الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أقاويلهم كلهم.
وقال أحمد بن حنبل كما في المسودة "276": إذا كان في المسألة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قول مختلف نختار من أقاويلهم ولم نخرج عن أقاويلهم إلى قول غيرهم، وإذا لم يكن فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة قول نختار من أقوال التابعين.
وقال الخطيب في الفقه والمتفقه "1/173": إذا اختلف الصحابة في مسألة على قولين وانقرض العصر عليه لم يجز للتابعين أن يتفقوا على أحد القولين، فإن فعلوا ذلك لم يترك خلاف الصحابة، والدليل عليه أن الصحابة أجمعت على جواز الأخذ بكل واحد من القولين وعلى بطلان ما عدا ذلك، فإذا صار التابعون إلى القول بتحريم أحدهما لم يجز ذلك، وكان خرقا للإجماع، وهذا بمثابة لو اختلف الصحابة بمسألة على قولين فإنه لا يجوز للتابعين إحداث قول ثالث لأن اختلافهم على قولين إجماع على إبطال كل قول سواه. انتهى.
القاعدة الرابعة: ليس كل مجتهد مصيب
عن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد".
أخرجه البخاري "7352" ومسلم "1716".
هذا الحديث يدل على أنه ليس كل مجتهد مصيب وأن الحق واحد لا يتعدد، قال الشوكاني في إرشاد الفحول "386": فهذا الحديث يفيدك أن الحق واحد وأن بعض المجتهدين يوافقه فيقال له مصيب ويستحق أجرين، وبعض المجتهدين يخالفه ويقال له مخطيء واستحقاقه الأجر لا يستلزم كونه مصيبا، واسم الخطأ لا يستلزم كونه مصيبا واسم الخطأ عليه لا يستلزم أن لا يكون له أجر، فمن قال كل مجتهد مصيب وجعل الحق متعدداً بتعدد المجتهدين فقد أخطأ وخالف الصواب مخالفة ظاهرة فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل المجتهدين قسمين قسماً مصيباً وقسماً مخطئاً، ولو كان كل واحد مصباً ولم يكن لهذا التقسيم معنى. انتهى.
وقد استدل من ذهب أن كل مجتهد مصيب بحديث ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم، لا نصلي حتى نأتيهم، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك، فذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحداً منهم. أخرجه البخاري "4119" ومسلم "1707".
قال الحافظ في الفتح الباري "7/409": الاستدلال بهذه القصة على أن كل مجتهد مصيب على الإطلاق ليس بواضح، وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد فيستفاد منه عدم تأثيمه.. وقد استدل به الجمهور على عدم تأثيم من اجتهد لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعنف أحداً من الطائفتين، فلو كان هناك إثم لعنف من أتم. انتهى.