الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[
(حرف الثّاء) ]
(حرف الثّاء) 89- «ثلاث من كنّ فيه.. وجد حلاوة الإيمان: 1- أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما،
…
(حرف الثّاء) 89- ( «ثلاث) ؛ نكرة، وهي صفة لموصوف محذوف، ومن ثمّ وقعت مبتدأ؛ أي: خصال ثلاث، والخبر جملة، قوله:(من كنّ) ؛ أي: حصلن (فيه وجد) ؛ أي: أصاب (حلاوة الإيمان) ؛ أي: التلذّذ بالطاعة وتحمّل المشقة في رضا الله ورسوله، وإيثار ذلك على عرض الدنيا.
وهذا استعارة بالكناية؛ شبّه الإيمان بنحو العسل للجهة الجامعة، وهو الالتذاذ؛ فأطلق المشبّه وأضاف إليه ما هو من خصائص المشبّه به ولوازمه، وهو الحلاوة على جهة التخييل. وادّعى بعض الصّوفيّة أنّها حلاوة حسيّة، لأنّ القلب السليم من أمراض الغافلة والهوى يجد طعم الإيمان كذوق الفم طعم العسل. ذكره المناوي رحمه الله تعالى.
(1- أن يكون الله ورسوله أحبّ) ؛ أي: كون الله ورسوله في محبته إيّاهما أكثر محبّة (إليه ممّا سواهما) من نفس وأهل ومال وكلّ شيء.
قال النووي: وعبّر ب «ما» دون «من» ! لعمومها «1» ، وجمعه بين اسم الله ورسوله في ضمير لا ينافيه إنكاره [صلى الله عليه وسلم] على الخطيب:«ومن يعصهما» !! لأنّ المراد في الخطب الإيضاح لا الرمز، وهنا المطلوب إيجاز اللّفظ ليحفظ.
وأولى منه قول البيضاوي: ثنّى الضمير هنا إيماء إلى أنّ المعتبر هو المجموع المركب من المحبّتين لا كلّ واحدة؛ فإنّها وحدها لاغية. وأمر بالإفراد في حديث
(1) للعاقل وغيره.
2-
وأن يحبّ المرء لا يحبّه إلّا لله،
…
الخطيب؛ إشعارا بأنّ كلّ واحد من العصيانين مستقل باستلزام الغواية إذ العطف في تقدير التكرار، والأصل استقلال كلّ من المعطوفين في الحكم. انتهى.
ومحبّة العبد ربّه بفعل طاعته وترك مخالفته، وكذلك محبّة رسوله.
ومحبّة العبد ربّه تنقسم باعتبار سببها والباعث عليها إلى قسمين:
أحدهما: ينشأ عن مشاهدة الإحسان ومطالعة الآلاء والنظر في النّعم، فإن الإحسان سبب لميل النفس إلى حبّ من أحسن إليها، والقلوب جبلت على حبّ من أحسن إليها، ولا إحسان أعظم من إحسان الربّ تقدّس، وهذا القسم يدخل فيه كلّ أحد.
والثاني: يتعلّق بالخواصّ؛ وهي محبّة الجلال والجمال ولا شيء أكمل ولا أجمل منه، فلا يحدّ كماله، ولا يوصف جلاله، ولا ينعت جماله.
وأسباب محبة النبيّ صلى الله عليه وسلم كثيرة منها: أنّه أنقذنا به من النار، وأوجب لنا باتباعه الفلاح الأبديّ والنعيم السرمديّ.
(و 2- أن يحبّ المرء لا يحبّه إلّا لله) ؛ أي: لا يحبّه لغرض، إلا لغرض رضا الله حتى تكون محبّته لأبويه؛ لكونه سبحانه أمر بالإحسان إليهما، ومحبته لولده لكونه ينفعه في الدعاء الصالح له.
وهكذا ذكره المناوي في «شرح الجامع» .
وفي «النصائح الدينية» للحبيب الولي السيد عبد الله الحداد رحمه الله تعالى.
آمين:
فإذا أحبّ الإنسان الإنسان وألفه وصاحبه؛ لأنّه يحبّ الله ويعمل بطاعته؛ كان ذلك من المحبة في الله.
وإذا أحبّه وصحبه؛ لأنّه يعينه على دينه ويساعده على طاعة ربّه؛ فقد أحبه في الله.
3-
وأن يكره أن يعود في الكفر- بعد إذ أنقذه الله منه- كما يكره أن يلقى في النّار» .
وإذا أحبّه وصحبه؛ لأنه يعينه على دنياه الّتي يستعين بها على أخراه؛ فقد أحبّه في الله تعالى.
وإذا أحبّه وصحبه؛ لأنه وجد طبعه يميل إليه ونفسه تأنس به، أو لأنّه يعينه على دنياه وأسباب معاشه الّتي يتمتع بها؛ فتلك محبّة طبيعية ليست من المحبة لله في شيء، وتلك صحبة نفسانيّة اقتضاها ميل الطّبع، ولكنّها مباحة، ولعلّها لا تخلو من خير إن شاء الله تعالى.
وأمّا إذا أحبّه وصحبه؛ لأنّه يعينه على المعصية والظلم ويساعده على أسباب الفسق والمنكر؛ فتلك محبّة وصحبة مذمومة قبيحة، وهي في سبيل الشيطان، وليست من الله في شيء، وهي التي تنقلب في الآخرة عداوة، وربما انقلبت في الدنيا قبل الآخرة. قال الله تعالى الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67)[الزخرف] انتهى كلام الحداد.
(و 3- أن يكره أن يعود في الكفر) ؛ أي: يصير إليه، واستعمال العود بمعنى الصيرورة غير عزيز. (بعد إذ أنقذه الله) ؛ أي: نجّاه (منه) بالإسلام؛ إن كان كافرا، وبأن خلقه من أمّة الإجابة؛ إن كان مسلما أصالة. قاله:«الحفني على الجامع»
(كما يكره أن يلقى) - بالبناء للمفعول- (في النّار» ) لثبوت إيمانه، وتمكّنه في جنانه.
والحديث أخرجه الإمام أحمد، والبخاري، ومسلم في «كتاب الإيمان» ، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه؛ عن أنس رضي الله تعالى عنه.
قال النووي رحمه الله تعالى: هذا حديث عظيم، أصل من أصول الإسلام.
90-
91-
«ثلاث منجيات: 1- خشية الله تعالى في السّرّ والعلانية، 90- ( «ثلاث من كنّ فيه حاسبه الله حسابا يسيرا) يوم القيامة، فلا يناقشه، ولا يشدّد عليه، ولا يطيل وقوفه. (وأدخله الجنّة) مع السابقين (برحمته) ؛ أي: بإحسانه تعالى، وإن كان عمله لا يبلّغه ذلك لقلته.
(1- تعطي من حرمك) : إعطاءه أو مودته أو معروفه.
(و 2- تعفو عمن ظلمك) في نفس أو مال أو عرض.
(و 3- تصل من قطعك» ) من ذوي قرابتك وغيرهم.
والحديث أخرجه أبو بكر بن أبي الدنيا القرشي في كتاب «ذم الغضب» ، والطبراني في «الأوسط» ، والحاكم في «التفسير» ؛ من حديث سليمان بن داود اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. قال الحاكم: صحيح، وردّه الذهبي، فقال: سليمان ضعيف، وفي «الميزان» : قال البخاري: سليمان منكر الحديث، قال: ومن قلت فيه: منكر الحديث لا تحلّ رواية حديثه، ثم ساق له أخبارا هذا منها، وقال العلائي: فيه سليمان؛ ضعفه غير واحد. وقال الهيثمي: فيه سليمان متروك. انتهى «مناوي» .
91-
( «ثلاث منجيات) للعبد في الدنيا والآخرة:
(1- خشية الله) ؛ أي: خوفه (تعالى في السّرّ والعلانية) فهذا أكمل من خوفه في العلن فقط، أو في السّرّ فقط إلّا إذا كان عالما يقتدى به فأظهر الخشية لهذا
2-
والعدل في الرّضا والغضب، 3- والقصد في الفقر والغنى.
وثلاث مهلكات: 1- هوى متّبع، 2- وشحّ مطاع، 3- وإعجاب المرء بنفسه» .
القصد، أو خاف من الإظهار الرياء؛ فالأمور بمقاصدها.
(و 2- العدل) ؛ العادل: من لا يميل به الهوى فيجور في الحكم (في) ؛ حال (الرّضا والغضب) كما قال تعالى اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى [8/ المائدة] ، وقال تعالى كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ [135/ النساء] .
(و 3- القصد) ؛ أي: التوسط (في) الإنفاق في حال (الفقر والغنى) ؛ فلا يقتّر جدّا لفقره، ولا يسرف لغناه، بل يتوسّط. قال تعالى وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (67)[الفرقان] .
(وثلاث مهلكات) ؛ أي: موقعات لفاعلهن في الهلاك.
(1- هوى) - بالقصر- (متّبع) - بالتشديد، وفتح الموحدة-: يعني اتباع هوى النفس دائما، فكلّما مال إلى شهوة أتاها وحرص على غيرها، فهذا هواه موقع له في الرّدى دنيا وأخرى. أمّا مطاوعة الهوى في بعض الأوقات مع الرجوع إليه تعالى عقب ذلك! فليست من المهلكات.
(و 2- شحّ) ؛ أي: بخل (مطاع) وهو: أن يطيعه صاحبه في منع الحقوق الّتي أوجبها الله عليه في ماله.
وقيّد الشّحّ بالمطاع! لأنّه إنّما يكون مهلكا إذا كان مطاعا؛ أمّا لو كان موجودا في النفس غير مطاع فلا يكون كذلك، لأنّه من لوازم النّفس.
(و 3- إعجاب المرء بنفسه» ) ؛ أي: ملاحظته إيّاها بعين الكمال مع نسيان نعمة الله تعالى، وتحسينه فعل نفسه على غيره؛ وإن كان قبيحا، بأن يرى فعل نفسه خيرا من فعل غيره، وكثيرا ما يقع ذلك في أهل العلم، وقد قال أهل الله تعالى:
.........
لا يتمّ حال العبد إلّا إذا رأى نفسه دون كلّ مخلوق.
وما وقع لبعض أهل الله تعالى من التّكلم بكلام يقتضي الإعجاب!! فهو من أهل الأحوال في حال السّرّ والغيبة؛ بحيث لو استيقظوا لتابوا من ذلك، كما نتوب من الذّنوب. ومن الكمّل في حال شهود وحدة الوجود والاشتغال به عن كلّ ما سواه؛ فيكون من التحدّث بنعمة الله تعالى؛ لا عجبا وافتخارا. قاله الحفني على «الجامع» .
والحديث ذكره في «الجامع الصغير» ، وقال: أخرجه أبو الشيخ في «التوبيخ» ، والبزار، وأبو نعيم، والبيهقي، والطبراني في «الأوسط» كلهم عن أنس رضي الله تعالى عنه. قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف. انتهى مناوي على «الجامع» .