الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان حسناً، فلم يسهل على النائب ذلك، وأسمعه ما يكره، ولا قوة إلا بالله، والذي ألجأ النائب إلى هذه المناداة بعض المتمصلحين، ابن حمزة، زعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه، وأنه أشار بذلك.
ثم في يوم الأحد تاسع عشره نودي أن لا يفتح أحد حانوته، إلا الخباز والطباخ، وأن يخرج العلماء والصلحاء بالتهليل والتكبير إلى سطح المزة، ليدعوا الله تعالى، فخرج النائب والقضاة الثلاثة، وأما الحنبلي فإنه توفي، والسيد كمال الدين والمشائخ، بالأعلام والربعات، بكرة يوم الاثنين عشرينه، فلما وصل النائب مد له أهل المزة مدة، ثم حضر المشائخ وقرأوا في الربعات، والصالحون يذكرون الله تعالى، ثم ركب النائب في أثناء ذلك وذهب إلى الربوة راجعاً، فرجع جماعة ممن يشار إليهم خلفه، واستمر الباقون ولبس لهم قائد، وكان العادة أن يجتمع الكل في صلاة العصر، ثم يدعو الإمام بهم دعاء لائقاً بالحال، ثم ينصرفوا إلى بيوتهم.
وفي يوم مستهل ذي الحجة منها، ورد مرسوم إلى النائب بعزل المحيوي بن يونس الحنفي من وقف الحنفية، وأن يسلم للمحبي ناظر الجيش، على مبلغ ثلاثة آلاف دينار، فقال المحبي لصهره القاضي الشافعي: تسلم أنت الجهات وباشروا بمعرفتك، وأنا أزن المال المذكور، ثم نودي بدمشق بالعزل المذكور، وبالتسليم للمحبي ناظر الجيش.
وفي يوم الأحد عاشره، وهو خامس شباط، عيد الناس؛ وبعد فجره وقع مطر جرى منه الميزاب، وقد كثر الطعن في الناس، سيما الأطفال، سيما في البنات. وفي يوم الأربعاء عشرينه سافر النائب إلى عرب زبيد، ثم رجع إلى دمشق خامس عشرينه. وفي بكرة يوم الاثنين خامس عشرينه لبس النائب خلعة من خارج البلد، ودخل بها على العادة، وسببها أن السلطان كان طلب منه تزويج ابنته ستيته بابنه، فأجابه وهي غائبة في الحجاز.
سنة إحدى وعشرين وتسعمائة
استهلت والخليفة أمير المؤمنين المتوكل على الله أبو عبد الله محمد بن المار ذكره العباسي، وسلطان مصر والشام وما مع ذلك الملك الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري؛ ونائبه
بدمشق سيباي، والقضاة بها: الحنفي المحيوي بن يونس، والشافعي الولوي بن الفرفور، والمالكي خير الدين الغزي، والحنبلي شرف الدين بن مفلح، والحاجب الكبير صنطباي؛ والحاجب الثاني الناصري محمد بن يلباي، وكاتب السر محب الدين الأسلمي، وهو ناظر الجيش، وناظر القلعة؛ ونائب القلعة علي باي، ونقيبها علي باي أيضاً.
وفي يوم الخميس مستهل المحرم منها، عزل أمير آخور كبير بدمشق، وتولى مكانه تنم. وفي يوم الأحد رابعه توفي إلياس الرومي الفقير المرتعش، معتوق زين الدين خضر من نحو عشرين سنة، فكان يبيع ثمر الزبيب والتفاح والمشمش فيكسب نحو الدرهمين أو الثلاثة، وتزوج بعجوز وطلقها، وكل من يراه يعطف عليه لظهور الفقر عليه.
ففي اليوم المذكور جاءت الحشرية إليه، فخرج معه مال كبير، ذهباً وفضة وفلوساً، بحيث يقطع الشخص أن مثله لا يقدر على جمعه، والحال أن ابن معتقه غائب بمصر، وله عدة أولاد فقراء، وله ولهم الولاء، ثم استقر حاله أنه كان يخون معتقه، ثم بعده يظهر الفقر مكراً، قابله الله تعالى.
وفي هذه الأيام قل المطر بدمشق وأطرافها؛ وكثر الغنم واستمر سعره كل رطل بسبعة؛ وارتفع سعر الحب، وكثر تضرر الناس من الجند الراجعين من حلب. وفي يوم الخميس ثامنه هجم جماعة من الحارة القبلية، من قرية داريا الكبرى، على ابني بابية من الحارة الشمالية، وقتلوهما وتخبطت البلد وما حولها. وفي عقب صلاة الجمعة تاسعه صلى الإمام بالجامع الأموي على التاجر بدر الدين بن قريع.
وفي هذه الأيام حسن محمد بن محمد البوصيني، للنائب، أن يضع يده على حمام ملك الأمراء بيدمر، وأنه وقف في أيتام، ويجعلهم بمدرسته فوضع يده عليه، وشهد بذلك شهود باب الصغير المزورون، وسيظهر كتاب وقفه الذي فيه قرية مرتبين والطواحين بدمشق وغيرها، وفيه شطر أن يكون الأيتام بحانوت لصيق باب الحمام، لهم ولشيخهم جزء معلوم منه لأكله، اللهم اظهر الحق، واخف شهود الزور، وستكتب شهادتهم ويسألون.
وفيها دخل من حلب إلى دمشق الأمير أبرك والأمير الناشف؛ ثم في يوم الاثنين سادس عشريه سافر إلى مصر، وخلع النائب على الأمير أبرك، وخرج لوداعه بالقضاة على العادة. وفي بعد العصر من اليوم المذكور، نقلت الشمس إلى برج الحمل.
وفي يوم الأربعاء ثامن عشريه وصلت كتب الوفد الشريف إلى دمشق، وتاريخها ثاني
عشر المحرم، وأن الوقوف بعرفة كان يوم الخميس، الذي فيه كان عيد أهل الشام.
وفي يوم الأربعاء خامس صفر منها، دخل الوفد الشريف إلى دمشق، وأخبروا عن الوفد المصري أشياء منها: أن زوجة السلطان، ومعها ابنها محمد، كان معها سبع محفات بعجلات؛ وكان مع كاتب السر ابن أجا محفتان، إحداهما مقصصة من جوخ، والأخرى حرير برصافياتٍ من ذهب، وخلاخيل من ذهب، ثم محفات أخر، عدة الجميع خمس عشرة محفة؛ وكنت في هذا العام حاجاًَ فشاهدتهم.
وفي يوم الجمعة ثامنه سافر أمير آخور السلطان من دمشق، الرماح، وهو الباش على العسكر، إلى رأس العمائر في أبهة حافلة، وخرج لوداعه ملك الأمراء، بعد أن خلع عليه على العادة، وكان الناس في حصر وضيق بسبب عدم الجلب إلى دمشق، خوفاً من تسخير الجمال وغير ذلك، ولم يحصل للناس منهم خير، ولا للإسلام نفع، بل ضرر من الجبايات الكثيرة، والفسق وتخريب كل مكان نزلوا فيه.
وفي بعد ظهر يوم الأحد عاشره، وهو خامس عشري آذار، وقع رعد قوي ومطر مزعج بدمشق ونواحيها، بحيث أنه خشى منه الضرر، ولله الحمد. وفي يوم الاثنين حادي عشره توفي عبد الكريم المتجند المزهري، ينتمي إلى جماعة المرحوم كاتب السر ابن مزهر، عن أخت وجارية وبعض قرابة، فعاقبهم الأستادار إلى أن أظهر ما معه، وهو ما ينيف على ألف دينار، غير القماش والأثاث، ودفن بمقابر باب الصغير.
وفي بكرة يوم الثلاثاء ثاني عشره سافر من دمشق، راجعاً إلى مصر، رأس نوبة النوب بمصر سودون الدواداري، وقد خلع عليه ملك الأمراء خلعة خضراء، وخرج معه لوداعه على العادة، والباش إلى الآن عند قبة يلبغا لم يسافر. وفي هذا اليوم رجع قاضي الشافعية النجمي ابن الشيخ تقي الدين، المعزول عنها، إلى دمشق، وقد تقرر في خطابة الجامع الأموي في رمضان من السنة الماضية.
وفي يوم الثلاثاء تاسع عشره غلقت أسواق دمشق من شر الأجلاب الجراكسة، وكثرة خطفهم الدراهم وغيرها، ولا قوة إلا بالله. وفي يوم الخميس حادي عشريه، كان خميس البيض، وأتى العراقيون بالتمر إلى دمشق على عادتهم. وفيه سافر الجراكسة إلى مصر، وأراح الله البلاد منهم.
وفي يوم الأربعاء سابع عشريه طلب النائب من استاداره محمد الحرك، خمسمائة دينار،
غير ما تقدم أخذه منه، فقال له: هذا جزائي منك، فرسم عليه الطشتخانة بدار السعادة إلى قريب العصر، فدخل بينهما بعض المباشرين، فجعلت أكثر، قبل ألف دينار ومائتا دينار، وخلع عليه، وأوقدت له العوام السرج في مروره إلى بيته بباب السريجة.
وفي صبح يوم الجمعة سادس ربيع الأول منها، توفي حسن بن بحيلق الرملاوي، ثم الدمشقي، بطابونته فجأة، في غيبة ولده إبراهيم بمصر، ثم حضر في سلخ ربيع الآخر. وفي يوم الثلاثاء سابع عشره خرج النائب إلى المرج، فشرب شربة، ثم خرج الطلب من دمشق إلى الكسوة، ثم جاء إليهم النائب من المرج، وسافر من هناك إلى مصر دواداره
…
وهو للإصلاح بين مشائخ العشران وجعل مرجعه دمشق إلى الحرك، ولا قوة إلا بالله. وفي يوم الخميس تاسع عشره، وقع الحرك بيونس الأستادار قبله، وضربه....
وفي يوم الخميس ثالث ربيع الآخر منها، رجع طلب النائب إلى دمشق، من بلاد حوران، ودخل هو ليلة الجمعة رابعه، وفي يوم الجمعة المذكور توفي ولد محيي الدين يحيى بن أخي تاج الدين، وصلي عليه بالجامع الأموي، ثم دفن بتربة جديدة قبلي الصابونية، وشمالي تربة الطواشي، عمرها والده يحيى المذكور.
وفي يوم السبت خامسه ولي النائب الأستادارية ليونس المعزول، وعزل الحرك. وفي الثلاثاء ثامنه توفي حسن الأتوني السطيح، عن دنيا، ووقع حريق في شمالي مسجد التوبة خارج باب الفراديس، في اليوم المذكور. وفيه أذن النائب في قطع رؤوس جماعة من الدروز، عند مقابر النصارى واليهود.
وفي يوم الأربعاء سادس عشره أتى من القدس الشريف قاصد ملك الأمراء، نقيب الأشراف العجمي، وصحبته ابن أخي أبي الفضل بن أبي اللطف القدسي، لابسين خلعتين، وصحبتهما من آثار النبي صلى الله عليه وسلم، قدح وبعض عكاز معطبين، فوق رأس رجل حامل لهما، قدام ملك الأمراء، والقضاة ومتصوفة دمشق وغيرها قدامها بالأعلام وضرب المزاهر.
وقد خرج كثير من العوام للنظر إلى ذلك، فسألت عن ذلك فقيل لي: كانت هذه
القدح، وبعض العكاز، عند والد ابن أبي اللطف، وصلت إليه من بيت ابن القلقشندي، فنم بعض الناس ذلك لملك الأمراء، فطلبهما منه ليتبرك بهما، وأرسل العجمي المذكور، فأتى بهما عارية ومعه ابن أخي أبي الفضل المذكور، ثم تبين أنهما ليسا من الأثر النبوي، وإنما هما من أثر الليث بن سعد، عند القلقشندي.
وفي هذا اليوم أفرج عن الحرك، المعزول عن الأستادارية، بعد شفاعة الخازندار فيه، وغيره، على مال. في هذه الأيام شاع بدمشق موت أمير آخور الرماح، الباش الراجع من حلب إلى مصر بعد أن أهلك الحرث والنسل، وخرب البلاد، وكان قدم القاضي الشافعي ابن الفرفور، والمحب ناظر الجيش، عند السلطان، فأرسل مرسومه بعزل الاثنين.
وفيها شاع بدمشق أيضاً، أن ناظر الجوالي، المحب بن الخيضري، قد تولى قضاء الشافعية بدمشق، مكان ولي الدين ابن أخته. وفيها شاع بدمشق أيضاً موت الأمير الكبير بمصر، سودون العجمي، الذي كان قد ولي كفالة الشام، وولى الأمرة الكبرى مكان أركماس، الذي كان نائب الشام.
وفيها أيضاً ورد مرسوم شريف بإكرام محمد بن عمر خروب الهيثمي، خادم ركاب كان، وأنه أنعم عليه بقيراطين بقرية العباسة، وذلك لكثرة ذوكرته، ووصف في المرسوم بأنه شريف حسيني حصني، والثلاثة أوصاف منكرة فيه، مع زيادة قلة عقله، ولا قوة إلا بالله.
وفيها أيضاً شاع بدمشق أن السلطان ولّي ولده محمد أمرة آخور كبير بمصر، عوض الرماح الذي هلك. - وفي يوم الجمعة خامس عشريه صلّوا بالجامع الأموي، عقب صلاتها، على رجل ترجموه بالحديث والعلم غائبة، توفي بخط دمياط.
وفي يوم الخميس ثاني جمادى الأولى منها، أتى محمد البعناوي، أحد الشهود بميدان الحصى، بورقة فيها من منظومات المتقدّمين منظومة تائبة في مدح النائب، وزاد في إطرائه ليظهر نفسه مع كبر عمهٍ على جهل ويتزّيا بزيّ الفضلاء في حجّة أن يعطيه جائزة، فلم يمكّن من قراءتها عليه، وإنما قرأها عليه المحبّ الموقّع.
وفي يوم الخميس تاسعه نودي على أن كل رطل لحم ضاني بأربعة دراهم، والمعز بثلاثة، والبقر بدرهمين. - وفي هذه الأيام انتقل الشيخ الصالح عبد الوهاب الصفوري الصوفي، من الصالحية إلى بيت المرحوم شمس الدين الطواقي، ونصب أعلامه بمسجد الطالع، وفرح أهل قبر عاتكة به، لعل أن ينكشف عنهم الظلم، والتفوا عليه.
وفيها شاع بدمشق أن ملك الروم سليم خان، قتل الأمير علي دولات وولده. - وفي يوم الخميس سلخه ورد المرسوم الشريف على النائب، بالتأهب لأمر علي دولات.
وفي يوم الاثنين حادي عشر جمادى الآخرة منها، تشاكى البدري بن المعتمد وبركات بن الكيال بحضرة النائب والقضاة والمباشرين، لأجل وقف ابن الميداني، الذي لم يشرط الواقف للناظر فيه معلوماً، بل هو وقف على نحو أربعين بيتاً بالصالحية، وكان بعد الواقف الثلث بيد قاضي القضاة الباعوني، والثلث بيد شمس الدين العدوي، والثلث بيد برهان الدين بن المعتمد، فتقرر ابن الكيال المذكور في الثلث الذي كان بيد بيت العدوي، وقام معه تاج الدين وكيل السلطان، وعضّده بمرسوم، فوقع الخصام في هذا اليوم، وانتصر ابن المعتمد.
وفي يوم الخميس رابع عشره عزل يونس الأستادار منها، ومن الحبسة، وأعيد الحرك إلى مكانه. - وفي يوم السبت ثالث عشريه دخل الأمير قلج، كاشف حوران، إلى دمشق، وصحبته عواد وابنه من قطّاع الطريق، من عرب زبيد، وهما مسلوخان، وقد حشيا وأركبا، وينادى عليهما.
وفي يوم الخميس سادس رجب منها، اتّفق رأي أكابر محلّة قبر عاتكة، واستأذنوا الشيخ عبد الهادي في قطع الجوزة الكبيرة، التي قبلي شرقي مقبرة مسجد الطالع، فباعوها بمبلغ، وقطعت وأرصد ثمنها عند رجل، وأعطى كل منهم زيادة على ذلك ليبني على المقبرة جداراً بباب كما كانت، فضربوا اللبن وبنوه في أيام يسيرة.
وفي يوم الخميس عشريه دخل من مصر خاصكي، قيل من أقارب النائب، وصحبته خلعة له حمراء بمقلب سمّور، فلبسها ودخل بها على العادة؛ ثم قرئت مراسيم أتت صحبته، فيها أن يكمل له عدّة دراهم الجباية، التي كانت رميت على البلدان من معلوم العسكر، الذي كان رجع من حلب. - وفي هذه الأيام خرج عرب، من جماعة شيخهم المعزول، على جماعة من جماعة النائب، فقتلوهم. - وفيها ذهب ملك الأمراء إلى ضمير. - وفيها توفي نقيب قلعة دمشق علي باي.
وفي يوم الاثنين مستهلّ شعبان منها، قريء مرسوم شريف فيه إطراء بركات ابن الكيال الواعظ، وأن يسلّم جميع وقف الأيتام، الذي نازع فيه ابن المعتمد، وأن يحمل من ينازعه فيه إلى مصر. - وفي يوم الثلاثاء ثانيه دخل إلى دمشق من مصر، مبشّر النيل على العادة.
وفي ليلة الثلاثاء سادس عشره عقد جلال الدين محمد بن علاء الدين البصروي، عقد ولديه محمود وأحمد، على ابنتي محمد بن عبد الله الطواقي، من أهل محلّة مسجد الطالع، وأولم على ذلك، وحضر النائب والقضاة، وقرأ له الشمسي بن المبيض الواعظ، مولداً.
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشريه تجهّز النائب وسافر، ومكث على جسر زينون، وقد تواترت الأخبار بمجيء الدوادار الكبير بمصر، طومان باي، من مصر، ثم تبيّن أن النائب إنما سافر ليقبض على نائب بيروت، فهرب في البحر.
وفي هذه الأيام طلب القاضي الشافعي من شهاب الدين الرملي، ألف درهم، فتقاعد، ثم أكّد عليه، فأتى بخمسمائة، ثم طلب خطّه بذلك، فاغتاظ، فعزله، وولّي نيابة الإمامة بالأموي لتقي الدين القاري، وقد وعده فيها بمبلغ كبير.
وفيها ورد المرسوم الشريف بإعادة الحجوبية الكبرى لصنطباي، بعد أن ولّيت لغيره، وأتى متسلّمه وحكم؛ وقد كان ملك الأمراء بجسر زينون، فسافر الساعي إليه بالمرسوم ليعلم ذلك.
وفيها كثرت علّة الزكام في الناس، وفي بعضهم بزيادة سعال. - وفي يوم الجمعة خامس عشريه، بعد صلاتها بالأموي، نادى مناد على السدة بالصلاة غائبة على قاضي القضاة عبد البرّ بن الشحنة الحنفي، فصلّينا عليه تقليداً للشافعي، ولم يثن الناس عليه خيراً، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الأربعاء ثاني رمضان منها، رجع النائب إلى دمشق، بعد أن قبض على جماعة من أكابر بيروت، لهروب نائبها منه. - وفي ليلة يوم الاثنين سابعه توفي فجأة السيد عمر البوصيني ثم المزّي ثم الدمشقي الحبال، بحانوته بباب الجابية، الساكن بزقاق ابن العلاف بميدان الحصى، في بيت الصالح محمد القلم، الذي أيّد له شيخه ومحبّه تقيّ الدين الحصني البوصيني بالعلم بالعين، ثم وقفها قبل موته على ولده العالم الصالح عمر المولّه، ثم على ذريته على زاوية شيخ الإسلام تقيّ الدين الحصني بالشاغور جوار المزار؛ وهذا الرجل المتوفى من أقارب الشيخ تقي الدين المذكور، فأسكن بها إلى أن توفي ليلتئذ، وغسل وكفن وحمل وصلّي عليه بباب هذه الزاوية، التي أحدثها المحبّ ابن أخي الشيخ تقيّ الدين الحصني، ثم حمل
ودفن بتربة مسجد الذبان، المشهورة بتربة الأشراف، عن نحو ستين سنة، ولم يكن له حظ من محمد بن محبّ الدين المذكور، وقد توفي بعده ليلة الأربعاء ثاني عشرين شوال منها.
وفي يوم الاثنين المذكور لبس القاضي الشافعي الولوي بن الفرفور، خلعة الرضى عليه من المقام الشريف، بشفاعة النائب، بعد إشاعة عزله بخاله المحب بن الخيضري، ناظر الجوالي يومئذ، من حضرة النائب بدار السعادة، ثم خرج وركب معه القضاة والمباشرون على العادة، خلا القاضي المالكي فإنه متوعك.
وفي هذه الأيام شورك بين تقي الدين القاري، وشهاب الدين الرملي، في إمامة جامع الأموي نيابة، بعد أمور جرت في حق كل منهما. وفي يوم الأربعاء سادس عشره سقط الولد المراهق محمد بن المعلم علي المعمار، المعروف بالأكشر، من مكان عال فمات، وحزن الناس عليه، ولم يكن والده من دفنه حتى أخذ منه مال.
وفي يوم الخميس سابع عشره دخل من مصر إلى دمشق الأمير أينال باي دوادار سكين، بعثه المقام الشريف لعمارة قبة يلبغا، ولعمارة المصطبة، ولعمارة قصره، ولعمارة جميع القلاع، وبيع ما يحتاج إلى بيعه فيها.
وفي يوم الخميس رابع عشريه سافر النائب للسلام على الودادار الكبير طومان باي؛ والقلعة قد شرع نائبها في تحصينها؛ وقد غلت أسعار الدبس والزيت والسيرج والناس في كلام مختلف.
وفي هذه الأيام ثبت على البرهان بن الإخنائي، بشهادة الأمير ابن الشيباني، والمؤذن، للنائب العطيبي الأطروش، أنهما رأيا هلال رمضان ليلة الاثنين، وأن العيد يوم الأربعاء، قال شيخنا المحيوي النعيمي: والحال أني رايته عشية الثلاثاء ليلة الأربعاء قد غاب قبل آذان العشاء، فدل على أنه ابن ليلتين، ليلة الثلاثاء وليلة الأربعاء فلو كان ابن ثلاث ليال لم يغب إلا بعد العشاء.
وأيضاً المنجمون وافقوا على ذلك، إلا أن العيد يوم الأربعاء لنقصانه، فأوله الثلاثاء وآخره الثلاثاء، والعجب أنه رئي بكرة يوم الاثنين ثامن عشري رمضان عالياً بحيث قطع العوام أن العيد الخميس؛ ثم في ليلة الأربعاء حصل غيم كثير فلم ير، فعيد الناس بوم الأربعاء سابع تشرين الثاني، ثم رئي ليلة الخميس ثاني العيد كبيراً، واستمر إلى قبيل العشاء كما رأيته ثاني ليلة من رمضان، انتهى.
والحال أن النائب قد اجتمع بالداودار الكبير ببيسان من الغور، والغرب كثير بدمشق، سيما الأروام، لأن أمير الحاج منعهم من السفر إلا معه. وفي يوم الأحد خامسه شهر شوال وقع المطر الجديد، وجرت منه المزاريب، وفرح الناس به لغلاء سعر الحب.
وفي ليلة الثلاثاء سابعه توفي الرجل الخير عبد القادر الأجرود، بمحلة قصر الجنيد، وهو الذي عمر مسجد الطواشي، غربي أواخر مصلى العيدين، على هذه الهيئة التي هو فيها، عن غير والد، فأحاط جماعة الأستادار الحرك على جاريتيه السود، فحصل بهم نحو ألف درهم.
وفي ليلة الاثنين ثالث عشره دخل من مصر إلى دمشق خاصكي، وجماعة صحبتهم فيلان كبيران، دخلوا ليلاً. وفي يوم الخميس سادس عشره دخل ملك الأمراء إلى دمشق، راجعاً من السلام على الدوادار الكبير بمصر، بخلعة بطراز، ومعه القضاة الأربعة، وعليهم خلع أيضاً وقدامهم الفيلان اللذان دخلا دمشق، وكان يوماً حافلاً.
وفي يوم السبت ثامن عشره خرج المحمل والصنجق السلطاني، وأمير الحاج أمير ميسرة أصباي، وخرج معه القضاة على العادة، وتوجه معه عمي مفتي دار العدل جمال الدين بن طولون الحنفي، وفي وقت تحميله وقت القبة الشرقية من قبتي الجركسية قرب منزله. وبعد الظهر حصل رعد ومطر كثير كأفواه القرب من جهة الشمال، ولم يقع على المحمل وجماعته الخارجين، ثم تواصل المطر عليهم وعلى غيرهم.
وفي ليلة الثلاثاء ثاني عشيه نزل الحرامية، وقيل إنهم الدمامرة، على شمس الدين محمد بن البانياسي، شيخ زاوية ابن داود، بعد فراغ وقتها بها بالصالحية، فقتلوه، وجهز ثاني يوم، ودفن شمالي الزاوية المذكورة.
وفي يوم الاثنين سابع عشريه أتى السوقة وغيرهم من المزيريب، وأخبروا بكثرة المطر والوحل، لكن الأسعار رخيصة، ولما وصلوا إلى غزة صودروا من العرب بعد أن جمعوا عليهم، إلى أن صالحوهم على مال جبي لهم، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الاثنين ثالث ذي القعدة منها، قبض على الأستادار الحرك وعوقب، وأقيم مكانه البرددار محمد البقيني بالأمانة، ثم هرب بعد أيام، ثم حضر بعد أيام. وفي ليلة الاثنين
رابع عشره، شاع بأنه قتل جماعة من جماعة الحرك، وأخذ ما معهم؛ وأن جماعة من جماعة ابن علاق نزلوا على طاحون النحلة، فأخذوا شيئاًَ كثيراً، وعروا جماعة من اليهود بها، ثم هربوا، فقبض عليهم أهل البويضة.
وفي ليلة السبت ثالث عشريه وضع بعض اللصوص بنجاً في سنبوسكتين ووضعهما خلف صبار بعض العوام العذاب، الذي له بعد غنية، فلما جاء ودخل بينة وجد السنبوسكتين، فأكلهما، فلما جاء الليل أغمى عليه وعاين الموت، فاستغاث بالجيران، فبات بعضهم عنده، فجاء اللص المذكور وخلع الباب ليدخل عليه فيأخذ ماله، فاستغاث الذي بات عنده، فهرب اللص.
وفي هذه الأيام حصل للغنم مرض، فمات غنم كثير، وغلا سعر اللحم، ولا قوة إلا بالله.
وفي بكرة يوم الاثنين خامس عشريه دخل من مصر إلى دمشق نقيب قلعتها، واسمه خير بك، وتلقاه النائب وبقية المباشرين على العادة، بغير تشريف.
وفيه وسط النائب مملوكاً، قتل مملوكاً مثله. وفي يوم الجمعة تاسع عشريه، عقيب صلاتها بالجامع الأموي، صلوا على ثلاثة غائبة، المحب إمام المسجد الأقصى والصالح سيف الدين القدسي، والشيخ أبو شعر الرملي.
وفي يوم الثلاثاء رابع ذي الحجة منها، أخرج أحمد بن الحرامي البيطار زوجته في آخر الليل، بعد أن استحل منها ما حرم الله، ميتة، من بابه الشمالي، ولم يغسلها، وطلع بها من حارة ابن سعود إلى المقابر، فدفنها من غير كفن، قابله الله، ولم يعلم بموتها أحد.
وفي ليلة الاثنين عاشره بات الناس أن غداً يوم عرفة، لقلة اعتناء القضاة بأمر الدين؛ ثم في أوائل الربع الأول من الليل، بعث القاضي الشافعي لملك الأمراء أن غداً العيد، فكبروا وقل من سمعهم، ثم أصبح كثير منهم صياماً، ثم تعارف الناس أنه العيد، فعيدوا يوم الاثنين، وهو موافق لقاعدة: يوم صومكم، يوم نحركم، يوم رأس سنتكم.
وفي هذه الأيام وقع بين القاضي الشافعي وتاج الدين بن الصلتي، فقال للنائب أن ابن الصلتي قتل قتيلين، فجاء وأرضاه، فذهب إلى النائب، فأرضاه وسكته وأصلح ما أفسد.