الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: قرأت آية، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه خلافها، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ألم تقرئني آية كذا وكذا، قال: بلى. فقال ابن مسعود: ألم تقرئنيها كذا وكذا، فقال: بلى كلاكما محسن مجمل، قال: فقلت له: فضرب صدري فقال: يا أبيّ بن كعب إني أقرئت القرآن، فقيل لي: على حرف أو على حرفين؟ قال: فقال الملك الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقال: على حرفين أو ثلاثة؟ قال الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت:
غفورا رحيما، أو قلت: سميعا عليما، أو عليما سميعا، فالله كذلك، ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب (1).
7 -
ثانيا: أقوال العلماء في معنى الأحرف السبعة
: قبل البدء باستعراض أقوال العلماء في معنى الأحرف السبعة لا بد من طرح بعض التساؤلات بين يدي الموضوع توطئة لبيان المعنى الذي يبدو راجحا في معناها.
(1) الإمام أحمد، المسند، حديث رقم (21187)، (5: 124).
(2)
صحيح مسلم (6: 101 - 103) رقم الحديث 820.
هل نصّ النبيّ صلى الله عليه وسلم على معنى الأحرف السبعة؟ وهل نصّ أحد من رواة الحديث على ذلك؟ وهل عرف الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وهم الصدر الأول معناها؟ أم أن معناها كان غير واضح لديهم؟
أما الجواب عن السؤالين الأولين، فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص على معنى الأحرف السبعة، ولا نصّ أحد من رواة الحديث كذلك.
قال ابن العربي: «لم يأت في معنى هذه السبع نص ولا أثر، واختلف الناس في تعيينها» (1).
أما أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم عرفوا معناها أو لم يعرفوا، فنقول بادئ بدء: بأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولا شك أن الأمة- وقتئذ- محتاجة لمعرفة معنى الأحرف السبعة لكي تتمكن من الإتيان بالرخصة، وهي القراءة وفق الأحرف السبعة وقد عمل الصحابة بهذه الرخصة.
ولذلك، فان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم لم يبيّنوا حقيقتها لأحد أمرين لا ثالث لهما:
الأمر الأول: أن معنى هذه الأحرف السبعة واضح عندهم مما جعلها غير محتاجة للبيان والتفسير؛ ولذلك لم يرد في شيء من روايات الحديث على تعددها وكثرتها أن أحدا سأل عن معناها، وقد اطلعوا عليها وعملوا بها، وهذا أقرب الأمرين إلى النصوص الواردة في معنى الأحرف السبعة.
الأمر الثاني: أن معنى هذه الأحرف السبعة غير واضح عندهم مع تعسّر فهمها لكثرتها وتشعّب فروعها مما احتاج مع ذلك إلى بحث واستقصاء قام به اللاحقون، وهذا قول يتناقض ومعنى الرخصة والتوسعة على الأمة، فقد فهموا معناها وعملوا بها، وحصل المقصود منها (2).
(1) الزركشي، البرهان في علوم القرآن (1: 212).
(2)
د. عبد العزيز القارئ، حديث الأحرف السبعة وصلته بالقراءات القرآنية، ص 77 - 78، وانظر نحوا من هذا الكلام بصورة موجزة مقتضبة: د. محمد سالم محيسن، القراءات وأثرها في علوم العربية (1: 26).
ولا بد من التنبيه على أن الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ليست هي القراءات السبع التي اشتهرت في الأمصار باتفاق القراء (1)، بل هي جزء من الأحرف السبعة، وقد نقل ابن الجزري عن غير واحد من العلماء أنهم كرهوا ما فعله ابن مجاهد، فقال: «
…
ولذلك كره كثير من الأئمة المتقدمين اقتصار ابن مجاهد على سبعة من القراء، وخطّئوه في ذلك، وقالوا: ألا اقتصر على دون هذا العدد أو زاده أو بيّن مراده ليخلص من لا يعلم من هذه الشبهة
…
» (2).
وهذه أهم الأقوال التي قيلت في معنى الأحرف السبعة وقد بلغت أربعين قولا، كما حكى ذلك القرطبي والسيوطي وغيرهما (3):
1 -
أن هذا الحديث من المشكل المتشابه الذي لا يعلم معناه، وذلك لأن (الحرف) مشترك لفظي يصدق على معان كثيرة، وهو ينسب إلى ابن سعدان النحوي.
ويناقش هذا القول بأن الأحرف السبعة، هي كيفيات قد عمل بها الصحابة، ونقلوها إلى الآفاق رواية وتحملا وأداء، ولو كانت من المتشابه الذي لا يعلم معناه، لما عملوا بها، فإن التمكن من العمل بالرخصة، وهي نزول القرآن على سبعة أحرف، يلزمه معرفة معناها، أو كيفية أدائها، فيبعد حينئذ أن تكون الأحرف السبعة من المتشابه الذي لا يعرف معناه.
(1) وهي قراءة نافع المدني، وابن كثير المكي، وابن عامر الشامي، وأبي عمرو البصري، والكوفيين الثلاثة: عاصم وحمزة والكسائي.
(2)
انظر هذه المسألة في عامة كتب القراءات وعلوم القرآن، ومنها: ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 36)، وابن الجزري منجد المقرئين، ص 54، ومكي بن أبي طالب، الإبانة عن معاني القراءات، ص 38، وما بعدها، ومناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص 162.
(3)
انظر تفصيل الأقوال في معنى الأحرف السبعة: ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 24) وما بعدها، وابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري (9: 23) وما بعدها، وأبو شامة، المرشد الوجيز، ص 91 وما بعدها، وابن كثير، فضائل القرآن، ص 67، والقرطبي، الجامع لأحكام القرآن، (1: 31) وما بعدها، والقرطبي، التذكار في أفضل الأذكار من القرآن، ص 30، والزركشي، البرهان في علوم القرآن (1: 213 - 227)، والصفاقسي، غيث النفع في القراءات السبع، ص 9 - 15، ومكي بن أبي طالب، الإبانة عن معاني القراءات، ص 80، ود. عبد العزيز ابن عبد الفتاح القارئ، حديث الأحرف السبعة، دراسة لإسناده ومتنه، واختلاف العلماء في معناه، وصلته بالقراءات القرآنية، ص 78 - 79، والزرقاني، مناهل العرفان (1: 153 - 183).
ثم إنه لا يسلم أن المشترك اللفظي لا يدرى أي معانيه هو المقصود؟ بل إن المشترك اللفظي يدل على معناه المقصود متى قامت قرينة تعين ذلك المعنى، ومن الأحاديث السابقة في معنى الأحرف السبعة تبين أن المقصود بالحرف معنى من معانيه على التعيين، وهو الوجه الأدائي، أو كيفية الأداء، وهذه الأوجه هي التي يرجع إليها الاختلاف في قراءة ألفاظ القرآن الكريم (1).
2 -
أن حقيقة العدد ليست مرادة لأن لفظ السبعة يطلق في لسان العرب، ويراد به الكثرة في الآحاد، وهذا القول ينسب إلى القاضي عياض.
ويناقش هذا القول: بأن العدد مراد في الحديث بدليل استزادة النبي صلى الله عليه وسلم الحروف حرفا حرفا، ويزيده جبريل عليه السلام، فلو لم يكن العدد مرادا، لما
توقف العدد عند سبعة.
3 -
أن المقصود سبعة أصناف من المعاني والأحكام هي: الحلال والحرام، والأمر والزجر، والمحكم والمتشابه، والأمثال، وقيل: الحلال والحرام، والمحكم والمتشابه، والأمثال، والإنشاء، والإخبار، وقيل: الناسخ والمنسوخ، والخاص والعام، والمجمل والمبين، والمفسر، وقيل: الوعد والوعيد والمطلق والمقيد، والتفسير، والإعراب والتأويل، وقيل غير ذلك.
ويناقش هذا القول: بأن الصحابة رضي الله عنهم قد اختلفوا وترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما ثبت في حديث عمر وهشام وأبيّ بن كعب، وابن مسعود وعمرو بن العاص، وغيرهم، فلم يختلفوا في تفسيره ولا في أحكامه، ولكنهم اختلفوا في قراءة حروفه، وكيفية أدائه.
واحتج بعضهم لهذا القول بما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نزل الكتاب الأول من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف زاجرا وآمرا، وحلالا، وحراما، ومحكما، ومتشابها، وأمثالا، فأحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه،
(1) الزرقاني، مناهل العرفان (1: 172).
واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا» (1).
وقد أجيب عن هذا الحديث بثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن هذه السبعة غير السبعة الأحرف التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث، فقد فسرها في هذا الحديث بأنها الحلال والحرام
…
، ثم أكد ذلك بالأمر بقوله: قولوا: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا فدل ذلك على أن هذه غير القراءات.
الأمر الثاني: أن السبعة الأحرف في هذا الحديث هي تفسير للسبعة أبواب، وليست هي عين الأحرف السبعة.
الأمر الثالث: أن قوله: الحلال والحرام
…
لا تعلق له بالسبعة الأحرف، ولا بالسبعة الأبواب، بل هو إخبار عن القرآن، أي هو كذا وكذا.
4 -
أن المراد سبع لغات من لغات العرب الفصحى أنزل القرآن بها فهي متفرقة فيه، فبعضه بلغة قريش وبعضه بلغة هذيل وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن، وهو قول أبي عبيد القاسم بن سلام.
ويناقش هذا القول: بأن هناك بعض الكلمات ليست من اللغات التي عدّوها، بدليل أن القرآن الكريم نزل بلغات كثيرة متعددة ليست منحصرة فيما ذكروا، فمثلا:
لفظ (سامدون) في قوله تعالى: وَأَنْتُمْ سامِدُونَ [النجم: 61] باللغة الحميرية، و (رفث) بمعنى الجماع، بلغة مذحج، وهكذا
…
(2).
5 -
أن المراد سبع لغات من لغات العرب، ثم اختلفوا في تعيينها فقال بعضهم:
قريش، وهذيل، وثقيف، وهوازن، وكنانة، وتميم، واليمن، وقال البعض الآخر: إنها خمس لغات في أكناف هوازن: سعد وثقيف، وكنانة وهذيل، وقريش، ولغتان على جميع ألسنة العرب.
ويناقش القول الرابع والخامس: بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهشام بن حكيم قد اختلفا في قراءة سورة الفرقان كما ثبت في الصحيح، وكلاهما قرشي من
(1) قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وانظر: الحاكم، المستدرك على الصحيحين، حديث رقم (2031) (1: 739).
(2)
الزرقاني، مناهل العرفان (1: 180).
لغة واحدة وقبيلة واحدة، ولو كان المقصود بالأحرف السبعة اللغات المختلفة أو كانت لغات متفرقة، لما اختلف القرشيان، ولغتهما واحدة، فظهر بأنّ المقصود من الأحرف السبعة شيء آخر غير لغات العرب.
6 -
أن المراد هو أنها لغات سبع تكون في الكلمة الواحدة في الحرف الواحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، كقول القائل: هلمّ، وأقبل، وتعال، وإليّ، وقصدي، وقربي، ونحوي
…
، فهذه الألفاظ السبعة: معناها واحد هو:
الطلب والإقبال، وهو منسوب لجمهور أهل الفقه والحديث، منهم: سفيان الثوري، وابن وهب، وهو قول ابن جرير الطبري (1).
واستدلوا بما جاء في حديث أبي بكرة من قوله صلى الله عليه وسلم: «كلّها شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة، ولا آية رحمة بعذاب» ، وما جاء في حديث أبي بن كعب أنه كان يقرأ:«كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ، مروا فيه، سعوا فيه» ، وما جاء عن ابن مسعود أنه كان يقرأ:«لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا، أمهلونا، أخرونا» .
يناقش هذا القول بعدة أمور (2):
الأمر الأول: أن ما ذكر في الأحاديث ليس من قبيل حصر الأحرف السبعة، بل هو من باب التمثيل فقط لما نزل من القرآن الكريم، ويؤيد ذلك قول ابن عبد البر:
«أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها أنها معان متّفق مفهومها، مختلف مسموعها، لا يكون في شيء منها معنى وضده، ولا وجه يخالف معنى وجه خلافا
ينفيه ويضاده، كالرحمة التي هي خلاف العذاب وضده» (3).
الأمر الثاني: أن الواقع الحقيقي للقراءات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم يخالف ما ذهبوا إليه مخالفة صريحة، إذ كثير من أوجه الاختلاف ليست داخلة في معنى الترادف الذي قصروا عليه معنى الأحرف السبعة، وأدنى تأمل للقراءات العشر المتواترة يجد هذا الاختلاف يتجاوز المرادفات اللفظية.
(1) الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن (1: 23).
(2)
الزرقاني، مناهل العرفان، (1: 174) وما بعدها.
(3)
الزركشي، البرهان (1: 221).
الأمر الثالث: أن هذا القول يلزم منه أن الأمة أسقطت واطرحت ستة أحرف، واختارت حرفا واحدا، وفي هذا إهدار لجملة كثيرة للثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن الصواب: أن عثمان رضي الله عنه جمع الناس على العرضة الأخيرة التي عارضها النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام لم يغادر منها حرفا واحدا، وما كان له رضي الله عنه، ولا لغيره فعل ذلك، فإن القرآن بأوجهه المتعددة منزل، منقول إلينا بالتواتر.
فكيف تجمع الأمة على ترك ستة أحرف، ويتوافق الجميع على هذا الترك؟
7 -
أن المراد بالأحرف السبعة: الأنواع التي يقع بها التغاير والاختلاف في الكلمات القرآنية، ولا يخرج عنها ثم اختلفوا في تعيينها وحصرها.
فعند أبي الفضل الرازي- مثلا- هي سبعة أصناف:
1 -
اختلاف أوزان الأسماء من الإفراد والتثنية والجمع.
2 -
اختلاف تصريف الأفعال وما تستند إليه نحو الماضي والمستقبل والأمر، والإسناد إلى المذكر والمؤنث والمتكلم والمخاطب والفاعل والمفعول به.
3 -
وجوه الإعراب.
4 -
الزيادة والنقصان.
5 -
التقديم والتأخير.
6 -
القلب وإبدال كلمة بأخرى أو حرف بآخر.
7 -
اختلاف اللغات من فتح وإمالة وترقيق وتفخيم، وتحقيق وتسهيل، وإدغام وإظهار، ونحو ذلك.
وقريب مما ذهب إليه أبو الفضل الرازي ذهب ابن قتيبة.
وقد درس الإمام ابن الجزري أوجه القراءة، فوجدها لا تخرج عن سبعة أنواع هي:
النوع الأول: في الإعراب بما لا يزيل صورتها في الخط، ولا يغير معناها، ومثاله:«هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ» ، والوجه الثاني:«أَطْهَرُ» .
النوع الثاني: الاختلاف في إعراب الكلمة، وحركات بنائها بما يغير معناها، ولا يزيلها عن صورتها، ومثاله:«رَبَّنا باعِدْ» ، والوجه الثاني:«رَبَّنا باعِدْ» .
النوع الثالث: الاختلاف في حروف الكلمة دون إعرابها، ومثاله:«وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها» ، والوجه الثاني:«ننشرها» .
النوع الرابع: الاختلاف في الكلمة بما يغير صورتها ومعناها، ومثاله:«طَلْعٌ نَضِيدٌ» ، وفي موضع آخر:«وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ» .
النوع الخامس: الاختلاف في الكلمة بما يغير صورتها في الكتاب ولا يغير معناها، ومثاله:«إلا زقية واحدة» ، «صيحة واحدة» .
النوع السادس: الاختلاف بالتقديم والتأخير، ومثاله:«وجاءت سكرة الحق بالموت» ، و «جاءت سكرة الموت بالحق» .
النوع السابع: الاختلاف بالزيادة والنقصان، ومثاله:«وما عملت أيديهم» و «عملته» .
وهذا القول بما يتضمنه من تفصيلات واستقراء للقراءات القرآنية، ومحاولة تحديد معنى الأحرف السبعة، يعتبر أقرب الأقوال لمعنى الأحرف السبعة، بيد أنه لا يعطي تعريفا شاملا لحقيقة الأحرف السبعة.
ورغم تعدد وجهات النظر التي يوردها القدماء في معنى الحديث، والتي بلغ بها السيوطي نحوا من أربعين قولا، فإن الحديث- بمختلف رواياته- لا ينص على شيء منها
…
، وكذلك فإنه لم يثبت من وجه صحيح تعيين كل حرف من هذه الأحرف، وكثير منها غير معروف النسبة إلى عالم معين وإنما هي مجرد استنتاج تحتمله الروايات
…
ثم إن فهم معنى الحديث لا يمكن أن يكون في اتجاهه الصحيح إذا تخطى الدائرة التي تشير إليها روايات الحديث، وهي أن الخلاف كان في حدود ألفاظ التلاوة، وأن الرخصة التي كان يتحدث عنها الحديث لا تتجاوز حدود القراءة
…
ومن هنا يمكن القول بأن الرخصة الواردة في الحديث ليست شيئا سوى هذه الوجوه المختلفة للتلاوة التي ينقلها القراء جيلا عن جيل حتى تنتهي إلى الصحابة الذين سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم
…
» (1).
(1) غانم قدوري، رسم المصحف، ص 142 - 144، وقريب منه ما ذكره الدكتور عبد العال سالم مكرم، القراءات القرآنية وأثرها في الدراسات النحوية، ص 27.