المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في مؤنة المملوك وما معها] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٥

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ]

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الظِّهَارِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَةِ

- ‌كِتَابُ اللِّعَانِ

- ‌[فَصْلٌ قَذْفُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةُ اللِّعَانِ وَشَرْطِهِ وَثَمَرَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ اللِّعَانِ]

- ‌كِتَابُ الْعِدَدِ

- ‌[فَصْلٌ الْعِدَّة بِوَضْعِ الْحَمْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاخُل عِدَّتَيْ الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مُعَاشَرَة الْمُطَلَّقِ الْمُعْتَدَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْحَائِلِ لِوَفَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا]

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي طَرَيَانُ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[فَصْل فِي مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَوَانِعُ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَار بِمُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ الْمَانِعِ لَهَا مِنْ وُجُوبِ تَمْكِينِهَا]

- ‌[فَصْل فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالْمُوجِبُ لَهَا قَرَابَةُ الْبَعْضِيَّةِ فَقَطْ]

- ‌[فَصْل فِي حَقِيقَةِ الْحَضَانَة وَصِفَات الْحَاضِنِ وَالْمَحْضُون]

- ‌[فَصْل فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ وَمَا مَعَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْجِرَاحِ]

- ‌[فَصْل فِي الْجِنَايَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]

- ‌[فَصْل فِي أَرْكَانِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي تغير حَال المجروح مِنْ وَقْت الْجُرْح إلَى الْمَوْت]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي وَفِي إسْقَاطِ الشِّجَاجِ]

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ وَلِيِّ الدَّمِ وَالْجَانِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَفْوِ]

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ مَا دُونَ النَّفْسِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الْحُكُومَةُ]

- ‌[بَاب فِي مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةُ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الَّتِي هِيَ مِنْ مُوجِبَاتِهِ]

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ

- ‌ الْقَسَامَةُ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثْبِتُ مُوجِبَ الْقِصَاصِ وَمُوجِبَ الْمَالِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ]

- ‌كِتَابُ الْبُغَاةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيَانِ انْعِقَادِ طُرُقِ الْإِمَامَةِ]

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ الزِّنَا

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ وَمَا يَمْنَعُهُ وَمَا يَكُونُ حِرْزًا لِشَخْصٍ دُونَ آخِر]

- ‌[فَصْل فِي شُرُوطِ السَّارِقِ وَفِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَا يُقْطَعُ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوطُ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ]

- ‌بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌[فَصْل فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ فِي غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ والتعازير]

- ‌[فَصْل فِي التَّعْزِيرِ]

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌[فَصَلِّ فِي ضَمَانِ مَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ]

الفصل: ‌[فصل في مؤنة المملوك وما معها]

فَصْلٌ عَلَيْهِ كِفَايَةُ رَقِيقِهِ نَفَقَةً، وَكِسْوَةً وَإِنْ كَانَ أَعْمَى زَمِنًا وَمُدَبَّرًا وَمُسْتَوْلَدَةً مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ وَأُدْمِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ، وَلَا يَكْفِي سِتْرُ الْعَوْرَةِ.

وَسُنَّ أَنْ يُنَاوِلَهُ

ــ

[مغني المحتاج]

[فَصْل فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ وَمَا مَعَهَا]

: يَجِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِكِ (كِفَايَةُ رَقِيقِهِ نَفَقَةً) طَعَامًا وَأُدْمًا، وَتُعْتَبَرُ كِفَايَتُهُ فِي نَفْسِهِ زَهَادَةً وَرَغْبَةً وَإِنْ زَادَتْ عَلَى كِفَايَةِ مِثْلِهِ غَالِبًا (وَ) عَلَيْهِ كِفَايَةُ رَقِيقِهِ (كِسْوَةً) وَكَذَا سَائِرُ مُؤْنَةٍ لِخَبَرِ «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» وَخَبَرِ «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَنْ مَمْلُوكِهِ قُوتَهُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَقِيسَ بِمَا فِيهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا.

تَنْبِيهٌ: اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذُكِرَ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ شِرَاءُ مَاءِ طَهَارَتِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وُجُوبُهُ كَفِطْرَتِهِ، وَكَذَا يَجِبُ شِرَاءُ تُرَابِ تَيَمُّمِهِ إنْ احْتَاجَهُ، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالْكِفَايَةِ أَنَّهَا لَا تَتَقَدَّرُ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَنَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى وُجُوبِ الْإِشْبَاعِ (وَإِنْ كَانَ) رَقِيقُهُ كَسُوبًا أَوْ مُسْتَحِقًّا مَنَافِعَهُ بِوَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَعْمَى زَمِنًا وَمُدَبَّرًا وَمُسْتَوْلَدَةً) وَمُسْتَأْجَرًا وَمُعَارًا وَآبِقًا لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِي الْجَمِيعِ، وَلِعُمُومِ الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ. نَعَمْ الْمُكَاتَبُ وَلَوْ فَاسِدَ الْكِتَابَةِ لَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ، وَلِهَذَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَرِقَّائِهِ. نَعَمْ إنْ عَجَزَ نَفْسُهُ وَلَمْ يَفْسَخْ السَّيِّدُ الْكِتَابَةَ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَزِيزَةُ النَّقْلِ فَاسْتَفِدْهَا، وَكَذَا الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ حَيْثُ أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ الْكِفَايَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ جِنْسِ طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، بَلْ (مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ) مِنْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَ) مِنْ غَالِبِ (أُدْمِهِمْ) مِنْ سَمْنٍ وَزَيْتٍ وَجُبْنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَ) مِنْ غَالِبِ (كِسْوَتِهِمْ) مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ «لِلْمَمْلُوكِ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهِ بِبَلَدِهِ، وَيُرَاعَى حَالُ السَّيِّدِ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الشَّرِيكَانِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا» ، وَلَوْ تَقَشَّفَ السَّيِّدُ بِأَنْ كَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَلْبَسُ دُونَ الْمُعْتَادِ غَالِبًا رِيَاضَةً أَوْ بُخْلًا لَزِمَ السَّيِّدَ رِعَايَةُ الْغَالِبِ لَهُ (وَلَا يَكْفِي سِتْرُ الْعَوْرَةِ) لِرَقِيقِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِحَرٍّ وَلَا بَرْدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِذْلَالِ وَالتَّحْقِيرِ، هَذَا بِبِلَادِنَا كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ. أَمَّا بِبِلَادِ السُّودَانِ وَنَحْوِهَا فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَهَذَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ: مِنْ الْغَالِبِ، فَلَوْ كَانُوا لَا يَسْتَتِرُونَ أَصْلًا وَجَبَ سِتْرُ الْعَوْرَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.

(وَ) لَوْ تَنَعَّمَ السَّيِّدُ بِمَا هُوَ فَوْقَ اللَّائِقِ بِهِ (سُنَّ لَهُ أَنْ يُنَاوِلَهُ) أَيْ رَقِيقَهُ

ص: 203

مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَأُدْمٍ وَكِسْوَةٍ.

وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَيَبِيعُ الْقَاضِي فِيهَا مَالَهُ، فَإِنْ فُقِدَ الْمَالُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

(مِمَّا يَتَنَعَّمُ) هُوَ (بِهِ)(مِنْ طَعَامٍ وَأُدْمٍ وَكِسْوَةٍ) لِأَنَّهُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَا يَلْزَمُهُ، بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغَالِبِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا هُمْ إخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِهِ وَلْيُلْبِسْهُ مِنْ لِبَاسِهِ» (1) فَقَالَ الرَّافِعِيُّ: حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى الْخِطَابِ لِقَوْمٍ مَطَاعِمُهُمْ وَمَلَابِسُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ سَائِلٍ، عُلِمَ حَالُهُ.

فَأَجَابَ بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ، وَكَسْبُهُ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ إنْ شَاءَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ فَضَّلَ نَفِيسَ رَقِيقِهِ عَلَى خَسِيسِهِ كُرِهَ فِي الْعَبِيدِ وَسُنَّ فِي الْإِمَاءِ، فَتُفَضَّلُ أَمَةُ التَّسَرِّي مَثَلًا عَلَى أَمَةِ الْخِدْمَةِ فِي الْكِسْوَةِ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ، وَفِي الطَّعَامِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ. وَقِيلَ: لَا تُفَضَّلُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْمِلْكِ. وَقِيلَ يُسَنُّ تَفْضِيلُ النَّفِيسِ مِنْ الْعَبِيدِ أَيْضًا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ قَضِيَّةُ الْعُرْفِ، فَلَيْسَ كِسْوَةُ الرَّاعِي وَالسَّايِسِ كَكِسْوَةِ مَنْ قَامَ بِالتِّجَارَةِ، وَيُسَنُّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْلِسَ بِضَمِّ الْيَاءِ رَقِيقَهُ مَعَهُ لِلْأَكْلِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ أَوْ امْتَنَعَ الرَّقِيقُ مِنْ جُلُوسِهِ مَعَهُ تَوْقِيرًا لَهُ، رَوَّغَ لَهُ مِنْ الدَّسَمِ لُقْمَةً كَبِيرَةً تَسُدُّ مَسَدًّا، لَا صَغِيرَةً تُهَيِّجُ الشَّهْوَةَ وَلَا تَقْضِي النَّهْمَةَ، أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ يُنَاوِلُهُ ذَلِكَ، وَإِجْلَاسُهُ مَعَهُ أَوْلَى لِيَتَنَاوَلَ الْقَدْرَ الَّذِي يَشْتَهِيهِ، وَهُوَ فِيمَنْ يُعَالِجُ الطَّعَامَ آكَدُ، وَلَا سِيَّمَا إنْ حَضَرَ الْمُعَالِجُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ» وَالْمَعْنَى تَشَوُّفُ النَّفْسِ لِمَا تُشَاهِدُهُ، وَهَذَا يَقْطَعُ شَهْوَتَهَا، وَالْأَمْرُ فِي الْخَبَرِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ طَلَبًا لِلتَّوَاضُعِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَلَوْ أَعْطَى السَّيِّدُ رَقِيقَهُ طَعَامًا لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ تَبْدِيلُهُ بِمَا يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْأَكْلِ بِخِلَافِ تَبْدِيلِهِ بِمَا لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ.

(وَتَسْقُطُ) كِفَايَةُ الرَّقِيقِ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ إلَّا بِاقْتِرَاضِ الْقَاضِي أَوْ إذْنِهِ فِيهِ وَاقْتَرَضَ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ بِجَامِعِ وُجُوبِهَا بِالْكِفَايَةِ (وَيَبِيعُ الْقَاضِي) أَوْ يُؤَجِّرُ (فِيهَا مَالَهُ) إنْ امْتَنَعَ أَوْ غَابَ، لِأَنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ عَلَيْهِ تَأْدِيَتُهُ، وَكَيْفِيَّةُ بَيْعِهِ أَوْ إيجَارِهِ أَنَّهُ إنْ تَيَسَّرَ بَيْعُ مَالِهِ أَوْ إيجَارُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ كَعَقَارٍ اسْتَدَانَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يُسَهِّلُ الْبَيْعَ أَوْ الْإِيجَارَ ثُمَّ بَاعَ أَوْ أَجَّرَ مَا يَفِي بِهِ لِمَا فِي بَيْعِهِ أَوْ إيجَارِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يُبَاعُ بَعْدَ الِاسْتِدَانَةِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ بَعْضِهِ وَلَا إجَارَتُهُ وَتَعَذَّرَتْ الِاسْتِدَانَةُ بَاعَ جَمِيعَهُ أَوْ أَجَّرَهُ (فَإِنْ فُقِدَ الْمَالُ) الَّذِي يُنْفِقُهُ عَلَى رَقِيقِهِ (أَمَرَهُ) الْقَاضِي (بِبَيْعِهِ) أَوْ إجَارَتِهِ (أَوْ إعْتَاقِهِ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجَّرَهُ الْقَاضِي، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ إجَارَتُهُ بَاعَهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ أَحَدٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَالٌ فَهُوَ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَيْهِمْ الْقِيَامُ بِهِ، وَالدَّفْعُ هُنَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُكْنَى عَنْهُ بِأَنَّهُ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ لَا الْعَبْدُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ

ص: 204

وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا، وَكَذَا غَيْرُهُ إنْ فَضَلَ عَنْهُ، وَفَطْمِهِ قَبْلَ حَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ، وَإِرْضَاعِهِ بَعْدَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّهَا.

وَلِلْحُرَّةِ حَقٌّ فِي التَّرْبِيَةِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَطْمُهُ قَبْلَ حَوْلَيْنِ وَلَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّهُ،

ــ

[مغني المحتاج]

بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ مَجَّانًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ السَّيِّدُ فَقِيرًا وَمُحْتَاجًا إلَى خِدْمَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَرْضًا عَلَيْهِ اهـ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَبِيعُهُ إذَا تَعَذَّرَتْ إجَارَتُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيِّ وَصَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ الْحَاكِمَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ بَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ، هَذَا فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ. أَمَّا هِيَ فَيُخَلِّيهَا لِلْكَسْبِ، أَوْ يُؤَخِّرُهَا، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقٍ بِخِلَافِهِ هُنَا، لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ فَيُؤْمَرُ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْبَيْعِ، وَلَا كَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ، وَأَيْضًا هَذِهِ ثَبَتَ لَهَا حَقٌّ فِي الْعِتْقِ وَفِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ. أَمَّا هُوَ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ النَّوْبَةِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ.

(وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ إجْبَارُهَا (عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ مِنْهَا.

تَنْبِيهٌ: لَوْ أَرَادَ تَسْلِيمَ وَلَدِهَا مِنْهُ إلَى غَيْرِهَا وَأَرَادَتْ إرْضَاعَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ مَنْعُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، لَكِنْ لَهُ ضَمُّهُ فِي وَقْتِ الِاسْتِمْتَاعِ إلَى غَيْرِهَا إلَى الْفَرَاغِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ وَيَسْتَرْضِعُهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ إرْضَاعَهُ عَلَى وَالِدِهِ أَوْ مَالِكِهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرُّوهُ (وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ وَلَدِهَا بِجَبْرِهَا عَلَى إرْضَاعِهِ أَيْضًا (إنْ فَضَلَ) لَبَنُهَا (عَنْهُ) أَيْ عَنْ رِيِّ وَلَدِهَا، إمَّا لِاجْتِزَائِهِ بِغَيْرِهِ، وَإِمَّا لِقِلَّةِ شُرْبِهِ، وَإِمَّا لِغَزَارَةِ لَبَنِهَا لِمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ فَلَا إجْبَارَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233] وَلِأَنَّ طَعَامَهُ اللَّبَنُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ كِفَايَتِهِ كَالْقُوتِ (وَ) يُجْبِرُهَا أَيْضًا عَلَى (فَطْمِهِ قَبْلَ) مُضِيِّ (حَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) أَيْ الْوَلَدَ الْفَطْمُ بِأَنْ اكْتَفَى بِغَيْرِ لَبَنِهَا وَلَمْ يَضُرَّهَا أَيْضًا (وَ) يُجْبِرُهَا عَلَى (إرْضَاعِهِ بَعْدَهُمَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ (إنْ لَمْ يَضُرَّهَا) وَلَمْ يَضُرَّهُ أَيْضًا فَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِرَضَاعٍ وَلَا فَطْمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِي التَّرْبِيَةِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ كَمَا قَالَ.

(وَلِلْحُرَّةِ حَقٌّ فِي التَّرْبِيَةِ) وَحِينَئِذٍ (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ الْحُرَّيْنِ (فَطْمُهُ) أَيْ الْوَلَدِ (قَبْلَ) مُضِيِّ (حَوْلَيْنِ) إلَّا بِرِضَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الرَّضَاعِ لَمْ تَتِمَّ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي فَطْمِهِ أَنَّ الدَّاعِيَ إلَى تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ يُجَابُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يُشْبِهُ إجَابَةَ مَنْ دَعَا لِلْأَصْلَحِ لِلْوَلَدِ فَقَدْ يَكُونُ الْفَطْمُ مَصْلَحَةً لَهُ لِمَرَضِ أُمِّهِ أَوْ حَمْلِهَا وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا فَظَهَرَ تَعَيُّنُ الْفِطَامِ هُنَا، وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِقَوْلِهِمْ، بَلْ إطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ (وَلَهُمَا) فَطْمُهُ قَبْلَ حَوْلَيْنِ (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) الْفَطْمُ لِاتِّفَاقِهِمَا وَعَدَمِ الضَّرَرِ بِالطِّفْلِ. فَإِنْ

ص: 205

وَلِأَحَدِهِمَا بَعْدَ حَوْلَيْنِ، وَلَهُمَا الزِّيَادَةُ.

وَلَا يُكَلِّفُ رَقِيقَهُ إلَّا عَمَلًا يُطِيقُهُ، وَيَجُوزُ مُخَارَجَتُهُ بِشَرْطِ رِضَاهُمَا

ــ

[مغني المحتاج]

ضَرَّهُ فَلَا (وَلِأَحَدِهِمَا) فَطْمُهُ إنْ اجْتَزَأَ بِالطَّعَامِ (بَعْدَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ الرَّضَاعِ التَّامِّ، فَإِنْ كَانَ ضَعِيفَ الْخِلْقَةِ لَا يَجْتَزِي بِغَيْرِ الرَّضَاعِ لَمْ يَجُزْ فِطَامُهُ، وَعَلَى الْأَبِ بَذْلُ الْأُجْرَةِ حَتَّى يَبْلُغَ حَدًّا يَجْتَزِي فِيهِ بِالطَّعَامِ، وَإِذَا امْتَنَعَتْ الْأُمُّ مِنْ إرْضَاعِهِ أَجْبَرَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ تَمَّ الْحَوْلَانِ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ قَالَ الْفَارِقِيُّ: يَجِبُ عَلَى الْأَبِ إرْضَاعُهُ فِي ذَلِكَ الْفَصْلِ، فَإِنَّ فِطَامَهُ فِيهِ يُفْضِي إلَى الْإِضْرَارِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ تَمَامِهِمَا فِي فَصْلٍ مُعْتَدِلٍ (وَلَهُمَا الزِّيَادَةُ) عَلَى حَوْلَيْنِ إنْ اتَّفَقَا عَلَيْهَا وَلَمْ تَضُرَّهُ الزِّيَادَةُ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ.

تَنْبِيهٌ: يُسَنُّ قَطْعُ الرَّضَاعَةِ عِنْدَ الْحَوْلَيْنِ، إلَّا لِحَاجَةٍ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ.

(وَلَا يُكَلِّفُ) الْمَالِكُ (رَقِيقَهُ إلَّا عَمَلًا يُطِيقُهُ) أَيْ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ الْمَارِّ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلِّفَهُ عَمَلًا عَلَى الدَّوَامِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ يَعْجَزُ عَنْهُ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْأَعْمَالَ الشَّاقَّةَ: أَيْ الَّتِي لَا تَضُرُّهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا لَا يُطِيقُ أَفْتَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِأَنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَيْسَ هُوَ بِبَعِيدٍ عَنْ قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ اهـ.

وَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرٌ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِخَلَاصِهِ، فَلَوْ كَانَ يَمْتَنِعُ إذَا مُنِعَ عَنْهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ بَيْعُهُ، وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ فِي تَكْلِيفِهِ رَقِيقَهُ مَا يُطِيقُهُ اتِّبَاعُ الْعَادَةِ فَيُرِيحُهُ فِي وَقْتِ الْقَيْلُولَةِ وَهِيَ النَّوْمُ فِي نِصْفِ النَّهَارِ، وَفِي وَقْتِ الِاسْتِمْتَاعِ إنْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ، وَفِي الْعَمَلِ طَرَفَيْ النَّهَارِ، وَمِنْ الْعَمَلِ آنَاءَ اللَّيْلِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ نَهَارًا، أَوْ النَّهَارِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ لَيْلًا، وَإِنْ سَافَرَ بِهِ أَرْكَبَهُ وَقْتًا فَوَقْتًا كَالْعَادَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، وَإِنْ اعْتَادَ السَّادَةُ الْخِدْمَةَ مِنْ الْأَرِقَّاءِ نَهَارًا مَعَ طَرَفَيْ اللَّيْلِ لِطُولِهِ اُتُّبِعَتْ عَادَتُهُمْ، وَعَلَى الرَّقِيقِ بَذْلُ الْمَجْهُودِ وَتَرْكُ الْكَسَلِ فِي الْخِدْمَةِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الْمَمْلُوكُ لِمَالِكِهِ: رَبِّي، بَلْ يَقُولُ: سَيِّدِي وَمَوْلَايَ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ لَهُ: عَبْدِي أَوْ أَمَتِي، بَلْ يَقُولُ: غُلَامِي أَوْ جَارِيَتِي أَوْ فَتَايَ وَفَتَاتِي، وَلَا كَرَاهَةَ فِي إضَافَةِ رَبٍّ إلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ كَرَبِّ الدَّارِ وَرَبِّ الْغَنَمِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لِلْفَاسِقِ وَالْمُتَّهَمِ فِي دِينِهِ يَا سَيِّدِي (وَيَجُوزُ) لِلْمَالِكِ (مُخَارَجَتُهُ) أَيْ ضَرْبُ خَرَاجٍ عَلَى رَقِيقِهِ إذَا كَانَ مُكَلَّفًا (بِشَرْطِ رِضَاهُمَا) أَيْ الْمَالِكِ وَرَقِيقِهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إجْبَارُ الْآخَرِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَاعْتُبِرَ فِيهِ التَّرَاضِي. وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ لَمَّا حَجَمَهُ صَاعَيْنِ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ» وَنَقَلَتْ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ " أَنَّهُ كَانَ لِلزُّبَيْرِ أَلْفُ مَمْلُوكٍ تُؤَدِّي إلَيْهِ الْخَرَاجَ، وَلَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ مِنْ خَرَاجِهِمْ شَيْئًا، بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهِ "

ص: 206

وَهِيَ: خَرَاجٌ يُؤَدِّيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ، وَعَلَيْهِ عَلْفُ دَوَابِّهِ، وَسَقْيُهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ فِي الْمَأْكُولِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ عَلْفٍ أَوْ ذَبْحٍ، وَفِي غَيْرِهِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ عَلْفٍ

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: يَسْتَفِيدُ الرَّقِيقُ بِالْمُخَارَجَةِ، مَا يَسْتَفِيدهُ الرَّقِيقُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَهِيَ خَرَاجٌ) مَعْلُومٌ يَضْرِبُهُ السَّيِّدُ عَلَى رَقِيقِهِ (يُؤَدِّيهِ) مِمَّا يَكْسِبُهُ (كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ) أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ اتِّفَاقِهِمَا، وَتُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ عَلَى كَسْبٍ مُبَاحٍ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَاضِلًا عَنْ مُؤْنَتِهِ إنْ جُعِلَتْ فِي كَسْبِهِ، فَلَوْ لَمْ يَفِ كَسْبُهُ بِخَرَاجِهِ لَمْ تَصِحَّ مُخَارَجَتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ: وَيَمْنَعُهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى أَمَتِهِ خَرَاجًا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا عَمَلٌ دَائِمٌ أَوْ غَالِبٌ، وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا لَمْ يُطِقْ الْعَمَلَ. وَرَوَى بِسَنَدِهِ إلَى عُثْمَانَ فِي خُطْبَتِهِ: لَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ فَيَسْرِقَ، وَلَا الْجَارِيَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ فَتَكْسِبَ بِفَرْجِهَا. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا مِمَّا تَجِبُ مُرَاعَاتُهُ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِبَاحَةُ، فَكَأَنَّ السَّيِّدَ أَبَاحَهُ الزَّائِدَ فِيمَا إذَا وَفَّى وَزَادَ كَسْبُهُ تَوَسُّعًا عَلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا عَوَارِضُ تُخْرِجُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَهِيَ جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَمُؤْنَتُهُ تَجِبُ حَيْثُ شُرِطَتْ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، وَيُجْبَرُ النَّقْصُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ بِالزِّيَادَةِ فِي بَعْضِهَا (وَعَلَيْهِ) أَيْ صَاحِبِ دَوَابَّ (عَلْفُ دَوَابِّهِ) الْمُحْتَرَمَةِ (وَسَقْيُهَا) أَوْ تَخْلِيَتِهَا لِلرَّعْيِ وَوُرُودِ الْمَاءِ إنْ اكْتَفَتْ بِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكْتَفِ بِهِ كَجَدْبِ الْأَرْضِ وَنَحْوِهِ أَضَافَ إلَيْهِ مَا يَكْفِيهَا، وَذَلِكَ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا: أَيْ هَوَامِّهَا. وَالْمُرَادُ بِكِفَايَةِ الدَّابَّةِ وُصُولُهَا لِأَوَّلِ الشِّبَعِ وَالرِّيِّ دُونَ غَايَتِهِمَا، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهَا كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ.

تَنْبِيهٌ الْعَلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ: مَطْعُومُ الدَّوَابِّ، وَبِإِسْكَانِهَا الْمَصْدَرُ، وَيَجُوزُ هُنَا الْأَمْرَانِ، وَضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِخَطِّهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْإِسْكَانِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) أَيْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ ذَلِكَ وَلَهُ مَالٌ (أُجْبِرَ فِي) الْحَيَوَانِ (الْمَأْكُولِ عَلَى) أَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ (بَيْعٍ) لَهُ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَزُولُ ضَرَرُهُ بِهِ (أَوْ عَلْفٍ أَوْ ذَبْحٍ، وَ) أُجْبِرَ (فِي غَيْرِهِ عَلَى) أَحَدِ أَمْرَيْنِ (بَيْعٍ أَوْ عَلْفٍ) وَيَحْرُمُ ذَبْحُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ إلَّا لِأَكْلِهِ، وَإِنَّمَا أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْهَلَاكِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَرَاهُ وَيَقْتَضِيهِ الْحَالُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَاعَ الْحَاكِمُ الدَّابَّةَ أَوْ جُزْءًا مِنْهَا أَوْ إكْرَاهًا عَلَيْهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يُبَاعَ مَا أَمْكَنَ إجَارَتُهُ، وَحَكَى عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ كِفَايَتُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ كَنَظِيرِهِ فِي الرَّقِيقِ؛ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثَمَّ، وَلَوْ كَانَتْ دَابَّتُهُ لَا تُمْلَكُ، كَكَلْبٍ لَزِمَهُ أَنْ يَكْفِيَهَا أَوْ يَدْفَعَهَا لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَوْ يُرْسِلَهَا، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ حَيَوَانٌ يُؤْكَلُ وَآخَرُ لَا يُؤْكَلُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا نَفَقَةَ أَحَدِهِمَا وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُمَا فَهَلْ يُقَدِّمُ نَفَقَةَ مَا لَا يُؤْكَلُ وَيَذْبَحُ مَا يُؤْكَلُ أَوْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمَأْكُولُ يُسَاوِي أَلْفًا وَغَيْرُهُ يُسَاوِي دِرْهَمًا فَفِيهِ

ص: 207

وَلَا يَحْلِبُ مَا ضَرَّ وَلَدَهَا

وَمَا لَا رُوحَ لَهُ، كَقَنَاةٍ وَدَارٍ لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا.

ــ

[مغني المحتاج]

نَظَرٌ وَاحْتِمَالٌ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي ذَبْحِ الْمَأْكُولِ، فَقَدْ قَالُوا فِي التَّيَمُّمِ: إنَّهُ يَذْبَحُ شَاتَهُ لِكَلْبِهِ الْمُحْتَرَمِ، فَإِذَا كَانَ يَذْبَحُ لِنَفْسِ الْكَلْبِ، فَبِالْأَوْلَى أَنْ يَذْبَحَ لِيَأْكُلَ وَيُعْطِيَ النَّفَقَةَ لِغَيْرِهِ. نَعَمْ إنْ اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ لِلْمَأْكُولِ لَمْ يَجُزْ ذَبْحُهُ كَأَنْ كَانَ جَمَلًا وَهُوَ فِي بَرِّيَّةٍ مَتَى ذَبَحَهُ انْقَطَعَ فِيهَا.

تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ غَصْبُ الْعَلَفِ لِلدَّابَّةِ، وَغَصْبُ الْخَيْطِ لِجِرَاحَتِهَا، وَلَكِنْ بِالْبَدَلِ إنْ تَعَيَّنَا وَلَمْ يُبَاعَا كَمَا يَجِبُ سَقْيُهَا الْمَاءَ، وَالْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ، وَيَجُوزُ تَكْلِيفُهَا عَلَى الدَّوَامِ مَا لَا تُطِيقُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ.

(وَلَا يَحْلِبُ) الْمَالِكُ مِنْ لَبَنِ دَابَّتِهِ: أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِبَ (مَا ضَرَّ وَلَدَهَا) لِأَنَّهُ غِذَاؤُهُ لِأَنَّهُ كَوَلَدِ الْأَمَةِ، وَلِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَإِنَّمَا يَحْلِبُ مَا فَضَلَ عَنْ رِيِّ وَلَدِهَا. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَيَعْنِي بِالرِّيِّ مَا يُقِيمُهُ حَتَّى لَا يَمُوتَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ الِاكْتِفَاءُ بِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا التَّوَقُّفُ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ اهـ.

وَهَذَا ظَاهِرٌ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ، وَلَهُ أَنْ يَعْدِلَ بِهِ إلَى لَبَنِ غَيْرِ أُمِّهِ إنْ اسْتَمْرَأَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِلَبَنِ أُمِّهِ، وَلَا يَجُوزُ الْحَلْبُ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْبَهِيمَةِ لِقِلَّةِ عَلَفِهَا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ، وَلَا تَرْكُ الْحَلْبِ أَيْضًا إذَا كَانَ يَضُرُّهَا، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهَا كُرِهَ تَرْكُهُ لِلْإِضَاعَةِ. فُرُوعٌ: يُسَنُّ أَنْ لَا يَسْتَقْصِيَ الْحَالِبُ فِي الْحَلْبِ، بَلْ يَدَعُ فِي الضَّرْعِ شَيْئًا، وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا تَفَاحَشَ طُولُ الْأَظْفَارِ وَكَانَ يُؤْذِيهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ حَلْبُهَا مَا لَمْ يَقُصَّ مَا يُؤْذِيهَا، وَيَحْرُمُ جَزُّ الصُّوفِ مِنْ أَصْلِ الظَّهْرِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا حَلْقُهُ لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ، قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ، وَلَا يُنَافِيهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي حُرْمَتِهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِجَوَازِ أَنْ يُرَادَ بِهَا كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الدَّمِيرِيُّ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُلْبِسَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ مَا يَقِيهَا الْحَرَّ وَالْبَرْدَ الشَّدِيدَ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهَا.

(وَمَا لَا رُوحَ لَهُ، كَقَنَاةٍ وَدَارٍ لَا تَجِبُ) عَلَى مَالِكِهَا الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ (عِمَارَتُهَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَنَاةِ وَالدَّارِ، فَإِنْ ذَلِكَ تَنْمِيَةً لِلْمَالِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ ذَلِكَ، وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إلَّا إذَا أَدَّى إلَى الْخَرَابِ فَيُكْرَهُ، هَكَذَا عَلَّلَ الشَّيْخَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ تَحْرِيمِ إضَاعَةِ الْمَالِ، لَكِنَّهُمَا صَرَّحَا فِي مَوَاضِعَ بِتَحْرِيمِهَا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ بِلَا خَوْفٍ، فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا أَعْمَالًا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ، وَبِعَدَمِ تَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكَ أَعْمَالٍ تَشُقُّ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ تَرْكُ سَقْيِ الْأَشْجَارِ الْمَرْهُونَةِ بِتَوَافُقِ الْمُعَانِدِينَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ سَقْيِ الْأَشْجَارِ: وَصُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ لَهَا ثَمَرَاتٌ تَفِي بِمُؤْنَةِ سَقْيِهَا، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ قَطْعًا، قَالَ: وَلَوْ أَرَادَ بِتَرْكِ السَّقْيِ تَجْفِيفَ الْأَشْجَارِ لِأَجْلِ قَطْعِهَا لِلْبِنَاءِ أَوْ الْوَقُودِ فَلَا كَرَاهَةَ قَطْعًا. أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فَعَلَى وَلِيِّهِ إصْلَاحُ زَرْعِهِ بِسَقْيٍ وَغَيْرِهِ وَعِمَارَةُ دَارِهِ وَيَجِبُ عَلَى نَاظِرِ الْأَوْقَافِ حِفْظُ رِقَابِهَا وَمُسْتَغِلَّاتِهَا.

ص: 208