المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(حرف الذال) ] - منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول - جـ ٣

[عبد الله عبادى اللحجى]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌[الباب السّادس في صفة عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلاته، وصومه، وقراءته]

- ‌[الفصل الأوّل في صفة عبادته صلى الله عليه وسلم وصلاته]

- ‌[الفصل الثّاني في صفة صومه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل الثّالث في صفة قراءته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الباب السّابع في أخبار شتّى من أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض أذكار وأدعية]

- ‌[الفصل الأوّل في أخبار شتّى من أحواله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الفصل الثّاني في بعض أذكار وأدعية كان يقولها صلى الله عليه وسلم في أوقات مخصوصة]

- ‌[الفصل الثالث في ثلاث مئة وثلاثة عشر حديثا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم]

- ‌(حرف الهمزة) ]

- ‌(حرف الباء) ]

- ‌(حرف التّاء) ]

- ‌(حرف الثّاء) ]

- ‌(حرف الجيم) ]

- ‌(حرف الحاء) ]

- ‌(حرف الخاء) ]

- ‌(حرف الدّال) ]

- ‌(حرف الذّال) ]

- ‌(حرف الرّاء) ]

- ‌(حرف الزّاي) ]

- ‌(حرف السّين) ]

- ‌(حرف الشّين) ]

- ‌(حرف الصّاد) ]

- ‌(حرف الضّاد) ]

- ‌(حرف الطّاء) ]

- ‌(حرف الظّاء) ]

- ‌(حرف العين) ]

- ‌(حرف الغين) ]

- ‌(حرف الفاء) ]

- ‌(حرف القاف) ]

- ‌(حرف الكاف) ]

- ‌(حرف اللّام) ]

- ‌فهرسة الجزء الثالث من كتاب منتهى السول شرح شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌(حرف الذال) ]

[ ‌

(حرف الذّال) ]

(حرف الذّال) 126- «ذكر الله.. شفاء القلوب» .

127-

«الذّنب لا ينسى،

(حرف الذّال) 126- ( «ذكر الله) من تسبيح وتهليل (شفاء القلوب» ) من أمراضها، أي:

هو دواء لها مما يلحقها من ظلمة الذّنوب، ويدنّسها من درن الغافلة، ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أكمل النّاس ذكرا، بل كان كلامه كلّه في ذكر الله وما والاه؛ أمره ونهيه وتشريعه وأخباره عن أسماء الرّبّ، وصفاته، وأحكامه، وأفعاله، ووعده ووعيده، وتمجيده وتسبيحه وتحميده، ورغبته ورهبته ذكرا منه بلسانه، وصمته ذكر منه بقلبه في كل أحيانه.

تنبيه: قال الرّاغب: ذكر الله تعالى تارة يكون لعظمته فيتولّد منه الهيبة والإجلال، وتارة لقدرته فيتولّد منه الخوف والحزن، وتارة لفضله ورحمته فيتولّد منه الرّجاء، وتارة لنعمته فيتولّد منه العزّ، فحقّ المؤمن ألاينفكّ أبدا عن ذكره على أحد هذه الوجوه. انتهى مناوي على «الجامع» .

والحديث ذكره في «الجامع الصغير» مرموزا له برمز الدّيلميّ في «مسند الفردوس» ؛ عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه. وفي «العزيزي» : إنّه حديث حسن لغيره.

127-

( «الذّنب) أي: الإثم، بمعنى: المؤثم، أي: ما يحصل به لوم، أو إثم على فاعله. (لا ينسى) ، بل هو محفوظ في صحف الملائكة، ولا بدّ أن يجازى عليه؛ إن لم يحصل عفو؛ لا يضلّ ربّي ولا ينسى.

ونّبّه به على شيء دقيق، يغلط النّاس فيه كثيرا؛ وهو أنّهم لا يرون تأثير الذّنب؛ فينساه الواحد منهم، ويظنّ أنّه لا يضرّه ذلك، وأنّه كما قال:

ص: 423

والبرّ لا يبلى، والدّيّان لا يموت.. فكن كما شئت» .

إذا لم يغبّر حائط في وقوعه

فليس له بعد الوقوع غبار

قال ابن القيّم: وسبحان الله؛ ما أهلكت هذه البليّة من الخلق، وكم أزالت من نعمة، وكم جلبت من نقمة!! وما أكثر المغترّين بها من العلماء فضلا عن الجهّال، ولم يعلم المغترّ أنّ الذّنب ينقض؛ ولو بعد حين، كما ينقض السّمّ والجرح المندمل على دغل.

(والبرّ) - بالكسر-: الخير والفضل (لا يبلى) أي: لا ينقطع ثوابه ولا يضيع، بل هو باق عند الله تعالى. وقيل: أراد الإحسان؛ وفعل الخير لا يبلى ثناؤه، وذكره في الدّنيا والآخرة، فهو بمنزلة الثّوب الجديد الذي لا يفنى ولا يتغيّر. (والدّيّان لا يموت) ، بل هو سبحانه حيّ باق، عالم بأحوال عباده فيجازيهم عليها.

وإذا علمت هذا (فكن كما شئت» ) من أحوال وأفعال، خير؛ أو شرّ، فإنّ الدّيّان يجازيك عليها، ففيه وعيد شديد وتهديد، وفيه جواز إطلاق الدّيّان على الله لو صحّ الخبر.

وفي رواية عبد الرزاق وغيره: «اعمل ما شئت، كما تدين تدان» ، أي: كما تجازي تجازى. يقال: دنته بما صنع؛ أي: جزيته. ذكره الدّيلميّ.

ومن مواعظ الحكماء: عباد الله؛ الحذر الحذر، فو الله لقد ستر، حتى كأنّه غفر، ولقد أمهل حتى كأنّه أهمل. انتهى «زرقاني» .

والحديث ذكره في «المواهب» ؛ وقال رواه الدّيلميّ في «مسند الفردوس» ، وأبو نعيم عن عمر بن الخطاب، وفيه محمد بن عبد الملك الأنصاري ضعيف.

وقد رواه عبد الرزّاق في «جامعه» ، والبيهقيّ في «الزّهد» ؛ وفي «الأسماء والصفات» ، له عن أبي قلابة رفعه مرسلا: «البرّ لا يبلى

الخ» . ووصله أحمد في «الزّهد» ؛ فرواه عن أبي قلابة، عن أبي الدرداء من قوله لكنّه منقطع مع وقفه.

ص: 424

128-

«ذهب حسن الخلق بخير الدّنيا والآخرة» .

129-

«ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها» .

وللدّيلمي عن أنس رفعه: الذّنب شؤم على غير فاعله؛ إن عيّره ابتلي، وإن اغتابه أثم، وإن رضي به شاركه» . انتهى زرقاني رحمه الله تعالى.

128-

( «ذهب حسن الخلق) الذي جاء تفسيره في حديث آخر بقوله: تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمّن ظلمك» ، وقد مرّ الكلام على حسن الخلق غير مرّة.

(بخير الدّنيا والآخرة» ) وهو أثقل ما يوضع في الميزان، وهو الدّين كما جاء ذلك في أحاديث أخر، وهذا الحديث قاله النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لأمّ حبيبة رملة بنت أبي سفيان «إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنها» حين قالت له: يا رسول الله؛ أرأيت المرأة يكون لها زوجان في الدّنيا؛ فتموت، ويموتان ويدخلون الجنة، لأيهما تكون هي؟ قال: لأحسنهما خلقا كان عندها في الدّنيا؛ يا أمّ حبيبة، ذهب حسن الخلق بخير الدّنيا والآخرة» .

قال العراقيّ: أخرجه البزّار، والطبراني في «الكبير» ، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» بإسناد ضعيف؛ عن أنس رضي الله تعالى عنه.

129-

( «ذو) أي: صاحب (الوجهين) : هو الذي يأتي كلّ قوم بما يرضيهم؛ خيرا كان أو شرّا، فيظهر لأهل المنكر أنّه راض عنهم؛ فيستقبلهم ببشر منه وترحيب. ويظهر لأهل الحقّ أنّه عنهم راض، فيريد إرضاء كلّ فريق منهم، ويظهر أنّه معهم؛ وإن كان ليس كذلك باطنا. كذا في «الشهاب الخفاجي» .

وقال ابن حجر: ذو اللّسانين هو: ذو الوجهين الذي لا يكون عند الله وجيها.

ثم قال: قال الغزالي: ذو اللّسانين: من يتردّد بين متعاديين؛ ويكلّم كلّا بما يوافقه، وقلّ من يتردّد بين متعاديين إلّا وهو بهذه الصفة! وهذا عين النّفاق.

ثم قال الغزالي: واتفقوا على أنّ ملاقاة اثنين بوجهين نفاق. وللنفاق علامات

ص: 425

.........

كثيرة؛ وهذه من جملتها، ثم قال:

فإن قلت: فبماذا يصير ذا لسانين! وما حدّ ذلك؟ فأقول: إذا دخل على متعاديين وجامل كلّ واحد منهما؛ وكان صادقا فيه لم يكن منافقا، ولا ذا لسانين.

فإنّ الواحد قد يصادق متعاديين؛ ولكنّ صداقته ضعيفة لا تنتهي إلى حدّ الأخوّة، إذ لو تحققت الصداقة لا قتضت معاداة الأعداء.

نعم؛ لو نقل كلام كلّ واحد إلى الآخر فهو ذو لسانين، وذلك شرّ من النّميمة لأنّه يصير نمّاما بمجرّد نقله من أحد الجانبين.

فإذا نقل من كلّ منهما؛ فقد زاد على النميمة.

وإن لم ينقل كلاما؛ ولكن حسّن لكلّ واحد منهما ما هو عليه من المعاداة مع صاحبه؛ فهو ذو لسانين أيضا.

وكذا إن وعد كلّا منهما بأنّه ينصره، أو أثنى على كلّ في معاداته، أو على أحدهما مع ذمّه له؛ إذا خرج من عنده، فهو ذو لسانين في كلّ ذلك. انتهى من «الزواجر» .

وفي «الشهاب الخفاجي» أنّه يقال له «ذو الوجهين» و «ذو اللّسانين» ، ويقال له «ذو الأوجه» كما قال:

وكم من فتى يعجب النّاظرين

له ألسن وله أوجه

وهذا القول مجاز؛ لأنّه عليه الصلاة والسلام لم يرد تثنية الوجه الّذي هو العضو المخصوص على الحقيقة، لأنّ استحالة ذلك في الإنسان معلوم ضرورة.

وإنّما أراد ذمّ المنافق الّذي ظاهره يخالف باطنه، وحاضره يضادّ غائبه، فكأنّه يلقى أخاه في مشهده بصفحة المودّة، ويتناوله في مغيبه بلسان الذمّ والعصبيّة.

فشبّه عليه الصلاة والسلام هاتين الحالتين لاختلافهما بالوجهين المختلفين، لتباين ما بينهما. وقوله (لا يكون عند الله وجيها» ) ! أي: ذا قدر ومنزلة. يعني:

ص: 426

.........

أنّ الله لا يرضاه ولا يحبّه لقباحة فعله، لما يتفرّع عليه من الفساد بين العباد.

أما لو فعل ذلك لإصلاح ذات البين وإزالة ضغائن القلوب.. ونحو ذلك! فهو أمر حسن ليس داخلا فيما مرّ.

وإذا كان «ذو الوجهين» هذا حاله ف «ذو الأوجه» معلوم بطريق الأولى، وبين الوجه والوجيه جناس اشتقاق كقوله تعالى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ [43/ الروم] .

والحديث ذكره القاضي عياض في «الشفاء» ، قال الشهاب الخفاجي: هذا حديث رواه أبو داود عن عمّار بلفظ: «ذو الوجهين وذو اللّسانين في النّار.

وروى أبو هريرة رضي الله عنه؛ عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «إنّ من شرّ النّاس ذا الوجهين؛ الّذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه» أخرجه مسلم.

وعن أنس رضي الله عنه؛ عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «من كان ذا لسانين في الدّنيا؛ جعل الله له لسانين من نار يوم القيامة» . انتهى.

وفي رواية الطبراني في «الأوسط» عن أبي سعيد: «ذو الوجهين في الدّنيا يأتي يوم القيامة له وجهان من نار» . وأخرج الشيخان وغيرهما؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تجدون النّاس معادن؛ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خيار النّاس في هذا الشّأن أشّدهم له كراهية، وتجدون شرّ النّاس ذا الوجهين الّذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه» انتهى. من «الزواجر» . وقد عدّ ذلك من الكبائر! فانظره.

ص: 427