الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة العاشرة: السياق من المخصصات للعموم
ذكر الإمام الشافعي من أبواب العام والخاص في كتابه الرسالة "62": باب: الصنف الذي يبين سياقه معناه:
ثم قال: قال الله تبارك وتعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 160] .
فابتدأ جَلَّ ثناؤه ذكر الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر، فلما قال: الآية، أدل على أنه إنما أراد أهل القرية لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره، وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون. انتهى.
وعن البراء بن عازب قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني من مكة فتبعتهم ابنة حمزة تنادي: يا عم، فتناولها علي فأخذ بيدها، وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك فاحتملتها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر فقال علي: أنا أحق بها وهي ابنة عمي، وقال جعفر: ابنة عمي
وخالتها تحتي، وقال زيد: ابنة أخي، فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال:"الخالة بمنزلة الأم". أخرجه البخاري "2699".
قال ابن دقيق العيد في كتاب الإحكام "4/82": قوله عليه السلام: "الخالة بمنزلة الأم" سياق الحديث يدل على أنها بمنزلتها في الحضانة وقد يستدل بإطلاقه أصحاب التنزيل على تنزيلها منزلة الأم في الميراث إلا أن الأول أقوى، فإن السياق طريق إلى بيان المجملات وتعيين المحتملات وتنزيل الكلام على المقصود منه، وفهم ذلك قاعدة كبيرة من قواعد أصول الفقه. انتهى.
وقال أيضا ابن دقيق العيد كما في إرشاد الفحول "242": ولا يشتبه عليك التخصيص بالقرائن بالتخصيص بالسبب كما اشتبه على كثير من الناس فإن التخصيص بالسبب غير مختار فإن السبب وإن كان خاصاً فلا يمنع أن يرد لفظ عام يتناوله وغيره كما في {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ولا ينتهض السبب بمجرده قرينة لرفع هذا بخلاف السياق فإنه يقع به التبيين والتعيين أما التبيين ففي المجملات وأما التعيين ففي المحتملات وعليك باعتبار هذا في ألفاظ الكتاب والسنة والمحاورات تجد منه ما لا يمكنك حصره. انتهى.
قال الشوكاني عقبه: والحق أن دلالة السياق إن قامت مقام القرائن القوية المقتضية لتعيين المراد كان المخصص هو ما اشتملت عليه من ذلك، وإن لم يكن السياق بهذه المنزلة ولا أفاد هذا المفاد فليس بمخصص. انتهى.