الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أتت بسد الذرائع إلى المحرمات، وذلك عكس باب الحيل الموصلة إليها، فالحيل وسائل وأبواب إلى المحرمات، وسد الذرائع عكس ذلك، فبين البابين أعظم التناقض، والشارع حرَّم الذرائع وإن لم يقصد بها المحرم لإقضائها إليه فكيف إذا قصد بها المحرم نفسه. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في طريق الوصول إلى العلم المأمول "113": إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته فإن كان مشتملا على مفسدة ظاهرة راجحة فإنه يستحيل على الشارع الأمر أو إباحته بل يقطع أن الشرع يحرمه لا سيما إذا كان طريقا مفضيا إلى ما يبغضه الله ورسوله. انتهى.
القاعدة الرابعة: يأثم الإنسان بالعزم على فعل المحرم وإن لم يفعله
عن أبي كبشة الأنماري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله ما لا وعلما فهو يتقي فيه ربه فهو بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيه فأجرهما سواء، وعبد رزقه مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما
فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو نيته فوزرهما سواء" أخرجه الترمذي "2325" وقال: هذا حديث حسن صحيح.
هذا الحديث يدل على أن الإنسان يأثم بالعزم على فعل المعصية وإن لم يفعلها، إذا كان سبب تركه لتلك المعصية عدم القدرة عليها وليس الخوف من الله، وقد ذكر هذا الحديث شيخ الإسلام فقال عنه كما في مجموع الفتاوى "10/733": هو في حكاية من قال ذلك، وكان صادقا فيه وعلم الله منه إرادة جازمة لا يتخلف عنها الفعل إلا لفوات القدرة، فلهذا استويا في الثواب والعقاب، وليس هذه الحال تحصل لكل من قال:"لو أن لي ما لفلان لفعلت مثل ما يفعل" إلا إذا كانت إرادته جازمة يجب وجود الفعل معها إذا كانت القدرة حاصلة، وإلا فكثير من الناس يقول ذلك عن عزم لو اقترنت به القدرة لانفسخت العزيمة.
وقال أيضا "10/736، 737": ولا ريب أن "الهم" و "العزم" و "الإرادة" ونحو ذلك قد يكون جازما لا يتخلف عنه الفعل إلا للعجز، وقد لا يكون هذا على هذا الوجه من الجزم..، وأما الهام بالسيئة الذي لم يعملها وهو قادر عليها فإن الله لا يكتبها عليه كما أخبر به في الحديث الصحيح، وسواء سمي همه:"إرادة" أو "عزماً" أو لم يسم، متى كان قادراً على الفعل وهم به وعزم عليه ولم يفعله مع القدرة فليست إرادته بجازمة.