الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه الكتب توجّه القراءات القرآنية في ثنايا التفسير، عند التعرض للكلمة التي فيها أكثر من قراءة على نحو ما فعل الطبري، ولكن مع اختلافات في المنهج وطريقة العرض.
ومن كتب التوجيه كتب اعتنت بالقراءات الشواذّ، واهتمت ببيان إعرابها ووجهها في اللغة، وانسجامها مع الفصيح من كلام العرب، ومن هذه الكتب:
- المحتسب في تبيين شواذ القراءات والإيضاح عنها: لأبي الفتح بن جني (ت 392 هـ) وهو في توجيه القراءات الشاذة ونسبتها، وتخريجها والتماس عللها وحججها.
- إعراب القراءات الشواذّ: لأبي البقاء العكبري (ت 616 هـ)، وهو يتناول إعراب القراءات الشاذة في القرآن كله من أول الفاتحة إلى آخر سورة الناس، آية آية وسورة سورة، وهو لا يقتصر على إعراب القراءات الشاذة، وإنما يعرب كذلك القراءات السبع والعشر، ويستعين بالآراء النحوية التي يجوز تخريج تلك القراءات عليها، ويستشهد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والشواهد الشعرية والأمثال والحكم، وكانت مهمته في هذا الكتاب تعليل القراءات والتماس وجوهها في العربية (1).
سادسا: علم تراجم القراء (طبقات القراء):
وهو العلم الذي يعتني بالترجمة لمشاهير القراء، وبيان نبذة عن الحياة الشخصية لكل قارئ منهم من حيث سنة ولادته، ووفاته، ورحلاته في طلب العلم، ونشأته العلمية، ونشاطاته العلمية في التأليف والتدريس، وذكر أهم المواقف المؤثرة في حياة كل قارئ منهم.
وقد أخذ التأليف في هذا العلم عدة صور، هي:
الصورة الأولى:
التأليف المتخصص في هذا الفن، وذلك بإفراد تراجم القراء في كتب خاصة، ومن أشهر هذه الكتب كتابان متقدمان، وكتاب متأخر معاصر.
(1) العكبري، إعراب القراءات الشواذ ص 64 - 65، مقدمة التحقيق بقلم محمد السيد أحمد عزوز.
أما الكتابان المتقدمان، فهما: معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار للإمام الذهبي، وغاية النهاية في طبقات القراء للإمام ابن الجزري، وفيما يلي إلقاء الضوء على هذين الكتابين لأهميتهما وتخصصهما، بذكر منهج كل إمام ثم ذكر ثلاثة نماذج لترجمة بعض القراء الوارد ترجمتهم فيهما، وذلك على النحو التالي:
أ- معرفة القراء الكبار: ألفه شيخ الإسلام الذهبي (ت 748 هـ) وترجم فيه لمشاهير القراء من عصر الصحابة إلى عصره رحمه الله، ورتبه على الطبقات فجعله ثماني عشرة
طبقة واحدة، ومع أنه أراد أن يكون كتابه هذا خاصا بالقراء الكبار الذين لهم تراجم حافلة دون غيرهم ممن هم أقل شأنا، إلا أنه كثيرا ما خالف هذا المنهج فترجم لقراء مغمورين، ولقراء مجهولين أيضا.
وقد بلغ عدد الذين ترجم لهم سبعمائة وأربعة وثلاثين قارئا.
- نماذج لبعض الترجمات في المعرفة للذهبي:
1 -
القاسم بن سلام (ت 224 هـ):
قال عنه الذهبي: «أبو عبيد الأنصاري، مولاهم، البغدادي، الإمام أحد الأعلام، وذو التصانيف الكثيرة في القراءات، والفقه، واللغة، والشعر، قال أبو عمرو الداني:
أخذ القراءة عرضا وسماعا عن الكسائي، وشجاع بن أبي نصر، وإسماعيل بن جعفر، وعن حجاج بن محمد، وعن أبي مسهر، وهشام بن عمار.
قال الداني: إمام أهل دهره، في جميع العلوم، صاحب سنة، ثقة مأمون. وكان يجتهد ولا يقلد أحدا، ويذكر في طبقة الشافعي وأحمد وإسحاق، وكان هو أعلمهم بلغات العرب، ومن جلالته، قال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول:
الحق يجب لله، أبو عبيد أفقه مني وأعلم، وقال الحسن بن سفيان، سمعت ابن راهويه يقول: نحن نحتاج إلى أبي عبيد، وأبو عبيد لا يحتاج إلينا.
وقال أبو قدامة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو عبيد أستاذ، وقال الدارقطني:
ثقة، إمام جبل، توفي أبو عبيد سنة أربع وعشرين ومائتين» (1).
(1) الذهبي، معرفة القراء (1: 170)، وما بعدها.
2 -
محمد بن جرير الطبري (310 هـ):
ولد سنة أربع وعشرين ومائتين، ورحل في طلب العلم، وله عشرون سنة.
قال عنه الذهبي: «الإمام أبو جعفر، صاحب المصنفات والتفسير والتاريخ، قرأ القرآن على سليمان بن عبد الرحمن الطلحي، صاحب خلاد، وسمع حرف نافع من يونس بن عبد الأعلى
…
قال الخطيب: كان أحد أئمة العلم يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، عارفا بأيام الناس وأخبارهم.
وقال أبو محمد الفرغاني صاحب ابن جرير: إن قوما من تلامذة محمد بن جرير، حسبوا له منذ بلغ الحلم إلى أن مات، ثم قسموا على تلك المدة أوراق مصنفاته، فصار لكل يوم أربع عشرة ورقة، توفي سنة عشر وثلاث مائة» (1).
3 -
أبو عمر الطلمنكي (ت 429 هـ):
قال عنه الذهبي: «أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى لب بن يحيى المعافري الأندلسي، المقرئ الحافظ، نزيل قرطبة، ولد سنة أربعين وثلاث مائة.
وكان رأسا في علم القرآن، قراءاته وأحكامه وناسخه ومنسوخه ومعانيه، رأسا في معرفة الحديث وطرقه، حافظا للسنن، ذا عناية بالآثار والسنة، إماما في أصول الديانات، ذا هدي وسمت، ونسك، وصمت.
قال أبو عمرو الداني: كان فاضلا ضابطا، شديدا في السنة.
وقال ابن بشكوال في كتاب «الصلة» : كان سيفا مجردا على أهل الأهواء والبدع، قامعا لهم، غيورا على الشريعة، شديدا في ذات الله، توفي سنة تسع وعشرين وأربع مائة» (2).
(1) الذهبي، معرفة القراء الكبار (1: 265 - 266).
(2)
الذهبي، معرفة القراء الكبار (1: 385 - 386).
من خلال استقراء كتاب معرفة القراء الكبار يتبين أن منهج الإمام الذهبي في إيراده التراجم كان على النحو التالي:
1 -
قسم الكتاب إلى طبقات بحسب الفترة الزمانية التي عاش فيها القارئ.
2 -
يذكر اسم القارئ، ونسبه، ويصدر الترجمة عادة بذكر أهم الألقاب التي أطلقت عليه: كالإمام، الحافظ، القارئ، الإمام العلم، مقرئ الكوفة، الكوفي، القارئ العابد أحد الأعلام، وعن الحسن البصري قال:«سيد أهل زمانه علما وعملا، المقرئ المفسر أحد الأعلام» ، وعن علي بن داود الدارني قال:«إمام جامع دمشق ومقرئه» (1).
3 -
يذكر أهم الشيوخ الذين تلقى عنهم القارئ القرآن والقراءات بالسند المتصل.
4 -
يتبع ذلك بذكر أهم التلاميذ الذين أخذوا عنه القرآن والقراءات، ومن منهج الإمام الذهبي أنه لا يستطرد في ذكر الشيوخ والتلاميذ كصنيع الإمام ابن الجزري في غاية
النهاية.
5 -
يذكر أهم الروايات المتعلقة بسيرة الإمام العلمية والعملية، وبعض مجهوداته في القراءة والإقراء، وبعض المواقف التعليمية، ومواقف القدوة.
6 -
يختم الترجمة بذكر سنة الوفاة، ومكانها، وذكر الخلاف في ذلك إن وجد.
ب- غاية النهاية في طبقات القراء: للحافظ ابن الجزري (ت 833 هـ) اختصره من كتابه الكبير الذي سماه نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات، واستوعب فيه جميع التراجم التي وردت في كتاب أبي عمرو الداني وكتاب الذهبي وزاد عليهما نحو الضعف (2)، ورتبه على حروف المعجم مبتدئا بحرف الألف ثم الباء ثم التاء وهكذا، وبعد أن يذكر أسماء القراء مرتبين في الحرف الواحد، يذكر المنسوبين والملقبين، أي من اشتهروا بنسبتهم أو ألقابهم، ولا يترجم لهم عادة بل يذكر النسبة أو اللقب وبجانبه الاسم ليبحث الباحث عنه في اسمه بحسب الحرف كأن يقول مثلا: الآمدي أحمد بن عبد الله (3) فيعرف الباحث أن الآمدي ستكون ترجمته فيمن اسمه أحمد.
(1) الذهبي، معرفة القراء الكبار (1: 366).
(2)
ابن الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء (1: 3).
(3)
ابن الجزري، غاية النهاية (1: 174).
ثم بعد ذلك يذكر الأبناء، وبالطريقة نفسها فيقول مثلا: ابن الأحدب محمد بن محمد بن عبد الملك (1) وهكذا.
- نماذج لبعض الترجمات من غاية النهاية:
1 -
أبو عمرو الداني (ت 444 هـ):
ثم ذكر جملة من شيوخه الذين أخذ عنهم القراءة، وجملة من تلاميذه الذين تلقوه القراءة عنه.
«قال ابن بشكوال: كان أحد الأئمة في علم القرآن، ورواياته، وتفسيره، ومعانيه، وطرقه، وإعرابه، وجمع في ذلك تواليف حسانا يطول تعدادها، وله معرفة بالحديث وطرقه، وأسماء رجاله ونقلته، وكان حسن الخط جيد الضبط من أهل الحفظ والذكاء والتفنن دينا تقيا ورعا سنيا.
قال بعض الشيوخ: لم يكن في عصره بمدد أحد يضاهيه في حفظه وتحقيقه، وكان يقول: ما رأيت شيئا إلا كتبته، ولا كتبته إلا حفظته، ولا حفظته فنسيته، وكان يسأل عن المسألة مما يتعلق بالآثار، وكلام السلف، فيوردها بجميع ما فيها مسندة من شيوخه إلى قائلها»، قال ابن الجزري: «ومن نظر كتبه علم مقدار الرجل، وما وهبه الله تعالى فيه، فسبحان الفتاح العليم، ولا سيما كتاب جامع البيان فيما رواه في القراءات السبع، وله كتاب التيسير المشهور ومنظومته الاقتصاد أرجوزة مجلد
…
»
ثم ذكر جملة من مصنفاته.
(1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 175).
قال ابن الجزري: «توفي الحافظ أبو عمرو بدانية يوم الاثنين منتصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ودفن من يومه بعد العصر، ومشى صاحب دانية أمام نعشه، وشيعه خلق عظيم رحمه الله تعالى» (1).
2 -
مكي بن أبي طالب (437 هـ):
قال ابن الجزري: «مكي بن أبي طالب بن حيوس بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي، إمام علامة محقق عارف أستاذ القراء والمجودين، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان» ، ثم ذكر شيوخه وتلاميذه، «قال أحمد بن مهدي المقري: كان من أهل التبحر في علوم القرآن والعربية وحسن الفهم والخلق، جيد الدين والعقل، كثير التأليف في علوم القرآن محسنا مجودا عالما بمعاني القراءات».
3 -
الإمام الشاطبي (590 هـ):
القاسم بن فيرة بكسر الفاء بعدها ياء آخر الحروف ساكنة؛ ثم راء مشددة مضمومة بعدها هاء، ومعناه بلغة عجم الأندلس: الحديد، ابن خلف بن أحمد أبو القاسم، وأبو محمد الشاطبي الرعيني الضرير، ولي الله الإمام العلامة أحد الأعلام الكبار والمشتهرين في الأقطار، ولد في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بشاطبة من الأندلس، وقرأ ببلده القراءات وأتقنها على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النفري.
وكان إماما كبيرا أعجوبة في الذكاء كثير الفنون آية من آيات الله تعالى غاية في القراءات حافظا للحديث بصيرا بالعربية إماما في اللغة، رأسا في الأدب مع الزهد والولاية والعبادة.
(1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 503 - 504).
(2)
ابن الجزري، غاية النهاية (2: 309 - 310).
ورحل فاستوطن قاهرة مصر، وأقرأ بها القرآن، وبها ألف قصيدته هذه يعني الشاطبية، وذكر أنه ابتدأ أولها بالأندلس إلى قوله: جعلت أبا جاد، ثم أكملها بالقاهرة.
وقال ابن الجزري: ومن وقف على قصيدتيه علم مقدار ما آتاه الله في ذلك خصوصا اللامية التي عجز البلغاء من بعده عن معارضتها، فإنه لا يعرف مقدارها إلا من نظم على منوالها، أو قابل بينها، وبين ما نظم على طريقها، ولقد رزق هذا الكتاب من الشهرة والقبول ما لا أعلمه لكتاب غيره في هذا الفن، بل أكاد ولا في غير هذا الفن فإنني لا أحسب أن بلدا من بلاد الإسلام يخلو منه، بل لا أظن أن بيت طالب علم يخلو من نسخة منه.
توفي رحمه الله تعالى في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة بالقاهرة ودفن بالقراءة بين مصر والقاهرة (1).
ومن خلال استقراء كتاب غاية النهاية يتبين أن منهج الإمام ابن الجزري في إيراده التراجم لا يخرج عن منهج الإمام الذهبي في معرفة القراء الكبار غير أننا نجد الفروقات التالية:
1 -
عند ذكره الألقاب التي أطلقت على الإمام أو يطلقها عليه هو، نجده يتوسع في ذلك عما عليه الإمام الذهبي.
2 -
توسع الإمام ابن الجزري في ذكر شيوخ وتلاميذ القراء بصورة أكبر مما عليه ذكر الإمام الذهبي للشيوخ والتلاميذ.
3 -
بالمقارنة بين ما أورده الإمام الذهبي وابن الجزري في تراجم القراء، فإننا نجد أن ابن الجزري ينقل عامة ما ذكره الإمام الذهبي في المعرفة بدون زيادة غالبا.
4 -
توسع الإمام ابن الجزري في ذكر الكتب التي ألفها كل قارئ من القراء الذين أورد تراجمهم، ولا نجد هذا الجانب واضحا في صنيع الإمام الذهبي.
ومن الملاحظ أن كتب تراجم القراء وطبقاتهم فيها قصور بصفة عامة، من وجوه:
(1) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 20 - 23).
أولا: لم نجد من ألف بعد ابن الجزري في تراجم القراء مصنفا خاصا بالقراء الذين عاشوا بعده، إلا ما ألفه الدكتور محمد سالم محيسن وسيأتي الحديث عنه.
ثانيا: أن الكتب المشهورة ككتاب الذهبي وابن الجزري أغفلت كثيرا من القراء ولم تشر إليهم، فالحاجة إلى كتب التراجم متجددة ومستمرة.
ثالثا: أن كتابي الذهبي وابن الجزري- رحمهما الله تعالى- قد أعطيا صورة فيها بعض الغموض لدى الترجمة لبعض القراء، بمعنى: أن النصوص الواردة في ترجمة إمام من الأئمة لا تعطي تصورا شاملا عن الشخصية من جوانبها المختلفة، وفي بعض الترجمات لا يذكر فيها إلا سنة الولادة والوفاة ونزر يسير من الشيوخ والتلاميذ، دون التعرض لأي جانب من الجوانب المهمة في حياة الإمام.
رابعا: يلاحظ أن ما ذكره الإمامان في بعض التراجم ليس فيه شيء له صلة بحال الإمام في القراءة والإقراء.
خامسا: ليس في التراجم رسم منهجية متواضعة أو متقدمة متعلقة بالقراءة أو الإقراء، وقد خلت هذه التراجم من التعليق على النصوص، والتحليل للمصطلحات التي يذكرها المترجم، وكان المتوقع في مثل هذه الكتب أن تعنى بالجوانب المنهجية المتعلقة بسيرة الأئمة في القراءة والإقراء، وهذا يدعو الباحثين في زماننا إلى ضرورة إعادة النظر في ما كتبه علماؤنا الأجلاء في طبقات القراء، وصياغتها صياغة جديدة يراعى فيها ما يلي:
1 -
لم يذكر الإمامان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في القراءة والإقراء في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم هو سيد القراء مطلقا، ولذلك فإن دراسة متأنية لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة كيف يتلقون القرآن، وكيف يؤدونه، يحتاجها المتخصصون، وطلاب الدراسات القرآنية والمتخصصون في الشريعة بشكل عام.
2 -
الشمول والإحاطة في السيرة الشخصية والعلمية والعملية للإمام.
3 -
العناية بالمصطلحات في علم القراءات والتي يمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: مصطلحات قديمة، وما زالت مستعملة إلى يومنا هذا بمعناها القديم، مثل مصطلح: الأحرف السبعة، والعرضة الأخيرة، والرواية، والتلقي،
والحرف، القسم الثاني: مصطلحات قديمة، وبقيت مستعملة في زماننا، ولكن معناها قد تغير مثل مصطلح الاختيار، فقد كان يعنى في الأزمنة الأولى اختيار رواية وتلق وأداء، بخلاف معنى هذا المصطلح في زماننا: فإنه يعني أصل الأخذ بالرخصة الواردة في الأحاديث الواردة في الأحرف السبعة، وأنه اختيار أداء وقراءة، لا اختيار رواية، القسم الثالث: مصطلحات قديمة، واندثرت، ولم يبق لها وجود، كقراءة العامة، القسم الرابع: مصطلحات لم تكن موجودة من قبل، ولكنها نشأت متأخرة نظرا لنشوء المصطلحات في كافة الفنون، ومنها: مصطلح توجيه القراءات، تحرير القراءات، وغيرهما كثير، مما يتطلب من الكاتبين في تراجم القراء أن يحللوا كل مصطلح من هذه المصطلحات، ويوضحوا معناها، وموقع هذا المصطلح من علم القراءات قديما وحديثا.
4 -
تحليل النصوص التي أوردها الإمامان الذهبي، وابن الجزري، واستخراج المصطلحات القرآنية والمتعلقة بعلم القراءات، وتدوينه، وبيان معانيها، والوقوف على معاني هذه النصوص والتعليق عليها بما يزيل إيهام بعض العبارات فيها، واستنتاج منهاج القراء في القراءة والإقراء.
5 -
نفي الشبهات الواردة على بعض هذه النصوص، فبعض النصوص قد يفهم منها معنى غير مراد، كاختيار بعض القراء رواية معينة، أو اختيارها بسبب وجاهتها في العربية، ومن ذلك ما ذكر عن الإمام أبي عمرو بن العلاء، «قال اليزيدي:
كان أبو عمرو قد عرف القراءات، فقرأ من كل قراءة بأحسنها، وبما يختار العرب، ومما بلغه من لغة النبي صلى الله عليه وسلم وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل» (1) فهذا النص يشير إلى مصطلحات وإشكالات ينبغي تجليتها والوقوف على معناها، وهي بلا ريب تتطلب توجيها وتفصيلا، كقراءة أبي عمرو بأحسن القراءات، فما الحسن المقصود هنا، وما علاقاته بالرواية والتلقي، وما موقف القراء من هذه القضية شكلا ومضمونا، كل هذه تساؤلات على الباحثين المعاصرين الإجابة عنها بما هو متعارف عليه في قواعد علم القراءات
…
(1) الذهبي، معرفة القراء الكبار (1: 102).