الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الحادية عشر: درء المفاسد أولى من جلب المصالح
عن عائشة أم المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها الحجر".
أخرجه مسلم "1333".
فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك ما فيه مصلحة حتى لا تحصل مفسدة بسبب تلك المصلحة، قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة "350": وإذا تأملت شرائع دينه التي وضعها بين عباده وجدتها لا تخرج عن تحصيل المصلحة الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان، وإن تزاحمت قدم إهمها وأجلها، وإن فاتت أدناها، وتعطيل المفاسد الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان، وإن تراحمت عطل أعظمها فساداً باحتمال أدناهما، وعلى هذا وضع أحكم الحاكمين شرائع دينه، وهي دالة عليه، شاهدة له بكمال علمه وحكمته، ولفظه بعباده، وإحسانه إليهم. انتهى.
القاعدة الثانية عشر: الإجزاء والإثابة يجتمعان ويفترقان
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى "19/303": الإجزاء والإثابة يجتمعان ويفترقان، فالإجزاء براءة الذمة من عهد الأمر وهو السلامة من ذم الرب أو عقابه، والثواب الجزاء على الطاعة، وليس الثواب من مقتضيات مجرد الإمتثال بخلاف الإجزاء، فإن الأمر يقتضي
إجزاء المأمور به لكن هما مجتمعان في الشرع، إذ قد استقر فيه أن المطيع مثاب، والعاصي معاقب، وقد يفترقان فيكون الفعل مجزئا لا ثواب فيه إذ قارنه من المعصية ما يقابل الثواب، كما قيل:"رب صائم حظه من صيامه العطش، ورب قائم ثم حظه من قيام السهر" فإن قول الزور والعمل به في الصيام أوجب إثماً يقابل ثواب الصوم، وقد اشتمل الصوم على الامتثال المأمور به والعمل المنهي فبرئت الذمة للامتثال ووقع الحرمان للمعصية، وقد يكون مثاباً عليه غير مجزئ إذا فعله ناقصاً عن الشرائط والأركان، فيثاب على ما فعل ولا تبرأ الذمة إلا بفعله كاملاً، وهذا تحرير جيدان فعل المأمور به يوجب البراءة، فإن قارنه معصية بقدره تخل بالمقصود قابل الثواب وإن نقص المأمور به أثيب ولم تحصل البراءة التامة، فإما أن يُعاد، وإما أن يجبر، وإما أن يأثم. انتهى.