الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدين بن المعتمد، وتلقاهما أرباب الدولة والناس على العادة، ودخل بخلعة حمراء، وعليها فروة سمور، وكان يوماً مشهوداً، ومدة غيبته سنة وأربعة شهور إلا ستة أيام، ومدة غيبة برهان الدين سنة وسبعة شهور وثلاثة عشر يوماً.
وفي يوم الخميس مستهل جمادى الآخرة منها، لبس قاضي المالكية شمس الدين محمد الطولقي، التاجر بسوق جقمق ثم كان بسوق تجار خان السلطان، تحت القلعة، وقريء توقيعه على العادة تجاه محراب الحنفية، أتى بتوقيعه على يد القاضي الشافعي، وتاريخه مستهل ربيع الأول منها. وفي ثاني يوم وهو يوم الجمعة حضر الشافعي إلى باب الخطابة بالجامع، ولم يكن معه أحد من المعتبرين بل وحده، فرأى سجادات القضاة الحنفي والمالكي ثم الحنبلي إلى جانب سجادته، فدخل بيت الخطاب ليخطب، فلما قربت الصلاة أتى الحنفي ثم الحنبلي، وأبطأ المالكي الجديد فأتى ومعه جماعة قلائل، منهم الطرابلسي، وصهر المريني، وهو مطيلس، خلفهما، فدخل وجلس تحت الحنفي فوق الحنبلي، ولم يصل سنة الجمعة على
…
سنة تسعة وتسعين وثمانمائة
استهلت والخليفة أمير المؤمنين المتوكل على الله عبد العزيز بن يعقوب، وسلطان مصر والشام الملك الأشرف أبو النصر قايتباي، ونائبه بدمشق قانصوة اليحياوي؛ والقضاة: الحنفي وظيفته شاغرة، ثم وليها في أثناء هذه السنة كما سيأتي محب الدين ابن القصيف، والشافعي شهاب الدين بن الفرفور، والمالكي شمس الدين الطولقي، والحنبلي نجم الدين بن مفلح؛ والأمير الكبير يلباي؛ والحاجب الكبير الشرفي يونس، والحاجب الثاني تنم؛ ودوادار السلطان أركماس، ونائب القلعة برد بك، ثم وليها يخشباي؛ ونقيبها قانصوه الفاجر؛ وكاتب السر محب الدين الأسلمي؛ وناظر الجيش تمربغا الترجمان الأسلمي؛ ودوادار النائب قطش.
وفي يوم السبت مستهلها خلع بنيابة القلعة للأمير برد بك أحد مماليك السلطان، فدخل القلعة متضعفاً على نية أن يلبس تشريفه إذ طاب بعد أيام، فقضى نحبه عشية الاثنين ثالث هذا الشهر المحرم. وفي يوم الاثنين عاشوراء، أمر النائب بتوسيط نصراني اسمه إسحاق اللحام، لأجل أنه قتل زوجته التي كانت ترضع ولده منها، لكونها فرضت عليه فرضاً دراهم؛ فوسط على باب بيتها بحارة النصارى.
وفي صبيحة يوم السبت ثاني عشريه دخلت كتب الوفد
الشريف إلى دمشق، وأخبروا عن الحاج بغلاء كثير، وعطش شديد، وموت الظهر، وأن الركب الحلبي سافر على طريق راشدة، فوجد ماءً كثيراً، بخلاف الركب الشامي، وأن الوقفة كانت في يومين: الجمعة والسبت، وأن الشاش والإزار كثير؛ ثم دخل الوفد الشريف يوم السبت تاسع عشرينه.
وفي صبيحة يوم الأربعاء ثالث صفر منها، رئي الشاب العطار يوسف بن الوصواص العاتكي مقتولاً عند القصر الظاهري. وفي يوم الأربعاء عاشره قتل الأزعر علي بن بلغان، رفيق صيور الشاغوري، سلط النائب عليه من قتله، فذهب أخو المقتول إلى والي الشاغور ابن العماد فقتله، وكبست الشاغور، على أن يمسك صيور مماليك النائب، فلم يقدروا عليه، فخافت امرأة من الشاغور لها بنت قد آن دخلوها على زوجها، فهربت من الشاغور بجهازها إلى عند أخت لها بالسويقة المحروقة، مرعوبة، فسقطت على باب أختها فماتت في الحال، فهذه ثلاثة أنفس بجريرة صيور أيضاً.
وفي يوم الخميس حادي عشره اجتمع الجم الغفير بالجامع الأموي، ومنعوا آذان الظهر والعصر إلا على باب المئذنة بالرواق؛ وكبروا على دوادار السلطان، لكونه مسك اثنين من جماعة الشيخ مبارك، لكونهم منعوا الحمارين من المجيء إلى دمشق. وفي يوم الأحد حادي عشرينه شاع بدمشق موت جماعة من نواب المملكة، منهم أزدمر نائب حلب، بعد تسحب ولده المطلوب إلى مصر، ومنهم أزدمر المسرطن نائب صفد.
وفي يوم الاثنين سابع ربيع الأول منها، سافر نائب الشام والأمير الكبير ودوادار السلطان، محرضون للقبض على ابن ساعد وابن إسماعيل، بمعاملة عجلون، لعصيانهما، وإرجافهما. وفي يوم السبت ثاني عشره سافر القاصد بالجماعة المزيين الذين بالحبس، من جهة قتل الزيني عبد القادر بن الشيراجي المتقدم ذكره، وذكرهم. ثم في اليوم رجع بأكبرهم، وهو شعبان، لكونه على خطة الموت كما قيل، ثم بعد يومين من سفرهم شاع بدمشق أن جماعة منهم فكوا الزنجير من رقابهم وهربوا.
وفي هذه الأيام خرج من مصر ورجع إلى دمشق قاصد ابن عثمان، ومعه من الهدايا والتحف على كثرة أنواعها، من خيل ورقيق ومعادن وجواهر وسلاح وغير ذلك، ودخل دمشق
مدخلاً عظيماً مع غيبة النائب. وفي يوم الاثنين سابع عشرينه، وهو سادس كانون الثاني، وكان يوماً كثير الوحل، ودخل من مصر إلى دمشق نائب قلعتها الجديد عوضاً عن الأيدكي المطلوب إلى مصر، المصادر من مدة، وهي شاغرة، واسم هذا الجديد يخشباي. وفي عشية يوم الأربعاء سلخه رجع النائب إلى دمشق مع أناس قلائل، وقد كاد أن يموت، وقيل إنه سقط عن فرسه من كثرة الثلج في بلاد حوران ودمشق، فإنه أتى من يوم الخميس المار، واستمر إلى الآن ماكثاً.
وفي ليلة الخميس ثامن ربيع الآخر منها هلك في الحبس شعبان الحوراني، ثم المزي، أكبر الشاغرين، ثم المباشرين، لقتل الزيني بن الشيراجي، وأخذ من الحبس إلى المزة ودفن بها، وكان عليه آثار الإجرام ظاهرة، بعد أن كان في أوائل أمره قرأ شيئاً من القرآن بالمدرسة المنجكية، ثم أقرأ الصغار بالمزة، ثم صار من أعيانها، ونم على أهلها عند أستاذها، ورافع بن الشيراجي إلى مصر، ثم رجع واستمر يحط عليه، حتى هجم عليه مع جماعة بيت ابن الرجيحي، فقتله كما تقدم.
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشره سافر إلى مصر مطلوباً ابن الرجيحي الذي قتل ابن الشيراجي ببيته، ليشهد على القاتلين رفقاء شعبان الذي هلك بدمشق، وهم أخذوا إلى مصر. وفي هذه الأيام استقر أينال نائب طرابلس في نيابة حلب، وآقباي نائب غزة استقر في نيابة صفد.
وفيه وقعت فتنة بين دوادار السلطان والحاجب الثاني بدمشق، الساكنين يومئذ بالسكة الآخذة من الشامية الكبرى إلى جامع التوبة، وقتل وجرح جماعات، واستمر في ذلك أياماً، وطلب الدوادار من النائب أن يرسم له بجماعة يمسكوه ويصعد به إلى القلعة، فأبى النائب ذلك حتى يأتي مرسوم السلطان. وفي هذه الأيام تضاعف وقوف حال الناس بسبب كثرة وقوع الثلج والجليد من أول الأصم إلى آخره، حتى وصل الثلج إلى مصر على ما قيل، ومات دواب كثيرة، وغلا سعر اللحم حتى صار رطله بخمسة دراهم، وسعر القمح حتى صارت الغرارة بنحو الأربعمائة.
وفي يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الأولى منها، قرئت المراسيم التي وردت من مصر بعزل دوادار السلطان وتوليته أمرة الحج، وأن الأمير ميسرة أمير الحج برد بك يكون مكانه بالدوادارية، زيادة على أمرة الميسرة، وأن الحاجب الثاني، معزولاً منها، باقياً على أمرة بيده؛ ووردت الأخبار بأن السلطان أمر بضرب القاضي محي الدين بن الرجيحي بالمقارع، فشق ثيابه لذلك، فشفع فيه كاتب السر، وضرب أخو شعبان بالمقارع.
وفي يوم الخميس خامس جمادى الآخرة منها، لبس دوادار السلطان المعزول أمرة الحاج، وأمير الحاج المعزول مكانه. وفي بكرة يوم الاثنين سادس عشره دخل من مصر إلى دمشق كاتب سرها المحب الأسلمي، وهو ناظر القلعة، مخلوعاً عليه، ولاقاه النائب والجماعة على العادة.
وفي يوم الاثنين ثامن رجب منها، دخل من مصر إلى دمشق حاجب ثاني، عوضاً عن تنم المعزول، وتلقاه أرباب الدولة على العادة، واسمه برسباي. وفيه لبس القاضي محب الدين بن القصيف خلعة بقضاء الحنيفة، وفوض لجماعة منهم: شمس الدين بن الشيخ عيسى، ومنهم عز الدين بن حملان. وفي ليلة الثلاثاء تاسعه قدم من صفد العلامة محب الدين أبو الفضل بن الإمام، ونزل ببيت حميه شمس الدين بن كامل، وسلم عليه من فر من دمشق لأجله القاضي الشافعي، فرضى عليه لذلك.
وفي ليلة الخميس ثامن عشره، قريب وقت ثلث الليل، احترق مربع باب الجابية وشماليها وشرقيها إلى الباب، وذهب فيه للناس أموال كثيرة، وغالبها نهبت قبل وصول الحريق إليه، سيما الحريرية والشماعين والحبالين والحدادين. وفي هذ الأيام هبط سعر القمح إلى ثلاثمائة وخمسين، بعد أن كانت غرارته وصلت إلى الخمسمائة. وفيها نزل صانع حمام بيدمر، أحمد القزيزاتي، إلى الماء الذي بقدرة الحمام ليسد العيب الذي بها على عادته، فمات وتعلق الظلمة على معلم الحمام.
وفي يوم الثلاثاء مستهل شعبان منها، دخل من مصر إلى دمشق الدوادار الثاني للمقام الشريف، ماماي، ماراً في الرسلية إلى ابن عثمان، وأثنى عليه الناس في سفره، فإنه لم يأخذ من التجار شيئاًُ ولا مكن الخفر منهم، ونزل بالقصر، وكان معه تحف كثيرة، منها أربع خيول خاصات لم ير الراؤون مثلهم. وفي ليلة الأربعاء ثانيه وقت العشاء احترق الفرن وما فوقه وحوله قبلي التربة التي بالحدرة، بمحلة القربيين، فأدركت وأطفئت.
وفي يوم الخميس سابع عشره أسلم صدقة السامري، الذي كان دخل في مظالم الناس بدمشق، ثم صودر وحبس بالقلعة، فلما أسلم يومئذ أخرج منها، وخلع عليه أرباب الدولة، وحكم بإسلامه القاضي الشافعي، وحصل له إكرام، ثم عاد باختياره إلى القلعة حتى يأتي جواب السلطان، ثم في ثاني يوم أتى إلى الجامع الأموي إلى عند بيت الخطابة فصلى ركعتين، ثم جلس إلى أن جاء الشافعي فقام له، ثم صلى الجمعة خلف ظهره، ثم رجع إلى القلعة.
وفي يوم الجمعة ثاني رمضان توفي المملوك الذي أتى من مصر من شهور للانتقام من الحاجب الثاني المعزول، بسبب كونه اتهم بقتل أخيه الذي كان من جماعة دوادار السلطان المعزول، واتهم الحاجب الثاني بأنه سبب موته، فإنهما قبل ذلك تخاصما في مكان، وأراد هذا المملوك قتله، فرد الحاجب الثاني عن نفسه، فأصاب طرف زنده فورم ثم سرى وتوفي يومئذٍ، وذهب النائب وصلى عليه مع أرباب الدولة، خلا الحاجب الكبير فإنه أتى إلى الجامع الأموي متأخراً، وصلى إلى جانب القاضي الشافعي، وكان إلى جانبه الآخر القاضي الحنفي.
ثم لما سلم الخطيب سراج الدين قال المرضى عن أخباره وهو إبراهيم السوبيني، أحد العدول، للمؤذنين، الصلاة غائبة على غائبين، ولم يدر من هما، فصلى الناس على ما صلى عليه الإمام، وامتنع القاضي الشافعي ومن معه لكونهم لم يعلموا على من صلي، وكانت العادة أن يصلي بالجامع الأموي على غائب إلا بإذن القاضي الشافعي، ثم تبين أن الرجلين الغائبين شخصان من الأروام، أتيا للحج فماتا في الطريق قبل الدخول إلى دمشق.
ثم في أخر هذا اليوم قبض أمير الحاج أركماس الشيخ مبارك تلميذ العداس، ورجلاً آخر، وبعث بهما إلى دار السعادة، فضربهما النائب، وأمر بحبسهما، وقال الشيخ مبارك: إن كان لك سر فأظهره، حنقاً عليه لكونه كان يمنع جلابة الخمر جلبة، فسمع القاضي الشافعي بمسكه، فأرسل وأخرجه من الحبس.
ثم في يوم السبت رابعه أتى جماعة من القابون إلى حبس باب البريد، فكسروه وأخرجوا منه رفيق الشيخ مبارك، وهرب من في الحبس، فجاءت إليهم مماليك النائب من دار السعادة بالسلاح، فقتلوا جماعات منهم ومن أهل الصالحية، وندرة، وغيرهم، أكثر من مائة وخمسين، عند باب البريد، وباب العنبرانين، وعند قبر زكريا عليه السلام بالجامع الأموي، وتخبطت دمشق، وامتنع القضاة من الحضور بيوم الاثنين بدار العدل، ولا قوة إلا بالله، وفي عشية يوم الجمعة سادس عشره وصل نجم الدين بن الخيضري من مصر إلى دمشق، وتوعك.
وفي يوم الاثنين ثامن عشر شوال منها، خرج الحاج من دمشق، وأميرهم أركماس. وفي يوم الأحد رابع عشريه رجعت المزيربية منه، وأخبروا بالرخاء والخير الكثير.
وفي يوم الأحد مستهل ذي القعدة منها، حفر في الزاوية القلندرية، جوار القبة الظاهرية، التي بمقبرة باب الصغير، قبلي بلال رضي الله عنه، عن ناووس حجر، فإذا هو مكتوب عليه اسم فاطمة بنت أحمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب و، قد أحكم بناؤه عليها، وبجوارها
نصيبة عليها مكتوب إنه قبر الحافظ ثقة الدين أبي القاسم علي بن العساكر، مؤرخ الشام، توفي سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وفي ليلة السبت ثامن عشريه احترق المسمط وما حوله بين العقيبة والعلبيين. وفي ثاني ليلة، ليلة الأحد تاسع عشريه، احترق حوانيت تجاه حمام جكارة، الذي بجانب خندق السور.
وفي يوم الاثنين مستهل ذي الحجة منها، قبض على شمس الدين الطولقي قاضي المالكية، بمرسوم شريف ورد من مصر على يد مملوك، ووضع بالقلعة، ثم سافروا به صبحة يوم الاثنين ثامنه بعمامة صغيرة وقد اصفر وجهه، وقدامه جماعة وخلفه مماليك، وبجانب فرسه ماشيان عن يمينه وشماله. وفي يوم السبت آخر أيام التشريق، دخل من مصر إلى دمشق خاصكي، مبشر النيل، بخلعة بطراز، وتلقاه النائب على العادة.
ثم في يوم الاثنين خامس عشره دخل من مصر إلى دمشق خاصكي حواط على تركة نائب حماة بخلعة بطراز، وتلقاه النائب على العادة أيضاً. وفي هذه الأيام اعتنى النائب بنقل المشنقة إلى جانب مئذنة الشحم، ونصبها على التل الذي هناك مع علوها وعلوه، بحيث قارنت المئذنة المذكورة، وشنق بها جماعة، وكثر الدعاء عليه بسبب ذلك، ورؤيت من مصلى العيدين مع بعده، ورؤيت من محلة قبر عاتكة أيضاً.
وقال الشهاب الحمصي في ذيله: وفي يوم الخميس خامس عشر جمادى الأولى منها، منعت زين الدين الصفوري، المحدث من القراءة بالجامع الأموي، ومن غيره، وأمرت بشيل كرسيه من الجامع الأموي، وسببه أنه جمع كتاباً سماه: نزهة المجالس وذكر في أحاديث موضوعة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أحضر الكتاب المذكور وذكر أنه تاب ورجع عن الأحاديث الموضوعة فيه، وأنه لا يعود لذلك، والله يعلم المفسد من المصلح.
وفي يوم الثلاثاء عاشر جمادى الآخرة منها، اجتمع أهل الصالحية وصنعوا ضيافة عظيمة حضرها خلق، وسبب ذلك أشياء، منها عزل دوادار السلطان أركماس عنهم، ومنها عزل الوالي الذي ولاه أركماس هذا عليهم، وكان عبداً هندياً لابن التونسي، وكان جدد مظالم عظيمة، ومنها أنهم قتلوا شخصاً من أعوان الظلمة، فعمل عليهم النائب مصلحة