الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلّى، فسها عن الفاتحة، وقرأ السورة فقطع رجل الصلاة ونبّهه على قراءة الفاتحة فقرأها.
ثم خطب العلامة كمال الدين الطويل الشافعي، ثم العلاء شمس الدين الغزّي خطيب مدرسة السلطان؛ ثم خطب القاضي شرف الدين يحيى البرديني الشافعي، ونسي الجلوس بين الخطبتين؛ ثم العالم محبّ الدين المحرقي، خطيب الجامع الأزهر، ثم الشيخ يحيى الرشيدي، خطيب الأزبكية، ثم القاضي فخر الدين الطويل نقيب الشافعي، ثم قاضي القضاة الجمال إبراهيم القلقشندي الشافعي، وشرط عليه أن لا يعود.
سنة أربع عشرة وتسعمائة
استهلّت والخليفة أمير المؤمنين أبو الصبر يعقوب بن عبد العزيز العباسي؛ وسلطان مصر والشام وما مع ذلك الملك الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري؛ ونائبه بدمشق سيباي؛ والقضاة بها: الحنفي محيي الدين بن يونس، والشافعي ولي الدين بن الفرفور، والمالكي خير الدين الغربي، والحنبلي نجم الدين بن مفلح؛ وكاتب السرّ وناظر الجيش محبّ الدين الأسلمي؛ ودوادار السلطان دولتباي الأينالي؛ والحاجب الكبير جان بردي الغزالي؛ والحاجب الثاني....
وفي يوم السبت خامس المحرم منها، رجع النائب من سفره إلى العرب في السنة الماضية. - وفي يوم الأحد سادسه حضر النائب، والقضاة الأربعة، والعلماء، ونواب القضاة، والأمير الكبير، ودوادار السلطان، ونائب القلعة، والخاصكي، بتربة النائب قانصوه البرجي بمجلّة الشيخ رسلان، فلما أخذ كل أحد مجلسه قال المحيوي النعيمي للنائب: يا مولانا ملك الأمراء أيّد الله بكم الإسلام والمسلمين، روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" ما اتخذ الله من نبيّ، ولا استخلف من خليفة، إلا له بطانتان، بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصم الله " وقال عليه السلام: " من أحدث في أمرنا هذا ما لبس منه فهو ردّ " وقال عليه السلام: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا " وقال عليه السلام: " تركتكم على بيضاء نقيّة، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها " وقال سيدنا عمر " الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل ".
ثم شرعوا في أمر الجدار، واتفق الحال على كتابة من قال بقدم الجدار، ومن قال بحدوثه، قال شيخنا المحيوي النعيمي في ذيله: والحق عندي أنه محدث في مقبرة مسبلة
فيهدم، سواء طال عهده أو تجدّد، ولكن الأمراء مختلفة، انتهى؛ وانفضّ المجلس على ذلك.
وفي هذه الأيام وجد أن أحد المعدلين بدمشق، محبّ الدين بركات بن
…
، سقط بخلوته بالمدرسة الشامية البرانية مقتولاً، وفيه نحو العشرين ضربة بالسكين، وقد انتفخ وفاحت رائحته على جيرانه، ولم يعلم من قتله. - وفيها قبض الخاصكي المتقدم ذكره على سفيهه وفاجره المتجرّيء بسببه، قاضي بيروت، الذي ورد معه لمصادرة جماعة، فقلبه الله عليه وقبض عليه في قيد وزنجير، وطلب شهوداً في ضبط موجوده، في بيته وعند زوجته، وفرح بذلك من يعرفه، ومن لم يعرفه، لفجوره وتجرؤه ولله الحمد، وبلغني أن القبض عليه كان يوم الأربعاء ثاني هذا الشهر.
وفي يوم الأربعاء حادي عشره خرج من دمشق قفل إلى مصر، وقد حمل كاتب السرّ وناظر الجيش المحبّ الأسلمي، الآلات التي كان عمّر بها الجدار الذي أفتى بهدمه السيد الكمالي، مفتي دار العدل، فهدمه قاضي المالكية بدمشق خير الدين، وتجرّأ عليهما بذلك كاتب السرّ المذكور، وكاتب في ذلك جميع من أنكر الهدم بغير دعوى الشريف، فورد المرسوم بتحرير ذلك للنائب والقضاة، والذي حطّ عليه الأمر حكاية كلام منكري القدم، وحكاية كلام من أثبته.
وحمل هذه الآلات على عدّة اثني عشر جملاً، وأرسلها إلى مصر، ليقف للمقام الشريف بها، وتشخّص قدّامه، وقد كان جمع قاضي المالكية خير الدين، الهادم، عظام الموتى، التي أخرجت من تحت الجدار، في علب وختم عليها، وختم النائب عليها معه، وسافر بإذن النائب له في يوم الجمعة ثالثه إلى مصر.
وفي هذه الأيام سافر النائب من دمشق إلى مرج الغوطة، وقد كتب في محاضر الفريقين خطّه، وكذا جميع أرباب الوظائف وغيرهم، ممن يشار إليه بها. - وفي يوم الاثنين رابع عشره أتى إلى باب القاضي الشافعي محضر كلام من أثبت القدم ليكتب عليه، وكان القاضي الشافعي راكباً، فأتى قاضي الحنابلة إلى الباب المذكور ماشياً عجلاً، فأخذه من يدي الشهاب الحمراوي، والشهاب ابن المؤيد، بحضرة المحيوي النعيمي، ثم قام في الحال فظن أنه حدث من السلطان، أو النائب، شيء، واتصل به، ففعل ذلك.
ثم أتى القاضي الشافعي، فأخبر بما وقع، فغضب من ذلك، وصعب عليه، ثم بلغ كاتب السرّ المحبّ الأسلمي، وهو في همّة السفر والركوب، فصعب عليه، وأرسل يعلم النائب بذلك، والذي ظهر أن سبب فعل الحنبلي ذلك، أنه بعد أن كتب خطّه في المحضر المذكور، ندم على الكتابة، فأرسل النائب خلفه وأخذه منه، وسمع من قاضي بيروت بحضرة النائب كلاماً فيه غلظة.
وفي هذه الأيام شرع الخاصكي في استخلاص بقيّة المال، الذي كان رمي بسبب الخارجي الصوفي. - وفي يوم الثلاثاء خامس عشره، وهو سادس عشر أيار، أبيع المشمش الحموي الرطل بدرهم، وهذه قاعدة أن هذا المشمش يسقط في سادس عشر أيار.
وفي يوم الخميس سابع عشره ورد من صفد إلى الصالحية دمشق المتصوّف ابن حبيب، الذي اشتهر عنه اعتقاد عقيدة ابن عربي، ثم أتى إلى تربة ابن عربي وصحبته جماعة من معتقدي ذلك، وتلقّاه خلق من الرعاع وتبرّكوا به، فزار قبر ابن عربي وصرّح بالإنكار على من ينكر عليه، وذكر كلمات لا يليق ذكرها.
ثم في يوم الجمعة دخل إلى الجامع الأموي من باب البريد، وتلقاه الجم الغفير، وهو لابس على رأسه مئزراً أخضر، وصلى الجمعة تحت قبة النسر، ولم يسنن لها، ثم قام ورجع من حيث أتى؛ قال الحيوي النعيمي: ولم أر عليه نور أهل السنة، وكنت، حال دخوله ورؤيتي له، أقرأ في مجموع بخط شيخنا شيخ الإسلام شهاب الدين بن قرا، في حديث عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة:" يا عائشة، إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء، ليس بهم توبة، وأنا منهم بريء وهم مني براء "؛ أخرجه الطبراني من حديث عمر.
وإنما تقدماه إلى دمشق، بعد السفر إليه، ورجوعه، عبد النبي المغربي لخلق دمشق عن الأشعري تقي الدين بن قاضي عجلون، والأشعري كمال الدين بن السيد حمزة، لاختلافهما واختلاف علماء دمشق، وقضاتها، بسبب اختلافهما، في أمر الجدار جوار الشيخ رسلان، وسفر غالب الفريقين إلى مصر، فلذلك طمع المبتدعون، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الخميس رابع عشريه ذهب النائب إلى زيارته، في البيت الذي أنزله فيه عبد النبي جوار بيت القاري، ثم هاجت دمشق، وصار الناس في أمره ثلاث فرق: فرقة عليه، وهم اهل السنة الذين أراد الله بهم خيراً: وفرقة معه وأكثروا الكذب لإقامة شعاره وتبجيله؛ وفرقة تقول هو موله، ليس له عقل.
وفي يوم الجمعة خامس عشريه دخل أيضاً إلى الجامع الأموي، من الموضع الذي أتى منه الجمعة الماضي، ومر على المحيوي النعيمي، ومعه أناس قلائل، نحو أربعة أنفس، فلم يملك نفسه وقال جهراً؟: نبرأ إلى الله من المبتدعين، فسمعته، فصرخت مسفهاً له، وأنه سمع عنه كلاماً من نحو سنتين، وأنه يعتقد مذهب ابن عربي.
وفي آخر هذا النهار صعد إلى زيارة ابن عربي، وأنه يعمل عنده وقتاً، فأرسل خلفي العلامة برهان بن عون، وقال لي: اذهب الليلة إلى تربة العربي، واحضر ما يقع هناك من ابن حبيب وجماعته؛ فامتثلت أمره، فلم أره زاد على الزيارة والذكر.
وفي يوم السبت سادس عشريه ذهب إلى الربوة؛ وكانت إذ ذاك ملانة بالخلق، فشق في سوقها، ومعه الرعاع، وهو يعمل بالكف والشباب، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الاثنين سادس صفر منها، خرج من دمشق، مسافراً إلى مصر، القاضي الشافعي، بعد أن خلع عليه النائب، خلعة حمراء بسمور، عقيب رجوعه من المرج.؛ ثم حصل للقاضي المذكور بعد أيام حمى، فحقن وفصد، وهم بالرجوع إلى منزله.
وفي يوم الجمعة عاشره جاء رجل ببضعة كتب، منها كتاب الفصوص، فأخذته أنا وجماعة وغسلناه في بركة الكلاسة.
وفي يوم السبت حادي عشره خرج النائب، وأرباب الوظائف، من دمشق إلى تجريدة عرب كرك الشوبك، بعد أن رمى على الحارات مالاً، وقيل إنما خرج لمصادرة الأمير محمد بن ساعد.
وفي ليلة الاثنين سادس عشره رجع القاضي الشافعي إلى منزله، ثم إلى والده جوار المسمارية، وهو ضعيف، لكنه أقبل على العافية؛ وفي صبحة يوم الأربعاء خامس عشره تزفر.
وفي ليلته وصل سوار الحمامي، المسافر إلى مصر صحبة الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون، وأخبر أن الشيخ قبل وصوله إلى مصر تضاعف، ودخل إلى مصر ولم يلاقه أحد، ثم نزل هو ومن معه بالناصرية، ثم في الحال ذهب ولده النجمي،
والشهاب الرملي، إلى كاتب السر فسلما ثم رجعا، ثم بعد ظهر اليوم ذهب الرملي إلى المحلي، الذي يعضده، فسلم عليه ورجع، ففي الحال جاءه قاصد ابن موسى وأخذه إلى الترسيم.
ثم قبل المغرب أتى القاضي شهاب الدين الحمصي، إلى الشيخ تقي الدين وولده، وجيء بالعشاء فأكلوا؛ ففي أثنائه جاء قاصد ابن موسى وأخذ ولد الشيخ، ولم يتم عشاءه بحضرة والده، وذهب به إلى الترسيم أسوة بالرملي وحطا عند السيد إبراهيم الصلتي، ثم غلظ على الصلتي، ورفع إلى القلعة، وطلب منه عشرة آلاف دينار، وأن المصريين ترجموا قاضي المالكية خير الدين قبل دخوله مصر، ولم يترجموا الشيخ تقي الدين، بل أنكروا عليه في فتواه، في الواقعة الحيطية.
وفي يوم الخميس ثالث عشريه نودي بدمشق، من قبل نائب الغيبة الخزندار، أن على كل حارة جماعة من الزعر، يخرجون مدداً لملك الأمراء ببلاد حوران، إلى قتال العرب، وان تكون كلفتهم من مال عرفاء الحارات، لا على الناس؛ فعرضوا يوم السبت خامس عشريه، ثم في يوم الخميس سافروا.
وفي يوم الجمعة مستهل ربيع الأول منها، وهو سلخ حزيران، اشتهر بدمشق بأنه رسم على السيد كمال الدين بن حمزة، وعلى قاضي المالكية بدمشق خير الدين، وأنه لما أحضر على السلطان سأله ما السبب لهذا الاختلاف، فأنطقه الله بشيء كان سبباً لنصر المحب الأسلمي، فقال: حظوظ النفس، وضغائن في القلوب؛ فقال السلطان: في هذا الجواب كفاية، فكيف تكون الأحكام الشرعية بالحظوظ والضغائن؟ فجعل ذلك حجة له، بعد أن كان جانبه مترجماً، ولا قوة إلا بالله.
وفيها اشتهر أن إبراهيم بن علي بن سبيل، كبير السفارة بدرب الحجاز، توفي بالحبس بمصر، لأنه كان، هو وأبو قورة القجماسي، السبب في تعطيل طريق الحج الشامي، واستمر أبو قورة بالحبس.
وفي يوم الأحد سابع عشره ضرب نائب الغيبة لرجل أزعر من العريم بالمقارع ضرباً مبرحاً، وأشهره في البلد، وأمر أن لا يحمل أحد خنجراً، وأشهره في البلد، وأمر أن لا يحمل أحد خنجراً؛ ففي تلك الحال أتى شخص في صورة فلاح، وعليه بشت مطيلس، حتى لا يعرف، وقبض عبد القادر يبن قرنبع، ورماه من أعلى المصطبة، وضربه بالخنجر، فقتله، ثم هرب، وقيل أنه هو الذي قتل ولده.
وفي يوم الخميس خام ربيع الآخر منها، دخل النائب من غيبته في البلاد القبلية، بعد أن وفق بين طوائف العرب، وهو لابس خلعة جاءته من مصر.
وفي يوم الخميس تاسع عشره سافر القاضي الشافعي إلى مصر، وقد تسلف على مغل الشامية البرانية، والغزالية، والناصريتين، والتقوية، ووقف أرغون شاه، والله بصير بما يعملون.
وفي يوم الاثنين ثالث عشريه سافر دولتباي الأينالي، دوادار السلطان كان، وقد ولي نيابة غزة.
وفيه شاع عزل القاضي الشافعي نجم الدين بن الشيخ تقي اليدن بن قاضي عجلون.
وفي يوم الاثنين مستهل جمادى الأولى منها، دخل من مصر إلى دمشق، المحب الأسلمي، بخلعة السفر على العادة، وقد تصور في ذهنه قمع أهل الحق، وانتصاره على من عانده.
وفي وم الخميس رابعه لبس خلعة السلطان بدار العدل، وقرئت مطالعته، وفيها الإطراء الزاائد له، وتوهية جانب قاضي المالكية خير الدين، والسيد كمال الدين، وكذكلك قاضي الحنابلة نجم الدين، ولا قوة إلا بالله؛ ثم زعم أنه السبب في خلعة النائب التي لبسها من سفره، ودقت لها البشائر، وقيل إنه صرح للنائب بأنه وفر عليه ألف دينار.
وفي يوم الخميس حادي عشره توفي الشيخ المبارك حسن الجناني السعدي، وكان النساء وغالب العوام يعتقدون أنه يشفي من الجنون، وأنه غريزة في أصله وفصله، انتقل من بلده بيت جن، وسقف تربة النائب أينال الجكمي، بأواخر قبلي دمشق، وسكن بها؛ ودفن قبلي الحصن، جوار شهاب الدين بن قرا، عن عدة أولاد.
وفي يوم الجمعة تاسع عشره قتل الله رجلاً أزعر، كان يدعى المهتدي، ولي مشيخة ميدان الحصى، والمشي قدام النائب، وأراح الله منه العباد والبلاد.
وفي يوم الثلاثاء رابع عشر جمادى الآخرة منها، ورد الخبر من مصر، بأن النجمي بن الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون، فوض إليه السلطان قضاء الشافعية بدمشق، وعزل ولي الدين بن الفرفور يوم الأربعاء ثامن عشري جمادى الأولى منها؛ وفي يوم الخميس سابع جمادى الآخرة منها، لبس خلعة القضاء.
وفي يوم الأربعاء عاشر شعبان منها، خرج من مصر إلى الخانكاه مع والده تقي الدين، وميلاده سابع عشر شوال سنة أربع وسبعين وثمانمائة، كذا قال القاضي نجم الدين أنه وجده بخط جدة تاج الدين الأموي.