الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ كَمَا لَوْ فَارَقَتْ الْمَسْكَنَ، وَلَوْ بَلَغَتْهَا الْوَفَاةُ بَعْدَ الْمُدَّةِ كَانَتْ مُنْقَضِيَةً، وَلَهَا إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
فَصْلٌ تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ وَلَوْ بَائِنٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَلِيُّهَا إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا (وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ) مَعَ الْعِصْيَانِ، وَهَذَا (كَمَا لَوْ فَارَقَتْ الْمُعْتَدَّةُ) الْمُحِدَّةُ أَوْ غَيْرُهَا بِلَا عُذْرٍ (الْمَسْكَنَ) الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ بِلَا عُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّهَا تَعْصِي وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، إذْ الْعِبْرَةُ فِي انْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (وَلَوْ بَلَغَتْهَا الْوَفَاةُ) أَيْ مَوْتُ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقُهُ (بَعْدَ الْمُدَّةِ) لِلْعِدَّةِ (كَانَتْ مُنْقَضِيَةً) وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا غَيْرُهَا لِمَا مَرَّ (وَلَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ الْمَوْتَى (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ (وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ) عَلَيْهَا بِقَصْدِ الْإِحْدَادِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ بِلَا قَصْدٍ لَمْ تَأْثَمْ، ذَكَرَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الشِّقَاقِ، وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَلِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ إظْهَارَ عَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالْأَلْيَقُ بِهَا التَّقَنُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا لِحَبْسِهَا عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلِغَيْرِهَا مِنْ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ قَدْ لَا تَسْتَطِيعُ فِيهَا الصَّبْرَ، وَلِذَلِكَ تُسَنُّ فِيهَا التَّعْزِيَةُ وَبَعْدَهَا تَنْكَسِرُ أَعْلَامُ الْحُزْنِ
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي، فَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَصْلًا وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا قَالَ الْغَزِّيُّ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الصَّدِيقَ كَالْقَرِيبِ، وَكَذَا الْعَالِمُ وَالصَّالِحُ وَضَابِطُهُ مَنْ يَحْصُلُ بِمَوْتِهِ حُزْنٌ، فَكُلُّ مَنْ حَزِنَتْ بِمَوْتِهِ لَهَا أَنْ تُحِدَّ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ اهـ.
، وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَحَمْلُ إطْلَاقِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا، وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ.
تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفْهِمُ أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ لَهُ الْإِحْدَادُ عَلَى قَرِيبهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّ التَّحَزُّنَ فِي الْمُدَّةِ لَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ مَنَعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنَّهُ شُرِعَ لِلنِّسَاءِ لِنَقْصِ عَقْلِهِنَّ الْمُقْتَضِي عَدَمَ الصَّبْرِ مَعَ أَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ عَلَى النِّسَاءِ الْإِحْدَادَ دُونَ الرِّجَالِ
[فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا]
(تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ) حَائِلٍ أَوْ حَامِلٍ (وَلَوْ بَائِنٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ، وَالْأَوْلَى نَصْبُهُ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَلَوْ هِيَ بَائِنٌ وَيَسْتَمِرُّ سُكْنَاهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] وقَوْله تَعَالَى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ بُيُوتِ أَزْوَاجِهِنَّ وَأَضَافَهَا إلَيْهِنَّ لِلسُّكْنَى، إذْ لَوْ كَانَتْ إضَافَةُ مِلْكٍ لَمْ تَخْتَصَّ بِالْمُطَلَّقَاتِ، وَلَوْ أُسْقِطَتْ مُؤْنَةُ الْمَسْكَنِ عَنْ الزَّوْجِ لَمْ تَسْقُطْ كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهَا تَجِبُ يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَلَا يَصِحُّ إسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ
إلَّا نَاشِزَةً
وَلِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ فِي الْأَظْهَرِ
وَفَسْخٌ عَلَى الْمَذْهَبِ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ تَقْيِيدُهُ عَنْ طَلَاقٍ أَنَّهُ لَا سُكْنَى لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَلَا لِأُمِّ وَلَدٍ إنْ أُعْتِقَتْ، وَهُوَ كَذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ الْمُعْتَدَّةِ قَوْلَهُ (إلَّا نَاشِزَةً) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ طَلَاقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، أَمْ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهَا لَا سُكْنَى لَهَا فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَ حَقُّ السُّكْنَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَتِهِ، وَإِلَّا صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ فَإِنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ حَالَةَ النِّكَاحِ، وَالْأَمَةُ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا كَالْمُسْلِمَةِ لَيْلًا فَقَطْ أَوْ نَهَارًا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي فَصْلِ نِكَاحِ الْعَبْدِ وَإِلَّا مَنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِقَوْلِهَا بِأَنْ طَلُقَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالْإِصَابَةِ وَأَنْكَرَهَا الزَّوْجُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ
فَإِنْ قِيلَ: لَا وَجْهَ لِاسْتِثْنَاءِ الصَّغِيرَةِ مِنْ ذَلِكَ، إذْ الْكَلَامُ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ، وَالصَّغِيرَةُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِاسْتِدْخَالِهَا مَاءَ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بُعْدٌ
(وَ) يَجِبُ السُّكْنَى أَيْضًا (لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ فِي الْأَظْهَرِ)«لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم فُرَيْعَةَ بِضَمِّ الْفَاءِ، بِنْتَ مَالِكٍ أُخْتَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمَّا قُتِلَ زَوْجُهَا أَنْ تَمْكُثَ فِي بَيْتِهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالثَّانِي: لَا سُكْنَى لَهَا كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهَا.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ السُّكْنَى لِصِيَانَةِ مَائِهِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ بَعْدَ الْوَفَاةِ، كَالْحَيَاةِ، وَالنَّفَقَةَ لِسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا وَقَدْ انْقَطَعَتْ، وَبِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقُّهَا فَسَقَطَتْ إلَى الْمِيرَاثِ، وَالسُّكْنَى حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ تَسْقُطْ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْوَفَاةِ رَجْعِيًّا وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهَا بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ، لَكِنْ حَكَى الْجُرْجَانِيِّ طَرْدَ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا، وَعَلَيْهِ يَأْتِي إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ
(وَ) يَجِبُ أَيْضًا لِمُعْتَدَّةٍ (فَسْخٌ) بِعَيْبٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ رَضَاعٍ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ بِفُرْقَةٍ فِي الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ تَحْصِينًا لِلْمَاءِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ
تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ اسْتِثْنَاءِ النَّاشِزَةِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَعِدَّةِ الْفَسْخِ مَعَ أَنَّ حُكْمَهَا كَالنَّاشِزَةِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي فِيمَنْ مَاتَ عَنْهَا نَاشِزًا، فَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ: إلَّا نَاشِزَةً إلَى هُنَا لَشَمِلَ ذَلِكَ، وَشَمِلَ إطْلَاقَهُ الْمُلَاعَنَةَ، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ قَطْعًا، وَحَيْثُ لَا تَجِبُ السُّكْنَى لِمُعْتَدَّةٍ فَلِلزَّوْجِ إسْكَانُهَا حِفْظًا لِمَائِهِ، وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ وَعَلَيْهَا الْإِجَابَةُ، وَحَيْثُ لَا تَرِكَةَ لِلْمَيِّتِ لَمْ يَجِبْ إسْكَانُهَا، فَإِنْ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِالسُّكْنَى لَزِمَتْهَا الْإِجَابَةُ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي صَوْنِ مَاءِ مُوَرِّثِهِ، وَغَيْرُ الْوَارِثِ كَالْوَارِثِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ
فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي عَدَمُ اللُّزُومِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِوَفَاءِ دَيْنِ مَيِّتٍ أَوْ مُفْلِسٍ لَمْ يَلْزَمْ الدَّائِنَ قَبُولُهُ بِخِلَافِ الْوَارِثِ، وَبِأَنَّ اللُّزُومَ فِيهِ تَحَمُّلٌ مِنْهُ مَعَ كَوْنِ الْأَجْنَبِيِّ لَا غَرَضَ لَهُ صَحِيحٌ فِي صَوْنِ مَاءِ الْمَيِّتِ.
أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمُعْتَدَّةِ لِلْمَسْكَنِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَا بَدَلَ لَهُ فَيَجِبُ فِيهِ الْقَبُولُ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ تَعْطِيلُهُ، وَبِأَنَّ حِفْظَ مَاءِ الْإِنْسَانِ مِنْ الْمُهِمَّاتِ الْمَطْلُوبَةِ بِخِلَافِ
وَتُسَكَّنُ فِي مَسْكَنٍ كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُهَا، وَلَا لَهَا خُرُوجٌ قُلْت: وَلَهَا الْخُرُوجُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ، وَكَذَا بَائِنٌ فِي النَّهَارِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَغَزْلٍ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا لَيْلًا إلَى دَارِ جَارَةٍ لِغَزْلٍ وَحَدِيثٍ وَنَحْوِهِمَا بِشَرْطِ أَنْ تَرْجِعَ وَتَبِيتَ فِي بَيْتِهَا
ــ
[مغني المحتاج]
أَدَاءِ الدَّيْنِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ التَّبَرُّعُ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ سُنَّ لِلْإِمَامِ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ إسْكَانُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، لَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ مُتَّهَمَةً بِرِيبَةٍ وَإِنْ لَمْ يُسْكِنْهَا أَحَدٌ سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ (وَ) إذَا وَجَبَتْ السُّكْنَى فَإِنَّمَا (تُسَكَّنُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِخَطِّهِ: أَيْ الْمُعْتَدَّةُ حَتْمًا (فِي مَسْكَنٍ) مُسْتَحَقٍّ لِلزَّوْجِ لَائِقٍ بِهَا (كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلْآيَةِ وَحَدِيثِ فُرَيْعَةَ السَّابِقَيْنِ (وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُهَا، وَلَا لَهَا خُرُوجٌ) مِنْهُ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الزَّوْجُ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْحَقُّ الَّذِي لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَسْقُطُ بِالتَّرَاضِي - بِالضَّادِ -، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1]
تَنْبِيهٌ شَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الرَّجْعِيَّةَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ، وَفِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ، وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ، وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا فَضْلًا عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ فَلَيْسَتْ كَالزَّوْجَاتِ (قُلْت: وَلَهَا الْخُرُوجُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) وَعِدَّةِ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ (وَكَذَا بَائِنٌ) وَمَفْسُوخٍ نِكَاحُهَا، وَضَابِطُ ذَلِكَ كُلُّ مُعْتَدَّةٍ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْ يَقْضِيهَا حَاجَتَهَا لَهَا الْخُرُوجُ (فِي النَّهَارِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ) وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ (وَ) بَيْعِ (غَزْلٍ وَنَحْوِهِ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ «وَلِقَوْلِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - طَلُقَتْ خَالَتِي ثَلَاثًا، فَخَرَجَتْ تَجُدُّ نَخْلًا لَهَا، فَنَهَاهَا رَجُلٌ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: اُخْرُجِي فَجُدِّي نَخْلَكِ وَلَعَلَّكِ أَنْ تَتَصَدَّقِي مِنْهُ أَوْ تَفْعَلِي خَيْرًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَنَخْلُ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ مَنَازِلِهِمْ، وَالْجِدَادُ لَا يَكُونُ إلَّا نَهَارًا أَيْ غَالِبًا، أَمَّا مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ رَجْعِيَّةٍ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ أَوْ بَائِنٍ أَوْ حَامِلٍ فَلَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ ضَرُورَةٍ كَالزَّوْجَةِ لِأَنَّهُنَّ مَكْفِيَّاتٌ بِنَفَقَةِ أَزْوَاجِهِنَّ (وَكَذَا) لَهَا الْخُرُوجُ لِذَلِكَ (لَيْلًا) إنْ لَمْ يُمْكِنْهَا نَهَارًا وَكَذَا (إلَى دَارِ جَارَةٍ) لَهَا (لِغَزْلٍ وَحَدِيثٍ وَنَحْوِهِمَا) لِلتَّأَنُّسِ لَكِنْ (بِشَرْطِ أَنْ تَرْجِعَ وَتَبِيتَ فِي بَيْتِهَا) لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -:«أَنَّ رِجَالًا اُسْتُشْهِدُوا بِأُحُدٍ فَقَالَتْ نِسَاؤُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْتَوْحِشُ فِي بُيُوتِنَا فَنَبِيتُ عِنْدَ إحْدَانَا فَأَذِنَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ تَأْوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ إلَى بَيْتِهَا»
وَتَنْتَقِلُ مِنْ الْمَسْكَنِ لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ تَأَذَّتْ بِالْجِيرَانِ، أَوْ هَمَّ بِهَا أَذًى شَدِيدًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَلَوْ انْتَقَلَتْ إلَى مَسْكَنٍ بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ ذَلِكَ: كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، إذَا أَمِنَتْ الْخُرُوجَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا مَنْ يُؤْنِسُهَا، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ، فَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَوْ يَعْلَمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ " وَهَذَا فِي زَمَنِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَابِطِ وَقْتِ الرُّجُوعِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ الرُّجُوعُ فِيهِ لِلْعَادَةِ
(وَتَنْتَقِلُ) الْمُعْتَدَّةُ (مِنْ الْمَسْكَنِ) الَّذِي كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ لِعُذْرٍ، وَذَلِكَ (لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ) عَلَى مَالِهَا أَوْ وَلَدِهَا (أَوْ) لِخَوْفٍ (عَلَى نَفْسِهَا) تَلَفًا أَوْ فَاحِشَةً لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ، وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ فِي مَكَان وَحْشٍ مُخِيفٍ فَلِذَلِكَ رَخَّصَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» أَيْ فِي الْخُرُوجِ مِنْهُ (أَوْ تَأَذَّتْ بِالْجِيرَانِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (أَوْ هَمَّ بِهَا أَذًى شَدِيدًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَفَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ، قَوْله تَعَالَى:{إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] بِالْبَذَاءَةِ عَلَى الْأَحْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ كَانَتْ تَبْدُو عَلَى أَحْمَائِهَا فَنَقَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» وَوَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ أَنَّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ وَعُدَّ مِنْ سَبْقِ الْقَلَمِ
تَنْبِيهٌ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الِانْتِقَالَ عِنْدَ هَذِهِ الضَّرُورَاتِ وَهُوَ يُفْهِمُ أَنَّهَا تَسْكُنُ حَيْثُ شَاءَتْ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: الَّذِي أَوْرَدَهُ الْجُمْهُورُ انْتِقَالُهَا إلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَى ذَلِكَ الْمَسْكَنِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ أَنَّ الزَّوْجَ يُحَصِّنُهَا حَيْثُ رَضِيَ لَا حَيْثُ شَاءَتْ، وَتَقْيِيدُهُ الْأَذَى بِالشَّدِيدِ يُفْهِمُ أَنَّهَا لَوْ تَأَذَّتْ بِهِمْ قَلِيلًا لَا اعْتِبَارَ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ، وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءُ وَهُمْ أَقَارِبُ الزَّوْجِ، نَعَمْ إنْ اشْتَدَّ أَذَاهَا بِهِمْ أَوْ عَكْسُهُ وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً نَقَلَهُمْ الزَّوْجُ عَنْهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهَا فَإِنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ مِنْهُ لِاسْتِطَالَةٍ وَلَا غَيْرِهَا بَلْ يَنْتَقِلُونَ عَنْهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بِبَيْتِ أَبَوَيْهَا وَبَذَتْ عَلَيْهِمْ نَقَلُوا دُونَهَا لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِدَارِ أَبَوَيْهَا: كَذَا قَالَاهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى نَقْلُهُمْ دُونَهَا وَهُوَ حَسَنٌ، وَخَرَجَ بِالْجِيرَانِ مَا لَوْ طَلُقَتْ بِبَيْتِ أَبَوَيْهَا وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا فَلَا نَقْلَ؛ لِأَنَّ الْوَحْشَةَ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمْ، وَلَا يَخْتَصُّ الِانْتِقَالُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ لَوْ لَزِمَهَا حَدٌّ أَوْ يَمِينٌ فِي دَعْوَى وَهِيَ بَرْزَةٌ خَرَجَتْ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً حُدَّتْ وَحُلِّفَتْ فِي مَسْكَنِهَا بِأَنْ يَحْضُرَ إلَيْهَا الْحَاكِمُ أَوْ يَبْعَثَ إلَيْهَا نَائِبَهُ، وَلَوْ لَزِمَهَا الْعِدَّةُ بِدَارِ الْحَرْبِ هَاجَرَتْ مِنْهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ إلَّا إنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ فَلَا تُهَاجِرُ حَتَّى تَعْتَدَّ، أَوْ زَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ وَهِيَ بِكْرٌ غُرِّبَتْ، وَلَا يُؤَخَّرُ تَغْرِيبُهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَيُخَالِفُ هَذَا تَأْخِيرَ الْحَدِّ لِشِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ؛ لِأَنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْحَدِّ وَيُعِينَانِ عَلَى الْهَلَاكِ، وَالْعِدَّةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْحَدِّ وَلَا تُعْذَرُ فِي الْخُرُوجِ لِتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَتَعْجِيلِ حَجَّةِ إسْلَامٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَغْرَاضِ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ الزِّيَادَاتِ دُونَ الْمُهِمَّاتِ
(وَلَوْ انْتَقَلَتْ إلَى مَسْكَنٍ) فِي الْبَلَدِ (بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ) فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ
قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ اعْتَدَّتْ فِيهِ عَلَى النَّصِّ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ فَفِي الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ ثُمَّ وَجَبَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ، وَلَوْ أَذِنَ فِي الِانْتِقَالِ إلَى بَلَدٍ فَكَمَسْكَنٍ، أَوْ فِي سَفَرِ حَجٍّ أَوْ تِجَارَةٍ ثُمَّ وَجَبَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَهَا الرُّجُوعُ وَالْمُضِيُّ، فَإِنْ مَضَتْ أَقَامَتْ لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا ثُمَّ يَجِبُ الرُّجُوعُ لِتَعْتَدَّ الْبَقِيَّةَ فِي الْمَسْكَنِ
ــ
[مغني المحتاج]
الْمُهِمَّاتِ (قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى مَسْكَنٍ) فِي الْبَلَدِ (بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ) فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ مَوْتٍ (قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ) أَيْ الْمَسْكَنِ (اعْتَدَّتْ فِيهِ) لَا فِي الْأَوَّلِ (عَلَى النَّصِّ) فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْمُقَامِ فِيهِ مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ تَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْصُلْ وَقْتَ الْفِرَاقِ فِي الثَّانِي، وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ لِتَعَلُّقِهَا بِكُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا إذَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا فِيهِ فَتَعْتَدُّ فِيهِ جَزْمًا
تَنْبِيهٌ الْعِبْرَةُ فِي النُّقْلَةِ بِبَدَنِهَا وَإِنْ لَمْ تَنْقُلْ الْأَمْتِعَةَ وَالْخَدَمَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ عَادَتْ لِنَقْلِ مَتَاعِهَا أَوْ خَدَمِهَا فَطَلَّقَهَا فِيهِ اعْتَدَّتْ فِي الثَّانِي (أَوْ) كَانَ انْتِقَالُهَا مِنْ الْأَوَّلِ (بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ وَلَوْ بَعْدَ وُصُولِهَا إلَى الثَّانِي وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي الْمُقَامِ فِيهِ (فَفِي الْأَوَّلِ) تَعْتَدُّ لِعِصْيَانِهَا بِذَلِكَ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا بَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ بِالْمُقَامِ فِيهِ كَانَ كَالنُّقْلَةِ بِإِذْنِهِ (وَكَذَا) تَعْتَدُّ أَيْضًا فِي الْأَوَّلِ وَ (لَوْ أَذِنَ) لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْهُ (ثُمَّ وَجَبَتْ) عَلَيْهَا الْعِدَّةُ (قَبْلَ الْخُرُوجِ) مِنْهُ وَإِنْ بَعَثَتْ أَمْتِعَتَهَا وَخَدَمَهَا إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْمَنْزِلُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ (وَلَوْ أَذِنَ) لَهَا (فِي الِانْتِقَالِ إلَى بَلَدٍ فَكَمَسْكَنٍ) فِيمَا ذُكِرَ (أَوْ) أَذِنَ لَهَا (فِي سَفَرِ حَجٍّ أَوْ) عُمْرَةٍ وَ (تِجَارَةٍ) أَوْ اسْتِحْلَالِ مَظْلَمَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَرَدِّ آبِقٍ وَالسَّفَرِ لِحَاجَتِهَا (ثُمَّ وَجَبَتْ) عَلَيْهَا الْعِدَّةُ (فِي) أَثْنَاءِ (الطَّرِيقِ فَلَهَا الرُّجُوعُ) إلَى الْأَوَّلِ (وَالْمُضِيُّ) فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّ فِي قَطْعِهَا عَنْ السَّفَرِ مَشَقَّةٌ، لَا سِيَّمَا إذَا بَعُدَتْ عَنْ الْبَلَدِ وَخَافَتْ الِانْقِطَاعَ عَنْ الرُّفْقَةِ، وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ الرُّجُوعُ وَالْعَوْدُ إلَى الْمَنْزِلِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّاهُ، وَهِيَ فِي سَيْرِهَا مُعْتَدَّةٌ، وَخَرَجَ بِالطَّرِيقِ مَا لَوْ وَجَبَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ فَلَا تَخْرُجُ قَطْعًا، وَمَا لَوْ وَجَبَتْ فِيهِ وَلَمْ تُفَارِقْ عُمْرَانَ الْبُلْدَانِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْعَوْدُ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَشْرَعْ فِي السَّفَرِ (فَإِنْ) لَمْ تَرْجِعْ فِيمَا إذَا خُيِّرَتْ وَ (مَضَتْ) لِمَقْصَدِهَا أَوْ بَلَغَتْهُ (أَقَامَتْ) فِيهِ (لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا) مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَمَلًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَإِنْ زَادَتْ إقَامَتُهَا عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ، وَأَفْهَمَ أَنَّ الْحَاجَةَ إذَا انْقَضَتْ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَجُزْ لَهَا اسْتِكْمَالُهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ اسْتِكْمَالَهَا (ثُمَّ يَجِبُ) عَلَيْهَا بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهَا (الرُّجُوعُ) فِي الْحَالِ (لِتَعْتَدَّ الْبَقِيَّةَ) مِنْ الْعِدَّةِ (فِي الْمَسْكَنِ) الَّذِي فَارَقَتْهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَمْضِ اعْتَدَّتْ الْبَقِيَّةَ فِي مَسْكَنِهَا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ لِتَعْتَدَّ الْبَقِيَّةَ فِي الْمَسْكَنِ، يُفْهِمُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَتَوَقَّعْ بُلُوغَ الْمَسْكَنِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بَلْ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا فِي الطَّرِيقِ أَنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الشَّرْحِ
وَلَوْ خَرَجَتْ إلَى غَيْرِ الدَّارِ الْمَأْلُوفَةِ فَطَلَّقَ وَقَالَ مَا أَذِنْت فِي الْخُرُوجِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَتْ: نَقَلْتَنِي فَقَالَ بَلْ أَذِنْت لِحَاجَةٍ صُدِّقَ عَلَى الْمَذْهَبِ
وَمَنْزِلُ بَدَوِيَّةٍ وَبَيْتُهَا مِنْ شَعْرٍ كَمَنْزِلِ حَضَرِيَّةٍ
ــ
[مغني المحتاج]
وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهَا وَعَوْدَهَا مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ جِهَتِهِ، أَمَّا إذَا سَافَرَتْ لِنُزْهَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ سَافَرَ بِهَا الزَّوْجُ لِحَاجَتِهِ فَلَا تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ ثُمَّ تَعُودُ، فَإِنْ قَدَّرَ لَهَا مُدَّةً فِي نُقْلَةٍ أَوْ سَفَرِ حَاجَةٍ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَاعْتِكَافٍ اسْتَوْفَتْهَا وَعَادَتْ لِتَمَامِ الْعِدَّةِ، وَلَوْ انْقَضَتْ فِي الطَّرِيقِ كَمَا مَرَّ وَتَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ فِي الطَّرِيقِ وَعَدَمِ رُفْقَةٍ، وَلَوْ جَهِلَ أَمْرَ سَفَرِهَا بِأَنْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حَاجَةً وَلَا نُزْهَةً وَلَا أَقِيمِي وَلَا ارْجِعِي حُمِلَ عَلَى سَفَرِ النُّقْلَةِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ
فَرْعٌ لَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ قِرَانٍ بِإِذْنِ زَوْجِهَا أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ، فَإِنْ خَافَتْ الْفَوَاتَ كَضِيقِ الْوَقْتِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ مُعْتَدَّةً لِتَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ لَمْ تَخَفْ الْفَوَاتَ لِسَعَةِ الْوَقْتِ جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ إلَى ذَلِكَ لِمَا فِي تَعْيِينِ الصَّبْرِ مِنْ مَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ بِإِذْنٍ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ، سَوَاءٌ أَخَافَتْ الْفَوَاتَ أَمْ لَا لِبُطْلَانِ الْإِذْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ فِي الْأُولَى، وَلِعَدَمِهِ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَتَمَّتْ عُمْرَتَهَا أَوْ حَجَّهَا إنْ بَقِيَ وَقْتُهُ، وَإِلَّا تَحَلَّلَتْ بِأَفْعَالِ عُمْرَةٍ وَلَزِمَهَا الْقَضَاءُ وَدَمُ الْفَوَاتِ
(وَلَوْ خَرَجَتْ إلَى غَيْرِ الدَّارِ الْمَأْلُوفَةِ) لَهَا بِالسُّكْنَى فِيهَا (فَطَلَّقَ وَقَالَ: مَا أَذِنْتُ) لَكِ (فِي الْخُرُوجِ) وَقَالَتْ: بَلْ أَذِنْتَ لِي (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ حَالًا إلَى الْمَأْلُوفَةِ، فَإِنْ وَافَقَهَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْخُرُوجِ لَمْ يَجِبْ الرُّجُوعُ حَالًا وَاخْتِلَافُهَا فِي إذْنِهِ فِي الْخُرُوجِ لِغَيْرِ الْبَلْدَةِ الْمَأْلُوفَةِ كَالدَّارِ (وَلَوْ قَالَتْ) لَهُ:(نَقَلْتَنِي) أَيْ أَذِنْتَ لِي فِي النُّقْلَةِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَيَجِبُ عَلَيَّ الْعِدَّةُ فِيهِ (فَقَالَ) لَهَا: (بَلْ أَذِنْتُ) لَكِ فِي الْخُرُوجِ إلَيْهِ (لِحَاجَةٍ) عَيَّنَهَا فَارْجِعِي فَاعْتَدِّي فِي الْأَوَّلِ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ
تَنْبِيهٌ لَوْ وَقَعَ النِّزَاعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَارِثِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا فِي الْمَنْزِلِ الثَّانِي يَشْهَدُ بِصِدْقِهَا، وَيُرَجَّحُ جَانِبُهَا عَلَى جَانِبِ الْوَرَثَةِ وَلَا يُرَجَّحُ عَلَى جَانِبِ الزَّوْجِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِمَا وَالْوَارِثُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا، وَلِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ (وَمَنْزِلُ بَدَوِيَّةٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ لِسُكَّانِ الْبَادِيَةِ، وَهُوَ مِنْ شَاذِّ النَّسَبِ كَمَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ (وَبَيْتُهَا مِنْ) نَحْوِ (شَعَرٍ) كَصُوفٍ (كَمَنْزِلِ حَضَرِيَّةٍ) فِي لُزُومِ مُلَازَمَتِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَلَوْ ارْتَحَلَ فِي أَثْنَائِهَا كُلُّ الْحَيِّ ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ ارْتَحَلَ بَعْضُ الْحَيِّ نُظِرَ، إنْ كَانَ أَهْلُهَا مِمَّنْ لَمْ يَرْتَحِلْ وَفِي الْمُقِيمِينَ قُوَّةٌ وَعَدَدٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا الِارْتِحَالُ، وَإِنْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَعَدَدٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ تُقِيمَ وَبَيْنَ أَنْ تَرْحَلَ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عُسْرَةٌ مُوحِشَةٌ، وَهَذَا مِمَّا تُخَالِفُ فِيهِ الْبَدَوِيَّةُ الْحَضَرِيَّةَ، فَإِنَّ
وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا تَعَيَّنَ
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا فِي عِدَّةِ ذَاتِ أَشْهُرٍ فَكَمُسْتَأْجَرٍ، وَقِيلَ بَاطِلٌ،
ــ
[مغني المحتاج]
أَهْلَهَا لَوْ ارْتَحَلُوا لَمْ تَرْتَحِلْ مَعَهُمْ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِي الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ الْبَائِنِ، أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ إذَا كَانَ مُطَلِّقُهَا فِي الْمُقِيمِينَ وَاخْتَارَ إقَامَتَهَا يُسْكِنُهَا مَتَى شَاءَ أَوْ لَا؟ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا، وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَلَهَا إذَا ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ أَنْ تُقِيمَ دُونَهُمْ فِي قَرْيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فِي الطَّرِيقِ لِتَعْتَدَّ فَإِنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ السَّيْرِ، وَإِنْ هَرَبَ أَهْلُهَا خَوْفًا مِنْ عَدُوٍّ وَأَمِنَتْ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَهْرُبَ مَعَهُمْ لِأَنَّهُمْ يَعُودُونَ إذَا أَمِنُوا
تَنْبِيهٌ مُقْتَضَى إلْحَاقِ الْبَدَوِيَّةِ بِالْحَضَرِيَّةِ أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْ بَيْتٍ فِي الْحِلَّةِ إلَى آخَرَ مِنْهَا فَخَرَجَتْ مِنْهُ وَلَمْ تَصِلْ إلَى الْآخَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْمُضِيُّ أَوْ الرُّجُوعُ؟ أَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْ تِلْكَ الْحِلَّةِ إلَى حِلَّةٍ أُخْرَى فَوُجِدَ سَبَبُ الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ بَيْنَ الْحِلَّتَيْنِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلٍ وَقَبْلَ مُفَارَقَةِ حِلَّتِهَا، فَهَلْ تَمْضِي أَوْ تَرْجِعُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي الْحَضَرِيَّةِ؟ وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ
وَلَوْ طَلَّقَهَا مَلَّاحُ سَفِينَةٍ أَوْ مَاتَ وَكَانَ مَسْكَنُهَا السَّفِينَةُ اعْتَدَّتْ فِيهَا إنْ انْفَرَدَتْ عَنْ الزَّوْجِ فِي الْأُولَى بِمَسْكَنٍ فِيهَا بِمُرَافَقَةٍ لِاتِّسَاعِهَا مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى بُيُوتٍ مُتَمَيِّزَةِ الْمَرَافِقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْبَيْتِ فِي الْخَانِ وَإِنْ لَمْ تَنْفَرِدْ بِذَلِكَ، فَإِنْ صَحِبَهَا مَحْرَمٌ لَهَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُومَ بِتَسْيِيرِ السَّفِينَةِ خَرَجَ الزَّوْجُ مَعَهَا وَاعْتَدَّتْ هِيَ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا مَوْصُوفًا بِذَلِكَ خَرَجَتْ إلَى أَقْرَبِ الْقُرَى إلَى الشَّطِّ وَاعْتَدَّتْ فِيهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْخُرُوجُ مِنْهُ تَسَتَّرَتْ وَتَنَحَّتْ عَنْهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ) مِلْكًا (لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا) بِأَنْ يَسْكُنَ مِثْلُهَا فِي مِثْلِهِ (تَعَيَّنَ) اسْتِدَامَتُهَا فِيهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إخْرَاجُهَا مِنْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ السَّابِقَةِ
تَنْبِيهٌ لَوْ كَانَ قَدْ رَهَنَ الْمَسْكَنَ بِدَيْنٍ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ حَلَّ الدَّيْنُ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ وَفَاؤُهُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ جَازَ لَهُ بَيْعُهُ وَتُنْقَلُ مِنْهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِإِقَامَتِهَا فِيهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: يَلِيقُ بِهَا ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الْمَسْكَنِ بِحَالِهَا لَا بِحَالِ الزَّوْجِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ يُرَاعَى حَالُ الزَّوْجِيَّةِ حَالُ الزَّوْجِ يُخَالِفُهُ هُنَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا أَعْرِفُ التَّفْرِقَةَ لِغَيْرِهِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا (إلَّا فِي عِدَّةِ ذَاتِ أَشْهُرٍ فَكَمُسْتَأْجَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ كَبَيْعِهِ، وَمَرَّ فِي الْإِجَارَةِ صِحَّةُ بَيْعِهِ فِي الْأَظْهَرِ فَبَيْعُ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ كَذَلِكَ، وَزَادَ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَوْلَهُ (وَقِيلَ) بَيْعُ مَسْكَنِهَا (بَاطِلٌ) أَيْ قَطْعًا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ لَا تَمْلِكُهَا فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمُطَلِّقَ بَاعَهُ وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهُ لِنَفْسِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَذَلِكَ بَاطِلٌ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْمُعْتَدَّةُ هِيَ الْمُشْتَرِيَةَ، فَإِنْ كَانَتْ صَحَّ
أَوْ مُسْتَعَارًا لَزِمَتْهَا فِيهِ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةٍ نُقِلَتْ، وَكَذَا مُسْتَأْجَرٌ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ، أَوْ لَهَا اسْتَمَرَّتْ وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ
فَإِنْ كَانَ مَسْكَنُ النِّكَاحِ نَفِيسًا فَلَهُ النَّقْلُ
ــ
[مغني المحتاج]
الْبَيْعُ لَهَا جَزْمًا، أَمَّا عِدَّةُ الْحَمْلِ وَالْأَقْرَاءِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فِيهَا لِلْجَهْلِ بِالْمُدَّةِ (أَوْ) كَانَ (مُسْتَعَارًا لَزِمَتْهَا) الْعِدَّةُ (فِيهِ) لِأَنَّ السُّكْنَى ثَابِتَةٌ فِي الْمُسْتَعَارِ ثُبُوتَهَا فِي الْمَمْلُوكِ فَشَمِلَتْهَا الْآيَةُ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ نَقْلُهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ (فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ) فِيهِ (وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةٍ) لِمِثْلِ مَسْكَنِهَا وَطَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِيجَارِ (نُقِلَتْ) إلَى أَقْرَبِ مَا يُوجَدُ
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ امْتَنَعَ النَّقْلُ وَلَزِمَ الزَّوْجَ بَذْلُهَا، وَهُوَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا إذَا قَدَرَ عَلَى الْمَسْكَنِ مَجَّانًا لِعَارِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَمِثْلُ رُجُوعِهِ خُرُوجُهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ بِجُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ زَوَالِ اسْتِحْقَاقٍ بِانْقِضَاءِ إجَارَةٍ أَوْ مَوْتٍ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْإِعَارَةِ قَبْلَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدُ وَعُلِمَ بِالْحَالِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ لِمَا فِي الرُّجُوعِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي مُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ كَمَا يَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ اهـ.
بَلْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ (وَكَذَا مُسْتَأْجَرٌ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ) وَلَمْ يَرْضَ مَالِكُهُ بِتَجْدِيدِ أُجْرَةِ مِثْلٍ تُنْقَلُ مِنْهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ فَلَا تَنْتَقِلُ، وَفِي مَعْنَى الْمُسْتَأْجَرِ الْمُوصَى بِسُكْنَاهَا مُدَّةً وَانْقَضَتْ، وَلَوْ رَضِيَ الْمُعِيرُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ بَعْدَ أَنْ نُقِلَتْ نَظَرْتَ، إنْ كَانَ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ مُسْتَعَارًا رُدَّتْ إلَى الْأَوَّلِ لِجَوَازِ رُجُوعِ الْمُعِيرِ، أَوْ مُسْتَأْجَرًا لَمْ تُرَدَّ، فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ فِي دَعْوَاهَا إلَى الْأَوَّلِ إضَاعَةَ مَالٍ أَمَّا إذَا رَضِيَا بِعَوْدِهَا بِعَارِيَّةٍ فَلَا تُرَدُّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَأْمَنُ مِنْ الرُّجُوعِ لِجَوَازِ رُجُوعِ الْمُعِيرِ كَمَا مَرَّ (أَوْ) مِلْكًا (لَهَا اسْتَمَرَّتْ) فِيهِ جَوَازًا (وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ) مِنْ الْمُطَلِّقِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ أَيْ أُجْرَةُ أَقَلِّ مَا يَسَعُهَا مِنْ الْمَسْكَنِ عَلَى النَّصِّ فِي الْأُمِّ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَمِرَّ فِيهِ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ، وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهَا إنْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ فِيهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ جَازَ وَهُوَ أَوْلَى، وَإِنْ طَلَبَتْ الِانْتِقَالَ فَلَهَا ذَلِكَ، إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا بَذْلُ مَسْكَنِهَا لَا بِإِجَارَةٍ وَلَا بِإِعَارَةٍ وَلَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ إلَّا بِطَلَبِهَا، فَإِنْ لَمْ تَطْلُبْهَا وَمَضَتْ مُدَّةٌ فَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِسُقُوطِهَا، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ وَقَدْ وُجِدَ فَلَا تَسْقُطُ بِتَرْكِ الطَّلَبِ، وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ تُمْلَكُ لَوْ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ، وَالْمَسْكَنُ لَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ وَإِنَّمَا تَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ بِهِ فِي وَقْتٍ وَقَدْ مَضَى، وَكَذَا لَا تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً لَوْ سَكَنَتْ فِي مَنْزِلِهَا مَعَ الزَّوْجِ فِي الْعِصْمَةِ عَلَى النَّصِّ إنْ كَانَتْ أَذِنَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ الْعَارِيَ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ مُنَزَّلٌ عَلَى الْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ كَمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ: أَيْ إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةَ التَّصَرُّفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(فَإِنْ كَانَ مَسْكَنُ النِّكَاحِ نَفِيسًا فَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (النَّقْلُ
إلَى لَائِقٍ بِهَا، أَوْ خَسِيسًا، فَلَهَا الِامْتِنَاعُ، وَلَيْسَ لَهُ مُسَاكَنَتِهَا وَلَا مُدَاخَلَتِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ مَحْرَمٌ لَهَا مُمَيِّزٌ ذَكَرٌ أَوْ لَهُ أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى، أَوْ أَمَةٌ، أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ جَازَ
وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَةٌ فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ الْأُخْرَى فَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ
ــ
[مغني المحتاج]
إلَى) أَقْرَبِ مَوْضِعٍ مِنْ مَسْكَنِ النِّكَاحِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (لَائِقٍ بِهَا) لِأَنَّ النَّفِيسَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ سَمَحَ بِهِ لِدَوَامِ الصُّحْبَةِ وَقَدْ زَالَتْ، وَهَلْ مُرَاعَاةُ الْأَقْرَبِ وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ فِيهِ تَرَدُّدٌ؟ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْوُجُوبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَنَقْلِ الزَّكَاةِ إذَا عُدِمَ الْأَصْنَافُ فِي الْبَلَدِ وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْأَقْرَبُ، وَإِنْ رَضِيَ بِبَقَائِهَا فِيهِ لَزِمَهَا (أَوْ) كَانَ (خَسِيسًا) لَا يَلِيقُ بِهَا (فَلَهَا الِامْتِنَاعُ) مِنْ اسْتِمْرَارِهَا فِيهِ وَطَلَبُ النُّقْلَةِ إلَى لَائِقٍ بِهَا إذْ لَيْسَ هُوَ حَقَّهَا، وَإِنَّمَا كَانَتْ سَمَحَتْ بِهِ لِدَوَامِ الصُّحْبَةِ وَقَدْ زَالَتْ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَعْمَى (مُسَاكَنَتُهَا وَلَا مُدَاخَلَتُهَا) فِي الدَّارِ الَّتِي تَعْتَدُّ فِيهَا، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْخَلْوَةِ بِهَا وَهِيَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضْرَارًا بِهَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6] أَيْ فِي الْمَسْكَنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَمْ رَجْعِيًّا (فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ) الْوَاسِعَةِ الَّتِي زَادَتْ عَلَى سُكْنَى مِثْلِهَا (مَحْرَمٌ لَهَا) وَلَوْ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (مُمَيِّزٌ) يَسْتَحْيِي مِنْهُ، وَلَوْ غَيْرَ بَالِغٍ أَوْ مُرَاهِقٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ حَيْثُ قَالَ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا، أَوْ مُرَاهِقًا، أَوْ مُمَيِّزًا يُسْتَحْيَى مِنْهُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْبُلُوغِ وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مِنْ الْمُرَاهَقَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَوْلَى، وَقَوْلُهُ (ذَكَرٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْأُنْثَى كَأُخْتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ ثِقَةً، فَقَدْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَكْفِي حُضُورُ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ الثِّقَةِ، فَالْمَحْرَمُ أَوْلَى (أَوْ) مَحْرَمٌ (لَهُ) مُمَيِّزٌ (أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى، أَوْ أَمَةٌ، أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ جَازَ) مَا ذُكِرَ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِاحْتِمَالِ النَّظَرِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ، وَيُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ أَنْ يَكُونَا ثِقَتَيْنِ، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ لِمَا عِنْدَهَا مِنْ الْغَيْرَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَحْرَمِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، فَلَا يَكْفِي الْأَعْمَى، كَمَا لَا يَكْفِي فِي السَّفَرِ بِالْمَرْأَةِ إذَا كَانَ مَحْرَمًا لَهَا
تَنْبِيهٌ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْلُوَ بِامْرَأَتَيْنِ أَجْنَبِيَّتَيْنِ ثِقَتَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ - مِنْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو بِالنِّسَاءِ إلَّا الْمَحْرَمُ - مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الثِّقَاتِ لِيُوَافِقَ الْمَذْكُورَ هُنَا فَإِنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَيَحْرُمُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خَلْوَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رِجَالٍ بِامْرَأَةٍ وَلَوْ بَعُدَتْ مُوَاطَأَتُهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْيَاءَ الْمَرْأَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ أَكْثَرُ مِنْ اسْتِحْيَاءِ الرَّجُلِ مِنْ الرَّجُلِ (وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَةٌ) وَهِيَ كُلُّ بِنَاءٍ مَحُوطٍ أَوْ نَحْوُهَا كَطَبَقَةٍ (فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (وَ) سَكَنَ (الْآخَرُ) الْحُجْرَةَ (الْأُخْرَى) مِنْ الدَّارِ (فَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ) لِلدَّارِ وَهِيَ مَا يُرْتَفَقُ بِهِ فِيهَا (كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ) وَمَصَبِّ مَاءٍ وَمَرْقَى سَطْحٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ