الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة العاشرة: ما يحتمل من الأفعال خروجه من الجبليِّة إلى التشريع بمواظبته على وجه مخصوص فيستحب التأسي به فيه
هناك بعض الأفعال النبوية هي في الأصل أفعال جبليِّة لكن يحتمل أنها للتشريع وهي الأشياء التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم على وجه مخصوص دون أن يرغب فيهما كالاضطجاع بعد ركعتي الفجر، فهذه الأفعال يستحب التأسي فيها لقوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 16] ، فهذه الآية تدل على أن الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم استحباب التأسي به فيها، إلا إذا اظهرت انها جبلية وهذا قول أكثر المحدثين "كما في البحر المحيط 6/24".
وقال الشوكاني في إرشاد الفحول "56": وفي هذا القسم قولان للشافعي ومن معه يرجع فيه إلى الأصل وهو عدم التشريع أو إلى الظاهر وهو التشريع، والراجح الثاني، وقد حكاه الأستاذ أبو إسحاق عن أكثر المحدثين فيكون مندوبا. انتهى.
القاعدة الحادية عشر: ترك النبي صلى الله عليه وسلم لفعل ما مع وجود المقتضي له وانتفاء المانع يدل على أن ترك ذلك الفعل سنة وفعله بدعة
هذه القاعدة تعرف بالسنة التركية، وهي قاعدة جليلة فيها سد لباب الابتداع في الدين ويشترط لهذه القاعدة شرطان هما:
1 -
وجود المقتضي. 2 - انتفاء المانع.
فإذا لم يوجد المقتضي لذلك الفعل فلا يكون الترك سنة، كترك الأذان للعيدين فإن المقتضي موجود وهو الإعلام للعيدين ومع ذلك ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأذان للعيدين فالترك هنا يدل على أنه سنة وأما مثال: الترك مع عدم وجود المقتضي، فكترك النبي صلى الله عليه وسلم جمع القرآن، فلا يكون الترك هنا سنة، لأن المقتضي لم يكن موجوداً، ولذلك جمعه عمر بن الخطاب لما دعت الحاجة إليه.
فإن وجد المقتضي لذلك ولم ينتف المانع لم يدل على أن ترك ذلك سنة، كتركه صلى الله عليه وسلم القيام مع أصحابه في رمضان، فإن المقتضي كان موجوداً، لكن كان هناك مانع موجود وهو خشيته صلى الله عليه وسلم أن يفرض عليهم القيام.
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى "26/172": والترك الراتب سنة كما أن الفعل الراتب: سنة، بخلاف ما كان تركه لعدم مقتض، أو فوات شرط، أو وجود مانع، وحدث بعده من المقتضيات والشروط وزوال المانع ما دلت الشريعة على فعله حينئذ، كجمع القرآن في الصحف، وجمع الناس على إمام واحد في التراويح، وأسماء النقلة للعلم، وغير ذلك مما يحتاج إليه في الدين، وبحيث لا تتم الواجبات أو المستحبات الشرعية إلا به، وإنما تركه النبي صلى الله عليه وسلم لفوات شرط أو وجود مانع، فأما ما تركه من جنس العبادات، مع أنه لو كان مشروعا لفعله،