المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالثفي بيان طريق ميسر لختمالقرآن العظيم: حفظا وتلاوة - معلم التجويد

[خالد الجريسي]

فهرس الكتاب

- ‌تقديمفضيلة العلاّمة الشيخد. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

- ‌تقديمالمقرئ الشيخ أحمد بن خليل بن شاهين

- ‌تقديمفضيلة الدكتور عبد الله بن علي بصفر

- ‌مقدِّمة

- ‌الباب الأولتعريفُ القرآنوبيانُ بعض فضله وشرفِ أهله

- ‌معنى القرآن لغةً:

- ‌تعريف القرآن اصطلاحاً:

- ‌بيان بعض فضل القرآن وشرف أهله:

- ‌الباب الثانيبيانُ الترتيلِ وهو:…(التلاوة بتجويد الأداء)

- ‌التعريف بمصطلحات وكلمات، يكثر تكرار ذِكْرها في هذا العلم

- ‌س1: عرّف القراءة

- ‌س2: ما هي أركان القراءة الصحيحة

- ‌س3:…وضِّح المراد بالركن الأول من الأركان الثلاثة للقراءة الصحيحة، مع ضرب مثال لما تقول

- ‌س4:…وضِّح المراد بالركن الثاني للقراءة الصحيحة، مع ضرب مثال لما تقول

- ‌س5:…وضِّح المراد بالركن الثالث للقراءة الصحيحة، مع ضرب مثال لما تقول

- ‌س6:…عرّف الاستعاذة، واذكر صيغتها المختارة

- ‌س7:…هل تُمنع الزيادةُ في لفظ الاستعاذة

- ‌س8:…هل الاستعاذة من القرآن

- ‌س9:…عرّف البسملة

- ‌س10: اذكر حكم البسملة عند التلاوة

- ‌س11:…علِّل لمنع الإتيان بالبسملة في أول سورة التوبة {بَرَاءَةٌ}

- ‌س12: اذكر الوجوه الجائزة وصلاً - أي حال مواصلة القراءة - لحفص، عند آخر كلمة من سورة الأنفال، وأول سورة براءة

- ‌س13: إذا أردت قراءة القرآن، فكيف تبدأ بالاستعاذة والبسملة مع أول السورة

- ‌س14:…هل يجوز - عند الوصل بين سورتين - أن تصل آخر السورة بالبسملة، ثم تفصل البسملة عن أول السورة التالية

- ‌س15: هل البسملة آية من كل سورة "غير براءة

- ‌س16: ما المقصود بالألف المدّية، والواو المدّية، والياء المدّية

- ‌س17: ما المقصود بالأوزان الزمنية؟ مثِّل لما تقول

- ‌س18: ما المقصود بالغُنَّة؟ مثّل لما تقول

- ‌س19: هل هناك حروف تُلازِمها صفة الغنّة، ولا تنفكّ عنها

- ‌س20:…ما المقصود بقولهم - في كتب التجويد - مع الغنة بمقدار حركتين

- ‌س21:…ما المقصود بالابتداء

- ‌س22:…ثمة ابتداء قبيح، بَيِّنه، ومثِّل لما تقول

- ‌س23:…ما المقصود بمصطلح القصر؟ مع التمثيل له

- ‌س24:…عرّف المدّ اصطلاحاً، ثم مثّل لما تقول

- ‌س25:…دلَّ ما ذُكِر آنفًا على أن المد قسمان رئيسان، فما هما

- ‌س26:…ما المقصود بالمدّ الأصلي؟ مثِّل لما تقول

- ‌س27:…هناك ثلاثة أنواع للمدّ الطبيعي، اذكرها، ثم مثّل لكل منها

- ‌س28:…عرفتَ - فيما سبق - أن المدّ اصطلاحاً هو إطالة الصوت بحروف المدّ، أكثر من حركتين، فماذا يسمى هذا النوع من المدود

- ‌س29:…ما وجه تسميته بالمدّ الفرعي

- ‌س30:…ما هو السبب الذي ينشأ عنه المدّ الفرعي

- ‌س31:…لو أتى همز قبل حرف المدّ، فما المدّ المتفرع عن ذلك؟ اذكر مثالاً لما تقول، مع التوضيح

- ‌س32: عرفت أن الهمز لو جاء قبل حرف المدّ، فإن المدّ يسمى عندها: المدّ الفرعي البدل، فماذا لو جاء الهمز بعد حرف المدّ

- ‌س33:…ما هو المدّ المتصل؟ ولم سمّي بذلك؟ ومثّل له

- ‌س34:…هل يخيّر القارئ في المدّ المتصل بين أن يقصُر أو يمدّ

- ‌س35:…ما مقدار المدّ المتصل

- ‌س36…: من المدود الفرعية أيضاً، المدّ المنفصل، فما سبب تسميته بهذا الاسم؟ ثم مثّل لما تقول

- ‌س37:…ما حكم المدّ الفرعي المنفصل؟ وما مقدار مدّه

- ‌س38:…عرفت - أخي الكريم - الآن الأنواع الثلاثة من المدود الفرعية الناشئة عن وجود همز قبل حرف المدّ أو بعده، وهي: البدل والمتصل والمنفصل، فماذا لو أتى السبب الثاني للمدّ الفرعي - وهو السكون - بعد حرف المدّ

- ‌س39:…لِمَ سُمّي هذا المدّ الفرعي بالمدّ اللازم

- ‌س40:…قد يقع المدّ الفرعي اللازم في كلمة، مثّل لذلك مع التوضيح

- ‌س41:…كما أن المدّ الفرعي اللازم يقع في كلمة، فإنه يقع كذلك في حرفٍ، مثِّل لذلك، مع التوضيح

- ‌س42:…لو وقع السكون اللازم في حرف نوراني هجاؤه من حرفين فقط فهل نمدّه؟ مثّل لما تقول

- ‌س43:…لِمَ خصصنا هذه الحروف الثلاثة عشر من بين حروف الهجاء بالمدّ اللازم والمدّ الطبيعي حسب التفصيل السابق

- ‌س44: عرفت - فيما سبق - أن السكون الأصلي يتفرع عنه ما سمِّي بالمد اللازم بأنواعه، فما الحكم لو كان السكون بعد حرف المدّ طارئاً عند الوقف؟ وضح ذلك بالمثال

- ‌س45:…عرِّف صفة اللِّين، واذكر حرفي اللِّين. ثم وضح بذكر أمثلة

- ‌س46:…لو أتى بعد أحد حرفَيِ اللِّين سكون عَرَض لأجل الوقف، فما المدّ المتفرّع عن ذلك؟ فصّل ما تقول

- ‌س47:…ما المقصود بمدِّ التمكين؟ وضّح ما تقول بأمثلة

- ‌س48:…كيف تطبق في تلاوتك المتصل والمنفصل، من حيث مقدار إطالة الصوت بهما

- ‌س49:…تنقسم صفات الحروف إلى قسمين، اذكرهما

- ‌س50:…عرّف كلاً من قسمَيْ صفات الحروف، ومثّل لبعضها

- ‌س51…: أين يمكنك تصنيف المصطلحات، كثيرة الدوران في كتب علم التجويد، كالإظهار، والإخفاء، والإقلاب، والإدغام؟ فصّل القول، مع التمثيل

- ‌س52:…اذكر فكرة مُيسَّرة موجزة عن مخارج الحروف

- ‌س53:…يقال في علم التجويد: حرفان متماثلان أو متقاربان أو متجانسان أو متباعدان، وضّح هذه المصطلحات، ثم مثّل لما تقول

- ‌س54:…ما المقصود بهمزة القطع؟ ولم سميت بذلك؟ وكيف تقرؤها بحسب رواية حفص؟ مثل لما تقول

- ‌س55:…عرّف همزة الوصل، ولم سميت بذلك؟ وكيف تبدأ بها في القراءة؟ مثّل لما تقول

- ‌س56:…اذكر فكرة مُيسَّرة عن أحكام اللامات في علم التجويد

- ‌س58…: بيّن ما يسمى بأحكام الراء، وذلك بتفصيل الأحوال التي ترقق فيها الراء، والأحوال التي تفخم فيها، والأحوال التي يجوز فيها الوجهان: التفخيم والترقيق، مع التمثيل لكلٍّ من ذلك

- ‌س59:…ما المقصود بباب الهاءات في علم أحكام التجويد

- ‌س60:…عرفت أن الهاءات أربعة أنواع، فما تعريف كلٍّ منها؟ مع التوضيح بمثال لما تقول

- ‌س61:…ما الأصل في تحريك هاء الضمير؟ هل هو الضمّ أو الكسر

- ‌س62:…متى تسمى هاء الضمير - أو هاء الكناية - بهاء الصلة

- ‌س63:…هل لهاء الصلة هذه حكم تجويدي خاص

- ‌س64:…ماذا يسمى مدّ هاء الصلة عند مدّه حركتين، وماذا يسمى عند مدّه أربعاً أو خمساً

- ‌س65:…ثمة كلمات احتوت على هاء الضمير، إلا أنها لم تُشبع، وذلك تبعاً لرواية حفص عن عاصم، اذكرها

- ‌س66:…ما المقصود بباب الياءات في علم أحكام التجويد

- ‌س67:…عرّف ياءات الإضافة، ومثّل لما تقول

- ‌س68:…كيف تُقرأ ياء الإضافة بالفتح، أم بالإسكان

- ‌س69:…عرّف ياءات الزوائد، ومثّل لما تقول

- ‌س70:…كيف قرأ حفص بروايته عن عاصم ياءات الزوائد

- ‌س71:…هل لحفص وجه آخر في قراءته الياء الزائدة في قوله تعالى: {فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ} [النَّمل: 36]

- ‌س72:…اذكر الفرق بين ياءات الإضافة، وياءات الزوائد في علم التجويد

- ‌س73:…يعتبر باب معرفة الوقوف والابتداء من أهم أبواب علم الترتيل، فهلاّ ذكرت شيئاً من أهمية ذلك من أقوال السلف رحمهم الله

- ‌س74:…بيّن مهمات ما يحتاج إليه القارئ من أحكام الوقف والابتداء

- ‌س75:…عرّف الوقف لغةً، واصطلاحاً

- ‌س76:…هل يحظر الوقف على ما اتصل برسم المصحف

- ‌س77:…اذكر الرّاجح في حكم الوقف على فواصل الآيات

- ‌س78:…عرّف الوقف الاختياري، وبين أهميته

- ‌س79:…اذكر أنواع الوقف الجائز، من الوقف الاختياريّ

- ‌س80:…عرّف الوقف الاختياريّ الجائز التامّ، واذكر أقسامه ومثّل لما تقول

- ‌س81:…عرّف الوقف الاختياريّ الجائز الكافي، ومثّل لما تقول

- ‌س82:…عرّف الوقف الاختياريّ الجائز الحسن، ومثّل لما تقول

- ‌س83:…ما المذهب الراجح في الوقف الحسن عند رأس الآية من قوله تعالى: [المَاعون: 4] {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ *}

- ‌س84:…عرفنا - فيما سبق - الوقف الاختياري، وأنواعه، وأمثلة كل منها، فهلاّ بينتَ لنا معنى الوقف القبيح، وأنواعه، ومثلتَ لكل منها

- ‌س85:…ما حكم الوقف على ما لا يؤدي معنىً، وعلى ما يؤدي معنىً غير صحيح

- ‌س86:…هل الكلام في جواز الوقف، وعدم جوازه، وقبحه ونحو ذلك محمول على الوقف الاختياريّ أم الاضطراريّ

- ‌س87:…اذكر ما تعرفه عن علامات الوقف المثبتة في المصحف الشريف وبيّن معنى كل منها

- ‌س88:…هل هناك علامات اصطلاحية أخرى للوقف أثبتت في المصحف الشريف

- ‌س89:…يتكلّف بعض القارئين الوقفَ عند مواضع يختارونها، متأوِّلين تمام المعنى المقصود، فما حكم ذلك؟ مع التمثيل لما تقول

- ‌س90:…عرّف السكت، وبيّن المواضع التي يقرأ فيها حفص بالسكت، من طريق الشاطبية

- ‌س91:…عرّف الابتداء، واذكر أنواعه، مع التمثيل لما تقول

- ‌س92:…ما حكم من توقف توقفاً غير جائز

- ‌س93:…من المعلوم أن الأصل عند الوقف هو إسكان

- ‌س94:…وضّح معنى كلٍّ من (الإشمام) و (الرَّوْم) ، ومثل لكل منهما

- ‌س95:…ما فائدة الرَّوْم والإشمام، مع أن الوقف بالإسكان هو الأصل

- ‌س96:…ثمة كلمات ينبغي للقارئ التنبّه عند قراءتها، يختبر بها أهل الأداء طلابهم لمعرفة إتقانهم ذلك، فهلاّ ذكرتَ لنا بعضًا منها، وبينتَ كيفية قراءتها

- ‌س97:…سبق أن عرفت أن في المدّ المنفصل - برواية حفص - وجهان: القصر والمدّ، فهلاّ فصلت ذلك

- ‌س98:…بعد أن عرفت جواز قصر المنفصل برواية حفص عن عاصم من طريق «طيبة النشر» لابن الجزري، فهل يصح لكل قارئ أن يقصر المنفصل اتباعاً لهذه الرواية؟ فصّل القول

- ‌س100: اذكر فكرة مُيسَّرة موجزة عن علم الرسم في المصحف الإمام، مع التمثيل لما تقول

- ‌الباب الثالثفي بيانِ طريقٍ ميسَّرٍ لختمِالقرآن العظيم: حفظًا وتلاوةً

- ‌الباب الرابعفي فضائلِ بعضِ…الآيات والسُّوَر

- ‌الباب الخامسفي بيانِ مواضعِ السِّجْداتفي القرآن الكريم

- ‌الباب السادسفي نبذةٍ يسيرةٍ منعلم القِراءات

- ‌الباب السابعفرائدُ من فوائدَ لها…صلة بالقرآن

- ‌13- سُوَر القرآن أربعة أقسام:

- ‌الباب الثامنفي أحكامٍ متعلقةٍبإكرام المصحف

- ‌خاتمة:

- ‌ثبت المراجع

الفصل: ‌الباب الثالثفي بيان طريق ميسر لختمالقرآن العظيم: حفظا وتلاوة

‌الباب الثالث

في بيانِ طريقٍ ميسَّرٍ لختمِ

القرآن العظيم: حفظًا وتلاوةً

ص: 161

قال الله تعالى: [فَاطِر: 29-30]{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ *لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ *} ، وقال عز وجل:[العَنكبوت: 49]{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَاّ الظَّالِمُونَ *} وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» (40) .

هذه الأدلة الشرعية الكريمة دلَّتْ وأمثالُها بوضوح على أن تعلّم القرآن وتعليمه يصدُق بهما كلٌّ من تلاوته وحفظه، ولا يخفى ما في تلاوته وحفظه من التأسِّي بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم في ذلك، ومن إسقاط الإثم عن عموم الأمة، عند من قال بأن تعلُّمَه وحفظَه واجب على الكفاية على الأمة (41) . لذلك، فقد اهتمت الأمة بتلقي القرآن تلاوة وحفظاً، وأقبلوا على تلاوته وحفظه آناء الليل وأطراف النهار، وكانت حلقات تعلمه وتعليمه

(40) تقدم تخريجه بالهامش ذي الرقم (5) .

(41)

من القائلين بذلك الإمام الزركشي، والجُرْجاني، وغيرهما. انظر:«البرهان في علوم القرآن» للزركشي (1/456) .

ص: 163

أَوْلى المجالس بالاهتمام، وأكثرها إقبالاً بحمد الله.

وإني أحب - في هذا المقام - إرشاد كل طالب لتعلم القرآن، إلى كيفية مقترحة لتعاهد القرآن الكريم، ليكون لنا - إن شاء الله -[أوثق شافع وأغنى غَنَاءٍ، وخير جليس لا يُمَلّ حديثه، ولنلقاه - إن شاء الله نوراً في ظلمات القبر، مُبالِغاً في طلب إرضاء من تمسك به، وطمعاً في إلباس والدينا تيجاناً ضوؤها أحسن من الشمس، ولننضم - إن شاء الله - إلى قافلة أهل الله وخاصته، وأشراف أُمَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم](42) .

*

أما تعاهد القرآن الكريم تلاوة، فيمكن للمسلم أن يكون ممن [يقوم بالقرآن آناء الليل وآناء النهار](43) . فيختم القرآن تلاوة في شهر واحد، بيسر، دون أن يشق عليه ذلك: وطريق ذلك: أن يتلو حِزْباً بالليل، وحزباً بالنهار.

أما حزبه من الليل (وهو عشر صفحات بالتقريب) ، فيقسمه اثنين، الأول قبيل وبعيد صلاة المغرب،

(42) استفدت جميع هذه الفضائل للقرآن وأهله من مطلع قصيدة «حرز الأماني ووجه التهاني» للإمام الشاطبي رحمه الله. وأدلة ذلك واردة في السنة، وقد سبقت الإشارة إليها في الباب الأول.

(43)

جزء من حديث في الصحيحين: أخرجه البخاري؛ في كتاب فضائل القرآن، باب: اغتباط صاحب القرآن، برقم (5025) ، عن ابن عمر رضي الله عنهما. ومسلم؛ في كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها؛ باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه، برقم (815) ، عنه أيضاً.

ص: 164

والثاني قبيل وبعيد صلاة العشاء.

وذلك تفصيلاً كما يلي:

يتلو صفحة واحدة:

-

بعد ركعتي الوضوء لصلاة المغرب.

-

وبعد أداء ركعتي تحية المسجد.

-

وبعد أداء فريضة المغرب.

-

وبعد أداء سنة المغرب (البعدية) .

ويتلو صفحة واحدة أيضاً:

-

بعد ركعتي الوضوء لصلاة العشاء.

-

وبعد أداء ركعتي تحية المسجد.

-

وبعد أداء سنة العشاء (القبلية) .

-

وبعد أداء فريضة العشاء.

-

وبعد أداء سنة العشاء (البعدية) .

-

وبعد أداء صلاة الوتر من ليلته، سواء قدَّمها أول الليل أو أخَّرها.

ص: 165

وبذا، يتم له حزب وهو نصف جزء.

أما في نهاره فتفصيله مشابه، وهو كما يأتي:

يتلو صفحة واحدة بعد كلٍ من:

-

أداء ركعتي سُنَّة الفجر.

-

وأداء ركعتي تحية المسجد.

- يتلو صفحتين بعد أداء فرض الفجر.

لعموم قوله تعالى: [الإسرَاء: 78]{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} .

ثم صفحة واحدة بعد:

-

أداء سنة الضحى.

-

أداء سنة الظهر (القبلية) .

-

أداء فرض الظهر.

-

أداء سنة الظهر (البعدية) .

-

أداء تحية المسجد للعصر.

-

أداء فرض العصر.

ص: 166

وهكذا يتم له تلاوة حزب في نهاره، كما تم له في ليله، ويتحصّل بذلك إتمام ختم تلاوة جزء في اليوم والليلة، ومن ثَمَّ ختم تلاوة القرآن الكريم في مدى شهر بيسر وسهولة، [القَمَر: 17-31-37-40] {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ *} . قال القرطبي رحمه الله: (أي سهَّلناه للحفظ، وأعنّا عليه من أراد حفظه، فهل من طالب لحفظه فيُعان عليه)(44) .

فلو مات العبد من ليل أو نهار، يقال له كما جاء في الحديث:«اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا» (45) .

وإذا شئت أخي القارئ أن تختم بأقل من شهر -على ألاّ تختم بأقلَّ من ثلاثة أيام - فإنك تضاعف ما تقرأ فتجعل بدلاً عن الصفحة صفحتين أو أكثر، «فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ» (46) .

(44) انظر: الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي (17/134) .

(45)

تقدم تخريجه بالهامش ذي الرقم (10) .

(46)

جزء من حديث أخرجه البخاري؛ كتاب: الجنائز، باب: موعظة المحدّث عند القبر برقم (1362) ، عن علي رضي الله عنه، ومسلم بنحوه، كتاب: القدر، باب: كيفية خلق الآدمي، برقم (2647) ، عنه أيضاً.

ص: 167

*

وأما تعاهد القرآن الكريم حفظاً، فمن المعلوم لديك أن عدد الصفحات التي أثبت فيها القرآن ستمائة وأربع صفحات (604) ، وها أنا ذا أقترح عليك طريقة لتكون من الحُفَّاظ المتقنين في حفظهم، وأقسِّم ذلك إلى أمرين:

* عشر نصائح أختصُّ بها أخي حافظ القرآن، وكذلك المريد لحفظه.

* ومن ثَمَّ الطريقة المقترحة للحفظ والمراجعة.

* النصائح العشر:

أولاً:

أخلص النية فيما تريد ولا تقصد به توصُّلاً إلى غرض من أغراض الدنيا، فطلب حفظه أعظم من أن يُبتغى به غيرُ وجهِ الله تعالى.

قال تعالى: [البَيّنَة: 5]{وَمَا أُمِرُوا إِلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ *} .

ص: 168

.. وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَْعْمَالُ بِالنَّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (47) .

ثانياً:

تخلَّق بأخلاق القرآن، واعمل بعموم مكارم الأخلاق التي دعا إليها، وبخاصة التواضع وترك العُجْب بالنفس، مع الاتصاف بالوقار من غير تكلُّف.

ثالثاً:

تذكّر دائماً فضيلة حافظ القرآن عند الله تعالى وأنه من أهل الله وخاصّته.

رابعاً: لا تُكثر على نفسك من مقدار الحفظ، فإنَّ «خَيْرَ الْعَمَلِ أَدْوَمُهُ، وَإِنْ قَلَّ» (48) .

خامساً: اشتغل بتعليم القرآن، ولا تَضِنّ بذلك على أحد، ولو غلب على ظنك أن المتعلم ليس أهلاً لذلك، قال تعالى:[آل عِمرَان: 73]{قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} .

سادساً: اجتهد في أن تعمل بما علمت من القرآن، فقد كان ذلك سَمْت السلف الصالح: «كَانُوا

(47) جزء من حديث في الصحيحين، أخرجه البخاري؛ كتاب: بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1) ، عن عمر رضي الله عنه. ومسلم باختلاف، كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا الأَْعْمَالُ بِالنِّيَّة» ، برقم (1907) ، عنه أيضاًَ.

(48)

جزء من حديث أخرجه أحمد في مسنده (6/244) ، من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، وابن ماجه، كتاب: الزهد، باب: المداومة على العمل، برقم (4240) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 169

يَتَعَلَّمُونَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَلَا يُجَاوِزُوهُنَّ حَتَّى يَعْمَلُوا بِهِنَّ، وَبِذَلِكَ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعاً» (49) .

سابعاً: لا تستعجل في قراءة القرآن، ولو صرت حافظاً - إن شاء الله - فقد أمر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم بألا يعجل في ذلك:[القِيَامَة: 16-17]{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ *إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ *} .

وقال تعالى: [المُزّمل: 4]{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} .

وقد كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مُفَسَّرَةً حَرْفاً حَرْفاً» (50) .

ثامناً: اجتهد في أن تتدبر ما تقرأ أو تحفظ، فهذا أدعى للخشوع وللحفظ وللأجر، قال تعالى:[محَمَّد: 24]{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا *} وقال تعالى: [ص: 29]{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} .

(49) أخرجه أحمد، في مسنده (5/410) ، من حديث رجل من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

(50)

جزء من حديث أخرجه الترمذي، كتاب فضائل القرآن، باب: ما جاء كيف كانت قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، برقم (2923) ، عن أم سلمة رضي الله عنها.

ص: 170

تاسعاً: اجعل طلبك للحفظ بُكْرة من أول النهار، قال صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُِمَّتِي فِي بُكُورِهَا» (51) .

عاشراً: تعاهدِ القرآن، فإنك قد تُنَسَّى حفظك، إن طال العهد بينك وبين مراجعة ما تحفظ، قال صلى الله عليه وسلم:«تَعَاهَدُوا هَذَا اَلْقُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفلُّتاً مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا» (52) .

* الطريقة المقترحة لإتمام الحفظ والمراجعة:

لقد أرشد كثير من الكُتاب الأفاضل من قبلُ إلى طرق الحفظ ووسائله، جزاهم الله خيراً، إلا أني أحببت أن أدلي دلوي في ذلك، عسى الله تعالى أن ينفع به كثيراً من المسلمين والمسلمات.

والطريقة هي:

أن تحفظ في اليوم الأول نصف صفحة، تراعي في ختمها تمام المعنى ما أمكن ذلك (53) ، ثم تردِّد تلاوتها في الصلوات الخمس المفروضة فتتلو ربع صفحة بعد الفاتحة في كلٍّ من الركعتين الأُوليين.

(51) أخرجه أبو داود، كتاب الجهاد، باب في الابتكار في السفر، برقم (2606) ، عن صخر الغامدي رضي الله عنه.

(52)

أخرجه البخاري في كتاب: فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده، برقم (5033) ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. ومسلم في صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب الأمر بتعهد القرآن، برقم (791) ، عنه أيضاً.

(53)

قد يعسر على بعض طلبة الحفظ مراعاة تمام المعنى بدقة، فليُستأنَس - عندها - بتقسيم بعض أئمة أهل التفسير، للمقاطع المراد تفسيرها، كتفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير رحمه الله أو غيره.

ص: 171

في اليوم الثاني: تحفظ النصف الثاني من الصفحة، وتكرره منصِّفاً إياه في الركعتين الأُوليين من الصلوات المفروضة.

في اليوم الثالث: تراجع حفظك للصفحة بتمامها، وتنصِّف تلاوتها في الصلوات المفروضة.

ثم تفعل الشيء عينه، في الأيام الثلاثة التالية من الأسبوع.

وفي اليوم السابع وهو نهار الجمعة، تراجع حفظ الصفحتين، وتقرأ كل صفحة منهما بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين من الصلوات.

وبذلك يتم لك حفظ صفحتين أسبوعياً، فإذا أتممت حزباً، وذلك في خمسة أسابيع، اجعل عشرة أيام لمراجعته، في كل يوم صفحة في الصلوات، وغيرها.

فإذا تمكنت من الحزب، فاشرع في حزب آخر، وبالطريقة نفسها، حتى إذا أتممت حزباً آخر، فراجعه

ص: 172

أيضاً في عشرة أيام، فإذا أتممت حفظ جزء فاجعل شهراً كاملاً لمراجعته.

وهكذا يتم لك حفظ جزء، حال كونك مُتمكِّناً في حفظه، عاملاً به، في مدى: ثلاثة أشهر، ثم مراجعته في شهر.

ففي كل سنة ستكون حافظاً - إن شاء الله - لثلاثة أجزاء من القرآن الكريم.

وسيتم حفظك للقرآن كاملاً ومراجعته دوماً في مائة وعشرين شهراً، أي في مدى عشر سنوات.

واذكر في ذلك أن رسول الله موسى عليه السلام، قد استأجره صاحب مدين (54) ثماني حجج فأتمها عشراً، مهراً لإحدى ابنتيه، قال تعالى:[القَصَص: 27]{قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدَكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ *} .

(54) اشتهر عند الناس أنه شعيبٌ نبيُّ الله عليه السلام، والظاهر أنه غيره كما رجّح ذلك ابن كثير رحمه الله. وقال ابن جرير رحمه الله: الصواب أن هذا لا يُدرك إلا بخبرٍ، ولا خبرَ تجب به الحُجّة بذلك. اهـ. انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير ص (1290)، ط - بيت الأفكار. وجامع البيان في تأويل آي القرآن (تفسير الطبري) :(20/62) . وقد أفدت جميع ما سبق من ملحوظة للعلاّمة، ابن جبرين - بخطّ يده - حفظه الله، عند تكرُّمه بمراجعة الكتاب.

ص: 173

فإن كان مهر المرأة الصالحة قد استأهل عملَ عشر سنين، فحفظ القرآن الكريم أولى، وهو كسب عظيم في هذه السنوات العشر، وأنت تعلم أنه لا مُسوِّغ للمقارنة هنا، إلا أني جعلت ذلك مَثَلاً، بقصد شحذ الهمة وترك الكلل.

وقد تقول: إن هذا أمد طويل، فإن بعضهم يحفظ بأقل من تلك المدة بكثير. نعم، قد يكون ذلك حقاً إلا أن ما أقترحه: لا يشقُّ عليك، وهو يوصلك بالقرآن لمدة أطول، كما أنه يُعوِّدك ارتياد المساجد، والمحافظة على السنن، وهذا جميعه محبوب عند الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«عَلَيْكَمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللهِ لَا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا» وقالت عائشة رضي الله عنها: (وَكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مَادَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ)(55) .

ثم إن في كثرة انشغال الناس في عصرنا هذا بأمور المعاش ومكابدة مشاق الحياة، لعذرًا لهم في أن يوغلوا بأمر حفظ القرآن برفق، وهذا أرجى لهم في

(55) متفق عليه؛ من حديث عائشة رضي الله عنها: أخرجه البخاري؛ كتاب: الإيمان، باب: أحب الدِّين إلى الله أدومه برقم (43) . ومسلمٌ؛ كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب: أمر من نَعِس في صلاته، برقم (785) .

ص: 174

تحقيق ذلك.

أخي القارئ، إذا ما أتممت حفظك لكتاب الله تعالى، فاجعل السنة كلها للمراجعة بطريقة الحفظ نفسها، ثم اجعل شهر رمضان - شهر القرآن - فرصة لك لا تُعوَّض في مراجعة حفظك، للمرة الثانية في السنة. وفقني الله وإياك للعمل بذلك، آمين.

ص: 175