المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ اللِّعَانِ يَسْبِقُهُ قَذْفٌ ــ ‌ ‌[مغني المحتاج] [كِتَابُ اللِّعَانِ] (كِتَابُ اللِّعَانِ) هُوَ لُغَةً: - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٥

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ]

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الظِّهَارِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَةِ

- ‌كِتَابُ اللِّعَانِ

- ‌[فَصْلٌ قَذْفُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةُ اللِّعَانِ وَشَرْطِهِ وَثَمَرَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ اللِّعَانِ]

- ‌كِتَابُ الْعِدَدِ

- ‌[فَصْلٌ الْعِدَّة بِوَضْعِ الْحَمْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاخُل عِدَّتَيْ الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مُعَاشَرَة الْمُطَلَّقِ الْمُعْتَدَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْحَائِلِ لِوَفَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا]

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي طَرَيَانُ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[فَصْل فِي مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَوَانِعُ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَار بِمُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ الْمَانِعِ لَهَا مِنْ وُجُوبِ تَمْكِينِهَا]

- ‌[فَصْل فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالْمُوجِبُ لَهَا قَرَابَةُ الْبَعْضِيَّةِ فَقَطْ]

- ‌[فَصْل فِي حَقِيقَةِ الْحَضَانَة وَصِفَات الْحَاضِنِ وَالْمَحْضُون]

- ‌[فَصْل فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ وَمَا مَعَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْجِرَاحِ]

- ‌[فَصْل فِي الْجِنَايَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]

- ‌[فَصْل فِي أَرْكَانِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي تغير حَال المجروح مِنْ وَقْت الْجُرْح إلَى الْمَوْت]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي وَفِي إسْقَاطِ الشِّجَاجِ]

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ وَلِيِّ الدَّمِ وَالْجَانِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَفْوِ]

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ مَا دُونَ النَّفْسِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الْحُكُومَةُ]

- ‌[بَاب فِي مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةُ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الَّتِي هِيَ مِنْ مُوجِبَاتِهِ]

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ

- ‌ الْقَسَامَةُ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثْبِتُ مُوجِبَ الْقِصَاصِ وَمُوجِبَ الْمَالِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ]

- ‌كِتَابُ الْبُغَاةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيَانِ انْعِقَادِ طُرُقِ الْإِمَامَةِ]

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ الزِّنَا

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ وَمَا يَمْنَعُهُ وَمَا يَكُونُ حِرْزًا لِشَخْصٍ دُونَ آخِر]

- ‌[فَصْل فِي شُرُوطِ السَّارِقِ وَفِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَا يُقْطَعُ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوطُ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ]

- ‌بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌[فَصْل فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ فِي غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ والتعازير]

- ‌[فَصْل فِي التَّعْزِيرِ]

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌[فَصَلِّ فِي ضَمَانِ مَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ اللِّعَانِ يَسْبِقُهُ قَذْفٌ ــ ‌ ‌[مغني المحتاج] [كِتَابُ اللِّعَانِ] (كِتَابُ اللِّعَانِ) هُوَ لُغَةً:

‌كِتَابُ اللِّعَانِ

يَسْبِقُهُ قَذْفٌ

ــ

[مغني المحتاج]

[كِتَابُ اللِّعَانِ]

(كِتَابُ اللِّعَانِ) هُوَ لُغَةً: الْمُبَاعَدَةُ، وَمِنْهُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَيْ أَبْعَدَهُ وَطَرَدَهُ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِبُعْدِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الرَّحْمَةِ، أَوْ لِبُعْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ، فَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، وَشَرْعًا: كَلِمَاتٌ مَعْلُومَةٌ جُعِلَتْ حُجَّةً لِلْمُضْطَرِّ إلَى قَذْفِ مَنْ لَطَخَ فِرَاشَهُ وَأَلْحَقَ الْعَارَ بِهِ أَوْ إلَى نَفْيِ وَلَدٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ لِعَانًا لِقَوْلِ الرَّجُلِ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ، وَإِطْلَاقُهُ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَجَازِ التَّغْلِيبِ، وَاخْتِيرَ لَفْظُهُ دُونَ لَفْظِ الْغَضَبِ وَإِنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ فِي اللِّعَانِ لِكَوْنِ اللَّعْنَةِ مُتَعَدِّيَةً فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَالْوَاقِعِ، وَلِأَنَّ لِعَانَهُ قَدْ يَنْفَكُّ عَنْ لِعَانِهَا وَلَا يَنْعَكِسُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَاتِ، وَسَبَبُ نُزُولِهَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِك، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ؟ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكَرِّرُ ذَلِكَ، فَقَالَ هِلَالٌ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ نَبِيًّا إنِّي لَصَادِقٌ، وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ، فَنَزَلَتْ الْآيَاتُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْبِقَ اللِّعَانَ قَذْفٌ» كَمَا قَالَ (يَسْبِقُهُ قَذْفٌ) وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ لُغَةً: الرَّمْيُ، وَشَرْعًا: الرَّمْيُ بِالزِّنَا عَلَى جِهَةِ التَّعْبِيرِ، أَوْ نَفْيِ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ اللِّعَانَ بَعْدَ الْقَذْفِ، وَلِأَنَّهُ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ لِدَفْعِ الْحَدِّ أَوْ نَفْيِ الْوَلَدِ، وَلَا ضَرُورَةَ قَبْلَ ذَلِكَ

ص: 52

وَصَرِيحُهُ الزِّنَا كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ: زَنَيْتَ أَوْ زَنَيْتِ أَوْ يَا زَانِي أَوْ يَا زَانِيَةُ، وَالرَّمْيُ بِإِيلَاجِ حَشَفَةٍ فِي فَرْجٍ مَعَ وَصْفِهِ بِتَحْرِيمٍ أَوْ دُبُرٍ صَرِيحَانِ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ: قَذْفٌ أَوْ نَفْيُ وَلَدٍ كَانَ أَوْلَى وَأَشْمَلَ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ شَهِدَ بِزِنَاهَا أَرْبَعٌ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ، وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ الْقَذْفَ بِالزِّنَا، وَيَقُولُ: لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ ثَلَاثَةٌ: صَرِيحٌ، وَكِنَايَةٌ، وَتَعْرِيضٌ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ، فَقَالَ (وَصَرِيحُهُ) أَيْ الْقَذْفِ مُطْلَقًا (الزِّنَا كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ: زَنَيْتَ أَوْ زَنَيْتِ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا (أَوْ يَا زَانِي أَوْ يَا زَانِيَةُ) لِتَكَرُّرِ ذَلِكَ وَشُهْرَتِهِ كَسَائِرِ الصَّرَائِحِ، وَلَوْ كَسَرَ التَّاءَ فِي خِطَابِ الرَّجُلِ أَوْ فَتَحَهَا فِي خِطَابِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ بِالتَّذْكِيرِ لِلْمُؤَنَّثِ وَعَكْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ كَقَوْلِهِ لِلرَّجُلِ: يَا زَانِيَةُ وَلِلْمَرْأَةِ: يَا زَانِي

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ قَدْ يُخْرِجُ الْخُنْثَى، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي حَدِّ الْقَذْفِ أَنَّهُ إذَا خَاطَبَ خُنْثَى بِزَانِيَةٍ أَوْ زَانٍ يَجِبُ الْحَدُّ، وَلَكِنَّهُ يَكُونُ صَرِيحًا إنْ أَضَافَ الزِّنَا إلَى فَرْجَيْهِ، فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى أَحَدِهِمَا كَانَ كِنَايَةً هَذَا إذَا قَالَ لِمَنْ يُمْكِنُ وَطْؤُهُ فِي مَعْرَضِ التَّعْبِيرِ، فَلَوْ قَالَ لِابْنَةِ سَنَةٍ مَثَلًا: زَنَيْت فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَذْفٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، لِأَنَّ الْقَذْفَ مَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ أَوْ الْكَذِبَ، وَهَذَا مَقْطُوعٌ بِكَذِبِهِ، وَلِهَذَا يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا مَعَ تَمَامِ النِّصَابِ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ بِحَقٍّ، فَقَالَ: خَصْمِي يَعْلَمُ زِنَا شَاهِدِهِ فَحَلَّفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ، وَمِثْلُهُ أَخْبَرَنِي بِأَنَّهُ زَانٍ أَوْ شَهِدَ بِجُرْحِهِ فَاسْتَفْسَرَهُ الْحَاكِمُ فَأَخْبَرَهُ بِزِنَاهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، أَوْ قَالَ لَهُ اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ اسْمُهَا زَانِيَةً فَنَادَاهَا بِهِ، وَهَذِهِ الصُّوَرُ كُلُّهَا تَخْرُجُ بِقَوْلِنَا: عَلَى جِهَةِ التَّعْيِيرِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَرْأَةِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَهَا أَوْ يَظُنَّهَا زَوْجَتَهُ أَمْ لَا (وَالرَّمْيُ) لِشَخْصٍ (بِإِيلَاجِ) ذَكَرِهِ أَوْ (حَشَفَةٍ) مِنْهُ (فِي فَرْجٍ مَعَ وَصْفِهِ) أَيْ الْإِيلَاجِ (بِتَحْرِيمٍ) مُطْلَقًا (أَوْ) الرَّمْيُ بِإِيلَاجِ ذَكَرٍ أَوْ حَشَفَةٍ فِي (دُبُرٍ صَرِيحَانِ) وَهَذَا خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ، وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْمُقَدَّرُ بِأَوْ التَّقْسِيمِيَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ قَالَ: صَرِيحٌ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ، وَمِنْ الصَّرِيحِ: اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ مِنْ النُّونِ وَالْيَاءِ وَالْكَافِ الْمَوْصُوفُ بِالْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ، وَكَذَا كُلُّ صَرِيحٍ فِي الْإِيلَاجِ وُصِفَ بِالتَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ الْوَصْفَ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْقُبُلِ دُونَ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاجَ فِي الدُّبُرِ لَا يَكُونُ إلَّا حَرَامًا، فَإِنْ لَمْ يَصِفْ الْأَوَّلَ بِالتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ لِصِدْقِهِ بِالْحَلَالِ بِخِلَافِ الثَّانِي

فَإِنْ قِيلَ: الْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ قَدْ يَكُونُ مُحَرَّمًا وَلَيْسَ بِزِنًا كَوَطْءِ حَائِضٍ وَمُحَرَّمَةٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُضِيفَ إلَى وَصْفِهِ بِالتَّحْرِيمِ مَا يَقْتَضِي الزِّنَا.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِذَاتِهِ فَهُوَ صَرِيحٌ، فَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ وَاحْتُمِلَ الْحَالُ قُبِلَ مِنْهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي دَعْوَى إرَادَةِ حِلِّ الْوِثَاقِ، وَسَوَاءٌ خُوطِبَ بِهِمَا ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى كَقَوْلِهِ لِلذَّكَرِ: أَوْلَجْت فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ أَوْلَجَ فِي دُبُرِك، وَلَهَا أَوْلَجَ فِي فَرْجِك الْمُحَرَّمِ أَوْ دُبُرِك، وَقَوْلُهُ: زَنَيْت فِي قُبُلِك صَرِيحٌ فِي الْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ، لِأَنَّ الرَّجُلَ يُزْنَى

ص: 53

وَزَنَأْت فِي الْجَبَلِ كِنَايَةٌ، وَكَذَا زَنَأْت فَقَطْ فِي الْأَصَحِّ، وَزَنَيْت فِي الْجَبَلِ صَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ، وَلَهَا يَا خَبِيثَةُ، وَأَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ، وَلِقُرَشِيٍّ: يَا نَبَطِيُّ، وَلِزَوْجَتِهِ لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ كِنَايَةٌ

ــ

[مغني المحتاج]

بِهِ لَا فِيهِ، وَلَوْ قَالَ: وَطِئَك فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ اثْنَانِ مَعًا لَمْ يَكُنْ قَذْفًا لِاسْتِحَالَتِهِ فَهُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ فَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ، فَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِقُبُلٍ وَلَا دُبُرٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيُحَدُّ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ بِوَطْءِ وَاحِدٍ فِي الْقُبُلِ وَالْآخَرُ فِي الدُّبُرِ اهـ

وَفِي هَذَا نَظَرٌ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُ النِّسَاءَ (وَزَنَأْت) بِالْهَمْزِ (فِي الْجَبَلِ) أَوْ السُّلَّمِ أَوْ نَحْوِهِ (كِنَايَةٌ) لِأَنَّ الزِّنَا فِي الْجَبَلِ وَنَحْوِهِ هُوَ الصُّعُودِ فِيهِ، وَاحْتَرَزَ بِالتَّقْيِيدِ بِالْجَبَلِ عَمَّا لَوْ قَالَ: زَنَأْت بِالْهَمْزَةِ فِي الْبَيْتِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ دَرَجٌ يَصْعَدُ إلَيْهِ فِيهَا فَوَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ (وَكَذَا زَنَأْت فَقَطْ) أَيْ بِالْهَمْزِ وَحَذْفُ الْجَبَلِ، كِنَايَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي الصُّعُودَ وَالثَّانِي: أَنَّهُ صَرِيحٌ، وَالْيَاءُ قَدْ تُبْدَلُ هَمْزَةً وَالثَّالِثُ: إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ فَكِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَصَرِيحٌ (وَزَنَيْت) بِالْيَاءِ (فِي الْجَبَلِ صَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) لِلظُّهُورِ فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ فِي الدَّارِ، وَذِكْرُ الْجَبَلِ يَصْلُحُ فِيهِ إرَادَةُ مَحِلِّهِ، فَلَا يَنْصَرِفُ الصَّرِيحُ عَنْ مَوْضُوعِهِ، فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت الصُّعُودَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْيَاءَ قَدْ تُقَامُ مَقَامَ الْهَمْزَةِ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، وَالثَّالِثُ: إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ فَصَرِيحٌ مِنْهُ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ، وَلَوْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ فِي الْجَبَلِ بِالْيَاءِ كَانَ كِنَايَةً كَمَا قَالَاهُ فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا كَانَ كَقَوْلِهِ زَنَيْت فِي الْجَبَلِ كَمَا مَرَّ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لِمَا قَرَنَ قَوْلَهُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي هُوَ مَحِلُّ الصُّعُودِ بِالِاسْمِ الْمُنَادَى الَّذِي لَمْ يُوضَعْ لِإِنْشَاءِ الْعُقُودِ خَرَجَ عَنْ الصَّرَاحَةِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ (وَقَوْلُهُ) لِرَجُلٍ (يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ) يَا خَبِيثُ (وَلَهَا) أَيْ لِامْرَأَةٍ يَا فَاجِرَةُ يَا فَاسِقَةُ (يَا خَبِيثَةُ وَأَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ) أَيْ الظُّلْمَةَ أَوْ لَا تَرُدِّينَ يَدَ لَامِسٍ (وَلِقُرَشِيٍّ: يَا نَبَطِيُّ) نِسْبَةً لِلْأَنْبَاطِ، وَهُمْ قَوْمٌ يَنْزِلُونَ الْبَطَائِحَ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ أَيْ أَهْلِ الزِّرَاعَةِ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ الْمَاءَ أَيْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْأَرْضِ (وَلِزَوْجَتِهِ لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ) أَوْ بِكْرًا أَوْ وَجَدْت مَعَك رَجُلًا (كِنَايَةٌ) فِي الْقَذْفِ هُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ كُلِّهَا لِاحْتِمَالِهَا الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ، وَالْقَذْفُ فِي:" يَا نَبَطِيُّ " لِأُمِّ الْمُخَاطِبَ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعَرَبِيِّ بَدَلَ الْقُرَشِيِّ لَكَانَ أَعَمَّ

تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: لِزَوْجَتِهِ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِالزَّوْجَةِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ يَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: تَصْوِيرُهُ فِيمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا تَقَدُّمُ افْتِضَاضٍ مُبَاحٍ، فَإِنْ عُلِمَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ قَطْعًا

تَنْبِيهٌ: اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِ الشَّخْصِ لِغَيْرِهِ: يَا لُوطِيُّ، فَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ، وَصَوَّبَهُ فِي تَصْحِيحِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مَعَ مَا مَرَّ: قَدْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعُرْفِ بِإِرَادَةِ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، بَلْ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا هَذَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِأَنَّهُ صَرِيحٌ، وَإِلَّا فَيَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا شَاعَ لَفْظٌ فِي الْعُرْفِ، كَقَوْلِهِ: الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ وَأَمَّا احْتِمَالُ كَوْنِهِ أَرَادَ أَنَّهُ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ فَلَا

ص: 54

فَإِنْ أَنْكَرَ إرَادَةَ قَذْفٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَقَوْلُهُ يَا ابْنَ الْحَلَالِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ، وَنَحْوِهِ تَعْرِيضٌ لَيْسَ بِقَذْفٍ وَإِنْ نَوَاهُ، وَقَوْلُهُ زَنَيْت بِكَ إقْرَارٌ بِزِنًا وَقَذْفٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

يَفْهَمُهُ الْعَوَامُّ، فَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ صَرِيحٌ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ اهـ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّ نُسَخَ التَّنْبِيهِ مُخْتَلِفَةٌ، فَفِي بَعْضِهَا يَا لَائِطُ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَائِطَ هِيَ الصَّحِيحَةُ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَلَوْ قَالَ لَهُ: يَا بَغِيُّ، أَوْ لَهَا يَا قَحْبَةُ فَهُوَ كِنَايَةٌ قَالَ شَيْخُنَا: وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ أَوَاخِرَ الطَّلَاقِ أَنَّ قَوْلَهُ: يَا قَحْبَةُ صَرِيحٌ اهـ.

وَهَذَا أَظْهَرُ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَفْتَى أَيْضًا بِصَرَاحَةٍ: يَا مُخَنَّثُ لِلْعُرْفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ

(فَإِنْ أَنْكَرَ) شَخْصٌ فِي الْكِنَايَةِ (إرَادَةَ قَذْفٍ) بِهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمُرَادِهِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ قَذْفَهُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، ثُمَّ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لِلْإِيذَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا خَرَجَ لَفْظُهُ مَخْرَجَ السَّبِّ وَالذَّمِّ وَإِلَّا فَلَا تَعْزِيرَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِذَا عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ كَاذِبًا دَفْعًا لِلْحَدِّ وَتَحَرُّزًا مِنْ إتْمَامِ الْإِيذَاءِ، بَلْ يَلْزَمُهُ الِاعْتِرَافُ بِالْقَذْفِ لِيُحَدَّ أَوْ يُعْفَى عَنْهُ كَالْقَاتِلِ لِغَيْرِهِ خُفْيَةً، لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ وَاجِبٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَكِنْ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِي قَذْفِهِ يُعْلَمُ زِنَاهُ يَقِينًا فَهَلْ يَكُونُ عُذْرًا فِي التَّوْرِيَةِ عِنْدَ تَحْلِيفِ الْحَاكِمِ لَهُ لِيَدْرَأَ الْحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ، وَتَجُوزُ التَّوْرِيَةُ أَوْ لَا؟ الْأَقْرَبُ عِنْدِي جَوَازُهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ الْمَعَرَّةِ عَنْ الْمَقُولِ لَهُ، بَلْ يَقْرَبُ إيجَابُ ذَلِكَ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يُحَدُّ بِذَلِكَ، وَتَبْطُلُ عَدَالَتُهُ وَرِوَايَتُهُ وَمَا تَحَمَّلَهُ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَنَحْوَ ذَلِكَ اهـ.

وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَصِيغَةُ الْحَلِفِ، أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ قَذْفَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ

قَالَ: وَلَا يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا قَذَفَهُ، وَهَلْ وَجَبَ الْحَدُّ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ مَعَ النِّيَّةِ أَوْ لَا يَجِبُ حَتَّى يَعْتَرِفَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكِنَايَةِ الْقَذْفَ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ الْإِمَامُ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَوَّلُ (وَقَوْلُهُ) لِغَيْرِهِ فِي خُصُومَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (يَا ابْنَ الْحَلَالِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ وَنَحْوِهِ) كَلَيْسَتْ أُمِّي بِزَانِيَةٍ وَلَسْت ابْنَ خَبَّازٍ أَوْ إسْكَافٍ، وَمَا أَحْسَنَ اسْمُك فِي الْجِيرَانِ (تَعْرِيضٌ) بِغَيْرِهِ، وَ (لَيْسَ بِقَذْفٍ) لَهُ صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ (وَإِنْ نَوَاهُ) فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظَ الْمَنْوِيَّ، وَهَهُنَا لَيْسَ فِي اللَّفْظِ إشْعَارٌ بِهِ، وَإِنَّمَا يُفْهَمُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً مِنْ عَطَشٍ وَنَوَى أَنْ لَا يَتَقَلَّدَ مِنْهُ فَإِنَّهُ إنْ شَرِبَهُ مِنْ غَيْرِ عَطَشٍ لَمْ يَحْنَثْ، فَاللَّفْظُ الَّذِي يَقْصِدُ بِهِ الْقَذْفَ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَهُ فَصَرِيحٌ، وَإِلَّا فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْقَذْفُ بِوَضْعِهِ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَتَعْرِيضٌ، وَلَيْسَ الرَّمْيُ بِإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ قَذْفًا، وَالنِّسْبَةُ إلَى غَيْرِ الزِّنَا مِنْ الْكِبَارِ وَغَيْرِهَا مِمَّا فِيهِ إيذَاءٌ، كَقَوْلِهِ لَهَا: زَنَيْت بِفُلَانَةَ أَوْ أَصَابَتْكِ فُلَانَةُ يَقْتَضِي التَّعْزِيرَ لِلْإِيذَاءِ، لَا الْحَدِّ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ (وَقَوْلُهُ) لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: عَلَوْت رَجُلًا حَتَّى دَخَلَ ذَكَرُهُ فِي فَرْجِك صَرِيحٌ، وَقَوْلُهُ لِغَيْرِهِ (زَنَيْت بِكَ) بِفَتْحِ الْكَافِ أَوْ كَسْرِهَا (إقْرَارٌ بِزِنًا) عَلَى نَفْسِهِ (وَقَذْفٌ) لِلْمُخَاطَبِ أَمَّا كَوْنُهُ إقْرَارًا فَلِقَوْلِهِ: زَنَيْت، وَأَمَّا كَوْنُهُ قَذْفًا فَلِقَوْلِهِ: بِكَ رَأَى الْإِمَامُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْقَذْفِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ:

ص: 55

وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ زَنَيْت بِك أَوْ أَنْتِ أَزْنَى مِنِّي فَقَاذِفٌ وَكَانِيَةٌ فَلَوْ قَالَتْ زَنَيْت وَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَمُقِرَّةٌ وَقَاذِفَةٌ، وَقَوْلُهُ زَنَى

ــ

[مغني المحتاج]

زَنَيْت مَعَ فُلَانٍ كَانَ قَذْفًا لَهَا دُونَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ اهـ.

وَفَرَّقَ فِي الْوَسِيطِ بِأَنَّ إطْلَاقَ هَذَا اللَّفْظِ يَحْصُلُ بِهِ الْإِيذَاءُ التَّامُّ لِتَبَادُرِ الْفَهْمِ مِنْهُ إلَى صُدُورِهِ عَنْ طَوَاعِيَةٍ وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ، وَلِهَذَا يُحَدُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزِّنَا مَعَ احْتِمَالِ إرَادَةِ زِنَا الْعَيْنِ وَالرِّجْلِ (وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا زَانِيَةُ) بِنْتُ الزَّانِيَةِ وَجَبَ حَدَّانِ لَهَا وَلِأُمِّهَا، فَإِنْ طَلَبَتَا الْحَدَّ بُدِئَ بِحَدِّ الْأُمِّ بِالْإِجْمَاعِ، وَحَدُّ الزَّوْجَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَالزَّوْجُ مُمْكِنٌ مِنْ إسْقَاطِهِ بِاللِّعَانِ، بِخِلَافِ حَدِّ الْأُمِّ وَيُمْهَلُ لِلثَّانِي إلَى الْبُرْءِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا يَا زَانِيَةُ (فَقَالَتْ) لَهُ جَوَابًا (زَنَيْت بِكَ أَوْ أَنْتِ أَزْنَى مِنِّي فَقَاذِفٌ) لَهَا فَيُحَدُّ لِإِتْيَانِهِ بِلَفْظِ الْقَذْفِ الصَّرِيحِ (وَكَانِيَةٌ) فِي قَذْفِهِ فَتُصَدَّقُ فِي إرَادَةِ عَدَمِ قَذْفِهِ بِيَمِينِهَا، لِأَنَّ قَوْلَهَا الْأَوَّلَ يَحْتَمِلُ نَفْيَ الزِّنَا أَيْ لَمْ أَفْعَلْ كَمَا لَمْ تَفْعَلْ، وَهَذَا مُسْتَعْمَلٌ عُرْفًا كَقَوْلِك لِمَنْ قَالَ تَغَدَّيْت تَغَدَّيْت مَعَك وَقَوْلُهَا الثَّانِي يَحْتَمِلُ إرَادَةَ مَا وَطِئَنِي غَيْرُك، فَإِنْ كُنْت زَانِيَةً فَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، لِأَنِّي مُمَكِّنَةٌ وَأَنْتَ فَاعِلٌ

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُقِرَّةً بِالزِّنَا، لِأَنَّهُ لَمْ يُتَعَرَّضْ لِذَلِكَ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ اهـ.

وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي قَوْلِهَا الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهِيَ مُقِرَّةٌ بِالزِّنَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ قَوْلَهَا إقْرَارٌ صَرِيحٌ بِالزِّنَا، وَكَانِيَةٌ اسْمِ فَاعِلٍ مِنْ كَنَيْت وَيَجُوزُ كَانُونَةٌ مِنْ كَنَوْتِ عَنْ كَذَا إذَا لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ (فَلَوْ قَالَتْ) فِي جَوَابِ الزَّوْجِ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ (زَنَيْت وَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَمُقِرَّةٌ) عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَا بِقَوْلِهَا: زَنَيْت (وَقَاذِفَةٌ) لِزَوْجِهَا بِاللَّفْظِ الْآخَرِ صَرِيحًا فَتُحَدُّ لِلْقَذْفِ وَالزِّنَا، وَيَبْدَأُ بِحَدِّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، فَإِنْ رَجَعَتْ سَقَطَ حَدُّ الزِّنَا لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ دُونَ حَدِّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا ابْتِدَاءً: أَنْتَ أَزْنَى مِنْ فُلَانٍ كَانَ كِنَايَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ ثَبَتَ زِنَاهُ وَعَلِمَتْ بِثُبُوتِهِ فَيَكُونَ صَرِيحًا فَتَكُونَ قَاذِفَةً لَا إنْ جَهِلَتْ فَيَكُونَ كِنَايَةً فَتُصَدَّقَ بِيَمِينِهَا فِي جَهْلِهَا، فَإِذَا حَلَفَتْ عُزِّرَتْ وَلَمْ تُحَدَّ، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ ابْتِدَاءً: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَهُوَ كَهَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنْ ذَكَرَ فِيهَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ: يَا زَانِي فَقَالَ زَنَيْت بِكِ، أَوْ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَقَاذِفَةٌ لَهُ صَرِيحًا وَهُوَ كَانَ عَلَى وِزَانِ مَا مَرَّ إلَخْ، فَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِهَا: زَنَيْت وَأَنْتِ أَزْنَى مِنِّي فَهُوَ مُقِرٌّ بِالزِّنَا وَقَاذِفٌ لَهَا عَلَى وِزَانِ مَا مَرَّ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ: يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ: زَنَيْت بِكَ، أَوْ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَهُوَ قَاذِفٌ وَهِيَ فِي الْجَوَابِ الْأَوَّلِ قَاذِفَةٌ لَهُ مَعَ إقْرَارِهَا بِالزِّنَا، وَفِي الْجَوَابِ الثَّانِي كَزَانِيَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ أَنَّهُ أَهْدَى إلَى الزِّنَا وَأَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَيُقَاسَ بِمَا ذَكَرَ قَوْلُهُ لِأَجْنَبِيٍّ: يَا زَانِي فَيَقُولُ: زَنَيْت بِكَ، أَوْ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ ابْتِدَاءً: فُلَانٌ زَانٍ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنْهُ، أَوْ فِي النَّاسِ زُنَاةٌ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنْهُمْ فَصَرِيحٌ لَا إنْ قَالَتْ النَّاسُ زُنَاةٌ، أَوْ أَهْلُ مِصْرَ مَثَلًا زُنَاةٌ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنْهُمْ فَلَيْسَ قَذْفًا لِتَحَقُّقِ كَذِبِهَا إلَّا إنْ نَوَتْ مَنْ زَنَى مِنْهُمْ فَيَكُونُ قَذْفًا (وَقَوْلُهُ) لِغَيْرِهِ (زَنَى

ص: 56

فَرْجُك أَوْ ذَكَرُك قَذْفٌ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ قَوْلَهُ يَدُك وَعَيْنُك، وَلِوَلَدِهِ لَسْت مِنِّي أَوْ لَسْت ابْنِي كِنَايَةٌ، وَلِوَلَدِ غَيْرِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ صَرِيحٌ إلَّا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ

وَيُحَدُّ قَاذِفُ مُحْصَنٍ وَيُعَزَّرُ غَيْرُهُ،

ــ

[مغني المحتاج]

فَرْجُك أَوْ ذَكَرُك) أَوْ قُبُلُك أَوْ دُبُرُك بِفَتْحِ الْكَافِ أَوْ كَسْرِهَا فِيمَا ذَكَرَ (قَذْفٌ) لِأَنَّهُ آلَةُ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ مَحِلُّهُ

تَنْبِيهٌ: قَدْ مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ قَذْفًا صَرِيحًا فِي الْخُنْثَى إلَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْفَرْجِ وَالذَّكَرِ، وَقَدْ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْقَذْفِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا

فَرْعٌ: لَوْ تَقَاذَفَ شَخْصَانِ فَلَا تَقَاصَّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَالْقَدْرُ وَالصِّفَةُ وَمَوَاقِعُ السِّيَاطِ وَأَلَمُ الضَّرَبَاتِ مُتَفَاوِتَةٌ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ قَوْلَهُ) زَنَتْ (يَدُك) وَرِجْلُك (وَعَيْنُك، وَ) أَنَّ قَوْلَهُ (لِوَلَدِهِ) اللَّاحِقِ بِهِ ظَاهِرًا (لَسْت مِنِّي أَوْ لَسْت ابْنِي كِنَايَةٌ) فِي قَذْفِ أُمِّهِ، فَإِنْ قَصَدَ الْقَذْفَ كَانَ قَاذِفًا وَإِلَّا فَلَا أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ زِنَا هَذِهِ الْأَعْضَاءِ اللَّمْسُ وَالْمَشْيُ وَالنَّظَرُ كَمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ» فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الزِّنَا الْحَقِيقِيِّ إلَّا بِالْإِرَادَةِ، وَلِهَذَا لَوْ نَسَبَ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالزِّنَا قَطْعًا وَقِيلَ: إنَّهُ صَرِيحٌ قِيَاسًا عَلَى الْفَرْجِ، وَلِأَنَّهُ أَضَافَ الزِّنَا إلَى عُضْوٍ مِنْ الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْأَبَ يَحْتَاجُ إلَى تَأْدِيبِ وَلَدِهِ إلَى مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ زَجْرًا لَهُ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّأْدِيبِ (وَ) أَنَّ قَوْلَهُ (لِوَلَدِ غَيْرِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ صَرِيحٌ) فِي قَذْفِ أُمِّ الْمُخَاطَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْدِيبِ وَلَدِ غَيْرِهِ وَقِيلَ: إنَّهُ كِنَايَةٌ كَوَلَدِهِ (إلَّا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) وَلَمْ يَسْتَلْحِقْهُ الْمُلَاعِنُ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي قَذْفِ أُمِّهِ لِجَوَازِ إرَادَةِ لَسْت ابْنَهُ شَرْعًا، أَوْ لَسْت تُشْبِهُهُ خَلْقًا أَوْ خُلُقًا، وَلَهَا تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهَا، فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ أَنَّهُ أَرَادَ قَذْفَهَا حُدَّ وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ فَلَا حَدَّ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الْقَذْفَ رُتِّبَ عَلَيْهِ مُوجِبُهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ أَمَّا إذَا قَالَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِ النَّافِي لَهُ فَهُوَ قَذْفٌ صَرِيحٌ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ احْتِمَالًا مُمْكِنًا كَقَوْلِهِ: لَمْ يَكُنْ ابْنُهُ حِينَ نَفَاهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ، وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ وَلَا يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ مَا أَرَادَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَذْفٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَيَحُدُّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ مَا أَرَادَ، فَإِنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا حَدَّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ أَنَّا لَا نَحُدُّهُ هُنَاكَ حَتَّى نَسْأَلَهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ كِنَايَةٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَهُنَا ظَاهِرُ لَفْظِهِ الْقَذْفُ فَيُحَدُّ بِالظَّاهِرِ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُحْتَمَلًا

ثُمَّ شَرَعَ فِي مُوجِبِ الْقَذْفِ وَهُوَ الْحَدُّ فَقَالَ (وَيُحَدُّ قَاذِفُ مُحْصَنٍ) ثَمَانِينَ جَلْدَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] الْآيَةَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْحَدِّ وَشَرْطُهُ فِي بَابِهِ (وَيُعَزَّرُ غَيْرُهُ) وَهُوَ قَاذِفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ كَالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَالصَّبِيِّ وَالزَّانِي لِلْإِيذَاءِ

تَنْبِيهٌ: عِبَارَتُهُ قَدْ تُوهِمُ تَعْزِيرَ مَنْ لَمْ يَقْذِفْ أَحَدًا، فَلَوْ قَالَ كَالْمُحَرَّرِ وَيُعَزَّرُ قَاذِفُ غَيْرِهِ كَانَ

ص: 57

وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ، وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءِ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، لَا زَوْجَتِهِ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ وَأَمَةِ وَلَدِهِ وَمَنْكُوحَتِهِ بِلَا وَلِيٍّ فِي الْأَصَحِّ

ــ

[مغني المحتاج]

أَوْلَى، وَسَيَأْتِي بَيَانُ التَّعْزِيرِ آخِرَ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ (وَالْمُحْصَنُ) الَّذِي يُحَدُّ قَاذِفُهُ (مُكَلَّفٌ) وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَثْنِهِ مَعَ أَنَّهُ عَلَى رَأْيِهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ اعْتِمَادًا عَلَى اسْتِثْنَائِهِ لَهُ فِي بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ (حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ) فَإِنْ لَمْ يَطَأُ أَصْلًا أَوْ وَطِئَ وَطْئًا لَا يُحَدُّ بِهِ كَوَطْءِ الشَّرِيكِ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ؛ لِأَنَّ أَضْدَادَ ذَلِكَ نَقْصٌ، وَفِي الْخَبَرِ «مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ» وَإِنَّمَا جَعَلَ الْكَافِرَ مُحْصَنًا فِي حَدِّ الزِّنَا؛ لِأَنَّ حَدَّهُ إهَانَةٌ لَهُ، وَالْحَدُّ بِقَذْفِهِ إكْرَامٌ لَهُ، وَاعْتُبِرَتْ الْعِفَّةُ، لِأَنَّ مَنْ زَنَى لَا يَتَعَيَّرُ بِهِ

تَنْبِيهٌ: يُرَدُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ فِي دُبُرِهَا فَإِنَّهُ تَبْطُلُ بِهِ حَصَانَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ وَيُتَصَوَّرُ الْحَدُّ بِقَذْفِ الْكَافِرِ بِأَنْ يَقْذِفَ مُرْتَدًّا بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ إسْلَامِهِ، وَبِقَذْفِ الْمَجْنُونِ بِأَنْ يَقْذِفَهُ بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ إفَاقَتِهِ، وَبِقَذْفِ الْعَبْدِ بِأَنْ يَقْذِفَهُ بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ حُرِّيَّتِهِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الرِّقُّ، وَصُورَتُهُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الْأَسِيرُ ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ فِيهِ الرِّقَّ (وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ) الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِحْصَانِ (بِوَطْءِ) شَخْصٍ وَطْئًا حَرَامًا وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ بِهِ كَوَطْءِ (مَحْرَمٍ) لَهُ بِرَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ كَأُخْتٍ (مَمْلُوكَةٍ) مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالزِّنَا بَلْ غُشْيَانُ الْمَحَارِمِ أَشَدُّ مِنْ غُشْيَانِ الْأَجْنَبِيَّاتِ، وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِهِ عَلَى نَفْسِ الْحَدِّ لِعَدَمِ الْتِحَاقِهِ بِالزِّنَا

تَنْبِيهٌ: عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْخِلَافِ الْمُرَتَّبِ بِالْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِهِ، وَ (لَا) تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءٍ حَرَامٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ كَوَطْءِ (زَوْجَتِهِ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ) لِأَنَّ التَّحْرِيمَ عَارِضٌ يَزُولُ (وَ) لَا بِوَطْءِ (أَمَةِ وَلَدِهِ) لِثُبُوتِ النَّسَبِ حَيْثُ حَصَلَ عَلُوقٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ، وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةَ الْوَلَدِ وَلَا مُسْتَوْلَدَتَهُ، وَالظَّاهِرُ إطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ (وَ) لَا بِوَطْءٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَوَطْءِ (مَنْكُوحَتِهِ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ (بِلَا وَلِيٍّ) أَوْ بِلَا شُهُودٍ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ، وَقَوْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ، وَمُقَابِلُهُ تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِمَا ذَكَرَ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ فِيهِ

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي وَطْءِ الْمَنْكُوحَةِ بِلَا وَلِيٍّ بَيْنَ مُعْتَقِدِ الْحِلِّ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ قَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَكَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ اخْتِصَاصُهُ بِمُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِي حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ إحْرَامٍ، أَوْ صَوْمٍ، أَوْ اعْتِكَافٍ، وَلَا بِوَطْءِ مَمْلُوكَةٍ لَهُ مُرْتَدَّةٍ، أَوْ مُزَوَّجَةٍ، أَوْ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ مُكَاتَبَةٍ، وَلَا بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ، وَلَا بِزِنَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، وَلَا بِوَطْءِ جَاهِلِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْأَتِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَلَا بِوَطْءِ مُكْرَهٍ، وَلَا بِوَطْءِ مَجُوسِيٍّ مُحَرَّمًا لَهُ كَأُمِّهِ

ص: 58

وَلَوْ زِنَى مَقْذُوفٌ سَقَطَ الْحَدُّ، أَوْ ارْتَدَّ فَلَا

وَمَنْ زَنَى مَرَّةً ثُمَّ صَلَحَ لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا، وَحَدُّ الْقَذْفِ يُورَثُ وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرِثُهُ كُلُّ الْوَرَثَةِ،

ــ

[مغني المحتاج]

بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ، وَلَا بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ

(وَلَوْ زَنَى مَقْذُوفٌ) قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ (سَقَطَ الْحَدُّ) عَنْ قَاذِفِهِ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَا يُسْتَيْقَنُ بَلْ يُظَنُّ، وَظُهُورُ الزِّنَا يَخْدِشُهُ كَالشَّاهِدِ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ شَهِدَ بِشَيْءٍ ثُمَّ ظَهَرَ فِسْقُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ

تَنْبِيهٌ: الْوَطْءُ الْمُسْقِطُ لِلْإِحْصَانِ كَطُرُوِّ الزِّنَا (أَوْ ارْتَدَّ، فَلَا) يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرِّدَّةِ وَالزِّنَا أَنَّهُ يَكْتُمُ مَا أَمْكَنَ، فَإِذَا ظَهَرَ أَشْعَرَ بِسَبْقِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ لَا يَهْتِكُ السِّتْرَ أَوَّلَ مَرَّةٍ كَمَا قَالَهُ عُمَرُ رضي الله عنه وَالرِّدَّةُ عَقِيدَةٌ وَالْعَقَائِدُ لَا تَخْفَى غَالِبًا فَإِظْهَارُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الْإِخْفَاءِ، وَكَالرَّدَّةِ السَّرِقَةُ وَالْقَتْلُ؛ لِأَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا قَذَفَ بِهِ

(وَمَنْ زَنَى) حَالَ تَكْلِيفِهِ وَلَوْ (مَرَّةً ثُمَّ صَلَحَ) بِأَنْ تَابَ وَصَلَحَ حَالُهُ (لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا) أَبَدًا وَلَوْ لَازَمَ الْعَدَالَةَ وَصَارَ مِنْ أَوْرَعِ خَلْقِ اللَّهِ وَأَزْهَدِهِمْ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ سَوَاءٌ أَقَذَفَهُ بِذَلِكَ الزِّنَا، أَمْ بِزِنًا بَعْدَهُ، أَمْ أَطْلَقَ، لِأَنَّ الْعِرْضَ إذَا انْخَرَمَ بِالزِّنَا لَمْ يَزُلْ خَلَلُهُ بِمَا يَطْرَأُ مِنْ الْعِفَّةِ فَإِنْ قِيلَ:«التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» .

أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ

تَنْبِيهٌ دَخَلَ فِي قَوْلِنَا حَالَ تَكْلِيفِهِ الْعَبْدَ وَالْكَافِرَ فَإِنَّهُمَا إذَا زَنَيَا لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُمَا بَعْدَ الْكَمَالِ لِمَا ذَكَرَ، وَخَرَجَ بِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَإِنَّ حَصَانَتِهَا لَا تَسْقُطُ بِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَيُحَدُّ مَنْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمَا بَعْدَ الْكَمَال؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا لَيْسَ بِزِنًا لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ (وَحَدُّ الْقَذْفِ) وَتَعْزِيرُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (يُورَثُ) كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَلَوْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ مُرْتَدًّا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ فَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بَلْ يَسْتَوْفِيهِ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ لِلتَّشَفِّي كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ قِصَاصِ الْأَطْرَافِ (وَيَسْقُطُ) إمَّا (بِعَفْوٍ) عَنْ جَمِيعِهِ كَغَيْرِهِ أَوْ بِأَنْ يَرِثَ الْقَاذِفُ الْحَدَّ، فَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِهِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ شَيْءٍ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشُّفْعَةِ، وَأَلْحَقَ فِي الرَّوْضَةِ التَّعْزِيرَ بِالْحَدِّ، فَقَالَ: إنَّهُ يَسْقُطُ بِعَفْوٍ أَيْضًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّحَ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ جَوَازَ اسْتِيفَاءِ الْإِمَامِ لَهُ مَعَ الْعَفْوِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالسُّقُوطِ سُقُوطُ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا عَنْ التَّعْزِيرِ ثُمَّ عَادَ وَطَلَبَهُ لِإِيجَابٍ، وَأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَهُ لِلْمَصْلَحَةِ، لَا لِكَوْنِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَاكَ

فُرُوعٌ: لَوْ عَفَا وَارِثُ الْمَقْذُوفِ عَلَى مَالٍ سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِي وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ اغْتَابَ شَخْصًا لَمْ يُؤَثِّرْ التَّحْلِيلُ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا بِزِنًا يَعْلَمُهُ الْمَقْذُوفُ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ إلَّا مَالِكًا، فَإِنَّهُ قَالَ: لَهُ طَلَبُهُ، وَلَوْ قَذَفَهُ فَعَفَا عَنْهُ ثُمَّ قَذَفَهُ لَمْ يُحَدَّ، كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ يُعَزَّرُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ حَدَّ الْقَذْفِ إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ وَمِثْلُهُ التَّعْزِيرُ (يَرِثُهُ) أَيْ جَمِيعَهُ (كُلُّ) فَرْدٍ مِنْ (الْوَرَثَةِ) الْخَاصِّينَ حَتَّى الزَّوْجَيْنِ عَلَى

ص: 59