المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في اختلاف ولي الدم والجاني] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٥

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ]

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الظِّهَارِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَةِ

- ‌كِتَابُ اللِّعَانِ

- ‌[فَصْلٌ قَذْفُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةُ اللِّعَانِ وَشَرْطِهِ وَثَمَرَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ اللِّعَانِ]

- ‌كِتَابُ الْعِدَدِ

- ‌[فَصْلٌ الْعِدَّة بِوَضْعِ الْحَمْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاخُل عِدَّتَيْ الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مُعَاشَرَة الْمُطَلَّقِ الْمُعْتَدَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْحَائِلِ لِوَفَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا]

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي طَرَيَانُ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[فَصْل فِي مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَوَانِعُ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَار بِمُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ الْمَانِعِ لَهَا مِنْ وُجُوبِ تَمْكِينِهَا]

- ‌[فَصْل فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالْمُوجِبُ لَهَا قَرَابَةُ الْبَعْضِيَّةِ فَقَطْ]

- ‌[فَصْل فِي حَقِيقَةِ الْحَضَانَة وَصِفَات الْحَاضِنِ وَالْمَحْضُون]

- ‌[فَصْل فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ وَمَا مَعَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْجِرَاحِ]

- ‌[فَصْل فِي الْجِنَايَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]

- ‌[فَصْل فِي أَرْكَانِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي تغير حَال المجروح مِنْ وَقْت الْجُرْح إلَى الْمَوْت]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي وَفِي إسْقَاطِ الشِّجَاجِ]

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ وَلِيِّ الدَّمِ وَالْجَانِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَفْوِ]

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ مَا دُونَ النَّفْسِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الْحُكُومَةُ]

- ‌[بَاب فِي مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةُ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الَّتِي هِيَ مِنْ مُوجِبَاتِهِ]

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ

- ‌ الْقَسَامَةُ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثْبِتُ مُوجِبَ الْقِصَاصِ وَمُوجِبَ الْمَالِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ]

- ‌كِتَابُ الْبُغَاةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيَانِ انْعِقَادِ طُرُقِ الْإِمَامَةِ]

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ الزِّنَا

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ وَمَا يَمْنَعُهُ وَمَا يَكُونُ حِرْزًا لِشَخْصٍ دُونَ آخِر]

- ‌[فَصْل فِي شُرُوطِ السَّارِقِ وَفِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَا يُقْطَعُ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوطُ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ]

- ‌بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌[فَصْل فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ فِي غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ والتعازير]

- ‌[فَصْل فِي التَّعْزِيرِ]

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ

- ‌[فَصَلِّ فِي ضَمَانِ مَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ]

الفصل: ‌[فصل في اختلاف ولي الدم والجاني]

فَصْلٌ: قَدَّ مَلْفُوفًا وَزَعَمَ مَوْتَهُ صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ فِي الْأَظْهَرِ.

وَلَوْ قَطَعَ طَرَفًا وَزَعَمَ نَقْصَهُ فَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهُ إنْ أَنْكَرَ أَصْلَ السَّلَامَةِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ، وَإِلَّا فَلَا.

ــ

[مغني المحتاج]

[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ وَلِيِّ الدَّمِ وَالْجَانِي]

(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ وَلِيِّ الدَّمِ وَالْجَانِي إذَا (قَدَّ) شَخْصٌ شَخْصًا (مَلْفُوفًا) فِي ثَوْبٍ أَوْ هَدَمَ عَلَيْهِ جِدَارًا (وَزَعَمَ) أَيْ ادَّعَى (مَوْتَهُ) حِينَ الْقَدِّ أَوْ الْهَدْمِ، وَادَّعَى الْوَلِيُّ حَيَاتَهُ حِينَئِذٍ (صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ كَانَ مَلْفُوفًا عَلَى هَيْئَةِ التَّكْفِينِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَ مَنْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُسْلِمًا وَادَّعَى رِدَّتَهُ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْجَانِي، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي تَصْحِيحِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَلْفُوفًا عَلَى هَيْئَةِ التَّكْفِينِ أَوْ فِي ثِيَابِ الْأَحْيَاءِ. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا لَا أَصْلَ لَهُ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا لَمْ تَتَحَقَّقْ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنْ يُقْطَعَ بِتَصْدِيقِ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَمْ يُعَارِضْهُ أَصْلٌ آخَرُ، وَإِذَا حَلَفَ الْوَلِيُّ فَلْيَحْلِفْ يَمِينًا وَاحِدَةً، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْقَسَامَةِ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى الْقَتْلِ وَهُنَا عَلَى حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَسَوَّى الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَالْوَاجِبُ بِحَلِفِ الْوَلِيِّ الدِّيَةُ لَا الْقِصَاصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْقَتْلِ عَفْوَ الْوَلِيِّ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْوَلِيُّ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَالْإِقْرَارِ وَكِلَاهُمَا يَثْبُتُ بِهِ الْقِصَاصُ، وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِحَيَاةِ الْمَلْفُوفِ، وَلِمَنْ رَآهُ يَلْتَفُّ أَوْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ الشَّهَادَةُ بِحَيَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهَا حَالَةَ الْقَدِّ أَوْ الْهَدْمِ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِأَنَّهُ رَآهُ يَلْتَفُّ أَوْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ.

(وَلَوْ) قَتَلَ شَخْصًا ثُمَّ ادَّعَى رِقَّهُ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وَالظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ، وَلِهَذَا حَكَمْنَا بِحُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ الْمَجْهُولِ وَإِنْ (قَطَعَ طَرَفًا) لِغَيْرِهِ أَوْ جَنَى عَلَى عُضْوِهِ (وَزَعَمَ نَقْصَهُ) كَشَلَلٍ أَوْ خَرَسٍ أَوْ فَقْدِ أُصْبُعٍ وَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (فَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهُ) أَيْ الْجَانِي بِيَمِينِهِ (إنْ أَنْكَرَ أَصْلَ السَّلَامَةِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ) كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَاللِّسَانِ وَالْعَيْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اعْتَرَفَ بِأَصْلِ السَّلَامَةِ أَوْ أَنْكَرَهُ فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ كَالْفَخِذِ (فَلَا) يُصَدَّقُ الْجَانِي بَلْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ. وَالْفَرْقُ عُسْرُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ حُدُوثِ نَقْصِهِ وَالثَّانِي تَصْدِيقُ الْجَانِي مُطْلَقًا لِأَصْلِ الْبَرَاءَةِ.

وَالثَّالِثُ تَصْدِيقُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِأَصْلِ السَّلَامَةِ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ طُرُقٍ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ بَدَلَ قَطَعَ: جَنَى عَلَى عُضْوٍ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ ضَوْءَ الْعَيْنِ وَذَهَابَ السَّمْعِ وَالشَّمِّ وَنَقْصَهُمَا، وَالْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مَا يُعْتَادُ سَتْرُهُ مُرُوءَةً، وَقِيلَ مَا يَجِبُ وَهُوَ الْعَوْرَةُ، وَعَلَى هَذَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَإِذَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَالَ الشَّارِحُ:

ص: 272

أَوْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَزَعَمَ سِرَايَةً، وَالْوَلِيُّ انْدِمَالًا مُمْكِنًا أَوْ سَبَبًا فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ.

وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ وَزَعَمَ سَبَبًا وَالْوَلِيُّ سِرَايَةً.

ــ

[مغني المحتاج]

فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قَدِّ الْمَلْفُوفِ، وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْأَصْحَابِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ، وَاسْتَشْكَلَهُ بِمَا مَرَّ فِي الْمَلْفُوفِ، وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْجَانِيَ ثَمَّ لَمْ يَعْتَرِفْ بِبَدَلٍ أَصْلًا بِخِلَافِهِ هُنَا، وَإِذَا صَدَّقْنَا الْجَانِيَ احْتَاجَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إلَى بَيِّنَةٍ بِالسَّلَامَةِ، ثُمَّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي قَوْلُ الشُّهُودِ كَانَ صَحِيحًا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَرُّضُهُمْ لِوَقْتِ الْجِنَايَةِ وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ بِسَلَامَةِ الْيَدِ وَالذَّكَرِ بِرُؤْيَةِ الِانْقِبَاضِ وَالِانْبِسَاطِ وَسَلَامَةِ الْبَصَرِ بِرُؤْيَةِ تَوَقِّيهِ الْمَهَالِكَ وَإِطَالَةِ تَأَمُّلِهِ لِمَا يَرَاهُ بِخِلَافِ التَّأَمُّلِ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ مِنْ الْأَعْمَى، وَلَوْ قَطَعَ شَخْصٌ كَفَّ آخَرَ مَثَلًا وَاخْتَلَفَا فِي نَقْصِ أُصْبُعٍ صُدِّقَ مُنْكِرُ الْوُجُودِ بِيَمِينِهِ.

(أَوْ) قَطَعَ (يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (وَزَعَمَ) الْجَانِي (سِرَايَةً) أَيْ أَنَّهُ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، أَوْ قَالَ: قَتَلْتُهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ (وَ) زَعَمَ (الْوَلِيُّ انْدِمَالًا مُمْكِنًا) قَبْلَ مَوْتِهِ (أَوْ) زَعَمَ (سَبَبًا) آخَرَ لِلْمَوْتِ عَيَّنَهُ كَقَوْلِهِ: قَتَلَ نَفْسَهُ أَوْ قَتَلَهُ آخَرُ (فَالْأَصَحُّ) الْمَنْصُوصُ (تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السِّرَايَةِ، وَلِمُوَافَقَتِهِ الظَّاهِرَ فَتَجِبُ دِيَتَانِ وَالثَّانِي تَصْدِيقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَاحْتَرَزَ بِمُمْكِنٍ عَمَّا لَا يُمْكِنُ لِقِصَرِ زَمَنِهِ كَقَوْلِهِ: انْدَمَلَ الْجُرْحُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَيُصَدَّقُ الْجَانِي فِي قَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَلِيُّ السَّبَبَ فَيُنْظَرُ إنْ أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ صُدِّقَ الْجَانِي أَنَّهُ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ أَوْ بِقَتْلِهِ.

قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: بِيَمِينِهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرٌ فِي دَعْوَى قَتْلِهِ، أَمَّا فِي دَعْوَى السِّرَايَةِ فَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ كَنَظِيرِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْجَانِي: أَنْتَ قَتَلْتَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْكَ ثَلَاثُ دِيَاتٍ، وَقَالَ الْجَانِي بَلْ: قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيَّ دِيَةٌ وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَسَقَطَتْ الثَّالِثَةُ بِحَلِفِ الْجَانِي، فَحَلِفُهُ أَفَادَ سُقُوطَهَا، وَحَلِفُ الْوَلِيِّ أَفَادَ دَفْعَ النَّقْصِ عَنْ دِيَتَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ حَلَفَ الْجَانِي عَمَلًا بِالظَّاهِرِ.

(وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ) وَمَاتَ (وَزَعَمَ) الْجَانِي (سَبَبًا) آخَرَ لِلْمَوْتِ غَيْرَ الْقَطْعِ كَشُرْبِ سُمٍّ مُوَحٍّ وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الَّذِي يَقْتُلُ فِي الْحَالِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ إلَّا نِصْفُ دِيَةٍ (وَ) زَعَمَ (الْوَلِيُّ سِرَايَةً) مِنْ قَطْعِ الْجَانِي فَعَلَيْهِ كُلُّ الدِّيَةِ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ بِيَمِينِهِ سَوَاءٌ أَعَيَّنَ الْجَانِي السَّبَبَ أَمْ أَبْهَمَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ، وَقُدِّمَ هَذَا الْأَصْلُ عَلَى أَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا مِنْ تَصْحِيحِ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ تَصْدِيقُ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ.

أُجِيبَ بِأَنَّا إنَّمَا صَدَّقْنَا الْوَلِيَّ ثَمَّ مَعَ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ قَدْ اشْتَغَلَتْ ذِمَّتُهُ ظَاهِرًا بِدِيَتَيْنِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُ الْمُسْقِطِ لِإِحْدَاهُمَا وَهُوَ السِّرَايَةُ فَكَانَتْ الْإِحَالَةُ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْوَلِيُّ أَقْوَى، إذْ دَعْوَاهُ قَدْ اُعْتُضِدَتْ بِالْأَصْلِ وَهُوَ شَغْلُ ذِمَّةِ الْجَانِي، وَإِنْ عَادَ الْجَانِي بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ فَقَتَلَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ حَتَّى تَلْزَمَهُ دِيَةٌ وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ قَتَلَهُ بَعْدَهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ دِيَةٌ

ص: 273