الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
توطئة
…
تمهيد
وفيه:
- توطئة:
- صحة نسبة هذه الرسالة للإمام الذهَبِيّ.
- موضوع الرسالة.
- الفرق بينها وبين رسالة "الثقات المُتَكَلَّم فيهم بما لا يوجب ردَّهم".
- نُسَخُ الرسالة.
- عنوان الرسالة.
- عملي فيها.
- هل يُرَدُّ كل حديث فيه راوٍ مُتَكَلَّم فيه؟
- ترجمة مختصرة للإمام الذهَبِيّ.
بسم الله الرحمن الرحيم
توطئة:
أحمد لله تبارك وتعالى كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشكره على وافر نعمه وجزيل عطائه.
وأصلي وأسلم على رسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد: فقد قدر الله تعالى أن أختار تحقيق رسالة: "من تُكُلِّمَ فيه وهو موثق أو صالح الحديث" للإمام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهَبِيّ رحمه الله تعالى، ودراسة رجالها والبحث فيهم.
والتحقيق في تصحيح الحديث وتضعيفه، وما يتصل بذلك أمر لابد منه، وهو قربة من أفضل القربات إلى الله عز وجل، وهو القاعدة التي يرتكز عليها علم الحديث، لأن في ذلك حفظاً للشريعة، وهو مأمور به شرعاً.
لكن هذا الفرع من العلوم الشرعية -كغيره من العلوم الإسلامية الأخرى- بالإضافة إلى افتقاره لسلامة المقصد وحسن النية، فإنه كذلك يفتقر إلى سلامة الطريق الموصل إلى المقصد، بأن لا يكون طريقا خطأً أو يستند على قاعدة مخطئة أو فهم مخطئ.
فلما تبين لي أن إخلاص النية وحده لا يكفي في العمل اجتهدت في تمحيص منهجي في البحث من الانحراف والزلل ما استطعت فقرأت في مقدمات كتب الرجال، وما جاء عن الأئمة في الجرح والتعديل من القواعد
العلمية المعتبرة في هذا الشأن، كي أَستبين المنهج الصحيح السالم من الشطط والجور، والشدة والتساهل، وما يعتبر وما لا يعتبر من أقوال الرجال.
وللإمام الذهَبِيّ رسالة قيمة للغاية في ثقات الرواة الذين جُرحوا بما لا يؤثر، بَيَّن بمنهجه فيها متى يعتبر الجرح ومتى لا يعتبر في الراوي، لأسباب كثيرة يدركها من يطلع على الرسالة، وهي رسالة غير هذه الرسالة"1".
وكتب الجرح والتعديل تنقل كل ما قيل في الراوي جرحاً أو تعديلاً، لا ليؤخذ بكل ما قيل فيه، ولكن لينظر فيه بعين البصيرة والعدل، وإذا نظر الباحث في تلك الكتب فقد يرى في الراوي الواحد من الأقوال المتعارضة ما يَحَار فيه، فلا ينقذه إلا منهج صحيح يقتضي أَحياناً أن يأخذ بالجرح وحده، ويقتضي أَحياناً أن يأخذ بالتعديل وحده، ويقتضي أَحياناً أن يأخذ بالجرح والتعديل معاً ولا تعارض.
وكان العدل في الحكم في الراوي هو هدف أئمة الحديث رحمهم الله تعالى، فحاولت أن أسلك طريقهم، فلم أعتبر في الجرح والتعديل قول المتشدد ولا قول المتساهل إذا خالفا غيرَهما، وكذا قول الضعيف يضعف الثقة، ونحو ذلك من القواعد المعتبرة المعروفة في مظانها.
وليس عدم اعتباري قول إمام في راوٍ ما، أو تنبيهي على تشدده في الجرح أو تساهله مثلاً -إسقاطاً لذلك الإمام، أو تضعيفاً له، أو طعناً فيه، لكنه تحرِّي الحق والعدل، واعتبارٌ لمعنى النقص الملازم لبني آدم، -حاشا الرسل
1 انظر موضوع الفرق بين الرسالتين، الآتي بعد.
صلوات الله وسلامه عليهم- وإلا فإن كان في بعض الأئمة الأعلام نقص ففينا عيوب وعيوب، فنسأله سبحانه العصمة من الزلل، ونعوذ به من سوء العمل.
وأَلْفِتُ نظر القارئ إلى أمر ضروري، وهو أن الحكم على الراوي أَحياناً يستلزم استقراء رواياته وتتبعها في كتب الحديث، لاختبارها بروايات الثقات، ومعرفة أوهامه، وهو عنصر في البحث لم أستطع تحقيقه لما يستلزم من جهد كبير جداً في الراوي الواحد، ووقت طويل، ومراجع كثيرة كذلك، مع أنه ضروري في بعض الرواة فتراني أَحياناً أتوقف في الحكم على الراوي لاحتياج ذلك إلى استقراء رواياته واختبارها بما رواه الثقات، وأَحياناً أجتهد في تقدير الحكم فيه بمجرد النظر إلى أقوال الأئمة فيه بما يفهم من ألفاظهم.
وشيء آخر، وهو أن الحكم على الراوي ليس حكماً على كل حديث جاء من طريقه، فقد يكون فيه ضعف يتقوى بمجئ حديثه من طريق آخر، ونحو ذلك، فلهذا لا يجوز أن يعتمد على كل جرح في راوٍ ما من رواة البخاري ومسلم مثلاً في تضعيف ما أخرجاه عنه، لأن الحديث عندهما صحيح، فلم يخرجا رحمهما الله في صحيحيهما حديثاً ينزل عن رتبة الاحتجاج به، ولهذا نرى بعض الأحاديث في الصحيحين بعد البحث أنها في مرتبة "الحسن" أي تنزل عن درجة "الصحيح"، لكن هذا بحسب ما يظهر لنا مما نقل في الراوي، أما عندهما فإنه في رتبة "الصحيح"، لما عندهما من الطرق الأخرى، ولاطلاعهما على حال من رويا عنه، ولاجتهادهما في الحكم في الراوي، والترجيح بين الجرح والتعديل، ولاشك في أن قولهما مقدم على غيرهما في هذا الفن الذي هما فرسا رهانه، وليسا بمعصومين، ولكن