الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعصر، وكان معي الجزء الذي جمعه أبو القاسم الطبراني في فضل يوم عرفة، فقرأته عليه، وسمعه نحو العشرين نفساً، وكان قد روي لهم قبل حضوري المسلسل بالأولية، والمسلسل بقبض اللحية.
ثم نزلنا منها بعد المغرب وبات شيخنا المذكور في بيت ابن العم البدري بن قنديل، ثم صلّى الصبح والعيد بالجامع الجديد، ثم رجع إلى منزله وصلى الجمعة بمصلى العيدين؛ وكانت الأغنام في هذا العيد قليلة وأبيع الرطل واللحم بثمانية، والبقري منه بستة، والناس في شدّة من غلاء القمح، فإنه وصلت الغرارة في خامس عشر هذا الشهر إلى الأربعمائة، وسبب ذلك قالة المطر في هذا العام، ولا قوة إلا بالله.
وفي بكرة يوم الخميس سادس عشره دخل الأمير ناصر الدين محمد بن الحنش مقدّم البلاد البقاعية، ونائب صيدا، وتلقاه المباشرون إلى الصالحية، وأتى إلى النائب وهو يسير بالميدان الأخضر، فسلّم عليه طائعاً مذعناً، ثم أتيا إلى دار السعادة فخلع النائب عليه وعلى جماعته، ثم أمره بالنزول قرب التربة الجلبانية، ثم كاتب له إلى السلطان، كما فعل بابن ساعد.
وفي يوم السبت ثامن عشره وصل من مصر مرسوم فيه الإنكار على الحاجب الكبير بدمشق، برد بك تفاح، وعلى القاضي الشافعي، حيث لم يلبسا بالشاش والقماش يوم لبس تاج الدين أمير التركمان خلعته، وفيه إكرام لتاج الدين، وكلمات مزعجة للشافعي، وخرج هذا المرسوم من ثاني هذا شهر.
سنة ثمان عشرة وتسعمائة
…
آخر يوم الخميس خامس عشره وقع بين شهاب الدين الرملي وعلاء الدين الرملي كلام كثير، لأجل كون علاء الدين زوج ابنته بابن شهاب الدين بغير إذنه، واستطرد إلى أمور لا ينبغي ذكرها، وكتب بذلك محضر ومطالعات إلى مصر. وفي بعد صلاة الجمعة ثالث عشريه سافر علي باي، دوادار السلطان بدمشق، إلى مصر مطلوباً بجماعته. حسب المرسوم الشريف؛ وفي سلخ رمضانها شاع بدمشق عزله منها، وتولية نقيب القلعة عوضه.
وفي يوم الاثنين سادس عشريه، بحضرة النائب والمباشرين وغيرهم، بدار السعادة
تصالح القاضيان ابن قاضي علجون، وابن الفرفور، وبعد كلام كثير، على مبلغ مائة وخمسين ديناراً. وفي الخميس سلخه لبس الأمير أصباي، أمير ميسرة، أمرة الحاج، ورسم له بمبلغ جيد يأخذه من القلعة، يستعين به.
وفي يوم الأحد ثالث جمادى الآخرة منها، ضيف الشمسي محمد بن الأكرم. لشيخنا المحيوي النعيمي ببستانه، بآخر قرية بيت الآلهة، وفطره على تين ماسوفي، ولاقيتهم إلى هنا، ثم ذهبنا جميعاُ إلى المقام بقرية برزة، فزرناه، وأسمع شيخنا المذكور كتابه " تحفة البررة في الأحاديث العشرة " لولد الشمسي المذكور، الخماسي السن، أبي البقا محمد: ولولد أخيه الشمسي محمد بن القاضي كريم الدين، من لفظه، وحضر المجلس ابن الصاحب، وابن الزيني خضر، وجماعات، ثم دعا وانصرفنا، وكانت برزة حينئذٍ قليلة الماء.
وفي هذه الأيام سكنت امرأة غريبة، قيل إنها من بلد يافا من بلاد صفد، بمحلة السويقة المحروقة، وأخذت بنتا صغيرة، نحو الخمسن سنين، لبنت جارها، فخنقتها وأخذت ما بأذنيها من الحلق، وما بيديها، من الأسورة، وما برجليها من الخلاخيل، وأخفتها في بيتها قتيلة، فأقر عليها ابن صغير عندها، فضربت فأقرت، وظهر معها ما أخذته منها، فأتى بها وحفر بيتها، فإذا هي مخنوقة بسيرٍ في رقبتها، وقد ازرقت، فأمر بشنقها، فشنقت على رأس زقاقها في يوم الأربعاء سادسه، ثم جهزت البنت ودفنت، وقد حزن الناس عليها حزناً شديداً، ثم أنزلت المرأة المذكورة بالحبل الذي علقت فيه، وسحبت كالكلب الميت إلى جانب نهر قليط، ثم دفنت، وقيل إنها قتلت خمسة أنفس.
وفي هذه الأيام شاط مماليك نائب حماة المعزول عنها، الساكن بالخراب، داخل دمشق، وتسلطوا على أخذ الشعير وغيره. وفيها مر مملوك من مماليك النائب بدمشق، على بعض المارة قريب باب القلعة، فقبض عليه وأدبه نائب القلعة، فلم يسهل على النائب، وأرسل إلى الحاجب يقول له: البس نيابة الغيبة حتى أذهب إلى مصر. وفيها قبض نائب القلعة على علاء الدين الرملي، وزوج ابنته ابن الشهاب الرملي، واختفى الشهاب المذكور، ثم ظهر بعد أيام، وأطلقهما.
وفي يوم الاثنين حادي عشره لبس النائب خلعة حمراء بسمور خاص، جاءت من مصور على يد خاصكي هو أنيته إلى مصر، أرسله السلطان كالمعاتب له على يديه، واسمه
تنم، وهو قريب من سن النائب وهيتئه. وفي يوم الجمعة خامس عشره نصب الصنجق بالجامع الأموي على العادة، إعلاماً بالتهيؤ لأمر الحج في هذه السنة، لا جتماع شروط السفر، من ضبط مشائخ العرب بني لام، والأمراء، وابن ساعد، ولكن قد تعلق الغلاء في غالب البلاد.
وفي ليلة السبت سلخه خرج علاء الدين علي بن عبد اللطيف بن بطيبط الرملي، صبي شهاب الدين الرملي، إلى المدرسة النورية الكبيرة، إلى عند الزيني الغزي، ثم رجع على الرصيف فخرج عليه جماعة، فضربوه بالسيوف وغيرها إلى أن تلف، فهرب كبيره شهاب الدين الرملي إلى بيت المحب ناظر الجيش ليحميه، فأتى إليه أردبش دوادار النائب وجماعته وأخذوه بإهانة إلى حبس باب البريد، ونهب بيته، حتى القمح والشعير، وأشيع عنه أمور؛ وكان علاء الدين المقتول قد استأذن النائب في السفر إلى مصر، فأذن له، فشرع في التأهب لذلك، فخاف أعداؤه منه، ووقع في هذه الليلة ما وقع، واستمر شهاب الدين الرملي في حبس باب البريد إلى يوم موسم الحلاوة، يوم الخميس ثاني عشر رجب منها، فأفرج عنه.
وفي يوم الأحد ثامن رجب المذكور، توفي الرجل الذي يزعم أنه من ذرية سيدنا جعفر، الشهير بالدفة العيبي كان ثم الفاخر السفار بالضيائية، قبلي العادلية، من صدمة دابة كان راكبها عند باب حبس باب البريد، وجهز وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بالحميرية، عن أخيه الشاهد بمركز باب السريجة، وكان يكرهه، وابنه فورثاه رغماً عليه، وعن زوجته، أخت شمس الدين محمد بن حسن بن مختار الطواقي.
وفي هذه الأيام ورد كتاب من المحيوي بن الكركية الحريري، من مكة، ذكر فيه وفاة جماعة منهم ابن غنائم من العنابة، ومنهم شمس الدين الطواقي المذكور، ثم تبين الكذب عنه، وصح عن الأول، وتاريخ الكتاب خامس ربيع الآخر منها. وفي يوم الثلاثاء سابع عشره عزل خشقدم الخازندار من الحسبة، وأبقى له الخازاندارية. وفي يوم الاثنين سادس عشره أدير المحمل بدمشق.
وفي يوم الأربعاء ثامن عشره سافر النائب إلى وادي التيم، والقاضي الشافعي إلى الدورة على بلاده، والمحب ناظر الجيش إلى الدورة إلى بلاده أيضاً - وفي ليلة الأربعاء خامس عشريه، وهو سادس تشرين الأول، قريب نصف الليل، وقع بدمشق بعض برق ومطر بل وجه الأرض، وهو أول برق ومطر وقع في هذه السنة.
واستهل شعبانها، قال جماعة بيوم الاثنين، وقال الحجيج المؤقت إنه في ليلة الاثنين كان لا يمكن رؤيته، وإنما أوله الثلاثاء، ويكون آخره الثلاثاء أيضاً، ويكون أول رمضان الأربعاء، قلت ورابع رجب كان الأربعاء، فهو على القاعدة المشهورة أن رابع رجب أول رمضان لكن أخبرت أنها تكون أو مرة وثاني مرة كذلك، ثم تختل وكذا القاعدة الأخرى يوم صومكم، يوم نحركم، يوم رأس سنتكم تختل في الثالثة.
وفي يوم الثلاثاء ثانيه رجع النائب من دورته إلى دمشق. وفي هذه الأيام شاع بدمشق أن محب الدين بن الخيضري، من بنت ابن دلامة، تولى بمصر وظيفة نظر الجوالي، التي هي حيئذٍ تحت نظر القلعة، بعد عز الدين زوجة أمه. وفي يوم السبت ثاني عشره رجع القاضي الشافعي من الدورة، وكذا محب الدين ناظر الجيش.
وفي يوم الأحد ثالث عشره حصل لبنت زوجة محمد بن الحصني، من ابن صدقة، محنة، في زاوية ابن الحصني، لصيق مصلى العيدين، بسب تساهلها، وختم بيتها.
وفي يوم الثلاثاء خامس عشره أمر النائب بإشهار المناداة بدمشق، بالحماية والرعاية لخانه، الذي جدده بعد خرابه، المعروف بخان نقيب الأشراف، قبلي حكر السماق، قبلي جامع الطواشي، بجانب الجرن الكبير المدور، شمالي الحدادين، خارج باب الجابية، وقد استأجره نور الدين بن العسال، وشمس الدين الزعفراني، وانقلبت البضائع التي كانت تباع بغيره إليه، لأجل الحماية، وتعطلت خانات كثيرة.
وفي يوم الأحد حادي عشريه، وهو سلخ تشرين الأول، أتى بالأمير تمراز الأسمر القجماسي من طرابلس ميتاً، وقد انفجر بطنه، أتى به ولده، ودفن بالقجماسية.
وفي هذه الأيام دخل إلى دمشق قصاد بارمغان كثير من ابن أحمد، أخي ملك الروم سليم خان، وهو بحلب ليستأذن في الامتثال بمصر، وصلوا بالجامع الأموي الجمعة، وداروا فيه، وفي يوم الثلاثاء ثالث عشريه سافروا إلى مصر. وفيها ثبت أن أول شعبان هذا بالرؤية الاثنين، وأن وفاته الثلاثاء، فصام الناس الأربعاء.
وفي يوم الجمعة ثالث رمضان منها، بعد صلاتها بالجامع الأموي، صلي غائبة على الشيخ العالم زين الدين عبد الحق بن العلامة شمس الدين البلاطنسي، توفي بحماة يوم
الأربعاء سابع شعبان المتقدم، وميلاده سنة ست وخمسين وثمانمائة. وفي هذه الأيام عزل النائب مشد شربخانته، شكم الأشقر، وفوضها ليلباي المعزول عن دواداريته، وعوض شكم برأس نوبة كبيرة.
وفي يوم السبت رابعه رئي غربي جامع جراح رجل مقتول بلا رأس، ثم رئي رأسه في محلة الغزي. وفي هذه الأيام سافر النائب إلى خارج دمشق، كوادي العجم، والغوطة، والمرج. وفي يوم الأربعاء ثامنه وصل المحب بن الخيضري من مصر، وقد تولى نظر الجوالي ونزل بمنزل جده لأمه ابن دلامة بالصالحية، وقد بيض له قبل وصوله. وفي يوم الأحد ثاني عشره رجع النائب إلى دمشق.
وفي بكرة يوم الاثنين ثالث عشره أتى المحب بن الخيضري، الذي استقر في نظر الجوالي إلى الإصطبل مع القضاة، فشرع مماليك النائب في اللعب بالرمح، وطولوا في ذلك، بحيث علم العقلاء بأنها بهدلة له، أو لأمر يريده، ثم أذن في إلباسه الخلعة التي جاءت صحبته، وخرج بها من الإصطبل، ثم لحقه أخوه النجمي، ونادى المشاعلي، ثم لحقه القضاة الأربعة، ثم المحب ناظر الجيش، وذهبوا معه إلى الصالحية.
وفي ليلة الاثنين عشريه سير أمير الوفد أصباي، أمير ميسرة، من نحو قبة يلبغا إلى تحت القلعة على العادة. وفي يوم الاثنين سابع عشريه ختم على الزيني عبد القادر اين شيخنا العلامة شهاب الدين العسكري. صحيح البخاري، وقد قرأه علي في خمسة مجالس، بالمدرسة الحاجبية بالصالحية، وحضر هذا المجلس خلق، ومنهم شيخنا المحيوي النعيمي، وأوله باب كلام الرب مع أهل الجنة، وأجاز، وكان في المجلس أطفال كثيرة ذكرتهم في الطبقة.
وفي يوم الخميس سلخه أمر النائب بإشهار المناداة بأن لا يخرج النساء للفرجة لا إلى الاخصاصية، ولا إلى غيرها، وعند أهل التقويم، أن اليوم يوم العيد الصغير، ولم يعيد الناس إلا يوم الجمعة.
وفي يوم الأحد ثالثه، وهو أول الأربعين، نودي في الحارات بالجباية لأصباي أمير الوفد الشامي فإنه فقير وغلاء.
وفي يوم الأربعاء سادسه دخل من حلب إلى دمشق، ماراً إلى مصر، بإذن السلطان له
في ذلك، ابن أحمد أخي سليم خان، فتلقاه النائب، وأنزله عنده بالإصطبل؛ وكان يوماً مطيراً، وكان ابتداؤه من يوم الأحد ثالثه واستمر إلى يوم السبت سادس عشره، فأثلجت ثلجاً خفيفاً، فأصبحت الدنيا مجلدة، ثم استمرت صاحية مع الجليد؛ وكان قد عزم أمير الحاج أن يسافر بالمحمل من دمشق فتعوق، ثم اتفق الحال على يوم الثلاثاء تاسع عشره، فخرج المحمل فيه والجليد على حاله؛ واعلم أن المحمل هذا قد ترك خروجه من سنة إحدى عشرة وتسعمائة، ثم خرج في هذا اليوم.
وفي هذه الأيام شاع بدمشق عزل قان بردي نقيب قلعة دمشق، وتوليته وظيفة دوادار السلطان بها، وسكن ببيت ابن بيغوت، مكان علي باي المعزول منها، وفي يوم السبت ثالث عشريه، والجليد على حاله أبيع الكيل القمح بنحو الستين، واللحم بثمانية؛ وقد جبيت الحارات نحو ألفي دينار، بحجة إعانة أمير الوفد.
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشريه خلع النائب على مملوكه خشقدم، المعزول عن مشدية الشربخاناه، خلعة برس نوبة كبير، وأعاد مملوكه يلباي إلى المشدية المذكورة، بعد عزله عن الدوادارية الكبرى.
وفي يوم الخميس سادس ذي القعدة منها، غمز جماعة من المزة لأستاذهم دوادار السلطان قان بردي، على ثلاثة أنفس منها، من بقية المجرمين، فقبض عليهم من تحت القلعة ثم غمز أيضاً على اثنين في المزة، فكبس عليهما وقبضا، وسعى عند النائب في إعدام الخمسة بمبلغ مائة دينار، فوسط الخمسة. وفي هذه الأيام فوض النائب أمر الحسبة، لمملوكه طقطباي الجديد، بعد عزل خشقدم الخازندار.
وفي يوم الخميس عشريه دخل دمشق نقيب قلعتها الجديد، مكان قان بردي، الذي تولى دوادارية السلطان، واسم هذا الجديد علي باي. وفي يوم السلطان تاسع عشريه لبس النائب خلعة حمراء خاص، جاءته من مصر، ثم سافر في اليوم المذكور إلى تدمر، وجعل أستاداره، الخشن، نائب الغيبة.
وفي عشية يوم الاثنين خامس عشر ذي الحجة منها، عاد النائب إلى دمشق من غيبته ببلاد تدمر، بعد أن نهبهم وقتل نائبها. وفي يوم الخميس ثامن عشره أولم المحبي ناظر الجيش بدمشق، لولد ولده منصور بن إبراهيم، على ابنة يحيى بن عمة تاج الدين أمير التركمان، وهي بنت بنت تاج الدين أيضاً، وحضر الوليمة النائب فمن دونه، وحكى عن جهازها أشياء خارقة للعادة، وأدخل عليها ليلة السبت.