الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفصل الثالث في ثلاث مئة وثلاثة عشر حديثا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم]
الفصل الثالث في ثلاث مئة وثلاثة عشر حديثا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وهي على عدد الرّسل الكرام، وأهل بدر شموس الإسلام.
(الفصل الثّالث) من الباب السابع (في) ذكر (ثلاث مائة وثلاثة عشر حديثا) تقريبا (من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم .
من إضافة الصفة للموصوف؛ أي: كلمه الجوامع للمعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة؛ بنظم لطيف لا يعثر الفكر في طلبه، ولا يلتوي الذهن في فهمه، فما من لفظة يسبق فهمها إلى الذّهن إلّا معناها إليه أسبق، كما قال صلى الله عليه وسلم:«أعطيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا» . رواه أبو يعلى والبيهقي عن ابن عمر، والدارقطني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم. قاله الزرقاني على «المواهب» .
(وهي على عدد الرّسل الكرام) صلوات الله وسلامه عليهم، إذ قيل: إنهم ثلثمائة وثلاثة عشر، وقيل: وأربعة عشر، وقيل: وخمسة عشر، والأسلم الإمساك عن ذلك، لقوله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ [78/ غافر] .
(و) هي أيضا على عدد (أهل بدر) الكبرى (شموس الإسلام) رضوان الله عليهم. في «السّيرة الشامية» بدر: قرية مشهورة على نحو أربع مراحل من المدينة المنورة، وكان أهل غزوة بدر ثلثمائة وسبعة عشر رجلا، وفي رواية: وثلاثة عشر رجلا، ويؤيّد هذه الرواية أنّه صلى الله عليه وسلم أمر بعدّهم فأخبر بأنهم ثلثمائة وثلاثة عشر؛ ففرح بذلك، وقال:«عدّة أصحاب طالوت» انتهى. ذكره الباجوري.
اخترتها من «الشّفا» للقاضي عياض، و:«المواهب اللّدنّيّة» للعلّامة القسطلّانيّ، و:«الجامع الصغير» و: «الدّرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة» كلاهما للحافظ السّيوطيّ، و:«كنوز الحقائق» و: «طبقات الأولياء» كلاهما للعلّامة المناويّ.
(اخترتها) ؛ أي: انتقيتها وجمعتها (من) كتاب ( «الشّفاء) بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم» (للقاضي) أبي الفضل (عياض) بن موسى اليحصبي المالكي رحمه الله تعالى رحمة واسعة. آمين.
(و) من كتاب ( «المواهب اللّدنّيّة) بالمنح المحمدية» (للعلّامة) شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر الخطيب (القسطلّانيّ) - بضم القاف، وسكون السين. وضم الطاء المهملتين، وتشديد اللام- كذا أخذناه عن المشايخ شرقا وغربا، ووجدناه بخط من يقتدى به. انتهى من «هدى الأبرار شرح منظومة طلعة الأنوار» ؛ نقله شيخنا الشيخ حسن المشاط في تعليقه على «رفع الأستار» .
(و) من كتاب ( «الجامع الصّغير) من أحاديث البشير النّذير» .
(و) من كتاب ( «الدّرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة» ) على ألسنة العامة ومن ضاهاهم من الفقهاء الذين لا علم لهم بالأحاديث كما ذكر ذلك في مقدمتها.
(كلاهما) ؛ أي: «الجامع» و «الدرر» (للحافظ) وليّ الله تعالى جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (السّيوطيّ) رحمه الله تعالى رحمة الأبرار.
(و) من كتاب ( «كنوز الحقائق) في حديث خير الخلائق» ، (و) من كتاب ( «طبقات الأولياء» ) وهي الطبقات الكبرى المسمّاة «الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية» (كلاهما) ؛ أي:«كنوز الحقائق» و «الطبقات» (للعلّامة) الحبر الفهامة صاحب القلم السّيّال: عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الملقّب «زين الدين» الحدادي (المناويّ) - بضم الميم-: صاحب التصانيف السائرة رحمه الله تعالى ورضي عنه، وقد تقدّمت ترجمتهم جميعا في أول
ومن المعلوم عند النّاس كافّة،
…
الكتاب رحمهم الله تعالى رحمة الأبرار، وأسكنهم أعلى فراديس القرار، ونفعنا بعلومهم، وأعاد علينا من فهومهم بمنه وكرمه. آمين.
(ومن المعلوم) المقرّر (عند النّاس) : اسم وضع للجمع كالقوم والرّهط، وواحده إنسان من غير لفظه، مشتق من: ناس ينوس؛ إذا تدلى وتحرك، فيطلق على الجنّ والإنس. قال تعالى الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)[الناس] ، ثمّ فسّر الناس بالجنّ والنّاس، فقال مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)[الناس] ، وسمّى الجنّ ناسا كما سموا رجالا، قال تعالى وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ [6/ الجن] وكانت العرب تقول: رأيت ناسا من الجنّ، ويصغر الناس على «نويس» ، لكن غلب استعماله في الإنس؛ قاله في «المصباح» .
(كافّة) ؛ أي: جميعا، قال سيبويه: إنّ «كافّة» يلزم التنكير والنصب على الحالية؛ كعامّة، وقاطبة، وطرّا، ونحوه، وزاد غيره: أنّها لا تثنى ولا تجمع ولا تطلق على غير العقلاء، ولم يرد ذلك في كلام الله تعالى، ولا في كلام العرب!.
ووهّموا من استعملها على خلاف ذلك: كابن نباته في «خطبه» وصاحب «الكشاف» في «كشافه» ، وفي قوله في خطبة «المفصل» :«محيط بكافّة الأبواب» لإخراجه لها عن النصب والتنكير، واستعمالها فيما لا يعقل.
وأما قول الجوهري « «الكافة» الجميع من الناس» !! فلا وهم فيه؛ لأن النكرة إذا أريد لفظها يجوز أن تعرّف فلا وهم فيه، كما توهّم صاحب «درة الغواص» للحريري؛ ذكر ذلك الشهاب الخفاجي في «شرح الشفا» على قول المتن:«ما روته الكافّة عن الكافة» . وتعقّبه بقوله: هذا وإن اتفقوا عليه لا وجه له رواية ودراية.
أما الأوّل: فلأن العرب إذا استعملت لفظا في معنى وضعته له على وجه مخصوص من الإعراب؛ لم يلزم غيرهم اتّباعهم فيه، ولو قلنا بذلك لأدّى إلى
موافقين ومخالفين، مسلمين وغير مسلمين.. أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفصح النّاس على الإطلاق، ولم يخالف في ذلك أحد.
التضييق على الناس في استعمال الألفاظ العربية. وعدّ هذا ونحوه لحنا- كما قاله الحريري- لا وجه له.
وأما الثاني: فلأنّه روي عن عمر رضي الله تعالى عنه استعماله في كتابه لبني كاكله المرويّ عنه رواية ثابتة، وعن علي كرم الله تعالى وجهه في ذلك أيضا حيث كتبه بعينه بين جمع من الصّحابة وناهيك بهم فصاحة!!
فإن أردت تفصيله فانظره في شرحنا ل «درة الغواص في أوهام الخواص» .
انتهى كلام الخفاجي رحمه الله تعالى.
والمراد بقوله «كافّة» : عموم الناس كما بيّنه بقوله: (موافقين) لنا في الدّين والعقيدة، (ومخالفين) فيهما (مسلمين؛ وغير مسلمين)، فجميع الطوائف وجميع الفرق على اختلاف أديانهم وعقائدهم ومذاهبهم ومشاربهم كلّهم معترفون (أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفصح النّاس على الإطلاق) أي: أقدرهم على الإتيان بالكلام الفصيح؛ أي: البليغ، فالفصاحة قد تطلق ويراد بها البلاغة، وهو أحسنهم بيانا، وأعذبهم كلاما، وأسرعهم أداء، وأحلاهم منطقا، حتى كان كلامه يأخذ بمجامع القلوب، ويسلب الأرواح، لا يوازى فصاحة، ولا يبارى بلاغة.
(ولم يخالف في ذلك أحد) من سائر الطوائف، فكيف وهو الذي شدّت به الفصاحة نطاقها، ومدّت إليه البلاغة رواقها، وقد كان يقول:«أنا أفصح العرب» !! ذكره في «المواهب» ؛ أي: والعرب أفصح الناس، فهو أفصح الفصحاء، وقد قال له عمر بن الخطاب: يا رسول الله؛ مالك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟!. فقال: «كانت لغة إسماعيل قد درست، فجاءني بها جبريل فحفظتها» . رواه أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» بإسناد ضعيف، وفي رواية ابن عساكر:«فحفّظنيها» ؛ أي: جبريل، فلذا كنت أفصح العرب. ينطق بأفصح
وهاكها مرتّبة على الحروف:
اللّغات وأتمّ البلاغات، وأفحم بلغاء العرب قاطبة، فلم يدع منهم أحدا إلّا أعجزه وأدلّه، وحيّره في أمره وأعلّه؛ قاله الزرقاني على «المواهب» قال:
وأما ما يروى: «أنا أفصح من نطق بالضّاد» !! فقال ابن كثير: لا أصل له.
انتهى، لكن معناه صحيح.
وبالجملة فلا يحتاج العلم بفصاحته إلى شاهد، ولا ينكرها موافق ولا معاند.
وقد جمع العلماء كابن السنّي، والقضاعيّ، وابن الصّلاح في آخرين من كلامه الفرد الموجز البديع الذي لم يسبق إليه كتبا مستقلة، وتبعهم المصنف فذكر منها جملة وافرة في هذا الفصل، (وهاكها) ؛ أي: خذها، لأن «ها» اسم فعل أمر بمعنى «خذ» . وفيه: لغتان: القصر والمدّ، ويستعمل مجرّدا، فيقال: للواحد المذكر وغيره «ها» بالقصر، و «هاء» بالمد، ويستعمل متلوا بكاف الخطاب بحسب المخاطب، فيقال:«هاك، وهاك، وهاكما، وهاكم، وهاكن» ، ويستعمل مقتصرا على تصرف الهمزة فيقال:«هاء وهاؤما وهاؤم وهاؤن» .
وهذه أفصح اللّغات فيها، وبها ورد القرآن؛ قاله السيوطي في «شرح جمع الجوامع» النحوي.
(مرتّبة على الحروف) فما كان أوله همزة ففي حرف الهمزة، وما كان أوله باء موحدة ففي حرف الباء، وهكذا قال المصنف: