الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث شروط القراءة الصحيحة، وأنواع القراءات
بناء على ما تقدم: فقد نشأ مفهوم القراءات القرآنية، وهي تنقسم عند القراء إلى قسمين في الجملة (1).
القسم الأول: القراءة المتواترة
(2):
وهي القراءة التي توفرت فيها ثلاثة أركان وهي شروط القراءة الصحيحة المقروء بها:
1 -
موافقة وجه صحيح في اللغة العربية: أي موافقة القراءة للقواعد والآراء النحوية المستقاة من النطق العربي الفصيح (3).
2 -
موافقة أحد المصاحف التي أرسلها عثمان بن عفان رضي الله عنه للأمصار، والرسم العثماني: هو كيفية كتابة الحروف والكلمات القرآنية بما يوافق ما استقر عليه أمر القرآن في العرضة الأخيرة، والتي سبق التفصيل فيها في جمع عثمان رضي الله عنه القرآن الكريم، وكانت غاية رسم المصحف بهذه الكيفيات نفي الروايات التي لم تثبت قرآنيتها؛ أي: لإخراج القراءات الشاذة والآحادية (4)، وسيأتي تفصيل لتعريف علم الرسم، وأهم المصنفات فيه في مبحث العلوم المتعلقة بالقراءات.
3 -
حصول التواتر: وهو رأي جمهور القراء وهو قول الأصوليين والفقهاء (5).
(1) ابن الجزري، منجد المقرئين، ص 15 وما بعدها.
(2)
التواتر عند الأصوليين يعني: «خبر عدد يمتنع معه لكثرته تواطؤ على الكذب عن محسوس، أو خبر عن عدد كذلك إلى أن ينتهي إلى محسوس» ، انظر: ابن النجار الفتوحي، شرح الكوكب المنير (2: 324).
(3)
الدكتور عبد الهادي الفضلي، القراءات القرآنية، تاريخ وتعريف، ص 121 - 122.
(4)
الدكتور عبد الهادي الفضلي، القراءات القرآنية، تاريخ وتعريف، ص 114.
(5)
الصفاقسي، غيث النفع في القراءات السبع، ص 17، والشيخ عبد الفتاح القاضي، القراءات الشاذة وتوجيهها من لغة العرب، ص 7، والآمدي، الإحكام في أصول الأحكام (1: 160)، وابن
وخالف مكي بن أبي طالب، وابن الجزري في اشتراط التواتر ركنا في القراءة الصحيحة، وقالا: إن صحة الإسناد مع الاشتهار تكون كافية لإثبات القراءة القرآنية، إضافة إلى الركنين الآخرين وهما موافقة سنن العربية وموافقة الرسم العثماني (1).
ووجه الفرق بين الفريقين بالنسبة للركنين الآخرين سوى التواتر: أن الركنين الآخرين عند القائلين بالتواتر، هما ركنان لازمان للتواتر، بمعنى: أن القراءة المتواترة لا بد فيها من تحقق الشرطين الآخرين بطريق التّبع.
بخلاف القائلين: بأن التواتر ليس شرطا في صحة القراءة فإن الركنين الآخرين يعتبران ضروريين لاعتبار صحة القراءة فكون القراءة وردت بطريق الآحاد لا يكفي لاعتبار صحة القراءة بالحرف المروي.
وحينئذ يظهر: أن الخلاف بين الفريقين خلاف مؤداه واحد، ذلك أن الفريقين يشترطان التواتر لاعتبار إثبات القراءة وبيان ذلك: أن القائلين بالتواتر يعتبرون الشرطين الآخرين بمنزلة تحصيل الحاصل وتابع لتواتر الرواية، وكذلك الحال بالنسبة للقائلين بصحة السند مع الاشتهار، مع موافقة الوضع العربي والرسم العثماني، فإن هذين الشرطين يعطيان الرواية الصحيحة المشتهرة قوة التواتر فيأتلف الكلام حينئذ ولا يختلف.
الحاجب، منتهى الوصول والأمل، ص 46، وابن السبكي، جمع الجوامع مع حاشية العطار عليه (1: 297)، والتفتازاني، شرح التلويح على التوضيح على متن التنقيح (1: 26 - 27)، والغزالي، المستصفى (1: 101)، وعبد العلي الأنصاري، فواتح الرحموت (1: 7)، والشوكاني، إرشاد الفحول، ص 30.
(1)
مكي بن أبي طالب، الإبانة عن معاني القراءات، ص 57 وما بعدها، وابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 14)، ولذلك قال ابن الجزري:
فكلّ ما وافق وجه نحو
…
وكان للرّسم احتمالا يحوي
وصح إسنادا هو القرآن
…
فهذه الثلاثة الأركان
انظر: طيّبة النشر، ص 9، وانظر: الشيخ عبد الفتاح القاضي، حول القراءة الشاذة والأدلة على حرمة القراءة بها، ص 15.