الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيان بعض فضل القرآن وشرف أهله:
إنه - والحق يقال - لا يمكن إحصاء فضل القرآن الكريم، ولو أُفرِدت لذلك المُطوَّلات، وفَنِيَتْ فيه الأعمار، وقد جمع شيئًا من ذلك جهابذة من العلماء: منهم ابن كثير رحمه الله في كتاب «فضائل القرآن» ، والنوويُّ رحمه الله في «التبيان في آداب حملة القرآن» ، وأبو القاسم الشاطبيُّ رحمه الله في مطلع قصيدته الفذَّة «حِرْز الأماني ووجهُ التهاني» المعروفة بالمنظومة الشاطبيَّة، وغيرهم ممن يضيق المقام عن إحصائهم، أقول: مع سَبْق هؤلاء الأعلام لذلك الفضل، إلا أني أحبُّ أن أذكر- مستعيناً بالله - نزراً يسيراً من فضائل القرآن العظيم وخصائصه:
-
…
القرآن كلام الله تعالى، وسبيل هدايته الخلق.
-
…
وهو ملاذ الدِّين الأعلى؛ يستند إليه الإسلام في عقائده وعباداته، وحِكَمه وأحكامه، وأخلاقه، وقَصصه ومواعظه.
-
…
وهو عماد لغة العرب الأسمى، تَدِين له العربيَّةُ في
بقائها وسلامتها، وتستمدُّ منه علومها.
-
…
وهو حُجَّة الله تعالى على الخلق، وحُجَّة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعجزته الخالدة، شاهداً بحقِّ رسالته، دالاًّ على صدق نبوَّته.
-
…
وهو كتاب الله الخاتم للوحي، المُنزَّل على قلب نبيٍّ هو خاتم النبيِّين صلى الله عليه وسلم (3) .
-
…
وهو معلِّم الإنسانية جمعاء، بإشارات لعلوم كونية كبرى، ومعارفَ ما زال علماء التجريب إلى يومنا هذا يحارون في دِقَّتها وسَبْقها، وكأن الكون كتابٌ مُشاهَد، والقرآن كتاب مقروء لحقائق هذا الكون.
-
…
وهو الكتاب الشفيع لأصحابه يوم القيامة، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ» (4) .
أما أهله شرَّفهم الله، فتكاد أيضاً فضائلهم أن لا تنحصر، وسأكتفي بإيراد بعضٍ منها:
-
…
أهل القرآن هم خير الأمة الإسلامية ومقدَّمُها.
(3) المرجع السابق (1/12) .
(4)
جزء من حديث أخرجه مسلم؛ كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها (فضائل القرآن وما يتعلق به)، باب: فضل قراءة القرآن وسورة البقرة، برقم (804) ، عن أبي أمامةَ الباهلي رضي الله عنه.
.. قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» (5) .
-
…
وهم المتبوِّئون مرتبةَ الملائكة الكَتَبة، وأدناهم حائز على مضاعفة الأجر.
…
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ» (6) .
-
…
وهم كالأُتْرُجَّة (7) ، رِيحها طيِّبٌ وطَعْمُها طيِّب، كما صحَّ وَصْفُهم بذلك في الحديث، قال عليه الصلاة والسلام: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الأُْتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ
…
» (8) الحديث.
-
…
وهم ممن جاز اغتباطهم المحمود في الخير.
…
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا حَسَدَ إِلَاّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ» (9) .
(5) أخرجه البخاري؛ كتاب: فضائل القرآن، باب:«خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» . برقم (5027)، وأخرجه أيضاً بلفظ:«إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» برقم (5028) . وأبو داود؛ كتاب الوتر، باب: في ثواب قراءة القرآن، برقم (1452) . والترمذي، كتاب: فضائل القرآن، باب: ما جاء في تعليم القرآن، برقم (2907) . وبرقم (2908)، بلفظ: «خَيْرُكُمْ أَوْ أَفْضَلُكُمْ
…
» ؛ جميعُهم عن عثمانَ رضي الله عنه.
(6)
أخرجه البخاري؛ كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة عبس، برقم (4937)، عن عائشة رضي الله عنها. ومسلم؛ كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرِها (فضائل القرآن وما يتعلق به)، باب: فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع فيه، برقم (798) ، عنها أيضاً. واللفظ لمسلم.
(7)
الأُتْرُجَّة: ثمرة معروفة، يقال لها أيضاً: تُرُنْجَة، و «أُتْرُنْجَة» .
(8)
جزء من حديث أخرجه البخاري؛ كتاب فضائل القرآن، باب: فضل القرآن على سائر الكلام، برقم (5020) ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. ومسلم؛ كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها (فضائل القرآن وما يتعلق به)، باب: فضيلة حافظ القرآن. برقم (797) ، عنه أيضاً. واللفظ لمسلم.
(9)
أخرجه البخاري؛ كتاب: فضائل القرآن، باب اغتباط صاحب القرآن، برقم (5025)، عن ابن عمر رضي الله عنهما. ومسلم؛ كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرِها (فضائل القرآن وما يتعلق به) . باب: فضل من يقوم بالقرآن ويُعلِّمه، برقم (815) ، عنه أيضاً. واللفظ لمسلم.
-
…
وهم من يرفع الله منزلتهم في الآخرة حتى يُبلَّغوا منزلة آخرِ آيةٍ يقرؤونها.
…
قال صلى الله عليه وسلم: «يُقَالُ - يعني لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ - اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا» (10) .
-
…
وهم من تنزَّل السكينة عليهم، وتدنو الملائكة عند قراءتهم.
…
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأُسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه: «اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ، اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ
…
(11) تِلْكَ الْمَلائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لا تَتَوَارَى مِنْهُمْ» (12) .
-
…
وهم المُقدَّمون للإمامة في الصلاة.
…
قال عليه الصلاة والسلام: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى
…
» (13) . الحديث.
-
…
وهم الواجب إكرامهم.
…
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللهِ: إِكْرَامَ ذِي
(10) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة (الوتر)، باب: كيف يُستحب الترتيل في القرآن، برقم (1464) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والترمذي، كتاب ثواب القرآن، باب:«إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ..» برقم (2914)، عنه أيضاً. وقال: هذا حديث حسن صحيح. واللفظ المختار له.
(11)
أُسَيْد بنُ حُضيرٍ هو أبو عتيك رضي الله عنه، كما في رواية:«اِقْرَأْ أَبَا عَتِيك» ، عند ابن حبان (1716) والطبراني في الكبير (566) ، وغيرهما.
(12)
أخرجه البخاري؛ كتاب: فضائل القرآن، باب: نزول السَّكينة والملائكة عند قراءة القرآن، برقم (5018) عن أُسَيْد رضي الله عنه. ويشار هنا إلى أن البخاري بعد إخراجه الحديث بانقطاع السند بين محمد التيمي وأُسَيد رضي الله عنه، عاد فوصله في آخر الحديث بسماع ابن الهاد من عبد الله ابن خبَّاب، عن أبي سعيد الخدري، عن أُسَيد رضي الله عنه. فالتعويل فيه على الإسناد الموصول كما نبَّه على ذلك الحافظ رحمه الله في «الفتح» (8/681) ، والله أعلم.
(13)
جزء من حديث أخرجه مسلم؛ كتاب المساجد، باب: مَن أحقُّ بالإمامة؟، برقم (673) ، عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه.
الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» (14) .
-
…
وهم، أخيراً وليس آخراً، أهلُ الله وخاصَّتُه.
…
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ» ، قيل: من هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ عليه الصلاة والسلام: «أَهْلُ الْقُرْآنِ: أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ» (15) .
شرَّف الله أهلَ القرآن وجعلني وإياك - أخي القارئ - ممن يُكرِمهم إجلالاً لمقامه تبارك وتعالى.
****
(14) أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب في تنزيل الناس منازلهم، برقم (4843) ، عن أبي موسى رضي الله عنه. وفي سنده أبو كنانة القرشي - وهو مجهول - عن أبي موسى، وللحديث شواهد يتقوى بها. وقد حسَّنه الأئمة: النووي والعراقي وابنُ حجر رحمهم الله تعالى. انظر: «التبيان» للنووي بتحقيق الأستاذ الأرناؤوط ص (20) .
(15)
أخرجه أحمد في مسنده (3/127) ، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12304) . وابن ماجه؛ كتاب: السُّنة، باب فضل من تعلم القرآن وعلمه؛ برقم (215) عنه أيضاً. والحديث حسَّنه العراقيُّ في تخريج الإحياء (1/280) . كما جوّده الألبانيُّ في «الضعيفة» (4/85) . وقال الذهبيُّ في «الميزان» (3/626) : إسناده صالح. ووافقه الحافظ في «اللسان» (5/254) .