الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذكور، فلم يقدر على العاصين منهم، فالتجأ إليهم الطائعون منهم خوفاً من العاصين، فأخذ مالهم ومواشيهم ودخل به دمشق؛ فثاني يوم بعد صلاة الجمعة بالجامع الأموي حضر فيه جماعة من العربان الطائعين، أصحاب البوش المأخوذ، ونساؤهم وأولادهم، حتى دخل نساؤهم مقصورة الجامع الأموي، واستغاثوا وأظهروا التظلم من العرب العاصيين من جنسهم، ثم من نائب الغيبة المذكور لأجل بوشهم، وتراموا على الناس في رد بوشهم....
سنة إحدى وتسعين وثمانمائة
…
وفي ثاني عشره خطب بالجامع الأموي نيابةً الشيخ سراج الدين الصيرفي، وانقطع محب الدين بن قاضي عجلون - وفي رابع عشره طلع القمر مكسوفاً، واستمر بعد العشاء نحو أربعين درجة.
وفي ثامن عشري ربيع الأول منها، أطلق ابن العدوي من القلعة، بعد أن أورد عشرة آلاف دينار مما عنده، وأعطى الخاصكي ألفاً، وتكلف أربعة أخرى، ثم توجه بعدها إلى مصر، واستدان ثمانية وعشرين ألف دينار.
وفي تاسع عشر ذي القعدة منها، وصل مرسوم بأن محمد بن شاهين ولي نيابة القلعة، عوضاً عن أبيه، بعشرة آلاف دينار.
وفي يوم العيد من ذي الحجة منها، صلى النائب بالمصلى، وخطب القاضي الشافعي به، وحضر المالكي والحنبلي، وأركان الدولة على العادة.
سنة اثنين وتسعين وثمانمائة
استهلت والخليفة أمير المؤمنين المتوكل على الله عبد العزيز بن يعقوب؛ وسلطان مصر والشام وما معهما الملك الأشرف أبو النصر قايتباي؛ ونائبه بدمشق قجماس الإسحاقي الظاهري؛ والقضاة بها: الحنفي زين الدين عبد الرحمن بن أحمد الحسباني، والشافعي شهاب الدين بن الفرفور، والمالكي شهاب الدين المريني، والحنبلي نجم الدين بن مفلح؛ والأمير
الكبير جانم مملوك السلطان؛ والحاجب الكبير يلباي الأينالي؛ والحاجب الثاني أحمد بن شاهين؛ ودوادار السلطان جاني بك الطويل؛ ونائب القلعة محمد بن شاهين؛ ونقيبها الأيدكي؛ ودوادار النائب طراباي مملوكه؛ وكاتب السر أمين الدين الحسباني؛ وناظر الجيش القاضي الشافعي المذكور؛ وكاتب الخزانة المحب الأسلمي؛ والمحتسب عبد القادر.
وفي يوم الجمعة ثالث المحرم منها، صلي بالجامع الأموي غائبة على قاضي القضاة العلامة برهان الدين بن ظهيرة المكي توفي بها في سادس ذي القعدة من السنة الماضية.
وفي يوم السبت عاشره دخل إلى دمشق من البلاد الشمالية أولاد بنت ابن قرمان قاصدين مصر، وقيل إن معهم صنجقاً من صناجق أبي يزيد بن عثمان، وأنهم ظهروا عليه وعلى جماعته، وإنهم أتوا إلى السلطان يطلبون منه تدارك البلاد، وإنهم يكفونه أمر ابن عثمان، وقيل هربوا من ابن عمهم الذي ببلادهم، لكونهم ركبوا مع عسكر سلطاننا عليه وعلى عسكر ابن عثمان.
وفي يوم السبت حادي عشره لبس النائب خلعة جاءته من مصر، بطرازين مذهبين، من أوائل القبيبات، لأنه كان يوماً مطيراً عقب أيام مثلجة، فحصل عليه وعلى الترك والقضاة مشقة من كثرة الوحل والبرد، وخرج اليهود في سبتهم لملاقاته إلى عند أبواب مصلى العيدين، مع المطر الشديد والوحل والإهانة الشديدة من الأعوام ضرباً وشتماً، ودخل المدينة يسوق الناس عجلاً.
وفي يوم الاثنين سابع عشريه فوض نائب الشام نيابة صفد لحاجب الحجاب يلباي بمبلغ عشرين ألف دينار، عوضاً عن نائبها مملوك السلطان أينال الخسيف، الذي كان أميراً كبيراً بحلب، وهو رفيق جاني بك الطويل دوادار السلطان يومئذٍ بدمشق، فإنه قد استقر في مشدية شراب خاناة المقام الشريف بمصر، وكان السلطان رسم لنائب الشام بشنقه بسبب تسببه لموت نائب قلعة صفد، ثم سامحه وذلك بمقتضى مرسوم شريف إليه أن يقرر في نيابتها من يقع اختياره عليه بالمبلغ المذكور من: سودون الطويل الذي في الحج الشريف، ومن يونس، ومن يلباي حاجب الحجاب، فإن وقع الاختيار فيها على يلباي المذكور، ودخل فيها، يقرر في
الحجوبية مكان من يقع اختياره عليه من الغائبين، بمبلغ عشرة آلاف دينار، لكونهم قد نقصوا فعلهم في التجريدة؛ ثم تبين أن أينال الخسيف المذكور استقر في الحجوبية الكبرى بدمشق، وأن مملوك السلطان جاني بك قد استقر في الحجوبية الثانية بدمشق أيضاً، وفي أمرة ميسرة التي كانت بيد يوسف بن جلبان، وأطلق ابن جلبان المذكور من المقشرة على ستة آلاف دينار.
وفي يوم الجمعة رابع عشريه، عقب الصلاة، خرج يلباي من دمشق إلى نيابة صفد خروجاً حافلاً، وخرج نائب الشام لوداعه.
وفي يوم الخميس سلخه دخل الوفد الشريف من الحجاز إلى دمشق، بعد مشقة حصلت لهم من حمل وادي قرية من أرض حوران، وأخبروا أن الحجة كانت طيبة.
وفي يوم الخميس سابع صفر منها، دخل من مصر إلى دمشق نائب قلعتها محمد بن علي بن شاهين، المتوفى والده في رمضان من السنة الماضية.
وفي يوم الاثنين ثامن عشره خرج النائب وأرباب الدولة والقضاة والمشاة بالعدد إلى قبة يلبغا، لملاقاة حسن بك بن هرسك صهر أبي يزيد بن عثمان ملك الروم، فأمطرت السماء ثم أثلجت، ثم دخل دمشق والنائب قدامه خدمة له، وقد اشتد الثلج، فحصل للناس شدة بذلك.
وكان قبل ذلك بنحو نصف شهر ورد على النائب مطالعة الأمير قانصوه خمسمائة متسلم حسن المذكور، بأن المقام الشريف عفى عنه وأطلقه، وأن يخرج إليه بعسكر دمشق ويلاقى بالإكرام الوافر.
وفي يوم تاسع عشره دخل حسن المذكور إلى الجامع الأموي، وصلى فيه عند محراب الحنفية، وفي المقصورة، وشرقي محراب المالكية، وتصدق على الفقراء.
وفي يوم الخميس حادي عشريه خلع النائب عليه خلعة حمراء معظمة وخرج في خدمته لوداعه لسفره إلى بلاده، والقضاء سلموا عليه ولم يخرجوا في خدمته.
وفي يوم الاثنين رابع عشر ربيع الآخر منها، دخل من مصر إلى دمشق حاجب الحجاب أينال الخسيف الأشرفي وتلقاه أرباب الدولة باحتفال عظيم، على يمينه نائب الشام، وقدامه رفيقه دوادار السلطان جاني بك الطويل، كلاهما من مماليك السلطان؛ ثم شرع في عمارة الربوة وألزم ملاكها العمارة، وزعم أن ذلك بمرسوم شريف.
وفي أوائل ربيع الآخر أراد القاضي الشافعي أن ينقض حكم نائب الحنفي، كمال الدين بن سلطان، في تزويج صغيرة، فانتصر له الشيخ عز الدين بن الحمراء، وحصل بينهم شر، واستمروا في ذلك مدة في عدة مجالس.
وفي هذه الأيام وصل يوسف بن حلبان، بعد إفراج السلطان عنه من المقشرة، إلى دمشق، بعد شفاعة النائب فيه على ستة آلاف دينار، ورسم عليه بالمدرسة العذراوية خلف دار السعادة، حتى باع غالب أملاكه في ذلك.
وفي يوم الأحد ثاني عشر جمادى الأولى منها، تولى شهاب الدين بن الصاحب نيابة القضاء، عن قاضي القضاة الفرفوري، وقد تقدم أنه كان قاضي ركب الشامي في السنة المتقدمة، وعجب الناس لذلك.
وفي يوم الاثنين ثالث عشره دخل من مصر إلى دمشق مملوك السلطان تاني بك الأشرفي، حاجباً ثانياً وأمير ميسرة.
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادى الآخرة منها، فوض قاضي القضاة الشافعي نيابة القضاء أيضاً لعفيف الدين شعيب العزاوي، وعجب الناس لذلك أيضاً.
وفي يوم الخميس خامس عشره دخل من مصر إلى دمشق نقيب قلعتها محمد بن سكر عوضاً عن مملوك السلطان الأيدكي الأشرفي.
وفي يوم الخميس ثاني عشريه دخل من مصر إلى دمشق ناصر الدين محمد بن أيوب، الذي كان نائب القدس، أستاداراً للأغراض السلطانية بدمشق عوضاً عن حمزة الشعث، الذي تولى بعد آقبردي المقتول، وذلك بعد حبس ناصر الدين بالقاهرة ومصادرته بها، ثم اعتقل حمزة المنفصل بقلعة دمشق.
وفي آخر هذا الشهر زعم مغربي أن ببستان الأعجام بمحلة باب السريجة بدمشق مطلب مكنوز، فحضر الحاجب الكبير أينال الخسيف وهرع الناس إليه، ثم حط الأمر فظهر أنه كذب كثير.
وفي يوم الاثنين رابع رجب منها، لبس مملوك السلطان، وأحد مقدمي الألوف بدمشق، برد بك الأشرفي، تشريف أمرة الوفد الشامي من حضرة النائب.
وفي يوم الاثنين حادي عشره خرج النائب من دمشق إلى سطح المزة، قاصداً البلاد الصفدية للحساب بين نائبها
…
المنفصل وبين نائبها المستجد يلباي.
وفي هذا اليوم عزل النائب من الحسبة ناصر الدين محمد بن الغلام، وأعاد الحسبة إلى عبد القادر أخي
…
برد بك،
كان قبل هذه الأيام قد وصل من مصر وغرم مالاً، هو وقطب الدين الجندي والعمري، للمقام الشريف، بعد تهديد من السلطان بسبب قتل أنسباي مملوك جاني بك الطويل المتقدم ذكره.
وفي عشية يوم الأحد رابع عشريه دخلت من مصر إلى دمشق قاصدة بلادها، أم محمد جم، المتقدم ذكرها في سنة ست وثمانين وثمانمائة، ودخل معها خلق كثير.
وفي هذا الشهر قدم رجل من بلاد حسن باك، وأظهر مستندات ثابتة من ذرية واقف الخانقاة الكججانية بالشرف الأعلى، وأراد أخذها بشرط الواقف، بعد أن تأنق فيها قاضي القضاة الشافعي شهاب الدين بن الفرفور، وغرم عليها مالاً كثيراً، وكان قد استنزل عنها إسماعيل الناصري الذي أخذها عن قاضي الحنفية علاء الدين بن قاضي عجلون.
وفي عشية يوم السبت سابع شعبان منها، رجع النائب إلى دمشق من البلاد الصفدية.
وفي يوم الثلاثاء سابع عشره فوض القاضي الشافعي للشاب محب الدين بن أيوب نيابة القضاء، وعجب الناس لذلك.
وفي يوم الخميس تاسع عشره وصل الخبر من مصر إلى دمشق بعزل القاضي الشافعي من نظر الجيش بدمشق، وتولية المحيوي عبد القادر بن محمد الغزي ناظر الجوالي يومئذٍ؛ وأن العلامة قطب الدين الخيضري تولى قاضي القضاة بالقاهرة مكان العلامة زكريا، وأنه وضع في الترسيم في ثاني شعبان المذكور، ثم تبين أنه على وظيفته، وأن جماعته صادرهم السلطان بالترسيم عليهم، لكنه امتنع من الخطبة بالسلطان، فخطب عوضه قطب الدين المذكور.
وفي هذه الأيام بلغنا وفاة مطلقته بنت الخليفة المستنجد بالله يوسف؛ ووفاة فتح الدين البلقيني، وكان سعى على الشيخ زكريا في قضاء مصر بنحو عشرة آلاف دينار، فمات ولم يولها؛ ووفاة القاضي بدر الدين بن قاضي القضاة علم الدين البلقيني نائب زكريا.
وفيها دخل من مصر إلى دمشق، أمين الدين ابن قاضي الحنفية زين الدين الحسباني، معزولاً من كتابة السر بدمشق، ونزل بمنزل قاضي القضاة علاء الدين ابن قاضي عجلون شرقي جيرون، نائباً عن والده في العرض وغيره، واستمر والده في مصر. - وفيها نقص الجانب القبلي من جامع البزوري بمحلة قبر عاتكة، ووسع إلى جهة القبلة نحو خمسة أذرع،
وجعل له ثلاث حنايا على عمودي حجر، قرب المحراب القديم، الذي تاريخه إلى هذا الشهر شعبان من هذه السنة، مائة وأربعون سنة، وكانت توسعته من مال الحاج علي بن الملاح البغدادي بحارة رستم المتوفى سنة إحدى وتسعين وثانمائة، السنة قبلها، في ثالث رمضانها، ومن مال رجل يقال له ابن عبد السلام، نذر له مائة دينار، وقام على صرفها على الجامع المذكور شيخ سوق الدهشة أحمد، الملقب بحاتم، من حارة رستم المذكورة، وجرى بين أهل المحلة شرور في كيفية التوسعة والبناء، حتى حضر إليه غالب أكابر دمشق.
وفي ليلة الثلاثاء تاسع رمضان منها، دخل من مصر إلى دمشق دوادار رابع بمصر، واسمه جان بلاط، قيل إنه ساقٍ خاص، وتلقاه أرباب الدولة خلا النائب قجماس، فجلس له في وسط الإصطبل، لتوعكه من حيث قدم من البلاد الصفدية كما تقدم، فقرئ ما معه بالاصطبل، وملخص أمره أنه جاء ليصادر أهل البلاد الشامية، كغزة والقدس وصفد وحماة وطرابلس وحلب، قيل إن السلطان جعل تسفيره نحو أربعين ألف دينار وهو شاب، أو كهل، شكله حسن، وكان مما أتى على يديه قبل رمضان لبيت المقدس، مرسوم شريف، وفرس كنبوش، ونفقة وافرة، لقانصوه اليحياوي، وأن يتوجه إلى القاهرة، فامتثل ذلك، لكن طلب إذناً من السلطان بالمهلة عليه ليصوم رمضان ببيت المقدس، فأجيب، ثم صلى العيد ببيت المقدس وتوجه في الحال إلى القاهرة.
وفي يوم الخميس حادي عشره لبس المحيوي الغزي ناظر الجوالي، خلعة وظيفة نظر الجيش الدمشقية. - وفي ليلة الاثنين ثاني عشريه سافر الخاصكي المتقدم ذكره من دمشق إلى البلاد الشمالية بعد أن فعل بدمشق من الظلم ما لا يعبر عنه، وأخذ على كل مسجد مالاً، ولو كان فقيراً، وعلى كل تربة، وعلى كل مدرسة كذلك، ولم ينظر في أمورها ومصالحها بل في مصلحة نفسه، ومصلحة السلطان ولا قوة إلا بالله، ثم مرض بحماة مرضاً شديداً. وفي يوم الثلاثاء ثالث عشريه وصلت سراً الخواجا ابن الشاغوري زوجة الشهابي بن البرهاني النابلسي، ثم زوجة نائب صفد يلباي، ميتة في سحلية في محفة، من صفد إلى مقابر باب الصغير، عن صبي للشهابي المذكور، وعن آخر صغير وبنت من نائب صفد المذكور.
وفي يوم الأربعاء كان عيد الفطر، واستمر قجماس النائب مريضاً لم يركب، بل شاع عند الناس أنه على خطة، وكان مقيماً ببيت ابن دلامة بالصالحية، وأتى به ليلة الاثنين قبل
العيد بيومين في محفة إلى اصطبل دار السعادة، وعيد به وهو على خطة. وفي عصر يوم الخميس ثاني العيد توفي بالإصطبل المذكور، ودفن بالتربة التي أنشأها داخل باب النصر، غروب الشمس من اليوم المذكور، وفي جواز هذه التربة خانقاة مجاورين وشيخ لهم، وأوقاف داره، وعدة أيام كفالته الشام ست سنين وثمانية شهور، وكان قد صالح الخاصكي المتقدم ذكره على بقية الأوقاف الدمشقية بألف ومائة دينار. - وفي ثاني يوم، يوم الجمعة، توفي بواب مقصورة الأموي محمود.
وفي يوم الاثنين سادس شوال منها، هرب من قلعة دمشق الأمير بداق أخو سوار، ورمى الحبل الذي نزل إلى الخندق منه. وفيه توفي بالقاهرة قاضي قضاة حلب جلال الدين أبو البقا بن الشحنة الشافعي، وقد عزل بالحسفاوي. وفي يوم الثلاثاء سابعه اجتمع أهل ميدان الحصى، ونزلوا إلى الجامع بأعلام وذكر الله تعالى، وصحبتهم الشيخ إبراهيم التاجي، يشتكون على الحاجب أينال الخسيف نائب الغيبة
…
بغير حق، وأنهم يطلبونه إلى الجامع الأموي فلم يحضر، وتعلل عليهم بأنه في شغل السلطان لأجل تحصيل غريمه بداق، وتخبطت دمشق، وعند الله حسن العاقبة.
وفي يوم الخميس تاسعه دخل الوفد الحلبي إلى دمشق، وأميرهم ولد نائب حلب، ومعه أمه، في تجميل عظيم، وثقل كثير. وفي يوم الجمعة سابع عشره دخل دمشق جماعة من جماعة الهارب بداق ممسوكين، مسكهم نائب حمص وأرسلهم إلى دمشق، فضربهم نائب الغيبة. وفيه دخل من مصر إلى دمشق الأمير ماس فرج، من أمراء يعقوب باك بن حسن باك، بتشريفٍ حسن من السلطان، وعلى يديه مكاتبات جواباً لأستاذه يعقوب باك في سؤاله للسلطان بالعطف على سلطان الروم أبي يزيد بن عثمان، مضمونها: إن أراد أبو يزيد ذلك فليسلم إلينا بلادنا، أدنه وطرسوس وقرمان، وإن أراد المحاربة فأنا أنزل إليه بالعسكر بنفسي.
وفي عشية الجمعة المذكور خرج أوائل الوفد الحلبي إلى قبة يلبغا، والكسوة، وخان
ذي النون، وفيهم مفتي حلب العلامة عثمان الكردي وجماعته. وفي بكرة يوم السبت ثامن عشره خرج أميرهم ابن نائب حلب، ودواداريته صحبته، وأمه في محفة حافلة، وصحبتها نحو عشرة روايا، ثم خرج أمير الوفد الشامي، وجماعته كعدة جماعة الأمير الحلبي نحو الأربعين مملوكاً، ثم خرج المحمل، وخلع نائب الغيبة على الأميرين بقية يلبغا، وقدم أمير الوفد الشامي برد بك أمير ميسرة وقاضي الركب الشامي شهاب الدين الرملي نائب الشهابي بن الفرفور.
وفي يوم الاثنين عشريه لبس الشاب بدر الدين بن المرحوم بدر الدين أخي قاضي القضاة الشافعي الفرفوري وظيفة كتابة السر بدمشق، بعد شغورها مدة عن أمين الدين بن الحسباني، ولبس معه عمه خلعة الاستمرار في قضاء الشافعية.
وفيه ورد مرسوم شريف بأن لا يثقل على مماليك المرحوم قجماس، ولا يشوش عليهم أحد، وكان الحاجب أراد أن يعتقل تمرباي دوادار قجماس بالقلعة فامتنع من ذلك تمرباي واعتضد بالمماليك المذكورة، واستمر بتربة أستاذه، وكان قجماس قد أوصى وأرسل وصيته إلى السلطان، وأخبره فيها بجميع ماله بالقاهرة وبدمشق، فلما خرج قاصده من القاهرة وتوجه إلى دمشق، رأي سيف أستاذه قجماس صحبة حاجب ثاني تاني بك الأشرفي، فرجع صحبته وطلب من السلطان مرسوماً، فخرج له المرسوم المذكور.
وفيه ورد الخبر بأن قانصوه دوادار ثاني الألفي، قد عينه السلطان للخروج وللحوطة على تركة قجماس المذكور، وأنه واصل. - وفي يوم الخميس ثاني عشريه دخل جماعة من سوقة المزيريبة إلى دمشق، وأخبروا بغلو الأسعار بها لكثرة الحاج، وخراب البلاد، ورجع جماعة من الحج لأجل ذلك. وفي ليلة الجمعة ويومها وقع المطر الجديد بدمشق، وهو رابع عشريه.
وفيه صلى قاصد يعقوب باك بالجامع الأموي، ومعه نقباء جيش دمشق، والمهمندار وجماعته، وصعد منارة العروس، وجلس بالبارز الوسطاني، ومعه الجماعة المذكورون، ثم نزلوا معه وطاف جوانب الجامع، وجيرون، ثم عاد وخرج من باب البريد، ثم سافر إلى بلاده بجماعته يوم السبت أو الأحد، وقد كان حادثه الريس شمس التيزيني، فوجده يشكر
قايتباي على إحسانه لكنه يستعجزه لكونه يدع مماليكه بمصر وغيرها يظلمون الناس ولكثرة خراب البلاد بسبب الظلم، فالله يحسن العاقبة.
وفي بكرة يوم الخميس سلخه دخل من مصر إلى دمشق دوادار ثاني قانصوه الألفي الأشرفي، للحوطة على تركة النائب قجماس، وصحبته تاني بك حاحب ثاني الذي سافر بسيف النائب المذكور، وصل به في ستة أيام، فإنه سافر به ليلة الجمعة يوم الوفاة، ووصل إلى القاهرة يوم الأربعاء، ودخلا دمشق في تجمل حافل بتشريفين حافلين، ونزل للحوطة بدار السعادة كالنائب، ثم أمر في الحال بإشهار النداء في البلد بأن: من قهر، من ظلم، فعليه بالأمير الدوادار الألفي، حسبما ورد به المرسوم الشريف، ثم قرئت المراسيم، وفيها يوضع مباشرو المتوفى قجماس بالقلعة، ففي الحال قبض عليهم، ووضعوا بالقلعة في اليوم المذكور عجلاً.
وفي يوم الثلاثاء خامس ذي القعدة منها، أمر قانصوه الألفي، بدار السعادة بمسك القاضي شهاب الدين بن الفرفور، والترسيم عليه، فبات بها ليلة أو ليلتين، وطلب منه مالاً وسبت ذلك أن فلاحي القاضي المذكور ببلد كفر حونة اجتمعوا بفلاح الأمير خير بك أمير عشرين بدمشق، وعصوه عليه عندهم في أوائل هذه السنة، فأتى إليه عندهم ليأخذه، فهاش الفلاح على أستاذه خير بك المذكور، ورماه بسهم فقتله، فرحل أهل البلد وخربت بسبب ذلك، فأراد القاضي أن يزيل عنهم الخوف وراضى عنهم بمال، ثم في هذه الأيام مسك بسبب ذلك ليأخذوا منه مالاً، وجرى ما جرى.
وفي يوم الجمعة ثامنه صلي بالجامع الأموي غائبة على قاضي القضاة الشافعية بحلب، جلال الدين أبي البقا بن الشحنة. وفي يوم الجمعة بعد الصلاة، خامس عشره، صلوا مرتين بالجامع الأموي على ثلاثة أنفس حاضرين أحدهم الحموي، كان هو وأخوه المرحوم جمال الدين يوسف، المتوفي في صفر من هذه السنة، بخدمة قاضي القضاة عماد الدين الباعوني، من جملة شهوده.
وفي يوم الأحد سابع عشره ورد مرسوم شريف بإهدام المسجد الذي على باب جيرون، على يسرة المار إلى جهة باب توما، جوار بيت قاضي القضاة علاء الدين بن قاضي عجلون، الذي ذكره جماعة من العلماء، منهم العلامة أبو شامة، ومنهم علاء الدين بن
العطار لما حدث به من البدع من طائفة الروافض؛ وفي هذه السنة والتي قبلها كثر الكلام بسببه، فأزيل جداره في هذا اليوم، وانتصر أهل السنة على الميتدعين بحمد الله.
وفيه ورد مرسوم بأن يورد جماعة القلعة للمقام الشريف مبلغ عشرة آلاف دينار، ثلثها على ابن سكر نقيبها ونائبها محمد بن شاهين، والثلث على البحرية، والثلث على جماعة القلعة، وضرب بعضهم مبرحاً، وهو تاني بك وآخرين معه، واستمروا في شدة بالغة، وموجب ذلك كونهم فرطوا في التحفظ على بداق أخي سوار حتى هرب كما تقدم. وفي يوم الخميس حادي عشريه استقر الأمير جاني بك دوادار السلطان في وظيفة الجوالي.
وفي ثاني يوم عيد الأضحى، وهو يوم الثلاثاء حادي عشر ذي الحجة منها، أظهر جاني بك الطويل، دوادار السلطان بدمشق، ما كان في قلبه في البغضاء لتمرباي دوادار قجماس، ظناً منه أنه تمرباي قاتل مملوكه أنسباي كما تقدم، ووقع بين مماليكه ومماليك قجماس في اليوم المذكور الضرب الشديد فغضب الألفي الحواط على جاني بك حمية لتمرباي ومماليك قجماس، وأراد العود إلى مصر غضباً، فرمى عليه أرباب الدولة وراضوه، فكاتب في ذلك للسلطان.
وفي يوم الاثنين سابع عشره، وهو ثالث كانون الأجرد العشرون من برج القوس، أعيد واستقر في نيابة الشام قانصوه اليحياوي، ولبس ذلك من حضرة السلطان بقلعة مصر، مكان قجماس الإسحاقي. وفي تاسع عشره غلا سعر القمح والشعير، وبرز مرسوم الحواط بالمناداة بدمشق، بأن لا يبيع حاضر لجلاب قمحاً ولا شعيراً، فتخبطت دمشق؛ وأمس زادت الأسعار وصغر قطع الخبز، وطلبه الناس، وبيعت غرارة القمح بأربعمائة وعشرين، والشعير بمائة وسبعين، ورجم العوام عبد القادر المحتسب، لكونه
…
يتعانى صناعة الطحانة والخبازة، ويتاجر في القمح، ويأخذ المشاهرة من كل صناعة.
وفي يوم السبت ثاني عشريه ركب الحواط ومنادٍ ينادي بأن من له حانوت يفتحه ويبيع
وإلا شنق، فإن الخبز تغير وخف، وله أيام وهو قليل. وفي يوم الأحد ثالث عشريه وصل الخاصكي جان بلاط راجعاً من البلاد الشمالية، ونزل ببيت ابن منجك شرقي الأموي، الذي كان حمام الصحن قديماً.
وفي يوم الاثنين رابع عشريه دخل من مصر إلى دمشق قاضي القضاة الحنفية زين الدين عبد الرحمن الحسباني، وصحبته مملوك شاب خاصكي من أقارب السلطان، ليسلمه جميع الجهات التي كانت بيد قاضي القضاة علاء الدين ابن قاضي عجلون، وتلقاه القضاة على العادة، ونائب الغيبة أينال الخسيف، والأمير الكبير جانم، ونائب القلعة محمد بن علي بن شاهين، وأما الحواط فخرج يسلم عليه في القبة قبل ذلك، فلم يجده لأنه بات بقرية صحنايا، لأن فيها شيئاً تحت تكلمه، وقرئ توقيعه بالجامع الأموي، قرأه نائبه بهاء الدين الحجيني، ونزل ببيت المستوفي جوار الجامع.
وفي يوم الأربعاء سادس عشريه، اجتمع فقراء دمشق، وذهبوا إلى الحواط، بسبب قضية حصلت لهم من والي النبيطون، وذكروا خمارة الحاجب ودوادار السلطان وغيرها، فنادى بإبطال المحرمات في الحال. وفي ليلة الجمعة ثامن عشريه نزل الحرامية على بيت الضياء بالجسر الأبيض بالصالحية، وجرحوه وأرادوا قتله وولده.
ورأيت في تاريخ العلاي البصروي.
وفي رابع عشر صفر منها، قبيل الفجر، كسف القمر، واستمر مكسوفاً إلى طلوع الشمس. وفي حادي عشريه فوض القاضي المالكي نيابة الحكم لشهاب الدين بن النحاس بشفاعة النائب، وكان له مدة معزولاً. وفيه تولى أينال الخسيف الحجوبية الكبرى بدمشق، عوضاً عن يلباي، وتولى يلباي نيابة صفد. وفيه جاء الخبر بأن شهاب الدين بن بري نقل من الترسيم بمصر من بيت الوالي إلى بعض الخدام بالقلعة، وله ثلاث سنين.
وفي يوم الأحد مستهل ربيع الأول منها، جاء الخبر بعزل ابن الحسباني من كتابة السر وأطلق من الترسيم بعد غرامة، ووالده معوق فيه بسبب تتمة المبلغ الذي عليه من جهة قضاء الحنيفة، وغريمه عماد الدين الحنفي المنفصل بمصر في بيت الوالي، بسبب المال الذي عليه.
ويوم الثلاثاء مستهل ربيع الآخر منها، وصل أينال الخسيف، من عتقاء السلطان، إلى دمشق متولياً الحجوبية الكبرى، وذهب يلباي إلى صفد.
وفي ثامن عشر جمادى الأولى فوض القاضي الشافعي لمحيي الدين الناصري، أخي عماد الدين الحنفي، ليحكم على مذهب أبي حنيفة، بإشارة النائب، ومنع من الحكم كمال الدين بن سلطان الحنفي، ثم بعد أيام رضى وأذن له.
وفي رجب منها، ضرب أينال الخسيف الحاجب الكبير شمس الدين المعري، من طلبة الشافعية، بسبب مدرسة تغري برمش، والنجم محمد بن القاضي شمس الدين بن مزلق، ورسم عليهما. وفيه ورد الخبر بعزل القاضي الشافعي من نظر الجيش، وتولية عبد القادر الغزي نظر الجيش، الذي هو الآن ناظر الجوالي؛ وبتولية بدر الدين ابن أخي القاضي الشافعي نظر الجوالي.
وفي رمضان، وكان مستهله الاثنين منها، وصل الأمير جان بلاط الأشرفي، ونزل بالقصر بالميدان، ومعه ديوان عبد القادر القصروي من جماعة بيت ابن الجيعان، ومعه مرسوم بالتحريز على الأوقاف، فوضعوا عليها أزيد من أربعة آلاف دينار، فعرضوها بالمدرسة البادرائية بحضور القضاة الثلاثة والشيخ تقي الدين. وفي ثاني عشريه سافر الأمير جان بلاط إلى حلب. وفي سادس عشريه وصل الخبر بتولية القاضي بدر الدين ابن أخي القاضي الشافعي كتابة السر؛ وأعيد نظر الجوالي إلى عبد القادر الغزي مضافاً إلى نظر الجيش، وهذا على خطة.
وفي سابع شوال منها، هرب بداق الغادري من القلعة وهو أخو سوار، وله نحو سنتين أو سنة محبوس بالقلعة، وواطأه على ذلك الحارس من ناحية باب الحديد، وحصل لأهل القلعة اضطراب. وفي تاسعه وصل كتاب من الأمير جان بلاط إلى حاجب الحجاب، بأن يرفع محب الدين الأسلمي كاتب خزانة النائب وعبد اللطيف ديوانه إلى القلعة، فرفع، وغيب السيد الموقع، وأما دوادار النائب وجماعته، فقعدوا بتربة النائب أستاذهم قجماس، وامتنعوا من الذهاب إلى القلعة.
وفي عاشره وضعوا محمد بن شاهين نائب القلعة، ومحمد بن سكر نقيبها، في جامع القلعة، فرسما عليهما بسبب بداق. - وفي سادس عشره حضر عبد بداق