المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل فى كيفية النظر وهيئته - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌الفن الثانى فى الإنسان وما يتعلق به

- ‌القسم الأوّل فى اشتقاقه، وتسميته، وتنقلاته، وطبائعه، ووصفه، وتشبيهه

- ‌الباب الأوّل من القسم الأوّل من الفن الثانى (فى اشتقاقه، وتسميته، وتنقلاته، وطبائعه، وما يتصل بذلك)

- ‌فصل

- ‌فصل وأما ترتيب أحواله وتنقل السنّ به إلى أن يتناهى:

- ‌فصل فى ظهور الشيب وعمومه

- ‌الباب الثانى من القسم الأوّل من الفن الثانى (فى وصف أعضاء الإنسان وتشبيهها)

- ‌فصل فى تفصيل أوصافه

- ‌ذكر ما قيل في الشيب والخضاب من المدح والذم

- ‌ومما وصف به صفاء الوجه ورقّة البشرة، فمن ذلك ما قيل مذكرا

- ‌فصل فى عوارض العين

- ‌فصل فى كيفية النظر وهيئته

- ‌فصل فى ترتيب البكاء

- ‌فصل فيما قيل في الأنف

- ‌فصل فى تقسيم ماء الفم

- ‌فصل فى ترتيب الضحك [1]

- ‌فصل فى مقابحها

- ‌فصل فى ترتيب الأسنان

- ‌فصل فى عيوبه

- ‌فصل فى ترتيب العىّ

- ‌فصل فى ترتيب الصّمم

- ‌ما يتمثل به من ذكر الأنف

- ‌ما يتمثل به من ذكر الفم، واللسان، والأسنان

- ‌ما يتمثل به من ذكر الأذن

- ‌ما يتمثل به من ذكر العنق

- ‌ما يتمثل به من ذكر اليد

- ‌ما يتمثل به من ذكر الصدر والقلب

- ‌ما يتمثل به من ذكر الظهر والبطن والجنب

- ‌ما يتمثل به من ذكر الكبد والدّم والعروق

- ‌ما يتمثل به من ذكر الساق والقدم، يقال:

- ‌من ضرب به المثل من الرجال على لفظ أفعل للتفضيل

- ‌وأمّا من ضرب بها المثل من النساء

- ‌الباب الثالث من القسم الأوّل من الفن الثانى (فى الغزل، والنّسيب، والهوى، والمحبة، والعشق)

- ‌فأما كلام الحكماء والفلاسفة

- ‌وأما كلام الإسلاميين وما قالوه فيه

- ‌ذكر مراتب العشق وضروبه

- ‌ذكر ما قيل في الفرق بين المحبة والعشق

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذكر شىء من الشعر المقول في ذمّ العشق والحب

- ‌ذكر شىء مما ورد في التحذير من فتنة النساء، وذمّ الزنا، والنظر إلى المردان، والتحذير من اللّواط، وعقوبة اللّائط

- ‌ذكر نبذة مما قيل في الغزل والنسيب

- ‌فمما قيل في المذكر

- ‌ومما قيل في المطلق والمشترك

- ‌ومما قيل في طيف الخيال

- ‌الباب الرابع من القسم الأوّل من الفن الثانى في الأنساب

- ‌الطبقة الأولى الجذم

- ‌والطبقة الثانية الجماهير، والتجمهر:

- ‌والطبقة الثالثة الشعوب

- ‌والطبقة الرابعة القبيلة

- ‌والطبقة السادسة البطون

- ‌والطبقة السابعة الأفخاذ

- ‌والطبقة الثامنة العشائر

- ‌والطبقة التاسعة الفصائل

- ‌والطبقة العاشرة الرهط

- ‌أصل النسب

- ‌(أبو البشر آدم عليه السلام

- ‌إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر نسب قيس وبطونها

- ‌الياس بن مضر بن نزار

- ‌مدركة بن الياس بن مضر

- ‌كعب بن لؤىّ بن غالب

- ‌مرّة بن كعب

- ‌كلاب بن مرة بن كعب

- ‌عبد مناف بن قصىّ

- ‌عبد المطّلب بن هاشم

الفصل: ‌فصل فى كيفية النظر وهيئته

‌فصل فى عوارض العين

يقال:

حسرت عينه، إذا اعتراها كلال من طول النظر.

زرّت عينه، إذا توقّدت من خوف.

سدرت عينه، إذا لم تكد تبصر.

اسمدرّت عينه، إذا لاحت لها سمادير؛ وهى ما يتراءى لها من أشباه الذّباب وغيره.

قدعت عينه، إذا ضعفت من الإكباب على النظر.

حرجت عينه، إذا حارت.

قال ذو الرمّة:

وتحرج العين فيها حين تنتقب

هجمت، إذا غارت.

ونقنقت، إذا زاد غؤورها؛ وكذلك حجلت وهجّجت.

ذهبت، إذا رأت ذهبا كثيرا فحارت فيه.

شخصت، إذا لم تكد تطرف من الحيرة.

‌فصل فى كيفية النظر وهيئته

إذا نظر الإنسان إلى الشىء بمجامع عينيه، قيل: قد رمقه.

فإذا نظر من جانب أذنه، قيل: لحظه.

ص: 44

فإذا نظر إليه بعجلة، قيل: لمحه.

فإذا رماه ببصره مع حدّة، قيل: حدجه بطرفه.

(وفي حديث ابن مسعود «حدّث القوم ما حدجوك بأبصارهم» ) .

فإن نظر إليه بشدّة وحدّة، قيل: أرشقه وأسفّ النظر إليه.

(وفي حديث الشعبىّ أنه كره أن يسفّ الرجل إلى أمّه وأخته وابنته) .

فإن نظر إليه نظر المتعجّب أو الكاره المبغض، قيل: شفنه وشفن إليه شفونا وشفنا.

فإن أعاره لحظ العداوة، قيل: نظر إليه شزرا.

فإن نظر إليه بعين المحبة، قيل: نظر إليه نظرة ذى علق.

فإن نظر إليه نظرة المستثبت، قيل: توضّحه.

فإن نظر إليه واضعا يده على حاجبه مستظلّا بها من الشمس ليستبين المنظور إليه. قيل استكفّه واستوضحه واستشرفه.

فإن شر الثوب ورفعه لينظر إلى صفاقته: قيل استشفّه.

فإن نظر إلى الشىء كاللّمحة ثم خفى عنه، قيل: لاحه لوحة. قال الشاعر:

وهل تنفعنّى لوحة لو ألواحها

فإن نظر إلى جميع ما في المكان حتّى يعرفه، قيل: نفضه نفضا.

فإن نظر في كتاب أو حساب، قيل: تصفّحه.

فإن فتح عينيه لشدّة النظر، قيل: حدّق.

فإن لألأهما، قيل برّق.

فإن انقلب حملاق عينيه، قيل: حملق.

فإن عاب سواد عينيه من الفزع، قيل برق بصره.

ص: 45

فإن فتح عين مفزّع أو مهدّد، قيل: حمّج.

فإن بالغ في فتحها وأحدّ النظر عند الخوف، قيل: حدّج.

فإن كسر عينه عند النظر، قيل: دنقش وطرفش.

فإن فتح عينه وجعل لا يطرف، قيل: شخص. وفي القرآن العزيز: (شاخصة أبصارهم) .

فإن أدام النظر مع سكون، قيل: أسجد.

فإن نظر إلى أفق الهلال ليراه، قيل: تبصّره.

فإن أتبع الشىء بصره، قيل: أتأره بصره.

وقد أوسع الشعراء في وصف العيون ووصفوها بالمرض والسّقم، وإن كانت صحيحة. فمن ذلك قول الشاعر:

برّح السّقم بى وليس صحيحا

من رأت عينه عيونا مراضا.

إنّ للأعين المراض سهاما

صيّرت أنفس الورى أغراضا.

جوهر الحسن منذ أعرض للقل

ب ثنى الجسم كلّه أعراضا.

وقال جرير:

إنّ العيون التى في طرفها مرض

قتلننا ثمّ لم يحيين قتلانا.

يصرعن ذا الّلبّ حتّى لا حراك به

وهنّ أضعف خلق الله أركانا.

وقال ذو الرمّة:

وعينان قال الله كونا فكانتا

فعولين [1] بالألباب ما تفعل الخمر.

[1] المشهور فعولان. بالرفع وصف للعينين.

ص: 46

فإذا نظر إليه بعجلة، قيل: لمحه.

فإذا رماه ببصره مع حدّة، قيل: حدجه بطرفه.

(وفي حديث ابن مسعود «حدّث القوم ما حدجوك بأبصارهم» ) .

فإن نظر إليه بشدّة وحدّة، قيل: أرشقه وأسفّ النظر إليه.

(وفي حديث الشعبىّ أنه كره أن يسفّ الرجل إلى أمّه وأخته وابنته) .

فإن نظر إليه نظر المتعجّب أو الكاره المبغض، قيل: شفنه وشفن إليه شفونا وشفنا.

فإن أعاره لحظ العداوة، قيل: نظر إليه شزرا.

فإن نظر إليه بعين المحبة، قيل: نظر إليه نظرة ذى علق.

فإن نظر إليه نظرة المستثبت، قيل: توضّحه.

فإن نظر إليه واضعا يده على حاجبه مستظلّا بها من الشمس ليستبين المنظور إليه. قيل استكفّه واستوضحه واستشرفه.

فإن نشر الثوب ورفعه لينظر إلى صفاقته: قيل استشفّه.

فإن نظر إلى الشىء كاللّمحة ثم خفى عنه، قيل: لاحه لوحة. قال الشاعر:

وهل تنفعنّى لوحة لو ألواحها

فإن نظر إلى جميع ما في المكان حتّى يعرفه، قيل: نفضه نفضا.

فإن نظر في كتاب أو حساب، قيل: تصفّحه.

فإن فتح عينيه لشدّة النظر، قيل: حدّق.

فإن لألأهما، قيل برّق.

فإن انقلب حملاق عينيه، قيل: حملق.

فإن عاب سواد عينيه من الفزع، قيل برق بصره.

ص: 47

فإن فتح عين مفزّع أو مهدّد، قيل: حمّج.

فإن بالغ في فتحها وأحدّ النظر عند الخوف، قيل: حدّج.

فإن كسر عينه عند النظر، قيل: دنقش وطرفش.

فإن فتح عينه وجعل لا يطرف، قيل: شخص. وفي القرآن العزيز: (شاخصة أبصارهم) .

فإن أدام النظر مع سكون، قيل: أسجد.

فإن نظر إلى أفق الهلال ليراه، قيل: تبصّره.

فإن أتبع الشىء بصره، قيل: أتأره بصره.

وقد أوسع الشعراء في وصف العيون ووصفوها بالمرض والسّقم، وإن كانت صحيحة. فمن ذلك قول الشاعر:

برّح السّقم بى وليس صحيحا

من رأت عينه عيونا مراضا.

إنّ للأعين المراض سهاما

صيّرت أنفس الورى أغراضا.

جوهر الحسن منذ أعرض للقل

ب ثنى الجسم كلّه أعراضا.

وقال جرير:

إنّ العيون التى في طرفها مرض

قتلننا ثمّ لم يحيين قتلانا.

يصرعن ذا الّلبّ حتّى لا حراك به

وهنّ أضعف خلق الله أركانا.

وقال ذو الرمّة:

وعينان قال الله كونا فكانتا

فعولين [1] بالألباب ما تفعل الخمر.

[1] المشهور فعولان. بالرفع وصف للعينين.

ص: 48

وقال أبو تمام:

متطلّب بصدوده قتلى

فرد المحاسن وجهه شغلى.

ألحاظه في الخلق مسرعة

فيما تريد كسرعة النّبل.

وقال آخر:

ألحاظكم تجرحنا في ألحشاء

ولحظنا يجرحكم في الخدود.

جرح بجرح، فاجعلوا ذا بذا!

فما الّذى أوجب هذا الصّدود؟

وقال آخر:

ومقلة شادن أودت بقلبى،

كأنّ السّقم لى ولها لباس.

يسلّ اللحظ منها مشرفيّا

لقتلى، ثم يغمده النّعاس.

وقال ابن الرومىّ:

يا عليلا، جعل العلّ

ة مفتاحا لظلمى!

ليس في الأرض عليل

غير جفنيك وجسمى.

بك سقم في جفون،

سقمها أكّد سقمى.

وقال تاج الدين بن أيوب:

أسقمنى طرفك السّقيم، وقد

حكاه منّى في سقمه الجسد!

هبّ نسيم من نحو أرضك لى

فزادنى في هواك ما أجد.

وهاج شوقى، والنار ما برحت

عند هبوب الرّياح تتّقد.

وقال ابن المعتز:

ضعيفة أجفانه،

والقلب منه حجر!

كأنما ألحاظه

من فعله تعتذر.

ص: 49

ومما وصفت به العيون على لفظ التأنيث، فمن ذلك ما قاله عدىّ بن الرقاع:

وكأنّها بين النّساء أعارها

عينيه أحور من جآذر جاسم.

وسنان أقصده النّعاس فرنّقت

فى عينه سنة وليس بنائم.

وقال الناجم:

كاد الغزال يكونها،

لكنّما هو دونها.

والنّرجس الغضّ الجن

ىّ أغضّ منه جفونها.

من كان يعرف فضلها

فعن القياس يصونها.

وقال أبو دلف:

نقتنص الآساد من غيلها،

وأعين العين لنا صائده!

ينبو الحسام العضب عنا وقد

تكلم فينا النظرة القاصدة!

تهابنا الأسد، ونخشى المها:

آبدة ما مثلها آبذه!

وقال آخر:

لله ما صنعت بنا

تلك المحاجر في المعاجر!

أمضى وأنفذ في القلو

ب من الخناجر في الحناجر!

وقال آخر:

ينظرن من خلل السّجوف كأنّما

يمطرن أحشاء الكريم نبالا!

وقال أبو فراس الحمدانىّ عفا الله تعالى عنه ورحمه:

وبيض بألحاظ العيون كأنّما

هززن سيوفا أو سللن خناجرا.

تصدّين لى يوما بمنعرج اللّوى

فغادرن قلبى بالتصبّر غادرا.

ص: 50

سفرن بدورا، وانتقبن أهلّة،

ومسن غصونا، والتفتن جآذرا.

وأطلعن في الأجياد للدّرّ أنجما

جعلن لحبّات القلوب ضرائرا.

وقال ابن الرومىّ:

نظرت، فأقصدت الفؤاد بطرفها،

ثم انثنت عنّى، فكدت أهيم!

ويلاى! إن نظرت وإن هى أعرضت:

وقع السّهام ونزعهنّ أليم!

وقال أيضا:

لطرفها وهو مصروف كموقعه

فى القلب حين يروع القلب موقعه.

تصدّ بالطّرف لا كالسّهم تصرفه

عنّى، ولكنّه كالسّهم تنزعه.

وقال الأرّجانى:

نقبوهنّ خشية العشّاق!

أو لم تكف فتنة الأحداق؟

إنّ في الأعين المراض لشغلا

للمعنّى عن الخدود الرّقاق!

كلّ ما فات في الليالى المواضى

فهو في ذمّة اللّيالى البواقى.

وقال أيضا:

سترن المحاسن إلا العيونا

كما يشهد المعرك الدّارعونا.

سللن سيوفا ولاقيننا!

فلا تسأل اليوم ماذا لقينا.

كسرن الجفون ولولا الرّضا،

بحكم الغرام كسرنا الجفونا.

وحسب الشهيد سرورا بأن

يعاين حورا مع القتل عينا.

وقال أبو نواس:

ضعيفة كرّ الطّرف تحسب أنها

قريبة عهد بالإفاقة من سقم.

ص: 51

وقال آخر:

يا من تكحّل طرفها

بالسّحر لا بالإثمد!

نفسى كما عذّبتها

وقتلتها بالإثم، دى [1] !

ومما قيل في أدواء العين، فمن ذلك:

الغمص، أن لا تزال العين ترمص.

اللّحح، أسوأ الغمص.

اللّخص، التصاق الجفون.

العائر، الرّمد الشديد. وفيه يقول النابغة:

وبات وباتت له ليلة

كليلة ذى العائر الأرمد.

وكذلك الساهك.

الغرب، ورم في المآقى.

السّبل، أن يكون على بياضها وسوادها شبه غشاء.

السّجا [2]، أن يعسر على الإنسان فتح عينيه إذا انتبه من النوم:

الظّفر، ظهور ظفرة (وهى جليدة تغشى العين من تلقاء المآقى) .

الطّرفة، أن يحدث في العين نقطة حمراء.

الانتشار، أن يتسع ثقب الناظر حتّى يلحق البياض من كل جانب.

الحثر، أن يخرج في العين حبّ وهو الجرب.

القمر، أن يعرض للعين فترة وفساد. يقال: قمرت عينه.

[1] فعل أمر للمؤنث من «ودى» بمعنى دفع الدية بسبب الإثم الذى وقع منها

[2]

فى «فقه اللغة» الجسأة [بتقديم الجيم على السين ولعله الصواب] .

ص: 52

ومما قيل في أرمد، فمن ذلك قول عبد الله بن المعتز (وقيل إنها لابن الرومىّ، وقيل للناجم) :

قالوا: اشتكت عينه! فقلت لهم:

من كثرة الفتك نالها الوصب!

حمرتها من دماء من قتلت،

والدم في النّصل شاهد عجب.

وقال ابن منير الطرابلسىّ:

رنا وفي طرفه احمرار،

يغضّ من سحر مقلتيه.

وفاض من نرجسيه ماء،

ضرّجه ورد وجنتيه.

فقلت يا ممرضى بوجه،

أظنّ دائى سرى إليه!

هيهات، لا تجحدنّ قتلى!

هذا دمى شاهد عليه!

وقال الواثق بالله:

لى حبيب قد طال شوقى إليه،

لا أسميّه من حذارى. عليه.

لم تكن عينه لتجحد قتلى،

ودمى شاهد على وجنتيه!

وقال الصولىّ:

يكسر لى طرفا به حمرة،

قد خلط النّرجس في ورده.

ما احمرّت العين، ولكنّه

يكحلها من وردتى خدّه!

وقال آخر:

قالوا: بدت في عينه حمرة

قد حازها من وردة الخدّ.

فقلت لم يرمد ولكنه

يصافح النّرجس بالورد!

ص: 53

وقال أبو عبد الله بن الحدّاد الوزير:

يا شاكى الرّمد الذى بشكاته،

قد صار دهرى فيه ليلة أرمدا!

الله والإشفاق يعلم أنّنى

لو أستطيع فدا، لكنت لك الفدا!

كم من دم سفكت جفونك لم تزل

تخفى وتكتم سفكه حتّى بدا.

لم يشتمل بدم غرار مهنّد

إلا وقد أهدى النفوس إلى الرّدى.

وقال أبو الفرج الببغاء:

بنفسى ما يشكوه من راح طرفه

ونرجسه مما دهى حسنه ورد!

أراقت دمى ظلما محاسن وجهه،

فأضحت وفي عينيه آثاره تبدو!

غدت عينه كالجمر حتّى كأنما

سقى عينه من ماء توريده الخدّ.

لئن أصبحت رمداء مقلة مالكى،

لقد طال ما استشفت به مقل رمد!

وقال آخر:

قضب الهند والقنا أخدانك!

والمقادير في الورى أعوانك!

أيّها ذا الأمير ما رمدت عي

نك! حاشا لها، ولا أجفانك!

بل حكت فعلك الكريم لبضحى

شانها في العلى سواء وشانك.

فهى تحمرّ مثل سيفك في الرّو

ع، وتصفو كما صفا إحسانك.

وقال آخر وأجاد:

لقد جار ما تشكوه في الحكم واعتدى

وأسرف في أفعاله وتمرّدا!

فمن لى بأن لو كنت أعرف حيلة

تصيّر أجفانى لأجفانك الفدا؟

دهت عينك العين التى قد قضى القضا

بأنك فيها سوف تصبح أرمدا.

ص: 54

فمذ بدّلت من نرجس بشقائق،

أعادت لجين الدمع منّى عسجدا.

سللت حسام اللحظ منها على الورى،

وقد كان أحرى أن يصان ويغمدا!

فأنت الذى أبليتها بالذى بها،

إذا السيف لم يغمد تراكبه الصّدا.

ومما قيل في أرمد غطى عينيه بشعريّة، [1] قول السراج الورّاق:

شعريّتى، مذرمدت قد حجبت

طرفى عنكم، فصرت محبوسا.

الحمد لله! زادنى شرفا:

كنت سراجا فصرت فانوسا.

وقال آخر:

غطّى على عينيه شعريّة،

تشعل في القلب لهيب الغرام.

كأنّه البدر بدا نصفه،

ونصفه الآخر تحت الغمام!

وقال آخر:

لا تحسبوا شعريّة أصبحت

من رمد في وجهه مرسله.

وإنما وجنته كعبة،

أستارها من فوقها مسبله.

ومن رقعة كتبها أرمد (وهو عبد الله بن عثمان الواثقى) عفا الله عنه. قال:

صادف ورود كتابه رمدا في عينى قد حصرنى في الظّلمه، وحبسنى بين الغم والغمّه، وتركنى أدرك بيدى ما كنت أدرك بعينى: كليل سلاح البصر، قصير خطو النظر. قد ثكلت مصباح وجهى، وعدمت بعضى، الذى هو آثر عندى

ص: 55