الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ص: باب: المتمتع الذي لا يجد هديًا ولا يصوم في العشر
ش: أي هذا باب في بيان أن المتمتع الذي لم يجد هديًا يذبحه ولا صام في العشر كيف يكون حكمه هل يصوم أيام التشريق أم لا؟.
ص: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا يحيى بن سلام، قال: ثنا شعبة، عن ابن أبي ليلى، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه:"أن رسول الله عليه السلام قال في المتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم في العشر أنه يصوم أيام التشريق".
ش: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري شيخ النسائي وأبي بكر بن خزيمة وثقه النسائي، ويحيى بن سلام بن أبي ثعلبة أبو زكريا المصري نزيل مصر قال الدارقطني: ضعيف.
وابن أبي ليلى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فيه مقال، ويقال: هو عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي ابن أخي محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، قال الشافعي: ثقة. وروى له الجماعة وسيجيء الكلام فيه عند الجواب عن هذا الحديث إن شاء الله.
والزهري هو محمد بن مسلم، وسالم هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وأخرجه البيهقي في "سننه"(1): من حديث ابن عبد الحكم، ثنا يحيى بن سلام البصري وهو لين، نا شعبة، عن ابن أبي ليلى عبد الله، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه:"رخص رسول الله عليه السلام في المتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم حتى فاتته أيام العشر أن يصوم أيام التشريق مكانها".
ص: حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو كامل فضيل بن الحسين الجحدري، قال: ثنا أبو عوانة، عن عبد الله بن عيسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة،
(1)"سنن البيهقي الكبرى"(5/ 25 رقم 8282).
وعن سالم، عن ابن عمر، قالا:"لم يرخص رسول الله عليه السلام في صوم أيام التشريق إلَاّ لمحصر أو لمتمتع".
حدثنا محمد بن النعمان الواسطي، قال: ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، وعن سالم، عن أبيه:"أنهما كانا يرخصان للمتمتع إذا لم يجد هديًا ولم يكن صام قبل عرفة أن يصوم أيام التشريق".
ش: هذان طريقان صحيحان:
الأول: عن يزيد بن سنان
…
إلى آخره، والكل رجال الصحيح ما خلا يزيد، وأبو عوانة: الوضاح، وعبد الله بن عيسى هو ابن أبي ليلى المذكور.
وأخرجه البخاري (1): ثنا محمد بن بشار، ثنا غندر، عن سعيد، سمعت عبد الله ابن عيسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وسالم، عن ابن عمر قالا:"لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلَاّ لمن [لم] (2) يجد الهدي".
الثاني: أيضًا رجاله ثقات، وعبد العزيز الأويسي شيخ البخاري، وأويس أحد أجداده، وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني روى له الجماعة.
وأخرجه ابن أبي شيبة (3): من حديث الزهري، عن عروة، عن عائشة، وعن سالم عن ابن عمر نحوه.
وأخرجه البخاري (4): من وجه آخر قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: نا مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر قال:"الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة، فإن لم يجد الهدي ولم يصم صام أيام منى".
(1)"صحيح البخاري"(2/ 703 رقم 1894).
(2)
ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "صحيح البخاري".
(3)
"مصنف ابن أبي شيبة"(3/ 155 رقم 12996).
(4)
"صحيح البخاري"(2/ 703 رقم 1895).
وعن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة مثله، تابعه إبراهيم بن سعد.
ص: قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم إلى هذا وأباحوا صيام أيام التشريق للمتمتع والقارن وللمحصر إذا لم يجدوا هديًا، ولم يكونوا صاموا قبل ذلك، صاموا هذه الأيام، ومنعوا منها من سواهم، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: عروة والزهري ومالكًا والشافعي وأحمد؛ فإنهم قالوا: المتمتع إذا لم يصم في أيام العشر لعدم الهدي يجوز له أن يصوم في أيام التشريق، وكذا القارن والمحصر، واحتجوا في ذلك بالأحاديث المذكورة.
قوله: "ومنعوا منها من سواهم" أي منع هؤلاء القوم الصوم في أيام التشريق مَنْ سوى المتمتع والقارن والمحصر، وفي شرح "الموطأ" للإِشبيلي: ووقت هذا الصوم من حين يحرم بالحج إلى آخر أيام التشريق، والاختيار تقديمه في أول الإِحرام رواه ابن الجلاب، وإنما اختار تقديمه لتعجيل إبراء الذمة؛ ولأنه وقت متفق على جواز الصوم فيه، فإنه فاته ذلك قبل يوم النحر صامه أيام منى، فإن لم يصم أيام منى صام بعدها.
قاله علي وابن عمر وعائشة وابن عباس، وبه قال الشافعي، وروى عن عطاء بن أبي رباح أنه أجاز للمتمتع أن يصوم في العشر وهو حلال، وقال مجاهد وطاوس: إذا صامهن في أشهر الحج أجزأه، وهذان القولان شاذان، وقال أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن": اختلف السلف فيمن لم يجد الهدي ولم يصم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر، فقال عمر بن الخطاب وابن عباس وسعيد بن جبير وإبراهيم وطاوس: لا يجزئه إلَاّ الهدي. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وقال ابن عمر وعائشة: يصوم أيام منى. وهو قول مالك، وقال علي بن أبي طالب: يصوم بعد أيام التشريق. وهو قول الشافعي انتهى.
ثم اعلم أن المتمتع إذا صام الأيام الثلاثة عقيب إحرامه بالعمرة قبل إحرامه بالحج يجوز عندنا، وهو قول الثوري أيضًا، وقال الشافعي ومالك: لا يجوز إلَاّ في
إحرام الحج، وهو قول عائشة وابن عمر، وقال زفر: إذا بدأ بالحج فأحرم به وهو يريد أن يضيف إليه عمرة، فصام قبل إحرام العمرة أجزأه. وقال أبو يوسف: إن بدأ بإحرام العمرة فصام قبل إحرام الحج أجزأه، وإن بدأ بإحرام الحج فصام قبل إحرام العمرة لم يجزئه.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ليس لهؤلاء ولا لغيرهم من الناس أن يصوموا هذه الأيام عن شيء من ذلك ولا عن شيء من الكفارات ولا في تطوع، لنهي النبي عليه السلام عن ذلك، ولكن على المتمتع والقارن الهدي لمتعتهما وقرانهما، وهدي آخر لأنهما حلّا بغير الهدي ولا صوم.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: عطاء بن أبي رباح في رواية، وسعيد بن جبير وطاوسًا وإبراهيم النخعي والثوري والليث بن سعد وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد وأحمد في رواية؛ فإنهم قالوا: المتمتع أو القارن إذا فاته صوم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر لا يجوز له الصوم بعد ذلك، وعليه الدم، وأما الصوم في أيام التشريق فلا يجوز أصلاً لا للمتمتع ولا للقارن ولا لمن عليه كفارة ولا لمن يتطوع به، وهو قول عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس رضي الله عنه.
ص: واحتجوا في ذلك من الآثار المروية عن رسول الله عليه السلام بما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: ثنا المسعودي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع، عن جبير، عن بشر بن سحيم الأسلمي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:"خرج منادي رسول الله عليه السلام في أيام التشريق فقال: إن هذه الأيام أيام أكل وشرب".
ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه من الأحاديث المروية عن النبي عليه السلام بما حدثنا
…
إلى آخره، والباء فيه تتعلق بقوله:"احتجوا" وكلمة "من" في قوله: "من الأحاديث" بيانية.
منها: حديث علي بن أبي طالب، أخرجه بإسناد حسن، عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد القرشي المقريء القصير شيخ البخاري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي ثقة إلَاّ أنه اختلط في آخر عمره، وقال النسائي ليس به بأس. وروى له الأربعة والبخاري مستشهدًا.
عن حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار الكوفي روى له الجماعة، عن نافع بن جبير بن مطعم النوفلي المدني روى له الجماعة، عن بشر بن سحيم الأسلمي الصحابي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
وأخرجه النسائي (1) وابن ماجه (2) وأحمد (3) والدارمي (4) والطبراني (5) والبيهقي (6) كلهم عن بشر بن سحيم، عن النبي عليه السلام بدون واسطة علي:"أنه خطب يوم التشريق في أيام الحج فقال: لا يدخل الجنة إلَاّ نفس مسلمة، وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب".
وقال أبو عمر بن عبد البر: بشر بن سحيم روى عن نافع بن جبير حديثًا واحدًا في أيام التشريق أنهما أيام أكل وشرب، قال: لا أحفظ له غيره.
وقال ابن حبان: له عن النبي عليه السلام حديث واحد في أيام التشريق أنهما أيام أكل وشرب، وقيل: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قلت: أخرج الطحاوي عنه عن علي كما رأيت، وأخرج عنه عن النبي عليه السلام على
(1)"المجتبى"(8/ 104 رقم 4994).
(2)
"سنن ابن ماجه"(1/ 548 رقم 1720).
(3)
"مسند أحمد"(4/ 335 رقم 18975).
(4)
"سنن الدارمي"(2/ 38 رقم 1766).
(5)
"المعجم الكبير"(2/ 36 رقم 1205).
(6)
"سنن البيهقي الكبرى"(4/ 298 رقم 8247).
ما يجيء عن قريب، وكذلك أخرج ابن حزم (1) الحديث المذكور عن بشر بن سحيم عن النبي عليه السلام وعن بشر بن سحيم عن علي بن أبي طالب عن النبي عليه السلام.
وأيام التشريق ثلاثة بعد يوم النحر، سميت بذلك من تشريق اللحم وهو تقديده وبسطه في الشمس ليجف؛ لأن لحوم الأضاحي كانت تشرق فيها بمنى، وقيل: سميت به لأن الهدي والضحايا لا تنحر حتى تشرق الشمس، أي حتى تطلع.
ص: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا محمد بن أبي حميد المدني، قال: ثنا إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن جده، قال: أمرني رسول الله عليه السلام أن أنادي أيام منى إنها أيام أكل وشرب، فلا صوم فيها يعني أيام التشريق".
ش: روح بن عبادة شيخ أحمد روى له الجماعة، ومحمد بن أبي حميد واسم أبي حميد إبراهيم الزرقي المدني فيه مقال، وعن يحيى: ضعيف ليس حديثه بشيء.
وقال النسائي: ليس بثقة. روى له الترمذي وابن ماجه.
وإسماعيل بن محمد روى له الجماعة إلَاّ أبا داود، وأبوه محمد بن سعد روى له الجماعة، وجده سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(2): ثنا روح، نا محمد بن أبي حميد
…
إلى آخره نحوه سواء.
ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عائشة، قالت: قال رسول الله عليه السلام: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله".
(1)"المحلى": (7/ 28).
(2)
"مسند أحمد"(1/ 169 رقم 1456).
ش: سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني شيخ مسلم وأبي داود، وهشيم بن بشير روى له الجماعة، وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قاضي الكوفة فيه لين، وعطاء هو ابن أبي رباح وأخرجه (1).
ص: حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا الليث، عن ابن الهاد، عن أبي مرة، مولى عقيل بن أبي طالب:"أنه دخل هو وعبد الله بن عمرو بن العاص على عمرو بن العاص وذلك الغد أو بعد الغد من أيام التشريق، فقرب إليهم عمرو طعامًا، فقال عبد الله: إني صائم، فقال له عمرو: أفطر؛ فإن هذه الأيام التي كان رسول الله عليه السلام يأمرنا بفطرها -أو ينهانا عن صيامها- فأفطر عبد الله، فأكل وأكلت".
ش: رجاله كلهم رجال الصحيح، وابن الهاد هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد المدني روى له الجماعة، وأبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب اسمه يزيد.
وأخرجه الدارمي في "سننه"(2): أنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث
…
إلى آخره نحوه سواء.
قوله: "وذلك الغد" ذلك إشارة إلى الدخول الذي دل عليه قوله: "أنه دخل هو وعبد الله" والمعنى دخولهما على عمرو بن العاص كان في الغد من أيام التشريق أو بعد الغد منها.
فإن قيل: كيف إعراب "وذلك الغد"؟
قلت: ذلك في محل الرفع على الابتداء، وخبره "الغد" منصوب بتقدير "في " والمعنى: ذلك حصل في الغد، أي الدخول حصل في الغد من أيام التشريق، ونظيره زيد خلفك، فالخبر في الحقيقة حصل، فلما حذف صار الخبر هو الظرف
(1) بيض له المصنف رحمه الله ولم يذكر من أخرجه، وقد أخرجه الإِمام الطبري في "تفسير" (2/ 304) تحت تفسير قوله تعالى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} من سورة البقرة.
(2)
"سنن الدارمي"(2/ 38 رقم 1767).
على المجاز، ولا يجوز الرفع في "الغد" لأن الخبر ما يصدق على المبتدأ، والغد لا يصدق على الدخول؛ لأنه لا يقال: الدخول غد، كما يقال الدخول حصل أو حاصل، ولكن جوز الرفع فيما إذا أخبر عن الحدث بالزمان المعرفة، نحو سرنا شهر رمضان، وذلك على الاتساع تشبيهًا بالخبر الحقيقي، إذ ليس رمضان نفس السير، وذلك ليفيد العموم، كما في قوله تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (1) ويجوز النصب أيضًا ليفيد وقوعه فيه لا العموم، وإن أخبر عن النكرة فالجيد الرفع نحو سيرنا يوم؛ لأن القصد عموم اليوم بالسير، ولو نصب لكان ظرف ويفيد وقوع السير في يوم، فافهم، فإنه بحث دقيق لا يدركه إلَاّ ذو قريحة وقادة وطبيعة نقادة.
ص: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: حدثني ابن جريج، قال: أخبرني سعيد بن كثير، أن جعفر بن عبد المطلب أخبره:"أن عبد الله بن عمرو بن العاص دخل على عمرو بن العاص فدعاه إلى الغداء فقال: إني صائم، ثم الثانية فكذلك ثم الثالثة، فقال: لا إلَّا أن تكون سمعته من رسول الله عليه السلام، قال: فإني قد سمعته من رسول الله عليه السلام يعني النهي عن الصيام أيام التشريق".
ش: هذا طريق آخر وهو أيضًا صحيح، وابن جريج هو عبد الملك المكي، وسعيد بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي المكي، أخو كثير بن كثير، وهو ابن أخي جعفر المذكور وثقه ابن حبان، وجعفر بن عبد المطلب بن أبي وداعة وثقه ابن حبان.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(2): ثنا روح، نا ابن جريج
…
إلى آخره نحوه سواء.
ص: حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا عبد الرحمن بن
(1) سورة الأحقاف، آية:[15].
(2)
"مسند أحمد"(4/ 197 رقم 17804).
مهدي، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن سالم، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن حذافة:"أن النبي عليه السلام أمره أن ينادي في أيام التشريق: إنها أيام أكل وشرب".
ش: رجاله كلهم رجال الصحيح ما خلا فهدًا، وسفيان هو الثوري، وسالم هو ابن أبي أُميَّة أبو النضر -بالنون والضاد المعجمة- وسليمان بن يسار الهلالي أبو أيوب المدني مولى ميمونة زوج النبي عليه السلام، وعن يحيى بن معين: أن سليمان بن يسار لم يسمع من عبد الله بن حذافة.
وأخرجه أحمد (1): عن عبد الرحمن، عن سفيان
…
إلى آخره نحوه سواء.
وأخرجه الطبراني: ثنا عبيد بن غنام، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الرحمن ابن مهدي، نا سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله ابن حذافة، عن النبي عليه السلام قال:"أيام التشريق أيام أكل وشرب" وله في رواية أخرى (2): "أمرني رسول الله عليه السلام أن أنادي في أهل منى في بردين: أن لا يصومن هذه الأيام أحد، فإنها أيام أكل وشرب وذكر".
ص: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا صالح بن أبي الأخضر، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة:"أن رسول الله عليه السلام أمر عبد الله بن حذافة أن يطوف في أيام منى: ألا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله عليه السلام: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل".
(1)"مسند أحمد"(3/ 450 رقم 15773).
(2)
"المعجم الأوسط"(1/ 173 رقم 544).
ش: هذان طريقان:
الأول: فيه صالح بن أبي الأخضر اليمامي مولى هشام بن عبد الملك، ضعفه يحيى وأبو زرعة، وعن يحيى والبخاري: ليس بشيء. روى له الأربعة.
وابن شهاب هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري.
وأخرجه الدارقطني في "سننه"(1): نا يعقوب بن إبراهيم البزاز، نا أحمد بن يحيى بن عطاء الجلاب، ثنا روح بن عبادة
…
إلى آخره نحوه، غير أن في لفظه:"بعث عبد الله بن حذافة يطوف في منى". والباقي نحوه سواء.
الثاني: فيه عمر بن أبي سلمة، قال ابن سعد: لا يحتج بحديثه. وقال ابن المديني: تركه شعبة وليس بذاك. وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث. وقال العجلي وابن معين: لا بأس به.
وأبوه عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2): ثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله عليه السلام: "أيام منى أيام أكل وشرب".
ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد -هو ابن منصور- قال: نا هشيم، قال: أنا خالد الحذاء، عن أبي المليح الهذلي، عن نبيشة الهذلي، عن النبي عليه السلام مثله.
ش: رجاله كلهم رجال الصحيح ما خلا إبراهيم بن أبي داود البرلسي، وأبو المليح بن أسامة الهذلي قيل: اسمه عامر، وقيل: زيد بن أسامة بن عمير، وقيل: ابن أسامة بن عامر.
ونبيشة بضم النون وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الهاء المعجمة، وهو نبيشة الخير بن عبد الله بن عمرو الهذلي الصحابي رضي الله عنه.
(1)"سنن الدارقطني"(2/ 187 رقم 33).
(2)
"مصنف ابن أبي شيبة"(3/ 394 رقم 15268).
وأخرجه مسلم (1): ثنا سريج بن يونس، قال: ثنا هشيم، قال: أنا خالد، عن أبي مليح، عن نبيشة الهذلي، قال: قال رسول الله عليه السلام: "أيام التشريق أيام أكل وشرب".
ص: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، أن نافع بن جبير أخبره، عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام-قال عمرو: قد سماه نافع فنسيته- أن النبي عليه السلام قال لرجل من بني غفار يقال له: بشر بن سحيم: "قم فأذن في الناس: إنها أيام أكل وشرب في أيام منى".
ش: رجاله كلهم رجال الصحيح ما خلا عليًّا، وابن جريج هو عبد الملك.
وأخرجه النسائي (2) وابن ماجه (3) من حديث سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع بن جبير.
وأخرجه أبو نعيم بإسناده عن نافع بن جبير بن مطعم، عن رجل من الصحابة:"أن النبي عليه السلام بعث بشر بن سحيم فأمره أن ينادي: أنه لا يدخل الجنة إلَاّ نفس مسلمة، وإنها أيام أكل وشرب" قال: وروي نحو هذا عن جابر.
ص: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن منهال، قال: ثنا حماد، قال: أنا عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن بشر بن سحيم، عن النبي عليه السلام مثله.
ش: إسناده صحيح، وتكرر رجاله.
وأخرجه الطبراني (4): نا علي بن سعيد الرازي، ثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي، ثنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن بشر بن سحيم، والحجاج، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع بن جبير، عن بشر بن سحيم: "أن
(1)"صحيح مسلم"(2/ 800 رقم 1141).
(2)
"المجتبى"(8/ 104 رقم 4994).
(3)
"سنن ابن ماجه"(1/ 548 رقم 1720).
(4)
"المعجم الكبير"(2/ 37 رقم 1215).
رسول الله عليه السلام أمره فنادى بمنى أيام التشريق: لا يدخل الجنة إلَاّ نفس مسلمة، وإنها أيام أكل وشرب".
ص: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا شعبة (ح).
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا سعيد، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع بن جبير، عن بشر بن سحيم، عن النبي عليه السلام مثله.
ش: هذان طريقان آخران صحيحان، رجالهما رجال الصحيح ما خلا شيخي الطحاوي.
وأخرجه الييهقي (1): من حديث شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن بشر بن سحيم:"أن رسول الله عليه السلام: بعثه أيام التشريق بمنى ينادي: إنها أيام أكل وشرب، ولا يدخل الجنة إلَاّ مؤمن".
وأخرجه النسائي (2) وابن ماجه (3) نحوه.
ص: حدثنا علي، قال: ثنا روح، قال: ثنا الربيع بن صُبيح ومرزوق أبو عبد الله الشامي، قالا: ثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن صوم أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، عن الربيع بن صبيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن النبي عليه السلام مثله.
ش: هذان طريقان.
الأول: عن علي بن شيبة، عن روح بن عبادة، عن الربيع بن صَبيح -بفتح الصاد- السعدي أبي حفص البصري، فعن يحيى: ليس به بأس، وعنه: ضعيف الحديث. وقال ابن سعد والنسائي: ضعيف. وقال أبو زرعة: شيخ صالح صدوق. روى له الترمذي وابن ماجه.
(1)"سنن البيهقي الكبرى"(4/ 298 رقم 8247).
(2)
"المجتبى"(8/ 104 رقم 4994).
(3)
"سنن ابن ماجه"(1/ 548 رقم 1720).
وعن مرزوق أبي عبد الله الشامي الحمصي، ذكره ابن حبان في الثقات، كلاهما عن يزيد بن أبان الرقاشي أبي عمرو البصري فعن يحيى: ضعيف، وعنه: لا شيء، وعنه: رجل صالح وليس حديثه بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث. روى له الترمذي وابن ماجه، والرقاشي -بفتح الراء والقاف- نسبة إلى رقاش بنت ضبيعة.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(1): نا موسى بن محمد، نا كهمس بن المنهال، نا سعيد بن أبي عروبة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس:"أن رسول الله عليه السلام نهى عن صوم خمسة أيام من السنة: يوم الفطر، ويوم النحر، وأيام التشريق".
والثاني: عن إبراهيم بن مرزوق، عن سعيد بن عامر الضبعي، عن الربيع بن صبيح، عن يزيد الرقاشي
…
إلى آخره.
ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: نا أبو عبد الرحمن المقريء، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن جبير، عن معمر بن عبد الله العدوي، قال:"بعثني رسول الله عليه السلام أؤذن في أيام التشريق بمنى: لا يصومن أحد، فإنها أيام أكل وشرب".
ش: أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقريء القصير شيخ البخاري، وابن لهيعة هو عبد الله بن لهيعة المصري فيه مقال، ويزيد بن أبي حبيب سويد المصري روى له الجماعة، وعبد الرحمن بن جبير المصري المؤذن مولى نافع بن عمرو وثقه النسائي وابن حبان وروى له مسلم ومن الأربعة غير ابن ماجه، ومعمر ابن عبد الله بن نافع القرشي العدوي الصحابي رضي الله عنه، وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة": ثنا محمد بن إسحاق، ثنا ابن أبي مريم، ثنا: ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن جبير، عن معمر بن عبد الله العدوي قال:"بعثني رسول الله عليه السلام أؤذن الناس بمنى: أن لا يصوم أحد أيام التشريق، فإنها أيام أكل وشرب".
(1)"مسند أبي يعلى"(7/ 149 رقم 4117).
ص: حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو الأسود، ويحيى بن عبد الله بن بكير، قالا: ثنا ابن لهيعة، عن أبي النضر، أنه سمع سليمان بن يسار وقبيصة بن ذؤيب يحدثان، عن أم الفضل امرأة عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قالت:"كنا مع رسول الله عليه السلام بمنى، فسمعت مناديًا يقول: إن هذه الأيام أيام طعم وشرب وذكر الله، قالت: فأرسلت رسولاً: من الرجل ومن أمره؟ فجاءني الرسول فحدثني أنه رجل يقال له: حذافة، يقول: أمرني بها رسول الله عليه السلام".
ش: ربيع هو ابن سليمان الجيزي الأعرج شيخ أبي داود والنسائي، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار المصري راوية ابن لهيعة، قال النسائي: ليس به بأس. وعن يحيى: كان شيخ صدوق. روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
ويحيى بن عبد الله بن بكير شيخ البخاري، وابن لهيعة عبد الله، وأبو النضر -بالنون والضاد المعجمة- سالم بن أبي أمية القرشي روى له الجماعة، وكذلك سليمان وقبيصة بن ذؤيب بن طلحة الخزاعي روى لهما الجماعة.
وأم الفضل اسمها لبابة بنت الحارث الهلالية زوج العباس بن عبد المطلب، أخت ميمونة بنت الحارث، وكانت أول امرأة أسلمت بعد خديجة، وكان النبي عليه السلام يزورها ويقيل عندها.
ص: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال: ثنا موسى بن عبيدة، قال: أخبرني المنذر، عن عمر بن خلدة الزرقي، عن أمه، قالت:"بعث رسول الله عليه السلام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- في أوسط أيام التشريق، فنادى في الناس: لا تصوموا في هذه الأيام، فإنها أيام أكل وشرب وبعال".
ش: موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي أبو عبد العزيز المدني فيه مقال، فعن يحيى: لا يحتج بحديثه، وعنه: ضعيف، وعنه: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: ليس بقوي في الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. روى له الترمذي وابن ماجه.
والمنذر بن جهم، قال البخاري: ابن أبي الجهم، ذكره في "تاريخه" وسكت عنه، وعمر بن خلدة الزرقي وثقه النسائي والفلاس وغيرهما، وأمه أم عمر بن خلدة الأنصارية الصحابية، قال ابن الأثير: هذه أم عمر بضم العين.
قلت: إنما قيد بهذا القيد احترازًا عن أم عمرو بفتح العين بن سليم الزرقي؛ فإن لها حديثًا أيضًا في هذا الباب، رواه عنها [ابنها](1) عمرو بن سليم.
أخرجه أحمد في "مسنده"(2): نا قتيبة بن سعيد، نا ليث بن سعد، عن ابن الهاد، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أمه أنها قالت:"بينا نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب على جمل وهو يقول: إن رسول الله عليه السلام يقول: إن هذه أيام طعم وشرب، فلا يصومن أحد، فأسمع الناس".
أما حديث عمر بن خلدة فأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده"(3): ثنا وكيع، عن موسى بن عُبيدة، عن منذر بن جهم، عن عمر بن خلدة، عن أمه قالت:"إن النبي عليه السلام بعث عليًّا ينادي بمنى: إنها أيام أكل وشرب وبعال".
ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن حكي ابن حكيم، عن مسعود بن الحكم الزرقي، قال: حدّثتني أمي قالت: "لكأني انظر إلى علي بن أبي طالب على بغلة النبي عليه السلام البيضاء حين قام إلى شعب الأنصار وهو يقول: يا معشر المسلمين، إنها ليست بأيام صوم، إنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل".
ش: الوهبي هو أحمد بن خالد الكندي شيخ البخاري في غير الصحيح، وثقه ابن معين وروى له الأربعة، وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق صاحب المغازي، وحكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف الأنصاري المدني، قال ابن سعد: كان قليل الحديث ولا يحتجون بحديثه. ووثقه ابن حبان، وروى له الأربعة.
(1) في "الأصل، ك": "ابنه" وهو تحريف.
(2)
"مسند أحمد"(1/ 104 رقم 824).
(3)
"مسند ابن أبي شيبة"(3/ 394 رقم 15265).
ومسعود بن الحكم بن الربيع الزرقي الأنصاري المدني، ولد في عهد النبي عليه السلام، روى له الجماعة سوى البخاري، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين.
وأمه حبيبة بنت شريق بن أبي خيثمة امرأة من هذيل أدركت النبي عليه السلام.
وأخرجه النسائي (1): من حديث مسعود بن الحكم الزرقي [قال](2): حدثتني أمي
…
إلى آخره نحوه.
قوله: "لكأني" اللام فيه لام التأكيد؛ فلذلك جاءت مفتوحة.
قوله: "حيث قام إلى شعب الأنصار" بفتح الشين وهو الذي يتفرق منه القبائل.
ص: حدثنا محمد بن عمرو بن تمام، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني ميمون بن يحيى، قال: حدثني مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعت سليمان بن يسار يزعم أنه سمع ابن الحكم الزرقي يقول: حدثنا أبي: " أنهم كانوا مع رسول الله عليه السلام بمنى، فسمعوا راكبًا وهو يصرخ: لا يصومن أحد؛ فإنها أيام أكل وشرب".
ش: محمد بن عمرو يكنى بأبي الكَرَوّس بفتح الكاف والراء وتشديد الواو وفي آخره سين مهملة، ويحيى بن عبد الله بن بكير شيخ البخاري، وميمون بن يحيى بن مسلم بن الأشج مولى بني زهرة ذكره ابن أبي حاتم وسكت عنه، ومخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج روى له الجماعة، وسليمان بن يسار الهلالي روى له الجماعة، وابن الحكم هو مسعود بن الحكم المذكور آنفًا، وأبوه الحكم الزرقي ذكره ابن الأثير في الصحابة، وقال: الحكم أبو مسعود الزرقي روى عنه ابنه مسعود، في حديثه اختلاف، رواه ميمون بن يحيى الأشج، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعت سلميان بن يسار، أنه سمع ابن الحكم الزرقي وهو مسعود،
(1)"السنن الكبرى"(2/ 168 رقم 2886).
(2)
في "الأصل، ك": "قالت"، وهو خطأ.
يقول: حدثني أبي: "أنهم كانوا مع رسول الله عليه السلام بمنى، فسمعوا راكبًا وهو يصرخ: لا يصومن أحد؛ فإنها أيام أكل وشرب".
قال أبو نعيم: رواه بعض المتأخرين، وذكره وقال: هذا وهم منكر، والصواب ما رواه ابن وهب، عن مخرمة، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، يزعم أنه الحكم الزرقي يقول: حدثني أبي
…
وذكر مثله.
ورواه ابن وهب أيضًا عن عمرو بن الحارث، عن بكير، عن سليمان، عن مسعود، عن أبيه.
ورواه عمرو بن الحارث، وسليمان بن بلال والناس، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن يوسف بن مسعود بن الحكم، عن جدته وهي حبيبة بنت شريق: "أنها كانت مع أمها العجفاء بمنى أيام الحج، فجاءهم بديل بن الورقاء فنادى أن النبي عليه السلام قال
…
" نحوه.
ورواه الزهري، عن مسعود بن الحكم، أنه قال: أخبرني بعض أصحاب النبي عليه السلام.
ورواه سالم أبو النضر، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن حذافة مثله.
ورواه أصحاب قتادة، عن قتادة، عن سليمان بن يسار، عن حمزة بن عمرو الأسلمي: "أنه رأى رجلاً بمنى ورسول الله عليه السلام بين أظهرهم ينادي
…
". مثله، وذكر أن المنادي كان بلالًا.
ص: حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني بكر ابن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بكير، عن سليمان بن يسار، حدثه أن مسعودًا حدثه، عن أمه نحوه.
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عبد الله بن محمد الفهمي، قال: أنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، أنه سمع يوسف بن مسعود بن الحكم الزرقي يقول: حدثتني جدتي
…
ثم ذكر نحوه.
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حسين بن مهدي، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن الزهري، عن مسعود بن الحكم الأنصاري، عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام قال:"أمر النبي عليه السلام عبد الله بن حذافة أن يركب راحلته أيام منى فيصيح في الناس: ألا لا يصومن أحد؛ فإنها أيام أكل وشرب، قال: فلقد رأيته على راحلته ينادي بذلك".
ش: هذه ثلاث طرق أخرى في الحديث المذكور:
الأول: عن علي بن عبد الرحمن بن المغيرة، عن عبد الله بن صالح وراق الليث وشيخ البخاري، عن بكر بن مضر بن محمد أبي عبد الملك المصري روى له الجماعة سوى ابن ماجه، عن عمرو بن الحارث بن يعقوب أبي أمية المصري روى له الجماعة، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن سليمان بن يسار، عن مسعود بن الحكم الزرقي المذكرر آنفًا، عن أمه حبيبة بنت شريق المذكورة آنفًا.
الثاني: عن روح بن الفرج القطان أبي الزنباع المصري شيخ الطبراني أيضًا، عن عبد الله بن محمد بن إسحاق الفهمي وثقه أحمد بن صالح، عن سليمان بن بلال القرشي أبي أيوب المدني روى له الجماعة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن يوسف بن مسعود بن الحكم الزرقي الأنصاري وثقه ابن حبان، عن جدته حبيبة بنت شريق المذكورة.
وأخرجه البيهقي في "سننه"(1): من حديث سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، سمع يوسف بن مسعود بن الحكم، أنه حدثته جدته:"أنها رأت وهي بمنى في زمان رسول الله عليه السلام راكبًا يصيح يقول: أيها الناس إنها أيام أكل وشرب ونساء وبعال وذكر الله تعالى، قالت: فقلت: من هذا؟ قالوا: علي بن أبي طالب رضي الله عنه".
(1)"سنن البيهقي الكبرى"(4/ 298 رقم 8246).
وروى أيضًا عن عيسى بن مسعود بن الحكم الزرقي، عن جدته حبيبة بنت شريق:"أنها كانت مع أمها العجفاء في أيام الحج بمنى، قالت: فجاء بديل بن ورقاء على راحلة رسول الله عليه السلام ينادي: إن رسول الله عليه السلام قال: من كان صائمًا فليفطر؛ فإنها أيام أكل وشرب". رواه صالح بن كيسان عن عيسى.
الثالث: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن حسين بن مهدي بن مالك الألي شيخ الترمذي وابن ماجه، عن عبد الرزاق بن همام صاحب "المصنف"، عن معمر بن راشد، عن محمد بن مسلم الزهري، عن مسعود بن الحكم الأنصاري، عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام.
وأخرجه الدارقطني (1) بإسناد ضعيف، وفي آخره زيادة قال: ثنا محمد بن جعفر المطيري، نا عبد الرحمن بن محمد بن منصور، نا أبي، نا سليمان بن أبي داود الحراني، ثنا الزهري، عن مسعود بن الحكم الزرقي، عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام قال:"أمر رسول الله عليه السلام عبد الله بن حذافة فنادى في أيام التشريق: ألا إن هذه أيام عيد وأكل وشرب وذكر فلا يصومن إلَاّ محصر، أو متمتع لم يجد هديًا ولم يصم في أيام الحج المتتابعة فليصمهن".
سليمان بن أبي داود ضعيف، ثم اعلم أن الطحاوي قد أخرج أحاديث نهي الصوم في أيام التشريق عن ستة عشر نفسًا من الصحابة، وهم: علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة أم المؤمنين، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن حذافة، وأبو هريرة، ونبيشة الهذلي، ورجل من أصحاب النبي عليه السلام سماه نافع ونسيه عمرو بن دينار، وبشر بن سحيم، وأنس بن مالك، ومعمر بن عبد الله، وأم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب، وأم عمر بن خلدة، وأم مسعود بن الحكم حبيبة بنت شريق، والحكم الزرقي، ورجل من أصحاب النبي عليه السلام روى عنه مسعود الزرقي.
(1)"سنن الدارقطني"(2/ 187 رقم 36).
قلت: وفي الباب عن عمرو بن سليم، وعقبة بن عامر، وجابر، وحمزة بن عمرو الأسلمي، وكعب بن مالك، وعبد الله بن عمرو، وزيد بن خالد.
وأما حديث أم عمرو بن سليم فأخرجه أحمد في "مسنده"(1) وقد ذكرناه عند حديث أم عمرو بن خلدة.
وأما حديث عقبة بن عامر فأخرجه الترمذي (2): ثنا هناد، قال: نا وكيع، عن موسى بن علي، عن أبيه، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: قال رسول الله عليه السلام: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإِسلام وهي أيام أكل وشرب".
وأخرجه أبو داود (3) والنسائي (4) والبيهقي (5).
وأما حديث حمزة بن عمرو الأسلمي فأخرجه الطبراني في "معجمه"(6): ثنا الحسن بن إسحاق التستري، نا عثمان بن أبي شيبة، نا محمد بن بشر، عن سعيد، عن قتادة، عن سليمان بن يسار، عن حمزة الأسلمي:"أنه رأى رجلاً بمنى يطوف على جمل له آدم يقول: لا تصوموا هذه الأيام أيام التشريق، وإنها أيام أكل وشرب. ورسول الله عليه السلام بين أظهرهم".
وأما حديث كعب بن مالك فأخرجه أحمد في "مسنده"(7): ثنا محمد بن سابق، نا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن أبي بن كعب بن مالك، عن أبيه كعب بن مالك، أنه حدثه:"أن رسول الله عليه السلام بعثه وأوس بن الحدثان في أيام التشريق فنادى: أن لا يدخل الجنة إلَاّ مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب".
(1)"مسند أحمد"(1/ 104 رقم 821).
(2)
"جامع الترمذي"(3/ 143 رقم 773).
(3)
"سنن أبي داود"(2/ 320 رقم 2419).
(4)
"المجتبى"(5/ 252 رقم 3004).
(5)
"سنن البيهقي الكبرى"(4/ 258 رقم 8245).
(6)
"المعجم الكبير"(3/ 157 رقم 2987).
(7)
"مسند أحمد"(3/ 460 رقم 15831).
وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص فأخرجه النسائي (1): من رواية عاصم، عن المطلب، قال:"دعى أعرابيَّا إلى طعامه بعد يوم النحر بيوم، فقال الأعرابي: إني صائم، قال: إني سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله عليه السلام نهى عن صيام هذه الأيام".
وأما حديث عمرو بن العاص فأخرجه الطحاوي كما ذكرنا، وأخرجه أبو داود (2) من طريق مالك، عن يزيد بن الهاد، عن أبي مرة مولى أم هانئ:"أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على عمرو بن العاص، فقرب إليهما طعامًا، فقال: كُل، قال: إني صائم، فقال عمرو: كل؛ فهذه الأيام التي كان رسول الله عليه السلام يأمرنا بإفطارها، وينهى عن صيامها، قال مالك: وهي أيام التشريق".
وأخرجه النسائي (3) أيضًا.
وحديث زيد بن خالد عند أبي يعلى (4).
ص: قالوا: فلما ثبت بهذه الآثار عن رسول الله عليه السلام النهي عن صيام أيام التشريق، وكان نهيه عن ذلك بمنى والحجاج مقيمون بها، وفيهم المتمتعون والقارنون ولم يستثن منهم متمتعًا ولا قارنًا؛ دخل المتمتعون والقارنون في ذلك النهي.
ش: أي قال أهل المقالة الثانية: وأراد بهذه الآثار تلك الأحاديث التي أخرجها عن ستة عشر نفسًا من الصحابة رضي الله عنهم في النهي عن الصوم في أيام التشريق.
قوله: "وكان نهيه"، أي والحال أنه كان نهي النبي عليه السلام عن ذلك بمنى، والحال أن الحاج مقيمين بها، والحال أن فيهم المتمتعين والقارنين، ولم يستثن منهم أحدًا، فَعَمَّ الكل.
(1)"السنن الكبرى"(2/ 170 رقم 2899).
(2)
"سنن أبي داود"(2/ 320 رقم 2418).
(3)
"السنن الكبرى"(2/ 170 رقم 2900).
(4)
انظر "تلخيص الحبير"(2/ 197).
فإن قيل: قد مر في رواية الدارقطني: "أن رسول الله عليه السلام أمر عبد الله بن حذافة فنادى في أيام التشريق: ألا إن هذه أيام عيد وأكل وشرب وذكر، فلا يصومهن إلَاّ محصر أو متمتع".
قلت: قد ذكرت لك أن هذا حديث ضعيف، فالدارقطني نفسه علله بسليمان ابن أبي داود الحراني.
ص: فإن قال قائل: فلم صار هذا أولى مما رويتم في هذا الباب؟
قيل له: من قِبَل صحة ما جاء في هذا، وتواتر الآثار، وفساد ما جاء في الفصل الأول، من ذلك: حديث يحيى بن سلام، عن شعبة فهو حديث منكر لا يثبته أهل العلم بالرواية؛ لضعف يحيى بن سلام [عندهم](1) وابن أبي ليلى وفساد حفظهما، مع أني لا أطعن على أحد من العلماء بشيء لكن ذكرت ما يقول أهل الرواية في ذلك.
ومن ذلك حديث يزيد بن سنان الذي ذكرناه من بعده عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أنهما قالا: "لا نرخص لأحد في صوم أيام التشريق إلَاّ لمحصر أو متمتع" فقولهما ذلك يجوز أن يكونا عنيا بهذه الرخصة ما قال الله عز وجل في كتابه: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (2) فعداهما أيام التشريق من أيام الحج [فقالا: رخص للحاج والمتمتع والمحصر في صوم أيام التشريق لهذه الآية، ولأن هذه الأيام عندهما من أيام الحج](3) وخفي عليهما ما كان من توقيف رسول الله عليه السلام من بعد، على أن هذه الأيام ليست بداخله فيما أباح الله عز وجل صومه من ذلك فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح هذه الآثار.
(1) في "الأصل، ك": "عندكم"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(2)
سورة البقرة، آية:[196].
(3)
سقط من "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
ش: بيان السؤال أن يقال: ما توضيح هذه الأحاديث التي استدللتم بها في عموم النهي عن صيام أيام التشريق وشموله القارن والمتمتع، على حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله عليه السلام قال في المتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم العشر: أنه يصوم في أيام التشريق، وعلى أثر عائشة وابن عمر قالا:"لم يرخص في صوم أيام التشريق، إلَاّ المحصر أو متمتع". وهما الحديثان اللذان احتج بهما أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من إباحة صوم المتمتع والقارن والمحصر أيام التشريق إذا لم يجدوا هديًا ولم يكونوا صاموا قبل ذلك، كما قد مر ذكره مستوفى، وأجاب عن ذلك بقوله: قيل له: من قِبَل صحة ما جاء
…
إلى آخره.
وحاصله: أنه أجاب عن الحديث الأول بأنه ضعيف؛ لأن في سنده يحيى بن سلام وهو ضعيف عند أهل العلم بالحديث وضعفه الدارقطني، وحديثه منكر، وفي سنده أيضًا محمد بن أبي ليلى، تكلم فيه، وكان يحيى بن سعيد يضعفه، وعن أحمد: كان سيئ الحفظ مضطرب الحديث. وعن يحيى: ليس بذاك. وقال أبو حاتم: محله الصدق، كان سيئ الحفظ، شغل بالقضاء فساء حفظه، لا يتهم بشيء من الكذب، إنما ينكر عليه كثرة الخطأ، يكتب حديثه، ولا يحتج به. وأشار الطحاوي إلى ما قالوا من ذلك بقوله: و"فساد حفظهما" ثم تورع عن ذلك بقوله: "مع أني لا أطعن على أحد من العلماء"، ونبه بذلك على أنه هو ليس بطاعن فيهما ابتداء، وإنما هو ناقل طعن الناس، وما قالوا فيهما على أنه هو أيضًا من أهل الجرح والتعديل. وقوله:"لا يرد في هذا الباب" لكونه إمامًا ثقة ثبتًا عند الكل، ولكن لما كان في معرض الاحتجاج لأصحابنا الحنفية على أخصامهم رد عليهم بما هم قائلون به، وهذا أقوى في هذا الباب حيث يقطع شغب الخصم.
فإن قيل: قد قيل: إن ابن أبي ليلى في هذا السند ليس محمد بن أبي ليلى القاضي، وإنما هو عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو ممن أخرج لهم الجماعة، وقال النسائي فيه: ثقة ثبت، ولهذا قال البيهقي لما أخرج هذا الحديث من طريق شعبة، عن ابن أبي ليلى يعني: عبد الله.
قلت: لا نسلم ذلك؛ فإن كلام الطحاوي يدل على أن المراد منه هو محمد بن أبي ليلى وذلك لأنه قال إن ابن أبي ليلى سيىء الحفظ ولو كان هو عبد الله لم يقل بذاك فإن قلت: قال البيهقي: "يعني عبد الله". ليس تفسيرًا من رواة الحديث، على أنا وإن سلمنا ذلك فقد قال ابن المديني عن عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى: عندي منكر. وعن يحيى: كان يتشيع. وأجاب عن الحديث الثاني بأنه مأول أشار إلى، ذلك بقوله:"فقولهما ذلك يجوز أن يكونا عنيا" أي: قصدا، من عني يعني عنيًا إذا قصد "بهذه الرخصة ما قال الله عز وجل من قوله:{فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (1) فعداهما" أي: عائشة وابن عمر وأبرز الضمير تأكيدًا للتثنية "أيام التشريق من أيام الحج وخفي عليهما ما كان من نهي النبي عليه السلام عن الصيام في هذه الأيام الذي يدل على أنها لا تدخل فيما أباح الله عز وجل صومه من ذلك".
فإن قيل: كيف يخفى عليهما هذا المقدار مع مكانتهما في العلم وقربهما من الرسول عليه السلام؟
قلت: هذا منهما اجتهاد، المجتهد قد يخفى [عليه](2) ما لا يخفى على غيره، على أن هذا فاسد من وجه آخر، وهو أن الله تعالى قال:{فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (1) فإذا صام في هذه الأيام لم يكن صومه في الحج؛ لأن الحج فات في هذا الوقت، وذلك لأن معنى قوله:{فِي الْحَجِّ} أي في وقت الحج إذْ الحج لا يصلح ظرف للصوم، والوقت هو الصالح لذلك، كما في قوله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (3) أي وقت الحج، فعلى هذا إذا صام في أيام التشريق يكون صائمًا في غير وقت الحج، فلا يجوز؛ لأن الله تعالى أوجب على المتمتع صيام ثلاثة أيام في الحج، ولم يوجد.
(1) سورة البقرة، آية:[196].
(2)
في "الأصل، ك": "عليهما"، وهو سبق قلم من المؤلف رحمه الله.
(3)
سورة البقرة، آية:[197].
فإن قيل: فعلى هذا ينبغي أن يجوز إذا صام قبل الإِحرام في أشهر الحج؛ لأنه صام في وقت الحج.
قلت: نعم كذلك، ولكن ما قبل الإِحرام خُصَّ على النص، فإن قيل: أيام التشريق من أيام الحج وإن كان الحج قد تم، ألا ترى أنها أيام الجمرات؟
قلت: الجواب عنه من وجوه:
الأول: أن نهي النبي عليه السلام عن صوم هذه الأيام قاضٍ عليه، ومخصص له كما خص قوله تعالى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر} (1) نهيه عن صيام هذه الأيام.
والثاني: أنه لو كان جائزًا؛ لأنها من أيام الحج لوجب أنه يكون صوم يوم النحر أجوز لأنه أخص بأفعال الحج من هذه الأيام.
والثالث: أنه عليه السلام خص يوم عرفة بالحج بقوله: الحج عرفة، فقوله:{فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (2) يقتضي أن يكون آخرها يوم عرفة.
والرابع: أنه روي أن يوم الحج الأكبر يوم عرفة، وروي أنه يوم النحر، وقد اتفقوا أنه لا يجوز [صوم](3) يوم النحر مع أنه يوم الحج فما لم يتم من الحج من الأيام المنهي عن صومها أحرى أن لا يصام فيها، والذي بقي بعد النحر وهو رمي الجمار إنما هو من توابع الحج، فلا اعتبار به في ذلك، فليس هي إذن من أيام الحج، فلا يكون صوم الأيام الثلاثة فيها صومًا في الحج؛ فافهم.
ص: وأما من طريق النظر: فإنا قد رأيناهم قد أجمعوا أن يوم النحر لا يصام في شيء من ذلك، وهو إلى أيام الحج أقرب من أيام التشريق؛ لما جاء عن رسول الله عليه السلام من النهي عن صومه مما سنذكره في هذا الباب إن شاء الله تعالى، فلما كان نهي
(1) سورة البقرة، آية:[184].
(2)
سورة البقرة، آية:[196].
(3)
ليست في "الأصل، ك"، والسياق يقتضيها.
رسول الله عليه السلام في ذلك يدخل فيه المتمتعون والقارنون والمحصرون؛ كان كذلك نهيه عن صيام أيام التشريق يدخلون فيه أيضًا.
ش: أي وأما وجه هذا الباب من طريق النظر والقياس، وهو ظاهر.
قوله: "وهو" أي يوم النحر.
قوله: "لما جاء" يتعلق بقوله: "لا يصام".
ص: فمها روي عن رسول الله عليه السلام في النهي عن صوم يوم النحر.
ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: أنا ابن أبن ذئب، عن سعيد بن خالد، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر، قال:"قال شهدت العيد مع علي وعثمان فكانا يصليان ثم ينصرفان، يذكران الناس، فسمعتهما يقولان: نهى رسول الله عليه السلام عن صيام هذين اليومين: يوم النحر، ويوم الفطر".
ش: ذكر في هذا الباب سبعة من الصحابة وهم: علي، وعثمان، وعمر بن الخطاب، وعائشة، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وأنس بن مالك رضي الله عنهم على ما يأتي مفصلًا، وإنما ذكر أحاديث هؤلاء استطرادًا وإلا فموضعها كتاب الصوم، ورجال الإِسناد المذكور ثقات، فعثمان بن عمر بن فارس البصري روى له الجماعة، وابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب روى له الجماعة، وسعيد بن خالد بن عبد الله بن قارظ المدني، وثقه ابن حبان، وروى له من الأربعة غير الترمذي.
وأبو عبيد سعد بن عُبيد الزهري المدني مولى عبد الرحمن روى له الجماعة.
والحديث أخرجه الجماعة (1) غير النسائي، وأخرجه البزار في "مسنده" (2) نحو ما أخرجه الطحاوي: ثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: نا ابن أبي ذئب
…
إلى آخره نحوه.
(1) البخاري (2/ 702 رقم 1889)، ومسلم (2/ 799 رقم 1137)، وأبو داود (2/ 319 رقم 2416)، والترمذي (3/ 141 رقم 771)، وابن ماجه (1/ 549 رقم 1722).
(2)
"مسند البزار"(2/ 64 رقم 407).
ص: حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن ابن شهاب، عن أبي عُبيد قال:"شهدت العيد مع عمر رضي الله عنه فقال: هذان يومان نهي رسول الله عليه السلام عن صومهما: يوم الفطر، ويوم النحر، فأما يوم الفطر فيوم فطركم من صيامكم، وأما يوم النحر فيوم تأكون فيه من نسككم".
ش: هذا طريق آخر، ورجاله كلهم رجال الصحيح.
وأخرجه البخاري (1): نا عبد الله بن يوسف، قال: أنا مالك، عن ابن شهاب
…
إلى آخره نحوه.
ومسلم (2): عن يحيى بن يحيى، عن مالك.
قوله: "من نسككم" النُّسُك بضمتين جمع نسيكة وهي الذبيحة.
ص: حدثنا أبو أمية، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وسفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي عُييد مولى عبد الرحمن بن عوف قال: صليت العيد مع عمر رضي الله عنه
…
" فذكر مثله.
ش: هذا طريق آخر، عن أبي أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي شيخ النسائي وأبي عوانة الإِسفراييني، عن عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي شيخ البخاري، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري المدني، وسفيان بن عيينة، كلاهما عن محمد بن مسلم الزهري، عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف، ووقع في رواية الطحاوي الأولى:"مولى ابن أزهر" وكذا وقع في رواية البخاري وهو عبد الرحمن بن أزهر، قال الترمذي: عبد الرحمن بن أزهر هو ابن عم عبد الرحمن بن عوف، وقال البخاري: قال ابن عيينة: من قال: مولى ابن أزهر فقد أصاب، ومن قال: مولى عبد الرحمن ابن عوف فقد أصاب.
(1)"صحيح البخاري"(2/ 702 رقم 1889).
(2)
"صحيح مسلم"(2/ 799 رقم 1137).
وأخرجه أبو داود (1): ثنا قتيبة بن سعيد، وزهير بن حرب -وهذا حديثه- قالا: نا سفيان، عن الزهري، عن أبي عبيد قال:"شهدت العيد مع عمر رضي الله عنه فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال: إن رسول الله عليه السلام نهى عن صيام هذين اليومين أما يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم، وأما يوم الفطر ففطركم من صيامكم".
وأخرجه الترمذى (2): ثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: ثنا يزيد ابن هارون، قال: نا معمر، عن الزهري، عن أبي عُبيد مولى عبد الرحمن بن عوف قال:"شهدت عمر بن الخطاب في يوم نحر، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال: سمعت رسول الله عليه السلام ينهى عن صوم هذين اليومين: أما يوم الفطر ففطركم من صومكم وعيد المسلمين، وأما يوم الأضحى فكلوا من لحم نسككم". قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (3): نا سهل بن أبي سهل، نا سفيان، عن الزهري
…
إلى آخره نحوه.
ص: حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي كثير الأنصاري، عن سعد بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، عن رسول الله عليه السلام:"أنه نهى عن صوم يومين: يوم الفطر، ويوم النحر".
ش: إسناده صحيح، وسعد -بفتح السين وسكون العين- بن سعيد -بالياء- ابن قيس بن عمرو الأنصاري أخو يحيى وعبد ربه، قال يحيى: صالح. وروى له مسلم ومن الأربعة غير النسائي، وعمرة بنت عبد الرحمن.
وأخرجه مسلم (4): نا ابن نمير، قال: ثنا أبي، قال: نا سعد بن سعيد، قال:
(1)"سنن أبي داود"(2/ 319 رقم 2416).
(2)
"جامع الترمذي"(3/ 141 رقم 771).
(3)
"سنن ابن ماجه"(1/ 945 رقم 1722).
(4)
"صحيح مسلم"(2/ 800 رقم 1140).
أخبرتني عمرة، عن عائشة قالت:"نهى رسول الله عليه السلام عن صومين يوم الفطر ويوم الأضحى".
ص: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن رسول الله عليه السلام مثله.
ش: إسناده صحيح، وحجاج هو ابن المنهال شيخ البخاري، وحماد هو ابن سلمة، وأبو نضرة بالنون والضاد المعجمة، واسمه المنذر بن مالك، روى له الجماعة، وأبو سعيد الخدري اسمه سعد بن مالك.
وأخرجه البخاري (1): ثنا الحجاج بن منهال، نا شعبة، نا عبد الملك بن عمير، قال: سمعت قزعة قال: سمعت أبا سعيد الخدري وكان غزا مع النبي عليه السلام ثنتي عشرة غزوة قال: "سمعت أربعًا من النبي عليه السلام فأعجبتني: قال: لا تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم، ولا صوم في يومين: الفطر، والأضحى، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا".
ومسلم (2): نا أبو كامل الجحدري، قال: نا عبد العزيز بن المختار، قال: نا عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري:"أن رسول الله عليه السلام نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النحر".
وأبو داود (3): نا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا وهيب، قال: نا عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم الأضحى، وعن لبستين: الصماء، وأن يحتبي الرجل في الثوب الواحد، وعن الصلاة في ساعتين: بعد الصبح، وبعد العصر".
(1)"صحيح البخاري"(2/ 703 رقم 1893).
(2)
"صحيح مسلم"(2/ 800 رقم 827).
(3)
"سنن أبي داود"(2/ 319 رقم 2417).
والترمذي (1): نا قتيبة، قال: نا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن صيامين يوم الأضحى ويوم الفطر".
وابن ماجه (2): نا أبو بكر بن أبي شيبة نا يحيى بن يعلى التيمي، عن عبد الملك بن عمير، عن قزعة، عن أبي سعيد، عن رسول الله عليه السلام:"أنه نهى عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى".
وأخرجه البزار في "مسنده" بإسناد الطحاوي: ثنا عبد الواحد بن غياث، ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغيب الشمس ونهى عن صوم يومين: يوم الفطر، ويوم النحر". وهذا الحديث لا يُعلم رواه عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد إلا حماد بن سلمة.
ص: بحر بن نصر، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن المنذر بن عبيد المدني حدثه، أن أبا صالح حدثه، سمع أبا هريرة يخبر، عن رسول الله عليه السلام مثله.
ش: إسناده صحيح، والمنذر بن عبيد المدني وثقه ابن حبان، وأبو صالح ذكوان الزيات روى له الجماعة.
وأخرجه عبد الله بن وهب في "مسنده" أنا عمرو بن الحارث، عن المنذر بن عبيد المدني، عن أبي صالح، عن أبي هريرة:"أن رسول الله عليه السلام نهى عن صيامين: يوم الفطر، ويوم الأضحى".
وأخرج البخاري (3): عن إبراهيم بن موسى، عن هشام، عن ابن جريج، عن
(1)"جامع الترمذي"(3/ 142 رقم 772).
(2)
"سنن ابن ماجه"(1/ 549 رقم 1721).
(3)
"صحيح البخاري"(2/ 702 رقم 1891).
عمرو بن دينار، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة قال:"ينهى عن صيامين وبيعتين الفطر والنحر، الملامسة والمنابذة".
ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، عن الربيع بن صبيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن النبي عليه السلام مثله.
ش: سعيد بن عامر الضبعي شيخ أحمد روى له الجماعة، والربيع بن صبيح -بفتح الصاد- السعدي البصري، قال أحمد: لا بأس به. وعن يحيى: ضعيف، وعنه ليس به بأس. روى له الترمذي وابن ماجه.
ويزيد بن أبان الرقاشي البصري، ضعيف متروك الحديث، قاله النسائي وغيره، وروى له الترمذي وابن ماجه.
والحديث أخرجه أبو يعلى في "مسنده"(1): نا موسى بن محمد، نا كهمس بن المنهال، نا سعيد بن أبي عروبة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس:"أن رسول الله عليه السلام: نهى عن صوم خمسة أيام من السنة: يوم الفطر، ويوم النحر، وأيام التشريق".
ص: حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن رسول الله عليه السلام مثله.
ش: هذا طريق آخر، ورجاله كلهم رجال الصحيح، والأعرج هو عبد الرحمن ابن هرمز.
وأخرجه مالك في "موطإه"(2).
وقد قلنا: إن الطحاوي أخرج أحاديث هذا الباب عن سبعة أنفس، وفي الباب عن عقبة وعبد الله بن عمر.
(1)"مسند أبي يعلى"(7/ 149 رقم 4117).
(2)
"موطأ مالك"(1/ 367 رقم 839).
أما حديث عقبة فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): نا وكيع، عن موسى بن علي، عن أبيه، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله عليه السلام: "يوم عرفة ويوم الأضحى وأيام التشريق أيام أكل وشرب".
وأخرجه أبو داود (2) والترمذي (3) والنسائي (4) أيضًا.
وأما حديث عبد الله بن عمر فأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (5): نا عبيد الله بن موسى، عن موسى بن عُبيدة، عن نافع، عن ابن عمر قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى".
ص: فلما كان يوم النحر خارجًا من أيام الحج التي جعل الله عز وجل للمتمتع الصوم فيها بدلاً من الهدي لما قد أخرجه النبي عليه السلام من الأيام التي تصام بنهيه عن صومه؛ كان كذلك أيام التشريق خارجة من أيام الحج التي جعل الله عز وجل للمتمتع الصوم فيها بدلاً من الهدي لما قد أخرجها النبي عليه السلام[من](6) الأيام التي تصام بنهيه عن صومها؛ فثبت بما ذكرنا أن أيام التشريق ليس لأحد صومها في متعة ولا قران ولا إحصار ولا غير ذلك من الكفارات، ولا من التطوع، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
ش: هذا كلام ظاهر.
وقوله: "فيها" أي في أيام الحج.
قوله: "لما قد أخرجه النبي عليه السلام" متعلق بقوله: "خارجًا" واللام للتعليل.
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 346 رقم 9770).
(2)
"سنن أبي داود"(2/ 320 رقم 2419).
(3)
"جامع الترمذي"(3/ 143 رقم 773).
(4)
" المجتبى"(5/ 252 رقم 3004).
(5)
"مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 347 رقم 9772).
(6)
ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
وقوله: "بنهيه" متعلق بقوله: "أخرجه".
وقوله: "كان كذلك" جواب "لما".
ص: وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يدل على ذلك أيضًا: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: أنا حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب:"أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم النحر فقال: يا أمير المؤمنين، إني تمتعت ولم أهد ولم أصم في العشر، فقال: سل في قومك، ثم قال: يا معيقيب أعطه شاة".
أفلا ترى أن عمر رضي الله عنه لم يقل له: فهذه أيام التشريق فصمها، فدل تركه ذلك وأمره إياه بالهدي أن أيام الحج عنده التي أمر الله عز وجل المتمتع بالصوم فيها هي قبل النحر، وأن يوم النحر وما بعده من أيام التشريق ليس منها.
ش: أي قد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يدل على أن أيام التشريق لا تصلح لصوم المتعة والقران ونحوهما.
وأخرجه عن محمد بن خزيمة بن راشد، عن حجاج بن منهال شيخ البخاري، عن حماد بن سلمة، عن الحجاج بن أرطاة فيه مقال، فقال الدارقطني: لا يحتج به، وقال النسائي: ليس بالقوي. وفي "الميزان" قال: الحجاج بن أرطاة أحد الأعلام على لين فيه.
وأخرجه ابن أبي شبية في "مصنفه"(1): ثنا ابن أبي زائدة، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب:"أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه متمتعًا قد فاته الصوم في العشر، فقال له: اذبح شاة، قال: ليس عندي، قال: سل قومك، قال: ليس هَا هنا أحد من قومي، قال: أعطه يا معيقيب ثمن شاة".
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(3/ 154 رقم 12987).
قوله: "سل في قومك" أراد به سل شاة تذبحها من أحد من قومك، فلما قال له: ليس ها هنا أحد من قومي، قال:"يا معيقيب أعطه شاة" وهو معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي، أسلم قديمًا بمكة، وهاجر إلى الحبشة، الهجرة الثانية، ثم هاجر إلى المدينة، وكان على خاتم النبي عليه السلام، ثم استعمله عمر بن الخطاب خازنا على بيت المال، وأصابه الجذام، وأحضر له عمر الأطباء فعالجوه فوقف المرض، وهو الذي سقط من يده خاتم النبي عليه السلام أمام عثمان رضي الله عنه في بئر أريس فلم يوجد، ومنذ سقط الخاتم اختلفت الكلمة، توفي معيقيب في سنة أربعين من الهجرة رضي الله عنه.
قوله: "أولاً ترى
…
" إلى آخره، توضيح لما قاله من قبل أن أيام التشريق لا تصلح للصيام مطلقًا.
***