المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: مسمى الإيمان عند الكرامية - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث العاشر: الرد على الماتريدية في تفسيرهم لصفة "الألوهية" "بصفة" "الربوبية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: تعريف المرجئة

- ‌المبحث الثاني: نشأة الإرجاء

- ‌المبحث الثالث: أول نزاع وقع في الأمة وهو في مسألة الإيمان والإسلام

- ‌المبحث الرابع: في ترتيب الفرق ظهورا وظلمة، وتحديد الزمن الذي ظهرت فيه بدعة الإرجاء

- ‌المبحث الخامس: براءة الصحابة رضي الله عنهم من الإرجاء

- ‌المبحث السادس: الخوارج ونشأة الإرجاء

- ‌المبحث السابع: المرجئة الأولى

- ‌المبحث الثامن: الإرجاء خارج مذهب الخوارج

- ‌المبحث التاسع: البدايات والأصول

- ‌المبحث العاشر: مؤسس هذه الطائفة

- ‌المبحث الحادي عشر: حول إرجاء الحسن بن محمد بن الحنفية

- ‌المبحث الثاني عشر: في صلة المرجئة بالقدرية

- ‌المبحث الثالث عشر: أصول مذاهب المرجئة نظريا

- ‌المبحث الرابع عشر: الأثر الكلامي في تطور الظاهرة

- ‌المبحث الخامس عشر: حكم ترك العمل في الطور النهائي للظاهرة

- ‌المبحث الأول: العلاقة بين إيمان القلب وإيمان الجوارح

- ‌المبحث الثاني: علاقة قول اللسان بقول القلب وعمله

- ‌المبحث الثالث: العمل وتركه بالكلية كناقض من نواقض الإيمان:

- ‌المبحث الرابع: اللوازم المترتبة على إخراج العمل من الإيمان

- ‌المبحث الخامس: أهمية عمل القلب

- ‌المبحث السادس: إثبات عمل القلب

- ‌المبحث السابع: نماذج من أعمال القلوب

- ‌المبحث الثامن: أثر عمل الجوارح في أعمال القلب

- ‌المبحث الأول: مرجئة الفقهاء

- ‌المبحث الثاني: الجهمية

- ‌المبحث الثالث: الكلابية

- ‌المبحث الرابع: الكرامية

- ‌المبحث الخامس: الأشاعرة

- ‌أولا: مسمى الإيمان عند مرجئة الفقهاء

- ‌ثانيا: مفهوم الإرجاء عند بعض فقهاء أهل السنة، والفرق بينهم وبين غلاة المرجئة:

- ‌المطلب الثاني: مسمى الإيمان عند الجهمية

- ‌المطلب الثالث: مسمى الإيمان عند الكرامية

- ‌المطلب الرابع: مسمى الإيمان عند الأشاعرة

- ‌المطلب الخامس: حجج المرجئة

- ‌المبحث الأول: الإسلام والإيمان عند مرجئة الفقهاء

- ‌المطلب الأول: الإسلام والإيمان عند الجهمية

- ‌المطلب الثاني: الإسلام والإيمان عند الكرامية

- ‌المطلب الثالث: الإسلام والإيمان عند الأشاعرة

- ‌الفصل السادس: مفهوم الإيمان والكفر عند المرجئة

- ‌المبحث الأول: قول من قال الإيمان يزيد وتوقف في النقصان

- ‌المبحث الثاني: قول من قال الإيمان يزيد ولا ينقص، والرد عليه

- ‌المبحث الثالث: زيادة الإيمان ونقصانه عند مرجئة الفقهاء

- ‌المبحث الرابع: زيادة الإيمان ونقصانه عند الجهمية

- ‌المبحث الخامس: زيادة الإيمان ونقصانه عند الكرامية

- ‌المبحث السادس: زيادة الإيمان ونقصانه عند الخوارج والمعتزلة

- ‌المبحث السابع: في ذكر أدلتهم وشبههم وبيان بطلانها

- ‌المبحث الثامن: في بيان موقفهم من النصوص الدالة على زيادة الإيمان ونقصانه، والرد عليهم

- ‌المبحث التاسع: في ذكر سبب نشوء الخلاف في هذه المسألة

- ‌المبحث العاشر: في ذكر هل الخلاف في هذه المسألة عائد إلى الخلاف في تعريف الإيمان أم لا

- ‌المبحث الحادي عشر: في الكلام عن الخلاف في هذه المسألة هل هو لفظي أو حقيقي

- ‌المبحث الأول: الاستثناء في الإيمان عند مرجئة الفقهاء

- ‌المبحث الثاني: الاستثناء في الإيمان عند الجهمية

- ‌المبحث الثالث: الاستثناء في الإيمان عند الكرامية

- ‌المبحث الرابع: الاستثناء في الإيمان عند الأشاعرة

- ‌المبحث الأول: حكم مرتكب الكبيرة عند مرجئة الفقهاء

- ‌المبحث الثاني: حكم مرتكب الكبيرة عند الجهمية

- ‌المبحث الثالث: حكم مرتكب الكبيرة عند الكرامية

- ‌المبحث الرابع: حكم مرتكب الكبيرة عند الأشاعرة

- ‌المبحث الأول: موقف علماء السلف من الإرجاء والمرجئة

- ‌المبحث الثاني: موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من المرجئة إجمالا

- ‌المبحث الثالث: المرجئة وسوء مذاهبهم عند العلماء

- ‌المبحث الرابع: فتوى اللجنة الدائمة في التحذير من مذهب الإرجاء وتحقيق النقل عن شيخ الإسلام فيه

- ‌المبحث الأول: تعريف المعتزلة لغةً واصطلاحاً

- ‌المبحث الثاني: أصل تسمية المعتزلة

- ‌المبحث الثالث: أسماء المعتزلة وعلة تلقيبهم بها

- ‌المبحث الرابع: تاريخ ومكان نشأة المعتزلة وممن استقوا آراءهم

- ‌المبحث الخامس: إبطال مزاعم الشيعة والمستشرقين حول نسبة المعتزلة إلى الصحابة

- ‌المبحث السادس: عوامل ظهور المعتزلة وانتشار أفكارهم

- ‌المبحث السابع: انتشار مذهب المعتزلة

- ‌المطلب الأول: دراسة نقدية لشخصية واصل بن عطاء

- ‌المطلب الثاني: دراسة نقدية لشخصية عمرو بن عبيد بن باب:

- ‌المطلب الثالث: بعض الأقوال التي انفرد فيها عمرو بن عبيد

- ‌المبحث التاسع: فرق المعتزلة

- ‌المبحث العاشر: أبرز ملامح الاعتزال

- ‌المبحث الأول: التوحيد عند المعتزلة

- ‌المبحث الثاني: موقف المعتزلة من الصفات عامة

- ‌المطلب الأول: تقسيم المعتزلة للصفات

- ‌المطلب الثاني: رأي جمهور المعتزلة في الصفات وشبهاتهم والجواب عليها

- ‌المطلب الثالث: ذكر بعض أقوال المعتزلة التي فيها إشارة إلى شبهة التعدد والتركيب

- ‌المطلب الرابع: توضيح شبهة التركيب والرد عليها

- ‌المطلب الخامس: بيان تناقض المعتزلة في إثباتهم الأسماء ونفيهم الصفات

- ‌المطلب الأول: دليل الأعراض وحدوث الأجسام عند فرق المبتدعة

- ‌المطلب الثاني: شرح دليل الأعراض وحدوث الأجسام عند المعتزلة

- ‌المطلب الثالث: وجه استدلال المعتزلة بدليل الأعراض وحدوث الأجسام على مذهبهم في الصفات

- ‌المطلب الأول: رأي العلاف في الصفات ومناقشته

- ‌المطلب الثاني: معاني معمر ومناقشتها

- ‌المطلب الأول: رأي المعتزلة في الإرادة ومناقشتهم

- ‌المطلب الثاني: رأي المعتزلة في صفتي السمع والبصر ومناقشتهم

- ‌المبحث السادس: رأي المعتزلة في القرآن ومناقشتهم

- ‌المبحث السابع: رأي المعتزلة في الرؤية مع ذكر أدلتهم ومناقشتها وذكر أدلة أهل السنة على جواز الرؤية

- ‌المطلب الأول: المذاهب في رؤية الله تعالى

- ‌المطلب الثاني: نفاة الرؤية، وأدلتهم ومناقشتها

- ‌المطلب الثالث: الأدلة العقلية للمعتزلة

- ‌المطلب الرابع: أدلة أهل السنة على جواز الرؤية

- ‌المبحث الثامن: رأي المعتزلة في بعض مسائل التشبيه والتجسيم

- ‌الفصل الثالث: الأصل الثاني العدل

- ‌المبحث الأول: رأي المعتزلة في أفعال الله ومناقشتهم

الفصل: ‌المطلب الثالث: مسمى الإيمان عند الكرامية

‌المطلب الثالث: مسمى الإيمان عند الكرامية

في بيان مذهب الكرامية في مسمى الإيمان يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "وأما الكرامية، فلهم في الإيمان قول ما سبقهم إليه أحد، قالوا: هو الإقرار باللسان، وإن لم يعتقد بقلبه"(1).

وذكر أن القول بأن الإيمان مجرد القول، بلا تصديق، ولا معرفة في القلب، إنما أحدثه ابن كرام، وانفرد به. وأما سائر ما قاله، فأقوال قيلت قبله، ولهذا لم يذكر الأشعري، ولا غيره ممن يحكي مقالات الناس عنه قولا انفرد به إلا هذا، وأما سائر أقواله، فيحكونها عن ناس قبله ولا يذكرونه (2).

وفي معرض تصنيفه لأقوال المرجئة قال رحمه الله:"والقول الثاني: من يقول هو مجرد قول اللسان، وهذا لا يعرف لأحد قبل الكرامية"(3).ويقول: "وحدث بعد هؤلاء - يعني المرجئة الفقهاء والجهمية - قول الكرامية: إن الإيمان قول اللسان، دون تصديق القلب"(4).

ويقول: "وقالت الكرامية هو: القول فقط، فمن تكلم به فهو مؤمن كامل الإيمان، لكن إن كان مقرا بقبله كان من أهل الجنة، وإن كان مكذبا بقلبه كان منافقا، مؤمنا، من أهل النار. وهذا القول هو الذي اختصت به الكرامية وابتدعته، ولم يسبقها أحد إلى هذا القول، وهو آخر ما أحدث من الأقوال في الإيمان"(5).ويقول: "والكرامية قولهم في الإيمان قول منكر، لم يسبقهم إليه أحد، حيث جعلوا الإيمان: قول اللسان، وإن كان مع عدم تصديق القلب، فيجعلون المنافق مؤمنا، لكنه يخلد في النار، فخالفوا الجماعة في الاسم دون الحكم"(6).

ويقول: "وكذلك الكرامية باينوا سائر الطوائف في قولهم إن الإيمان هو باللسان، فمن أقر بلسانه كان مؤمنا، وإن جحد بقلبه. قالوا: وهو مؤمن مخلد في النار، فإن هذا لم يقله غيرهم"(7).

ويقول: "وآخر الأقوال حدوثا في ذلك - يعني في الإيمان - قول الكرامية: أن الإيمان اسم للقول باللسان، وإن لم يكن معه اعتقاد القلب. وهذا القول أفسد الأقوال، لكن أصحابه لا يخالفون في الحكم، فإنهم يقولون: إن هذا الإيمان باللسان دون القلب هو إيمان المنافقين، وإنه لا ينفع في الآخرة"(8).

وقد نبه شيخ الإسلام على أمرين مهيمن في قول الكرامية:

الأول: أنهم وإن أخرجوا التصديق من مسمى الإيمان، لكنهم يوجبونه. يقول شيخ الإسلام رحمه الله:"مع أن الكرامية لا تنكر وجوب المعرفة والتصديق، ولكن تقول لا يدخل في اسم الإيمان؛ حذرا من تبعضه وتعدده؛ لأنهم رأوا أنه لا يمكن أن يذهب بعضه ويبقى بعضه، بل ذلك يقتضي أن يجتمع في القلب إيمان وكفر، واعتقدوا الإجماع على نفي ذلك"(9).

والثاني: أنهم مع قولهم بأن المنافق مؤمن، فهذا حكمه في الدنيا فحسب، وأما في الآخرة، فهو مخلد في النار.

يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "حتى الكرامية الذين يسمون المنافق مؤمنا، ويقولون: الإيمان هو الكلمة، يقولون: إنه لا ينفع في الآخرة إلا الإيمان الباطن.

وقد حكى بعضهم عنهم أنهم يجعلون المنافقين من أهل الجنة، وهو غلط عليهم، إنما نازعوا في الاسم لا في الحكم؛ بسبب شبهة المرجئة في أن الإيمان لا يتبعض، ولا يتفاضل".

(1)((النبوات)) (1/ 582).

(2)

انظر: ((الإيمان)) (ص370)((الفتاوى)) (7 - 387).

(3)

((الإيمان)) (ص184)((الفتاوى)) (7/ 195)؛ وانظر منه، (ص134)((الفتاوى)) (7/ 140).

(4)

((الإيمان الأوسط))، ضمن:((الفتاوى)) (7/ 509)، (ص378) ط ابن الجوزي؛ وانظر:((الفتاوى)) (20/ 86)؛ و ((الصارم المسلول)) (3/ 965).

(5)

((الفتاوى)) (13/ 56)؛ وانظر: ((درء التعارض)) (6/ 270).

(6)

((التدمرية)(ص192 - 193)((الفتاوى)) (3 - 103).

(7)

((منهاج السنة)) (3/ 462).

(8)

((شرح الأصبهانية)) (2/ 586)، (ص143) ت مخلوف.

(9)

((الإيمان)) (ص376)((الفتاوى)) (7/ 394).

ص: 170

ويقول: "والكرامية توافق المرجئة والجهمية في أن إيمان الناس كلهم سواء، ولا يستثنون في الإيمان، بل يقولون هو مؤمن حقا لمن أظهر الإيمان، وإذا كان منافقا فهو مخلد في النار عندهم، فإنه إنما يدخل الجنة من آمن ظاهرا وباطنا. ومن حكى عنهم أنه يقولون: المنافق يدخل الجنة، فقد كذب عليهم، بل يقولون: المنافق مؤمن؛ لأن الإيمان هو القول الظاهر، كما يسميه غيرهم مسلما؛ لأن الإسلام هو الاستسلام الظاهر"(1).

وقد اعتنى شيخ الإسلام بهذه الحقيقة، وبين برائتهم مما نسب إليهم من أن المنافق مؤمن في الجنة، ومما قاله في ذلك:

"فالمؤمن المستحق للجنة لابد أن يكون مؤمنا في الباطن باتفاق جميع أهل القبلة، حتى الكرامية الذين يسمون المنافق مؤمنا، ويقولون الإيمان هو الكلمة، يقولون إنه لا ينفع في الآخرة إلا الإيمان الباطن. وقد حكى بعضهم عنهم أنهم يجعلون المنافقين من أهل الجنة، وهو غلط عليهم، إنما نازعوا في الاسم لا في الحكم؛ بسبب شبهة المرجئة في أن الإيمان لا يتبعض، ولا يتفاضل"(2).ويقول: "وبعض الناس يحكي عنهم أن من تكلم به بلسانه دون قلبه فهو من أهل الجنة، وهو غلط عليهم، بل يقولون: إنه مؤمن كامل الإيمان، وإنه من أهل النار"(3).

ويقول: "وقالوا - يعني الكرامية - المنافق هو مؤمن، ولكنه مخلد في النار. وبعض الناس يحكي عنهم أن المنافق في الجنة، وهذا غلط علهيم، بل هم يجعلونه مؤمنا، مع كونه مخلدا في النار، فينازعون في الاسم، لا في الحكم"(4).

ويقول: "وأما الكافر المنافق في الباطن، فإنه خارج عن المؤمنين المستحقين للثواب باتفاق المسلمين.

ولا يسمون بمؤمنين عند أحد من سلف الأئمة وأئمتها، ولا عند أحد من طوائف المسلمين، إلا عند طائفة من المرجئة، وهم الكرامية الذين قالوا: إن الإيمان هو مجرد التصديق في الظاهر، فإذا فعل ذلك كان مؤمنا، وإن كان مكذبا في الباطن، وسلموا أنه معذب مخلد في الآخرة، فنازعوا في اسمه، لا في حكمه.

ومن الناس من يحكي عنهم أنهم جعلوهم من أهل الجنة، وهو غلط عيهم. ومع ذلك فتسميتهم له مؤمنا بدعة ابتدعوها، مخالفة للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، وهذا البدعة الشنعاء هي التي انفرد بها الكرامية دون سائر مقالاتهم" (5).

وقال رحمه الله في معرض تقويمه آراء ابن كرام: "وابن كرام منتسب إلى مذهب أهل الرأي، وخالف قول الجماعة، وتكلم في مسألة الإيمان بكلام لم يسبقه إليه أحد من المسلمين، حيث جعل المتكلم بلسانه مؤمنا باطنا وظاهرا، وإن كان منافقا في الباطن، وجعله مع ذلك كافر مخلدا في النار. وبعض الناس يحكي عنه أنه جعله سعيدا في الآخرة، وهذا غلط عليه، فإنه جعله في النار، فلم يخالف الجماعة في حكمه في الآخرة، وإنما خالفهم في اسمه في الدنيا"(6).

وبعد هذا كله، فإن معالم مسمى الإيمان عند الكرامية يمكن تلخيصها فيما يلي:

1 -

أن الإيمان مجرد قول اللسان، فمن أتى به فهو مؤمن كامل الإيمان.

2 -

إخراج تصديق القلب من الإيمان، مع قولهم بوجوبه.

3 -

إخراج عمل القلب.

4 -

إخراج عمل الجوارح.

5 -

أن المنافق مؤمن في الدنيا؛ لأنه أتى بالقول، لكنه منافق مخلد في النار؛ لأنه مكذب بقبله.

6 -

أن الإيمان لا يتبعض، ولا يتفاضل، والناس فيه سواء، ولا يجتمع في العبد إيمان وكفر.

(1)((الإيمان)) (ص135)((الفتاوى)) (7/ 141).

(2)

((الإيمان)) (ص203 - 204)((الفتاوى)) (7/ 216).

(3)

((الفتاوى)) (13/ 56).

(4)

((النبوات)) (1/ 582).

(5)

((الإيمان الأوسط))، ضمن:((الفتاوى)) (7/ 475 - 476)، (ص308 - 309) ط. ابن الجوزي.

(6)

((شرح الإصبهانية)) (2/ 328)؛ وانظر: ((التدمرية)(ص193).

ص: 171

وهذه هي الشبة التي أوقعتهم في الغلط في مسمى الإيمان، وهي نفسها شبهة من قبلهم من المرجئة، حيث ظنوا أن الإيمان لا يتبعض، إذ يلزم من ذلك ذهابه بذهاب بعضه، وأن يجتمع في العبد إيمان وكفر، وهذا مخالف عندهم للإجماع

وأما مذهبهم في المنافق الذي انفردوا به، حيث سموه مؤمنا، فقد حكى شيخ الإسلام شبهتهم في ذلك، فقال:

"والكرامية يقولون: المنافق مؤمن، وهو مخلد في النار؛ لأنه مؤمن ظاهرا لا باطنا، وإنما يدخل الجنة من آمن ظاهرا وباطنا.

قالوا: والدليل على شمول الإيمان له: أنه يدخل في الأحكام الدنيوية المعلقة باسم الإيمان، كقوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ [النساء: 92].ويخاطب في الظاهر بالجمعة والطهارة وغير ذلك مما خوطب به الذين آمنوا، وأما من صدق بقلبه ولم يتكلم بلسانه، فإنه لا يعلق به شيء من أحكام الإيمان، لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يدخل في خطاب الله لعباده بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ " (1).هكذا قرروا هذا القول الباطل المبتدع الذي لم يسبقهم إليه أحد، وخالفوا فيه إجماع المسلمين، والله قد نفى الإيمان عن المنافقين في قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: 8]، وقد ضل من سماه مؤمنا (2).

وأما الاكتفاء من المنافق بمجرد الإقرار، فذلك لأن "قبول الإسلام الظاهر يجرى على صاحبه أحكام الإسلام الظاهرة، مثل عصمة الدم، والمال، والمناكحة، والموارثة، ونحو ذلك. وهذا يكفي فيه مجرد الإقرار الظاهر، وإن لم يعلم ما في باطن الإنسان، كما قال صلى الله عليه وسلم:((فإذا قالوها عصموا مني دماءهم، وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله)) (3).، وقال:((إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أن أشق بطونهم)) (4) .. ،.وأما الإيمان الباطن الذي ينجي من عذاب الله في الآخرة، فلا يكفي فيه مجرد الإقرار الظاهر، بل قد يكون الرجل مع إسلامه الظاهر منافقا، وقد كان المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم منافقون، وقد ذكرهم الله تعالى في القرآن في غير موضع،

، والمنافق عمله حابط لا يتقبله الله" (5).

وقد بين شيخ الإسلام ما يلزم الكرامية على هذه المقالة، فقال:

"فيلزمهم أن يكون المؤمن الكامل الإيمان معذبا في النار، بل يكون مخلدا فيها، وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان.

وإن قال: لا يخلد، وهو منافق.

لزمهم أن يكون المنافقون يخرجون من النار، والمنافقون قد قال الله فيهم: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [النساء: 145]، وقد نهى الله نبيه عن الصلاة عليهم والاستغفار لهم، وقال له: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ [التوبة: 80]، وقال: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة: 84]، وقد أخبر أنهم كفروا بالله ورسوله.

(1)((الإيمان)) (ص134 - 135)((الفتاوى)) (7/ 140).

(2)

انظر: ((الإيمان)) (ص135، 136)((الفتاوى)) (7/ 141).

(3)

رواه البخاري (25) ومسلم (36)(22) ، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

(4)

رواه مسلم (1064) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(5)

((درء التعارض)) (7/ 434 - 436) باختصار.

ص: 172

فإن قالوا: هؤلاء قد كانوا يتكلمون بألسنتهم سرا؛ فكفروا بذلك، وإنما يكون مؤمنا إذا تكلم بلسانه ولم يتكلم بما ينقضه، فإذ ذلك ردة عن الإيمان.

قيل لهم: ولو أضمروا النفاق ولم يتكلموا به كانوا منافقين، قال تعالى: يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ [التوبة: 64].وأيضا قد أخبر الله عنهم أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وأنهم كاذبون، فقال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: 8]، وقال تعالى: إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون: 1]، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((الإسلام علانية والإيمان في القلب)) (1)، وقد قال الله تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 14]، وفي الصحيحين عن سعد ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى رجالا ولم يعط رجلا، فقلت: يا رسول الله أعطيت فلانا وفلانا، وتركت فلانا وهو مؤمن؟ فقال: أو مسلم "مرتين أو ثلاثا")) (2).

‌المصدر:

آراء المرجئة في مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية لعبدالله محمد السند - ص 221

(1) رواه أحمد (12404)(3/ 134) ، من حديث أنس رضي الله عنه، قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/ 57): رجاله رجال الصحيح ما خلا علي بن مسعدة وقد وثقه ابن حبان وأبو داود الطيالسي وأبو حاتم وابن معين وضعفه آخرون، وضعفه الألباني في ((ضعيف الجامع)) (2280).

(2)

رواه البخاري (27) ، ومسلم (150).

ص: 173