الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القوي الذي احتفت به القرائن واعتضد بالاعتبارات لا بأي احتمال، لأنه ما من دليل إلا ويتطرق إليه الاحتمال، ولو فتح باب الاحتمال لم يبق شيء من الأدلة إلا وسقط الاستدلال به بدعوى تطرق الاحتمال إليه، ثم إن المراد بسقوط الاستدلال به، أي على تعيين ذلك الوجه المراد الاستدلال به من الدليل، لا أن الاستدلال بالدليل يسقط جملة وتفصيلا.
أخرج البخاري "الفتح 1/413" ومسلم "1/145" عن عائشة قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي وإذا قام بسطتها.
فهذا الحديث يدل على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، واعترض عليه باحتمال الخصوصية أو أن المس كان بحائل.
وقد تعقب هذا الكلام العلامة أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي "1/142" فقال: ومن البين الواضح أن هذا التعقيب لا قيمة له، بل هو باطل، لأن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل صريح، واحتمال الحائل لا يفكر فيه إلا متعصب! انتهى.
القاعدة الثامنة: لا فرق بين الدليل المتواتر والآحاد في جميع القواعد والأحكام
الحديث الآحاد كالتواتر في جميع القواعد والأحكام الشرعية فكما أن المتواتر ينسخ المتواتر فكذلك الآحاد ينسخ المتواتر وكما أن المتواتر
يخصص العام، فكذلك الآحاد يخصص العام، وكما أن المتواتر مقدم على القياس، فكذلك الآحاد مقدم على القياس، وعلى هذا جرى عمل السلف الصالح فإنهم كانوا لا يفرقون في شيء من القواعد والأحكام بين المتواتر والآحاد، بل التفريق بين المتواتر والآحاد بدعة حدثت بعدهم، فقد أخذ الصحابة بقول الواحد في النسخ وذلك لما كانوا في الصلاة تجاه بيت المقدس وأخبرهم شخص واحد بأن القبلة تحولت إلى الكعبة فتحولوا وهم في الصلاة.
قال الشوكاني في إرشاد الفحول "236" بعد أن ذكر أن الآحاد يخصص عموم المتواتر: واحتج ابن المسمعاني على الجواز بإجماع الصحابة فإنهم خصوا قوله تعالى: {يُوصَيكُمُ الله فِي أوْلادِكُمْ} [النساء: 11] بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنا معشر الأنبياء لا نورث" وخصوا قوله "فاقْتُلُوا المشْرِكِينَ" بخبر عبد الرحمن بن عوف في المجوس وغير ذلك كثير، وأيضا يدل على جواز التخصيص دلالة بينة واضحة ما وقع من أوامر الله عز وجل باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم من غير تقييد فإذا جاء عنه الدليل كان اتباعه واجبا وإذا عارضه عموم قرآني كان سلوك طريقة الجمع ببناء العام على الخاص متحتما ودلالة العام على أفراده ظنية لا قطعية فلا وجه لمنع تخصيصه بالأخبار الصحيحة الآحادية، وقد استدل المانعون مطلقا بما ثبت عن عمر رضي الله عنه في قصة فاطمة بنت قيس حيث لم يجعل لها سكنى ولا نفقة كما في حديثها الصحيح، فقال عمر: كيف نترك