخير والصلاح.
وقد توسع الناس في طلب الدُّعاء من الغير، وبخاصة عند الوداع:((ادعُ لنا)) ، ((دعواتك)) ، حتى ولو كان المخاطب به فاسقاً ماجناً. وقد جاء عن بعض السلف كراهته.
قال ابن رجب - رحمه الله تعالى -: (وكان كثير من السلف يكره أن يُطلب منه الدعاء، ويقول لمن يسأله الدعاء: أي شيء أنا؟ وممن روي عنه ذلك عمر بن الخطاب وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما وكذلك مالك بن دينار. وكان النخعي يكره أن يُسأل الدعاء. وكتب رجل إلى أحمد يسأله الدعاء، فقال أحمد: إذا دعونا نحن لهذا، فمن يدعو لنا؟)
وفي الباب - أيضاً -:
((اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج)) . وطلب المسلم الدعاء من قادمٍ من الحج، وللحافظ ابن حجر فيه:((قوة الحِجاج.....)) فلتنظر.
إذا تعارضا تساقطا:
يأتي في حرف الدال: الدليلان إذا تعارضا تساقطا.
إرادة الشعب من إرادة الله: (2)
في ((الأجوبة المفيدة لمهمات
(1) لعلماء اللسان في دخول ((أل)) على ((غير)) ثلاثة مذاهب. تجدها في: مجلة مجمع اللغة العربية بمصر ج / 25، ص20 - 29، للشيخ عبد الرحمن تاج - رحمه الله تعالى - وقد رجَّح الجواز.
(2)
(إرادة الشعب من إرادة الله: الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة ص / 42.
العقيدة)) في جواب السؤال السابع والتسعين: أيجوز إطلاق هذه المقالة: ((إرادة الشعب من إرادة الله)) ، فأجاب مؤلفها الشيخ عبد الرحمن الدوسري - رحمه الله تعالى - بقوله:(هذا افتراء عظيم تجرأ به بعض الفلاسفة ومنفذيها جرأةً لم يسبق لها مثيل في أي محيط كافر في غابر القرون، إذْ غاية ما قص الله عنهم التعلق بالمشيئة بقولهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} . فكذَبهم الله، وهؤلاء جعلوا للشعب الموهوم ((إرادة الأمر)) لتبرير خططهم التي ينفذونها، ويلزم من هذا الإفك إفساد اللوازم المبطلة له، والدامغة لمن قاله، إذ على قولهم الفاسد يكون للشعب أن يفعل ما يشاء، ويتصرف في حياته تصرف من ليس مقيداً بشريعة وكتاب، بل على وفق ما يهواه، وعلى أساس المادة والشهوة والقوة، كالشعوب الكافرة التي لا تدين بدين يقبله الله، ولا ترعى خلقاً ولا فضيلة) . إلى آخر ما ساقه في هذا المعنى. والله أعلم.
أرى الله أمير المؤمنين: (1)
قال سفيان الثوري: (حدَّثنا أبو إسحاق الشيباني، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: كتب كاتب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: هذا ما رأى الله ورأى عمر، فقال: بئس ما قلت، قل: هذا ما رأى عمر، فإن يكن صواباً فمن الله، وإن يكن خطأ فمن عمر) انتهى.
وذكر ابن القيم:
(كتب كاتب بين يدي عمر حكماً حكم به، فقال: هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر، فقال: لا تقل هكذا، ولكن قل: هذا ما رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب) اهـ.
(1) (أرى الله أمير المؤمنين: إعلام الموقعين 1/ 39، 54.
أرْغم الله أنفك: (1)
أما قول المسلم لها لنفسه، أو في حق مسلم، فقد قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -:
(قال يحيى بن إبراهيم الطليطلي -المتوفى سنة (259هـ) -في كتاب: ((سِير الفقهاء)) وهو كتاب جليل غزير العلم:
حدَّثني عبد الملك بن حبيب، عن عبد الله بن المغيرة، عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كانوا يكرهون قول الرجل: يا خيبة الدهر، وكانوا يقولون: الله هو الدهر.
وكانوا يكرهون قول الرجل:
رغم أنْفِي الله ُ، وإنما يرغم أنف الكافر.
وكانوا يكرهون قول الرجل: لا والذي خاتمه على فمي، وإنما يختم على فم الكافر.
وكانوا يكرهون قول الرجل: والله حيث كان، أو: أن الله بكل مكان) انتهى.
لكن هذا اللفظ جار على لسان السلف، منهم عائشة رضي الله عنها قالته لرجل، كما في صحيح البخاري.
قال ابن حجر - رحمه الله تعالى -:
(فيه إطلاق الدعاء بلفظ لا يقصد الداعي إيقاعه بالمدعو به؛ لأن قول عائشة: أرغم الله أنفك، أي ألصقه بالتراب، ولم ترد حقيقة هذا، وإنما جرت عادة العرب بإطلاق هذه اللفظة في موضع الشماتة بمن يقال له) انتهى.
فيكون محل النهي عند إرادة المدعو به. والله أعلم.
وأنظرها في حرف الألف من الملحق.
أريج:
يأتي في حرف الواو: وصال.
(1) (أرْغم الله أنفك: اجتماع الجيوش الإسلامية: ص/ 47 - 48. فتح الباري: 7/ 513 - 515. وتأتي في الملحق.
الأزلي: (1)
إطلاقه على الله تعالى لم يأت به نص؛ فيمتنع جعله اسماً الله سبحانه.
أسألك بمعاقد العزِّ من عرشك: (2)
يُروى عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: اثنا عشرة ركعة تصليهن من ليل أو نهار، وتتشهد بين كل ركعتين، فإذا تشهدت في آخر صلاتك، فأثن على الله عز وجل، وصل على النبي صلى الله عليه وسلم واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات، وآية الكرسي سبع مرات، وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له
…
ثم قل: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، واسمك الأعظم، وكلماتك التامة، ثم سل حاجتك، ثم ارفع رأسك، ثم سلم يميناً وشمالاً، ولا تعلموها السفهاء، فإنهم يدعون بها فيستجاب.
خرجه الزيلعي في: ((نصب الراية)) ، وساق لفظه المذكور بسند البيهقي في ((الدعوات الكبير)) ثم قال:(ورواه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) عن طريق أبي عبد الله الحاكم، ثنا محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي، ثنا محمد بن أشرس، ثنا عامر بن خداش به، سنداً ومتناً.
قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع بلا شك، وإسناده مخبط كما ترى، وفي إسناده عمر بن هارون. قال ابن معين فيه: كذاب، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المعضلات، ويدَّعي شيوخاً لم يرهم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن القراءة في السجود. انتهى كلامه.
وعزاه السروجي للحلية، وما وجدته فيها) انتهى.
(1) (الأزلي: منهاج السنة النبوية 2/ 123. وانظر في حرف الياء: يا أزلي.
(2)
(أسألك بمعاقد العزِّ من عرشك: نصب الراية 4/ 272 - 273. الهداية للمرغيناني 4/96.
استأثر الله به: (1)
عن مجاهد - رحمه الله تعالى - أنه كره أن تقول للميت: ((استأثر الله به)) .
رواه ابن أبي الدنيا.
أًساف: (2)
ومن الأسماء المحرَّم على المسلمين التَّسمَّي بها: التسمية بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله تعالى. ومنها:
اللات. العزى. مناة. أساف. نائلة. هبل. وانظر في حرف العين: عبد المطلب.
استجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم: (3)
الاستجارة بالرسول صلى الله عليه وسلم استجارة بمخلوق، وهي على ثلاثة أنواع:
1.
استجارة به في حياته فيما يقدر عليه من أمور الدنيا، فهذا جائز.
2.
استجارة به في حياته فيما لا يقدر عليه، وهو من خصائص الله - سبحانه - فهذا شرك أكبر يحرم عمله، أو إقراره.
3.
استجارة به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة يحرم على المسلم عمله، أو إقراره.
استقر على العرش: (4)
نسب بعض الأفَّاكين إلى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - أنه يثبت استقرار الله على العرش. وهذه النسبة افتراء عليه - رحمه الله تعالى - ومعتقده معلوم مشهور من إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم بلا تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، ومنه: إثبات استواء الله على عرشه كما يليق بجلاله، وتجد رد تلك الفرية في مقدمة تحقيق:((مختصر العلو)) للألباني.
(1) (استأثر الله به: الصمت وآداب اللسان ص/421 رقم /354. وشرح الإحياء 7 / 578. الصاحبي /106، ومضى في حرف الألف: إتاوة.
(2)
(أًساف: تسمية المولود ص /37.
(3)
(استجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم: المجموع الثمين 1/ 110 - 111.
(4)
(استقر على العرش: مختصر العلو للذهبي: ص 40 - 41.
أستغفر الله: (استغفار المسلم للمشرك) : (1)
قال النووي - رحمه الله تعالى -:
(يحرم أن يُدْعى بالمغفرة ونحوها لمن مات كافراً، قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} . وقد جاء الحديث بمعناه. والمسلمون مجمعون عليه) . انتهى.
استووا: (2)
يحصل الغلط في هذا اللفظ من جهتين:
الأُولى: فتح الواو، فيكون إخباراً، وحقه الضم ليكون أمراً للمصلين بتسوية صفوفهم للصلاة.
والثانية: اقتصار بعض الأئمة على هذا اللفظ في تسوية الصف، دون تحقيق المراد من استواء الصف بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، ويُؤكد عليه، ويهْدِيْ إليه.
أسد الدين: (3)
المتحصل من كلام أهل العلم في التلقيب مضافاً إلى الدِّين، سواء للعلماء، أو السلاطين، أو خلافهم من المسلمين، أو غيرهم، ما يلي:
أولاً: أن هذا من محدثات القرون المتأخرة، من واردات الأعاجم على العرب المسلمين، فلا عهد للقرون
(1)(أستغفر الله: (استغفار المسلم للمشرك) : الأذكار للنووي ص / 314. وشرحها 7 /101 - 102.
(2)
(استووا: تمام المنة للألباني ص / 151 - 152. القول المبين في أخطاء المصلين، للشيخ مشهور بن حسن سلمان، مهم.
(3)
(أسد الدين: منهاج السنة النبوية 4/206. رسالته في القيام والألقاب. تحفه المودود ص / 13. نقط العروس لابن حزم، مهم. تنبيه الغافلين للدمشقي ص /391. ديوان الصنعاني ص / 256. ريحانة الألباء للخفاجي ص / 1 / مهم. المدخل لابن بدران ص/ 202. أحكام أهل الذمة 2/771. ردود على أباطيل. وانظر مقدمة رسالتي: تغريب الألقاب العلمية. فقد ذكرت من المراجع كثراً، ويأتي في حرف الواو: وصال. والجزء السادس من: صبح الأعشى. مهم في مبحث الألقاب.
المفضلة بذلك، لاسيما الصدر منها.
ثانياً: حرمة تلقيب الكافر بذلك.
ثالثاً: ويلحق به تلقيب المبتدع، والفاسق والماجن.
رابعاً: وفيما عدا ذلك مختلف بين الحرمة والكراهة والجواز، والأكثر على كراهته، في بحث مُطوَّلٍ تجده في المراجع المثبتة في الحاشية، والله أعلم.
إسرائيليون: (1)
للشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رسالة باسم: ((الإصلاح والتعديل فيما طرأ على اسم اليهود والنصارى من التبديل)) فيها تحقيق بالغ بأن ((يهود)) انفصلوا بكفرهم عن بني إسرائيل زمن بني إسرائيل، كانفصال إبراهيم الخليل، عليه السلام، عن أبيه آزر، والكفر يقطع الموالاة بين المسلمين والكافرين، وكما في قصة نوح مع ابنه؛ ولهذا فإن الفضائل التي كانت لبني إسرائيل ليس ليهود منها شيء؛ ولهذا فإن إطلاق اسم بني إسرائيل على ((يهود)) يكسبهم فضائل ويحجب عنهم رذائل، فيزول التميز بين بني إسرائيل وبين ((يهود)) المغضوب عليهم، الذين ضربت عليهم الذلة والمسكنة.
كما لا يجوز إبدال اسم ((النصارى)) بالمسيحيين نسبة إلى أتباع المسيح، عليه السلام، وهي تسمية حادثة لا وجود لها في التاريخ، ولا استعمالات العلماء؛ لأن النصارى بدَّلُوا دين المسيح وحرَّفوه، كما عمل يهود بدين موسى عليه السلام. وهذه تسمية ليس لها أصل، وإنَّما سمّاهم الله ((النصارى)) لا ((المسيحيين)) {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} .
ولكفر اليهود والنصارى بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم صار التعبير عنهم بالكافرين، قال الله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ
(1)(إسرائيليون: طبعت تلك الرسالة بمطابع قطر عام 1398 هـ. وانظر: مجلة المجتمع، الثلاثاء 20 / 10 عدد 966 سنة ((21)) . مجموع فتاوى ابن باز: 5 / 416.
حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} الآية.
إن ((يهود)) علمٌ لمن لم يؤمن بموسى عليه السلام، فأما من آمن به فهم ((بنو إسرائيل)) ولهذا فهم يشمئزون من تسميتهم بهذا ((يهود))
إسرافيل: (1)
في مبحث الأسماء المحرمة والمكروهة في حق الآدميين، من كتاب ((تحفة المودود في أحكام المولود)) قال: (ومنها أسماء الملائكة، كجبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، فإنه يكره تسمية الآدميين بها، قال أشهب: سئل مالكٌ عن التسمي بجبريل، فكره ذلك ولم يعجبه، وقال القاضي عياض: قد استظهر بعض العلماء التسمي بأسماء الملائكة، وهو قول الحارث بن مسكين، قال: وكرِه مالك التسمي: بجبريل، وياسين، وأباح ذلك غيره.
قال عبد الرزاق في الجامع: عن معمر قال: قلت لحماد بن أبي سليمان: كيف تقول في رجل تسمى: بجبريل، وميكائيل؟ فقال لا بأس به.
قال البخاري في تاريخه: قال أحمد بن الحارث: حدَّثنا أبو قتادة الشامي - ليس الحراني - مات سنة أربع وستين ومائة - حدّثنا عبد الله بن جراد، قال: صحبني رجل من مزينة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه فقال: يا رسول الله وُلِد لي مولود،، فما خير الأسماء؟ قال:((إن خير الأسماء لكم: الحارث، وهمام، ونعم الاسم: عبد الله، وعبد الرحمن، وتسموا بأسماء: الأنبياء، ولا تسموا بأسماء الملائكة)) ، قال: وباسمك؟ قال: ((وباسمي، ولا تكنوا بكنيتي)) انتهى.
وقال البيهقي: قال البخاري في غير هذه الرواية: في إسناده نظر) . فليحرر؟
الإسرى:
يأتي في حرف الميم: مفاتيح الغيب.
أسْقطت آية كذا: (2)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله
(1)(إسرافيل: تحفة المودود ص / 119. وانظر: البيان والتحصيل لابن رشد 18 / 59، 60 مهم في ((جبرائيل)) ويأتي في حرف الواو: وِصال.
(2)
(أسْقطت آية كذا: فتح الباري 9/ 87.
تعالى -: (وقد أخرج ابن أبي داود من طريق أبي عبد الرحمن السلمي قال: لا تقل: أسقطت آية كذا، بل قل: أغفلت. وهو أدب حسن) اهـ.
الإسلام: (1)
هل يطلق هذا اللفظ الشريف العظيم على كل دين حق، أو يختص بهذه الملة الشريفة ((الإسلام)) الذي بعث الله به خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم؟ فالدَّين الذي جاء به ((الإسلام)) مُخْتصٌّ بهذا الاسم، واختص أهله باسم:((المسلمين)) . في هذا أقوال ثلاثة:
1-
العموم. 2- الخصوص.
3-
اختصاصه بهذه الملة وبالأنبياء من قبل فقط، ولا يمتد ذلك إلى مللهم وأُمملهم. وهو الذي عليه المعول. والله أعلم.
وللسيوطي في هذا رسالة باسم ((إتمام النعمة في اختصاص الإسلام بهذه الأُمة)) . ضمن كتابه ((الحاوي)) 2/213- 235. وتبعه ببحثه مختصراً ابن حجر الهيتمي في ((الفتاوى الحديثية)) ص / 177.
والهيتمي قد بني كتابه هذا ((الفتاوى)) على كتاب السيوطي المذكور، في جُلٍّ مسائله وأبحاثه، وإن لم يصرح. ولهذا فعلى طالب العلم إذا نظر مسألة في ((الفتاوى الحديثية)) أن ينظرها في أصله ((الحاوي)) للسيوطي فسيجِدُها غالباً. والله أعلم.
أسلمت في كذا وكذا:
يأتي في حرف السين: السَّلم
ويأتي في حرف الكاف: الكرم.
الاسم غير المسمى: (2)
ما نطق الصحابة رضي الله عنهم في قضية الاسم والمسمى ومضى أمر الأمة على السَّداد، والتزام نصوص الكتاب والسنة، ولما ذرَّ قرن الفتن الكلامية، وفاهت المعتزلة والجهمية
(1) (الإسلام: الحاوى 2/213 - 235.
(2)
(الاسم غير المسمى: الفتاوى: 12 /169 - 170 وفهرسها: 36 / 74. شفاء الغليل: 373. بدائع الفوائد: 1/ 16 - 20. وانظر في حرف السين: سبحان اسم ربي العظيم.
بمذهبهم الكفري الضال، ومنه:((أن أسماء الله مخلوقة)) رفضهم الناس، ونفروا منهم، وقام العلماء باطلهم وفضحوا كفر مقالاتهم، حينئذٍ غلَّفوا مقالاتهم هذه بعبارة:((الاسم غير المسمى)) وفلسفتهم في هذا: أنه إذا كان الاسم غير المسمى جاز أن يكون مخلوقاً، فصاروا يمتحنون الناس في عقائدهم بهذا السؤال البدعي: هل الاسم هو المسمى أو غيره؟ فمن قال هو غير المسمى، لزمه في اعتقادهم: أن الاسم مخلوق.
فقامت حجج الله وبيناته على ألسنة علماء أهل السنة والجماعة على منع الإطلاقين فلا يُقال: الاسم هو المسمى، ولا الاسم غير المسمى، وإنما يُقال كما قال الله - سبحانه -:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} . واختار جمع من أهل السنة أن الاسم هو المسمى.
وقال ابن جرير الطبري: ((الاسم للمسمى)) وصار إليه خلق من العلماء؛ لموافقته للكتاب والسنة والمعقول.
أسود: (1)
أبيض: غير منسوب، وهو من الصحابة رضي الله عنهم كان اسمه: أسود، فغيره النبي صلى الله عليه وسلم، إلى: أبيض.
أشرق ثبِير كيْما نُغِير: (2)
كانت تقولها العرب في الجاهلية للانصراف من مزدلفة، وثبير: جبل مرتفع في ((منى)) .
اشتراكية الإسلام: (3)
ألَّف العالم الفاضل: مصطفى
(1) (أسود: الإصابة 1/24 رقم 23. وفي الأجزاء الحديثية، جمعت رسالة باسم: جزء في الذين غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم، ثم نشرتهم هنا. وانظر: نقعة الصديان للصاغاني ص /47.
(2)
(أشرق ثبِير كيْما نُغِير: مسند أحمد: 1/14، 29، 39، 40، 42، 50، 54. صحيح البخاري: 2/ 204. سنن أبي داود: 2/263. سنن النسائي: 5/ 265. سنن الترمذي: 4/ 132. سنن ابن ماجه: 2/1006. سنن الدارمي: 2/60.
(3)
(اشتراكية الإسلام: نظرات في كتاب اشتراكية الإسلامية ص/7. والإيضاح والتبيين، للشيخ التويجري /30- 37 في النوع الثالث. الأُصولية في العالم العربي: ترجمة عبد الوارث سعيد ص /77 حاشية.
السباعي - رحمه الله تعالى - كتاباً باسم ((اشتراكية الإسلام)) وقد تعقبه الشيخ محمد الحامد - رحمه الله تعالى - ببعض ما فيه في كتاب سماه: ((نظرات في: كتاب اشتراكية الإسلام)) . ومما انتقده عليه: هذه التسمية، فقال:
(هذا وإنِّي آخذ على فضيلة الدكتور السباعي قبل كل شيء تسميته كتابه باسم: اشتراكية الإسلام. وإن كان قد مهّد لها تمهيداً، وبرر لها بما يسلك في نفس قارئه، لكنه - وفقه الله - لو فطن إلى أن العناصر اليسارية التي يدافعها أهلُ العلم الديني وقايةً لدين الله، وحمايةً له من تهديماتها، وبين الفريقين معركة فكرية مستعرة الأوار، وقد طارت هذه العناصر فرحاً بهذه التسمية، تستغل بها عقول الدهماء التي لا تدرك هدفه من اختياره لهذا الاسم - أقول: لو فطن لهذا؛ لكان له نظر في هذه التسمية ولاختار لكتابة اسماً آخر يحقق له مراده في احتراز من استغلال المضللين.
الإسلام هو الإسلام وكفى، هو هو، بعقائده، وأحكامه العادلة الرحيمة، فالدعوة إليه باسمه المحض أجدى وأولى من حيث إنه قِسْمٌ براسه، وهو شرع الله العليم الحكيم) اهـ.
الأشعري: (1)
هذه من النسب البدعية في الخالفين.
ومن لطيف ما يستحضر هنا، ما ذكره ابن رجب في ترجمة: سليمان بن إبراهيم الأسعردي ت سنة (639هـ)، قال:
(1) (الأشعري: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/223. الفتاوى 3/ 205. انظر: التحول المذهبي من: النظائر، لراقمه. الفتاوى 6/359 - 360 فهرسها 36 /122.
فائدة: في ((الاستقامة)) 1/ 88 عن ابن قوام: أن الأشعرية يكون فيهم الرجل الصالح، أما الولي فلا. والله أعلم.
((ويقال: إنهم كانوا يؤذونه، فيكشطون الدال من الأسعردي، ويعجمون السين فيصير: الأشعري، فيغضبه ذلك)) انتهى.
أشكرك:
يأتي في حرف الشين: شكراً.
أشهد أن موحامداً رسول الله: (1)
(قال مهنا: سمعت رجلاً يسأل أحمد بن حنبل، فقال: ما تقول في القراءة بالألحان؟ فقال أبو عبد الله: ما اسمك؟ فقال: محمد، قال: أيسرك أن يُقال لك: يا موحامدا. - ممدوداً -؟) .
أشهد بشهادة الله: (2)
عن ابن سيرين: أن رجلاً شهد عند شريح، فقال: أشهد بشهادة الله، فقال له شريح:(لا تشهد بشهادة الله، ولكن اشهد بشهادتك، فإن الله لا يشهد إلا على حق) . رواه ابن أبي الدنيا.
اشهدوا له بالخير: (3)
عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أيّما مُسلم شهد له أربعة بخير، أدخله الله الجنة)) قلنا: وثلاثة؟ قال: ((وثلاثة)) قلنا: واثنان؟ قال: ((واثنان)) ، ثم لم نسأله في الواحد. رواه البخاري، وغيره.
فهذا الحديث، وما في معناه، هو في حق من شهد له اثنان فأكثر من المسلمين الصالحين، العارفين بحاله من أنفسهم، لا أن يُستشهد له، فيطلب من مشيعيه الشهادة له؛ ولهذا فإن ما يجري في بعض الأمصار من قول بعض الناس بعد الصلاة على الميت:
(1) (أشهد أن موحامداً رسول الله: طبقات ابن أبي يعلى: 1/197.
(2)
(أشهد بشهادة الله: الصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا ص /419 - 420، رقم 351 وشرح الإحياء 7 / 578.
(3)
(اشهدوا له بالخير: أحكام الجنائز للألباني: ص/ 60 - 63، 162. الإبداع: ص / 108. السنن والمبتدعات: ص / 66.
اشهدوا له بالخير، فيقولون: من أهل الخير، أو صالح، فهو بدعة لا عهد للسلف بها. ومن الفهوم المغلوطة في فهم السُّنن.
أصبح ولله الحمد: (1)
قال الونشريسي:
(وسُئل أبو إسحاق الشاطبي عن قول: ((أصبح ولله الحمد)) ، بعد الفراغ من أذان الصبح.
فأجاب: إن قولهم: أصبح ولله الحمد زيادةٌ في مشروع الأذان للفجر، وهو بدعة قبيحة أُحدثت في المائة السادسة) اهـ.
أصْرم: (2)
عن أُسامة بن أخدري رضي الله عنه: (أنَّ رجلاً يُقال له: أصرم، كان في النفر الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما اسمك؟)) قال: أنا أصرم، قال:((بل أنت زرعة)) ) . رواه أبو داود في ((سننه)) .
قال الخطابي:
(إنما غير اسم: الأصرم، لما فيه من معنى الصّرم، وهو القطيعة، يقال: صرمْتُ الحبل، إذا قطعته، وصرمت النخلة، إذا جذذت ثمرتها) اهـ.
اصْطلام:
يأتي في حرف الميم: المحْو.
اصطلاحاً:
يأتي في حرف التاء: تعريفه اصطلاحاً.
أُصلِّيْ نصِيْب الليل: (3)
سُئِل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - عن رجل إذا صلى بالليل ينوي، ويقول: أُصلى نصيب الليل. فأجاب: (هذه العبارة ((أُصلي نصيب الليل)) ، لم تنقل عن سلف
(1) (أصبح ولله الحمد: فتاوى الشاطبي: 207. المعيار 1/ 278.
(2)
(أصْرم: تهذيب السنن: 7/253. تحفة المودود: 52. زاد المعاد: 2/4. الوابل الصيب: 245. الإصابة لابن حجر: 1/48 رقم / 87، 3/116 رقم / 3293. معالم السنن: 4/127. نقعة الصديان: 48، 49.
(3)
(أُصلِّيْ نصِيْب الليل: الفتاوى 22/257.
الأُمة، وأئمتها، والمشروع أن ينوي الصلاة لله، سواء كانت بالليل أو النهار، وليس عليه أن يتلفظ بالنية، فإن تلفظ بها وقال: أُصلى لله صلاة الليل، أو: أُصلى قيام الليل، ونحو ذلك؛ جاز، ولم يستحب ذلك، بل الاقتداء بالسنة أولى، والله أعلم) اهـ.
ومن العجيب أن هذه العبارة: أُصلي نصيب الليل، لا تزال على لسان بعض أهل عصرنا ممن لا يرون التلفظ بالنية!.
الأصم: (1)
الأصم: عمرو - أو عبد عمرو - بن معاوية العامري رضي الله عنه سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الرحمن، وكان من أهل الصفة رضي الله عنه.
قال الذهبي: (قال هشام بن الكلبي: سمَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأصم: عبد الرحمن
…
) اهـ.
أصول وفروع: (2)
هذا التفريق ليس له أصل لا عن الصحابة رضي الله عنهم ولا عن التابعين لهم بإحسان، ولا أئمة الإسلام، وإنما هو مأخوذ من المعتزلة، وأُمثالهم من أهل البدع، وعنهم تلقاه بعض الفقهاء.
وهو تفريق متناقض، ولا يمكن وضع حد بينهما ينضبط به.
(1) (الأصم: سير أعلام النبلاء 4/518. الإصابة 6/694 رقم /9388.
(2)
(أصول وفروع: فتاوى ابن تيمية 4/56- 57، 6/ 56، 57، 13 / 125، 23 /346 - 347. العلم الشامخ ص /529. الصواعق المرسلة 2/509 - 515، مهم جداً. منهاج السنة النبوية 3/20 مهم، طبعة بولاق. منهاج السنة النبوية 5/87- 88 طبعة جامعة الإمام. فتاوى العز بن عبد السلام، كلام نفيس. تنوير الأفهام لبعض مفاهيم الإسلام للشيخ محمد أبو شقرة ص/ 35 - 45 مهم. تبصير أُولي الألباب في حكم تقسيم الدين إلى قشور ولباب. للأُستاذ محمد إسماعيل، مهم. وانظر: فتوى تقي الدين السبكي في تسمية الصوفية أهل الفقه: ((بأهل القشور)) كما في آخر كتاب ((الكلام على السماع)) لابن القيم ص /452.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -، وابن القيم - رحمه الله تعالى - مباحثُ مهمةٌ في نقض هذا التفريق. بما خلاصته: أنه انتشر في كلام المتقدمين أن أحكام الشريعة منقسمة إلى أُصول وفروع، ويقصدون بالأصول: ما يتعلق بالعقيدة، وما عُلِم من الإسلام بالضرورة، وبالفروع: فقه أحكام أفعال العبيد.
وابن تيمية - رحمه الله تعالى - لا يرتضي هذا التقسيم، ويراه محدثاً من قبل المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع، وأن الاعتقاد لموجب النصوص وما تمليه الشريعة في مساقٍ واحدٍ، من حيث لزوم الاعتقاد وداعي الامتثال. وأن التقسيم منقوضٌ بعدم الحدِّ الفاصل بينهما.
وقد أنحى المقبلي في: ((العلم الشامخ)) على من قال: الخلاف في الفروع سهلٌ، وما جرى مجرى ذلك. مما تجده منتشراً اليوم.
بل تحول إلى مقولة هزيلة بحيث أوردوا قولهم: هذا قشور وذلك لباب. ويعنون بالقشور: المسائل الفقهية الدائرة في محيط الاستحباب، أو الكراهة، ونحو ذلك من أُمور التحسينات، والحاجيات، وهذا النبزُ إحياء لما لدى المتصوفة، من تسميتهم أهل الفقه باسم: أهل القشور، وأهل الرقص من الصوفية: أهل الحقيقة، فانظر كيف أن الأهواء يجر بعضها بعضاً
ونجد ابن القيم في: ((إعلام الموقعين)) يسوق العتاب على لسان السلف لهؤلاء الذين إذا سُئِل الواحد منهم عن حكم فقهي قال: هذا سهل. يقصد به تخفيف شأنه، والله تعالى يقول:{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} فتنبه. والله أعلم.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك مبحث مبسوط في فتاويه 23/346 - 347، وفي المسائل الماردينية ص / 65 - 70، وابن تيمية رحمه الله كثيراً ما يستعمل هذا التعبير، فمراده إذاً من إنكار التفريق ترتيب التكفير، وعليه: فإنَّ المعين لا يكفر إلا بعد قيام
الحجة عليه، فتنبه، والله أعلم.
أصولي: (1) من الجاري في مصطلحات العلوم الشرعية: أُصول الدين، ويُقال: الأصل، ويقصد به: علم التوحيد. ومنها: أُصول التفسير، أُصول الحديث، أُصول الفقه. وإلى هذا اشتهرت النسبة للمبرز فيه بلفظ: الأصولي. وعنهم ألف المراغي كتابه: ((طبقات الأصوليين)) .
لكن في أعقاب اليقظة الإسلامية في عصرنا، وعودة الناس إلى الأخذ بأسباب التقوى والإيمان، والتخلص من أسباب الفسوق والعصيان، ابتدر أعداء الملة الإسلامية هذه العودة الإيمانية، فأخذوا يحاصرونها ويجهزون عليها بمجموعة من ضروب الحصار، والتشويه، وتخويف الحكومات منهم ومن نفوذهم، وفي قالب آخر تحسين المذاهب المعادية للإسلام وعرضها بأحسن صورة زعموا، وكان من هذه الكبكبة الفاجرة في الإجهاز على العودة الراشدة إلى الإسلام صافياً: جلْبُ مجموعة من المصطلحات المولودة في أرض الكفر، تحمل مفاهيم سيئة إلى حد بعيد، وكان منها هذا اللقب:((الأصولية)) ، النسبة إليها:((أُصولي)) .
التزمت. التطرف.
والذي يعنينا هنا هو هذا اللقب، الذي صار له من الشيوع والولوع بذكره الأمر العجيب، حتى في بني جلدتنا، فكأنهم مرصدون لتبني نفثات العداء، وإشاعتها بين المسلمين، ونقول:
الله أكبر: إنها السنن، فكما كان أهل الأهواء يطلقون مجموعة ألقاب نكراء على أهل السنة، للتنقص منهم، والوقيعة فيهم، والتنفير منهم والسخرية بهم، مثل: حشوية. مشبهة. مجسمة.
فتؤول النوبة اليوم إلى المبتدعة الجدد في بدعهم الكلامية الجديدة،
(1) (أصولي: الأُصولية في العالم العربي، ترجمة: عبد الوراث سعيد. مقال بعنوان: أُصولي، بقلم / محمد الحضيف في: مجلة المبتعث، عدد /108، وعنه في مجلة رابطة العالم الإسلامي، عدد / 294، السنة /27 محرم / 1410 هـ، ص /58.
وهي أشد مكراً من سوابقها. والحمد لله الذي خذلهم جميعاً، وبقي الحق على الإسلام والسنة، لم تؤثر فيه تلك الأهواء الطاغية، والمقولات الفاسدة الفاجرة. وعليه:
فهذا اللقب ((أُصولي)) أصيلٌ في مبناه، طري في معناه، بل فاسد تسربل هذا المبني، حتى يسهل احتضانه، والارتماء في حبائله، فهذه الياء ((ياء النسبة)) ، وأصل الشيء: قاعدته وجوهره.
لكن ماذا تحمل من معنى في محلها الذي ولدت فيه: ((أمريكا)) ؟ إنها تعني: ديانة نصرانية كهنوتية ترفض كل مظهر من مظاهر الحياة وتراه خروجاً على الدين.
ولهذا فإن النصارى - ومن في ركابهم من أُممِ الكفر في عدائهم العريق لملة الإسلام - سحبوا هذا اللقب على كل مسلم مرتبط بدينه الإسلام: قولاً، وعملاً، واعتقاداً، فسربلوه بهذا اللقب ((أُصولي)) وما يتبناه هو ((الأُصولية)) .
وهي تلتقي تماماً مع ما كان يقال بالأمس: ((رجعية)) ، و ((رجعي)) ، لكن هذا اللقب ((رجعي)) فيه قدح ظاهر، أما ((أُصولي)) فهو قدح مبطن.
ولهذا فكم رأينا من أغمار استملحوه فأطلقوه، وامتحنوا الأُمة به.
ثم أوجد الحداثيون في عصرنا ألقاباً أخرى في هذا المعنى لمن تمسك بالإسلام منها:
((الماضوية)) نسبة إلى الماضي.
((التاريخانية)) نسبة إلى التاريخ القديم في الزمان الغابر.
((الأُممية)) نسبة إلى الرجوع إلى أمة واحدة والواجب في نظرهم: الخلط بين الناس من غير اعتبار دين يفرق بينهم.
وفي مقدمة الأستاذ / عبد الوراث سعيد، لترجمة كتاب:((الأُصولية)) قال ((ص 12)) : في معرض كشفه لعدد من سلبيات كتابات الغربيين عن الإسلام:
(تقديم الصحوة الإسلامية من خلال مجموعة من المصطلحات التي وُلِدت في بيئة الغرب وحُمِّلت بمعانٍ، ومفاهيم متأثرة بتجارب الغرب، وقِيمِهِ، ونظرته للدين، والحياة، مثل:
الأصولية
…
والخلاص
…
والعهد السعيد
…
واليمين واليسار
…
والرجعية
…
والتقدمية
…
والحداثة
…
والرادكالية
…
والنضالية
…
والتحررية
…
والإحياء
…
والإصلاح
…
والانبعاث، وغيرها.
وخير مثال على خطورة تبني هذه المصطلحات، دون إعادة تحديد لمدلولاتها، مصطلح:((الأصولية)) ؛ إذ يعني في بيئته الأصلية: فرقة من البروتستنت، تؤمن بالعصمة الحرفية لكل كلمة في:((الكتاب المقدس)) ويدّعي أفرادها التلقي المباشر عن الله، ويعادون العقل، والتفكير العلمي، ويميلون إلى استخدام القوة، والعنف؛ لِفرْضِ هذه المعتقدات الفاسدة)) انتهى.
وقال شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز - أثابه الله تعالى -: (مما يلاحظ في هذه الأعوام - أي: 1412 هـ وما بعده - بشكل خاص أن كثيراً من وكالات الأنباء العالمية التي تخدم مخططات أعداء الإسلام، وتخضع لمراكز التوجيه النصراني، والماسوني، تخطط بأُسلوب ماكر؛ لإثارة العالم كله ضد ما يسمونه: ((الأُصوليين)) ، وهم يقصدون بذلك الذَّمَّ والقدح في المسلمين المتمسكين بالإسلام على أُصوله الصحيحة، الذين يرفضون مسايرة الأهواء، والتقارب بين الثقافات، والأديان الباطلة.
وقد وقع بعض الإعلاميين المسلمين في مصيدة الأعداء، وأخذوا ينقلون تلك الأخبار المعادية للإسلام، وأصبحوا يتداولونها عن جهل بمقاصد أصحابها، أو غرض في نفوس بعضهم، فكانوا بفعلهم هذا، أعواناً للأعداء على الإسلام والمسلمين، بدلاً من قيامهم بواجب التصدي لأعداء الإسلام، وإبطال كيدهم، ببيان أهمية
الرابطة الدينية والأُخوة الإسلامية بين الشعوب الإسلامية، وأن الأخطاء الفردية التي لا يسلم منها أحد، لا ينبغي أن تكون مبرراً للتشنيع على الإسلام والمسلمين، والتفريق بينهم) انتهى.
وقد كنت كتبت فتوى عن حكم إطلاق هذا اللفظ واستعماله، هذا نصها:
الأُصولية: (1)
الأصولية.... الراديكالية
…
النضالية.... الخلاص
…
العهد السعيد....
جميعها، وأمثال لها من ((الألقاب الدينية)) مصطلحات أجنبية تولدت حديثاً في العالم الغربي، أوصافاً (للكهنوتيين) المتشددين.
فإذا أخذنا هذا المصطلح ((الأُصولية)) نجد حقيقته كما يلي:
(أنَّه - يعني في بيئته الأصلية - العالم الغربي -: فرقة من البرتستنت تؤمن بالعصمة لأفرادها الذين يدعون تلقيهم عن الله مباشرة، ويعادون العقل، والفكر العلمي، ويميلون إلى استخدام القوة والعنف في سبيل هذا المعتقد الفاسد) ....
فمصطلح الأصولية، وما في معناه هو إذاً: لإيجاد جو كبير من الرعب والتخويف من (الدين) ، ومقاومة من يدعو إليه، في أي ديانة كانت
…
نبذة عن تاريخ ألقاب ومصطلحات النقد والتنفير:
للقب شأن عظيم في سائر الملل، وفي الإسلام أكمل الهدي وآخره، قال تعالى في سورة الحجرات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ - إلى قوله تعالى - وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ
(1) (الأُصولية: الأُصولية في العالم العربي. تأليف: ريتشارد، أُستاذ بجامعة نيويورك، طبع دار الوفاء بالمنصورة القاهرة - شارع الإمام محمد عبده - وطبع عام 1409 هـ بترجمة ومقدمة / عبد الوراث سعيد. وانظر مجلة المبتعث عدد / 108، مقال بعنوان: أُصولي، لمحمد الحضيف. وعنه في مجلة رابطة العالم الإسلامي عدد /294 - لعام 1410 هـ ص/58. مجلة الوطن الكويتية في 10/11/1982 م، مقال بعنوان: الحركة الإسلامية المعاصرة، لحسن حنفي - وهو مهم -.
بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الآية
…
وفي لقب أهل الإسلام، قال سبحانه:{هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ}
…
وامتداداً لسُنَّةِ الصراع بين الخير والشر، فإن النبز بالمصطلح واللقب أمرٌ من عادة المشركين ضد المسلمين، كما في تلقيب المسلمين بالصابئة، ومنه قول المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم:((صبأ محمد)) أي رجع عن دين آبائه
…
ولهذا صار النبز بنحو هذه المصطلحات الناقدة من طريقة الفرق لمنشقة عن جماعة المسلمين، للتنفير منهم، والحط من أقدارهم، ومنها:
نبز المعتزلة لأهل السنة باسم: مجسمة، حشوية.
والقدرية يسمون أهل السنة: مجبرة.
والجهمية يسمونهم: صفاتية. مشبهة.
والرافضة يسمونهم: نابتة. ناصبية. عوام.
والكلاميون يسمونهم: علماء الحيض والنفاس.
والألقاب متحركة متغيرة، حسب لغة كل عصر، وما يستجد فيه وحسب القوة والظهور، والضعف والانكماش
…
وما تزال سنة الصراع ماضية، والمطاردة للمصلحين جارية، والألقاب متجددة فكم رأى الراؤون، وسمع السامعون، تلقيب الإسلام، والدولة الإسلامية، والمسلم المرتبط بدينه قولاً وعملاً، بمصطلحات فيها تنفيرٌ وتوهينٌ، وإشعارٌ بالتخلف، فمنها:
الرجعية
…
الرجعي
…
اليمين واليسار.... ثم: التطرف
…
التزمت
…
وهكذا كلما ازداد الوعي الإسلامي، كلما كثرت الحرب الكلامية والمجابهة النفسية بصياغة مصطلحات منفرة كهذه
…
وبصيغ أُخرى أشد مكراً؛ لأن التنفير لا يبدو من مبنى اللقب وظاهره، لكن عند إرجاع اللقب إلى أصله تجده يلتقي مع تلك الألقاب والمصطلحات، بالاستصغار والتوهين من جهة، وبالتحذير والرعب منهم من جهة أُخرى
…
ومنها مصطلحات:
الأُصولي
…
الأُصولية
…
الراديكالية
…
النضالية
…
الإسلاميين
…
المهدية
…
الصحوة
…
الزحف.
وإذا أخذنا أوسعها انتشاراً اليوم: (الأُصولية) وما حصل له من استمراء
عجيب، وتردد ذكره على ألسنة المتكلمين، وفي أقلام الكاتبين، من إطلاقه على جماعات من المسلمين، وبخاصة الدعاة، ومن واقع حقيقته المذكورة في صدر هذا المبحث، تلخصت لنا الحقائق الآتية:
1.
أنه بهذا المعنى أجنبي عن الحقائق والمصطلحات الإسلامية، فلا ارتباط مطلقاً بينه وبين ما يوجد في كتب المسلمين من هذه النسبة (الأُصولي)، في نسبة إلى علم: أُصول الفقه، وفي علمائه ألّف المراغي - رحمه الله تعالى - (طبقات الأصوليين) ..
2.
أنه اصطلاح أجنبي حادث تولد في بيئته الغربية؛ لمقاومة الكنسيين والكهنوتيين المتشددين.
3.
وأن معناه باختصار: الكهنوتية التي ترفض التعامل مع العلم والعقل ،
4.
وأن معناه ومفاهيمه المذكورة - في صدر هذا المبحث - مفاهيم فاسدة لا يمكن قبولها لدى المسلمين بحال، وبالتالي فهو لقب مرفوض في حكم الإسلام وهديه، فلا يجوز إطلاقه على جماعة المسلمين بهذا المعنى....
5.
في إطلاقه على العلماء والدعاة المسلمين، تدبير ماكر من الخط المعاكس لهم بإيجاد جو يُكْسِبُهُمْ معنى:((الإرهاب، والانشقاق،..)) فيجعلوا من السلطة قوة لمقاومتهم، والنفرة منهم، كلما ذكر هذا اللقب المرعب؟؟
6.
وبالتالي فإن هذا المصطلح (الأصوليين) هو ألطف تلك المصطلحات في مبناه، وأشدها مكراً في معناه. اهـ.
أطعم ربك:
انظر في لفظ: أمتي.
أطلس: (1)
هذا لفظ شاع لدى المسلمين، وانتشر، ولُقِّن الطلاب منذ الصِّغر، مطلقين له على:((مجموع الخرائط الجغرافية)) .
ووظيفتنا نستقبل ما يبعث به إلى هذه الجزيرة العربية ونلتهمه بحسن نية، حتى يكون إنكار منكراً؟؟
وبهذا، وأمثاله تُقْلبُ صبغة البلاد، وتُحوَّلُ إلى خلق آخر غريب على هذه
(1) (أطلس: قاموس عربي إنكليزي: ص /59.
البلاد - وهو من أهلها - في لسانه، وخلقه، وسلوكه، ومعتقده.
والآن انظر: ماذا عن هذا اللفظ المصطلح عليه:
((أطْلس))
إن أصل استعمال هذا المصطلح كان لأحد آلهة اليونان، الذين يعتقدون أنه يحْمِلُ الأرض، هكذا في أساطيرهم.
فهل لنا أن نهجر هذا المصطلح الفاسد، لغة وشرعاً، ونأخذ بالأصيل:((علوم الأرض)) .
إعدام المجرم:
يأتي في حرف الفاء: الفقه المقارن.
أعْظم الفرية:
يأتي في حرف القاف: قد أعظم الفرية.
اعلم علمك الله وإياي: (1)
الدعاء على أربعة أوجه:
1.
أن يدعو الإنسان لنفسه.
2.
أن يدعو لغيره.
3.
أن يدعو لنفسه ولغيره بضمير الجمع.
4.
أن يدعو لنفسه ولغيره فيبدأ بنفسه ثم بغيره.
ومن هذا الوجه جاءت الأدعية في آيات القرآن الكريم منها قول الله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ} الآية.
فليس من آداب الدعاء: أن يدعو لغيره ثم يدعو لنفسه، ولذا تعقب العلماء ابن الصلاح لما قال في مقدمته:((اعلم علمك الله وإياي)) فكان ينبغي أن يقول: ((اعلم علمني الله وإياك)) .
أعوذ بالله وبك: (2)
عن إبراهيم النخعي - رحمه الله تعالى -: أنه كان يكره أن يقول: ((أعوذ بالله وبك، حتى يقول: ثم بك)) . رواه عبد الرزاق.
ويأتي بسطه في حرف الخاء: خليفة الله. وفي حرف الميم: ما شاء الله وشاء فلان.
الأعور: (3)
في سياق ابن القيم رحمه الله
(1) (اعلم علمك الله وإياي: مقدمة ابن الصلاح. والتقييد والإيضاح للعراقي.
(2)
(أعوذ بالله وبك: مصنف عبد الرزاق 11/27. شرح الإحياء 7/575. الفتاوى الحديثية ص /135.
(3)
(الأعور: تحفة المودود ص / 117 - 118. سنن أبي داود رقم 4957 حديث عمر والترمذي رقم /57، وفي سنده متروك هو: خارجة بن مصعب. وابن ماجه رقم 1731 لحديث عمر رضي الله عنه وحديث أُبيّ برقم / 421. وصحيح مسلم برقم /2203، فيه حديث عثمان بن أبي العاص. وحديث أُبي في مسند أحمد 5/136. والداء والدواء ص/117. تهذيب السنن 7/ 256. سير أعلام النبلاء 4/65. كنز العمال 16 / 424. وتسمية المولود ص / 39، وياتي في حرف العين: عبد المطلب.
تعالى - للأسماء المحرمة والمكروهة، قال:(ومنها التسمية بأسماء الشياطين كخنزب، والولهان، والأعور، والأجدع، قال الشعبي، عن مسروق: لقيت عمر بن الخطاب، فقال: من أنت؟ فقلت: مسروق بن الأجدع، فقال عمر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الأجدع: شيطان)) .
وفي سنن ابن ماجه، وزيادات عبد الله في مسند أبيه، من حديث أُبي ابن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إن للوضوء شيطاناً يقال له: الولهان، فاتقوا وسواس الماء)) . وشكى إليه عثمان بن أبي العاص من وسواسه في الصلاة، فقال:((ذاك شيطان، يقال له: خنزب)) .
وذكر أبو بكر ابن أبي شيبة: حدثنا حميد بن عبد الرحمن بن هشام، عن أبيه، أن رجلاً كان اسمه الحباب، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله، وقال:((الحباب: شيطان)) اهـ.
أُف: (1)
التأفيف من كبائر الإثم في حق الوالدين، وقد نهى الله عنه في كتابه، فقال سبحان:{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} الآية.
أما في الصلاة فالفقهاء يذكرونه في مبحث: النفخ في الصلاة. وعند الجمهور - منهم الأئمة الأربعة -: أنه إن بان منه حرفان، وهو عامد عالم بتحريمه؛ بطلت صلاته، وإلا فلا.
وقال أبو يوسف: لا تبطل إلا أن يريد به التأفيف، وهو قول: أُف. قال ابن المنذر: ثم رجع أبو يوسف، وقال:
(1) (أُف: المجموع للنووي 4 / 89. شرح الأذكار 7 / 151 - 153. مصنف عبد الرزاق 2/188 - 190.
لا تبطل صلاته مطلقاً.
وقال: وممن روينا عنه كراهة ذلك: ابن مسعود، وابن عباس، وابن سيرين، والنخعي، ويحيى بن أبي كثير، وأحمد، وإسحاق.
قال: ولم يوجبوا عليه الإعادة.
وانظر فيما مضى لفظة: آه.
أفضل العالم:
في هذا الإطلاق على أي عالِمٍ - مثلاً - مزاحمة لأوصاف النبوة.
قال أبو على السكوني الإشبيلي، المتوفى سنة 727 هـ رحمه الله في كتابه:((لحن العوام فيما يتعلق بعلم الكلام)) ص/152: (وكذلك يمتنع عليهم مزاحمة أوصاف النبوة، كقول بعضهم: ((أفضل العالم)) ، ((فخر بني آدم)) ، ((حجة الله على الخلق)) ، ((صدر صدور العرب والعجم)) ، وهذه الأوصاف إنما هي للنبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قال المُطلِقُ لذلك: قصدْتُ ((عالم زمانه)) ، و ((حجة الله على الخلق)) ، قيل له: أوهم كلامك الإطلاق والعموم ومزاحمة أوصاف النبوة.....) انتهى.
أفعال العباد غير مخلوقة: (1)
هذا قول القدرية، وهو من البطلان بمنزلة من قال: السماء غير مخلوقة.
ومثله في الإنكار والابتداع قول بعض العجم: أفعال العباد قديمة.
ومثله قول بعض المتأخرين:
أفعال العباد قدر الله. إن أراد أنها نفس تقدير الله الذي هو علمه ونحوه من صفاته فلا.
أما إن أراد أنها مقدَّرة قدرها الله فهذا حق. ومثله قولهم:
الأعمال هي الشرائع. فلفظ الشرع هنا مجمل، فإن أُريد به الشرع الذي هو كلام الله فهذا باطل، وإن أُريد به الأعمال المشروعة بأمر الله فهذا حق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في ((الفتاوى)) 8 / 422 - 423:
((والشيخ أبو الفرج كان أحد
(1) (أفعال العباد غير مخلوقة: الفتاوى 8/406، 427، 12 / في مواضع كثيرة، منها 258 - 279.
أصحاب القاضي أبي يعلى ولكن القاضي أبو يعلى لا يرضى بمثل هذه المقالات، بل هو ممن يجزم بأن أفعال العباد مخلوقة، ولو سمع أحداً يتوقف في الكفر والفسوق والعصيان أنه مخلوق - فضلاً عن أن يقول إن أفعال العبد من خير وشر: قديمة - لأنكر عليه أعظم الإنكار.
وإن كان في كلام القاضي مواضع اضطرب فيها كلامه وتناقض فيها، وذكر في موضع كلاماً بنى عليه من وافقه فيه من أبنية فاسدة، فالعالم قد يتكلم بالكلمة التي يزلّ فيها فيفرع أتباعه عليها فروعاً كثيرة، كما جرى في مسألة ((اللفظ)) و ((كلام الآدميين)) ومسألة ((الإيمان)) و ((أفعال العباد)) .
فإن السلف والأئمة - الإمام أحمد وغيره - لم يقل أحد منهم إن كلام الآدميين غير مخلوق ولا قلوا: إنه قديم ولا إن أفعال العباد غير مخلوقة، ولا إنها قديمة. ولا قالوا أيضاً: إن الإيمان قديم ولا إنه غير مخلوق، ولا قالوا: إن لفظ العباد بالقرآن مخلوق، ولا إنه غير مخلوق، ولكن منعوا من إطلاق القول بأن الإيمان مخلوق، وأن اللفظ بالقرآن مخلوق؛ لما يدخل في ذلك من صفات الله تعالى، ولما يفهمه هذا اللفظ من أن نفس كلام الخالق مخلوق وأن نفس هذه الكلمة مخلوق، ومنعوا أن يقال: حروف الهجاء مخلوقة؛ لأن القائل هذه المقالات يلزمه أن لا يكون القرآن كلام الله، وأنه لم يكلم موسى.
فجاء أقوام أطلقوا نقيض ذلك فقال بعضهم: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فبدع الإمام أحمد وغيره من الأئمة من قال ذلك.
وكذلك أطلق بعضهم القول بأن الإيمان غير مخلوق. حتى صار يفهم من ذلك ((أن أفعال العباد)) التي هي إيمان: غير مخلوقة، فجاء آخرون فزادوا على ذلك فقالوا: كلام الآدميين مؤلف من الحروف التي هي غير مخلوقة. فيكون غير مخلوق. وقال آخرون: فأفعال العباد كلها غير مخلوقة. والبدعة كلها فرع عليها وذكر لوازمها زادت قبحاً وشناعة، وأفضت بصاحبها
إلى أن يخالف ما يعلم بالاضطرار من العقل والدين.
وقد بسطنا الكلام في هذا، وبينا اضطراب الناس في هذا في مسألة القرآن وغيرها)) انتهى.
أفلح: (1)
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - في ((التحفة)) في بيان الأسماء المكروهة:
(وفي سنن أبي داود من حديث جابر عبد الله قال: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى أن يسمى بـ: يعلى، وبركة، وأفلح، ويسار، ونافع، وبنحو ذلك، ثم رأيته سكت بعْدُ عنها، فلم يقل شيئاً، ثم قُبِض ولم ينه عن ذلك، ثم أراد عمر أن ينهى عن ذلك ثم تركه.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدَّثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن عشت إن شاء الله أنهى أُمتي أن يسموا نافعاً ـ وأفلح، وبركة)) قال الأعمش: لا أدري أُذكر نافعاً أم لا.
وفي سنن ابن ماجه، من حديث أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن عشت، إن شاء الله، لأنهين أُمتي أن يسموا: رباحاً، ونجيحاً، وأفلح، ويساراً)) .
قلت: وفي معنى هذا: مبارك، ومفلح، وخير، وسرور، ونعمة، وما أشبه ذلك، فإن المعنى الذي كره له النبي التسمية بتلك الأربع موجود فيها، فإنه يُقال: أعندك خير؟ أعندك سرور؟ أعندك نعمة؟ فيقول: لا؛ فتشمئز القلوب من ذلك، وتتطير به وتدخل في باب المنطق المكروه.
وفي الحديث: أنه كره أن يُقال: خرج من عند برة، مع أن فيه معنى آخر يقتضي النهي، وهو تزكية النفس بأنه مبارك، ومفلح، قد لا يكون كذلك، كما روى
(1) (أفلح: كنز العمال 16 /424، 425، 426. تهذيب السنن 7 / 256، 257. الأدب المفرد مع شرحه 2/395. معالم السنن للخطابي 4/128. زاد المعاد 2/4، 6. إعلام الموقعين 3/ 163، تحفة المودود ص /116 - 118. جامع الأُصول 1/ 360 - 362، رقم 149، 150، 151. وانظر في حرف التاء: تعس الشيطان.
أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسمى برة، وقال:((لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم)) .
وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن زينب كان اسمها: برة، فقيل: تزكي نفسها، فسمَّاها النبي صلى الله عليه وسلم: زينب. اهـ.
وفي ((شرح الأدب المفرد)) عند قوله: ثم سكت بعد عنها، قال، نقلاً عن ((المرقاة)) :(ثم سكت، رحمة بالأُمة لعموم البلوى وإيقاع الحرج) اهـ.
أفلح وأبيه إن صدق: (1)
استقر الشرع العام لأُمة محمد صلى الله عليه وسلم على تحريم الحلف بغير الله تعالى، وأن من حلف بغير الله فقد أشرك شركاً أصغر.
والأحاديث في النهي عن الحلف بغير الله - تعالى - بلغت مبلغ التواتر، وهي من قضايا الاعتقاد التي لا خلاف فيها بين المسلمين.
وأمام هذا جاء حديث عن طلحة بن عبيد الله، في قصة الأعرابي النجدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أفلح وأبيه إن صدق)) رواه مسلم، وأبو داود، وهو في البخاري، والموطأ، وبقية السنن، دون لفظ:((وأبيه)) .
وللعلماء عن هذا اللفظ: ((وأبيه)) أجوبة تسعة هي:
1.
منسوخ بأحاديث التشريع العام.
2.
على تقدير محذوف: ((ورب أبيه)) .
3.
خاص به صلى الله عليه وسلم.
4.
تصحيف من قوله: ((والله)) .
5.
أن الرواية قد وردت بلفظ: ((والله)) كما ذكرها ابن عبد البر في: ((التمهيد: 14 /367)) .
6.
جرت بدون قصد الحلف. كما جرى: عقْرى، حلْقى، وما أشبههما.
(1) (أفلح وأبيه إن صدق: مسلم بشرح النووي: 2/ 121 تاسع حديث في صحيحه، وأبو داود بشرحه معالم السنن: 1/121 - 123، وفيه الأجوبة عنه، وفي: فتح الباري: 1/132 - 133. التمهيد: 16 / 158. الموطأ بشرح الزرقاني: 1/359. التمهيد: 14 / 367، 16/ 188 - 190. تيسير العزيز الحميد: ص/591 - 593 المجموع الثمين: 1/99 - 101.
7.
لفظة غير محفوظة فهي ضعيفة منكرة. قاله ابن عبد البر.
8.
لفظة غير محفوظة، فهي شاذة كما في ضعيف أبي داود.
9.
لفظ يقصد به التأكيد لا التعظيم.
وفي الباب أيضاً: حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - في مسلم، كتاب الزكاة من صحيحه، وابن ماجه برقم: 2706، وفيه قال:((نعم وأبيك لتًنبَّأنَّه)) .
وحديث وهب بن عقبة العامري، في قصة: الفُجيع العامري، وفيه قال صلى الله عليه وسلم:((ذاك وأبي الجدع)) رواه داود في كتاب الأطعمة من ((سُننه)) . وهو ضعيف.
فهذه أحاديث ثلاثة، اثنان في أبي داود، متكلم في سندها، والثالث في صحيح مسلم، وقد علمت الأجوبة عنها. ومثل هذه الوقائع النادرة لا تقضي على التشريع العام للأمة الذي بلغت به النصوص مبلغ التواتر، وجُلُّها ناهيةٌ بالنص عن الحلف بالآباء، وكلها مُعلِّلة له بأنَّه شرك، والشرك لا يدخله نسخ، ولا تخصيص، فتعين أن تكون الأحاديث المذكورة مؤولة أو منسوخة والله أعلم.
أفوكاتو:
يعني المحامي. يأتي في حرف الفاء: الفقه المقارن.
أقامها الله وأدامها: (1)
الحديث في هذا عند أبي داود، ولا يصح، فعلى من يسمع الإقامة أن يقوم مثل قوله:((قد قامت الصلاة)) .
الإقامة: (2)
قولها بعد: الإقامة. يأتي في حرف الصاد: الصلاة الصلاة.
أُقدِّسُ حجّي:
يأتي في حرف القاف: قدَّس الله حجتك.
أقضى القضاة: (3)
أول من لُقب به: الماوردي
(1) (أقامها الله وأدامها: تمام المنة ص/ 149 - 150. إرواءُ الغليل رقم / 241. التلخيص الخبير 1/ 211.
(2)
(الإقامة: الفروع لابن مفلح 1/314.
(3)
(أقضى القضاة: معجم الأُدباء 8/52 - 53، 15 / 52. طبقات الشافعية للسبكي 7/228. ذيل طبقات الحنابلة 1/84. طرح التثريب: 8/ 151 مهم. الفتاوى الحديثية / 132.
الشافعي على بن محمد.
لقب به سنة 429 هـ. على ما في ترجمته في ((معجم الأُدباء)) ، قال ياقوت:(وجرى من الفقهاء كأبي الطيب الطبري، والصيمري، إنكار لهذه التسمية، وقالوا: لا يجوز أن يُسمى به أحد)) هذا بعد أن كتبوا خطوطهم بجواز تلقيب: جلال الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة، بـ: ملك الملوك الأعظم. فلم يلتفت إليهم. واستمر له هذا اللقب إلى أن مات. ثم تلقَّب به القضاة إلى أيامنا هذه، وشرط المُلقب بهذا اللقب أن يكون دون منزلة من تلقب بقاضي القضاة إلى أيامنا هذه، على سبيل الاصطلاح، وإلا فالأولى: أن يكون أقضى القضاة أعلى منزلة) اهـ.
لكن السبكي في: ((الطبقات)) يعقب على من يقول: إنَّ قاضي القضاة دون أقضى القضاة. بل يرى العكس فيما ناقله عن والده، ووجَّهه والله أعلم.
ويأتي بيان النهي عنه في حرف القاف: قاضي القضاة.
الأكاديمية:
يأتي في حرف الفاء: الفقه المقارن.
أكبر: (1)
أكبر الحارثي رضي الله عنه رُوِي أن النبي صلى الله عليه وسلم غيَّر اسمه، فسماه: بشيراً.
رواه البخاري في: تاريخه، وابن السكن، والنسائي، في:((عمل اليوم والليلة)) .
أكثر شيء: (2)
قال صالح بن الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - في مسائله:
(1) (أكبر: الإصابة 1/106 رقم 239، 1/318، رقم / 712.
(2)
(أكثر شيء: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح: 2/ 387.
((حدثني أبي، قال: حدَّثنا هشيم، عن ابن عون، عن ابن سيرين: أنه كان يكره أن يقول: أكثر شيء)) انتهى.
وهكذا في كتاب المسائل ولعلها: ((أكبر شيء)) بالباء، فتكون الكراهة؛ لقول الله - تعالى -:{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: من الآية19] .
الْتفت: (1)
لسيد قطب - المقتول ظلماً - رحمه الله تعالى - كتاب في تفسير القرآن العظيم، باسم:((في ظِلال القرآن)) ، وهو مع فائدته فيه مواضع تقتضي التنبيه، ومنها عبارات وألفاظ تسمَّح في إطلاقها - رحمه الله تعالى -. وقد ألَّف الشيخ / عبد الله بن محمد الدويش، المتوفى سنة 1408 هـ - رحمه الله تعالى- كتاباً يتعقبه في ذلك باسم:((المورد الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال)) ، فتعقبه في جملة ألفاظ منها:
1-
التفت: (2) في تفسير سورة العلق 6/3936، قال: ((إن الله
…
قد تكرم في عليائه فالتفت إلى هذه الخليقة)) ونحوه 3/ 3937.
والله سبحانه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنه لفظ النظر كما في حديث عياض رضي الله عنه:((إن الله نظر إلى أهل الأرض....)) الحديث، رواه مسلم.
فلا يُطلق الالتفات على الله إلَاّ حيث ورد النص، ولا يعلم وروده، فيترك. والله أعلم.
2-
الحقيقة الكبرى: (3) لا يجوز إطلاقه على الله تعالى، ويأتي في حرف القاف بلفظ: قوة خفية.
(1) (الْتفت: المورد الزلال. طبع دار العليان بالقصيم. عام 1411 هـ.
(2)
(1- التفت: المورد الزلال.3/308.
(3)
(2- الحقيقة الكبرى: المورد الزلال.3/66.
3-
قانون: (1) إطلاقه على شريعة الإسلام. يأتي في حرف القاف.
4-
ضريبة اجتماعية: (2) تسمية الزكاة بذلك.
الأسماء الشرعية بنص القرآن والسنة لا يجوز تغييرها ولا العدول عنها، وإن استبدالها باسم آخر فيه: هجر للاسم الشرعي، واستدراك على الشرع، ومنابذة ظاهرة لما ذكره الله ورسوله، مع ما في ذلك من انفصام بين المسلم وكتب السلف.
وإن لفظ الضريبة، ومثله: المكس، ونحوهما، فيما إجحاف وجور، فلا يجوز أن يُطلق ما كان كذلك على الحقائق الشرعية.
5-
العشق: (3) يأتي في حرف العين.
6-
لغة موسيقية. إيقاع موسيقي. منظومة موسيقية. إيقاع فيه خشونة: (4) وصف القرآن العظيم بهذه الألفاظ، ونحوه، وهي أوصاف مرفوضة لثلاثة أُمور:
1.
أن هذا تشبيه لآيات القرآن بآلات اللهو المحرمة.
2.
الموسيقى فن يدعو إلى الفسق والفجور، فكيف يشبه به القرآن العظيم كلام رب العالمين، الهادي إلى الإيمان والصراط المستقيم؟
3.
أن الله سبحانه نفى كون القرآن قول شاعر، ونزهه عنه، فكيف يشبه بأصوات وموسيقات المُتفنِّنْيِن به؟
(1) (3- قانون: المورد الزلال.3/27، في ظلال القرآن 1/257.
(2)
(4- ضريبة اجتماعية: المورد الزلال.3/17، 90. في ظلال القرآن 1/161، 3/166.
(3)
(5- العشق: المورد الزلال.3/212. في ظلال القرآن5 /3209.
(4)
(6- لغة موسيقية......: المورد الزلال.3/223، 224، 295، 296، 307، 101، 94، 309.. في ظلال القرآن 3/1786، 4/ 2039، 6/ 3811، 3821، 3908، 3957.
7-
الكوكب: (1) تسمية الأرض كوكباً. هذا إطلاق أجنبي عن نصوص الوحيين الشريفين، فالكواكب في السماء، والأرض في السفل، ولم يطلق على الكواكب اسم: الأرض، ومن لازم هذا الإطلاق أن تكون الأرض زينة للسماء الدنيا، وجعلها رجوماً للشياطين، وهذا باطل.
8-
نعيم بدوي: (2) عبَّر عن بعض نعيم أهل الجنة بذلك عند قوله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن:72] . وهذا التعبير يحتمل التنقيص، وإن كان غير مراد من سيد قطب - رحمه الله تعالى -، لكن البعد عن الألفاظ المحتملة هو الحق.
9-
الأُمة البدوية: (3) إطلاقه على الجزيرة العربية، واختيار الله لهم لحمل الدِّين. وهذا تعبير خاطئ، فإن الله سبحانه لم يبعث نبيّاً: بدوياً، ولا جِنِّيّاً، ولا امرأة، كما قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف: من الآية109] .
فالنبي صلى الله عليه وسلم وشيوخ الصحابة رضي الله عنهم من أهل القرى أي من المدن: مكة، والمدينة
…
فهم حاضرة وليسوا بادية، وقد قال صلى الله عليه وسلم:((إن زاهراً باديتنا ونحن حاضره)) .
10-
أناشيده: (4) أطلقها على ترتيل داود عليه السلام للزبور.
وهذا إطلاق فاسد، فالمتعين تنزيه
(1) (7- الكوكب: المورد الزلال 3/61، 184، 190، 219، 225. في ظلال القرآن 2/1072، 5/ 3027، 3090، 6/ 3378، 3447.
(2)
(8- نعيم بدوي: المورد الزلال 3/320، 97، 98 في ظلال القرآن6/ 3458، 4/1911، 1914.
(3)
(9- الأُمة البدوية: المورد الزلال 3/245. في ظلال القرآن 6/ 3566. وللشيخ حمود التويجري رسالة مهمة باسم: منشور الصواب في الرد على من زعم أن الصحابة من الأعراب.
(4)
(10- أناشيده: المورد الزلال 3/183، في ظلال القرآن 5/3018.
كلام الله تعالى عن الأناشيد، والشعر، وقد قال الله تعالى عن القرآن العظيم:{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ} .
هذا ما اقتضى التنبيه عليه. والله أعلم.
الله خليفتي عليك: (1)
قال صالح بن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - قلت: - أي لأبيه -: ((المرأة تقول لابنها: الله خليفتي عليك؟ قال: لو استودعته الله كان أعجب لي، فأما خليفتي فما أدري)) .
الله ديتا:
هذا تركيب أعجمي، تسمَّى به المسلمون منهم، ولفظ ((ديتا)) بمعنى:((عطية)) .
انظر في حرف الألف: الله بخش.
اللهُ الذي يدْري:
يأتي في حرف الدال: الدَّاري.
الله ركها محمد بخش:
ركها بمعنى: محفوظ.
فيكون معنى الكلمتين الأُوليين منه: محفوظ الله، على عادة الأعاجم في تقديم المضاف إليه على المضاف، ومعنى: محمد بخش:
بخش: عطية، أو هبة.
أي: عطية محمد، أو هبة محمد.
وهذا محرم لا يجوز؛ لذا يجب تغيير هذا الاسم. وانظر في حرف الألف: إلهي بخش.
الله صديق المؤمن:
يأتي النهي عنه في حرف الصاد: الصديق.
وانظر في حرف الميم: مالي صديق ولا رفيق إلا الله.
الله ما يضرب بِعصى: (2)
هذه من الألفاظ الدارجة على ألسنة بعض العامة، عِنْد المُغالبةِ والمُشادّة، ويظهر أن المراد: أن الله - سبحانه - حكمٌ قِسط {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} ، لكن في التعبير بها سوء
(1) (الله خليفتي عليك: مسائل أحمد لابنه صالح 3/226. الآداب الشرعية: 1/ 475.
(2)
(الله ما يضرب بِعصى: المجموع الثمين: 3/118.
أدب وجفاء، فتجتنب، وينهى عنها من يتلفظ بها.
الله ينشد عن حالك:
لدى بعض أعراب الجزيرة، إذا قال واحد للآخر: كيف حالك، قال الآخر: الله ينشد عن حالك.
وهذه الكلمة إغراق في الجهل، وغاية في القبح، ولا يظهر لها محمل حسن، ولو فرض لوجب اجتنابها؛ لأن علم الله - سبحانه - محيط بكل شيء، لا تخفى عليه خافية، فعلى من سمعها إنكارها والله أعلم.
وانظر: الله يسأل عن حالك.
الله الله: (1)
للعلامة محمد صديق حسن خان - رحمه الله تعالى - بحث مهم، في عدم مشروعية الذكر بالاسم المفرد ((الله)) . وأنه لا أصل له في الكتاب، ولا في السنة، ولا في أقوال الصحابة رضي الله عنهم ولا عن أحد من أهل القرون المفضَّلة.
وهناك نصوص يحتجون بها ولا دلالة فيها:
منها قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} ، وحديث أنس رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا تقوم الساعة حتى لا يُقال في الأرض: الله الله)) رواه مسلم، والترمذي. وذكره الذهبي في ((السير)) .
والمراد بهذين النصين قوله: ((لا إله إلا الله)) على طريق الإشارة. قال محقق ((السير)) : (وليس في هذا الحديث مستند لمن يُسوِّغ الذكر بالاسم المفرد؛ لأن المراد منه: أنه لا يبقى في الأرض من يوحد الله توحيداً حقيقياً ويعبده عبادة صادقة، كما جاء مفسراً في رواية أحمد: ((لا تقوم الساعة حتى لا يُقال في الأرض: لا إله إلا الله)) . وسنده صحيح. ولم يثبت عنه، ولا عن صحابته، ولا عن أحد من القرون المشهود لها بالفضل: أنهم ذكروا الله
(1) (الله الله: الدين الخالص لصديق حسن خان 3/577- 578. مسلم برقم /148. الترمذي رقم / 2208. اليسر 6/196. المستدرك 1/ 505. الفتاوى 10 / 396، 556 - 560، 562، 567، فهرسها 36 / 198.
بالاسم المفرد....) اهـ.
ومنها حديث: أسماء بنت عميس رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أُعلمكِ كلمات تقوليهن عند الكرب: الله الله ربي لا أُشرك به شيئاً)) رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. وهذا ليس مفرداً، بل مضاف، إما تقديراً أو تصريحاً.
ومنها: أثر ابن عباس، وأبي الدرداء رضي الله عنهم:((إن اسم الله الأكبر: رَبِّ ربِّ)) رواه الحاكم، وسكت عليه الذهبي.
وهذا للبيان. والله أعلم.
الله أكْبر: (1)
تكبيرة الإحرام، وما إليها، في الصلاة والأذان والإقامة ونحوها يحصل للناس فيها عدد من الأغاليط:
1-
منها: أن همزة ((أكبر)) حقها الفتح لا غير.
ومن النوادر في ذلك ما في ترجمة: ابن الحبراني النحوي الحلبي - م سنة 628 هـ - قال القفطي:
(كان إذا أحرم للصلاة كسر الهمزة من ((أكبر)) فسألته عن ذلك فأنكر كسرها، فقلت له: قلها، فقالها بكسر الهمزة، وشهده جماعة عندي يقول ذلك. فاجتهدنا به أن يقولها مفتوحة فما تطوَّع لسانه بها، فاعتددنا ذلك من النوادر، وكونه لا يفهم أن ينطق بها مكسورة، وهو يظنها مفتوحة) اهـ.
2-
، 3- ومنها: الله أكبر الله أكبرْ: في تكبير المؤذن على هذه الصفة مبحثان:
الأول: فتح الراء في الأُولى.
الثاني: وصل التكبير بالتكبير.
وفي كتاب: ((انتصار الفقير السالك)) لمحمد الراعي الأندلسي م سنة 853 هـ. ص / 336 - 338 بيان
(1)(الله أكْبر: إنباء الرواة على أنباء النحاة 4/ 162، رقم 942. لحن العوام للسكوني ص/ 155 - 156. ((القول المبين في أخطاء المصلين)) للشيخ مشهور بن حسن، وفيه تفصيل للمناهي اللفظية في الصلاة.
وانظر في الملحق: الله أكبر. وفيما مضى لفظ: آشهد، ولفظ أشهد.
هذين المبحثين مطولاً بما نصه:
(مسألة: سمعت أكثر المؤذنين يفتحون الراء من لفظ أكبر، ويصِلُون التكبير بالتكبير فيقولون: أكبر الله أكبر، ورأيت بعض العلماء في الوقت يناظرون عليه ويعتقدونه صواباً، بل يزعمون أنه متعين، ولا يجوز غير الفتح. وهو خطأ ظاهر من وجهين:
أحدهما: أنه لم يُسمع إلا موقُوفاً، فوصلُه مخالف للسنة، وما درج عليه السلف الصالح في لفظ الأذان.
والوجه الثاني: الفتح وهو لحن مخالف لكلام العرب في تحريكه بالفتح، إذا سلّمنا جواز وصله؛ لأنه إذا وُصِل تعيّن رفعه؛ لأنه خبرٌ عن اللفظة العظيمة، وهي مبتدأ خبره: أكبر.
والصواب:
أن يُرفع بالضمة؛ لأنه اسم مفرد معرب خبر مبتدأ، وليس بمبني على السكون، فيجب تحريكه بالفتحة أو بالكسرة لالتقاء الساكنين، ولا موقوف في الأصل، لأن وقفه عارض لقصد الإسماع بالمد، فيوقف عليه على السكون، فلا يجوز الفتح أو الكسر، إذا وصل لالتقاء الساكنين. وتشبيهه بثلاثة وأربعة في العدد تشبيه فاسد، لأن ثلاثة موقوف ولا وجه لإعرابه، وهمزة أربعة همزة قطع لا يجوز نقلها بشرطه، وقد وجه، بخلاف: الله أكبر، فإن همزة اللفظة المعظمة وصل، وأكبر معرب خبرها.
وأما من تأوّله بأنه تحريك لالتقاء الساكنين، فبعيد عن مدرك الصواب، وكذلك من جعله من نقل همزة الوصل؛ لأن همزة الوصل لا تثبت في الوصل فلا يجوز نقلها، ولم يخلق الله همزة وصل في كلام العرب يجوز نقل حركتها، وذلك لأن التأويل والتوجيه لا يرتكب إلا بعد السماع، والغرض أنه لم يسمع إلا موقوفاً، فمن أين جاء تحريكه بالفتح أو غيره؟
ولو سُمِع وصله وتحريكه من العرب، لأعربته على قياس كلامها: خبراً مرفوعاً عن اللفظة العظيمة؛ لأنه معرب ولا موجب لبنائه، ولم تحركه بالفتح ولا بالكسر، كما كان ذلك في الإمامة، إذ لا فرق بينهما. ولو فرضنا أنه
مبني على السكون أو موقوف مستحق للتحريك لالتقاء الساكنين، كان القياسُ تحريكه بالكسر كما تُحرك: عن القوس، وكم القومُ؟ وأكْرم الرجل، وكُل الرغيف، ونحو ذلك.
وأما من شبهه بقوله تعالى: {آلم. الله..} وبقول العرب: مِن الرجل، فليس من هذا؛ لأن العرب إنما فتحت من الرجل، و (آلم. الله) وبابه؛ فراراً من توالي الكسرتين فيما كثر دورانه في كلامهم، وذلك لام التعريف، والدليل على ذلك أنهم حركوه على الأصل في: من ابنُك، ومن اسم، لقلته تركوه على الأصل، وخففوه بالفتح مع لام التعريف لكثرة دور لام التعريف على ألسنتهم، وليس العلة موجودة في مسألتنا؛ لأن الراء قبلها فتحة. وكان القياس أن تُكسر على الأصل في التقاء الساكنين من كلمتين، كما تقدَّم تمثيله في: عن الرجل، وكُل الرغيف، وشبهه.
وربما حكى لي بعض أهل العصر الجواز عن المبرد. ولم أقف عليه، فإن كان المبردُ نقله سماعاً، فيكون شاذاً في القياس وفي الاستعمال، فلا يُقاس عليه ولا يعول على ما جاء منه، وإن قاسه المبرد من عند نفسه فليس بمسلم على قواعد النحو؛ لأن قواعد النحو ترده.
وسمعت كثيراً من الطلبة يُجبون فتحه، وربما وقفت عليه في بعض المصنفات، وسووا بينه وبين: آلم الله، ومِن الرجل، ولم يحققوا المسألة، وقد تقدم ذلك ملخصاً من كلام الأُستاذ أبي الحسين ابن أبي الربيع الأندلسي القرشي، بالمعنى- رحمه الله) انتهى.
وقال أيضاً:
(مسألة: سمعتُ المؤذنين والمبلغين في الصلاة خلف الأئمة يكفرٌون في التكبيرة الواحدة ثلاثة أوجهٍ من الكفر، على رؤوس العامة والخاصة، ولا يغيِّره أحدٌ عليهم:
أولها: أنهم يُدخلون همزة الاستفهام على اللفظة العظيمة، فيقولون: أألله، أو آلله أكبر، وهذا كفر.
والثاني: إدخال همزة الاستفهام على لفظ أكبر، فيقولون: آكبر، فيكون
آكبر خبر مبتدأ محذوف تقديره: أهو أكبر؟ وهذا كفر أيضاً.
والثالث: إدخال ألف بعد الباء وقبل الراء فيقولون: أكبار، فيكون جمع كبر، مصدر، وجمع كبر وهو الطبل، وكلاهما كفر لا يصح إطلاقهُ على الباري سبحانه وتعالى) انتهى.
والنهي عن ذلك وارد، أما التكفير فله بحث آخر. والله أعلم.
ومما ينُهى عنه: إسقاط ((الراء)) من ((أكبر)) كما في ((المجموع للنووي 3/ 299)) .
ومنها: حذف هاء لفظ الجلالة ((الله)) .
ذكرها في غير موضعها من الصلاة تمطيط التكبير.
الجهر بها من مأموم ومنفرد.
الله كبير: (1)
ومنها: أنه لا يُقال ((الله كبير)) قال ابن فارس:
(ولا يجوز أن يقول ((الله كبير)) وذلك أن ((أكبر)) موضوع لبلوغ الغاية في العظمة) اهـ
الله بالخير: (2)
سُئِل الشيخ عبد الله أبا بطين عن استعمال الناس هذا في التحية، فقال:(هذا كلام فاسد خلاف التحية التي شرعها الله ورضيها، وهو السلام، فلو قال: صبّحك الله بالخير، أو قال: الله يصبّحك بالخير، بعد السلام، فلا ينكر) اهـ.
الله فرد وابن زيد فرد: (3)
قال ابن حزم - رحمه الله تعالى -:
(ولا يجوز أن يُقال: الله فرد، ولا موجود؛ لأنه لم يأت بهذا نص أصلاً) انتهى.
وفي: ((تاج العروس)) : ((والفرد في صفات الله - تعالى - من لا نظير له، ولا مثل، ولا ثاني، قال الأزهري: ولم أجده
(1) (الله كبير: حلية الفقهاء ص /76.
(2)
(الله بالخير: الدرر السنية.
(3)
(الله فرد وابن زيد فرد: الدرة فيما يجب اعتقاده لابن حزم: 261. البداية والنهاية 11/ 54. تطهير أدران الإلحاد، حاشية محققها: عبد الله بن يوسف الجديع.
في صفات الله تعالى التي وردت في السنة، قال: ولا يُوصف الله - تعالى - إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا أدري من أين جاء به الليث)) انتهى.
وفي ترجمة: الحسن بن زيد العلوي، المتوفى سنة 270هـ من تاريخ ابن كثير قال:
(قال له مرة شاعر من شعراء في جملة قصيدة مدحه بها: الله فرد وابن زيد فرد، فقال له: اسكت سد الله فاك، ألا قلت: الله فرد، وابن زيد عبد؟ ثم نزل عن سريره، وخر لله ساجداً، وألصق خده بالتراب، ولم يعط ذلك الشاعر شيئاً) اهـ.
وتسمية الله باسم (الفرد) لا أصل لها، والله أعلم.
ولهذا غلط العلماء: الصنعاني - رحمه الله تعالى - لما قال:
وقد هتفوا عند الشدائد باسمها كما يهتف المضطر بالصمد الفرد
الله فقط والكثرة وهم: (1)
سُئِل ابن تيمية - رحمه الله تعالى - عن كلمات وجدت بخط من يوثق به ذكرها عنه جماعة من الناس فيهم من انتسب إلى الدين فمنها:
1-
إن الله لطف ذاته فسماها حقاً، وكثفها فسماها خلقاً.
2-
إن الله ظهر في الأشياء حقيقة واحتجب بها مجازاً.
3-
لبس صورة العالم فظاهره خلقه، وباطنه حقه.
4-
الله فقط والكثرة وهم
5-
عين ما ترى ذات لا ترى.
6-
التوحيد لا لسان له، والألسنة كلها لسانه.
وذكر جملة وافرة نظماً ونثراً من مقولات الحلولية والصوفية الغلاة.
ثم أجاب عنها - رحمه الله تعالى -
(1) (الله فقط والكثرة وهم: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 2/286 - 362. وهي رسالة الحجج النقلية والعقلية فيما ينافي الإسلام من بدع الجهمية والصوفية.
بأن هذه الأقوال مخالفة لدين الإسلام؛ لاشتمالها على أصلين باطلين:
أحدهما: الحلول والاتحاد.
ثانيها: الاحتجاج بالقدر على المعاصي. ثم بسط ذلك في نحو مائة صحيفة، والله أعلم.
الله لي في السماء وأنت لي في الأرض: (1)
يأتي في حرف التاء: تعس الشيطان، وفي حرف الميم: ما شاء الله وشاء فلان.
الله - محمد:
ذكر الجاحظ في: البيان والتَّبيُّن قول بعض الأعراب:
(الحمد لله الذي جعل جزيرة العرب في حاشية وإلا لدهمت هذه العجمان خضراءهم) .
وفي هذا الأزمان الحاضرة التي فتحت فيها سبل الاتصال: جواً، وبحراً، وبراً، تكاثرت الأعاجم في جزيرة العرب وانتقلوا بما معهم من مبادئ ومعتقدات، وكان من الظواهر المنتشرة بعد وفادتهم، ولم تكن معهودة من قبل، كتابه: لفظ الجلالة ((الله)) واسم النبي صلى الله عليه وسلم ((محمد)) على جنبتي المحاريب، وفي رقاع، ونحوها في المجالس.
وهي دروشة (2) لا معنى لها شرعاً. ومن يسوي المخلوق بالخالق سبحانه؟ ويجمل بالمسلم التوقي من هذه وأمثالها.
وانظر كيف نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الخطيب: ((من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى)) ؛ لما يوهم من التسوية.
وما جاء في بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في نقش خاتمة كما في ((التراتيب الإدارية)) من أنه جاء: محمد: سطر، ورسول: سطر، والله: سطر. هذا لمقتضى النقش، ومجموعها يكون
(1) (الله لي في السماء وأنت لي في الأرض: وانظر: الداء والدواء ص /195. زاد المعاد 2/10. الروح ص / 263.
(2)
للمرتضى صاحب تاج العروس رسالة باسم: التفتيش في معنى لفظ درويش
الشهادة بأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنبه، بل في هذا مضاهاة للنصارى في قولهم: إن عيسى هو الله أو ثالث ثلاثة، فهنا يوهم بأنه صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين؟! انظر التراتيب الإدارية 1/178 - 180.
الله مُتولٍّ على عباده: (1)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- في رده على الرافضي: (إن الله سبحانه لا يوصف بأنه متولٍّ على عباده، وأنه أمير عليهم، جل جلاله، وتقدست أسماؤه، فإنه خالقهم ورازقهم، وربهم، ومليكهم، له الخلق والأمر، ولا يُقال: إن الله أمير المؤمنين، كما يسمى المتولي، مثل علي، وغيره: أمير المؤمنين، بل الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقال أيضاً: إنه متول على الناس، وأنه أمير عليهم، فإن قدْرهُ أجلُّ من هذا) اهـ.
الله موجود في كل مكان: (2)
عن عبد الله بن معاوية الغاضري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من فعلهن فقد طعِم طعم الإيمان)) .. وفيه: ((وزكى نفسه)) ، فقال رجل: وما تزكية النفس؟ فقال: ((أن يعلم أن الله عز وجل معه حيث كان)) .
رواه البيهقي، وغيره.
قال الألباني:
(فائدة: قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله معه حيث كان)) ، قال الإمام محمد بن يحيى الذهلي:((يريد أن الله علمه محيط بكل مكان، والله على العرش)) .
ذكره الحافظ الذهبي في ((العلو)) رقم الترجمة (73) بتحقيقي واختصاري.
وأما قول العامة وكثير من الخاصة: الله موجود في كل مكان، أو في كل الوجود، ويعنون بذاته، فهو ضلال، بل هو مأخوذ من القول بوحدة الوجود، الذي يقول به غلاة الصوفية الذين لا يفرقون بين الخالق والمخلوق، ويقول كبيرهم: كل ما تراه بعينك فهو الله! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً) اهـ.
وانظر في حرف الياء: يا موجود.
(1) (الله مُتولٍّ على عباده: منهاج السنة النبوية 7/30.
(2)
(الله موجود في كل مكان: السلسلة الصحيحة رقم / 1046. فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: 3/ 138.
الله ورسوله أعلم:
الأصل أن يُقال: الله سبحانه وتعالى أعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم إلا ما يعلمه الله به، وجملة الكلام في هذا الإطلاق في مقامين:
الأول: قول ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ رضي الله عنه المشهور، وفيه: فقال صلى الله عليه وسلم: ((يا معاذ: أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟)) فقلت: الله ورسوله أعلم.. الحديث، رواه الشيخان، وغيرهما.
فهذا من أدب الصحابة- رضي الله عنهم، وحسن أدبهم في التعلم. وفي قصة حاطب بن أبي بلتعة، قول عمر رضي الله عنه: الله ورسوله أعلم. رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد، وذكره ابن هشام في السيرة بلا إسناد.
وفي قصة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك: قول أبي قتادة: الله ورسوله أعلم.
الثاني: قولها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جرى إطلاقها عند بعض أهل العلم. منهم ابن القيم - رحمه الله تعالى - قال في نونيته:
والله أعلم بالمراد بقوله ورسوله المبعوث بالفرقان
لكن لم يحصل الوقوف على إطلاق الصحابة رضي الله عنهم لها بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بل الظاهر خلافه. ومنه ما في تفسير آية البقرة: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} الآية. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر بن الخطاب يوماً لأصحابه النبي صلى الله عليه وسلم: فيمن تُرون هذه الآية نزلت؟ قالوا: الله أعلم. فغضب عمر، فقال: قولوا: نعم أو لا نعلم
…
رواه البخاري.
ومن الجائز حمل كلام ابن القيم - رحمه الله تعالى - على إطلاق ذلك في مواطن التشريع، وأما ما سوى ذلك من المغيبات، ومن أُمور الدنيا فلا، إلا ما أطلع الله رسوله عليه. قال الله تعالى:{ِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا} الآية.
الله وفلان: (1)
قال البخاري في: ((الأدب المفرد)) : (باب لا يقول الرجل: الله وفلان) .
ثم ساق بسنده عن ابن جريج، قال:(سمعت مغيثاً يزعم أن ابن عمر سأله عن مولاه، فقال: الله وفلان. قال ابن عمر: لا تقل كذلك، لا تجعل مع الله أحداً، ولكن قل: فلان بعد الله) .
الله يحافظ عليك: (2)
هذا إطلاق لم يرد، ولا يجوز، لأنه يقتضي المعالجة والمغالبة، وإنما يقال:((الله يحفظك)) .
الله يسأل عن حالك: (3)
قال الشيخ أبا بطين - رحمه الله تعالى -: (هذا كلام قبيح ينصح من تلفظ به) اهـ.
ومثله: الله ينشد عن حالك. كما تقدَّم قريباً.
الله يعلم:
يأتي في حرف الياء بلفظ: يعلم الله.
الله يعاملنا بعدله: (4)
في ترجمة الشيخ عبد العزيز بن علي بن موسى النجدي المتوفى سنة (1344هـ) - رحمه الله تعالى -: (أن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله تعالى - زار الشيخ المذكور، فتكلم الملك في أناس إلى أن قال: ((الله يعاملنا وإياهم بعدله)) : فنبهه الشيخ أن يقول بدل: ((عدله)) ((بفضله وعفوه)) فشكره الملك عبد العزيز على ذلك) انتهى.
الله يظلمك:
في قول بعضهم: (تظلمني! الله يظلمك) . وهذا باطل محال على الله تعالى، ولا تجوز نسبة الظلم إليه وهو
(1) (الله وفلان: الأدب المفرد 2/ 252. ويأتي بسطه في: حرف الميم: ما شاء الله وشاء فلان.
لحن العوام للسكوني ص /156، 158.
(2)
(الله يحافظ عليك: لحن العوام للسكوني ص /156- 157. وسنن أبي داود: 5/ 397 وفيه بيان أصل هذه اللفظة: ((الله يحفظك))
(3)
(الله يسأل عن حالك: الدرر السنية 6/ 358. النكاح.
(4)
(الله يعاملنا بعدله: إنجاز الوعد بذكر الإضافات والاستدراكات على من كتب عن علماء نجد: ص /83.
تكذيب للقرآن: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} وانظر في حرف الخاء: خان الله من يخون.
اللهم اجعلني من الأقلين: (1)
قال الجاحظ:
(وسمع عمر رجلاً يدعو، ويقول: اللهم اجعلني من الأقلين قال: ما هذا الدعاء؟ قال: إنِّي سمعت الله عز وجل يقول: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} وقال {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} ، قال عمر: عليك من الدعاء بما يعرف) اهـ.
ومضى في لفظ: إتاوة.
اللهم أخْزِه: (2)
قال الجاحظ: (وكره مطرف بن عبد الله، قول القائل للكلب: اللهم أخزه) اهـ.
ومضى في لفظ: إتاوة.
اللهم ارحم محمداً صلى الله عليه وسلم وآله: (3)
في معرض تعقب ابن القيم - رحمه الله تعالى - لمن قال إن صلاة العبد على النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى: طلب الرحمة - قال: (.. أن أحداً لو قال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رحمه الله) . بدل: صلى الله عليه وسلم؛ لبادرت الأُمة إلى الإنكار عليه، وعدوه مبتدعاً غير موقر للنبي صلى الله عليه وسلم ولا مصلٍّ عليه، ولا مثن عليه بما يستحقه، ولا يستحق أن يصلى عليه بذلك عشر صلوات، ولو كانت الصلاة من الله الرحمة: لم يمتنع شيء من ذلك) . انتهى.
(1) (اللهم اجعلني من الأقلين: الحيوان للجاحظ 1 /338.
(2)
(اللهم أخْزِه: الحيوان 1/339. ويأتي في حرف الكاف: الكرم.
(3)
(اللهم ارحم محمداً صلى الله عليه وسلم وآله: جلاء الأفهام ص /88. اختيارات ابن تيمية ص /57. المقاصد الحسنة للسخاوي ص/8. تحفة الأبرار للسيوطي. الألفاظ الموضحات للدويش 2/ 26 - 27، ص /75 - 83 مهم. شرح النووي لصحيح مسلم: باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد. الفتاوى الحديثية ص /19ت 20، ففيه خلاف ما هنا فليحرر، وانظر في حرف الفاء: الفاتحة زيادة في شرف النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا اختيار النووي، وابن تيمية، والحافظ ابن حجر، وخالفهم ابن حجر الهيتمي فرأى الجواز.
وفي كتاب الحروف من سنن أبي داود: حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه، وقال:((رحمة الله علينا وعلى موسى)) الحديث. انتهى.
اللهم اسلبه الإيمان: (1)
قال النووي: - رحمه الله تعالى -: (فصل: لو دعا مسلم، على مسلم فقال: اللهم اسلبه الإيمان؛ عصى بذلك. وهل يكفر الداعي بمجرد هذا الدعاء؟ فيه وجهان لأصحابنا، حكاهما القاضي حسين من أئمة أصحابنا في الفتوى، أصحهما: لا يكفر. وقد يحتج لهذا بقول الله تعالى إخباراً عن موسى عليه السلام: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا} الآية. وفي هذا الاستدلال نظر، وإن قلنا إن شرع من قبلنا شرع لنا) . انتهى.
اللهم أصلح عبدك العادل:
في الدعاء للإمام في خطبة الجمعة. يأتي في حرف الميم بلفظ: الملك العادل، ويأتي في حرف الشين: شاهنشاه.
اللهم اغفر لي إن شئت: (2)
النهي عن ذلك ورد في الصحيحين وغيرهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وساقه ابن القيم في ((الهدي)) في: (فصل: في
(1) (اللهم اسلبه الإيمان: الأذكار ص/309. وشرحها 7/ 79 - 80. وروضة الطالبين باب الردة. الإعلام بقواطع الإسلام للهيثمي. الفتاوى الحديثية ص / 136، 259 مهم. وفي حرف الياء: يا كافر. شرح ألفاظ الكفر للقاري.
(2)
(اللهم اغفر لي إن شئت: من أبواب كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب. وانظر: الفتاوى: 17/173. فتح الباري 14/274. شرح ابن علان للأذكار 7/111. زاد المعاد 2/37. وصحيح مسلم رقم الحديث (2679) رياض الصالحين ص /713. وتذكرة الحفاظ للذهبي 3/1047، ترجمة السلمي رقم 963. الصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا ص/430 رقم /372. شرح الإحياء 7/ 577. الفتاوى الحديثية ص /141. التمهيد لابن عبد البر 19 /49. المجموع الثمين 1/120 - 121. انظر في حرف الخاء: خليفة الله.
ألفاظ كان صلى الله عليه وسلم يكره أن يُقال - وذكر منها: (ومنها أن يقول في دعائه: اللهم اغفر لي إن شئت، وارحمني إن شئت) .
عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم، ويعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظم عليه شيء أعطاه)) . رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني، فإنه لا مستكره له)) . رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
اللهم إني أستنفق مالي ونفسي في سبيلك: (1)
في ((سنن سعيد بن منصور)) بسنده أن عمر رضي الله عنه سمع رجلاً يقول: اللهم إني أسْتنفق مالي ونفسي في سبيلك، قال الأعمش: وربما قال: وولدي، فقال عمر: أو لا يسكت أحدكم، فإن ابتلي صبر، وإن عوفي شكر. اهـ.
اللهم إني أعوذ بك من العصمة: (2)
قال ابن القيم رحمه الله ((وكثير من الناس يظن أنه لو فعل ما فعل ثم قال: أستغفر الله. زال الذنب. وراح هذا بهذا.. وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص من الرجاء واتكل عليها، وتعلق بكلتا يديه، وإذا عُوتِب على الخطايا والانهماك فيها سردَ لك ما يحفظه من سعة ((رحمة الله)) ومغفرته، ونصوص الرجاء. وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب، كقول بعضهم:
وأكْثِرْ ما استطعت من الخطايا إذا كان القدوم على كريم
وقول الآخر: التنزه من الذنوب جهل بسعة عفو الله. وقول الآخر: ترك الذنوب جراءة على مغفرة الله واستصغار. وقال أبو محمد بن حزم: رأيت بعض هؤلاء يقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من العصمة
…
)) ثم ذكر أسباب الاغترار مبسوط - رحمه الله تعالى -.
(1) (اللهم إني أستنفق مالي ونفسي في سبيلك: سنن سعيد بن منصور 2/3/367.
(2)
(اللهم إني أعوذ بك من العصمة: الداء والدواء ص /24 - 25.
اللهم إني أريد الحج أو العمرة: (1)
هذه ونحوها هي عبارة تلفظ المتعبد بالنية، لما يريد القيام به من العبادات البدنية.
وهو بدعة لا أصل لها في شرع، وقد غلط أقوام من أتباع الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - عليه في فهم مذهبه في قولِه: عن الصلاة، ففهموا منه مشروعية التلفظ بالنية، وطردوها في الحج، والعمرة، ونحوهما من العبادات البدنية.
وقد كشف عن هذا ابن القيم- رحمه الله تعالى - في: ((الهدي)) وبينته في: ((التعالم)) .
وما جاء في الحج والعمرة من تسمية المحرم بهما أو بأحدهما ذلك في تلبيته كقوله: ((اللهم لبيك حجاً)) ليس من التلفظ بالنية في شيء.
قال ابن رجب - رحمه الله تعالى -: ((وصح عن ابن عمر، أنه سمع رجلاً عند إحرامه يقول: اللهم إني أُريد الحج، أو العمرة. فقال له: أتُعلِّمُ الناس؟ أوليس الله يعلم ما في نفسك؟)) انتهى.
اللهم صلِّ عليَّ: (2)
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى- في معرض نقضه للقول بأن معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم طلب الرحمة: (الوجه الرابع عشر: أنه يسوغ، بل يستحب لكل واحد أن يسأل الله أن يرحمه، فيقول: اللهم ارحمني. كما علّم النبي صلى الله عليه وسلم الداعي أن يقول: ((اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، وارزقني)) فلما حفظها قال: ((أما هذا فقد ملأ يديه من الخير)) .
ومعلوم أنه لا يسوغ لأحد أن يقول: اللهم صل علي. بل الداعي بهذا مُعتدٍ في دعائه، والله لا يحب المعتدين. بخلاف سؤاله الرحمة فإن الله يحب أن يسأله عبده مغفرته ورحمته، فعلم أنه ليس معناهما واحداً) اهـ.
اللهم صل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (3)
للقرافي - رحمه الله تعالى - رسالة في:
(1) (اللهم إني أريد الحج أو العمرة: جامع العلوم والحكم: 92 في آخر شرح الحديث الأول.
(2)
(اللهم صلِّ عليَّ: جلاء الأفهام ص /89.
(3)
(اللهم صل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: الصلات والبشر للفيروز آبادي. القول البديع للسخاوي. الفضل المبين للقاسمي. وفيه ذمكر تحقيق ابن حجر ص /70 - 75 وهو مهم. حياة الألباني 2/477 - 481. روضة الطالبين للنووي 1/265. السلسلة الضعيفة 3 /9- 10 وانظر في حرف السين: السيد.
ترجيح ذكر السيادة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وغيرها. ولم أطلع عليها.
وللغماري: أحمد بن الصديق، رسالة باسم ((تشنيف الآذان بالسيادة
…
)) مطبوعة. وقد جلب فيها ما وسعه إطلاعه على ذكر المرويات التي فيها ((السيادة)) . ومن قراءتها تأكد لدى ما قرره المحققون من أنه ليس لهذا الزيادة ((سيدنا)) أصل، لا داخل الصلاة في التشهدين والصلاة الإبراهيمية، ولا خارج الصلاة.
وعلى ذلك كلمة: شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والفيروز آبادي، وتلميذه الحافظ ابن حجر، والسخاوي تلميذ الحافظ ابن حجر، والقاسمي، والألباني، في خلق آخرين.
وعدم ذكر السيادة هو مذهب الحنفية. والله أعلم.
اللهم قوِّ في طاعتك ضعفي: (1)
قال الطحاوي، في:((مشكل الآثار)) : (باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم قوِّ في طاعتك ضعفي)) .
ثم ساق بسنده عن بريدة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أُعلمك كلمات من أراد الله به خيراً علمه إياها، ثم لم ينسهن أبداً: اللهم إنِّي ضعيف فقوِّ في رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي، واجعل الإسلام منتهى رضائي، اللهم إنِّي ضعيف فقوِّني، وإني ذليل فأعزني، وإني فقير فأغنني)) .
ثم ساق بسند آخر له إلى بريدة أيضاً مثله إلا أنه قال: ((ثم لم ينسهن إياه أبداً)) فتأملنا هذين الحديثين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدنا الضعف لا يكون قوة أبداً، ووجدنا القوة لا تكون ضعفاً
(1) (اللهم قوِّ في طاعتك ضعفي: مشكل الآثار للطحاوي 1/64. الرسالة للشافعي ص / مناقب الشافعي للبيهقي. الدرر السنية في الفتاوى النجدية 2/ 85. فتاوى ابن رشد 1/ 535 - 538. وانظر في حرف القاف: قوَّى الله ضعفك.
أبداً، لأن كل واحد منهما ضد الآخر، ولا يكون الشيء ضد نفسه أبداً، إنما يكون ضداً لغيره. وكأن الضعف والقوة لا يقومان بأنفسهما إنما يكونان حالين عن أبدان الحيوان من بني آدم ومن سواهم، فيعود ما يحل فيه الضعف ضعيفاً، وما يحل فيه القوة منها قوياً. فعقلنا بذلك: أن دعاءه صلى الله عليه وسلم: - رَبَّهُ عز وجل أن يجعل ضعفه قوة إنما مراده فيه - والله أعلم - أن يجعل ما فيه الضعف منه وهو بدنه: قويّاً. فهذا أحسن ما وجدنا في تأويل هذا الحديث والله نسأل التوفيق) اهـ.
وحديث بريدة رواه الحاكم في (المستدرك 1/ 527) ، وصححه، ورده الذهبي قائلاً: أبو داود الأعمى، متروك الحديث.
اللهم لا تبتليني إلا بالتي هي أحسن: (1)
قال ابن أبي شيبة في: ((المصنف)) : ((ما لا ينبغي للرجل أن يدعو به:
سفيان بن عيينة عن عبد الكريم، عن مجاهد، قال: كان يكره أن يقول: اللهم لا تبتليني إلا بالتي هي أحسن، ويقول: قال الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} )) اهـ.
اللهم لا تحوجنا لأحد من خلقك: (2)
يروى عن على - رضي الله تعالى عنه- أنه قال: اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال صلى الله عليه وسلم:((لا تقل هكذا، فإنه ليس أحد إلا هو محتاج إلى الناس، ولكن قل: اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك، الذين إذا أعطوا منُّوا، وإن منعوا عابوا)) .
لا أصل له، فيه ابن فرضخ، يتهم بالوضع.
وقال العجلوني: (قال ابن حجر الملكي، نقلاً عن الحافظ السيوطي: إنه موضوع، بل قد يُقال: إن الدعاء به ممنوع، سمع أحمد رجلاً يقول: اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك،
(1) (اللهم لا تبتليني إلا بالتي هي أحسن: مصنف ابن أبي شيبة 9/ 16.
(2)
(اللهم لا تحوجنا لأحد من خلقك: تذكرة الموضوعات للفتني ص/ 56.كشف الخفاء 1/ 188 - 189 رقم 561.
فقال: هذا رجل تمنى الموت. ثم ذكر أثر علي المذكور) اهـ. والله أعلم.
اللهم لا تُرعْ: (1)
قال الخطابي في بيان أغاليط من جمح به اللسان: (وكقول القائل من قريش حين هدموا الكعبة في الجاهلية، وأرادوا بناءها على أساس إبراهيم - صلوات الله عليه - فجاءت حية عظيمة، فحملت عليهم، فارتعدوا، فعند ذلك قال شيخ منهم كبير: اللهم لا تُرعْ ما أردنا إلا تشييد بيتك وتشريفه) اهـ.
اللهم لا تؤمني مكرك: (2)
ذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى - خلاف السلف في هذا: هل يكره الدعاء به؟ فكان بعض السلف يدعو بذلك، ومراده: لا تخذلني حتى آمن مكرك ولا أخافه.
وكرهه مطرف بن عبد الله بن الشخير رحمه الله.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب، عن إسحاق، عن مطرف: أنه كان يكره أن يقول: اللهم لا تنسني ذكرك، ولا تؤمني مكرك، ولكن أقول: اللهم لا تنسني ذكرك، وأعوذ بك أن آمن مكرك حتى تكون أنت تؤمنني. وبالجملة: فمن أُحيل على نفسه فقد مُكِر به. اهـ.
اللهم أعطني ما أُحب واصرف عني ما أكره: (3)
في: ((الفتاوى الحديثية)) لابن حجر الهيتمي رحمه الله: (( [مطلب: ما هو محرم من الدعاء وليس بكفر] : وسُئِل رضي الله تعالى عنه سؤالاً صورته: نقل الشيخ شهاب الدين القرافي المالكي في قواعده ما هو محرم من الدعاء وليس بكفر، أن يسأل الله تعالى الاستعفاء في ذاته عن الأمراض،
(1) (اللهم لا تُرعْ: شأن الدعاء ص /17 - 18.
(2)
(اللهم لا تؤمني مكرك: جلاء الأفهام ص/ 73 - 74. مدارج السالكين 3/ 108. التفسير القيم ص / 204، عن جلاء الأفهام.
(3)
(اللهم أعطني ما أُحب.......: الفتاوى الحديثية / 45 - 46.
ليسلم طول عمره من الآلام والأسقام والأنكاد والمخاوف وغير ذلك من البلايا، وقد دلَّت العقول على استحالة جميع ذلك؟ قال: فإذا كانت هذه الأُمور مستحيلة في حقه تعالى عقلاً كان طلبها من الله تعالى سوء أدب عليه؛ لأن طلبها يعد في العادة تلاعباً وضحكاً من المطلوب منه، والله تعالى يجب له من الإجلال فوق ما يجب لخلقه
…
إلى آخر ما ذكره رحمه الله تعالى، فإن الداعي: اللهم سهّل لي، أو قال: أعطني ما أحب واصرف عني ما أكره، هل يكون من هذا القبيل؟ بدليل أن الدَّاعي يلحقه من الأمراض والشواغل نحو ذلك، فإذا قلتم: نعم، فذالك، وإلا فما الفرق؟
فأجاب بقوله: ما ذكره القرافي صحيح وقد أقره عليه جماعة من أئمتنا، وحينئذ فإذا قال الدَّاعي: اللهم سهل لي وأعطني ما أُحب واصرف عني ما أكره، فإن أراد العموم الذي ذكره القرافي؛ حرم عليه ذلك، وإن أراد إعطاء ما يحب من أنواع مخصوصة جائزة، وصرف ما يكره من أنواع كذلك، أو أطلق فلم يرد شيئاً؛ لم يحرم عليه ذلك، أما مسألة الإرادة فظاهر، وأما في مسألة الإطلاق فلأن المتبادر من استعمال هذا اللفظ في العادة إنما هو سؤال الله حصول أشياء مهمة من المحبوبات ودفع أشاء كذلك من المكروهات، فلم يتحقق وجه الحرمة التي علل بها القرافي، فإنه علل الحرمة بأن طلب ما ذكره يعد في العادة تلاعباً وضحكاً من المطلوب منه، ونحن نعلم بالعادة أن من طلب من الله حصول ما يحب ودفع ما يكره لا يكون متلاعباً ومستهزئاً إلا إذا أراد العموم بالمعنى الذي ذكره القرافي، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب)) . انتهى.
اللهم اغفر لنا وللمؤمنين جميع الذنوب: (1)
في ((الفتاوى الحديثية)) لابن حجر الهيتمي - رحمه الله تعالى -: (( [مطلب: هل يجوز الدعاء
(1) (اللهم اغفر لنا و..........: الفتاوى الحديثية / 46 - 47.
للمؤمنين والمومنات بمغفرة جميع الذنوب وبعدم دخولهم النار أم لا؟]
وسُئِل - فسح الله في مدته - عن مسألة وقع فيها جوابان مختلفان صورتها: هل يجوز الدعاء للمؤمنين والمؤمنات بمغفرة جميع الذنوب وبعدم دخولهم النار أم لا؟ فأجاب الأول فقال: لا يجوز، فقد ذكر الإمام ابن عبد السلام والإمام القرافي من الأئمة المالكية أنه لا يجوز؛ لأنا نقطع بخبر الله وبخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن منهم من يدخل النار، وأما الدعاء بالمغفرة في قوله تبارك وتعالى حكاية عن نوح:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} ونحو ذلك، فإنه ورد بصيغة الفعل في سياق الدعاء وذلك لا يقتضي العموم؛ لأن الأفعال نكرات ويجوز قصد معهود خاص وهو أهل زمانه مثلاً. انتهى.
وأجاب الثاني فقال: يجوز؛ لأًمور: أحدها: أن الأئمة رضي الله عنهم ذكروا أنه يسن للخطيب أن يدعو للمؤمنين والمؤمنات. الأمر الثاني: أن الإمام المستغفري روى في دعواته عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((ما من دعاء أحب إلى الله من قول العبد: اللهم اغفر لأُمة محمد رحمة عامة)) كذا في العجالة، وغير ذلك من الأدعية التي يحيط علمكم بها. الأمر الثالث: أن الشيخ شرف الدين البرماوي سُئِل: هل يجوز الدعاء بمغفرة جميع الذنوب وبعدم الوقوف للحساب؟ فأجاب: بأنه يجوز أن يسأل الله عز وجل مغفرة جميع ذنوبه كلها، فإن الله تعالى له أن يرضي من له حق من الناس فيتخلص الداعي من جميع حقوق الله وحقوق الناس. وأما الدعاء بعدم الوقوف بين يدي الله للحساب فطلب محال لا يجوز أن يدعو به، بل يسأل الله تعالى أن يلطف به في ذلك الموقف.
فما الراجح عندكم من ذينك الجوابين؟
فأجاب بقوله رحمه الله تعالى: إن الدعاء بعدم دخول أحد من المؤمنين النار حرام، بل كفر؛ لما فيه من تكذيب النصوص الدالة على أن بعض العصاة
من المؤمنين لابد من دخوله النار. وإما الدعاء بالمغفرة لجميعهم فإن أراد به مغفرة مستلزمة لعدم دخول أحد منهم النار فحكمه ما مر، وإن أراد مغفرة تخفف عن بعضهم وزره، وتمحو عن بعض آخرين منهم، أو أطلق ذلك؛ فلا منع منه، أما في مسألة الإرادة فواضح، وأما في مسألة الإطلاق فلأن إطلاق المغفرة لا يستلزم المحو عن الجميع بالكلية؛ لأنها تستعمل في هذا المعنى وفي التخفيف، بل لو قال: اللهم اغفر لجميع المؤمنين جميع ذنوبهم، وأراد بذلك التخفيف عنهم لم يحرم؛ بخلاف ما لو أطلق في هذه الصورة فإنه يحرم عليه بأن اللفظ ظاهر في العموم بل صريح فيه، فالحاصل أنه متى قال: اللهم اغفر للمسلمين ذنوبهم وأطلق، أو أراد المحو للبعض والتخفيف للبعض؛ جاز، وإن أراد عدم دخول أحد منهم النار؛ لم يجز، وإن قال: اغفر لجميع المسلمين جميع ذنوبهم، وأطلق أو أراد عدم دخول أحد منهم؛ حرم، وإن أراد ما يشمل التخفيف جاز، والفرق بين الصورتين واضح مما قررته، وقد أمر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالاستغفار للمؤمنين والمؤمنات بقوله تعالى:{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} فيتعين حينئذ حمل كلام ابن عبد السلام وتلميذه القرافي على ما قررته من التفصيل، وبذلك علم أن إطلاق المجيب الأول الحرمة، والثاني عدمها: غير صحيح، واستدلاله بخبر المستغفري غير صحيح أيضاً؛ لأن الرحمة العامة لا تستلزم مغفرة جميع الذنوب بالمعنى السابق، فقد ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه:((إن لله رحمة على أهل النار فيها)) ؛ لأنه يقدر أن يعذبهم بأشد مما هم فيه، وقال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ففي إرساله صلى الله عليه وسلم رحمة حتى على
أعدائه من حيث عدم معاجلتهم بالعقوبة، والله سبحانه وتعالى أعلم)) انتهى.
اللهم لا تمتني: (1)
سؤال العبد أن لا يميته الله - سبحانه -
(1) (اللهم لا تمتني: المعيار المعرب 11/263.
دعاء بطلب المحال. وقاعدة الدعاء: أنه لا يجوز الدعاء بالمستحيلات التي لا تجوزها العقول، ولا الدعاء بالتخليد والمعافاة من الموت أو الدعاء برحمة بني آدم من الكفار وغيرهم، مما أحاله الشرع، لامتناع وقوعه، ولأنه لم يأت الشرع بالتعبد بمثله. فامتنع الدعاء بعدم الموت. والله أعلم.
الإلهام:
مضي عند لفظ: أخبرني قلبي بكذا.
إلهي بخش:
هذا واحد من أسماء المسلمين الأعجميين في الهند، والباكستان، وما جاورهما من بلاد العجم، مُقدِّمين المضاف إليه على المضاف، على قاعدتهم في المتضايفين.
ومعناه:
إلهي: الله.
بخش: عطية، أو هبة.
أي عطية الله، أو هبة الله.
وهو تركيب أعجمي من جهة تقديم المضاف إليه على المضاف، وهو اسم أعجمي لا عهد للعرب به، وفيه لبس وإبهام.
ولذا: فعلى المسلم اجتناب التسمية به ابتداء بعد أن علِم ما فيه.
وأما من كان قد سُمِّي به، وقد بلغه ما فيه، فإن غيَّره فهو أولى، وإن بقي فلا بأس.
وانظر: محمد بخش في حرف الميم.
وفي حرف الألف: الله ركها محمد بخش، و: الله ديتا.
إلى الرفيق الأعلى: (1)
ليس من الهدي النبوي أن يقول المسلم في حق المسلم الميت: قدم، أو: رحل، أو ذهب إلى الرفيق
(1) (إلى الرفيق الأعلى: مجلة الدعوة مقال لسماحة شيخنا عبد العزيز بن باز. في العدد 657 في 20 /7 1398.
ومناقشة في ذلك فيها في العدد / 658 في 27/7 /1398 هـ ص /50. لأبي عبد الرحمن ابن عقيل.
تنبيه النبلاء للمعصومي ص /55
وانظر في حرف الميم: المحروم. فتح الباري 13 /487.
الأعلى. وقاعدة الإسلام في عدم الشهادة لأحد بجنة أو نار إلا من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم تمنع هذا الإطلاق في حق غير من شهد له صلى الله عليه وسلم بالجنة.
اللات: (1)
من الإلحاد في أسماء الله سبحانه وتعالى تسمية الأصنام بها. كتسميتهم ((اللات)) من ((الإلهية)) ولابن القيم- رحمه الله تعالى- مبحث نفيس في أنواع الإلحاد في أسماء الله - تعالى- هذا نصه: (العشرون: - أي القاعدة العشرون - وهي الجامعةُ لما تقدم من الوجوه، وهو معرفة الإلحاد في أسمائه حتى لا يقع فيه، قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
والإلحادُ في أسمائه هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها. وهو مأخوذٌ من الميل كما يدل عليه مادته ((ل ح د)) فمنه: اللحد وهو الشق في جانب القبر الذي قد مال عن الوسط، ومنه: الملحد: في الدين المائل عن الحق إلى الباطل. قال ابن السكيت: ((الملحد: المائل عن الحق المدخل فيه ما ليس منه)) ومنه: الملتحد وهو مفتعل من ذلك. وقوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} أي: من تعدل إليه، وتهرب إليه، وتلتجئ إليه، وتبتهل إليه فتميل إليه عن غيره. تقول العرب: التحد فلان إلى فلان: إذا عدل إليه.
إذا عرفت هذا فالإلحادُ في أسمائه أنواعٌ:
أحدها: أنْ تُسمى الأصنام بها؛ كتسميتهم اللات من الإلهية، والعزى من العزيز، وتسميتهم الصنم إلهاً. وهذا إلحاد حقيقة فإنهم عدلوا بأسمائه إلى أوثانهم وآلهتهم الباطلة.
الثاني: تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية النصارى له أباً، وتسمية
(1) (اللات: بائع الفوائد: 1/168 - 170. وانظر: مدارج السالكين: وفي حرف العين العُزَّى
الفلاسفة له موجباً بذاته، أو علةً فاعلةً بالطبع، ونحو ذلك.
وثالثها: وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص؛ كقول أخبث اليهود: إنَّه فقير، وقولهم: إنه استراح بعد أنْ خلق خلقه، وقولهم:{يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} وأمثاله ذلك مما هو إلحادٌ في أسمائه وصفاته.
ورابعها: تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها؛ كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم: إنها ألفاظٌ مجردةٌ لا تتضمن صفات ولا معاني، فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم والمتكلم والمريد، ويقولون: لا حياة له ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا إرادة تقوم به، وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلاً وشرعاً ولغة وفطرةً، وهو يقابل إلحاد المشركين؛ فإن أولئك أعطوا أسماءه وصفاته لآلهتهم، وهؤلاء سلبوه صفات كماله وجحدوها وعطلوها، فكلاهما ملحدٌ في أسمائه.
ثم الجهمية وفروخُهُم متفاوتون في هذا الإلحاد فمنهم الغالي والمتوسط والمنكوب. وكل من جحد شيئاً مما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فقد ألحد في ذلك فليستقل أو ليستكثر.
وخامسها: تشبيه صفاته بصفات خلقه - تعالى الله عما يقول المشبهون علواً كبيراً - فهذا الإلحاد في مقابله إلحاد المعطلة فإنَّ أولئك نفوا صفة كماله وجحدوها وهؤلاء شبهوها بصفات خلقه فجمعهم الإلحاد وتفرقت بهم طرقه. وبرأ الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنته عن ذلك كله فلم يصفوه إلا بما وصف به نفسه (ووصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم) ولم يجحدوا صفاته، ولم يشبهوها بصفات خلقه، ولم يعدلوا بها عما أنزلت عليه لفظاً ولا معنى، بل أثبتوا له الأسماء والصفات ونفوا عنه مشابهة المخلوقات فكان إثباتهم برِيّاً من التشبه، وتنزيههم خلِيّاً من التعطيل لا كمن شبه حتى كأنه يعبد صنماً أو
عطل حتى كأنّه لا يعبد إلا عدماً.
وأهل السنة وسط في النحل كما أن أهل الإسلام وسط في الملل، وتوقد مصابيح معارفهم {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} .
فنسأل الله تعالى أن يهدينا لنوره، ويسهل لنا السبيل إلى الوصول إلى مرضاته، ومتابعة رسوله، إنه قريبٌ مجيبٌ) انتهى.
أُم المؤمنين: (1)
من خصوصيات زوجات النبي عليه الصلاة والسلام، أنهن أُمهات المؤمنين، قال الله تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} فكل واحدة منهن رضي الله عنهن يصدق عليها أنها: ((أًم المؤمنين)) .
فهن أًمهات المؤمنين في الاحترام، والإكرام، وحرمة الزواج بهن بعده صلى الله عليه وسلم، وكما لا يشاركهن أحد في هذه الخصوصية، فلا يشاركهن أحد في إطلاق هذا اللقب.
أُم الأفراح: (2)
تلقيب الخمرة بذلك.
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -:
(الفصل التاسع عشر: في الأسباب التي تسهِّل على النفوس الجاهلية قبُوْل التأويل مع مخالفته [للبيان] الذي علمه الله الإنسان وفطره على قبوله:
التأويل يجري مجرى مخالفة الطبيعة الإنسانية والفطرة التي فطر عليها العبد، فإنه رد الفهم من جريانه مع الأمر المعتاد المألوف إلى الأمر الذي لم يعهد ولم يؤلف، وما كان هذا سبيله فإن الطباع السليمة لا تتقاضاه بل تنفر منه وتأباه، فلذلك وضع له أربابه
(1) (أُم المؤمنين: ردود على أباطيل للشيخ محمد الحامد - رحمه الله تعالى - ص / 237.
(2)
(أُم الأفراح: الصواعق المرسلة 2/ 435 - 441. وانظر في حرف الميم: المعاملة.
أُصولاً، ومهدوا له أسباباً تدعو إلى قبوله وهي أنواع:
فصل: السبب الأول: أن يأتي به صاحبه مموهاً مزخرف الألفاظ ملفق المعاني مكسواً حُلَّة الفصاحة والعبارة الرشيقة، فتسرع العقول الضعيفة إلى قبوله واستحسانه وتبادر إلى اعتقاده وتقليده، ويكون حاله في ذلك حال من يعرض سلعة مموهة مغشوشة على من لا بصيرة له بباطنها وحقيقتها، فيحسنها في عينه ويحببها إلى نفسه، وهذا الذي يعتمده كل من أراد ترويج باطل فإنه لا يتم له ذلك إلا بتمويهه وزخرفته وإلقائه إلى جاهل بحقيقته.
قال: (الله) تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام:112] .
فذكر سبحانه أنهم يستعينون على مخالفة أمر الأنبياء بما يزخرفه بعضهم لبعض من القول فيغتر به الأغمار وضعفاء العقول، فذكر السبب الفاعل والقابل ثم ذكر [سبحانه] انفعال هذه النفوس الجاهلة به بصغوها وميلها إليه ورضاها به؛ لما كسي من الزخرف الذي يغر السامع، فلما أصغت إليه ورضيته اقترفت ما تدعو إليه من الباطل قولاً وعملاً، فتأمل هذه الآيات وما تحتها من هذا المعنى العظيم القدر الذي فيه بيان أُصول الباطل والتنبيه على مواقع الحذر منها وعدم الاغترار بها، وإذا تأملت مقالات أهل الباطل رأيتهم قد كسوها من العبارات وتخيروا لها من الألفاظ الرائقة ما يسرع إلى قبوله كل من ليس له بصيرة نافذة - وأكثر الخلق كذلك - حتى إن الفجار ليسمون أعظم أنواع الفجور بأسماء لا ينبو عنها السمع ويميل إليها الطبع فيسمون أُم الخبائث: أُم الأفراح، ويسمون اللقمة الملعونة: لقيمة الذكر والفكر التي تثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن، ويسمون مجالس الفجور والفسوق: مجالس الطيبة، حتى
إن بعضهم لما عذل عن شيء من ذلك قال لعاذله: ترك المعاصي والتخوف منها إساءة ظن برحمة الله وجرأة على سعة عفوه ومغفرته. فانظر ماذا تفعل هذه الكلمة في قلب ممتلئ بالشهوات ضعيف العلم والبصيرة؟
فصل: السبب الثاني: أن يخرج المعنى الذي يريد إبطاله بالتأويل في صورة مستهجنة تنفر عنها القلوب وتنبو عنها الأسماء، فيتخير له من الألفاظ أكرهها وأبعدها وصولاً إلى القلوب وأشدها نفرة عنها فيتوهم السامع أن معناها هو الذي دلت عليه تلك الألفاظ فيسمى التدين: ثقالة، وعدم الانبساط إلى السفهاء والفساق والبطَّالين: سوء خلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والغضب لله والحميّة لدينه: فتنة وشراً وفضولاً، فكذلك أهل البدع والضلال من جميع الطوائف هذا معظم ما ينفرون به عن الحق ويدعون به إلى الباطل، فيسمون إثبات صفات الكمال لله: تجسيماً وتشبيهاً وتمثيلاً، ويسمون إثبات الوجه واليدين له: تركيباً، ويسمون إثبات استوائه على عرشه وعلوه على خلقه فوق سمواته: تحيزاً وتجسيماً، ويسمون العرش: حيزاً وجهة، ويسمون الصفات: أعراضاً، والأفعال: حوادث، والوجه واليدين: أبعاضاً، والحكم والغايات التي يفعل لأجلها: أغراضاً، فلما وضعوا لهذه المعاني الصحيحة الثابتة تلك الألفاظ المستنكرة الشنيعة تم لهم من نفيها وتعطيلها ما أرادوا، فقالوا للأغمار والأغفال: اعلموا أن ربكم منزه عن الأعراض، والأغراض، والأبعاض، والجهات، والتركيب، والتجسيم والتشبيه، فلم يشك أحد لله في قلبه وقار وعظمة في تنزيه الربّ تعالى عن ذلك، وقد اصطلحوا على تسمية سمعه وبصره وعلمه وقدرته وإرادته وحياته: أعراضاً، وعلى تسمية وجهه الكريم ويديه المبسوطتين: أبعاضاً، وعلى تسمية استوائه على عرشه وعلوه على خلقه وأنه فوق عباده: تحيزاً، وعلى تسمية نزوله إلى سماء الدنيا وتكلمه بقدرته ومشيئته إذا شاء،
وغضبه بعد رضاه ورضاه بعد غضبه: حوادث، وعلى تسمية الغاية التي يفعل ويتكلم لأجلها: غرضاً، واستقر ذلك في قلوب المتلقين عنهم، فلما صرحوا لهم بنفي ذلك بقي السامع متحيراً أعظم حيْرة بين نفي هذه الحقائق التي أثبتها الله لنفسه، وأثبتها
له جميع رسله وسلف الأُمة بعدهم، وبين إثباتها، وقد قام معه شاهد نفيها بما تلقاه عنهم؛ فمن الناس من فر إلى التخييل، ومنهم من فر إلى التعطيل، ومنهم من فر إلى التجهيل، ومنهم من فر إلى التمثيل، ومنهم من فر إلى الله ورسوله وكشف زيف هذه الألفاظ وبين زخرفها وزغلها وأنها ألفاظ مموهة بمنزلة طعام طيب الرائحة إنا حسن اللون والشكل، ولكن الطعام مسموم، فقالوا ما قاله إمام أهل السنة -باتفاق أهل السنة - أحمد بن حنبل:((لا نزيل عن الله صفة من صفاته لأجل شناعة المشنعين)) .
ولما أراد المتأولون المعطلون تمام هذا الغرض اخترعوا لأهل السنة الألقاب القبيحة فسموهم: حشوية، ونوابت، ونواصب، ومجبرة، ومجسمة، ومشبهة، ونحو ذلك، فتولد من تسميتهم لصفات الربّ تعالى وأفعاله ووجهه ويديه وحكمته بتلك الأسماء، وتلقيب من أثبتها له بهذه الألقاب: لعنة أهل الإثبات والسنة وتبديعهم وتضليلهم وتكفيرهم وعقوبتهم ولقوا منهم ما لقي الأنبياء وأتباعهم من أعدائهم، وهذا الأمر لا يزال في الأرض إلى أن يرثها الله ومن عليها) انتهى.
إمام المتقين: (1)
يُروى عن عبد الله بن عكيم الجهني، مرفوعاً:((إن الله أوحى إليَّ في: عليٍّ، ثلاثة أشياء ليلة أُسري بي: أنه سيد المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين)) . رواه الطبراني في ((المعجم الصغير)) ، وقال:((تفرد به مجاشع)) .
(1) (إمام المتقين: المنتقى من منهاج السنة للذهبي / 473. المعجم الصغير للطبراني ص/210. ومجمع الزاوائد 9/121، وعنهما في: السلسلة الضعيفة برقم /353.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -:
(هذا حديث موضوع عند من له أدنى معرفة بالحديث، ولا تحل نسبته إلى الرسول المعصوم، ولا نعلم أحداً هو: ((سيد المسلمين، وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين)) غير نبينا صلى الله عليه وسلم، واللفظ مطلق، ما قاله فيه:((من بعدي)) ) انتهى.
الأًمة البدوية:
مضى في: التفت.
أمؤمن أنت: (1)
كن دقيقاً في أُصول الدين، فإن للمبتدعة الكلاميين وغيرهم ألفاظاً يجرونها على أُصول معتقدهم، قد تندرج على من شاء الله من أهل السنة والجماعة، ومنها هذا السؤال، فقد كان الإمام أحمد وغيره من السلف يكرهون سؤال الرجل لغيره: أمؤمن أنت؟ ويكرهون الجواب.
لأن هذه بدعة أحدثها المرجئة؛ ليحتجوا بها لقولهم بأن الإيمان: التصديق. فافهم، واحذر غوائل ألفاظهم. ومنها مما نراه في حرفه من هذا الكتاب:
والله على ما يشاء قدير.
الإيمان شيء واحد في القلب.
كلام النفس.
قول النفس.
أمتي: (2) عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضئ ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي ومولاي. ولا يقل
(1) (أمؤمن أنت: الفتاوى 7/ 448 - 449.
(2)
(أمتي: أحمد في مسنده 2/423. صحيح البخاري مع الفتح 5/178- 180. ومسلم 4/1764. كنز العمال 3/656، 657. تهذيب السنن 7/ 272 - 273. الأذكار للنووي ص/312 - 313. سنن النسائي / الصمت وآداب اللسان ص/ 425 رقم 364. الفتاوى الحديثية ص/ 137. تنبيه الغافلين للنحاس. ص/ 247. ويأتي في حرف الخاء: خليفة الله، وفي حرف الراء بلفظ: ربك، مزيد لهذا.
أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي، وفتاتي، وغلامي)) . متفق عليه، وفي رواية لمسلم:((لا يقل أحدكم: ربي، وليقل سيدي ومولاي)) . وفي رواية له: ((لا يقولن أحدكم عبدي، فكلكم عبيد. ولا يقل العبد: ربي، وليقل: سيدي)) . وفي رواية له: ((لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، وكلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل: غلامي، وجاريتي، وفتاي، وفتاتي)) .
قال النووي: يكره أن يقول المملوك لمالكه: ربي، بل يقول: سيدي، وإن شاء قال: مولاي. ويكره للمالك أن يقول: عبدي وأمتي، ولكن يقول: فتاي، وفتاتي، أو غلامي - وذكر حديث أبي هريرة في رواياته المذكورة - ثم قال: قلت: قال العلماء: لا يطلق الرب بالألف واللام إلا على الله خاصة، فأما مع الإضافة فيقال: رب المال، ورب الدار، وغير ذلك، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في ضالة الإبل:((دعها حتى يلقاها ربها)) . والحديث الصحيح: ((حتى يهمَّ رب المال من يقبل صدقته)) ، وقول عمر رضي الله عنه في الصحيح:((رب الصريمة والغنيمة)) ، وما في معناها، فإنما استعمل لأنها غير مكلفة فهي كالدار والمال، ولاشك أنه لا كراهة في قول: رب الدار، ورب المال. وأما قول يوسف:{اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} ، فعنه جوابان: أحدهما: أنه خاطبه بما بما يعرفه، وجاز هذا الاستعمال للضرورة، كما قال موسى عليه السلام للسامري:{وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ} أي: الذي اتخذته إلهاً.
والجواب الثاني: أن هذا شرع من قبلنا لا يكون شرعاً لنا إذا ورد شرعنا بخلافه، وهذا لا خلاف فيه، وإنما اختلف أصحاب الأُصول في شرع من قبلنا إذا لم يرد شرعنا بموافقته ولا مخالفته: هل يكون شرعاً لنا أم لا؟) اهـ.
وعلى ترجمة البخاري في صحيحه: باب كراهية التطاول على الرقيق، وقوله: عبدي أو أمتي، وقول الله
تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} قال الحافظ في: ((الفتح 5/ 178)) :
(قوله: عبدي، أو أمتي، أي: وكراهية ذلك من غير تحريم، ولذلك استشهد للجواز بقوله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} ، وبغيرها من الآيات والأحاديث الدالة على الجواز، ثم أردفها بالحديث الوارد في النهي عن ذلك، واتفق العلماء على أن النهي الوارد في ذلك للتنزيه، حتى أهل الظاهر، إلا ما سنذكره عن ابن بطال في لفظ: الرب.- ثم قال ص /179 -: وقال ابن بطال: لا يجوز أن يُقال لأحد غير الله: رب، كما لا يجوز أن يُقال له: إله) اهـ.
أمير المؤمنين: (1)
أول خليفة تسمى: أمير المؤمنين هو: الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه - كما في ((تاريخ الطبري)) ، ((الأوائل)) للعسكري، و ((شرح المواهب)) ، ((تاريخ عمر بن الخطاب)) لابن الجوزي، و ((والتراتيب الإدارية)) للكتاني، و ((الأذكار)) للنووي، قال:((وأول من سمي أمير المؤمنين: عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا خلاف في ذلك بين أهل العلم. وأما ما توهمه بعض الجهلة في مسيلمة؛ فخطأ صريح، وجهل قبيح مخالف لإجماع العلماء، وكتبهم متظاهرة على نقل الاتفاق على أن أول من سمي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه)) اهـ.
وفي شرحها ذكر روايات تفيد إطلاق هذا اللقب قبْلُ على: عبد الله بن جحش رضي الله عنه وأُسامة بن زيد رضي الله عنه وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أول من
(1) (أمير المؤمنين: تاريخ الطبري: 4/ 208. الأوائل للعسكري 1 /226- 227. شرح المواهب 1 / 397. تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص / 55- 56. شرح الأذكار لابن علان 7 / 84 - 85. التراتيب الإدارية 1/6. منهاج السنة النبوية 7/ 30.
سمي بذلك من الخلفاء لا مطلقاً، والله أعلم.
وإنَّما أوردته هنا للإيقاظ بأن هذا اللقب الشريف لا يسوغ إطلاقه على كافر يحكم بلاد الكافرين، ولا على كافر يحكم بلاد مسلمين، حتى لا يتشرف بشرف المضاف إليه. والله أعلم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((ولا يقال: إن الله أمير المؤمنين)) اهـ.
ومضي عند لفظ: الله متولٍّ على عباده.
أمير الناس:
لا يُقال في حق الله تعالى، ولا يقال في حق نبيه صلى الله عليه وسلم. انظر: الله متولٍّ على عباده.
أنا: (1)
هو كما يُقال: لفظٌ نصفُ بلاءِ العالم منه. لما يدل عليه من كثير من المخلوقين غالباً من دعوى عريضة، وكذب أعرض، ونحوه مثل: لي، وعندي، وغيرهما. وفي هذا يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى - في الزاد 2 / 37: (وليحذر كل الحذر من طغيان: أنا، ولي، عندي، فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلي بها إبليس، وفرعون، وقارون:
فأنا خير منه: لإبليس.
ولي ملك مصر: فرعون.
وإنما أُوتيته على علم عندي: لقارون.
وأحسن ما وضعت ((أنا)) في قول العبد المذنب المخطئ المستغفر المعترف، ونحوه.
ولي: في قوله: لي الذنب، ولي الجرم، ولي المسكنة، ولي الفقر والذل.
وعندي: في قوله: اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي) اهـ.
وفي ترجمة ابن العربي الحاتمي الحلولي من ((الشذرات 5 /199)) قال: (الصوفي: من أسقط الياآت الثلاث، فلا يقول: لي، ولا: عندي، ولا: متاعي، أي: لا يضيف لنفسه شيئاً) اهـ.
(1) (أنا: تفسير القرطبي 12 / 217. وانظر في حرف الخاء: خليفة الله.
فائدة: (1)
في ((خير الكلام)) لابن بالي القسطنطيني ص / 21 قال: (ومن اختراعاتهم الفاسدة لفظ ((الأنانية)) فإنه لا أصل له في كلام العرب) اهـ.
أنا أنا: (2)
عن جابر رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ديْنٍ كان على أبي، فدققت الباب فقال:((من ذا؟)) فقلت: أنا، قال:((أنا أنا)) كأنه كرهه. متفق عليه، ورواه البخاري في ((الأدب المفرد)) .
أنا الحق: (3)
هذه من أقوال غلاة الصوفية، وهي نظير قول فرعون - قبحه الله -:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} .
أنا بالله وبك: (4)
يأتي في حرف التاء: تعس الشيطان، وفي حرف الخاء: خليفة الله، وفي حرف الميم: ما شاء الله وشئت.
أنا تائب إلى الله وإليك: (5)
يأتي في حرف الميم: ما شاء الله وشاء فلان.
أنا خير من يونس بن متى: (6)
ورد الحديث بالنهي عن ذلك، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ما ينبغي لعبد أن يقول: إني خير من يونس بن متى)) متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه
(1) (فائدة: في تاج العروس 1/4 ذكره باسم: ألف با لألبا.
(2)
(نا أنا: فتح الباري 7/ 217، 11 /35 - 36 مهم. شرح الأدب المفرد 2/ 522. الحيوان للجاحظ 1/ 337. الجامع للخطيب البغدادي 1/ 163 - 165 مهم. ألف با، للبلوي 2 / 349 مهم.
(3)
(أنا الحق: الفتاوى 8/313، 317.
(4)
(أنا بالله وبك: زاد المعاد 2/ 10، 37. الروح ص / 263. الداء والدواء ص / 195.
(5)
(أنا تائب إلى الله وإليك: الروح ص /263.
(6)
(أنا خير من يونس بن متى: مجموع الفتاوى 2/223، 224. تهذيب السنن 7 / 39 - 40.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنا سيد ولد آدم....)) الحديث. رواه مسلم، وأبو داود.
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -:
(قد يتوهم كثير من الناس أن بين الحديثين خلافاً.
وذلك: أنه قد أخبر في حديث أبي هريرة: أنه سيد ولد آدم. والسيد أفضل من المسود. وقال في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس ابن متَّى)) .
والأمر في ذلك بيِّن، ووجه التوفيق بين الحديثين واضح: وذلك أن قوله صلى الله عليه وسلم: ((أنا سيد ولد آدم)) ، إنما هو إخبار عما أكرمه الله به من الفضل والسؤدد، وتحدُّثٌ بنعمة الله عليه، وإعلام لأُمته وأهل دعوته مكانه عند ربه ومحله من خصوصيته، وليكون إيمانهم بنبوته، واعتقادهم لطاعته على حسب ذلك، وكان بيان هذا لأُمته، وإظهاره لهم من اللازم له، والمفروض عليه.
فأما قوله في يونس - صلوات الله عليه وسلامه - فقد يتأول على وجهين:
أحدهما: أن يكون قوله: ((ما ينبغي لعبد)) إنما أراد به من سواه من الناس دون نفسه.
والوجه الآخر: أن يكون ذلك عاماً مطلقاً فيه، وفي غيره من الناس ويكون هذا القول منه على الهضْم من نفسه، وإظهار التواضع لربه..) إلى آخر كلامه - رحمه الله تعالى -
أنا الشيخ فلان: (1)
ذكر ابن حجر في شرح الاستئذان وكيف يجيب من قرع الباب، فقيل: من ذا؟ قال: (قال النووي: إذا لم يقع التعريف إلا بأن يكني المرء نفسه لم يكره ذلك، وكذا لا بأس أن يقول: أنا الشيخ فلان، أو القارئ فلان أو القاضي فلان، إذا لم يحصل التمييز إلا بذلك) اهـ.
وانظر إلى هذا القيد الحسن: ((إذا لم يحصل التمييز إلا بذلك)) بمعنى أَنه
(1) (أنا الشيخ فلان: فتح الباري 11 / 35 - 36.
إذا لم يكن على وجه التمييز وإنما على وجه التعالي والافتخار ففيه البأس. ولذا عددته في المناهي حين يكون كذلك. والله المستعان.
أناشيده:
مضى في: التفت.
أنا صبي التوحيد: (1)
في ((الدرر السنية في الفتاوى النجدية)) قال: سُئِل الشيخ سعد بن حمد بن عتيق: هل هذه من دعوى الجاهلية؟ فأجاب جواباً مطولاً: أنه لا بأس بها في نصرة الحق ودفع الباطل.
وإن كان المتكلم بها ينصر باطلاً، أو يقصد تعاظماً وترفعاً فلا. والله أعلم.
أنا في حسب الله وحسب فلان: (2)
يأتي في حرف الميم: ما شاء الله وشئت.
أنا كسلان:
يأتي في حرف التاء: تعس الشيطان، وفي حرف الخاء: خليفة الله، وفي حرف الكاف: كسلان.
أنا متوكل على الله وفلان: (3)
هذا في معني الشرك المنهي عنه، لما قال له رجل: ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله نداً، قل: ما شاء وحده، ونحوه من الأحاديث.
فهو قول من لا يتوقى الشرك، والله أعلم.
وفي فتاوى الشيخ محمد - رحمه الله تعالى - أن هذا لا يجوز حتى ولو أتى بلفظ ((ثم)) ؛ لأن التوكل كله عبادة،
(1) (أنا صبي التوحيد: الدرر السنية 6/ 358 - 359 النكاح.
(2)
(أنا في حسب الله وحسب فلان: زاد المعاد 2/10، 37. الروح ص / 263. الداء والدواء ص / 195. الفتاوى 3/ 395.
(3)
(أنا متوكل على الله وفلان: انظر في حرف الخاء: خليفة الله، وفي حرف الميم: ما شاء الله وشاء فلان، وزاد المعاد 2/10، 37، والروح ص 263.
الجواب الكافي ص /195. فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله تعالى - 1 / 170، وفي حرف التاء: تعس الشيطان.
فلما سئل عن قول: متوكل على الله ثم عليك يا فلان، قال:(شرك، يقول موكلك. ولا تقل: موكل الله ثم موكلك على هذا الشيء. هذه عامية؛ وليست في محلها) .
أنا مؤمن. أو: أنا مؤمن حقاً: (1)
جاء عن بعض السلف كراهية أن يقول الرجل: أنا مؤمن حقاً، والأمر بأن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، وكذلك كانوا يقولون. ويقولون: أنا مؤمن بالله.
وعدم جواز الاستثناء هو مذهب المرجئة والجهنية، والمذهب الثاني: وجوب الاستثناء، والثالث: جواز الاستثناء وعدمه باعتبارين، وهذا مذهب السلف، والاستثناء أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله. أو أرجو، وهكذا، فالاستثناء عند السلف معلل بأن الإيمان يتضمن فعل الواجبات، فلا يشهدون لأنفسهم بذلك، كما لا يشهدون لها بالبر والتقوى وهذا تزكية لأنفسهم، فصار يستثنى باعتبار، ويترك باعتبار، وهذا هو الحق، واستثنوا أيضاً؛ لعدم علمهم بالعاقبة، والإيمان النافع هو الذي يموت المرء عليه.
وقال ابن القيم:
(وقد ذهب المحققون في مسألة: أنا مؤمن، إلى هذا التفصيل بعينه، فقالوا: له أن يقول: آمنت بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، ولقائه، ولا يقول: أنا مؤمن؛ لأن قوله: أنا مؤمن،
(1) (أنا مؤمن. أو: أنا مؤمن حقاً: فتاوى ابن تيمية 7/416- 417، 429 - 460، 666 - 669 مهم، 681 - 682، وبالجملة فهذا المجلد السابع مملوء بمباحث الاستثناء 8/ 426 - 427. بدائع الفوائد 3/ 106 - 107. الإيمان لابن أبي شيبة. حياة القلوب لأبي السمح ص /52. شرح الأذكار 6 / 288- 289. روائع الثراث: رسالة أصل الملة واعتقاد الدين للرازي: ص / 23. التنكيل للمعلمي 2 / 373 - 378، مهم. وانظر: أنا ولي: يأتي. وطبقات المفسرين للداودي 1/235. وطبقات الشافعية للسبكي 4/39 / 258، مهم. والمصنف لابن أبي شيبة 11 / 14 - 17. معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان 2 / 139. السنة للالكائي 5/965 - 985.
يفيد الإيمان المطلق الكامل الآتي صاحبه بالواجبات، التارك للمحرمات، بخلاف قوله: آمنت بالله، فتأمله) اهـ.
وهذه مبسوطة بحثاً في كتب الاعتقاد.
أنا مؤمن عِند الله: (1)
قال ابن أبي حاتم الرازي - رحمه الله تعالى -: (والناس مؤمنون في أحكامهم، ومواريثهم، ما هم عند الله عز وجل فمن قال: إنه مؤمن حقاً، فهو مبتدع. ومن قال: هو مؤمن عند الله، فهو من الكاذبين. ومن قال: إني مؤمن بالله، فهو مصيب) انتهى.
أنا مسلم إن شاء الله: (2)
عن الإمام أحمد رحمه الله في هذا روايتان: الأُولى: المنع من الاستثناء على قول الزهري: هو الكلمة. أما على القول الآخر الذي لم يختر فيه قول من قال: الإسلام الكلمة، فيستثني في الإسلام، كما يستثنى في الإيمان؛ لأن الإسلام: الكلمة، وفعل الواجبات الظاهرة كلها.
الأنثروبولوجيا:
يأتي في حرف الفاء: الفقه المقارن.
أنا ولي: (3)
قال ابن القيم في مبحث نفيس من ((البدائع 3/106 / 107)) :
(والذي يظهر لي من ذلك: أن ولاية الله تعالى نوعان: عامة، وخاصة: فالعامة: ولاية كل مؤمن فمن كان مؤمناً لله تقياً كان له ولياً، وفيه من الولاية بقدر إيمانه وتقواه، ولا يمتنع في هذه الولاية أن يقول: أنا ولي إن شاء الله، كما يقول: أنا مؤمن إن شاء الله.
والولاية الخاصة: إن علم من نفسه أنه قائم لله بجميع حقوقه مؤثر له على كل ما سواه في جميع حالاته، قد صارت مراضي الله، ومحابه، هي همه، ومتعلق خواطره، يصبح ويمسي وهمه مرضاة ربه، وإن سخط الخلق، فهذا إذا قال: أنا ولي لله؛ كان صادقاً، وقد
(1) (أنا مؤمن عِند الله: معالم الإيمان: 2/139 - 140. رسالة الرازي: أصل السنة / 23.
(2)
(أنا مسلم إن شاء الله: الفتاوى 7 / 415 - 416.
(3)
(أنا ولي: بدائع الفوائد 3/ 106 - 107.
ذهب المحققون في مسألة: أنا مؤمن، إلى هذا التفصيل....) اهـ.
وقد تقدم كلامه في قول: أنا مؤمن.
إن شاء الله: (1)
ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وهذا ما يعقد عليه المسلمون قلوبهم، مؤمنين بقضاء الله وقدره، وأنه لا يخرج في هذه الأكوان شيء البتة عن قدرته ومشيئته، وأن للعبد قدرة ومشيئة وهي تابعة لقدرة الله ومشيئته، وينتهج المسلم في التعليق على المشيئة أُموراً:
1.
إذا تحدث عما مضى فيقول: مضى بمشيئة الله، كقوله: خلق الله السموات بمشيئته، وأرسل محمداً صلى الله عليه وسلم بمشيئته. ولا يقول: إن الله خلق السموات إن شاء الله
…
ومن قال ذلك فقد أخطأ بل قوله بدعة مخالفة للعقل والدين.
2.
إذا تحدث عن حال أو مستقبل فيقول: سأفعل كذا إن شاء الله، سوف أُتم العمل الحاضر إن شاء الله، وهكذا يعلقه على المشيئة. ومن الخطأ المبين تجريد ذلك من المشيئة:{وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الآية.
ولهذا اتفق العلماء على أنّ منْ حلفَ باللهِ لَيُصَلِّيَنَّ كذا إن شاء الله فإنه إن لم يفعل المحلوف عليه، لا يحنث مع أنّ الله أمره به؛ لقوله إن شاء الله فعُلِمَ أن الله لم يشأهُ مَعَ أمْرِهِ به.
3.
الاستثناء في ((الإيمان)) و ((الإسلام)) ، وبحثهما في لفظ:((أنا مسلم)) و ((أنا مؤمن)) .
4.
الاستثناء في الماضي من الأعمال الصالحات، ويأتي في حرف الصاد بلفظ: صليت إن شاء الله.
5.
تعليق الداعي للدعاء على المشيئة، كقوله: اللهم اغفر لي إن شاء الله. وهذا لا يجوز، وأنظره في لفظ:((اللهم اغفر لي إن شئت)) .
ولا يُعترض على هذا بحديث دعاء
(1) (إن شاء الله: الفتاوى 8/ 62، 131، 421 - 427 مهم، 475، 488 - 489.
الزائر للمريض: ((لا بأس طهور إن شاء الله)) ؛ لأن هذا من باب الإخبار، والله أعلم.
6.
قول بعضهم: ((أرجو إن شاء الله أن يكون كذا)) أو: ((آمل..)) لا معنى للجميع بين الترجي، والمشيئة، فإنه لم يحصل الجزم، فيقول:((يكون كذا إن شاء الله)) بل إنْ قال: ((أرجو)) فليقل: ((أرجو أن يكون كذا)) . والله أعلم.
إن فعل كذا فهو كافر: (1)
انظر: اللفظ قبله.
ويأتي في حرف الياء: يهودي إن فعل كذا.
ولديَّ رسالة مخطوطة تقع في عشر صفحات باسم: (رسالة فيما لو قال شخص: إن فعل كذا فهو كافر) . لخير الدين أحمد بن علي العمري الحنفي الرملي. كتبت عام 1340 هـ. وذكر صورها الأربع وما ينبني عليها من أحكام.
إنه وجع:
في الأدب المفرد 1/599، وانظر في حرف الواو: وجع.
إن الله أوجب علينا طلب الثأر: (2)
قال ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: في فتاويه:
(وأما قول القائل: إن الله أجب علينا طلب الثأر. فهو كذب على الله ورسوله، فإن الله لم يوجب على من له عند أخيه المسلم المؤمن مظلمة من دم، أو مال، أو عرض، أن يستوفي ذلك، بل لم يذكر حقوق الآدميين في القرآن إلا ندب إلى العفو
…
) اهـ.
إن الله منزه عن الأعراض: (3)
((مقصود المعتزلة منها: أنه ليس له سبحانه وتعالى علم ولا قدرة ولا حياة
(1) (إن فعل كذا فهو كافر: الأدب المفرد 1/ 599.
(2)
(إن الله أوجب علينا طلب الثأر: مجموع الفتاوى 35 /87.
(3)
(إن الله منزه عن الأعراض: درء تعارض العقل والنقل 2/ 11.
ولا كلام قائم به، ولا غير ذلك من الصفات التي يسمونها هم: أعراضاً)) .
فليحذر أهل العلم من عبارات المبتدعة.
إن الله منزه عن الحدود والجهات والأحياز: (1)
مقصود المعتزلة: أنه ليس معايناً للخلق، ولا منفصلاً عنهم، وأنه ليس فوق السموات رب، ولا على العرش إله.. ونحو ذلك من معاني الجهمية.
إن الله يرحم الكافر: (2)
ذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى - في ((البدائع)) مسائل سئل عنها القاضي فقال: (ومنها: هل يجوز أن يقال: إن الله يرحم الكافر؟ فقال: لا يجوز أن يقال: إن الله يرحم الكافر؛ لأن فيه رد الخبر الصادق: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} ، {لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} إلى أمثاله، بل يقال: يخفف عذاب بعضهم، قال تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} ، {آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ} ) اهـ.
إن الله يرضى لرضى المشايخ ويغضب لغضبهم: (3)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -:
((فصل: وأما قول القائل: إن الله يرضى لرضا المشائخ، ويغضب لغضبهم. فهذا الحكم ليس هو لجميع المشائخ، ولا مختص بالمشائخ، بل كل من كان موافقاً لله: يرضى ما يرضاه الله ويسخط ما يسخط الله؛ كان يرضى لرضاه، ويغضب لغضبه، من المشائخ وغيرهم، ومن لم يكن كذلك من المشائخ، لم يكن من أهل هذه الصفة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان قد جرى بينه وبين صهيب وخباب وبلال وغيرهم كلام في أبي سفيان بن حرب؛ فإنه مرَّ بهم فقالوا: ما أخذت السيوف
(1) (إن الله منزه عن الحدود والجهات والأحياز: درء تعارض العقل والنقل 2/ 11.
(2)
(إن الله يرحم الكافر: بدائع الفوائد 4/40.
(3)
(إن الله يرضى.........: الفتاوى 11 / 515 - 517.
من عدو الله مأخذها. فقال: أتقولون هذا لكبير قريش؟ ودخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال:((لعلك أغضبتهم يا أبا بكر، لئن كنت أغضبتهم، لقد أغضبت ربك)) أو كما قال. قال: فخرج عليهم أبو بكر فقال لهم: يا إخواني! أغضبتكم؟ قالوا: يغفر الله لك يا أبا بكر. فهؤلاء كان غضبهم لله.
وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إليَّ عبدي بمثل ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أُحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينه، ولئن اسعاذني لأُعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه)) .
فهذا المؤمن الذي تقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض أحبه الله؛ لأنه فعل ما أحبه الله، والجزاء من جنس العمل، قال الله تعالى:{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} ، وفي الحقيقة فالعبد الذي يرضى الله لرضاه، ويغضب لغضبه، هو يرضى لرضا الله، ويغضب لغضب الله، وليكن هذان مثالان: فمن أحب ما أحب الله وأبغض ما أبغض الله، ورضي ما رضي الله لما يرضي الله، ويغضب لما يغضب - الله -؛ لكن هذا لا يكون للبشر على سبيل الدوام، بل لابد لأكمل الخلق أن يغضب أحياناً غضب البشر، ويرضى رضا البشر.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((اللهم إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر، فأيما مسلم سببته أو لعنته وليس لذلك بأهل فاجعل ذلك له صلاة وزكاة وقربه تقربه إليك يوم القيامة)) . وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: ((لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك)) . في قضية معينة؛ لكون غضبه لأجل أبي سفيان، وهم كانوا يغضبون لله، وإلا فأبو بكر أفضل من ذلك،
وبالجملة فالشيوخ والملوك وغيرهم إذا أمروا بطاعة الله ورسوله أطيعوا، وإن أمروا بخلاف ذلك لم يُطاعوا؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وليس أحد معصوماً إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا في الشيخ الذي ثبت معرفته بالدين وعمله به.
وأما من كان مبتدعاً بدعة ظاهرة، أو فاجراً ظاهراً، فهذا إلى أن تنكر عليه بدعته وفجوره، أحوج منه إلى أن يطاع فيما يأمر به؛ لكن إن أمر هو أو غيره بما أمر الله به ورسوله وجبت طاعة الله ورسوله، فإن طاعة الله ورسوله واجبة على كل وأحد، في كل حال؛ ولو كان الآمر بها كائناً من كان)) انتهى.
أنا حُرٌّ: (1)
حكم هذا اللفظ، ونحوه: أنا حُرٌّ في تصرفي، أو تصرفاتي، حسب المقام، فإن كانت في مقام يُنهى فيه عن محرم، فهي محرمة؛ لأنه مضبوط بالشرع، لا بالتشهي والهوى. وإن كانت في مقام المباحات، فلا بأس بها، وهكذا.
إنه ليس بجسم: (2)
مقصود الجهمية بهذه العبارة: أن الله سبحانه وتعالى لا يرى، ولا يتكلم بنفسه، ولا يقوم به صفة، ولا هو مباين للخلق..، وهو مقصود باطل.
الأنبياء لم يحققوا التوحيد: (3)
هذه كلمة شنيعة إذا فاه بها مُسلم اقتضت كُفره، وردته؛ لما فيها من التنقص لمقام النبوة والتكذيب لآيات الله - سبحانه -؛ إذ ما من نبي بعث إلا ويأمر قومه بالتوحيد، وإفراد الله بالعبادة، وهذا كثير في القرآن الكريم في قصة كل نبي من أنبياء الله ورسله ومنها قوله - تعالى -:
(1) (أنا حُرٌّ: المجموع الثمين: 3/ 124.
(2)
(إنه ليس بجسم: درء تعارض العقل والنقل 2 / 11. ويأتي في حرف الجيم الجوهر.
(3)
(الأنبياء لم يحققوا التوحيد: فتاوى الشيخ ابن باز 7/ 400 - 402.
{إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} [فصلت: من الآية14] .
وهم بهذا بتعليم الله لهم، يعلمونه الناس؛ ولهذا فمن زعم أيضاً أن الناس يعلمون الأنبياء التوحيد فهو كافر مكذب بآيات ربه متنقص لأنبيائه ورسله.
الأنبياء يتهمون: (1)
إذا قالها مكلف لمن قال له: تتهمني.
وهذه من ألفاظ الردّة، نسأل الله السلامة.
الانتفاضة: (2)
في عام 1408 هـ قام الغيورون من الفلسطينيين برد اعتداآت ((يهود)) ودافعوا عن أنفسهم، وعن حرماتهم، فأطبقت وسائل الإعلام، وأقلام الكاتبين، على تلقيب هذا العمل الجهادي الدفاعي باسم:((الانتفاضة)) .
وهذا لقب واصطلاح حادث، لم يعلق الله عليه حكماً، ثم هو ضئيل، ومن وراء ذلك هو في معناه هنا مُولَّدٌ ودخيل؛ إذ لا ينتفض إلا العليل كالمحموم والرعديد.
فعلى المسلمين التيقظ والبصيرة فيما يأتون ويدعون. والله المستعان.
أنت للشيخ فلان: (3)
قال ابن تيمية - رحمه الله تعالى -:
(وأما قول القائل: أنت للشيخ فلان، وهو شيخك في الدنيا والآخرة. فهذه بدعة منكرة من جهة أنه جعل نفسه لغير الله، ومن جهة أن قوله: شيخك في الدنيا والآخرة كلام لا حقيقة له، فإنه إن أراد أنه يكون معه في الجنة، فهذا إلى الله لا إليه، وإن
(1) (الأنبياء يتهمون: شرح الزرقاني على مختصر خليل 8 / 71. تنزيه الأنبياء للسيوطي.
(2)
(الانتفاضة: انظر: الفائق للزمخشري 2/248 مادة: شعر. وغريب الحديث للخطابي 1/ 559. النهاية لابن الأثير 2 / 480.
(3)
(أنت للشيخ فلان: الفتاوى 11/ 513 - 514.
أراد أنه يشفع فيه فلا يشفع أحد لأحد إلا بإذن الله تعالى، إن أذن له أن يشفع فيه وإلا لم يشفع؛ وليس بقوله: أنت شيخي في الآخرة يكون شافعاً له هذا إن كان الشيخ ممن له شفاعة - فقد تقدم أن سيد المرسلين والخلق لا يشفع حتى يأذن الله له في الشفاعة بعد امتناع غيره منها. وكم من مُدَّعٍ للمشيخة وفيه نقص من العلم والإيمان ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
وقول القائل: ((لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه الله به)) هو من كلام أهل الشرك والبهتان، فإن عباد الأصنام أحسنوا ظنهم بها فكانوا هم وإياها من حصب جهنم، كما قال الله تعالى:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} لكن قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً وإن أتاني يمشي أتيته هرولة)) . ومن أمكنه الهدى من غير انتساب إلى شيخ معين فلا حاجة به إلى ذلك، ولا يستحب له ذلك، بل يكره له) . انتهى.
أنت فضولي: (1)
في ((الدر المختار)) قال في فصل: في الفضولي: (هو: من يشتغل بما لا يعنيه، فالقائل لمن يأمر بالمعروف: أنت فضولي؛ يُخشى عليه الكفر) اهـ.
ويأتي في حرف الفاء: فضولي.
أنت لي عدو: (2)
عن ابن عمر مرفوعاً: ((إذا قال الرجل لأخيه: أنت لي عدو، فقد باء أحدهما بإثمه، إن كان كذلك، وإلا رجعت على الأول)) خرجه المتقي في ((كنز العمال)) ، وعزاه للخرائطي في:((مساوئ الأخلاق)) .
إنسانية: (3)
اتسع انتشار هذه اللفظة البراقة بين
(1) (أنت فضولي: حاشية ابن عابدين 5/106.
(2)
(أنت لي عدو: كنز العمال 3/ 660، عن الخرائطي في: مساوئ الأخلاق.
(3)
(إنسانية: الفتاوى 20 / 74. وانظر: في حرف الضاد: ضمير، وفي حرف الواو: وجدان.
المسلمين عامتهم وخاصتهم، ويسْتمْلِحُ الواحد نفسه حين يقول: هذا عمل ((إنساني)) .
وهكذا حتى في صفوف المتعلمين، والمثقفين، وما يدري المسكين أنها على معنى ((ماسونية)) وأنها كلمة يلوكها بلسانه وهي حرب عليه؛ لأنها ضد الدين فهي دعوة إلى أن نواجه المعاني السامية في الحياة بالإنسانية لا بالدين.
إنها في المعنى شقيقة قول المنافقين: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} .
والخلاصة: (1)
إنها محاربة المسلمين باسم: الإنسانية، لتبقى اليهودية، ويمحى رسم الإسلام، قاتلهم الله وخذلهم.
وجزى الله الشيخ / محمد قطب، خيراً على شرحه وبيانه لهذا المذهب الفكري المعاصر ((الإنسانية)) في كتابه النافع ((مذاهب فكرية معاصرة)) ص / 589 - 604 فأنظره فإنه مهم. واهجر هذه الكلمة، لاتهم.
أنديراً: (2)
ومن الأسماء المحرمة على المسلمين: التسمية بالأسماء الأعجمية المولَّدة للكافرين الخاصة بهم، والمسلم المطمئن بدينه يبتعد عنها، وينفر منها، ولا يحوم حولها.
وقد عظمت الفتنة بها في زماننا، فيلتقط اسم الكافر من أمم الكفر. وهذا من أشد مواطن الإثم، وأسباب الخذلان، ويأتي في حرف العين: عبد المطلب.
أنصت: (3)
عن أبي هريرة رضي الله عنه
(1)(تنبيه: في شروط من تقبل شهادته من باب الشهادات كما في: ((الروض المربع ص / 529)) : شرط المروءة هي: الإنسانية من فعل ما يزينه وترك ما يشينه.
(2)
(أنديراً: أحكام أهل الذمة 2/ 768 - 769. تسمية المولود ص / 36 - 37.
(3)
(أنصت: انظر: إرواء الغليل 3/ 80 رقم 619، والسلسلة الصحيحة جزء 2 / 118 في بحث الحديث رقم (169) وفيها عزاه لإرواء الغليل برقم (612) والصواب (619) .
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب؛ فقد لغوت)) . رواه الشيخان، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه، وغيرهم.
أنصتوا: (1)
في ((السلسلة الصحيحة)) للألباني ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قلت للناس أنصتوا وهم يتكلمون، فقد ألغيت على نفسك)) رواه أحمد في ((المسند)) .
ثم أبان الشيخ ناصر أن هذا من الآداب الرفيعة في الحديث والمجالسة، وإن أخلَّ به كثير من المتباحثين. والله المستعان.
هذا بعد أن بيَّن أن هذه خلاف حديث النهي المتقدم بلفظ: ((أنصت يوم الجمعة والخطيب يخطب..)) وأن هذا مما فات السيوطي في ((الجامع الكبير)) . والله أعلم.
انصرف الناس من الصلاة:
يأتي في حرف الكاف: الكرم.
انصرفنا من الصلاة: (2)
عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم قالا: لا يقال: انصرفنا من الصلاة، ولكن: قد قضيت الصلاة. رواه ابن أبي شيبة.
أنعم صباحاً: (3)
مضى في هذا الحرف بلفظ: إتاوة.
أنعم ظلاماً:
مضى في هذا الحرف بلفظ: إتاوة.
(1) (أنصتوا: السلسلة الصحيحة 1/117 رقم 169. ومسنده أحمد 2 / 318.
(2)
(انصرفنا من الصلاة: مصنف ابن أبي شيبة 2/ 382- 383. الاقتباس من القرآن، للثعالبي ص/ 200. وفي حرف الكاف: الكرم
(3)
(أنعم صباحاً: الإصابة 4 /278 رقم / 5066، ورقم / 5161. الفتاوى الحديثية ص /139.
أنفقت في هذه الدنيا مالاً كثيراً:
أي في وجوه البر والطاعة.
يأتي النهي عنه في حرف الخاء: خليفة الله.
إنه برئ من الإسلام: (1)
عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال إنه بريء من الإسلام، فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً لم يعد إلى الإسلام سالماً)) .
رواه النسائي، وابن أبي الدنيا، وأحمد، والحاكم، وقال: على شرط الشيخين، وأقره الذهبي.
وانظر في حرف الباء: بريء من الإسلام إن فعل كذا.
إنه فقير:
يأتي في حرف الفاء: فقير.
أهلاً بذكر الله: (2)
قوله عند سماع الأذان: لا أصل له في المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الأثر عن عبد الله بن عُكيْم، قال: كان عثمان إذا سمع الأذان، قال: مرحباً بالقائلين عدلاً، وبالصلاة مرحباً وأهلاً. رواه ابن منيع كما في:((المطالب العالية)) . ورواه ابن أبي شيبة، بنحوه. قال البوصيري: في سنده عبد الرحمن بن إسحاق.
أهل الكتاب ليسوا كفاراً:
هذا القول كفر صريح، ومعتقِده مرتد عن الإسلام: قال الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} [آل عمران:70] .
وقال - سبحانه -: {قَاتِلُوا الَّذِينَ
(1) (إنه برئ من الإسلام: سنن النسائي 7/6. وزاد المعاد 2 / 37. وابن ماجه 1/ 679. الصمت وآداب اللسان ص / 428، رقم / 370. المسند 5/ 355. المستدرك 4/ 298. شرح الإحياء 7 / 577.
(2)
(أهلاً بذكر الله: لسان الميزان 6/ 199. المصنوع برقم / 341. المطالب العالية: 1/ 67. مصنف ابن أبي شيبة: 1/53.
لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29] .
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. والحكم بكفر من لم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، من الأحكام القطعية في الإسلام، فمن لم يكفرهم فهو كافر؛ لأنَّه مكذِّب لنصوص الوحيين الشريفين.
أوجد الله كذا وكذا: (1)
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -:
(لا يعرف هذا الإطلاق وإنما الذي جاء: خلقه، وبرأه، وصوره، وأعطاه خلقه، ونحو ذلك فلما لم يكن يستعمل فعله، لم يجئ اسم الفاعل منه في أسمائه الحسنى، فإن الفعل أوسع من الاسم....) وهو مهم.
أوتاد: (2)
من اصطلاحات الصوفية المبتدعة.
أوغن: (3)
في شمال أفريقيا مجموعة من الأسماء الأعجمية ذات المعاني الخطيرة على الاعتقاد؛ لما فيها من الوثنية والتعلق بدون الله.
وفي كتاب ((الإسلام وتقاليد الجاهلية)) فضل التنبيه على بعض منها، وهذا نص كلامه:
(وتوجد هذه الأسماء الجاهلية بكثرة في ((بلاد يوربا)) وهي التي تمُتُّ بصلة إلى الآلهة، التي كانوا يعبدونها من دون الله في الجاهلية، ويعتقدون أنهم منحدرون من تلك الأصنام.
مثل: ((أوغن)) ومعناه الحديد المعبود.
(1)(أوجد الله كذا وكذا: مدارج السالكين 3/415. ومادة: ((وَجَدَ)) من القاموس وشرحه.
(2)
(أوتاد: منهاج السنة النبوية 1/93 - 94 طبعة جامعة الإمام. الفتاوى 11 / 433.
(3)
(أوغن: الإسلام وتقاليد الجاهلية ص/ 145.
و ((أوبا أوشون)) ومعناه: إله البحر، أو النهر المعبود.
ومثل: ((أوشو)) بمعنى الإله العاشق و ((آفا)) ومعناه: الإله الكاهن، و ((وشنغو)) بمعنى إله الرعد.
فتجد بعض الحجاج وبعض الزعماء الإسلاميين في بلاد ((يوربا)) حتى اليوم لا يزال يرادف هذه الأسماء باسمه على أنها أسماء أجداده، فيحتفلوا بها؛ لأنها أصلهم ونشأتهم، أليس حسن إسلام المرء أن يبتعد عن آثار الكفر والوثنية في كل شيء، حتى لا تجد مكاناً بين المسلمين. قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة:208] انتهى.
أول من أسلم من الصبيان: (1)
هو: علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - هكذا عبارة العلماء لكن كان البرهان التنوخي يقول:
(الأوْلى أن يُقال: ومن غير البالغين: علي) .
قال السخاوي بعد نقله: (وهو حسن) .
الأونوماستيك:
يأتي في حرف الفاء: الفقه المقارن.
إياك نعبد وإياك نستعين: (2)
بتخفيف الياء فيهما. فتشديد الياء في الموضعين مُتَعَيَّنٌ، وفي تخفيفهما قلب للمعنى؛ لو اعتقده الإنسان لكفر.
قال الخطابي: (ومما يجب أن يراعى في الأدعية: الإعراب، الذي هو عماد الكلام، وبه يستقيم المعنى، وبعدمه يختل ويفسد، وربما انقلب المعنى باللحن حتى يصير كالكفر، إن اعتقده صاحبه، كدُعاءِ من دعا، أو قراءة من قرأ: إياك نعبد، وإيَّاك
(1) (أول من أسلم من الصبيان: فتح المغيث: 4/ 126.
(2)
(إياك نعبد وإياك نستعين: تفسير القرطبي 1/ 146. شأن الدعاء ص / 19. حاشية البيجوري على ابن القاسم 1/ 154.
نستعين، بتخفيف الياء من إياك، فإن الإيا: ضياء الشمس، فيصير كأنه يقول: شمسك نعبد. وهذا كفر.
وأخبرني محمد بن بحر الرُّهني، قال: حدثني الشاه بن الحسن، قال: قال أبو عثمان المازني لبعض تلامذته: عليك بالنحو، فإن بني إسرائيل كفرت بحرف ثقيل خففوه، قال الله عز وجل لعيسى:(إني ولَّدْتُك. فقالوا: إني ولدْتُك. فكفروا) اهـ.
انظر في ملحق حرف الألف: إياك نعبد
…
أوويْصل: (1)
قال أبو الوفاء ابن عقيل - رحمه الله تعالى -: (قال أبو زيد: قلت للخليل: لِم قالوا في تصغير: ((واصل)) ((أُويْصل)) ولم يقولوا: ((أُوَوَيْصِل)) ؟ قال: كرهوا أن يشبه كلامهم نبح الكلاب) . انتهى.
إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين: (2)
قال النووي - رحمه الله تعالى -:
(فصل: مما ينهى عنه ما يقوله كثير من الناس في الصلاة إذا قال الإمام: إياك نعبد وإياك نستعين. فيقول المأمون: إيَّاك نعبد وإياك نستعين. فهذا مما ينبغي تركه والتحذير منه. فقد قال صاحب البيان من أصحابنا: إن هذا يبطل الصلاة إلا أن يقصد به التلاوة. وهذا الذي قاله وإن كان فيه نظر، والظاهر أنه لا يوافق عليه، فينبغي أن يجتنب، فإنه لم يبطل الصلاة فهو مكروه في هذا الموضع. والله أعلم) انتهى.
وفي ((تمام المنة)) : من مرَّ بآية رحمة فليسأل الله من فضله، أن هذا
(1) (أوويْصل: الفنون: 1/38.
(2)
(إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين: طبقات ابن أبي يعلى: 2/176. الإيمان لابن أبي يعلى: ص / 459. وانظر: أفعال العباد غير مخلوقة.
مقصور على صلاة الليل في التطوع دون الفريضة. والله أعلم.
وانظر إياك نعبد..
الإيمان شيء واحد في القلب: (1)
هذه من ألفاظ أهل البدع التي يُلْمحُوْنَ بها إلى نفي القول والعمل عن مسمى الإيمان، وهذا يقولونه مراراً من تبعض الإيمان وتعدده.
الإيمان مخلوق أو غير مخلوق: (2)
في رواية أبي طالب عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى- أنه قال: ((من قال في الإيمان إنه مخلوق فهو جهمي، ومن قال إنه غير مخلوق فهو مبتدع)) . رواه ابن أبي يعلى.
وقرر والده: أبو يعلى، في ((كتاب الإيمان)) أنه لا يجوز إطلاق القول في الإيمان أنه مخلوق، أو غير مخلوق.
إيْليا: (3)
روي عن كعب أنه قال:
(لا تُسمُّوا بيت المقدس: ((إيليا)) ولكن سموه باسمه، فإن إيليا: امرأة بنتِ المدينة) .
وقال الزركشي - رحمه الله تعالى -: (وعن كعب الأحبار أنه كره أن يُسمى - أي بيت المقدس -: بإيليا، ولكن: بيت الله المقدس. حكاه الواسطي في: فضائله) انتهى.
الإيتيمولوجيا: يأتي في حرف الفاء: الفقه المقارن.
(1) (الإيمان شيء واحد في القلب: الفتاوى 7/ 393 - 394.
(2)
(الإيمان مخلوق أو غير مخلوق: طبقات ابن أبي يعلى: 2/176. الإيمان لابن أبي يعلى: ص /459. وانظر: أفعال العباد غير مخلوقة.
(3)
(إيليا: معجم البلدان: 5/167، حرف الميم: مقدس. إعلام الساجد للزركشي 277.