الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الأول
سنة أربع وثمانين وثمانمائة
…
كان عقد قران بنت زين الدين الهديري على ابن السيد تاج الدين الصلتي، برهان الدين إبراهيم، على مبلغ أشرفية
…
وأرسل أربع قراريب زجاج أمياه وسكراً، وأباليح ثمرة، وشقتين حرير، وعقده مولانا الشيخ تقي الدين، خال أبيها، بالمشهد، بعد صلاة الظهر، وقبل له والده، وكان حاضر العقد جدها لأبيها الشيخ شهاب الدين، والشيخ شمس الدين الخطيب، والشيخ غرس الدين اللدي، والشيخ شهاب الدين الصيرفي، ورضي الدين بن الغزي، والشيخ شمس الدين النيربي، والشيخ شمس الدين بن البزة، وشربوا سكرا. وفيه ثار هواء كثير، وقطعت الأنهار.
وفي يوم الاثنين ثالثه، صام النصارى.
ولبس القاضي نجم الدين بن مفلح الحنبلي خلعته بدمشق وقريء توقيعه بالجامع الأموي على العادة، قرأه نور الدين محمود بن الباعوني نائب كاتب السر؛ كما قرأ توقيع قاضي الحنفية التاج بن عربشاه المار ذكره القاضي بهاء الدين الحجيني، ولم يلبس النائب الخلعة للقاضي نجم الدين لمعاكسته لأجل بلصة منه بطلب مبلغ ولم يركب على العادة، ولم يطلع وردة القضاة من الباب، والكلام كثير في لبس القاضي الحنبلي من جهة النائب.
ووقع من أبي بكر الحريري المتصوف كلام فاحش في حق عز الدين الناصري بسبب العذراوية، فضربه ثم أخذه إلى القاضي
المالكي، وأراد ضربه، فوقع فيه شفاعة من مولانا الشيخ تقي الدين، فرفع للحبس - وفيه أراد النائب عرض العسكر بالمصطبة، ولبس بعض العسكر وطلع إليها، فوقع مطر كثير إلى آخر النهار.
وفي يوم الأحد تاسعة ليلاً سافر النائب، وحصل للناس شوطة.
وفي يوم الاثنين عاشره عيد الناس. وفيه دخل النائب بين الصلاتين من جهة العناية، وقدامه نحو الأربعين رأساً من العرب على رماح من أعلى، كبسهم على مكان يسمى الحمراء، شرقي قرية ضمير أو قبليها، وعيد في ضمير وغنم منهم شيئاً كثيراً؛ ثم دخل بعده بساعة نحو الألف جمل غالبها نوق. وصادف وقت دخوله جاء من تحت القلعة جماعة ومعهم وحوش مصادة على حمير، ما بين ضباع وأتياس وعنيزات وثعالب وغيرها، فالتقوا معه عند مدرسة الزنجيلية، وأشار أن يكونوا قدامه، إشارة إلى صيد وحوش البرية من الآدميين وغيرهم.
وفي اليوم السبت خامس عشره كان أو الأعجاز - وفي يوم الاثنين سابع عشره عرض النائب العسكر، وهم ملبسون بالسلاح الكامل، في المصطبة، وذكر أنه بمرسوم من السلطان، وكذلك عرضوا في سائر بلاد السلطان.
وفي يوم الجمعة عشريه شاع بدمشق وفاة أبي ذر بن الحافظ برهان الدين بن القوف، المحدث الحلبي، توفي بحلب - وفيه عقد مجلس بالقضاة الثلاثة، وحضر القاضي برهان الدين بن المعتمد، بسبب زاوية العدوية، وابن محرز، ولم يتحرر شيء.
وفيه جاءت أنهار دمشق، وهو آخر الأعجاز، وطلع شيخ الإسلام تقي الدين إلى زملكا والرشيدية للفرجة على زهر اللوز والمشمش. وولد للقاضي محي الدين الإخنائي ولد، شقيق سيدي إبراهيم، كناه بأبي الفضل.
وفي يوم الاثنين رابع عشريه جاء الحاج محمد الدقي إلى القاضي صلاح الدين العدوي، ومعه مطالعة الشيخ شهاب الدين بن المحوجب بسبب عمارة الجامع الأموي، وشرع في عمارته بمباشرة الأمير يشبك الحمزاوي،
والبداة بمشهد الزيلع.
وفي يوم السبت ثاني عشريه كان أول فصل الربيع، ونقلت الشمس للحمل، وكان يوماً مطيراً كثير الهواء.
سنة خمس وثمانين وثمانمائة
استهلت والخليفة أمير المؤمنين ابن أخ المستنجد بالله وسلطان مصر والشام وما معهما الملك الأشراف أبو النصر قايتباي الجركسي، ونائبه بدمشق قانصوة اليحياوي، وقاضيها وكاتب سرها قطب الدين الخيضري الشافعي، وهو مقيم بالقاهرة له مدة، والحنفي تاج الدين بن عربشاه، والمالكي شهاب الدين المريني المغربي، والحنبلي نجم الدين بن مفلح، وناظر الجيش موفق الدين العباسي الحموي، ونائب القلعة علاء الدين بن شاهين، والحاجب الكبير يشبك العلاي، ودوادار السلطان يلباي الأينالي.
استهلت بيوم الاثنين المبارك، وهو رابع عشر آذار من أشهر الروم.
وحصل فيه ريح شديدة، وزاد النهر زيادة قوية، والثمار غالبها أزهرت، وخرج بعض الورق. - وفي يوم الأربعاء ثالثه توفي القاضي زين عبد الرحمن الزرعي الحنفي فجأة، وكان رجلاً ديناً خيراً، عين نواب القاضي الحنفي، عفيفاً في مباشرته، متوفقاً في الأمور؛ وولي قاضي القضاة الحنفي بطرابلس، وإقامته بها مع أولاده كثيرة، وهو يدعى أنه ابن عم بني قاضي عجلون، وكان كثير الترداد إلى دمشق، ويحب الإقامة بها أكثر من طرابلس، حصل له جدور من رأسه إلى حلقه، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بمقبرة الفراديس بالقرب من تربة الناصر بن برقوق.
وفيه أطلق مقدم الزبداني ابن العزقي من السجن بسفارة شخص يدعى سيدي عمر بن النيربي التاجر الحلبي، المقيم الآن بدمشق، وكان في السجن من حريق الجامع قد أشرف على القتل، فخلصه الله تعالى على يد هذا الرجل، لأن له دخلا في الدولة. والعمل كثير في الجامع الأموي، والمعلمون من المسلمين: عبد الوهاب الحلبي وابن العجلونية ومحمد بن المؤذن والأعسر والدفيه ابن التازي وأخيه عبد الوهاب.
وفي يوم الخميس رابعه ذكر أنه حصل لبعض التفاح الفاطمي والسكري بعض شوطة من
الهواء المتقدم.
وفيه سافر النائب وجميع الجند إلى جهة الغرب، واختلفت الأقوال فيه، فمن قائل إنه توجه إلى الخربة، ومن قائل إلى الغور، ومن قائل إلى الغرب، ومن قائل إلى حرب شيخ جبل نابلس لأمر اتفق بينه وبين يونس كاشف الرملة، خرق حرمته ووضعه في زنجير ومشاه إلى لد، وخرق طبلخانته، وأهانه إهانة بالغة، ثم أطلقه بعد ذلك، والله أعلم بحقيقة الحال.
وفي يوم الاثنين ثامنه جاء جماعة من القاهرة إلى حماة، وأخبروا بأنه جاء مبشر إلى القاهرة من الحجاز الشريف في ثالث عشري الحجة، وأخبر بأن السلطان طيب، ووصل إلى مكة المشرفة، وحج واجتمع بمحمد بن بركات سلطان مكة المشرفة، وأقبل عليه السلطان وتسالما على الأرض؛ ثم إن السلطان ضيف محمد بن بركات، وتصدق بمثانية الآف دينار؛ وهو راجع صحبة الحاج إلى القاهرة، وكتب بأنه لا يلاقيه أحد إلى البركة.
وفي يوم الجمعة ثاني عشره جاء كتاب من إياس نائب بيروت إلى القاضي صلاح الدين العدوي بأن شخصاً من الفرنج جاء في كريب وهو من أهل قبرس، وأخبر بأن صاحب رودس أرسل يخبرهم بأن السلطان ابن عثمان أنزل في البحر تعميرة نحو الخمسمائة قطعة، وفي البر خلقاً كثيراً، ولم يعلم أين يتوجهون.
وفي ليلة السبت ثالث عشره سافر القاضي شهاب الدين بن الفرفور متوجهاً إلى القاهرة، ومعه شمس الدين الكيزاني، وزين الدين عبد الرزاق الزرعي، والقاضي عز الدين الكوكاجي، والشيخ علاء الدين بن سالم، وركب معه يودعه القاضي تاج الدين بن عربشاه الحنفي، وناظر الجيش الموفق العباسي، وحاجب الحجاب، وعلاء الدين البصروي، وشمس الدين الخطيب، ومحيي الدين الإخنائي.
وفي يوم الأحد رابع عشره توجه الفقراء إلى زقاق القرائيين بين النهرين، وكبسوا مكاناً يعمل فيه البوزة، فأراقوها وأمسكوا من يعملها نفرين تركمان، فذكرا أن شاد الشراب
خاناه أرسل خلف أحدهما إلى حلب ليعلمها لأجل المماليك، وله جعلٌ على ذلك في كل شهر، فكتب عليهما ورقة بحضور مولانا شيخ الإسلام تقي الدين بالمشهد، مع حضور القاضي شهاب الدين الطرابلسي نائب المالكي، ويشبك الحاجب الثاني شاد عمارة الجامع، والشيخ إبراهيم الأقباعي، والشيخ أبي الفضل القدسي، والشيخ أبي العباس البادراي، ونور الدين الأزبكي.
وفي يوم الأربعاء سابع عشره جاء الخبر من بيروت بقضية البحر العثمانية، وهي أن ابن بداق أرسل إلى نائب حلب يستأذنه في الدخول إلى بلادها خوفاً من العثامنة لقصدهم له.
وفي يوم الخميس ثامن عشره ورد كتاب النائب من الخربة لحاجب الحجاب بأنه وصل كتاب من نائب غزة إليه على يد ساع، يذكر فيه أنه لاقى السلطان إلى عقبة أيلة، وأنه واصل في ساقة الحاج متوجهاً للقاهرة، وأمر بدق البشائر، فدقت، ورمي بالمكاحل، ونودي بالزينة؛ كل ذلك بواسطة نقيب القلعة أيدكي حمار وهو من مماليك السلطان.
ووصل كتاب السيد كمال الدين بن حمزة وشهاب الدين بن المحوجب من القاهرة، وفيه تعريض لبعض ذلك لمولانا الشيخ تقي الدين المنوه به.
وفي يوم الجمعة ثاني عشره عقد مجلس عند شباك مشهد النائب من الجامع الأموي، بسبب حمام بين النهرين، من شهاب الدين الرقاوي المتكلم على وقف المنصوري وواضع اليد على الحمام المذكور، بحضور الحاجب الكبير والقضاة الثلاثة والقاضي برهان الدين بن المعتمد، وانفصل المجلس من غير شيء.
وفي آخره حصل من ابن الحزيزاتي التاجر استطالة على القاضي محيي الدين الإخنائي بالحلبية من الجامع الأموي، وكان أبو بكر بن منجك حاضراً، ثم اجتمعوا عند شمس الدين الخطيب، وازداد الأمر، فجاؤوا إلى قاعة المشهد من الجامع الأموي عند مولانا الشيخ تقي الدين المنوه به، وحصل خباط كثير، وطلب من ابن الحزيزاتي الصلح، واستمروا إلى قريب المغرب، ثم انفصل المجلس عن غير شيء.
وفي يوم السبت عشرينه مر شخص على زاوية الشيخ العداس ومعه معجون عبارة عن الحشيشة مخلوطة بدبس، فقام إليه الشيخ عبد القادر النحاس من جماعة الفقراء، وشخص من جهته، ورميا ما معه وأزالاه، وكتب عليه إشهاد أنه لا يبيعه، فراح الرجل من ساعته للقلعة وشكى، فأرسلوا نحو العشرين نقيباً أو أكثر إلى الثلاثين، فاحتملوا عبد القادر إلى القلعة وحبس بها، وكان ذلك وقت الظهر، فأرسل مولانا الشيخ المنوه به خلف القاضي صلاح الدين العدوي بسبب ذلك، وأن يخلص عبد القادر المذكور؛ فركب للقلعة واستمر إلى العصر ولم يفد ركوبه شيئاً، ثم مر على بيت الحاجب الكبير فركب الحاجب إلى القلعة، فلم يفد ركوبه شيئاً أيضاً، فرجع إلى مولانا الشيخ إلى المشهد وأخبر بما وقع، واستمروا ساعة جيدة، ثم أمرهم الشيخ أن يركبوا مرة ثانية للقلعة، فركب الحاجب والعدوي وشخص من مماليك السلطان يدعى برد بك من الألوف للقلعة، واستمروا إلى قرب المغرب، وجاؤوا ولم يفد ركوبهم شيئاً، وأيس من خروج عبد القادر من القلعة، واستمر مولانا الشيخ، والشيخ شمس الدين الخطيب، والسيد شمس الدين الحسيني، والقاضي شهاب الدين بن النحاس، ومن معهم من الفقراء، على باب المشهد، واتفقوا أن يجمعوا الغوغاء ثاني يوم ويكبرون لتخليص عبد القادر؛ فبينما هم كذلك وإذا بعبد القادر قد جاء ومعه عبد القادر مقدم القلعة الكبير، وفرج المقدم الثاني، ففرح الناس بذلك، وخلصه الله تعالى لا على يد أحد من الخلق، وكان المتولى حبسه أيديكي النقيب، وهو جلب خليع هزيع، وينقر بنفسه ويرقص بين الناس على باب القلعة في الزينة الآمر بها وفوق برج الخليلية، ويرمي المكاحل، ودار مع الزفة في الليل، ولا شك في جنونه بل ولا فسقه، فمن الله تعالى قضم الجبابرة.
وفي يوم الأحد حادي عشريه نودي بتقوية الزينة.
وفيه جاء ديوان القلعة أبو الفضل موسى إلى مولانا الشيخ، واعتذر عن النقيب بسبب ما وقع منه من جهة عبد القادر النحاس.
وفي يوم الاثنين ثاني عشريه نودي بتقوية الزينة أيضاً، وختمت الحوانيت التي ما زين أهل.
وجاء النقيب بنفسه إلى المشهد ليعتذر لمولانا الشيخ فلم يجده.
وفي يوم الأربعاء رابع عشريه جاء يكتب الحاج، وفيها أنها كانت سنة طيبة، ووردت كتب من القاهرة بأن السلطان دخلها في سادس عشر هذا الشهر.
وفي يوم السبت سابع عشريه آخر الليل ولد ولدٌ لمولانا الشيخ، ولد من زوجته المصرية، وسمي عبد الرحيم.
وفي يوم الأحد ثامن
عشريه دخل في آخره بعض سوقة من الحجاج وأخبروا بأنهم فارقوا المحمل من الزرقاء، وأنه يبيت ليلة الاثنين الطيبة.
وفي يوم الاثنين تاسع عشريه دخل بعض الحجاج، وسلم مولانا الشيخ على سيدي الشيخ محمد الحسيني، وجماعة منهم: القاضي برهان الدين بن المعتمد، والقاضي محيي الدين الإخنائي، والشيخ أبو الفضل القدسي، والشيخ شمس الدين الكفر سوسي، والشيخ محيي الدين النعيمي، وفرس عليه الشيخ محمد بسبب كلام بلغه عنه آذى به الشيخ شمس الدين الصفدي الرجل الصالح، وسلم آخر النهار على البرهان ابن الكيال، وأخبر بأمور منها أن الوقفة كانت الاثنين، وأن السلطان زار المدينة الشريفة في الطلعة، وأرسل لأمير حاج الشامي أن يتعوق يومين إلى أن يزور ويسافر، ثم يدخل الركب الشامي، وحصل لهم بذلك شدة ودعوا عليه؛ وأن السلطان وقف بهم وسعى ماشياً حافياً، وطاف مع الناس الخاص والعام، وسافر على الهجن متوجهاً للقاهرة لأجل أمر بلغه كما قيل، واستمر معه صاحب الينبع إلى أسفل العقبة، وأن قاضي ركب الشام الشيخ شمس الدين القدسي ذهاباً وإياباً، وأنه فقد من الشاميين في معان في العود من التجار شخص يقال له البازد من أهل حارة خان السلطام، وأن النهر ضعيف بواسطة البرد في الطلعة، وأنه أخذ من الشاميين في الطلعة نحو الثلاثين جملاً بما عليها، وشكى على أميرالركب الشامي للسلطان ففرس عليه، وأنه أخذ من الحجاج من الزلاقات شخص استفكه الشيخ محمد في العلا أو غيرها.
وفي يوم الثلاثاء سلخه دخل غالب الحجاج ولم يتأخر غير المحمل وأمير الحاج، وطلع مولانا الشيخ وسلم عليه في القبة.
وفي يوم الأربعاء مستهل صفر منها دخل المحمل وأمير الحاج لا غير.
وذكر أن النائب تحول من الخربة إلى مكان في آخر حوران يدعى عين الحصا، مكان مليح، فيه الماء كثير والربي، وغيره، وهو منزل الأعراب.
وفي يوم السبت رابعه حصل صقع الورد والكرم والمشمش والأنجاص وغيره، ولا قوة إلا بالله.
وفي يم الأحد خامسه جاء هجان من القاهرة للقلعة من جهة البهار بأن العرب شكوا للسلطان على من ظلمهم، وحصل لناظر الجيش
نكد بسبب ذلك، وخصوصاً من خلل في وزنه.
وفي يوم الثلاثاء سابعه سافرت الزردخانة للقاهرة من قلعة دمشق على العادة، وسافر عبد الرحمن الحريري بسبب العمري وفتنته، ورجع من يومه من رأس القبيبات لكون الفرس عرجت.
وفي يوم الأربعاء ثامنه حصلت حكومة عند القاضي الحنفي ابن عربشاه بالقلعة بين أناس جمالين ووكيل عن وزير ابن عثمان الحاج في هذه السنة، فتوجه الحق للجمالة على الوكيل المذكور بمبلغ أشرفية ذهب سبعمائة، وثبت الحق لهم وحكم به؛ وكان ذلك بحضور يشبك حاجب الحجاب، ثم ذكر أنه توقف في ذلك، وربما رجع عن الحكم، فحصل له بهدلة من الحضور والعوام، وما لا خير فيه من الكلام السيء، وقيل إنه رجم من العوام، وكان الشيخ خير البلعاوي مساعد الجمالين، وحصل منه للقاضي كلام لا يليق مواجهته، كل ذلك بواسطة رجوعه عن الحق والحكم به، فما وسع القاضي إلا الهرب ببغلته.
وفي يوم الجمعة عاشره قيل إن ابن البطخاص نائب قلعة صفد قتل بالقرب من بلاد غزة، ومسك نائبها سبياي، وطلب للقاهرة في حديد بسببه.
ورحل نائب الشام من حوران إلى المرج، ثم وصل يوم تاريخه، وذكر أنه طلب حريمه إلى عنده وراحوا إليه في محفة.
وفي يوم الأربعاء خامس عشره حصل حركة من عبد القادر النحاس بسبب مساعدته لأناس من جهته، اقتضت أنه أخذ في جماعة من النقباء لبيت دوادار النائب في إهانة بليغة كما ذكر، ثم أخذ من هنا لبيت حاجب الحجاب نائب الغيبة في زنجير بإهانة أزيد، وما ذاك إلا بواسطة موت رضيع الشاكين، أتهم بأنه أرجف أمه واستمر يتحرك إلى أن مات، فأخذه أبوه وطلع آخر النهار وشكى للنائب في المرج على عبد القادر المذكور، فرده النائب إلى نائب الغيبة الحاجب، فبات عبد القادر في بيت الحاجب في الترسيم إلى أن عملت مصلحته ثاني يوم، وأطلق آخر النهار على يد مولانا الشيخ.
وذكر أن النائب لما رجع من حوران إلى المرج عادت العرب إليها، فنادى بالرجوع إلى حوران والإقامة شهرين.
وذكر أن الأمير مقلد، كبير العرب حضر عند النائب، فشتمه وسبه وعنفه تعنيفاً كثيراً وأشرف منه على التلف، فقام الأمراء الكبار على أرجلهم وشفعوا فيه، وأنهم يتداركون البلاد، ولم يتم الأمر.
وفيه وقع كلام بين ناظر الجيش والقاضي الحنبلي بسبب قضية البهار وصار في الأنفس شيء بسبب ذلك.
وفي يوم الجمعة سابع عشره في عصره هاج ريح شديد، واستمر إلى ثاني يوم وقت الظهر، وتساقط من ذلك الثمار وعدة أشجار.
وأشيع أن السلطان لما رجع من الحجاز
الشريف حصل منه ما كان فيه وأعظم، ومسك ناظر الجيش المقسي وابن ضرير وطلب منهما مالاً جزيلاً، فقالا المقسي: ما معي شيء والمال في الجهات، وما معه إلا روحه خذها، فأمر بسلخه، فأخذ وسمر على جمل في القاهرة وسلمهما للوالي، فشفع القاضي كاتب السر بأن يشنقا أخف عليهما من السلخ، ثم إن الخليفة طلع إليه وشفع فيهما، وقال: إيش يقول الناس في البلاد إن السلطان أمر بقتل مباشريه على مال، وتلطف به إلى أن صفح عنهما وسجنهما على المال.
وفي يوم الأحد تاسع عشره قيل إن بهاء الدين الباعوني ورضي الدين الغزي كل منهما له بنت صغيره، زوج كل منهما بنته بالآخر لأمر بينهما.
ووقعت قضية بين عبد الله الباعوني وابن البانياسي وابن الناعوري والشهاب البقاعي ونقيب القلعة، من جهة غيضة من غياض السلطان، اقتضى الحال إلى مسكهم والكلام الوحش لبعضهم، وأخذ الخشب والغيضة منهم للسطان والإشهاد عليهم بذلك.
وفي يوم الاثنين عشريه جاءت أخبار بأن سيف البدوي الخياري وعربه اقتتلوا مع نائب حماة أزدمر وأمير كبير بها، وأنهما قتلا، والحاجب على جانبه على خطة.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشريه في آخره توفي الشيخ علي الحلاق المقيم بمدرسة البادرائية، كان في خدمة الشيخ محمد الحسيني ومولانا الشيخ تقي الدين المنوه بذكره، والقاضي زين الدين قريبه نازل بخلوة بالبادرائية له مدة من أيام القاضي ولي الدين ابن قاضي عجلون عندهم، وخلف مالاً كثيراً نحو الخمسمائة دينار ذهباً، وفضة وأثاثاً، وكان يدعي ضيق اليد حتى كان يأخذ الزكاة.
وتوفي علاء الدين المصري الشافعي المدعو بالغزالي، وبلقب بأبي قتيبة.
وفيه فرس النائب على نفيب القلعة وأوهجه بسبب فلاحي داريا، كان أمسكهم النائب بسبب فقيه داريا المقتول، فأطلعهم من الحبس بغير مشورة، وحبس الشاكين، فشكوا على النقيب للنائب فلم يلتفت إليه، ثم بعد ذلك طلع النقيب للمرج، فهو قاعد وإذا بهم جاؤوا وشكوا عليه، فشتمه، وقال له: يا خنزير يا كلب والله أوسطك، أنت حاكم الشام، تحكم برأيك؟ إلى غير ذلك من الكلمات، فأكب على رجلي النائب يقبلهما إلى أن سكت عنه، وقال له: امسك الذين أطلقتهم واحبسهم وإلا وسطتك؛ ثم قال للمقدمين بالقلعة: يا خنازير، الكل منكم، والله أوسطكم
الآن؛ فما خرجوا إلا وهم يتشاهدون مما فعل بهم، ففي الحال نزل النقيب وأطلق المسجونين من السجن، وقال: ما بقيت أحكم شيئاً؛ ونادى بذلك خوفاً من النائب.
وفي يوم الخميس ثالث عشريه شاعت الأخبار بأنه حصل للمغل بعض صقعة وغالبها في القمح في حمى أطراف البلاد.
وذكر فيه أن نائب حماة قتل من أهلها نحو المائتين.
وفي يوم الجمعة رابع عشريه أشيع بأنه جاء مرسوم السلطان لأيدكي نقيب القلعة، أنه يكون شادا على عمارة الجامع الأموي.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشريه في آخره جاء النائب من المرج في أناس قلائل للإشراف على الجامع، ثم رد إلى المرج. وذكر أنه عين الأمير جاني بك التنمي أحد الألوف إلى حماة ومعه مماليك من الأمراء وغيرهم، نحو المائتين، يقعدون هناك إلى أن يرد من القاهرة ما يعتمد عليه.
وفي هذه الجمعة ظهر من الشيخ برهان الدين الناجي، تعصب مع برهان الدين البقاعي لما نكلم في الإمام حجة الإسلام الغزالي، ولا قوة إلا بالله. وفي يوم الأربعاء ثاني عشريه جاء محمد المزي قريب القاضي الحنبلي، ومعه خلعة الاستمرار لمخدومه القاضي الحنبلي.
وباكير البندقدار أحد الحجاب الصغار بخلعة من السلطان لابسها، ومعه قصاد يعقوب بن حسن باك الذين كانوا توجهوا معه لما كان السلطان بالحجاز الشريف.
وجاء الشيخ أحمد العجلوني من بيروت، وأخبر بأنه تواترت الأخبار ثمة بأن السلطان ابن عثمان معسكر على رودس يحاصرها وقد أحاط بها ظفره الله بها.
وجاء النقيب القلعة مرسوم بأن يكون مشاركاً للقاضي صلاح الدين العدوي في عمارة الجامع الأموي.
وحصلت خبطة به بين يشبك الحمزاوي وأبي الفضل المصري ديوان نقيب القلعة، وتطلب صناع العمل مولانا الشيخ أمتع الله بحياته بعد أن بطلوا، فهمدهم.
ثم حصلت خبطة مع محمد الأكاوي صبي القاضي محيي الدين الإخنائي وجماعة الفقراء المجاورين، بسبب الماء المأخوذ من الطالع الذي كان واصلا قبل ذلك للسبيل والمرتفع عند القيمرية، لما ظهر هذه الأيام، وأخذ ماءه الأحياء والأموات.
وحصل بين عبد القادر النحاس وشهاب الدين الرملي خبطة أيضاً، وهي أن الرملي كان ماراً عند مسجد الرأس وإذا بعبد القادر مار على الرصيف، فضايقه الرملي، وقال له: انزل من أسفل، فقال له عبد القادر: ما ينزل إلا أنت؛ فشكى عليه الرملي للمالكي برسول، وطلبه فجاء إلى المالكي فأصلح بينهما.
وفي يوم الاثنين سلخه لبس القاضي نجم الدين بن مفلح الحنبلي خلعة من السلطان صوف أخضر بفرو سمور
بالاستمرار، ولبسها من المرج الشامي ومر على السبعة ومسجد القصب، ومعه الحنفي ابن عربشاه والمالكي المريني، وقدامهم الحرافيش، فلما أن كانوا تجاه الجامع الجديد عثرت بغلة الحنفي فسقط قماشه عن رأسه تحت أرجل الدواب، وبقي ساعة مكشوف الرأس إلى أن لبسه وهو نازل.
وجاء مرسوم لنقيب القلعة أن يكون مشاركاً في عمارة الجامع، ووقع الخباط.
وفي يوم السبت ثاني ربيع الأول منهم رحل النائب من المرج إلى عيون الحصا بحوران.
وجاء السيد كمال الدين بن حمزة من القاهرة.
وسافر جاني بك التنمي بمن معه إلى حماة من المرج.
وجاء مرسوم لنقيب القلعة بأنه لا يقرب أبا الفضل المصري ويخرجه من القلعة.
وفي يوم الأربعاء سادسه توفي المصري المنعم، وكان له مدة بدمشق، وكان صوته حسناً بخيلاً به، توفي بالمارستان النوري.
ووصل الخبر بوفاة عمر صبي بدر الدين بن أقطوان وتربيته، غريقاً في نيل مصر، وكان شاباً في أول عمره.
وتوفي بدمشق بهاء الدين بن الحاج محمد المعمار، والده كان، أي والده، شيخاً كبيراً عند جلبان نائب الشام، مقدماً عنده وفيه إنسانية، وانتشأ هذا الولد في نعمة مع قراءة القرآن وغيره، وكانت والدته منتمية لبيت القاضي برهان الدين قاضي عجلون، فيها الخير والبركة، فلما توفي والده انفرط أمره إلى أن بقي في باب ابن النابلسي لما كان بدمشق نقيباً إلى أن نزل سلطانهم ومات، ذكر أنه وقع في قضية وحشة، أمسكه يلباي دوادار السلطان فضربه وحبسه، فمات في حبسه.
وفي يوم الجمعة ثامنه فوض القاضي نجم الدين الحنبلي لشخص يدعى الشيخ علاء الدين البغدادي نيابة الحكم، بعد الصلاة بالمدرسة الجوزية، وألبسه ما كان عليه، فرجية صوف مختم أبيض، كان لوالده، وكان ناب لشهاب الدين بن عبادة، وهو من أهل العلم في مذهبه.
وفي يوم الاثنين حادي عشره حفر الطالع بالذهبيين وعمل النازل للسبيل والمرتفق الذي ظهر بالقرب من القيمرية، ونقر جرف صغير، ويعمل به ثلاث أصابع للسبيل والمرتفق، ولمن تقلد الباقي فديا، لأن المال صلة للسبيل والمرتفق، فلم يوافق محيي الدين الإخنائي وظهر منه كراهيته لذلك، وقال: ما أتبرع وشركائي إلا بإصبعين ونصف.
وفي ليلة الثلاثاء ثاني عشره دخل ولد السيد تاج الدين الصلتي على بنت القاضي محيى الدين الإخنائي، المتقدم ذكر عقدهما.
وفي يوم الخميس حادي عشريه جاء كتاب جمال الدين يوسف العدوي أنه سيرد مرسوم بالقبض على أبي الفضل المصري ديوان نقيب القلعة،
وتجهيزه في الحديد للقاهرة.
وفي يوم السبت ثالث عشريه نودي بمشاعلي بأقطار المدينة، على عمر بن الصابوني ناظر الجوالي: من ظلم اليهود والنصارى عليه بالأبواب الشريفة، ومرسومه إليه بأن يسافر إلى القاهرة.
وفي يوم الخميس ثامن عشريه توفي شهاب الدين أحمد بن دلامة التاجر، كان شاباً حسناً، عنده بعض قدر وإنسانية ومحاشمة، رحمه الله.
وجاء خاصكي من القاهرة على هجن، له ثمانية أيام، ونزل عند الحاجب الكبير؛ وذكر أنه جاء بسبب سيف البدوي؛ ليروح إليه النائب بنفسه وعسكره، ويمسكه أي موضع كان.
وفي يوم السبت سلخه ورد كتاب من ابن سليم من بيروت بأن السلطان ابن عثمان له عسكر على رودس ستمائة قطعة، وأنهم خربوا البرج الذي عمره أسرى المسلمين، وهو مشرف على أخذها.
وذكر أن الجراد بالغوطة، وهو كثير ببيت فوقا، قرية بالغوطة، ولم يزد شيئاً ولله الحمد.
وفي يوم الثلاثاء ثالث ربيع الآخر منها، نادى النائب بالتجريدة، والعرض يوم الخميس ببلدان من الغوطة.
وفي يوم الأربعاء رابعه حضر مولانا الشيخ تقي الدين المنوه بذكره بالمدرسة الشاميه البرانية، وحضر سيدي عبد الرحيم بن القاضي ناظر الجيش موفق الدين بالناصرية الجوانية ودرس بها، أخذه من العماد إسماعيل الحنفي.
وفي يوم الخميس خامسه وقع الصلح بين القاضي محيي الدين الإخنائي وابن عم الإخنائي وابن عم مولانا الشيخ تقي الدين، وكان وقع بينهما بسبب الطالع للسبيل والمرتفق المتقدم ذكره، ببيت السيد كمال الدين؛ ركب السيد وقاضي القضاة إلى بيت نجم الدين الحنبلي إلى بيت القاضي محيي الدين، وجاء البيت السيد مخبرنا المشار إليه ومعه القاضي علاء الدين البصروي للمشهد، ثم جاء السيد ومعه شهاب الدين بن حجي وشمس الدين الواعظ الحنفي والشيخ إبراهيم التاجر آخر النهار إلى مسجد مولانا الشيخ، فقرأ الشيخ إبراهيم الفاتحة ودعا، ثم خرجوا.
ولبس القاضي صلاح الدين العدوي خلعة السلطان بالاستمرار من الاصطبل، وركب مع أهل المجلس كلهم، وكان يوماً مشهوداً.
ووصل عبد القادر بن الكاتب وقد ولي ترجمة السلطان عوضاً عن عمر الترجمان، وأودع هذا بالقلعة. ودخل النائب ليلاً.
وفي يوم الاثنين تاسعه حضر السيد كمال الدين بدار السعادة في إفتاء دار العدل نيابة عن
القاضي محب الدين ابن قاضي عجلون.
وفي يوم الجمعة ثالث عشره ظهر الخبر بدمشق بوفاة الشيخ الإمام العالم العلامة سراج الدين العبادي، توفي بالقاهرة فجأة وكان من كبار علماء الشافعية بها، رحمه الله.
وفي يوم السبت رابع عشره سافر النائب إلى جهة حماة، ومعه العسكر جميعه والأمراء.
وفيه طلع للصالحية عدة مماليك وخطفوا سبع شاشات، فتبعهم شخص من المأخوذ منهم الشاشات من جسر الأبيض إلى طواحين الأستاذ، فرد عليه واحد منهم وضربه بسيف في رأسه، فلقه نصفين فمات، فحمل للمدرسة وغسل ودفن، ثم تبعهم شخص أيضاً من المأخوذ منهم الشاشات إلى قرية دومة وأخذ شاشه منهم، ثم شكا عليهم للنائب في الوطاق، فتطلبهم النائب، وقال للشاكي: تعال إلى جهة، ذكرها، لنفحص عنهم لما نعرض العسكر بها.
وفي يوم الخميس ثاني عشره نزل نائب صفد بعسكره بالقبة.
وفي يوم الجمعة عشريه وصل الحاج محمد الطحينة قاصد القاضي صلاح الدين العدوي من القاهرة، وعلى يده مستندات للشامية البرانية: التدريس لمولانا الشيخ تقي الدين المنوه بذكره، والنظر للقاضي صلاح الدين العدوي؛ نزل عن ذلك يحيى بن حجي بمبلغ ذهبٍ سلمهم إياه، ودخل في القضية الشيخ شهاب الدين بن المحوجب.
وفيه دخل نائب صفد ونزل بالميدان الأخضر.
وصلي على الشيخ سراج الدين العبادي صلاة الغائب؛ وعلى زين العابدين من ذرية سيدي الشيخ عبد القادر الكيلاني، أعاد الله من بركته، توفي بالقاهرة أيضاً.
وجاء الخبر بأن فريقاً من عرب آل خالد خرجوا على قفلٍ عراقي في برية قرية ضمير، نحو ثلاثة آلاف جمل كانوا متوجهين إلى دمشق، فأخذوهم عن آخرهم، وكان معهم شخص من مقدمي وادي بردا، يقال له عبد المنعم بن العزقي، من كبارهم، له مدة قد خرج عن الطاعة فهرب إلى الحسا، والتف على ابن جبر، فأعطاه نحو ثلاثين جملاً، ثم أخذت منه وقتله الله على يدهم، ولله الحمد.
ومما أخبر به محمد الطحينة أن مخيم العسكر المصري فارقه بالريدانية الدوادار الكبير، ومن معه من الأمراء، وعزمهم التوجه للبلاد الشامية. وأن ابن كاتب السر ابن مزهر ولي حسبة القاهرة.
وفي يوم الأحد ثاني عشريه جاء الشيخ عبد الرحمن الحريري من القاهرة، ومعه مراسيم
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للنائب، ومعه واحد مطلق أيضاً.
وفي يوم الثلاثاء رابع عشريه لبس علاء الدين بن شاهين نائب القلعة خلعة رضا. وسافر نائب صفد متوجهاً للبلاد الشامية. وفي يوم الأربعاء خامس عشريه ختمت الدروس بالشامية. وجاء شمس الدين بن حلو من القاهرة، وأخبر بأنه فرق الدوادار الكبير بالخانقاه، وتاني بك قرا ببليس.
وفي يوم الأحد سلخه نودي بإبطال المحرمات بمرسوم السلطان المقدم للحاجب، وهو المطلق، وكانت حركة الحاجب مع سيدي محمد بن محمد الحسيني بالمشهد بحضور مولانا الشيخ، بسبب الجمال المأخوذة من خان ولي الله الشيخ تقي الدين الحسيني لسخرة دوادار السلطان الكبير، وانفصل المجلس على خير بعد أن أسمعه سيدي محمد كلمات مبكية، وهو يشبك العلاي.
وفي يوم الأربعاء ثالث جمادى الأولى منها، سافر الحاجب وأبو بكر بن عبد القادر وسيدي إبراهيم بن منجك وغيرهم لملتقى الدوادار الكبير. وفي يوم الجمعة خامسه توفي الشيخ الإمام العلامة علاء الدين على المرداوي الحنبلي، كان أكبر نواب الحنبلي، ومفتي الحنابلة، وكان ديناً عفيفاً ألف التنقيح، وعليه عمل الحنابلة بالشام، وعدة مؤلفات، وقد ذكرته في كتابي التمتع بالإقران بين تراجم الشيوخ والأقران بأوسع من هذه الترجمة.
وفي يوم السبت سادسه وصل بعض جماعة الدوادار الكبير، وبعض أمراء منهم تأتي بك قرا.
وفي يوم الاثنين ثامنه نزل الدوادار الكبير بالقبة بعد العصر. وفي يوم الثلاثاء تاسعه دخل ونزل بالقصر. وفي يوم الأربعاء عاشره دخل برسباي قرا حاجب الحجاب بالقاهرة ونزل المصطبة. ودخل الدوادار الكبير الجامع وزاره، ودخل مشهد مولانا الشيخ تقي الدين وشارفه، وكان مشغولاً بالوضوء، فخرج إليه ولم يجتمع به.
وفي يوم الجمعة ثاني عشره أقيمت الجمعة بالجامع الذي أنشأه الأمير مكي حيوط،
قبلي مما قبر عاتكة شرقي الشويكة، على الجانب الغربي والشمالي من بستان الصاحب، وهو جامع حسن نزه أخذه من بيته وجعله جامعاً، ووقف عليه جهات عديدة؛ وخطب بالجامع المذكور شمس الدين البيضاوي الشافعي.
وفي يوم السبت ثالث عشره سافر تاني بك قرا. وفي يوم الأحد خامس عشره طلع طلب الدوادار وقت الغداء متوجهاً للقصير، وطلع هو بباقي العسكر قبيل العصر، ومعه القضاة والحاجب وناظر الجيش وابن منجك ويونس بن مبارك وابن شاد بك وإسماعيل الحنفي؛ وألبس الحاجب خلعة بطرفين على عادة السلطان، ولناظر الجيش وابن منجك وابن المبارك وابن شاد بك وإسماعيل الحنفي.
وفي يوم الاثنين سادس عشره دخل نائب القلعة وصلاح الدين العدوي بخلعتين من عنده، وأخذه مع المحتسب برددار، وجعل مكانه مملوكاً من جماعته نيابة عنه.
وفي يوم الثلاثاء سابع عشره قيل إن قاضي مصر الشافعي وقاضيها المالكي، أعادهما السلطان بعد أن كان انحرف عليهما بسبب ما.
وفي يوم السبت حادي عشريه شاعت الأخبار بأن السلطان شنق ابن المقسي ناظر الخاص بالقاهرة، وابن البقري شيخ بلاد مصر، على مال تجمد عليهما. وفيه خرب بيوت بنات الخطا بحارة البغيل، بين جامع التوبة وجامع الجديد، بعد أن اشتريت القيسارية من ابن الصقر التاجر بمبلغ أشرفية ثلاثين، ثم انتقلت بنات الخطا إلى جوار المدرسة اليونسية بالشرف الأعلى بإشارة ابن الدواداري الشرابدار وابن الخياطة الوالي، بعد أن نقلوا الناس من بيوتهم أسكنوهن.
وفي يوم الاثنين ثالث عشريه توفي تقي الدين أبو بكر البقاعي، الساكن جوار مدرسة الصابونية الشافعي، وكان كبير الطائفة البقاعيين الساكنين هناك، ومستشارهم، ذكر أنه تمخول ومات بها - وفيه اجتمع خلق كثير بسبب الخمارات وغيرها بالمشهد من الجامع الأموي - وذكر عن ابن رمضان الشاهد بخارج باب الجابية كلام في حق الطائفة الفقراء، فأحضر للمشهد، وأنكر بعد أن عنف بكلام كثير، فتاب واستغفر ما وقع منه - وفي يوم الجمعة سادس عشريه لبس الموفق العباسي خلعةً للاستمرار، وطلب إلى عند الدوادار الكبير إلى حمص، وأن يأخذ معه ديوان الجيش ويسافر به يوم تاريخه بعد الخلعة.
ولبس الحاجب خلعة للاستمرار
ونيابة الغيبة. وفي يوم الاثنين سلخه جاء قاصد لابن دلامة الزين عبد الرحمن من القاهرة، شكت عليه جماعة منهم ابن أخته ابن الجفيني بسبب تركة أمه.
وفي يوم الثلاثاء مستهل جمادى الآخر منها، سافر نقيب القلعة للإشراف على خان وادي التيم - وعقد عقد رضي الدين بن الغزي الشافعي على بنت المرحوم شيخ الإسلام زين الدين خطاب البكر، من بنت علي بن الدقيق الحمصي، وفي الثالثة عشرة، ببيت أمها بنت علاء الدين الحنفي، بحضور مولانا الشيخ تقي الدين المنوه به وشيخنا شيخ الإسلام زين الدين بن العيني؛ ولي تزويجها ابن عم أبيها زوج أختها لأبيها ناصر الدين محمد معه على مذهب الحنفية، على مبلغ ذهب مائة وخمسين.
وفي يوم الخميس ثالثه دخل زين الدين الحسباني من القاهرة نائب الحنفي، وبيده عدة وظائف كانت بيد بدر الدين ابن قاضي أذرعات، الملقب بضفدع: السبكية وجامع جديد وتربة الزنجيلية وغير ذلك مع الجوهرية، ووظائف ابن السرادسة بالمارستان النوري، بمبلغ ذهب إليه به.
وفي يوم الجمعة رابعه توفي شهاب الدين أحمد الصالحي الكاتب، كان يخط الخط المنسوب، وكان ديناً، أشقر قصيراً، ثم انتقل إلى سويقة ساروجا؛ وممن كتب عليه هناك مشائخ الإسلام نجم الدين وتقي الدين وأخوهما القاضي زين الدين بنو قاضي عجلون وغيرهم.
وفي يوم السبت خامسه وصل الماء للسبيل والرتفق عند القيمرية من جهة الغرب، وإلى قناة الأحد القريبة للقيمرية من جهة الشرق، التي ينزل إليها في درج، أخذ الماء من الطالع عن الذهبيين، وقدر ذلك ثلاثة أصابع، أثاب الله تعالى الساعي في ذلك الثواب الجزيل.
وفي ليلة الأحد سادسه سافر حاجب الحجاب وابن شادبك الأستادرار إلى برج بني عامر، ليسلما البلاد لابن طراباي عوضاً عن أبيه المقتول، بإشارة دوادار السلطان الكبير.
وفي يوم الاثنين رابع عشره فوض قاضي الحنفية تاج الدين بن عربشاه لعمي الجمال بن طولون الصالحي نيابة القضاء، بواسطة شيخ العلامة زين الدين بن العيني الصالحي، ثم استنابه في حضور إفتاء دار العدل الشريف، ثم نزل له عنه.
وفي هذا اليوم صيح عند المحراب المالكية بالجامع الأموي على شهاب الدين أحمد العجرموشي البقاعي المؤذن المعروف بزمكحل القوال، وكان رئيس المؤذنين بجامع بني أمية، ذا صوت حسن، يضرب به المثل، وكان يقرأ الموالد الشريفة، وهو من جماعة الشيخ تقي الدين الأذرعي، فتوفي - وفي يوم
الاثنين سادسه دخل عمر بن الصابوني من القاهرة، ولبس خلعة نظر الجوالي، وله مدة بالقاهرة - ولبس عبد القادر بن الكاتب نصف الترجمة.
وفي يوم الثلاثاء سابعه فوض قاضي الحنفية التاج، لأمين الدين بن الحسباني نيابة القضاء.
وفي يوم السبت ثامن عشره توفي الشيخ برهان الدين البقاعي الشافعي، وكان له مدة سنين مقيم بالقاهرة ثم جاء إلى دمشق، ونزل عند القاضي صلاح الدين العدوي، وتلقاه مولانا الشيخ تقي الدين المنوه بذكره والسيد كمال الدين وغيرهما إلى القنيطرة؛ ثم حصل من الشيخ تقي الدين حركة، ثم وقع بينهما وانتشا شرور كثيرة، وآخر الأمر صنف سباً في حجة الإسلام الغزالي فازداد الأمر وتوالى، ودفن بالحمرية في التربة المجددة؛ وقد أطلت ترجمته في غير ما موضع من التعليقات.
وفي يوم الأربعاء ثاني عشريه توفي عمر بن الصابوني ناظر الجوالي، ودفن بتربة عمه، وكان والده تاجراً بالدهشة، وكان يحفظ القرآن. وصحت الأخبار بأن الأمير أزدمر الأينالي، الذي كان مع السلطان بمكة المشرفة، طلبه وسط السنة، فأنزل في البحر إلى أن وصل لبلاد الصعيد إلى قوص، ثم ادعى عليه عند قضاتها، وأقيمت عليه البينة بشيء يقتضي ضرب عنقه، فضربت ولله الحمد. وفي يوم الجمعة رابع عشريه وصل ناظر الجيش الموفق من حلب، ومعه أخوه كمال الدين المالكي - وفي ليلة الأحد سادس عشريه جاء شهاب الدين بن المحوجب من القاهرة.
وفي يوم الجمعة مستهل شعبان منها، حصل رعد وبرق، ثم نزل مطر ثم برد، وتزايد إلى أن نزل فيه شيء قدر بيض الحمام، أو بندق الطين، نحو عشر درج رمل، وكان في أوائل تشرين الأول - وفي يوم السبت ثانيه توفي مهتار السلطان، جاء بسبب عمل خيمة للسلطان، وابن الملاح الحداد، أبو صهر الشيخ علاء الدين البصروي، وهو أخو برهان الدين الملاح الفقيه، كما يقال: وفي يوم الأحد ثالثه وصل الخبر من حلب بأن الدوادار الكبير يشبك طلب من أهلها مشاة لتذهب إلى قلعة ماردين، التي فيها مال المتوفى حسن باك والد يعقوب باك، حسبما أشار عليه الخواجا ابن الصوا المشرقي، ومن ذرية تمر وكيل السلطان بتلك الناحية ثم أشار عليه بأن يأخذ منهم مالاً فلم يسهل عليهم ذلك، فلما رجع ابن الصوا من تشييع الزردخانة ووصل إلى حلب، ثار أهلها للشر وارادوا قتال الروادار، فقال: إيش كنت أنا، روحوا للخواجا ابن الصوا، فلما سمعوا ذلك ذهبوا إليه ليقتلوه فهرب، فأدركوه في حارة الكلاسة، فجروه برجليه إلى تحت قلعة حلب، فأحرقوه، وأراح الله العباد والبلاد منه.
وفي يوم الأربعاء سابعه وصل محب الدين الأسلمي من جهة حلب، معتقل عليه إلى دمشق، بعد ضرب وإهانة، ومسك دواداره محمد يوم تاريخه، ورسم عليه في دار النيابة.
وذكر الشيخ أبو الفضل بن الإمام النائب العربي، أنه لما كان بمنزلة عيون التجار، طلع عليه قطاع الطريق أخذو له خرجاً فيه جميع ملكه، من قماش ومال غيره ذلك، نعوذ بالله من زوال النعم.
وفي يوم الخميس سابعه نودي على الفضة العتيقة من القايتبايية والخشقدمية والأينالية واليلباييه والتمر بغاوية بطالة، وضربوا فضة جديدة، والعتق بالميزان، وتعتمد المائة العتق نحو أربعة دراهم، وإلى عشرة، ورجم العوام المنادي.
وفي يوم السيت تاسعه كان ختان سيدي محمد بن مولانا الشيخ تقي الدين المنوه به، وابن عمه أبي اليمن، وابن ناصر الدين شاد عرطوز، بالبحرة بعد عشاء الآخرة - وفي يوم الثلاثاء ثاني عشره ابتدئ بعمارة درب الصالحية من جهة الشبلية من جسر طاحون السمرية تحت طاحونة عين الكرش.
وفي يوم الجمعة خامس عشره توفي الشيخ الصالح العالم العلامة المقرئ غرس الدين خليل اللدي الشافعي، الأشعري الاعتقاد بعد أن توضأ لصلاة الصبح وأراد أن يصلي، فتوفي قبل الصلاة بعد أن انقطع أربعة أيام، وكانت جنازته مشهودة، ودفن بمقبرة باب الصغير، رحمه الله رحمة واسعة - وفي يوم الاثنين ثامن عشره أسلم شخص يهودي عطار، يدعى عبد الحق، حانوته تجاه باب دار الطعم العتيقة - وفي يوم الأربعاء عشريه كانت وليمة عرس عبد الرحيم بن الموفق على بنت عمه كمال الدين.
وفي يوم الخميس حادي عشريه جاء قرابة العدول بالحوطة على تركة عمر بن الصابوني؛
ومعه مرسوم بعزل الحموي الحنفي ونقيب الأشراف السيد إبراهيم والمحتسب يونس البرددار المصري، وأن يختاروا من يصلح.
وفي يوم الخميس ثاني عشريه حصل مطاولة بين مولانا الشيخ تقي الدين المنوه به وابن عمه القاضي محب الدين وعلاء الدين البصروي، ببيت السيد كمال الدين، بعد المغرب، وكان شمس الدين الخطيب وشهاب الدين الحمرواي حاضرين، وانفصل المجلس عن فساد، ثم ثاني يوم قبل الظهر حصل الصلح ببيت السيد، وجاء البصروي إلى عند مولانا الشيخ للبيت.
وفيه جلس نقيب القلعة لابن سكر بعد أن مسكه من مدرسة النورية بحضور القاضي الحنفي بها، ثم ضربه. ووصل كتاب زين الدين بن دلامة بأنه ولي نظر الجوالي.
وفي يوم السبت مستهل رمضان منها، كان رؤية الهلال ليلته رفيعاً جداً.
وفي يوم الاثنين ثالثه اجتمع القضاة والفقهاء والترك والمشايخ بالربعات الشريفات والأعلام بالجامع الأموي، والشيخ محمد الحسيني والشيخ إبراهيم الأقباعي والشيخ خليل الصمادي والخاص والعام، أما الفقهاء والمشائخ فجلسوا عن يسار محراب الصحابة، وأما القضاة والترك: الحاجب ونائب القلعة وحاجب ثاني وناظر الجيش، بالمحراب المذكور وحدهم، وقريئ القرآن العزيز وأديرت الربعات، وذكروا الله تعالى ثم ذكر ذلك: لمن يهدى؟ فأهدى للسلطان؛ ثم قرئ المرسوم بعزل السيد إبراهيم من نقابة الأشراف والمحتسب من حسبة دمشق، وأن يختاروا أحداً يصلح، أما الأشراف فاختاروا السيد علاء الدين بن نقيب الأشراف، فلم يقبل ولم يحضر؛ وأما المحتسب فأحالوا الأمر إلى السلطان، وانفصل المجلس على ذلك إلى قرب الظهر، وكان القارئ للمرسوم الخطيب النابتي، على كرسي، وكان صلاح الدين الوكيل ونقيب القلعة غائبين بالبقاع لأجل تركة مقدم ألف.
وحصل في هذه الأيام برد شديد وزمت إلى الغاية، ولا في كانون ما يأتي مثله، نسأل الله العافية، وفي يوم الأربعاء خامسه توفي بدر الدين بن الزهري الشافعي، كان من نواب القاضي الشافعي، وكان ممن يشتغل على الشيخ بدر الدين ابن قاضي شهبة، وهو من ذرية العلماء لكن لم يكن عالماً، رحمه الله تعالى.
وفي يوم الجمعة سابعه صلي على شخص توفي بالقدس الشريف كان صالحاً، يدعى أبا طاهر، رحمه الله تعالى.
وفي يوم السبت ثامنه اسفيض بدمشق وفاة شهاب الدين أحمد المشهور بزعبوب الشافعي، توفي بكفر كنا، كان كتابه التنبيه يحفظه، وأراد الكتابة بالشامية البرانية فداركته المنية، وفيه توفي إمام الشامية
هذه شهاب الدين أحمد، وكان قد كف بصره في آخر عمره، وكان شاهداً على بابها قديماً، وكان مشاركاً في عدة أشياء، رحمهما الله تعالى.
وفي يوم الاثنين رابع عشريه شاعت الأخبار بأن العسكر انكسر كسرة فظيعة وقتل أناس كبار، أخبر بذلك مملوك شادبك أمير كبير الشام؛ ثم تبين أنه قتل الدوادار الكبير يشبك الظاهري، قتله الأمير بياندر، وأخذ رأسه معه، مع جماعة من النواب، منهم قانصوه اليحياوي نائب الشام، ومنهم جاني باك ألماس نائب صفد، إلى يعقوب باك بن حسن باك بن قرا أيلوك بمدينة تبريز، ثم أفلت نائب الشام هذا فدخل حلب في رجب سنة ست، فعزل من الشام ونفي إلى بيت المقدس.
وفي يوم الأربعاء سادس عشريه كان آخر تشرين الثاني.
وفي يوم الخميس سابع عشريه دخل زين الدين بن عبد الرحمن بن دلامة ناظر الجوالي بخلعة، بعد أن نزل بتربة تنم. وفي يوم السبت تاسع عشريه وصل مملوك من مماليك النائب، وأخبر بأخبار مزعجة عن العسكر. وختم على موجود النائب، ورفع جند دواداره، ومحمد دوادار الدوادار، للقلعة.
وفي يوم الأحد مستهل شوال منها، عيّد الناس، وكانوا صلوا التراويح في ليلته، ولم ير الناس الهلال إلى رق واحدة، وإذا هم يكبرون في المآذن، وذكر أن اثنين جاءا إلى عند علاء الدين البصروي من أهل قبر عاتكة، وهو في صلاة التراويح بالجامع الأموي، وشهدا بأنهما رأياه وجماعة من كفر سوسيا.
وفيه هلك النجم السامري الطبايعي وله مدة في ذلك، وكان قد تقدم فيه، وله مدة ضعيف؛ ورؤيت له مقامات حسنة تدل على أنه ختم له بخير، والعلم عند الله، وأعقب ولدا نجيباً في الطب.
وفي يوم الاثنين ثانيه نزل السراق على محمد بن المزلق، وجرحوا بوابه، ولم يجدوه في البيت، وأخذوا صندوقاً فيه أشياء كثيرة جليلة.
وفيه دخل شادبك أمير كبير الشام، من جهة حلب، وفي أناس قلائل جداً، على هيئة زرية، وهو ضعيف في محفة. وفيه جاء مرسوم بأنه عين أربع مقدمين، وترك معهم، عونة للعسكر.
وفي يوم السبت سابعه دخل الحاج الحلبي بكرة النهار، وأميرهم يوسف الحمزاوي، وهو ركب مليح، كان زمام بنت الحمزاوي نائب الشام.
وفي يوم الأحد ثامنه، كان حدث قبله بنحو خمسة أيام، إن أهل القبيبات الفوقانية، وميدان الحصا الذي عند جامع منجك، وقع بينهم بسبب قيس ويمن دعوى جاهلية، واقتتلوا وحصل بينهم جراح، وقتل من القبيبات على ما ذكر ثلاثة أنفار، فطلع الحاجب الكبير إليهم بسبب ذلك، وكبس على أهل القبيبات ومسك منهم نحو العشرة أنفس فأكثر، وضربهم وبالغ من بعضهم بالمقارع، وهرب الغرماء إلى جهة داريا، وجرح من مماليك الحاجب جماعة، وهم إلى الآن محبوسون عنده، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الاثنين تاسعه كان أول فصل الشتاء؛ وفي آخره وصل الأمير جاني بك الأبح أحد الألوف وأخبر بأمور كثيرة، وصل معه محب الدين بن الفرفور صاحب ديوان الجيش، ومعه أمراء من الشام: تمراز التمربغاوي، وابن شاهين حاجب ثالث، وكسباي وغيرهم، وأخبر المحب بأمور، منها أن الباش ضربت رقبته بعد أن مسك على هيئة بشعة، وحشى سلخة الرأس تبنا، ومعه رأس ابن بداق، وأرسلا لتوريز لابن حسن باك، ومسك نائب حلب ازدمر قريب السلطان، ونائب طرابلس بردبك المعمار، لم يعلم له خبر ولا أثر، وتاني بك قرا أحد المقدمين بمصر أسر، وكذا برسباي قرا حاجب الحجاب، وبرد بك أحد الألوف بدمشق، وأينال الخسيف الأمير الكبير بحلب.
وفي يوم الثلاثاء عاشره دخل الحجاج الحمويون، وسافر الشيخ علي الدقاق مع سيدي علي بن القاري التاجر إلى الحجاز الشريف على درب المصري.
وسقط شخص من الصناع من سقف مشهد الزيلع، فمات من ساعته.
وفي يوم الأربعاء حادي عشره جاء قاصد كاتب السر من القاهرة وأخبر بوفاة قاضي القضاة شمس الدين الأمشاطي الحنفي، وكان من قضاة العدل بالنسبة لهذا الزمان، يتكلم كلمة الحق ولو على السلطان؛ وعلى يد هذا القاصد مرسوم السلطان بأن يسافر القاضي شرف الدين بن عيد الحنفي مكرماً للقاهرة، ويعطى ثمن مركوب وغيره.
وجاء الشيخ محمد بن الحصني من القاهرة أيضاً، وكان له اجتماع كثير بالترك الكبار.
وفي يوم الجمعة ثالث عشره صلي على القاضي شمس الدين محمد الأمشاطي الحنفي، بالجامع الأموي غائبة.
وفيه تولى المحب بن القصيف قضاء الحنفية، عوضاً عن التاج بن عربشاه.
وفي يوم الأحد خامس عشره سافر الحاج الشامي ونزل القبة، وأميرهم يلباي دوادار السلطان بدمشق، وهو قليل جداً، لكن الغرب من الحلبيين وغيرهم كثيرة، وقاضيهم شمس الدين الكفرسوسي الشافعي، ومعهم من الشاميين عماد الدين إسماعيل النابلسي الأنصاري، وبرهان الدين السوبيني، وشمس الدين بن الجهيني، وإبراهيم بن الوراق، وشهاب الدين بن الصايغ؛ وفي كانون الأول ثمانية عشر يوماً.
وفي يوم الاثنين سادس عشره دخل شخص من العسكر يسمى قانصوه الشامي مقدم المماليك بالقاهرة، أفرج عنه القرا أيلوكية؛ وجاء قانصوه دوادار الدوادار هارباً منهم.
واللحم قليل جداً ولا يوجد.
وأشيع بأنه جاء مرسوم بأنه عين أمير كبير أزبك وثلاثة مقدمين معه، بأن ينزلوا إلى حلب ويضموا إليهم مماليك السلطان المنكسرة، ومن سلم من العسكر يعود إلى حلب.
وفي يوم السبت حادي عشرة توفيت بنت السيد كمال الدين المالكي، زوجة السيد عبد الرحيم، بعد أن دخل بها وهي بكر.
وفي يوم الاثنين ثالث عشريه جاء الخبر بأن تاني بك قرا جاء لحلب، وما ذاك إلا أنه لم نفسه، وأنه من أبناء العرب، وأنه خطيب، وكان رجلاً مستعرباً.
وفيه نودي على الدراهم العتق بطالة، فلم تسمع العامة وأرادوا ضرب المنادي.
وفي يوم الجمعة سابع عشريه نودي على الفضة قبيل الصلاة بإشارة مولانا الشيخ المنوه به، بعد أن اجتمع به نائب القلعة والقاضي صلاح الدين الوكيل بالبادرائية، ووقع الاتفاق بأن الفضة العتق والجدد وزن كل اثني عشر درهماً ونصف درهم بأشرفي ذهب؛ ومشى الحال على هذا بعد أن كان الخلق في غاية الضيق والحصر، وغلقت الحوانيق بسبب ذلك، وتقطعت الأسباب؛ واللحم في غاية الشحتة، ولا يوجد إلا بعسر شديد، وهو في غاية الوحاشة: الرطل بأربعة والفتح بمبلغ مائة وخمسين.
وفي يوم السبت ثامن عشريه دخل رضي الدين بن الغزي على بنت المرحوم الشيخ زين الدين خطاب من بنت الدقيق.
وفي يوم الاثنين سلخه سافر القاضي شرف الدين بن عيد للقاهرة.
وفي يوم الأحد سادسه ذي القعدة جاء كتاب عبد الرحمن الخليلي من جماعة القاضي شهاب الدين المريني، وفيه أن تاج الدين بن عربشاه عزل وولي محب الدين بن القصيف بثلاثة آلاف ذهباً.
وفي يوم الأربعاء تاسعه، بعد حضور مولانا الشيخ تقي الدين المنوه به الشامية البرانية، ركب إلى خمارة الدوادار الكبير وأزالها، ولله الحمد.
وفي يوم الأحد ثالث عشره توفي جمعة الشاهد بباب جامع التوبة.
وفي يوم الاثنين رابع عشره دخل مماليك السلطان متوجهين ثانياً للبلاد الشامية، وفارقوا أمير كبير في غزة.
وفي يوم الأربعاء سادس عشره نزل مولانا الشيخ تقي الدين للمولى السيد كمال الدين بن حمزة، ابن أخته، عن نصف نظر الركنية الشافعية، ونصف تدريسها، ونصف تدريس الفلكية، وأمضى ذلك؛ ورغب عن ثلث إعادة الدرس بالشامية البرانية للمشار إليه قبيل تاريخه، وقرر فيه الصلاح بن العدوي، وبذلك عن ذلك كله ذهباً ثلاثمائة وخمسين، دفع ذلك بالحضرة والمعاينة، بعد التمليك لها للمشار إليه النازل، وثبت ذلك، وحكم فيه قاضي القضاة نجم الدين الحنبلي بشهادة الشهابين ابن طوق وابن الصميدي.
وفي يوم السبت تاسع عشره ثار ريح عظيم، واستمر إلى نصف الليل.
ووصل الأمير أحد المقدمين من القاهرة ويسمى وردبش، وغضب السلطان على أمير من مقدمي الألوف بالقاهرة يدعى خاير بك بن حديد، بسبب ندبه لكفالة الشام، فلم يفعل، فأرسله لقلعة الصبيبة، ثم تحرر أنه جاء صحبة أزبك للتجريدة، ووصل خاير بك إلى قلعة دمشق ليلاً.
وفي يوم الاثنين حادي عشريه نزل أمير كبير أزبك قبة يلبغا.
وفي يوم الثلاثاء ثاني عشريه دخل ونزل بالقصر، وسافر وردبش إلى جهة حلب، ونودي أن نائب الشام قانصوه اليحياوي مستمر في كفالته عن إذن أمير كبير، وأطلق بعض مباشريه.
وفي يوم الأربعاء ثالث عشريه ألبس أمير كبير المذكور مباشري هذا الكافل خلعا: الأستادار وابن الخياطة البرددار ومحب الدين الأسلمي كاتب الخزانة.
وفي يوم الخميس رابع عشريه دخل الأمير أزبك للجامع الأموي، ودخل إلى عند مولانا الشيخ للمشهد؛ ثم أرسل خلفه إلى القصر، واستشاره فيمن يولى محتسباً، وأنهم يختارونه من المتعممين.
وفي يوم الاثنين سادس عشريه سافر الأمير الكبير أزبك ونزل بالمصطبة.
وفي يوم الأحد سابع عشريه سافر من المصطبة بعد صلاة الصبح.
وفي كتب شهاب الدين العذاري بالشامية البرانية على أربعين مسألة على العادة، وهي بالنسبة إليه لا بأس بها.
وفي يوم الجمعة مستهل ذي الحجة منها، كان أول شباط.
وفي يوم الخميس ثامنه ذكر أن رضي الدين الغزي سعى في القاهرة عند القاضي قطب الدين الخيضري في نيابة القضاء في دمشق بمبلغ ذهب تسعمائة، دفع شيئاً، وكتب عليه الباقي إلى المغل بحجة، وأرسل إلى القاضي سراج الدين يفوض إليه.
وفي يوم الخميس عاشره عيّد الناس عيد الأضحى.
وجاءت الأخبار بأن القاضي شرف الدين موسى بن عيد لبس قضاء الحنفية كذلك بالقاهرة، وأن له اثنين وعشرين يوماً قد لبس.
وفي يوم الأربعاء خامس عشره وصل بداق، أخو سوار المتولى مكانه، في الحديد مع مماليك السلطان محتقظاً عليه، وأدخلوه القلعة.
وفي وم الجمعة رابع عشريه بعد صلاتها، ركب مولانا الشيخ، وحاجب الحجاب يشبك العلاي، وسيدي محمد بن الشيخ محب الدين الحسيني، والشيخ إبراهيم بن الشيخة أحمد الأقباعي، وغيرهم من الفقراء، لإزالة الخمور والمنكرات، فأراقوا خمراً كثيراً، ومن جملة ذلك خمارة عند بيت الأمير قرقماس التنمي، أحد الأمراء المقدمين، بحارة القصر، بجوار المدرسة الأسدية، وذكر أنها ببيته، فلما توجهوا إلى بيته حولوها، فلما رجعوا عند جامع تنكز فعنفوه، فأنكر أنها لم تكن له، فقيل له أنها لمماليكك وغلمانك وجماعتك، وأفضى الحال بعد يومين إلى أنه جاء هو والأمير جاني بك التنمي أحد المقدمين، والقاضي صلاح الدين العدوي، والقاضي محب الدين، وعلاء الدين البصري، وتاب واستغفر.
وفي يوم الأحد سادس عشريه وقع موسى العلماوي، وهو شاب شافعي المذهب من
أهل القرآن، في حق الله تعالى، طولب بشيء، فقال: ما يخرج من هذا المكان ولو حارب العزة؛ فرفع أمره للقاضي المالكي نائب الحكم شمس الدين المطماطي، فأمر بحبسه والتضييق عليه في سجن الدير، فبلغ القاضي برهان الدين بن المعتمد نائب الحكم الشافعي فحكم بإسلامه، فاستشاط قاضي القضاة المالكي شهاب الدين المريني وأمر بالتضييق عليه في السجن أكثر ما كان، إلى أن أطلق في يوم الثلاثاء ثامن عشريه بواسطة مولانا الشيخ، وكان الرسول لقاضي القضاة المالكي شهاب الدين الحمراوي، وكان في السجن في قيد وغل تلك الليلة.
وفي آخر هذه السنة بلغني أن المدرستين اللتين ببنائهما أمر السلطان لما حج، انتهتا، وهما مدرسة بمكة المشرفة لصق الحرم الشريف بين بابي الرحمة والسلام، بمنارة، وأخرى بالمدينة الشريفة لصق الحرم النبوي بين بابي الرحمة والسلام أيضاً، ورتب فيهما تعاليم للطلبة؛ ولما كان حج، كان معه أخو المحدث شمس الدين السخاوي، فكتب جميع ما يقع للسلطان في سفره، ليدون ذلك أخوه.
سنة ست وثمانين وثمانمائة
…
خرجت زوجة القاضي شرف الدين بن عيد للقاهرة، ولم يأت إلى الآن خبر زوجها، وودعها القاضي محب الدين بن القصيف راكباً أمام جمل المحارة إلى خارج البلد! وفي يوم الجمعة بعد صلاتها ثاني عشريه صلى بالجامع الأموي غائبة على الشمس القدسي المتقدم ذكره، بعد أن خطب شيخنا سراج الدين بن الصيرفي أعلى منبر المقصورة الجديد، بعد فراغ الجامع المذكور من عمارته، بعد حريقة النار.
وفي يوم الثلاثاء سادس عشريه دخل المحمل الشريف من القبة، وأميرهم يلباي دوادار السلطان بدمشق كما قدمنا، وهو من الشجعان لكنه في غاية من الظلم؛ وجاور شمس الدين محمد الكفرسوسي الشافعي.
وفيه عزل القاضي قطب الدين الخيضري، وهو يومئذٍ بمصر، عن وظيفة قضاء الشافعية، وتولاها مكانه صلاح الدين محمد بن عبد القادر العدوي البقاعي؛ وعزل موفق الدين العباسي عن نظر جيش دمشق، وتولاها عنه شهاب الدين أحمد بن الخيضري في كتابة
السر عوضاً عن والده.
وفي يوم الخميس ثامن عشريه ذكر أنه في بلاد الروم، بلاد ابن عثمان، حصل خسف في ثلاث مدن وقرى، وقيل في خمسة، نسأل الله العفو والعافية، وهذا من أشراط الساعة.
وفي يوم الجمعة تاسع عشريه تمت عمارة الجامع الأموي من كل وجه، وخطب الشيخ سراج الدين بن الصيرفي؛ قال الشيخ شهاب الدين بن طوق: وهي أول خطبة، خطب على منبره في مكانه المعتاد بعد العمارة، انتهى.
وقد قدمنا أنه خطب قبل ذلك مرة، وعليه مشى الشيخ محيي الدين النعيمي في ذيله وهذا هو الصواب، وحضر القضاة، والحاجب الكبير، والدوادار الكبير، ونائب القلعة، وناظر الجيش، وقرئت ختمة شريفة للسلطان بالجامع الأموي بعد الصلاة.
وفي يوم الأحد مستهل صفر الخير منها، كان أول نيسان.
وحصل اجتماعية بالمشهد من هذا الجامع، بسبب يلباي أمير الحاج وما حصل منه في الطريق من ظلم الحجاج، خصوصاً الغرب، من جهة المواريث - وفيه عزل صلاح الدين العدوي عن قضاء الشافعية بدمش، وتولاها عنه شهاب الدين بن الفرفور، وذلك مضافاً لنظر الجيش.
وفي يوم الاثنين ثانيه دخل متسلم نائب الشام قجماس، ويدعى شادبك الخزندار.
واجتمع مولانا الشيخ تقي الدين والشيخ محمد بن الحصني بالجامع، بسبب يلباي والحجاج. وحصل للكرم صقعة.
وفيه ذكر أنه وصل الخبر إلى دمشق بأن القاضي شرف الدين بن عيد الحنفي بمصر، توفي إلى رحمة الله تعالى، ومعه شخص آخر، بواسطة الزلزلة كما قدمنا، سقطت شرافة من مدرسة الصالحين عليهما فماتا معا، وقيل معهما أربعة أيضاً.
وفيه قبض على موفق الدين ناظر الجيش ورفع للقلعة.
وفي يوم الجمعة سادسه صلي على القاضي شرف الدين بن عيد بالجامع الأموي صلاة الغيبة، وكان ديناً خيراً، وله مدة في نيابة الحكم بدمشق، ثم لما جاء السلطان للبلاد الشمالية، ودخل دمشق في العود، تكلموا في ولاية الشيخ زين الدين بن العيني، فولى كرهاً ثم امتنع، فرسم السلطان أن ينظروا أحداً يصلح، ثم ولي شرف الدين هذا؛ وكان أبوه شاهداً من سكان طواحين الأستاذ، وكان مركزه بباب الزنجيلية، أخل العين، ولم يكن من المعتبرين، حنفي
المذهب، ونشأ ولده هذا على قراءة وخير إلى أن فضل، وسبب تحنفه أنه أسره تيمور، واستمر في تلك البلاد إلى أن كبر واشتغل على مذهب أبي حنيفة، وكان عزمه أن يشتغل على مذهب الشافعي، ثم إنه لازم الشيخ يوسف المغربي الحنفي، وكان قرأ عليه القرآن، فاشتغل عليه في مذهب أبي حنيفة، وكان يروح معه إلى طاحون داخل باب السلامة، يكتب عليها، فيقرأ عليه هناك إلى أن توفي، ودخل الجامع الأموي واشتغل على علماء الحنفية كالشيخ قوام الدين، ثم ولي نيابة القضاء، وآل آمره إلى ما آل رحمه الله تعالى.
وفيه توفي الشيخ علي الفحام المغربي، كان حانوته تجاه مسجد الرأس، وذلك من داخل باب الفراديس، يبيع بها الحطب والفحم وغير ذلك، وكان شيخاً صالحاً رحمه الله تعالى.
وفي يوم السبت سابعه دخل إلى دمشق من القاهرة أمير مقدم ألف، متوجهاً إلى حلب، ويدعى تاني بك الجمالي.
وسرق في ليلته ثلاثة حوانيت لتجار النصارى، جوار خان السلطان، شمالي النقلية من جهة الفواخرة، وكان ذلك قبل أن تقفل الأسواق ودوران زفة القلعة، واستمر الصوت عاقداً على السراق إلى حارة الشويكة، وتبعهم حاجب الحجاب ثم رجع، وخرجوا جماعةً على الصوت فضربوا شخصاً فجرح.
وفيه توفي في المارستان النوري أبو بكر بن الخابوري، وهو من ذرية ابن منيح، من الأصلاء ذوي البيوت.
وفي يوم الاثنين تاسعه سافر تاني بك الجمالي بك الجمالي إلى جهة حلب.
وفي يوم الأربعاء حادي عشره ورد كتابان من القاهرة من جمال الدين العدوي قريب الصلاحي، ومن القاضي قطب الدين الخيضري، للبدر بن الصاحب، بولاية صلاح الدين العدوي قضاء الشافعية بدمشق، وشهاب الدين بن الفرفور نظر الجيش بها، ونجم الدين بن الخيضري كتابة السر بها أيضاً؛ وذكر أنهم لبسوا في يوم واحد، وقد قدمنا ذكره، بعد أن كانت وظيفة القضاء انتظمت لابن الفرفور، وطلع ليلبسها، فقال السلطان: وليت هذا القضاء؛ يعني الصلاحي، وهذا نظر الجيش، يعني ابن الفرفور، فتمنع بعض شيء، فأكره على لبسها، وتغير السلطان من تمنعه، هكذا قيل، فلبسها بكرهٍ؛ وهذا كتابة السر، يعني الخيضري، فسبحان الفعال لما يريد.
وفيه جاء الخبر بموت أبي بكر بن عبد الباسط، وهو أكبر أولاده.
وفي يوم الجمعة ثالث عشره صلي على الشيخ العالم المحدث نجم الدين محمد المدعو عمر بن
فهد المكي صلاة الغائب، وهو من بيت كبير بمكة المشرفة، وله رحلات في طلب الحديث لمصر ودمشق وحلب وغيرها، وترجمته طويلة ذكرتها في غير هذا الموضع.
فيه توفي برهان الدين إبراهيم الآمدي الصالحي الحنفي، كان من أكابر الناس، وبيده وظيفة استيفاء الأوقاف، وكان فيه إنسانية لصحبته للكبار.
وفي يوم الأحد خامس عشره جاء كتاب السيد إبراهيم بن عجلان من القاهرة بأن ابن الفرفور ولي قضاء الشافعية بدمشق، عن صلاح الدين العدوي، مضافاً لنظر الجيش، ووكالة السلطان، ونظر القلعة، باثنين وثلاثين ألف دينار؛ وكان صلاح الدين ذهب لبيت الدوادار ومعه عشرة آلاف دينار، فلم يمض له، ورسم عليه بسبب ذلك، هكذا قيل.
وفي يوم الخميس تاسع عشره طلع مولانا الشيخ تقي الدين لعمارة جسر ابن شواش، الراكب على نهر بردى بالوادي الفوقاني، ومعلم وفعلة وقنبايلة وشواة، وغيرهم نحو العشرين نفساً.
وجاء مرسوم للحاجب من القاهرة بسبب القاضي الحنبلي، وفيه أنه اتصل بمسامعنا كيت وكيت، فقرئ عليه، ثم بعد ذلك طلب منه ألفا دينار، إما أن يقوم بها، أو يودع بالقلعة، أو يضمن عليه، فطلبه ورسم عليه ترسيم حشمة؛ فطلب الحنبلي شهاب الدين بن المحوجب، وشمس الدين الواعظ الحنفي، واتفق الحال على أن يضمن عليه، فضمنه شمس الدين المذكور والشهاب بن الصميدي، وشمس الدين الحداد، والرجيحي قريبه، وغيرهم، على ذلك، وتوزعوها، وطلع إلى بيته بعد العصر.
وفيه جاء مرسوم آخر للسيد علاء الدين بن نقيب الأشراف، أن يحضر للقاهرة، طيب القلب منشرح الصدر، وذكر أنه لأجل وظيفة قضاء الحنفية بالقاهرة.
وفيه قيل توفي تقي الدين البقاعي، الشاهد بالشامية؛ وتقي الدين أبو بكر بن المدني، أحد أصلاء الصالحية وكان والده كاتب السر بدمشق.
وفيه جاء الخبر بأن صلاح الدين العدوي على ما هو عليه من الوكالة ونظر القلعة، وابن الفرفور على القضاء ونظر الجيش، بستة وعشرين ألفاً.
وفيه سافر الشيخ نور الدين الحلي الشافعي للقاهرة.
وفي يوم الأحد ثاني عشريه انتهت عمارة جسر ابن شواش.
وجاء مبشر النائب بأنه وصل للرملة؛ ومبشر القاضي بن الفرفور، وهو يونس مملوك القطبي الحلبي، بقضاء القضاء،
ونظر الجيش، ومضافاتهما؛ وكتاب للشيخ سراج الدين بن الصيرفي بسماع الدعوى، والثبوت، والخطابة؛ والقاضي الحنفي بالتقرير، ونظر المارستان، وغيره نيابة؛ ولمحب الدين بن الفرفور قريبه، نيابة نظر الجيش - وفي يوم السبت ثامن عشريه جاء بهاء الدين بن الباعوني من القاهرة. ونزل الكافلي بالكسوة. وفي يوم الأحد تاسع عشريه نزل الكافلي القبة.
وفي يوم الاثنين مستهل ربيع الأول منها، دخل نائب الشام قجماس الإسحاقي الظاهري، ومعه نجم الدين بن الخيضري كاتب السر، استعلاء لا بخلعة.
وسلم مولانا الشيخ تقي الدين على الكافلي، في المبيت في دار النيابة.
وفي يوم الثلاثاء ثانيه كان أول أيار.
ورسم الكافلي على يلباي دوادار السلطان بالمسجد الذي بدار النيابة لأجل قضية الحجاج، ونودي في البلد من ظلم عليه بملك الأمراء.
وفي يوم الأربعاء ثالثه توفي الشيخ تاج الدين عبد الوهاب بن عثمان بن بنت سيدي الشيخ أحمد الأقباعي الصرخدي عمر، ودفن إلى جانب جده الشيخ أحمد من جهة القبلة، رحمه الله تعالى، وكان أقباعياً من حين كان أمرد، ومن حياة جده يعاني الأوراد والأذكار، وكان له كل ليلة سبت وقت يجتمع عنده الخاص والعام من علماء وقضاة وغيرهم، وكان ذخائر زمانه، وقد أدركه الشيب بعض شيء، رحمه الله تعالى.
ورفع في الدوادار قصص كثيرة فلم تفد، ووعدوا إلى يوم السبت، وأطلق آخر النهار، واختلفت الأقوال في سبب أمره، فقيل إن حاجب الحجاب كفله كفالة وجه؛ والظاهر أنهم حموه من جهة ابن الناعوري وإرثه، وقصدهم أكله لا غير.
وجاء من القاضي الشافعي كتب لجماعة النواب، مثل: ابن المعتمد، والبصروي، والإخنائي، على عادتهم في التولية.
وفي يوم السبت سادسه ختن القاضي محيي الدين الإخنائي ولده سيدي إبراهيم خفية، ولم يعلم به أحد.
وفي يوم الأحد سابعه لبس زين الدين عمر بن السنوسي من الكافلي خلعة بالحسبة.
وورد كتب من القاهرة من بهاء الدين بن العيني، وأبي البقا بن الجيعان بسبب ما كتبه الحموي الحنفي على يد خاص مهتار السلطان، من مرافعات الناس، وكتاب سيدي يحيى بن حجي
أيضاً للشيخ بهاء الدين بن العيني بسبب ذلك أيضاً وغيره، وأن ابن الفرفور أضيف إليه الوكالة، ونظر القلعة، ووكالة بيت المال، بثلاثين ألف دينار، كل ذلك أخبره شهاب الدين بن حجي عن كاتب السر.
وورد خبر من القدس الشريف أن جماعة من نصارى الحبش، نحو ثلاثة آلاف نفس، دخلوا القدس لزيارة القيامة، وأن كبيرهم بشاش أبيض كبير، وأنه جلس على كرسي من ذهب نصب له بها، ولما دخل رفعت أذياله جواكين من ذهب، وأنه أمر بضرب الناقوس، فوافق ضربه وقت الآذان؛ فلم يسمع الآذان؛ وملخص القضية أن كل ذلك فيه إظهار دين النصرانية، في تلك الأماكن الشريفة، والأوطان المعظمة، فسمع شخص من المسلمين ثابت الإيمان، فاستغاث: يا للإسلام؛ وأنكر ذلك، فضربه النصارى بالأسلحة، وقيل إنه مات رحمه الله، وأراح البلاد والعباد من حكام السوء مما حل بالإسلام والمسلمين، إنا لله وإنا إليه راجعون.
وفي هذه الأيام أشيع بدمشق عن قاضيين من الأربعة إشاعة فاحشة، ولعلها تكون كذباً، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ولا جزى الله خيراً من ابتكرها، وعمل قماش، سمي القاضي فوق.
وفي يوم الخميس حادي عشره حصل للسيد كمال الدين، الذي كان يفتي بدار العدل، أن القاضي محيي الدين، وحضر معه القاضي برهان الدين بن المعتمد في الإفتاء المشار إليه، النزول له عنه من مولانا الشيخ تقي الدين، وجلس تحته.
ووضع في محراب الجامع الأموي عامودين رخام أبيض منهرين، أخذا من مدرسة البهائية بطرف الصالحية من جهة الغرب، وهي تحت نظر ابن عربشاه، بواسطة أيدكي نقيب القلعة، فأنكر الشيخ عز الدين بن الحمراء الحنفي عليهم، ولم يسمع له، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الأحد حادي عشريه حصل حريق وقت الغداء الكبير، طلعت النار من الطبقة الكبيرة الراكبة على الفرن حول حمام سامة، وتداركوها وطفئت. وولي يونس الرددار الحسبة.
وفي يوم الخميس خامس عشريه ولي عبد القادر، أخو أبي بكر الدوادار، الحسبة من جهة نائب الشام، كان في أيام أخيه متوليها. وعمل النائب المولد الشريف.
وفي يوم الاثنين تاسع عشريه لبس إبراهيم بن شاد بك الجلباني خلعة أستادار السلطان بالإقرار، ونيابة
الصلت وعجلون.
وألبس القاضي برهان الدين بن المعتمد من نائب الشام خلعة
…
في يوم الثلاثاء سلخه توفي محمد بن حسين بن الشجاع الذهبي فجأة بعد
…
وطلع إلى جامع يلبغا، واستمر به إلى أن صلى المغرب ثم خرج
…
فهو داخل في العتبة وسقط مغشياً عليه
…
وفي يوم الأربعاء مستهل ربيع الآخر منها، كان حراً شديداً.
وفي يوم الجمعة ثالثه كان أول حزيران.
وفي يوم السبت رابعه تواترت الأخبار بوفاة السلطان محمد بن عثمان سلطان الروم.
وفي ليلته ركب النائب والحاجب وباقي العسكر إلى المرج بسبب خيل أخذت للنائب نحو ستين فرساً، ولم يصح ركوب النائب.
وفيه أجلس الشمس بن البانياسي، ابن بنت الشيخ داود الصالحي، الملقب بشواحيط، على السجادة من بدر الدين حسن بن برهان، وحضر الشيخ شمس الدين خطيب السقيفة، والشيخ إبراهيم الأقباعي.
وفي يوم الخميس تاسعه دخل جاني بك الطويل، الذي كان ممسوكاً عند ابن حسن باك بتوريز.
وجاء محمد المزين من القاهرة وخفف عن أستاذه النجم بن مفلح الحنبلي ألف دينار.
وكان وليمة كتاب صدر الدين بن شمس الدين ابن خطيب السقيفة، على بنت زوجة والده، وحضر جمع كثير، وقرأ الشيخ إبراهيم الناجي مولداً، وكان ذلك بالصالحية ببيت أمها، بالقرب من بيت شهاب الدين بن دلامة، أسفل زقاق الخواجا إبراهيم من جهة الشرق.
وفي يوم الاثنين ثالث عشره لبس القاضي نجم الدين الحنبلي خلعة الاستمرار، وابن الجمل معلمة دار الضرب، وابن شاد بك نيابة عجلون والصلت وما مع ذلك، في الشهر الماضي؛ ثم فوض القاضي نجم الدين نيابة لمحيي الدين بن القادر الرجيحي ويعرف والده بابن النميس، كان أميناً على طاحون الكنيسة، جوار السيد ابن شرحبيل، وخولة بنت الأزور، رضي الله عنهما، وهو قريبه من جهة النساء، وكان والده من خدام الشيخ رسلان ورباه والد
هذا القاضي البرهان، وصلى به بالقرآن العزيز، وأقرأه كتباً في مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه.
وفي يوم الأربعاء ثاني عشريه كبر الناس في المآذن على ابن شاد بك بسبب عدم السكر، وسعره الرطل بأربعة عشر، فطرحه بثمانية وعشرين.
وفي يوم الخميس ثالث عشريه طلب يلباي دوادار السلطان من القلعة، بسبب مرسوم جاء إليه، بسبب ابن الناعوري وغيره؛ ونودي عليه بدمشق: من ظلمه وقهره فليتقدم.
وشكى على ابن شاد بك أهل سوق الطواقيين وسوق جقمق بسبب السكر، وأشار النائب أن يكون بثلاثة وعشرين درهماً فلم يذعن أحد، ومولانا الشيخ تقي الدين مصمم على خمسة عشر.
وفي يوم الثلاثاء ثامن عشريه سافر الشيخ أحمد الدهيناتي بسبب طرح السكر، ومعه كتب من مولانا الشيخ لكاتب السر ابن مزهر، والشيخ زكريا، ولابن الصابوني، ولقطب الدين الخيضري، ولإمام السلطان الكركي، ولابن الجيعان نائب كاتب السر، وأبي البقاء أخيه ولسيدي يحيى بن حجي، ولشمس الدين بن الزمن، وابن الفيض، والمهمندار، والشيخ علي الجبرتي؛ ومن سيدي الشيخ محمد بن الحسيني لكاتب السر، وابن الصابوني، والشيخ زكريا، وأولاد الشيخ كمال الدين إمام الكاملية.
وفي يوم الأربعاء تاسع عشريه انفصلت قضية السكر باثنين وعشرين بكلفته.
وفيه ورد كتاب كاتب السر وقطب الدين الخيضري بأن يحرر ما ذكر عن القاضيين مما قيل في حقهما من الفاحشة، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الاثنين رابع جمادى الأولى منها، لبس يلباي، بعد أن أفرج عنه، خلعة الاستمرار بالدوادارية، قيل على عشرة آلاف دينار، والمؤخر عذاب النار، وانتقام العزيز الجبار، من الأشرار لعباده الأخيار.
وأشيع في هذه الأيام أن سيف البدوي أمير الشام العاصي جهز له السلطان خلعة إلى نائب الشام، فجهزها له إلى نائب حماة على يد شخص من كبراء حماة، يدعى الحاج علي بن العبيس كبير الأكراد بحماة، فلما
…
في قضيتها، وثب إليه شخص فضربه في بطنه، فقتله، وأراح الله البلاد والعباد منه، ويظهر
…
ظنا منهم أنه برأيه
وعلمه، ويظهر أنه مظلوم.
وفيه كملت عمارة
…
بالجامع الأموي، ومنع النساء كما فعله نائب الشام برد بك البشمقدار، وهي سنته رحمه الله تعالى.
وفي يوم الخميس سابعه وصل جماعة من بلدان طرسوس أسرى.
وفي يوم الجمعة ثامنه بدئ باستخراج دراهم من التجار، وأهل الخير، للأسرى، بالجامع الأموي، ثم بالبادرائية، ثم بالقيمرية الكبرى. وفيه وصل القاضي صلاح الدين لداريا.
وفي يوم الاثين حادي عشره دخل الصلاحي من القاهرة، ولبس خلعة بوظائفه على العادة؛ ولبس جاني بك التنمي خلعة أمرة الحج؛ وكتب نقيب القلعة أيدكي محضرين بسبب عمارة الجامع الأموي والأسواق، وكتب النائب والقضاة، وأرسل إلى مولانا الشيخ فلم يكتب فيهما شيئاً.
وفي يوم الخميس رابع عشره حصل بين سراج الدين بن الصيرفي وعلاء الدين البصروي بسبب قضية في مدرسة الخضرية قيل الظهر، ظهر فيها كائن بينهما في بواطنهم، أدى ذلك لشتم وسب ولعن، وأمر سراج الدين مملوكه أن يأتي بعصاه، وضرب البصروي.
وفي يوم الجمعة خامس عشره خطب السراج بن الصرفي على عادته، وبكى واستغاث بهم من قوله: يا عباد الله أغيثوني، انصروني، إلى غير ذلك، وبقي للناس ضجيج ونحيب، فلما فرغت الصلاة أشاع الناس أن الصلاة ما صحت، وأن يعيدوها ظهراً، وأرسلوا يستفتون مولانا الشيخ في ذلك، فأشار بالصلح، فلم يرضوا، ولم يجتمعا به، ثم اجتمعا بملك الأمراء وشكيا، فأشار بالصلح، ورجح جانب الشيخ سراج الدين.
وفي ليلة السبت بعد العشاء سادس عشره جاء جماعة من بيت حاجب الحجاب، وقبضوا على القاضي شهاب الدين أحمد بن يونس، قاضي صفد، من بيت ابن قياس، ورفع للقلعة.
وفي يوم الاثنين ثامن عشره قيل إن زين الدين سلطان، ديوان جاني بك حاجب الحجاب بالشام كان، توفي بالقاهرة.
وفي يوم الجمعة ثاني عشريه دخل دمشق الأمير محمد جم الشهير بالجمجمة ابن السلطان مراد بن محمد بن محمد بن عثمان أخو أبي يزيد، سلطان الروم يومئذ، لأبيه، بعد وفاة أبيه في هذه السنة، فاراً من أخيه. ودخل إلى حلب في مائة نفس بعد أن طلب الإذن من الملك الأشرف قايتباي في الحضور بين يديه، فبرزت المراسيم بإكرامه فدخل دمشق مكرماً، ثم دخل حمام الحاجب بصالحيتها بحضوري، وقيل لي إنه كان نائب طوقات.
وفي يوم السبت ثالث عشريه أفرج صفد شهاب الدين بن يونس وطلب لصفد؛ وتوفي من كان عنده وهو شمس الدين محمد بن قياس، رحمة الله تعالى. ووصل السيد إبراهيم للقبة.
وفي يوم الاثنين خامس عشريه دخل السيد إبراهيم وألبس طرحة خضراء بنيابة السادة الأشراف بدمشق، وقرئ له مرسوم بدار النيابة بالوصية به، وأن يقرأ له توقيعه بالجامع الأموي، وهذا من العزيز، فإن العادة ما يقرأ توقيع بالجامع إلا لقضاة القضاة، ولم يركبوا معه من الجامع لبيته.
وفي يوم الثلاثاء سادس عشريه وصل مرسوم بطلب نقيب القلعة محتفظاً عليه، وكتب محضر أعلى القلعة بأنه
…
شكا عليه عودة النابلسي الليبي للسلطان.
وفي يوم السبت سلخه سافر نقيب القلعة هذا للقاهرة.
وفي يوم الأحد مستهل جمادى الآخرة منها، توفي الشيخ شهاب الدين العجلوني الكبة، رحمه الله، وكان رجلاً مباركاً ديناً من أهل القرآن، وانتشأ له ولدٌ لا بأس به.
وفي يوم الأربعاء رابعه وصل أمير آخور نائب الشام قانصوه اليحياوي، ومعه كتب سفه من توريز إلى جماعة الأتراك، بأنه أطلق ومن معه من النواب وغيرهم؛ وهو أول آب.
وفي يوم الثلاثاء سابعه وصل الشيخ أحمد الدهيناتي، وفارق القاضي شهاب الدين بن الفرفور من سدود، وعلى يد الشيخ أحمد ثلاثة مراسيم: واحد للنائب بسبب طرح السكر، بأن يجمع السماسرة أرباب الخبرة ويقام ثمنه ويعطى ثلاثة دراهم زيادة على سعره؛ ومرسوم لشاد بك كذلك، ولابنه إبراهيم مثله.
ووقف النائب والقضاة على نهر داعية على السلسلة بين باب توما ودباغة الفراء وأقيمت البينة لأهل داعية بأن الذي فتحه أهل المنيحة حق أهل داعية، فأمر بسده، وإذا بشخص يقال له محمد الخليلي المؤذن الفراء يشهد بأن أهل داعية حقهم من مكان فوق بيت طبرس الأقباعي كان يسمى الزينبي، وهذه الدار بتركة حيدر كان يسدونه ويفتحه أهل المنيحة، فأمر النائب بفتحه بمعد ما سدوه وساعد القاضي نجم الدين الحنبلي، وأخرج من كمه كتاباً بأن في زمن بني أمية شكا أهل البلاد قلة الماء، فأمر لنهر يزيد بشيء، ولبقية الأنهر
بشيء، ولنهر داعية بشيء وهذا شيء لا عبرة به في الشرع؛ وانفصل المجدلس على هذا.
ثم في آخر النهار وقفوا للنائب بدار النيابة، وحضر الحنبلي المذكور والمالكي، ولم يدركهم الحنفي، وتقاولوا؛ وساعد القاضي برهان الدين بن القطب الحنفي، فأشار النائب بأن يسد ويحضر هؤلاء بينة؛ وهؤلاء بينة، وينظر في البينتين؛ وممن شهد لأهل داعية الشيخ إبراهيم الأقباعي، والمعلم القابوني الحريري، وشمس الدين نقيب الأقباعي، والفقيه الدباغ، وغيرهم؛ والذي يظهر أن الحق مترجح في جهة أهل داعية، غير أن المنيحة والبلاط لهم جاه أمير كبير أزبك والكافلي.
وفي يوم الاثنين تاسعه سافر الجماعة لملتقى القاضي الشافعي ابن الفرفور، ووصلوا لسعسع، ولم يتأخر أحد سوى مولانا الشيخ ثبته الله تعالى، ورجع الملاقون إلا الخطيب والبصروي؛ ونزل يوم الجمعة القبة.
وفي يوم السبت رابع عشره دخل القاضي الشافعي بالخلعة ونزل النيابة، ثم ركب للجامع الأموي، وقرئ توقيعه على العادة، قرأه حافظ الدين، وما فيه زيادة، وإنما هو على عادة من تقدمه، ومعه نظر الجيش أيضاً؛ ولم ينزل معه أحد من الترك للجامع لقراءة التوقيع، ثم ركب إلى بيته، وركب معه الجماعة، ومد مدة ببيته بالبحرة، ثم سلم عليه مولانا الشيخ ببيته بعد ذلك؛ وطبخت المدة ببيت ابن سليم تجاه بيته ابن سليم تجاه بيته، خلف حائط خلاوي البادرائية الغربي، فتعلقت النار بالأكانين، وحفر طاقة، فعدت لخلوة زين الدين بن قداح، وطفئت النار ولله الحمد، وهو المسلم.
وفي يوم الأحد خامس عشره كان أول السنبلة في دمشق.
وفي يوم الاثنين سادس عشره قدم ابن شاد بك مرسوم السلطان بسبب السكر الطرح، ومما فيه: أن الرعية رفعت إلينا أنه طرح السكر بمبلغ ثلاثين درهماً الرطل، وحصل لهم الضرر الزائد، ومرسومنا بأن يجمع المعلمين والسماسرة، ويقوم بحيث لا يحصل الحيف على الرعية والديوان؛ وهذا بالنسبة من السلطان إنصاف، وقال الكافلي في المجلس: ينسبونني إلى مساعدة الرعية؛ يعني ابن شاد بك.
وفي يوم الأربعاء ثالث عشره سافر الأسرى الذين من طرابلس مسلحين منفكين مجبوري الخاطر، أدام الله النفع لمن كان السبب في ذلك، ونفع ببركة علومه وأثاب المعطين الثواب الجزيل؛ وسافر معهم الشيخ عبد الرحمن الحمصاني قاصد مولانا الشيخ إلى طرابلس، والأمير أزبك الظاهري أحد الأمراء بطرابلس، وهو إنسان مليح فيه الخير بالنسبة إلى أبناء جنسه.
وفي يوم الخميس ثاني عشره توفي معمار السلطان ابن الزفيك ابن معمار السلطان الجلبي، في القاهرة، في حبس المقشرة، بعد ضربه بالعصي والمقارع من السلطان، بسبب الخان الذي عمره السلطان بوادي التيم.
ووصل من القاهرة، من القاضي قطب الدين الخيضري، مطالعة لمولانا الشيخ جواب مطالعته بسبب السكر، وأنه ساعد غاية المساعدة، وأن السلطان مصمم على ابن شاد بك.
وجاء من عماد الدين إسماعيل الناصري كتب بأنه مستمر على وظائفه المأخوذة عن القاضي علاء الدين بن قاضي عجلون، وأنه ولي نظر الجوالي، وترشح لقضاء الحنفية.
وفيه فوض قاضي القضاة ابن الفرفور النيابة لمحيي الدين بن أحمد بن غازي، وهو من بيت ابن جماعة من جهة النساء، وعنده طلب علم، ووالده من التجار، قدسي الأصل؛ وذكر أنه ببذل مال.
وفي يوم الجمعة عشريه توفي البستاني بجنة القاضي محيي الدين داخل المدينة، وذكر أن أخاً للسيد تاج الدين الصلتي ضربه فمات؛ وشكوا للنائب فغضب وجاء أخوه لمولانا الشيخ وتواصى عليه، فأرسل لدار النيابة، فردوهم إلى الشرع الشريف. - وفي يوم السبت حادي عشريه مات يونس المصري برددار النيابة، كان قد ولي الحسبة ثم الآن استدار النيابة، كان من الأشرار. - وفيه قضية السكر، وانفصل الحال فيه عن الرطل بستة عشر درهماً كلفة، وساعد النجم الخيضري والصلاحي العدوي، ولم يتكلم القضاءة بشيء، بل الحنفي ساعد للدولة.
وفي يوم الجمعة سابع عشريه كان السيد كمال الدين بجرود، وخطب بها، وكان مع القاضي برهان الدين بن المعتمد والشهاب بن طوق، ثم خطب بالجمعة الثانية.
وفي ليلة الثلاثاء ثالث رجب منها، خرج محمد الجمجمة وجماعته من دمشق قاصدين القدس، ثم مصر، ثم الحجاز، فحج في هذه السنة، ثم جهزه السلطان وأيده بأمور على أخيه على أن يأخذ الملك منه، فخرج من مصر، وترك أمه وولده بها ونزل إلى أخيه، فلما علم به أرسل له عسكراً فكسره، ففر إلى بلاد الفرنج، فأرسل لهم أخوه مالاً وأكرمهم ليضبطوا أخاه في بلادهم ولا يمكنوه من الخروج منها، وهذا كان السبب في معاداة ملك الروم لسلطان مصر، ومع أن ملك الحبشة أرسل له هدية لها قيمة كثيرة، منها سنجق بقصبة ماس يساوي مجموعها ثلاثين ألف دينار، فغار منها سلطان مصر، فأهداها له؛ ولم يهنئه بالملك قبل ذلك، ومات أخوه ولم يرسل يعزيه في موته فتأكدت العداوة.
وفي يوم الثلاثاء تاسعه شاعت وفاة الشيخ عبد الرحمن الخليلي، كان من جماعة الأخصاصيين، مباركاً، يحب أهل الخير والفقراء، مقيماً الخانقاه السميساطي، رحمه الله تعالى.
وفي يوم الجمعة ثاني عشرة توفيت أم الهنا بنت القاضي محب الدين بن قاضي عجلون، زوجة ابن دلامة ناظر الجوالي، نفساء، ولدت بنتاً، ولها منه بنت أخرى، وختم على حوائجها قبل وفاتها، وهي تنظر وتشاهد ذلك، وحضر جنازتها الخاص والعام من الفقهاء والترك، ودفنت عند أخوتها أشقائها، عند بتربة الفراديس أهلها من جهة الأم، بعد العصر. - وما مقلد، أمير العرب الأموي، وقاضي أذرعات، الساكن بحارة باب المصلى.
وفي يوم الجمعة ثامن عشره فوض القاضي الشافعي لبهاء الدين بن الباعوني نيابته. - وفي يوم السبت عشريه كان أول الخريف. - وفيه تحدث بأمور حدثت بالقاهرة، منها: أن السلطان عزل القاضي الشافعي ولي الدين الأسيوطي، وولي الشيخ زكريا غيباً بعد الحلف عليه، وعزل المالكي، ورسم على كاتب السر ابن مزهر إلى آخر النهار، فطلع ولده إلى السلطان، فتدخل، فنزلا وقد ألبس خلعة الرضا؛ ومسك مهتارة رمضان وصادره، وبهدل أمامه البرهان بن الكركي، وأمر بهدم عمارته التي بناها فهدمت.
وفي يوم الجمعة سادس عشريه تولى عماد الدين إسماعيل الناصري قضاء الحنفية بدمشق، عوضاً عن قاضي القضاة المحب بن القصيف.
وفيه تقدم شخص من الأمراء الأربعينات يدعى تمراز، مملوك تمربغا السلطان، كان بمرتفقات بناها عند حدرة ملك، آخر الآخذة لسويقة ساروجا، أحدث ذلك في الطريق لأجل قبة بمحراب بناها هناك، وكان عزمه أن يبنى فوقها طبقة، فأمره مولانا الشيخ بهدم ذلك، وأن ذلك لا يجوز، فهدم.
وتكلم مع ابن شاد بك في طرح السكر، الذي أسود كالقطارة من طبخه ثانية، وأن يعمل
كل رطل بأحد عشر درهماً ودرهم كلفة، بعد استيلاء الناس عليه، فحطت المسألة على هذا.
وفيه جاء قاصد من جهة كاتب السر، بأن السلطان رضي عليه وألبسه خلعة الاستمرار، وكان يوماً مشهوداً، وبولاية القاضي المالكي ابن تقي وقضية رمضان لم تصح، وأن العسكر السلطاني يشتي بحلب.
وخطب قاضي القضاة الشافعي وقبلها فوض لشهاب الدين بن الحمصي، رئيس المؤذنين بالجامع الأموي، نيابة القضاء ببذل.
وفيه توفي أحمد بن بركة الحريري، بخلوته بالخاتونية التي عند جامع تنكز، كان عامياً ويعاني النظم، وهو من أهل مسجد القصب، وكان أبوه صيرفاً هناك، يجلس عند باب الخوخة على تخت صغير، إلى جانب الإمام، تجاه الفرن.
وفي ليلة السبت الذي يليه نزل السراق على سوق التجار، الذي يلي خان السلطان تحت القلعة، تجاه النقلية، وهذه ثاني مرة، وكان والي المدينة هناك وجرحوا فرسه.
وفيه خربت المصطبة المجددة لصيق حائط الرماية من جهة الغرب، بإشارة مولانا الشيخ.
وجاء مرسوم يطلب السراج بن الصيرفي والعلاء البصروي، بسبب ما وقع بينهما من التشاجر.
وفيه تعرض لتبطيل الخطبة وصلاة الجمعة، لما وقع في الخطبة من الخباط من الشيخ سراج الدين، من قطع الموالاة فيها بالكلام الأجنبي.
وفي يوم الاثنين تاسع عشريه لبس النائب خلعة أتت على يد دواداره من مصر.
وفي هذا الشهر أخربوا سوق باب البريد ليعاد أحسن ما كان، على كيفية غير الأولى.
وفي يوم الأربعاء مستهل شعبان منها، دخل نقيب القلعة أيدكي بخلعة الاستمرار، وسير النائب والقضاة إلى جهة القبة، ودخل معه، واسمتر القضاة معه للقلعة، وذلك بعد طلبه والتضييق عليه.
وفي يوم الجمعة ثالثه خطب قاضي القضاة الشافعي ووقع بعض خلل في الخطبة، وفي القراءة في سورة الغاشية في " وجوهٌ يومئذٍ ناعمةٌ ".
وفي يوم الاثنين سادسه دخل برد بك مملوك السلطان، من الأمراء المطلقين، ومعه أحد الألوف بدمشق، وطلع النائب والعسكر لملتقاه.
وفي يوم الأربعاء ثامنه فوض القاضي الشافعي لشخص حموي، كان بوابا بالبادرائية، ثم تعاطى الشهادة عند شرف الدين بن عيد نائب الحنفي، وكان أبوه خبازاً يدعى عثمان، نيابة القضاء ببذل مال، ولا قوة إلا بالله.
وسقط حبس الدم بباب البريد على
المحابيس، فمات بعضهم وسلم بعضهم، وذلك بسبب هدم سوق باب البريد، وهدم الناحية الشمالية بسوق باب البريد.
وفي ليلة ثالث عشر رمضان منها، نزلت صاعقة على هلال المئذنة تجاه الحجرة النبوية، ثم على سطح المسجد، فاحترق غالب الحرم، وصعدت الرأس إلى الريس، وكان من أهل العلم، بالمئذنة فاحترق، واحترق في الحرم عالم آخر خرج من بيته لطلب ولده.
وفي يوم الاثنين ثالث ذي القعدة منها، لبس نائب الشام تشريفاً آخر بالاستمرار، أحمر، على يد دواداره، لأجل ما قيل من إعادة قانصوه اليحياوي إلى نيابة الشام؛ وورد على يده مرسوم بالقبض على الأمير الكبير شاد بك الجلباني والحوطة على ماله، لما بلغه عنه أنه لما أتى راجعاً من كسرة بياندر، وقتل الدوادار يشبك، دخل دمشق بطبل وزمر على عادة المنصورين، فقرئ المرسوم وقبض عليه بدار السعادة واحتيط على ماله، وحبس بقاعة الخرندار بدار السعادة، ثم استمر نحو شهرين.
وفي رابع عشري ذي القعدة منها، فوض قاضي القضاة لشهاب الدين الرملي نيابة قضاء الشافعية عنه.
قلت، قال الشهاب الحمصي: وفي يوم الاثنين رابع شوال منها، أذن العصر بالجامع الأموي مرتين، وصليت العصر مرتين، وكان يوم غيم - وفي يوم السبت سادس عشره ورد مرسوم السلطان بالإفراج عن الأمير خير بك حديد من قلعة دمشق، وأن يعطى من القلعة المذكورة ألف دينار، ويجهز إلى الحجاز الشريف، ويرجع إلى القاهرة معزوزاً مكرماً. وفيه ورد الخبر بأن السلطان رسم بنفي قانصوه اليحياوي إلى القدس الشريف، فقرئ عليه المرسوم في الطريق، وهو في خدمة الأمير أزبك، ثم رفع إلى القدس الشريف.
وفي يوم الأحد ثالث ذي القعدة منها، توفي برهان الدين إبراهيم المؤذن بالجامع الأموي، الشهير بالجرن الأسود، وكان كثير الخطب في أعراض الخلق - وفي ورد الخبر بحريق الحرم الشريف، على ساكنه أفضل الصلاة والسلام، وذكر أنهم رأوا الطيور تطفئ في النار، ولا قوة إلا بالله؛ وأرسل السلطان أخذ جماعة من الصناع الذين عمروا الجامع الأموي، منهم محمد الكفتي، الذي شال أوتار الجامع الأموي في عمارته، وسبب حريقه صاعقة نزلت من السماء، وسيأتي ذلك.
سنة سبع وثمانين وثمانمائة
استهلت والخليفة أمير المؤمنين ابن أخ المستنجد بالله، وسلطان مصر والشام وما مع ذلك الملك أبو النصر قايتنباي؛ ونائبه بدمشق قجماس الإسحاقي الظاهري.
وفي يوم الجمعة رابع المحرم منها، توفي فجأة القاضي محيى الدين الزرعي الطرابلسي الحنفي، ودفن بمقبرة باب الفراديس، وكان من الأخيار - وفي يوم الثلاثاء خامس عشره توفي فجأة، فيما قيل الشيخ الفاضل شمس الدين محمد بن أحمد الحمصي الشافعي الشاهد، وكان من الأجواد وأعيان الموقعين بدمشق، ودفن بمقبرة باب الصغير.
وفي يوم الخميس سابع عشره سافر من دمشق إلى حماة يشبك حاجب الحجاب، وكان على نيابة حماة.
وفي يوم الاثنين حادي عشريه دخل إلى دمشق سيباي حاجب الحجاب الجديد، عوضاً عن يشبك المتقدم ذكره، الذي راح إلى حماة نائباً لها؛ وكان سيباي المذكور نائب غزة، وراح عوضه إلى غزة نائب الكرك، وأعطيت الكرك لجاني بك الذي كان نائباً بصفد.
وفي يوم الثلاثاء ثاني عشريه أطلق الأمير الكبير كان شادبك، وجعل عليه مال وغيره، وخرج إلى بيته بطالاً بشفاعة النائب، فإن كلمته لا ترد عند السلطان.
وفي يوم الخميس رابع عشريه دخل إلى دمشق الأمير الكبير الجديد جاتم، الذي كان نائب حماة، وهو مملوك نائب جدة، عوضاً عن شاد بك الجلباني المتقدم، وكان له يوم مشهود.
وفي يوم السبت سادس عشريه دخل الحاج الشامي إلى دمشق، وأخبر الثقات منهم أن سبب الحريق الذي وقع بالحرم الشريف، أن شخصاً من الأخيار يدعى شمس الدين؛ رئيس الؤذنين، قد رأى قبل وقوع الحريق بليلتين ما يدل عليه، وأخبر به القاضي، فلما كان الليلة التي أراد الله سبحانه فيها ذلك، كان هذا الرجل المتقدم ذكره يسبح في المئذنة ليلاً في رمضان، وإذا بصاعقة وقعت، فاحترق الرجل المذكور الذي رأى المنام، واحترق الحرم النبوي بأجمعه، ولم يسلم منه شيء إلا قبة الزيت والضريح الشريف، وما لاصقه لا غير.
ثم أخبر أيضاً أن شخصاً رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وهو يقول: يا فلان أراد الله وقوع البلاء بأمتي فتلقيته بنفسي عنهم؛ وكما قال فإن الأماكن الملاصقة للحرم لم يحترق منها شيء، حتى أن بعضهم ذكر طيوراً كانت ترد النار، وكتب بذلك محضر بالمشاهدة؛ فانظر يا أخي هذا الأمر فإنا لله وإنا إليه راجعون؛ ومن أحسن ما نظم في ذلك القصيدة المسماة: بكافي أولى العقول، في الحادث بمسجد الرسول، في كراسة؛ وذكر أنهم شرعوا في تعديله قبل دخول الحاج حين وردت المراسيم بعمارته، وأن يكون المشد خير بك حديد الذي كان محبوساُ بقلعة دمشق، فأبى، وقال: هذا عمارته طويلة؛ واستمر منفياً بمكة، فواحزناه عليه فإن ذلك يدل على سوء طويته، والله يعلم المفسد من المصلح.
وفي يوم تاريخه أطلق
…
إبراهيم نقيب الأشراف من الترسيم. وأصلح بينه وبين ابن سكر، بسبب قضية العبد الحبشي الذي ادعى عليه أنه اختلسه مائتي أشرفي، وعزله عن النقابة.
وفي يوم الخميس خامس عشر صفر منها، دخل إلى دمشق قاضي القضاة عماد الدين الحنفي، وقرأ توقيعه نائبه في الحكم القاضي شمس الدين الحلبي، وهذه لم تكن عادته، بأن نائبه يقرأ التوقيع.
وفي يوم الأربعاء ثامن عشريه دخل إلى دمشق السلطان الجمجمة بن عثمان، وقد حصل له من الأشرف قايتباي غاية الإكرام، وجهزه إلى الحج، وتكلف عليه الأموال الكثيرة، وحج حجة عظيمة لم يحجها أحد من الملوك، وأعطاه العطايا، وقدم له ما يصلح للملوك، وجهزه إلى دمشق، وقيل إن السلطان ساع في الصلح بينه وبين أخيه - وفي يوم الجمعة سلخه توفي العماد
…
من المشهورين بأحكام الأمور الدنيوية.
وفي ييوم الخميس سادس ربيع الأول منها، لبس من قبل السلطان خلعة نقابة.... الشهابي بن عجلان وكان لبس قبلها خلعة من قبل النائب - وفي يوم الجمعة سابعه سافر من
دمشق السلطان الجمجمة بن عثمان إلى البلاد الحلبية، وعزمه دخول أنطاكية - وفي يوم الخميس ثالث عشره توفي الشيخ الإمام العالم العلامة الشيخ قاسم التركماني الحنفي
…
قيل فجأة، ومولده سنة عشر وثمانمائة، وتفقه بالشيخ عيسى البغدادي، وأفتى مدة ثم ترك ذلك تورعاً، وكانت وفاته بمنزله جوار المدرسة
…
ودفن بمقبرة باب الصغير - وفي يوم تاريخه دخل إلى دمشق، بخلعة من قبل السلطان، المقر الشمسي بن المزلق، وهي خلعة رضا.
وفي.... ربيع الآخر منها، توفي القاضي برهان الدين إبراهيم بن عصرون، مباشر الجامع الأموي، وكان من ظرفاء الناس، ودفن بسفح قاسيون
…
عشره طلب رجل من بعلبك إلى دمشق، يدعي التعرف نسب إليه ألفاظ كفر صريح، فوضع في حبس الدم بدمشق، ثم أحضره كاتب السر وضربه بالسياط وأشهره، ثم حبسه إلى أن يعقد له مجلس، فوقع بين القضاة بسببه، فحكم بإسلامه وأطلق. - وفي يوم الثلاثاء رابع عشريه ورد مرسوم السلطان بعمارة المنارة الغربية المحترقة بالجامع الأموي، وترصيص بقية الجملونات إن وجد رصاص، كل ذلك من مال السلطان.
وفي يوم الخميس ثالث جمادى الأولى منها، بلغني أن في يوم الأربعاء خامس عشر الشهر قبله، وهو أول فصل الصيف، ويوم ختم الدرس بالشامية البرانية، كتب شيخنا شمس الدين الكفرسوسي على أربعين مسألة بالشامية، سألها إياه شيخنا تقي الدين بن قاضي عجلون.
وفي يوم الخميس هذا توفي الأمير الكبير بدمشق شاد بك الجلباني وكان يدعي العلم، وكان قبل ذلك يعد من الجبابرة، ثم لينه ما وقع كما قدمنا، وختم على حواصله ودفن بتربته عند القنوات بالمدرسة التي عمرها.
وفي هذا اليوم وصل السيد إبراهيم نقيب الأشراف كان، وكان من أمره أنه سافر إلى القاهرة ليشكو حاله إلى السلطان، فأرسله في
الحديد هو وابن عمه إلى ملك الأمراء قجماس نائب دمشق، قلما قدم صادف أن هذا النائب في حوران، فذهب إليه، فرق عليه وأمر بشيل الحديد من رقبته، ووجهه إلى بيته، وأمره أن يعطي الأشراف حقوقهم، والله غالب على أمره.
وفي يوم الجمعة ثامن عشره توفي، قيل فجأة، الشيخ الفاضل المفنن، عين الموقعين بدمشق، زين الدين عبد الرحمن بن محمد بن الأسدي الشهير بابن الجاموس الشافعي، وكان ينظم الشعر الحسن، وله فضيلة تامة، وجمع تذكرة تعرض في أولها لمسموعاته، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بمقبرة باب الصغيرة. - وفي يوم الثلاثاء ثاني عشريه توفي الخواجا برهان الدين الوراق؛ وسليمان دلالة الأملاك.
وفي يوم الاثنين خامس جمادى الآخرة منها، توفي فجأة فيما قيل، الشيخ الفاضل تقي الدين ابن الخياطة، نقيب قاضي القضاة الحنفي، وصلى عليه بجامع منجك، ودفن بمقبرة باب الفراديس - وفي يوم الاثنين سادس عشريه وصل إلى دمشق مغلباي الصغير الخاصكي من قبل السلطان، وعلى يده مراسيم وخلعة لأمير العرب ابن عم سيف، لأنه قتل ابن عمه سيفا، وكان سيف هذا قتل نائب حماة، وحصل منه أمور.
وفي يوم الجمعة مستهل رجب منها، فرغت عمارة الصاغة الجديدة وقف الجامع الأموي، التي كانت حرقت قبل تاريخه مع حريق الجامع، وعمرت من مال الجامع. - وفي يوم الثلاثاء خامسه توفي، قيل فجأة، الشيخ العالم الفاضل تقي الدين البقاعي الحنبلي، قاضي الفسوخ. - وفي يوم الجمعة تاسع عشريه توفي كذلك الشيخ الصالح المعمر محمد الأقباعي، المؤذن بالجامع الأموي، وكان من الصالحين، ودفن بمقبرة باب الفراديس.
وفي يوم الجمعة سادس شعبان منها، وصل إلى دمشق من القاهرة قاضي القضاة محب الدين بن القصيف الحنفي المعزول، وشيخنا العلامة أقضى القضاة سراج الدين بن الصيرفي، وأقضى القضاة فخر الدين الحموي الشافعيان، وكانوا سافروا من دمشق إلى القاهرة بسبب ما وقع لهم من قاضي القضاة عماد الدين إسماعيل الحنفي، المتولي أمر نظر جامع تنكز، وما اختلق عليهم الأعادي؛ فعند ذلك لما وصلوا إلى القاهرة حصل لهم الإكرام من السلطان، وأنعم على قاضي القضاة محب الدين بن القصيف بوظيفة نظر مدرسة القصاعين وتدريسها، عوضاً عن العلامة قاسم الحنفي.
وفي يوم الأحد ثامنه توفي العالم الفاضل تقي الدين بن برهان الدين المغربي الحكيم، رئيس الأطباء بدمشق، ودفن بمقبرة باب الصغير، وكان له فضيلة تامة، وكان اشتغل في أول أمره على مذهب الإمام الشافعي وحفظ كتاب المنهاج ثم رجع واشتغل على مذهب الإمام مالك وحفظ مختصر الشيخ خليل، ثم اشتغل بعد موت والده طبيباً وبرع، وصار يعالج الأكابر، وكان من جملة من يعالجهم ملك الأمراء بدمشق قجماس، حصل له ببدنه ضعف فعالجه إلى أن أشرف على العافية، فدخل عليه وقت آذان الفجر إلى دار السعادة، فقال: يا مولانا ملك الأمراء كيف نمتم الليلة؟ فقال النائب له: كان على بعض حمى، وشرع النائب يحادث الحكيم إلى أن طال النائب مع الحكيم الكلام، فبقي النائب يحادث الحكيم والحكيم لا يرد عليه، فقال لبعض جماعته: انظروا إيش أمر الحكيم؟ فاضطرب الحكيم، فحرك فإذا هو قد مات، فانظر أمر هذه الدنيا، كيف جاء هذا الحكيم من بيته على رجليه ورجع إليه في نعش، فسبحان الحي الذي لا يموت.
وفي عشية يوم الخميس ثاني عشره توفي الفخر بن البيروتي الحريري، معلم السلطان. وفي يوم السبت رابع عشره توفي الشيخ علي المجذوب، المقيم بباب الجامع الأموي وكان كثير التلاوة للقرآن، وذكر عنه مكاشفات. - وفي يوم الثلاثاء سابع عشره توفي فجأة الشيخ الصالح العابد الزاهد الفضل إبراهيم ابن الشيخ الصالح ولي الله أحمد الأقباعي، ودفن بتربة الشيخ رسلان. - وفي ثاني عشري شعبان المذكور توفي الشيخ الرباني علاء الدين علي المحلي، بثغر رشيد، ولم يصلّ عليه بدمشق صلاة الغائب.
وفي يوم الاثنين مستهل رمضان منها، وقع بين القضاة ونائب الشام قجماس، بسبب نهر القنوات ونهر بانياس، وكان في دار النائب عيطة مهولة، وأعلام وربعات، وركب النائب والقضاة إلى مقسم الماء، وهدم ما كان بني في نهر القنوات، ونقص عما كان البناء، ثم أعيد أقل ما بني أولاً، وكان في هذه الواقعة أغراض القضاة متخالفة، والله يعلم المفسد من المصلح. - وفي يوم السبت ثالث عشره توفي الشيخ الأجل الصالح المبارك شمس الدين الغزولي، ودفن بمقبرة باب الفراديس.
وفي يوم الأربعاء رابع عشريه مسك نائب الشام جماعة من مدرسة أبي عمر، التي
بصالحية دمشق، وضربهم بالمقارع وأشهرهم في جنازير، وذلك بعد أن كبس المدرسة فهربوا منه للجبل، فمسك منهم بعض أنفس، ثم وضع الجميع في الحبس، وسبب ذلك أن صبياً، يقال له ابن موسك، ختم في جامع الحنابلة الذي في الصالحية، فلما فرغ الصبي من الختم، قامت العامة على عادتهم يخطفون الشمع، فقام شخص من المدارسة ليضرب، فجاء الضرب على القناديل فكسرهم فانكب الزيت على خلعة الصبي، فشكوا للنائب، فحصل من قال للنائب، وهو القاضي نجم الدين بن مفلح، هؤلاء من المدارسة مناحيس، فوقع ما تقدم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي سابع شوال منها، توفي القاضي صلاح الدين بن كبك، قاضي ثغر دمياط والصعيد، ولم يصلّ عليه بدمشق صلاة الغائب.
وفي يوم الجمعة رابع عشريه توفي الإمام العالم العلامة، الحبر البحر الفهامة، جامع أشتات الفضائل، شمس الدين محمد بن حامد الصفدي، وكان كثير الذكر والعبادة، وله مواعيظ، وله يد في سائر العلوم، حتى في علم الميقات ووضع الآلات والبسائط وغيرها، وتوفي بمدينة صفد، وكان يتهم بحب ابن عربي وهو قليل التفوه به، ومولده سنة ثمان وثمانمائة، وصلي عليه بالجامع الأحمر جوار منزله وكانت له جنازة حافلة.
وفي يوم السبت ثالث ذي القعدة منها، توفي التقي بن الأيدوني، ويحكى عنه حكايات من جهة البخل. وفي يوم الأربعاء رابع عشره توفي الشيخ شمس الدين الزحلي، المؤذن بالجامع الأموي، ويحكي عنه حكايات من جهة الكرم، ودفنا بمقبرة باب الصغير. - وفي خامس عشريه وقع سيل عظيم بمكة المشرفة حتى هدم عواميد المطاف، ووجد في الحرم أكثر من سبعين رجلاً ماتوا بالغرق، وخرب نحو ثلاثمائة بيت، وبلغ السيل سبعة أذرع على ما أخبر بذلك قاضي القضاة محب الدين الحنفي.
وفي يوم الخميس رابع عشر ذي الحجة منها، تولى الأمير آقبردي أستادار السلطان بدمشق، عوضاً عن الأمير إبراهيم بن شاد بك الجلباتي، وكان أقبردي المذكور له سنين في حبس القلعة بدمشق، فورد المرسوم بالإفراج عنه يوم الأربعاء ثالث عشره، ولبس ثاني يوم؛ ثم بعد ذلك بأيام هرب الأمير إبراهيم المذكور من دمشق ليلاً إلى عند العرب، وأخذ عياله ونساءه، فأصبح أرباب الدولة والحكام ليطالبوه فلم يجدوا أحداً، فسافر ملك الأمراء قجماس