الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وُجِدَ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعًا فِعْلَانِ مُزْهِقَانِ مُذَفِّفَانِ كَحَزٍّ وَقَدٍّ، أَوْ لَا كَقَطْعِ عُضْوَيْنِ فَقَاتِلَانِ
ــ
[مغني المحتاج]
تَتِمَّةٌ: لَوْ أَمَرَ السُّلْطَانُ شَخْصًا بِقَتْلِ آخَرَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْمَأْمُورُ لَا يَعْلَمُ ظُلْمَ السُّلْطَانِ وَلَا خَطَأَهُ وَجَبَ الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى السُّلْطَانِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَأْمُورِ لِأَنَّهُ آلَتُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي السِّيَاسَةِ، فَلَوْ ضَمِنَاهُ لَمْ يَتَوَلَّ الْجَلْدَ أَحَدٌ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَأْمُرُ إلَّا بِحَقٍّ، وَلِأَنَّ طَاعَتَهُ وَاجِبَةٌ فِيمَا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ، وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يُكَفِّرَ لِمُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ، وَإِنْ عَلِمَ بِظُلْمِهِ أَوْ خَطَئِهِ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى الْمَأْمُورِ إنْ لَمْ يَخَفْ قَهْرَهُ بِالْبَطْشِ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ طَاعَتُهُ حِينَئِذٍ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَى السُّلْطَانِ إلَّا الْإِثْمُ فِيمَا إذَا كَانَ ظَالِمًا، نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ طَاعَتِهِ فِي الْمَعْصِيَةِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ لَا عَلَيْهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى، نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي وَأَقَرَّاهُ، فَإِنْ خَافَ قَهْرَهُ فَكَالْمُكْرَهِ فَالضَّمَانُ بِالْقِصَاصِ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِمَا، وَحُكْمُ سَيِّدِ الْبُغَاةِ حُكْمُ الْإِمَامِ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ نَافِذَةٌ بَلْ إنَّ أَمْرَهُ بِقَتْلِهِ مُتَغَلِّبٌ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْإِثْمُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْتَقِدَهُ حَقًّا أَوْ يَعْرِفَ أَنَّهُ ظُلْمٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبِ الطَّاعَةِ، هَذَا إنْ لَمْ يَخَفْ قَهْرَهُ كَمَا مَرَّ إلَّا فَكَالْمُكْرَهِ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ أَوْ نُزُولِ بِئْرٍ فَفَعَلَ، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ قَهْرَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ خَافَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَهِيَ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ كَمَا مَرَّ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ أَمَرَ شَخْصٌ عَبْدَهُ أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ الْمُمَيِّزَ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَتِهِ فِي كُلِّ أَمْرِهِ بِقَتْلٍ أَوْ إتْلَافٍ ظُلْمًا فَفَعَلَ أَثِمَ الْآمِرْ وَاقْتُصَّ مِنْ الْعَبْدِ الْبَالِغِ وَتَعَلَّقَ ضَمَانُ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ تَمْيِيزٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا دُونَ الْآمِرِ، وَمَا أَتْلَفَهُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِلَا أَمْرٍ خَطَأٌ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَبِرَقَبَتِهِ إنْ كَانَ رَقِيقًا لَا هَدَرٌ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ هَدَرٌ، وَلَوْ أَكْرَهَ شَخْصٌ عَبْدًا مُمَيِّزًا عَلَى قَتْلٍ مَثَلًا فَفَعَلَ تَعَلَّقَ نِصْفُ الدِّيَةِ بِرَقَبَتِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْحُرَّ الْمُكْرِهَ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الدِّيَةِ.
[فَصْل فِي الْجِنَايَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]
[فَصْلٌ] فِي الْجِنَايَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا، إذَا (وُجِدَ مِنْ شَخْصَيْنِ) مَثَلًا حَالَ كَوْنِهِمَا (مَعًا) أَيْ مُجْتَمِعَيْنِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ (فِعْلَانِ) مَثَلًا (مُزْهِقَانِ) لِلرُّوحِ بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَأَمْكَنَ إحَالَةُ الْإِزْهَاقِ عَلَيْهِ وَهُمَا (مُذَفِّفَانِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ بِخَطِّهِ، وَيَجُوزُ إهْمَالُهَا: أَيْ مُسْرِعَانِ لِلْقَتْلِ (كَحَزٍّ) لِلرَّقَبَةِ (وَقَدٍّ) لِلْجُثَّةِ (أَوْ لَا) أَيْ غَيْرُ مُذَفِّفَيْنِ (كَقَطْعِ عُضْوَيْنِ) وَمَاتَ مِنْهُمَا (فَقَاتِلَانِ) يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ، وَكَذَا الدِّيَةُ إذَا وَجَبَتْ لِوُجُودِ السَّبَبِ مِنْهُمَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُذَفِّفًا دُونَ الْآخَرِ كَانَ الْمُذَفِّفُ هُوَ الْقَاتِلُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَعًا عَمَّا إذَا تَرَتَّبَ فِعْلُهُمَا وَسَيَذْكُرُهُ.
تَنْبِيهٌ: اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَعًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى الِاتِّحَادِ فِي الزَّمَانِ وِفَاقًا لِثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا ابْنُ مَالِكٍ فَاخْتَارَ عَدَمَ دَلَالَتِهَا عَلَى الِاتِّحَادِ وَأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى جَمِيعًا وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ
وَإِنْ أَنْهَاهُ رَجُلٌ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ: بِأَنْ لَمْ يَبْقَ إبْصَارٌ، وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارٍ. ثُمَّ جَنَى آخَرُ فَالْأَوَّلُ قَاتِلٌ، وَيُعَزَّرُ الثَّانِي، وَإِنْ جَنَى الثَّانِي قَبْلَ الْإِنْهَاءِ إلَيْهَا فَإِنْ ذَفَّفَ كَحَزٍّ بَعْدَ جُرْحٍ فَالثَّانِي قَاتِلٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قِصَاصُ الْعُضْوِ أَوْ مَالٌ بِحَسَبِ الْحَالِ، وَإِلَّا فَقَاتِلَانِ.
وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضًا فِي النَّزْعِ وَعَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ وَجَبَ الْقِصَاصُ.
ــ
[مغني المحتاج]
فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إنْ وَلَدْتُمَا مَعًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِاتِّحَادُ فِي الزَّمَانِ، وَإِذَا أُفْرِدَتْ عَنْ الْإِضَافَةِ كَمَا فِي الْكِتَابِ أُعْرِبَتْ حَالًا، وَمُذَفِّفَانِ فِي كَلَامِهِ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ وَهُمَا مُذَفِّفَانِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَلَيْسَ صِفَةً لِفِعْلَانِ لِتَنْوِيعِهِمَا إلَى التَّذْفِيفِ وَعَدَمِهِ، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَقَاتِلَانِ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ (وَإِنْ) لَمْ يُوجَدْ الْفِعْلَانِ مَعًا بِالْوَصْفِ السَّابِقِ بَلْ تَرَتَّبَا بِأَنْ (أَنْهَاهُ رَجُلٌ) مَثَلًا (إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) وَهِيَ الْمُفَسَّرَةُ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ لَمْ يَبْقَ) مَعَهَا (إبْصَارٌ، وَ) لَا (نُطْقٌ) اخْتِيَارِيٌّ (وَ) لَا (حَرَكَةُ اخْتِيَارٍ) وَهِيَ الَّتِي يَبْقَى مَعَهَا الْإِدْرَاكُ وَهِيَ الْمُسْتَقِرَّةُ وَيُقْطَعُ بِمَوْتِهِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ، وَهِيَ الَّتِي اُشْتُرِطَ وُجُودُهَا فِي إيجَابِ الْقِصَاصُ دُونَ الْمُسْتَمِرَّةِ وَهِيَ الَّتِي لَوْ تُرِكَ مَعَهَا لَعَاشَ، وَاحْتُرِزَ بِالِاخْتِيَارِ عَمَّا إذَا قُطِعَ الْإِنْسَانُ نِصْفَيْنِ وَبَقِيَتْ أَحْشَاؤُهُ فِي النِّصْفِ الْأَعْلَى، فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَاتٍ لَا تَنْتَظِمُ، وَإِنْ انْتَظَمَتْ فَلَيْسَتْ عَنْ رَوِيَّةٍ وَاخْتِيَارٍ، بَلْ تَجْرِي مَجْرَى الْهَذَيَانِ الَّذِي لَا يَصْدُرُ عَنْ عَقْلٍ صَحِيحٍ وَلَا قَلْبٍ ثَابِتٍ، حَكَى ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا قُطِعَ نِصْفَيْنِ فَتَكَلَّمَ وَاسْتَسْقَى مَاءً فَسُقِيَ، وَقَالَ هَكَذَا يُفْعَلُ بِالْجِيرَانِ، وَإِنْ شَكَّ فِي وُصُولِهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ رَجَعَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَيْ وَعَمِلَ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ، وَحَالَةُ الْمَذْبُوحِ تُسَمَّى حَالَةَ الْيَأْسِ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا إسْلَامٌ وَلَا رِدَّةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، وَيَنْتَقِلُ فِيهَا مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ الْحَاصِلِينَ حِينَئِذٍ، لَا لِمَنْ حَدَثَ، وَلَوْ مَاتَ لَهُ قَرِيبٌ لَمْ يَرِثْهُ (ثُمَّ) إنْ (جَنَى) شَخْصٌ (آخَرُ) عَلَيْهِ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ لِحَرَكَةِ مَذْبُوحٍ (فَالْأَوَّلُ) مِنْهُمَا (قَاتِلٌ) لِأَنَّهُ صَيَّرَهُ إلَى حَالَةِ الْمَوْتِ (وَيُعَزَّرُ الثَّانِي) مِنْهُمَا لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْ مَيِّتٍ (وَإِنْ جَنَى الثَّانِي) مِنْهُمَا (قَبْلَ الْإِنْهَاءِ إلَيْهَا) أَيْ حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ (فَإِنْ ذَفَّفَ) الثَّانِي (كَحَزٍّ) لِلرَّقَبَةِ (بَعْدَ جُرْحٍ) سَابِقٍ مِنْ الْأَوَّلِ (فَالثَّانِي قَاتِلٌ) فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ إنَّمَا يَقْتُلُ بِالسِّرَايَةِ، وَحَزُّ الرَّقَبَةِ يَقْطَعُ أَثَرَهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُتَوَقَّعَ الْبُرْءُ مِنْ الْجِرَاحَةِ السَّابِقَةِ أَوْ يُتَيَقَّنَ الْهَلَاكُ بِهَا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ لِأَنَّ لَهُ فِي الْحَالِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، وَقَدْ عَهِدَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَعُمِلَ بِعَهْدِهِ وَوَصَايَاهُ (وَعَلَى الْأَوَّلِ قِصَاصُ الْعُضْوِ أَوْ مَالٌ بِحَسَبِ الْحَالِ) مِنْ عَمْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُذَفِّفْ الثَّانِي أَيْضًا كَأَنْ قَطَعَ الْأَوَّلُ يَدَهُ مِنْ الْكُوعِ وَالثَّانِي مِنْ الْمِرْفَقِ وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِسِرَايَةِ الْقَطْعَيْنِ (فَقَاتِلَانِ) بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ أَثَّرَ الْقَطْعِ الثَّانِي أَزَالَ أَثَرَ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ.
(وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضًا فِي النَّزْعِ وَعَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ وَجَبَ) بِقَتْلِهِ (الْقِصَاصُ) لِأَنَّهُ قَدْ يَعِيشُ فَإِنَّ مَوْتَهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ انْتَهَى الْمَرِيضُ إلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَبَدَتْ مَخَايِلُهُ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ يُظَنُّ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الْمَقْدُودِ، وَفَرَّقُوا بِأَنَّ