الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَنَّهُ لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَلِلْبَاقِينَ كُلُّهُ
فَصْلٌ لَهُ قَذْفُ زَوْجَةٍ عَلِمَ زِنَاهَا أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا مُؤَكَّدًا كَشَيَاعِ زِنَاهَا بِزَيْدٍ مَعَ قَرِينَةٍ بِأَنْ رَآهُمَا فِي خَلْوَةٍ
ــ
[مغني المحتاج]
سَبِيلِ الْبَدَلِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ حَدٌّ وَإِلَّا لَتَعَدَّدَ الْحَدُّ بِتَعَدُّدِ الْوَرَثَةِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِلسُّلْطَانِ كَالْمَالِ وَالْقِصَاصِ وَالثَّانِي يَرِثُهُ جَمِيعُهُمْ إلَّا الزَّوْجَيْنِ لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ مَيِّتًا هَلْ لِأَحَدِهِمَا حَقٌّ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْمَنْعُ لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ حَالَةَ الْقَذْفِ، وَلَوْ قَذَفَهُ أَوْ قَذَفَ مُوَرِّثَهُ شَخْصٌ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ زِنَا مُوَرِّثِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالزِّنَا وَالتَّحْلِيفُ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ عَنْ حَقِّهِ مِمَّا وَرِثَهُ مِنْ الْحَدِّ (فَلِلْبَاقِينَ) مِنْهُمْ (كُلُّهُ) أَيْ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمْ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ، وَلِأَنَّهُ عَارٌ، وَالْعَارُ يَلْزَمُ الْوَاحِدَ كَمَا يَلْزَمُ الْجَمِيعَ
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ هَذَا اسْتِقْلَالُ كُلٍّ بِالِاسْتِيفَاءِ وَإِنْ لَمْ يَعْفُ غَيْرُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَجَعَلَهُ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَفِي الْحَاوِي مَا يَقْتَضِيهِ وَالثَّانِي يَسْقُطُ جَمِيعُهُ كَمَا فِي الْقَوَدِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْقَوَدَ لَهُ بَدَلٌ يُعْدَلُ إلَيْهِ وَهُوَ الدِّيَةُ بِخِلَافِهِ وَالثَّالِثُ يَسْقُطُ نَصِيبُ الْعَافِي وَيَسْتَوْفِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّقْسِيطِ بِخِلَافِ الْقَوَدِ
فَائِدَةٌ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا نَظِيرَ لَهَا، فَإِنَّ أَخَوَاتِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ إمَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ الْحَقُّ فِيهَا عِنْدَ عَدَمِ الْعَفْوِ عَلَى بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ كَالشُّفْعَةِ أَوْ يَسْقُطُ كَالْقِصَاصِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ حُرًّا، فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا وَاسْتَحَقَّ التَّعْزِيرَ عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ سَيِّدُهُ أَوْ عَصَبَتُهُ الْأَحْرَارُ أَوْ السُّلْطَانُ؟ وُجُوهٌ أَصَحُّهَا أَوَّلُهَا
[فَصْلٌ قَذْفُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ]
(فَصْلٌ) فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ خَاصَّةً وَالْقَذْفُ فِيهَا كَهُوَ فِي غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِمُخَالَفَتِهِ غَيْرَهُ فِي ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْقَذْفُ أَوْ يَجِبُ لِضَرُورَةِ نَفْيِ النَّسَبِ
وَالثَّانِي: أَنَّ لَهُ إسْقَاطَ الْحَدِّ عَنْهُ بِاللِّعَانِ
وَالثَّالِثُ: يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحَدُّ بِلِعَانِهِ إلَّا أَنْ تَدْفَعَهُ عَنْ نَفْسِهَا بِلِعَانِهَا (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (قَذْفُ زَوْجَةٍ) لَهُ (عَلِمَ) أَيْ تَحَقَّقَ (زِنَاهَا) بِأَنْ رَآهَا تَزْنِي (أَوْ ظَنَّهُ) أَيْ زِنَاهَا (ظَنًّا مُؤَكَّدًا) أَوْرَثَهُ الْعِلْمَ (كَشَيَاعِ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بِخَطِّهِ أَيْ ظُهُورِ (زِنَاهَا بِزَيْدٍ مَعَ قَرِينَةٍ) أَيْ مَصْحُوبًا بِهَا (بِأَنْ رَآهُمَا) أَيْ زَوْجَتَهُ وَزَيْدًا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً (فِي خَلْوَةٍ) مَثَلًا أَوْ رَآهُ يَخْرُجُ مِنْ عِنْدَهَا، أَوْ هِيَ تَخْرُجُ مِنْ عِنْدَهُ، أَوْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِزِنَاهَا أَوْ أَخْبَرَتْهُ هِيَ بِزِنَاهَا وَيَقَعُ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهَا، أَوْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِيَانٍ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا، أَوْ يَرَى رَجُلًا مَعَهَا مِرَارًا فِي
وَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لَزِمَهُ نَفْيُهُ
وَإِنَّمَا يَعْلَمُ إذَا لَمْ يَطَأْ أَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَلَوْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَسْتَبْرِئْ بِحَيْضَةٍ حَرُمَ النَّفْيُ
وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ
ــ
[مغني المحتاج]
مَحَلِّ رِيبَةٍ، أَوْ مَرَّةً تَحْتَ شِعَارٍ فِي هَيْئَةٍ مُنْكَرَةٍ
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: مَعَ قَرِينَةٍ يُفْهِمُ أَنَّ مُجَرَّدَ الِاسْتِفَاضَةِ فَقَطْ أَوْ الْقَرِينَةِ فَقَطْ لَا يَجُوزُ اعْتِمَادُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، أَمَّا الِاسْتِفَاضَةُ فَقَدْ يُشِيعُهَا عَدُوٌّ لَهَا أَوْ مَنْ طَمِعَ فِيهَا فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا لِخَوْفٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ طَمَعٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَيُفْهِمُ إبَاحَةُ الْقَذْفِ لَهُ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَوْلَى لَهُ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهَا وَيُطَلِّقَهَا إنْ كَرِهَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ سِتْرِ الْفَاحِشَةِ وَإِقَالَةِ الْعَثْرَةِ، هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا وَلَدَ يَنْفِيهِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ) يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ (وَعَلِمَ) أَوْ ظَنَّ ظَنًّا مُؤَكَّدًا (أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لَزِمَهُ نَفْيُهُ) لِأَنَّ تَرْكَ النَّفْيِ يَتَضَمَّنُ اسْتِلْحَاقَهُ، وَاسْتِلْحَاقُ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ حَرَامٌ كَمَا يَحْرُمُ نَفْيُ مَنْ هُوَ مِنْهُ
تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقَذْفِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ: إنْ تَيَقَّنَ مَعَ ذَلِكَ زِنَاهَا قَذَفَهَا وَلَاعَنَ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ؛ لِجَوَازِ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَطَرِيقُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ غَيْرِي، وَأَطْلَقَ وُجُوبَ نَفْيِ الْوَلَدِ، وَمَحِلُّهُ إذَا كَانَ يَلْحَقُهُ ظَاهِرًا، فَفِي قَوَاعِدِ ابْن عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا فَإِنْ أَتَتْ بِهِ خِفْيَةً بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ بِهِ فِي الْحُكْمِ لَمْ يَجِبْ نَفْيُهُ وَالْأَوْلَى بِهِ السِّتْرُ وَالْكَفُّ عَنْ الْقَذْفِ، وَالْحَمْلُ الْمُحَقَّقُ كَالْوَلَدِ، فَلَوْ ذَكَرَهُ لَعَلِمَ مِنْهُ الْوَلَدَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَا يَلْزَمُهُ فِي جَوَازِ النَّفْيِ وَالْقَذْفِ تَبَيُّنُ السَّبَبِ الْمُجَوِّزِ لِلنَّفْيِ وَالْقَذْفِ مِنْ رُؤْيَةِ زِنًا وَاسْتِبْرَاءٍ وَنَحْوِهِمَا السَّبَبُ الْمُجَوِّزُ لَهُمَا (وَإِنَّمَا يَعْلَمُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ (إذَا لَمْ يَطَأْ) زَوْجَتَهُ أَصْلًا (أَوْ) وَطِئَهَا وَلَكِنْ (وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ) الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْهَا الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَفِي مَعْنَى الْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ (فَلَوْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ (وَلَمْ تَسْتَبْرِئْ) بَعْدَهُ (بِحَيْضَةٍ حَرُمَ النَّفْيُ) لِلْوَلَدِ بِاللِّعَانِ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ، وَلَا عِبْرَةَ بِرِيبَةٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا
تَنْبِيهٌ: جَعْلُ الْبَيِّنَةِ بَيْنَ السِّتَّةِ وَالْأَرْبَعِ كَمَا فَعَلْته تَبَعًا لِلشَّارِحِ أَوْلَى مِمَّنْ جَعَلَهَا تَبَعًا لِظَاهِرِ الْمَتْنِ بَيْنَ الدُّونِ وَالْفَوْقِ؛ لِأَنَّ الدُّونَ يَصْدُقُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا وَهُوَ فَاسِدٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ السِّتَّةِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَكَيْفَ يَحْرُمُ نَفْيُهُ حِينَئِذٍ فَتَأَمَّلْ (وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ
الِاسْتِبْرَاءِ حَلَّ النَّفْيُ فِي الْأَصَحِّ
وَلَوْ وَطِئَ وَعَزَلَ حَرُمَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا وَاحْتُمِلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَمِنْ الزِّنَا حَرُمَ النَّفْيُ، وَكَذَا الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ عَلَى الصَّحِيحِ
ــ
[مغني المحتاج]
الِاسْتِبْرَاءِ) بِحَيْضَةٍ، وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ مِنْ الزِّنَا (حَلَّ النَّفْيُ) بِاللِّعَانِ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْفِيَهُ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَرَى الدَّمَ
تَنْبِيهٌ: مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْحِلِّ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَالشَّرْحَ الصَّغِيرَ، وَمُقَابِلَ الْأَصَحِّ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ قَطْعِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ إنْ رَأَى بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ قَرِينَةَ الزِّنَا الْمُبِيحَةَ لِلْقَذْفِ جَازَ النَّفْيُ، بَلْ وَجَبَ لِحُصُولِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَرَ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ النَّفْيُ، وَمَا صَحَّحَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَكَذَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَكَذَا فَعَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْعُدَّةِ وَآخَرُونَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ مِنْ حِينِ يَزْنِي الزَّانِي بِهَا؛ لِأَنَّ الزِّنَا مُسْتَنِدُ اللِّعَانِ، فَإِذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ وَلِأَكْثَرَ مِنْ دُونِهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ تَبَيُّنًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَيَصِيرُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، فَلَا يَجُوزُ النَّفْيُ جَزْمًا رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ كَمَا زِدْته فِي كَلَامِهِ لِيَسْلَمَ مِنْ التَّنَاقُضِ، وَهَلْ يُحْسَبُ ابْتِدَاءُ الْأَشْهُرِ مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّمِ أَوْ مِنْ انْقِطَاعِهِ؟ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ طُرُوِّهِ؛ لِأَنَّهُ الدَّالُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ اهـ.
وَمَا اسْتَظْهَرَهُ ظَاهِرٌ وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ (وَلَوْ وَطِئَ) زَوْجَتَهُ فِي قُبُلِهَا (وَعَزَلَ) عَنْهَا بِأَنْ نَزَعَ وَقْتَ الْإِنْزَالِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ (حَرُمَ) نَفْيُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحُسَّ بِهِ، وَلَيْسَ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ وَجْهًا مُحَقَّقًا بَلْ احْتِمَالًا لِلْغَزَالِيِّ رضي الله عنه أَقَامَهُ الْمُصَنِّفُ وَجْهًا، أَمَّا إذَا وَطِئَ فِي الدُّبُرِ أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَإِنَّ لَهُ النَّفْيَ؛ لِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ الشَّرْعِيِّ فَلَا يَثْبُتُ بِغَيْرِهِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ رَجَّحَ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ كَالْقُبُلِ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَلَوْ عَلِمَ) الزَّوْجُ (زِنَاهَا وَاحْتُمِلَ) عَلَى السَّوَاءِ (كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَمِنْ الزِّنَا) بِأَنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا بَعْدَ وَطْئِهِ (حَرُمَ النَّفْيُ) رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ:(وَكَذَا) يَحْرُمُ (الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهَا لِدَفْعِ النَّسَبِ أَوْ قَطْعِ النِّكَاحِ حَيْثُ لَا وَلَدَ عَلَى الْفِرَاشِ الْمُلَطَّخِ، وَقَدْ حَصَلَ الْوَلَدُ هُنَا فَلَمْ يَبْقَ لَهُ فَائِدَةٌ وَالْفِرَاقُ مُمْكِنٌ بِالطَّلَاقِ
وَالثَّانِي: يَجُوزُ انْتِقَامًا لَهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، وَهَذَا مَا ذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّهُ الْقِيَاسُ فَأَثْبَتَهُ الشَّيْخَانِ وَجْهًا، وَرَدَّ الْقِيَاسَ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَضَرَّرُ بِنِسْبَةِ أُمِّهِ إلَى الزِّنَا وَإِثْبَاتِهِ عَلَيْهَا بِاللِّعَانِ، إذْ يُعَيَّرُ بِذَلِكَ وَتُطْلَقُ فِيهِ الْأَلْسِنَةُ فَلَا يَحْتَمِلُ هَذَا الضَّرَرَ لِغَرَضِ الِانْتِقَامِ
تَتِمَّةٌ لَوْ أَتَتْ امْرَأَةٌ بِوَلَدٍ أَبْيَضَ وَأَبَوَاهُ أَسْوَدَانِ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يُبَحْ لِأَبِيهِ بِذَلِكَ نَفْيُهُ وَلَوْ أَشْبَهَ مَنْ تُتَّهَمُ بِهِ أُمُّهُ أَوْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَرِينَةُ الزِّنَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ