المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في موانع النفقة] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٥

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ]

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الظِّهَارِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَةِ

- ‌كِتَابُ اللِّعَانِ

- ‌[فَصْلٌ قَذْفُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةُ اللِّعَانِ وَشَرْطِهِ وَثَمَرَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ اللِّعَانِ]

- ‌كِتَابُ الْعِدَدِ

- ‌[فَصْلٌ الْعِدَّة بِوَضْعِ الْحَمْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاخُل عِدَّتَيْ الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مُعَاشَرَة الْمُطَلَّقِ الْمُعْتَدَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْحَائِلِ لِوَفَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا]

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي طَرَيَانُ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[فَصْل فِي مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَوَانِعُ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَار بِمُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ الْمَانِعِ لَهَا مِنْ وُجُوبِ تَمْكِينِهَا]

- ‌[فَصْل فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالْمُوجِبُ لَهَا قَرَابَةُ الْبَعْضِيَّةِ فَقَطْ]

- ‌[فَصْل فِي حَقِيقَةِ الْحَضَانَة وَصِفَات الْحَاضِنِ وَالْمَحْضُون]

- ‌[فَصْل فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ وَمَا مَعَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْجِرَاحِ]

- ‌[فَصْل فِي الْجِنَايَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]

- ‌[فَصْل فِي أَرْكَانِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي تغير حَال المجروح مِنْ وَقْت الْجُرْح إلَى الْمَوْت]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي وَفِي إسْقَاطِ الشِّجَاجِ]

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ وَلِيِّ الدَّمِ وَالْجَانِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَفْوِ]

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ مَا دُونَ النَّفْسِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الْحُكُومَةُ]

- ‌[بَاب فِي مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةُ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الَّتِي هِيَ مِنْ مُوجِبَاتِهِ]

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ

- ‌ الْقَسَامَةُ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثْبِتُ مُوجِبَ الْقِصَاصِ وَمُوجِبَ الْمَالِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ]

- ‌كِتَابُ الْبُغَاةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيَانِ انْعِقَادِ طُرُقِ الْإِمَامَةِ]

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ الزِّنَا

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ وَمَا يَمْنَعُهُ وَمَا يَكُونُ حِرْزًا لِشَخْصٍ دُونَ آخِر]

- ‌[فَصْل فِي شُرُوطِ السَّارِقِ وَفِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَا يُقْطَعُ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوطُ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ]

- ‌بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌[فَصْل فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ فِي غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ والتعازير]

- ‌[فَصْل فِي التَّعْزِيرِ]

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌[فَصَلِّ فِي ضَمَانِ مَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ]

الفصل: ‌[فصل في موانع النفقة]

وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَجْنُونَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ عَرْضُ وَلِيٍّ.

وَتَسْقُطُ بِنُشُوزٍ وَلَوْ بِمَنْعِ لَمْسٍ بِلَا عُذْرٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

مِنْ حِينِ إمْكَانِ وُصُولِهِ كَالْمُسْتَلِمِ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهُ.

أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَلَا يَفْرِضُ عَلَيْهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْرِضٍ قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا كَذَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَيَّدُوا بِهِ كَلَامَ الْكِتَابِ.

تَنْبِيهٌ: هَذَا إنْ عُلِمَ مَكَانُ الزَّوْجِ، فَإِنْ جُهِلَ كَتَبَ الْحَاكِمُ إلَى الْحُكَّامِ الَّذِينَ تَرِدُ عَلَيْهِمْ الْقَوَافِلُ مِنْ بَلَدِهِ عَادَةً لِيُنَادِيَ بِاسْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَعْطَاهَا الْقَاضِي نَفَقَتَهَا مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ وَأَخَذَ مِنْهَا كَفِيلًا بِمَا يَصْرِفُ إلَيْهَا لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ أَوْ طَلَاقِهِ، أَمَّا إذَا غَابَ بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ تَسَلُّمِهَا، فَإِنَّ النَّفَقَةَ تُقَرَّرُ عَلَيْهِ وَلَا تَسْقُطُ بِغَيْبَتِهِ.

(وَالْمُعْتَبَرُ فِي) زَوْجَةٍ (مَجْنُونَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ عَرْضُ وَلِيٍّ) لَهُمَا عَلَى أَزْوَاجِهِمَا؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ وَلَا اعْتِبَارَ بِعَرْضِهِمَا، لَكِنْ لَوْ عَرَضَتْ الْمُرَاهِقَةُ نَفْسَهَا عَلَى زَوْجِهَا فَتَسَلَّمَهَا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا، وَفِي عِبَارَةِ الشَّرْحَيْنِ فَتَسَلَّمَهَا وَصَارَ بِهَا إلَى مَنْزِلِهِ، وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَوْ تَسَلَّمَهَا وَلَمْ يَصِرْ بِهَا لَا تَسْتَحِقُّ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلِذَلِكَ أَسْقَطَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَنِعْمَ مَا فَعَلَ، وَتَسَلُّمُ الزَّوْجِ وَالْمُرَاهِقِ زَوْجَتَهُ كَافٍ وَإِنْ كَرِهَ الْوَطْءَ.

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ تَسَلَّمَ الْمُرَاهِقُ الْمَبِيعَ لَمْ يَكْفِ، فَهَلَّا كَانَ هُنَاكَ كَذَلِكَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ أَنْ تَصِيرَ الْيَدُ لِلْمُشْتَرِي، وَهِيَ لِلْوَلِيِّ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلْمُرَاهِقِ، لَا لَهُ.

تَنْبِيهٌ: كَانَ الْأَحْسَنُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْمُعْصِرِ بَدَلَ الْمُرَاهِقَةِ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي اللُّغَةِ: غُلَامٌ مُرَاهِقٌ وَجَارِيَةٌ مُعْصِرٌ، وَلَا يُقَالُ: مُرَاهِقَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الذُّكُورِ.

[فَصَلِّ فِي مَوَانِعُ النَّفَقَةِ]

ثُمَّ شَرَعَ فِي مَوَانِعِ النَّفَقَةِ، فَقَالَ (وَتَسْقُطُ) نَفَقَةُ كُلِّ يَوْمٍ (بِنُشُوزٍ) أَيْ خُرُوجٍ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ بَعْدَ التَّمْكِينِ وَالْعَرْضِ عَلَى الْجَدِيدِ وَقَبْلَهُ عَلَى الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالتَّسْلِيمِ فَتَسْقُطُ بِالْمَنْعِ، وَالْمُرَادُ بِالسُّقُوطِ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَإِلَّا فَالسُّقُوطُ حَقِيقَةً إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ.

تَنْبِيهٌ: نُشُوزُ غَيْرِ الْمُكَلَّفَةِ كَالْمُكَلَّفَةِ لِاسْتِوَاءِ الْفِعْلَيْنِ فِي التَّفْوِيتِ عَلَى الزَّوْجِ، وَسَوَاءٌ أَقَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى رَدِّهَا إلَى الطَّاعَةِ قَهْرًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهَا حَقَّ الْحَبْسِ فِي مُقَابَلَةِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ، فَإِذَا نَشَزَتْ عَلَيْهِ سَقَطَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ، وَلَوْ نَشَزَتْ نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ بَعْضَ أَحَدِهِمَا سَقَطَتْ نَفَقَةُ جَمِيعِ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُسَلَّمُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَلَا تُفَرَّقُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، وَقِيلَ: تَسْتَحِقُّ نَفَقَةَ مَا قَبْلَ النُّشُوزِ مِنْ زَمَنِ الطَّاعَةِ بِالْقِسْطِ، وَقَطَعَ بِهِ السَّرَخْسِيُّ (وَ) تَسْقُطُ وَ (لَوْ) كَانَ نُشُوزُهَا (بِمَنْعِ لَمْسٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ (بِلَا عُذْرٍ) بِهَا إلْحَاقًا لِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ بِالْوَطْءِ، فَإِنْ كَانَ عُذْرٌ كَمَنْعِ لَمْسِ مَنْ بِفَرْجِهَا قُرُوحٌ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهَا وَاقَعَهَا لَمْ يَكُنْ مَنْعُهَا نُشُوزًا.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ مَكَّنَتْ مِنْ الْوَطْءِ وَمَنَعَتْ بَقِيَّةَ الِاسْتِمْتَاعَاتِ أَنَّهُ نُشُوزٌ، وَهُوَ

ص: 168

وَعَبَالَةُ زَوْجٍ، أَوْ مَرَضٌ يَضُرُّ مَعَهُ الْوَطْءُ عُذْرٌ، وَالْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِهِ بِلَا إذْنٍ نُشُوزٌ إلَّا أَنْ يُشْرِفَ عَلَى انْهِدَامٍ.

وَسَفَرُهَا بِإِذْنِهِ مَعَهُ أَوْ لِحَاجَتِهِ لَا يُسْقِطُ وَلِحَاجَتِهَا يَسْقُطُ فِي الْأَظْهَرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَصَحُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ، وَنَبَّهَ بِاللَّمْسِ عَلَى أَنَّ مَا فَوْقَهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، لَكِنْ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ مَنَعَتْهُ النَّظَرَ بِتَغْطِيَةِ وَجْهِهَا أَوْ تَوْلِيَتِهِ يَكُونُ نُشُوزًا، وَالْأَصَحُّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ نُشُوزٌ (وَعَبَالَةُ زَوْجٍ) وَهِيَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ كِبَرُ آلَتِهِ بِحَيْثُ لَا تَحْتَمِلُهَا الزَّوْجَةُ (أَوْ مَرَضٌ) بِهَا (يَضُرُّ) هَا (مَعَهُ الْوَطْءُ عُذْرٌ) فِي مَنْعِهَا مِنْ وَطْئِهِ فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ مَعَ مَنْعِ الْوَطْءِ لِعُذْرِهَا إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ الْمُمْكِنِ، وَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَتَثْبُتُ عَبَالَتُهُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ يَسْقُطُ بِهَا حَقُّ الزَّوْجِ وَلَهُنَّ نَظَرُ ذَكَرِهِ فِي حَالِ الْجِمَاعِ لِلشَّهَادَةِ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الزِّفَافِ لِعَبَالَتِهِ، وَلَهَا ذَلِكَ بِالْمَرَضِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَقَّعُ الزَّوَالِ. فُرُوعٌ: لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْجِمَاعَ عَادَةً كَمَرَضٍ وَرَتَقٍ وَقَرْنٍ وَضَنًى، وَهُوَ بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ: مَرَضٌ مُدْنِفٌ، وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ، وَإِنْ قَارَنَتْ تَسْلِيمَ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا أَعْذَارٌ بَعْضُهَا يَطْرَأُ وَيَزُولُ وَبَعْضُهَا دَائِمٌ وَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِيهَا وَقَدْ حَصَلَ التَّسْلِيمُ الْمُمْكِنُ، وَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ غَضِبَتْ بِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَةِ الزَّوْجِ وَفَوَاتُ التَّمَتُّعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِحَبْسِهَا وَلَوْ ظُلْمًا كَمَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَاعْتَدَّتْ، وَلَوْ حَبَسَهَا الزَّوْجُ بِدَيْنِهِ هَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا أَوْ لَا؟ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِهِ؟ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَنَّهَا إنْ مَنَعَتْهُ مِنْهُ عِنَادًا سَقَطَتْ، أَوْ لِإِعْسَارٍ فَلَا، وَلَا أَثَرَ لِزِنَاهَا، وَإِنْ حَبِلَتْ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا (وَالْخُرُوجُ) لِلزَّوْجَةِ (مِنْ بَيْتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ حَاضِرًا كَانَ أَوْ لَا (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (نُشُوزٌ) مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ لِعِبَادَةٍ كَحَجٍّ أَمْ لَا؟ يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا لِمُخَالَفَتِهَا الْوَاجِبَ عَلَيْهَا (إلَّا أَنْ يُشْرِفَ) الْبَيْتُ (عَلَى انْهِدَامٍ) فَلَيْسَ بِنُشُوزٍ لِعُذْرِهَا.

تَنْبِيهٌ: قَدْ يُفْهَمُ الِاسْتِثْنَاءُ حَصَرَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهَا تُعْذَرُ فِي صُوَرٍ غَيْرِ ذَلِكَ، مِنْهَا مَا إذَا أُكْرِهَتْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ ظُلْمًا، وَمِنْهَا مَا إذَا خَرِبَتْ الْمَحَلَّةُ وَبَقِيَ الْبَيْتُ مُنْفَرِدًا وَخَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ الْمَنْزِلُ لِغَيْرِ الزَّوْجِ فَأَخْرَجَهَا مِنْهُ صَاحِبُهُ، وَمِنْهَا مَا لَوْ خَرَجَتْ إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ حَقِّهَا مِنْهُ، وَمِنْهَا مَا إذَا أَعَسَرَ بِالنَّفَقَةِ سَوَاءٌ أَرَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ أَمْ لَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ خَرَجَتْ إلَى الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَوَائِجِهَا الَّتِي يَقْتَضِي الْعُرْفُ خُرُوجَ مِثْلِهَا لَهُ لِتَعُودَ عَنْ قُرْبٍ لِلْعُرْفِ فِي رِضَا مِثْلِهِ بِذَلِكَ، وَمِنْهَا مَا لَوْ خَرَجَتْ لِاسْتِفْتَاءٍ لَمْ يُغْنِهَا الزَّوْجُ عَنْ خُرُوجِهَا لَهُ، وَمِنْهَا مَا لَوْ خَرَجَتْ لِبَيْتِ أَبِيهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ عِيَادَةٍ كَمَا سَيَأْتِي، فَلَوْ قَالَ: إلَّا لِعُذْرٍ لَشَمِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ.

(وَسَفَرُهَا بِإِذْنِهِ مَعَهُ) وَلَوْ لِحَاجَتِهَا (أَوْ) وَحْدَهَا بِإِذْنِهِ (لِحَاجَتِهِ لَا يُسْقِطُ) نَفَقَتَهَا لِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ فِي الْأُولَى، وَفِي غَرَضِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ الْمُسْقِطُ لِحَقِّهِ.

ص: 169

وَلَوْ نَشَزَتْ فَغَابَ فَأَطَاعَتْ لَمْ تَجِبْ فِي الْأَصَحِّ وَطَرِيقُهَا أَنْ يَكْتُبَ الْحَاكِمُ كَمَا سَبَقَ.

وَلَوْ خَرَجَتْ فِي غَيْبَتِهِ لِزِيَارَةٍ وَنَحْوِهَا لَمْ تَسْقُطْ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى مَا لَوْ خَرَجَتْ وَحْدَهَا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا فَمُقْتَضَى الْمُرَجَّحِ فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ عَدَمُ السُّقُوطِ هُنَا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ مَا كَتَبْتُهُ أَوَّلًا، ثُمَّ ظَهَرَ لِي مِنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ مَا يَقْتَضِي السُّقُوطَ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا سَافَرَتْ الْحُرَّةُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا قَسَمَ لَهَا وَلَا نَفَقَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي أَشْخَصَهَا فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ نَفَقَتُهَا وَلَا قَسَمُهَا. قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّ أَخْذَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ نَظِيرِهَا الْمُشَارِكِ لَهَا فِي الْمُدْرَكِ أَوْلَى مِنْ التَّمَسُّكِ بِظَاهِرِ لَفْظِ النَّصِّ فِي قَوْلِهِ: هُوَ الَّذِي أَشْخَصَهَا لِإِمْكَانِ تَأْوِيلِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: يَنْبَغِي سُقُوطُهَا أَخْذًا مِمَّا رَجَّحُوهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ فِيمَا إذَا ارْتَدَّا مَعًا قَبْلَ الْوَطْءِ. قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهِ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعُ فَقُدِّمَ الْمَانِعُ اهـ.

وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ كَمَا قَالَ بَلْ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ لَا يُنَافِي عَدَمَ سُقُوطِ نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِهَا خَالِيًا مِنْ الْمَانِعِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَالْأَصْلُ هُنَا بَعْدَ التَّمْكِينِ عَدَمُ سُقُوطِ النَّفَقَةِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُقْتَضِي لِسُقُوطِهَا خَالِيًا مِنْ الْمَانِعِ وَلَمْ يُوجَدْ، إذْ الْمُقْتَضِي لِسُقُوطِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ خُرُوجِهَا لِغَرَضِهَا وَحْدَهُ، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ السُّقُوطِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُسْتَثْنَى مِنْهَا مَا نَقَلَاهُ فِي الصَّدَاقِ عَنْ مُجَرَّدِ الْحَنَّاطِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ بِبَغْدَادَ امْرَأَةً بِالْكُوفَةِ، وَقُلْنَا: اعْتِبَارُ التَّسْلِيمِ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ فَتُسَلِّمُ نَفْسَهَا بِبَغْدَادَ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا قَبْلَ أَنْ تَصِلَ بَغْدَادَ مَعَ أَنَّ السَّفَرَ لِبَغْدَادَ لِحَاجَتِهِمَا. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: مَا إذَا سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِإِذْنِهِ لِحَاجَةِ ثَالِثٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَظْهَرُ أَنَّهَا كَحَاجَةِ نَفْسِهَا، وَهُوَ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُ بِسُؤَالِ الزَّوْجِ لَهَا فِيهِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِخُرُوجِهَا لِحَاجَتِهِ بِإِذْنِهِ.

(وَلَوْ نَشَزَتْ) فِي حُضُورِ الزَّوْجِ بِأَنْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَغَابَ) عَنْهَا (فَأَطَاعَتْ) بَعْدَ غَيْبَتِهِ بِرُجُوعِهَا إلَى بَيْتِهِ (لَمْ تَجِبْ) نَفَقَتُهَا زَمَنَ الطَّاعَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ التَّسْلِيمِ، وَالتَّسَلُّمِ إذْ لَا يَحْصُلَانِ مَعَ الْغَيْبَةِ، وَالثَّانِي يَجِبُ لِعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (طَرِيقُهَا) فِي عَوْدِ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ لَهَا بَعْدَ طَاعَتِهَا فِي غَيْبَةِ زَوْجِهَا (أَنْ يَكْتُبَ الْحَاكِمُ) بَعْدَ رَفْعِهَا الْأَمْرَ إلَيْهِ (كَمَا سَبَقَ) فِي ابْتِدَاءِ التَّسْلِيمِ فَيَكْتُبُ لِحَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُعْلِمَهُ بِالْحَالِ، فَإِنْ عَادَ أَوْ وَكِيلُهُ وَاسْتَأْنَفَ تَسَلُّمَهَا عَادَتْ النَّفَقَةُ، وَإِنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِ الْعَوْدِ وَلَمْ يَعُدْ وَلَا بَعَثَ وَكِيلَهُ عَادَتْ النَّفَقَةُ أَيْضًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا كَانَ نُشُوزُهَا بِغَيْرِ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا كَأَنْ ارْتَدَّتْ أَوْ خَالَفَتْهُ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ مِنْ الْمَنْزِلِ عَادَتْ النَّفَقَةُ بِعَوْدِهَا إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ الطَّاعَةِ فِي غَيْبَتِهِ، وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الْمَتْنِ خِلَافَهُ.

(وَلَوْ خَرَجَتْ فِي غَيْبَتِهِ) لَا عَلَى وَجْهِ النُّشُوزِ بَلْ (لِزِيَارَةٍ) لِأَقَارِبِهَا أَوْ جِيرَانِهَا (وَنَحْوِهَا) كَعِيَادَتِهِمْ وَتَعْزِيَتِهِمْ (لَمْ تَسْقُطْ) نَفَقَتُهَا إذْ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ نُشُوزًا عُرْفًا.

ص: 170

وَالْأَظْهَرُ أَنْ لَا نَفَقَةَ لِصَغِيرَةٍ وَأَنَّهَا تَجِبُ لِكَبِيرَةٍ عَلَى صَغِيرٍ.

وَإِحْرَامُهَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِلَا إذْنٍ نُشُوزٌ إنْ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا، فَإِنْ مَلَكَ فَلَا حَتَّى تَخْرُجَ فَمُسَافِرَةٌ لِحَاجَتِهَا، أَوْ بِإِذْنٍ فَفِي الْأَصَحِّ لَهَا نَفَقَةٌ مَا لَمْ تَخْرُجْ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ تَقْيِيدُ الزِّيَارَةِ بِبَيْتِ أَبِيهَا، وَنَقَلَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيِّ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْقَيْدَ لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْأَبِ مِنْ الْمَحَارِمِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَشْمَلُ الْأَجَانِبَ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ خُرُوجُهَا إلَى بَيْتِ أَبِيهَا أَوْ أَقَارِبِهَا أَوْ جِيرَانِهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ عِيَادَةٍ أَوْ تَعْزِيَةٍ، وَلِهَذَا تَبِعْته فِي حَلِّ الْمَتْنِ، وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْحَمَوِيِّ شَارِحِ التَّعْجِيزِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ لِمَوْتِ أَبِيهَا وَلَا شُهُودِ جِنَازَتِهِ وَأَقَرَّهُ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَالْأَظْهَرُ أَنْ لَا نَفَقَةَ) وَلَا تَوَابِعَهَا (لِصَغِيرَةٍ) لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لِتَعَذُّرِهِ لِمَعْنًى فِيهَا، وَالثَّانِي تَجِبُ كَالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ وَالْمَرِيضَةِ كَمَا مَرَّ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمَرَضَ يَطْرَأُ وَيَزُولُ وَالرَّتَقَ وَالْقَرَنَ مَانِعٌ دَائِمٌ قَدْ رَضِيَ بِهِ وَيَشُقُّ مَعَهُ تَرْكُ النَّفَقَةِ مَعَ أَنَّ التَّمَتُّعَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ لَا يَفُوتُ كَمَا مَرَّ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهَا تَجِبُ لِكَبِيرَةٍ) وَالْمُرَادُ بِهَا مَنْ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، لَا الْبَالِغَةُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ (عَلَى) زَوْجٍ (صَغِيرٍ) لَا يُمْكِنُ مِنْهُ جِمَاعٌ إذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا أَوْ عَرَضَتْهَا عَلَى وَلِيِّهِ، إذْ لَا مَانِعَ مِنْ جِهَتِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا إلَى كَبِيرٍ فَهَرَبَ.

(وَإِحْرَامُهَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) أَوْ مُطْلَقًا (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الزَّوْجِ (نُشُوزٌ) مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ (إنْ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا) مِمَّا أَحْرَمَتْ بِهِ وَهُوَ فِي إحْرَامِهَا بِفَرْضٍ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ مَرَّ فِي بَابِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهَا مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا بِذَلِكَ، فَتَكُونُ نَاشِزَةً مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوْجُ مُحْرِمًا أَمْ حَلَالًا (فَإِنْ مَلَكَ) تَحْلِيلَهَا بِأَنْ كَانَ مَا أَحْرَمَتْ بِهِ تَطَوُّعًا أَوْ فَرْضًا عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ (فَلَا) يَكُونُ إحْرَامُهَا حِينَئِذٍ نُشُوزًا فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ؛ لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى التَّحْلِيلِ وَالِاسْتِمْتَاعِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ: بِحَجٍّ. أَوْ عُمْرَةٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ؛ لِيَشْمَلَ مَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ نُشُوزًا، وَالْمَذْكُورُ فِي بَابِهِ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِئْذَانِ، فَالْمُرَادُ هُنَا بَيَانُ مَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَمَا لَا يُسْقِطُهَا، لَا بَيَانُ الْإِبَاحَةِ وَالتَّحْرِيمِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ أَفْسَدَ حَجَّهَا الْمَأْذُونَ فِيهِ بِجِمَاعٍ فَإِنَّهَا تَقْضِيهِ عَلَى الْفَوْرِ وَلَهَا الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَعَلَيْهِ الْخُرُوجُ مَعَهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا، وَحَيْثُ قِيلَ بِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا فَتَسْتَمِرُّ (حَتَّى تَخْرُجَ) مِنْ بَيْتِهَا فَإِذَا خَرَجَتْ (فَمُسَافِرَةٌ لِحَاجَتِهَا) فَإِنْ سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِإِذْنِهِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا فِي الْأَظْهَرِ، أَوْ مَعَهُ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَنَاشِزَةٌ كَمَا مَرَّ (أَوْ) أَحْرَمَتْ بِمَا ذُكِرَ (بِإِذْنٍ) مِنْ زَوْجِهَا (فَفِي الْأَصَحِّ لَهَا نَفَقَةٌ مَا لَمْ تَخْرُجْ) لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ، وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ لِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَدَفَعَ بِأَنَّ فَوَاتَهُ تَوَلَّدَ مِنْ إذْنِهِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَخْرُجْ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ خَرَجَتْ

ص: 171

وَيَمْنَعُهَا صَوْمُ نَفْلٍ فَإِنْ أَبَتْ فَنَاشِزَةٌ فِي الْأَظْهَرِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَضَاءَهُ لَا يَتَضَيَّقُ كَنَفْلٍ فَيَمْنَعُهَا، وَأَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْ تَعْجِيلِ مَكْتُوبَةٍ أَوَّلَ وَقْتٍ، وَسُنَنٍ رَاتِبَةٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَحْدَهَا، فَإِنْ خَرَجَ مَعَهَا لَمْ تَسْقُطْ كَمَا مَرَّ.

(وَيَمْنَعُهَا) أَيْ يَجُوزُ لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ (صَوْمِ نَفْلٍ) مُطْلَقٍ، سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ جِمَاعُهَا أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ لِعُذْرٍ حِسِّيٍّ كَجَبِّهِ أَوْ رَتَقِهَا، أَوْ شَرْعِيٍّ اكْتَسَبَهُ بِوَاجِبٍ كَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا كَمُتَحَيِّرَةٍ وَمَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا وَلَهُ قَطْعُهُ أَيْضًا إذَا شَرَعَتْ فِيهِ (فَإِنْ أَبَتْ) أَيْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْفِطْرِ بَعْدَ أَمْرِهِ لَهَا بِهِ (فَنَاشِزَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ: الْأَصَحُّ لِامْتِنَاعِهَا مِنْ التَّمْكِينِ وَإِعْرَاضِهَا عَنْهُ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَصَوْمُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَرَامٌ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَحَكَى فِي الْمَجْمُوعِ هُنَاكَ وَجْهَيْنِ: أَصَحُّهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. قَالَ: فَلَوْ صَامَتْ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ فِي نَظَائِرِهِ الْجَزْمُ بِعَدَمِ الثَّوَابِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا كَمَا سَبَقَ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَكَذَا هُنَا، وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَكُونُ نَاشِزَةً؛ لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ وَلَهُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ مَتَى شَاءَ، أَمَّا النَّفَلُ الرَّاتِبُ كَعَرَفَةَ، وَعَاشُورَاءَ، فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِالِامْتِنَاعِ مِنْ فِطْرِهِ فَهُوَ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ نَكَحَهَا صَائِمَةً تَطَوُّعًا لَمْ يُجْبِرْهَا عَلَى الْفِطْرِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْمَرْوَزِيِّ، وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا وَجْهَانِ، أَوْجُهُهُمَا السُّقُوطُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ أَفْضَلُ عِنْدَ طَلَبِ التَّمَتُّعِ، وَحَيْثُ سَقَطَتْ بِالصَّوْمِ هَلْ سَقَطَ الْكُلُّ أَوْ النِّصْفُ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَضَاءَهُ) مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ (لَا يَتَضَيَّقُ) بِأَنْ لَمْ يَجِبْ فَوْرًا كَفِطْرِهَا بِعُذْرٍ فِي رَمَضَانَ وَالْوَقْتُ مُتَّسِعٌ أَوْ نَامَتْ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا حُكْمُهُ (كَنَفْلٍ فَيَمْنَعُهَا) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ وَمِنْ إتْمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَحَقُّهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ كَالنَّفْلِ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ، وَبِالْأَوَّلِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ، أَمَّا مَا يَتَضَيَّقُ كَالْفِطْرِ تَعَدِّيًا أَوْ بِعُذْرٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إلَّا قَدْرُهُ أَوْ أَخَّرَتْ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا بِلَا عُذْرٍ فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ وَالنَّفَقَةُ فِيهِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ بِتَرْجِيحِ السُّقُوطِ، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ نَذَرَتْهُ بَعْدَ النِّكَاحِ بِلَا إذْنٍ وَمِنْ صَوْمِ كَفَّارَةٍ إنْ لَمْ تَعْصِ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَمِنْ مَنْذُورِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ مُطْلَقٍ، سَوَاءٌ أَنْذَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ مُوسَعٌ (وَ) الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ (أَنَّهُ لَا مَنْعَ) لَهُ (مِنْ تَعْجِيلِ مَكْتُوبَةٍ أَوَّلَ وَقْتٍ) لِحِيَازَةِ فَضِيلَتِهِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ مِنْ التَّعْجِيلِ إذَا لَمْ يَنْدُبْ كَالْإِبْرَادِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالثَّانِي: لَهُ الْمَنْعُ لِاتِّسَاعِ الْوَقْتِ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِقِصَرِ مُدَّةِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ كَانَا مُسَافِرَيْنِ لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ تَعْجِيلِ صَوْمِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْفَزَارِيّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْفِطْرُ أَفْضَلَ (وَ) لَا مَنْعَ مِنْ (سُنَنٍ رَاتِبَةٍ) لِتَأَكُّدِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْنَعُهَا مِنْ تَعْجِيلِهَا مَعَ الْمَكْتُوبَةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَكَذَا مِنْ تَطْوِيلِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ:

ص: 172

وَتَجِبُ لِرَجْعِيَّةٍ الْمُؤَنُ إلَّا مُؤْنَةَ تَنَظُّفٍ.

فَلَوْ ظُنَّتْ حَامِلًا فَأَنْفَقَ فَبَانَتْ حَائِلًا اسْتَرْجَعَ مَا دَفَعَ بَعْدَ

ــ

[مغني المحتاج]

وَمِنْ التَّطْوِيلِ الزَّائِدِ فِي الْفَرَائِضِ، بَلْ تَأْتِي بِالْأَكْمَلِ مِنْ السُّنَنِ وَالْآدَابِ.

تَنْبِيهٌ: تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِالِاعْتِكَافِ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ زَوْجِهَا وَهُوَ مَعَهَا أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ، لَكِنْ إنْ اعْتَكَفَتْ بِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ سَابِقٍ لِلنِّكَاحِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَأَوْرَدَ عَلَى تَخْصِيصِ الْمُصَنِّفِ السُّنَنَ بِالرَّوَاتِبِ الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ فِعْلِهِمَا فِي الْمَنْزِلِ، وَلَكِنْ يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِذَلِكَ،.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّاتِبَةِ مَا لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، سَوَاءٌ تَوَابِعُ الْفَرَائِضِ وَغَيْرُهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ هَذَا اصْطِلَاحُ الْقُدَمَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَيَدْخُلُ الْعِيدُ وَالتَّرَاوِيحُ وَالضُّحَى، وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ فِي بَابِ صَلَاةِ النَّفْلِ.

فَرْعٌ: لَوْ نَكَحَ مُسْتَأْجَرَةَ الْعَيْنِ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ إنْ جَهِلَ الْحَالَ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ عَلَيْهِ نَهَارًا مَعَ عُذْرِهِ وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِتَمْكِينِهِ مِنْهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَوَعْدٌ لَا يَلْزَمُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ ثُبُوتَهُ غَرِيبٌ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ وُجُوبِ نَفَقَتِهَا بِنَذْرِهَا الصَّوْمَ أَوْ الِاعْتِكَافَ الْمُعَيَّنَ قَبْلَ النِّكَاحِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ هُنَا يَدًا حَائِلَةً بِخِلَافِ مَسْأَلَتَيْ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ.

(وَتَجِبُ لِرَجْعِيَّةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ حَائِلٍ أَوْ حَامِلٍ (الْمُؤَنُ) مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا لِبَقَاءِ حَبْسِ الزَّوْجِ لَهَا وَسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا وَقُدْرَتِهِ عَلَى التَّمَتُّعِ بِهَا بِالرَّجْعَةِ، وَلَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ لَهَا إلَّا بِمَا يَسْقُطُ بِهِ مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ، وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُهُ لَهَا حَتَّى تُقِرَّ هِيَ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ فِي اسْتِمْرَارِ النَّفَقَةِ كَمَا تُصَدَّقُ فِي بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ (إلَّا مُؤْنَةَ تَنَظُّفٍ) فَلَا تَجِبُ لَهَا لِامْتِنَاعِ الزَّوْجِ عَنْهَا إلَّا إنْ تَأَذَّتْ بِالْهَوَامِّ لِلْوَسَخِ فَيَجِبُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا تُرَفَّهُ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْخَادِمِ.

تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ نَفَقَةِ الرَّجْعِيَّةِ مَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ: طَلَّقْتُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلِيَ الرَّجْعَةُ، وَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهَا، وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِزَعْمِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ رَاجَعَهَا لِإِنْكَارِهَا اسْتِحْقَاقَهَا، وَمِثْلُ هَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَحَلَفَ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْقَسَمِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ، قَالَ: لَكِنْ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ الْوُجُوبُ اهـ.

وَهَذَا أَوْجَهُ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لِأَجْلِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِيمَا إذَا ادَّعَتْ الرَّضَاعَ وَأَنْكَرَ، وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: طَلَّقْتُك قَبْلَ الْوَضْعِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُك فَلَا نَفَقَةَ لَك الْآنَ، فَقَالَتْ: بَلْ طَلَّقْتَنِي بَعْدَهُ فَلِي النَّفَقَةُ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِيهِ وَوَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ وَسَقَطَتْ الرَّجْعَةُ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ بِزَعْمِهِ.

(فَلَوْ ظُنَّتْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مُطَلَّقَتُهُ الرَّجْعِيَّةُ (حَامِلًا) بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ (فَأَنْفَقَ) زَوْجُهَا عَلَيْهِ (فَبَانَتْ) بَعْدَ إنْفَاقِهِ (حَائِلًا) وَأَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (اسْتَرْجَعَ مَا دَفَعَ) إلَيْهَا مِنْ النَّفَقَةِ (بَعْدَ)

ص: 173

عِدَّتِهَا.

وَالْحَائِلُ الْبَائِنُ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ، وَيَجِبَانِ لِحَامِلٍ لَهَا، وَفِي قَوْلٍ لِلْحَمْلِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

انْقِضَاءِ (عِدَّتِهَا) ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي مُدَّتِهَا بِيَمِينِهَا إنْ كَذَّبَهَا، وَبِدُونِهِ إنْ صَدَّقَهَا، فَإِنْ جَهِلَتْ وَقْتَ انْقِضَائِهَا قَدَّرَتْ بِعَادَتِهَا حَيْضًا وَطُهْرًا إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ اُعْتُبِرَ بِأَقَلِّهَا فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِمَا زَادَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقِّنُ وَهِيَ لَا تَدَّعِي زِيَادَةً عَلَيْهِ، فَإِنْ نَسِيَتْهَا اُعْتُبِرَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَيَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ أَخْذًا بِغَالِبِ الْعَادَاتِ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِهِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ انْتَفَى عَنْهُ الْوَلَدُ الَّذِي أَتَتْ بِهِ لِعَدَمِ إمْكَانِ لُحُوقِهِ اسْتَرَدَّ الزَّوْجُ مِنْهَا مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ وَلَكِنَّهَا تُسْأَلُ عَنْ الْوَلَدِ فَقَدْ تَدَّعِي وَطْءَ شُبْهَةٍ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ وَالْحَمْلُ يَقْطَعُهَا كَالنَّفَقَةِ فَتُتِمُّ الْعِدَّةَ بَعْدَ وَضْعِهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا تَتْمِيمَهَا.

(وَ) الْمُعْتَدَّةُ (الْحَائِلُ الْبَائِنُ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ) فِي الْحُرِّ وَاثْنَتَيْنِ فِي الْعَبْدِ (لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ) قَطْعًا لِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ فَأَشْبَهَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا (وَيَجِبَانِ) أَيْ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ (لِحَامِلٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6] وَلِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِمِائَةٍ فَهُوَ مُسْتَمْتِعٌ بِرَحِمِهَا فَسَارَ كَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، إذْ النَّسْلُ مَقْصُودٌ بِالنِّكَاحِ كَمَا أَنَّ الْوَطْءَ مَقْصُودٌ بِهِ.

تَنْبِيهٌ: اقْتِصَارُهُ عَلَى النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَيْرُهُمَا، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يَجِبُ لَهَا الْأُدْمُ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَالسُّكْنَى كَمَا مَرَّ آخِرَ الْعَدَدِ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ أَيْضًا وُجُوبَ الْخَادِمِ لِمَخْدُومَةٍ، وَاحْتُرِزَ بِالْبَيْنُونَةِ بِالْخُلْعِ أَوْ الثَّلَاثِ عَنْ الْبَائِنِ بِالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ كَالْعَيْبِ وَالْغُرُورِ فَلَا نَفَقَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِهِ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ إنْ لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَالرِّدَّةِ وَالرَّضَاعِ وَاللِّعَانِ إنْ لَمْ يَنْفِ الْوَلَدَ فَيَجِبُ؛ لِأَنَّهُ قُطِعَ لِلنِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الدَّمِيرِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ أَنْ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْحَائِلِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَامِلِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَالْوَاجِبُ فِيمَا ذُكِرَ (لَهَا) بِسَبَبِ الْحَمْلِ عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّهَا تَجِبُ مُقَدَّرَةً، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَلَوْ كَانَتْ لِلْحَمْلِ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ (وَفِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ يَجِبُ مَا ذُكِرَ (لِلْحَمْلِ) فَقَطْ لِوُجُوبِ مَا ذُكِرَ بِوُجُودِ الْحَمْلِ وَعَدَمِهِ بِعَدَمِ الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا صُرِفَ لَهَا لِتُغَذِّيَهُ بِغِذَائِهَا، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْخِلَافِ قَوْلَهُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْأَصَحُّ (لَا تَجِبُ) نَفَقَةٌ وَلَا غَيْرُهَا (لِحَامِلٍ عَنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ) وَهِيَ غَيْرُ مُزَوَّجَةٍ (أَوْ) لِحَامِلٍ عَنْ (نِكَاحٍ فَاسِدٍ) لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي حَالِ التَّمْكِينِ فَبَعْدَهُ أَوْلَى، وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ كَمَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ، وَلَوْ كَانَ زَوْجُ الْحَامِلِ الْبَائِنِ رَقِيقًا، إنْ قُلْنَا: النَّفَقَةُ لَهَا وَجَبَتْ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَإِلَّا فَلَا.

أَمَّا الْمَنْكُوحَةُ إذَا حَبِلَتْ مِنْ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا النَّفَقَةَ عَلَى الْوَاطِئِ سَقَطَتْ عَنْ الزَّوْجِ قَطْعًا، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ.

ص: 174

قُلْت: وَلَا نَفَقَةَ لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ مُقَدَّرَةٌ كَزَمَنٍ النِّكَاحِ، وَقِيلَ تَجِبُ الْكِفَايَةُ، وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلٍ، فَإِذَا ظَهَرَ وَجَبَ يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَقِيلَ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا تَسْقُطُ

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: هَذَا كُلُّهُ مَا دَامَ الزَّوْجُ حَيًّا، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْوَضْعِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ هُنَا السُّقُوطُ، وَفِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ عَدَمُ السُّقُوطِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

فَإِنْ قِيلَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (قُلْت: وَلَا نَفَقَةَ لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ.

أُجِيبَ بِأَنَّهَا ثَمَّ وَجَبَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ فَاغْتُفِرَ بَقَاؤُهَا فِي الدَّوَامِ فَإِنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْبَائِنَ لَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ، وَإِنَّمَا سَقَطَتْ هُنَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَلَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَائِلًا فَقَدْ بَانَتْ بِالْمَوْتِ، وَالْحَائِلُ الْبَائِنُ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، فَإِنْ قُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَهَا بِسَبَبِهِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهَا كَالْحَاضِنَةِ لِلْوَلَدِ، وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْحَاضِنَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

تَنْبِيهٌ: تَسْقُطُ النَّفَقَةُ لَا السُّكْنَى بِنَفْيِ الْحَمْلِ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ الرَّضَاعِ وَبِبَدَلِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَعَلَى وَلَدِهَا وَلَوْ كَانَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الرَّضَاعِ.

فَإِنْ قِيلَ رُجُوعُهَا بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى الْوَلَدِ يُنَافِي إطْلَاقَهُمْ أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِقَرْضٍ. .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَبَ هُنَا تَعَدَّى بِنَفْيِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا طَلَبٌ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، فَلَمَّا أَكْذَبَ نَفْسَهُ رَجَعَتْ حِينَئِذٍ.

(وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ مُقَدَّرَةٌ كَزَمَنِ) أَيْ كَنَفَقَةِ زَمَنِ (النِّكَاحِ) مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِهِ (وَقِيلَ) لَا تُقَدَّرُ بَلْ (تَجِبُ الْكِفَايَةُ) فَتُزَادُ وَتَنْقُصُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَلَعَلَّ هَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا نَفَقَةُ قَرِيبٍ، وَالرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ (وَلَا يَجِبُ) عَلَى الزَّوْجِ (دَفْعُهَا) لِلْحَامِلِ (قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلٍ) سَوَاءٌ أَجَعَلْنَاهَا لَهَا أَمْ لِلْحَمْلِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ سَبَبَ الْوُجُوبِ (فَإِذَا ظَهَرَ) حَمْلُهَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافِ الزَّوْجِ أَوْ تَصْدِيقِهِ لَهَا (وَجَبَ) دَفْعُ النَّفَقَةِ لَهَا (يَوْمًا بِيَوْمٍ) أَيْ كُلَّ يَوْمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ أُخِّرَتْ إلَى الْوَضْعِ لَتَضَرَّرَتْ (وَقِيلَ) لَا يَجِبُ دَفْعُهَا كَذَلِكَ بَلْ (حَتَّى تَضَعَ) فَتُدْفَعَ لَهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ حَتَّى يُتَيَقَّنَ السَّبَبُ، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ أَمْ لَا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْلَمُ، وَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَتْ ظُهُورَهُ فَأَنْكَرَ فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ، وَتَكْفِي فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فَيَثْبُتُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ عُدُولٍ، وَلَهُنَّ أَنْ يَشْهَدْنَ بِالْحَمْلِ وَإِنْ كَانَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إذَا عَرَفْنَ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ أَنْفَقَ يَظُنُّ الْحَمْلَ فَبَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ عَلَيْهَا، وَمَرَّ مِثْلُهُ فِي الرَّجْعِيَّةِ (وَلَا تَسْقُطُ)

ص: 175