المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل فى ترتيب الصمم - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌الفن الثانى فى الإنسان وما يتعلق به

- ‌القسم الأوّل فى اشتقاقه، وتسميته، وتنقلاته، وطبائعه، ووصفه، وتشبيهه

- ‌الباب الأوّل من القسم الأوّل من الفن الثانى (فى اشتقاقه، وتسميته، وتنقلاته، وطبائعه، وما يتصل بذلك)

- ‌فصل

- ‌فصل وأما ترتيب أحواله وتنقل السنّ به إلى أن يتناهى:

- ‌فصل فى ظهور الشيب وعمومه

- ‌الباب الثانى من القسم الأوّل من الفن الثانى (فى وصف أعضاء الإنسان وتشبيهها)

- ‌فصل فى تفصيل أوصافه

- ‌ذكر ما قيل في الشيب والخضاب من المدح والذم

- ‌ومما وصف به صفاء الوجه ورقّة البشرة، فمن ذلك ما قيل مذكرا

- ‌فصل فى عوارض العين

- ‌فصل فى كيفية النظر وهيئته

- ‌فصل فى ترتيب البكاء

- ‌فصل فيما قيل في الأنف

- ‌فصل فى تقسيم ماء الفم

- ‌فصل فى ترتيب الضحك [1]

- ‌فصل فى مقابحها

- ‌فصل فى ترتيب الأسنان

- ‌فصل فى عيوبه

- ‌فصل فى ترتيب العىّ

- ‌فصل فى ترتيب الصّمم

- ‌ما يتمثل به من ذكر الأنف

- ‌ما يتمثل به من ذكر الفم، واللسان، والأسنان

- ‌ما يتمثل به من ذكر الأذن

- ‌ما يتمثل به من ذكر العنق

- ‌ما يتمثل به من ذكر اليد

- ‌ما يتمثل به من ذكر الصدر والقلب

- ‌ما يتمثل به من ذكر الظهر والبطن والجنب

- ‌ما يتمثل به من ذكر الكبد والدّم والعروق

- ‌ما يتمثل به من ذكر الساق والقدم، يقال:

- ‌من ضرب به المثل من الرجال على لفظ أفعل للتفضيل

- ‌وأمّا من ضرب بها المثل من النساء

- ‌الباب الثالث من القسم الأوّل من الفن الثانى (فى الغزل، والنّسيب، والهوى، والمحبة، والعشق)

- ‌فأما كلام الحكماء والفلاسفة

- ‌وأما كلام الإسلاميين وما قالوه فيه

- ‌ذكر مراتب العشق وضروبه

- ‌ذكر ما قيل في الفرق بين المحبة والعشق

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذكر شىء من الشعر المقول في ذمّ العشق والحب

- ‌ذكر شىء مما ورد في التحذير من فتنة النساء، وذمّ الزنا، والنظر إلى المردان، والتحذير من اللّواط، وعقوبة اللّائط

- ‌ذكر نبذة مما قيل في الغزل والنسيب

- ‌فمما قيل في المذكر

- ‌ومما قيل في المطلق والمشترك

- ‌ومما قيل في طيف الخيال

- ‌الباب الرابع من القسم الأوّل من الفن الثانى في الأنساب

- ‌الطبقة الأولى الجذم

- ‌والطبقة الثانية الجماهير، والتجمهر:

- ‌والطبقة الثالثة الشعوب

- ‌والطبقة الرابعة القبيلة

- ‌والطبقة السادسة البطون

- ‌والطبقة السابعة الأفخاذ

- ‌والطبقة الثامنة العشائر

- ‌والطبقة التاسعة الفصائل

- ‌والطبقة العاشرة الرهط

- ‌أصل النسب

- ‌(أبو البشر آدم عليه السلام

- ‌إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر نسب قيس وبطونها

- ‌الياس بن مضر بن نزار

- ‌مدركة بن الياس بن مضر

- ‌كعب بن لؤىّ بن غالب

- ‌مرّة بن كعب

- ‌كلاب بن مرة بن كعب

- ‌عبد مناف بن قصىّ

- ‌عبد المطّلب بن هاشم

الفصل: ‌فصل فى ترتيب الصمم

بتّ ألهو بطيبه

فى رياض زواهر:

بين ساق وسامر

ومغنّ وزامر.

وقال الطائىّ:

مدّت إليك بنانة أسروعا،

تشكو الفراق، ومقلة ينبوعا.

كادت لعرقان النّوى ألفاظها

من رقّة الشّكوى تكون دموعا.

وقال ابن المعتزّ:

وسرّ أحاديث عذاب لو أنّها

جنى النحل، لم تمجج حلاوتها النحل.

ومما قيل في الأذن، الصّمع، صغرها.

السّكك، كونها في نهاية الصّغر.

القنف، استرخاؤهما وإقبالهما إلى الوجه.

الخطل، غلظهما.

‌فصل فى ترتيب الصّمم

يقال:

بأذنه وقر.

فإذا زاد، فهو صمم.

فإذا زاد، فهو طرش.

فإذا زاد حتّى لا يسمع الرعد، فهو صلخ.

ص: 72

ومما وصف به الصّدغ، فمن ذلك قول عبد الله بن المعتزّ:

ريم! يتيه بحسن صورته،

عبث الفتور بلحظ مقلته.

فكأن عقرب صدغه وقفت،

لما دنت من نار وجنته.

وقال ابن الرومىّ:

أبدا نحن في خلاف: فمنّى

فرط حبّ ومنك لى فرط بغض.

فبصدغيك فوق خطّ عذار

ظلمات، وبعضها فوق بعض.

وقال الصاحب بن عبّاد:

وعهدى بالعقارب حين تشتو

تخفّف لدغها وتقلّ ضرّا.

فما بال الشتاء أتى، وهذا

عقارب صدغه يزددن شرّا؟

وقال ابن المعتزّ:

أمن سبج في عارضيه صوالج

معطّفة تفّاح خدّيه تضرب؟

وما ضرّه نار بخدّيه الهبت؛

ولكن بها قلب المحبّ يعذّب؟

عناقيد صدغيه بخدّيه تلتوى

وأمواج ردفيه بخصريه تقلب.

شربت الهوى صرفا زلالا، وإنما

لواحظه تسقى وقلبى يشرب.

وقال الثعالبىّ:

وصو لجان في يدى شادن

لا يسمح العاشق أن يذكره

. وصو لجان المسك في خدّه

متّخذ حبّة قلبى كره.

ص: 73

وقال الناشئ الأصغر:

لك صدغ كأنما

نونه نون كاتب.

يلدغ الناس إذ تعق

رب لدغ العقارب.

وقال الصاحب بن عبّاد:

يا شادنا في وجهه عقرب

ما يستجيب الدّهر للراقى.

يسلم خدّاه على لدغها،

ولدغها في كبدى باقى!

وقال عمر المطوعىّ:

بنفسى من تمّت محاسن وجهه!

فما هو إلا البدر عند تمام.

وأرسل صدغا فوق خدّ كأنه

جناح غراب فوق طوق حمام.

وقال آخر:

حلّت بمقارب صدغه في خدّه

قمرا، فجلّ بها عن التشبيه!

ولقد عهدناه يحلّ ببرجها

فمن العجائب كيف جلّت فيه؟

وقال العماد الأصبهانىّ:

وإذا بدا لك صدغه في وجهه،

أبصرته قمرا بدا في العقرب!

وقال أبو الفتح كشاجم:

ومنعن ورد خدودهنّ فلم نطق

قطفا لها لعقارب الأصداغ!

ومما وصفت به الخدود والوجنات، فمن ذلك ما ورد على لفظ التذكير.

قال أبو الفتح كشاجم:

غدا، وغدا تورّد وجنتيه

لعين محبه يصف الرّياضا.

ص: 74

على خدّيه ماء عسجدىّ؛

فلو نظر الرقيب إليه، غاضا.

وقال آخر:

دعوت بماء في زجاج، فجاءنى

حبيبى به خمرا نظرت له شزرا.

فقال: هو الماء القراح وإنما

تجلّى له خدّى فأوهمك الخمرا!

وقال أبو القاسم عبد الغفار المصرىّ، شاعر اليتيمة:

ورد الخدود أرقّ من

ورد الرّياض وأنعم.

هذا تنشّقه الأنو

ف، وذا يقبّله الفم.

فإذا عدلت، فأفضل ال

وردين ورد يلثم.

وقال أيضا (ويروى للوأواء الدمشقى) :

لا تظلموا الناس ولا تطلبوا

بثارى اليوم أذى مسلم!

ويا لقومى دونكم شادنا

معتدل القامة والمبسم!

فإن أبى إلا جحود الهوى

واكتتم الأمر ولم يعلم،

قولوا له يكشف عن خدّه؛

فإن فيه نقطا من دمى.

وقال ابن الرومىّ:

وغزال ترى على وجنتيه

قطر سهميه من دماء القلوب.

لهف نفسى لتلك من وجنات

وردها ورد شارق مهضوب!

أنهلت صبغ نفسها ثم علّت

من دماء القتلى بغير ذنوب.

جرحته العيون فاقتصّ منها

بجوى في القلوب دامى النّدوب.

ص: 75

وقال أيضا:

يا وجنتيه اللتين من بهج

فى صدغيه اللذين من دعج!

ما حمرة فيكما: أمن خجل،

أم صبغة الله، أم دم المهج؟

وقال أبو الفتح البستىّ:

ومهفهف غنج الشمائل أزعجت

قلبى محاسن وجهه إزعاجا.

درت الطبيعة أن فاحم شعره

ليل فأذكت وجنتيه سراجا.

وقال عبد الله بن المعتزّ:

يا من يجود بموعد من لحظه

ويصدّ حين أقول: أين الموعد؟

ويظلّ صبّاغ الحياء بخدّه

تعبا: يعصفر تارة ويورّد.

وقال الراضى بالله:

يصفرّ وجهى إذا تأمّلنى

خوفا، ويحمرّ خدّه خجلا.

حتّى كأنّ الذى بوجنته

من ماء وجهى إليه قد نقلا.

وقال الخبز أرزى:

صل بخدّى خدّيك، تلق عجيبا

من معان يجاز فيها الضمير.

فبخدّيك للرّبيع رياض،

وبخدّى للدّموع غدير.

وقال أيضا:

أظهر الكبرياء من فرط زهو،

فتلقّيته بذلّ الخضوع.

وحبانى ربيع خدّيه بالور

د فأمطرته سحاب الدّموع.

وقال الصنوبرىّ:

رقّ، فلو كلّفته أعيننا

أن يرشح الخمر خدّه، رشحا.

ص: 76

وقال المفجّع:

ظبى إذا عقرب أصداغه،

رأيت ما لا يحسن العقرب.

تفّاح خدّيه له نضرة

كأنّه من دمعتى يشرب.

وقال آخر:

ومبيح أسرار القلو

ب بوجنتيه وحاجبيه.

جمع الإله له المحا

سن ثم أفرغها عليه.

وكأنّ مرآتين علّ

قتا بصفحة عارضيه.

وكأنّ ورد الجلّن

ار مضعّف في وجنتيه.

وقال علىّ بن عطيّة البلنسىّ في غلام جرح خدّه:

وأحوى رمى عن قسىّ الحور

سهاما يفوّقهنّ النظر.

يقولون: وجنته قسّمت

ورسم محاسنه قد دثر.

وما شقّ وجنته عابثا

ولكنّها آية للبشر.

جلاها لنا الله كيما نرى

بها كيف كان انشقاق القمر.

ومما وصفت به على لفظ التأنيث، فمن ذلك قول عبد الله بن المعتزّ:

نجل العيون، سواحر اللحظات

هيّجن منك سواكن الحركات.

أقبلن يرمين الجمار تنسّكا،

فجعلن قلبك موضع الجمرات.

فكأنهنّ غصون بان ناعم

يحملن تفّاحا على الوجنات.

ص: 77

وقال ابن الرومىّ:

تشرع الألحاظ في وجنتها

فتلاقى الرّىّ من مشربها.

فهى حسب العين من نزهتها،

وهى حسب الأذن من مطربها.

وقال ديك الجنّ:

بأبى الثلاث الآنسا

ت الرائقات الغانيات!

أقبلن، والأصداغ في

وجناتهنّ معقربات!

ألفاظهنّ مؤنّثا

ت والجفون مذكّرات!

حتّى إذا عاينتهنّ

وللأمور مسبّبات،

جمّشتهنّ، وقلت: طي

ب عناقكنّ هو الحياة!

فحجلن حتّى خلت أنّ

خدودهنّ معصفرات.

ومما وصفت به الخيلان، فمن ذلك ما ورد على لفظ التذكير.

قال بعض الشعراء:

فى الساعد الأيمن خال له

مثل السّويداء على القلب.

كأنه من سبج فاحم

مركّب من لؤلؤ رطب.

وقال ابن منير الطرابلسى:

لاح لنا عاطلا، فصيغ له

مناطق من مراشق المقل.

حياة روحى وفي لواحظه

حتفى بين النّشاط والكسل.

ما خاله من فتيت عنبر صد

غيه ولا قطر صبغة الكحل.

لكن سويداء قلب عاشقه

طفت على نار وردة الخجل.

ص: 78

وقال أيضا:

أنكرت مقلته سفك دمى،

وعلى وجنته فاعترفت.

لا تخالوا خاله في خدّه

قطرة من صبغ جفن نطفت.

تلك من نار فؤادى جذوة

فيه ساخت وانطفت ثم طفت!

وقال آخر:

لا تخال الخال يعلو خدّه

نقط مسك ذاب من طرّته.

ذاك قلبى سلبت حبّته

فاستوت خالا على وجنته.

وقال ابن منير:

كأنّ خدّيه دينارين قد وزنا

وحرّر الصّيرفىّ الوزن واحتاطا.

فخفّ إحداهما عن وزن صاحبه،

فحطّ فوق الذى قد خفّ قيراطا.

وقال آخر:

أضحى ليوسف في الجمال خليفة،

يخشأه كلّ العالمين إذا بدا.

عرّج معى وانظر إليه لكى ترى

فى خدّه علم الخلافة أسودا.

وقال آخر:

كم قلت للنفس: إليه اذهبى،

فحبّه المشهور من مذهبى!

مهفهف القدّ له شامة

من عنبر في خدّه المذهب.

آيسنى التوبة من حبّه

طلوعه شمسا من المغرب!

وقال آخر:

ومهفهف من شعره وجبينه

يغدو الورى في ظلمة وضياء.

لا تنكروا الخال الذى في خدّه

كلّ الشقيق بنقطة سوداء.

ص: 79

وقال آخر:

لهيب الخدّ حين رأته عينى

هوى قلبى عليه كالفراش.

فأحرقه فصار عليه خالا؛

وها أثر الدّخان على الحواشى!

وقال آخر:

بدا على خدّه خال يزيّنه،

فزادنى شغفا منه إلى شغفى.

كأنّ حبّة قلبى عند رؤيته

طارت فقلت لها: فى الخدّ منه قفى!

وقال آخر:

خيلان خدّك ردّت

صحيح قلبى مريضا.

فى العين سود، ولكن

ما زلن في القلب بيضا.

وقال آخر:

خدّك مرآة كلّ حسن

يحسن من حسنها الصّفات.

مالى أرى فوقه نجوما

قد كسفت وهى نيّرات؟

وقال آخر:

حجّت إلى وجهك أبصارنا

طائفة، يا كعبة الحسن!

تمسح خالا منك في وجنة

كالحجر الأسود في الركن.

وقال الأسعد بن بليطة:

سكران لا أدرى- وقد وافى بنا-

أمن الملاحة أم من الجريال.

تتنفّس الصّهباء في لهواته

كتنفّس الرّيحان في الآصال.

وكأنما الخيلان في وجناته

ساعات هجر في ليال وصال.

ص: 80

ومما وصفت به على لفظ التأنيث، فمن ذلك قول أبى الفتح كشاجم:

فديت زائرة في العيد واصلة

لمستهام بها للوصل منتظر.

فلم يزل خدّها ركنا ألوذبه،

والخال في صحنه يغنى عن الحجر.

وقال العباس بن الأحنف:

ومحجوبة في الخدر عن كلّ ناظر،

ولو برزت، ما ضلّ بالليل من يسرى.

بخال بذاك الخدّ أحسن منظرا

من النّقطة السّوداء في وضح البدر.

ومما قيل في العذار، فمن ذلك ما ورد فيه على سبيل المدح.

قال مانى الموسوس عفا الله عنه ورحمه:

وما غاضت محاسنه؛ ولكن

بماء الحسن أورق عارضاه.

سمعت به فهمت إليه شوقا!

فكيف لك التصبّر، لو تراه؟

وقال أبو فراس:

من أين للرشإ الغرير الأحور

فى الخذ مثل عذاره المتحدّر؟

يا من يلوم على هواه سفاهة!

أنظر إلى تلك السوالف، تعذر.

قمر كأنّ بعارضيه كليهما

مسك تساقط فوق ورد أحمر.

وقال ابن المعدّل:

سالت مسايل عارضي

هـ بنفسجا في ورده.

فكأنّه من حسنه

عبث الربيع بخدّه.

ص: 81

وقال الخبّاز البلدى:

وعارض مثل دارة البدر

دار بوجه كليلة القدر.

فلو تراه وحسن منظره،

شهدت أنّ الجمال للشّعر.

وقال ابن المعتزّ:

وتكاد الشمس تشبهه

ويكاد البدر يحكيه.

كيف لا يخضرّ عارضه،

ومياه الحسن تسقيه؟

وقال محمد بن وهب:

صدودك في الورى هتك استتارى،

وساعده البكاء على اشتهارى.

ولم أخلع عذارى فيك إلّا

لما عاينت من حسن العذار.

وكم أبصرت من حسن، ولكن

عليك من الورى وقع اختيارى.

وقال أبو الفرج الوأواء:

وشمس [1] بأعلاه ولبلان أسبلا

بخدّيه، إلا أنّها ليس تغرب.

ولمّا حوى نصف الدّجى نصف خدّه

تحيّر حتّى مادرى أين يذهب.

وقال الخبز أرزّى:

انظر إلى الغنج يجرى في لواحظه،

وانظر إلى دعج في طرفه الساجى!

وانظر إلى شعرات فوق عارضه

كأنهنّ نمال سرن في العاج!

وقال أيضا:

وجه تكامل حسنه

لما تطرّفه عذاره.

والسيف أحسن ما ترى

ما كان مخضرّا غراره.

[1] فى الأصل: «ليل» . والتصويب عن اليتيمة.

ص: 82

وقال الأمير سيف الدّين المشدّ:

ولائم في عذار بدر

لم أستطع عن هواه ميلا.

فقلت، والدّمع في جفونى

لفرط وجدى تسيل سيلا:

ضللت في خدّه نهارا!

كيف رشادى، وصار ليلا؟

وقال أيضا:

ولمّا أن بدا في الخدّ شعر

توقّف عند منتصف العذار.

فقلت للائمى فيه: تعجّب

لنصف الليل في نصف النهار!

وقال أيضا:

ومهفهف يحمى ورود رضابه

بصوارم سلّت من الأجفان.

كتب العذار بليقة مسكيّة

فى خدّه سطرا من الرّيحان.

وقال أيضا:

يقول العواذل لمّا بدا

على خدّه شعر زائر:

ذوى ورد خدّيه، قلت: اقصروا

فنرجس ألحاظه وافر!

وقال آخر:

وقالوا: تسلّى فقد شانه

عذار أراحك من صدّه.

فقلت: وهمتم، ولكنّنى

خلعت العذار على خدّه.

وقال آخر:

بروحى وقلبى ذلك العارض الذى

غدا مسكه فوق السّوالف سائلا.

درى خدّه أنّى أجنّ من الهوى،

فأظهر لى قبل الجنون سلاسلا!

ص: 83

وقال آخر:

أصبحت مأسورا بغنج لحاظه

ومقيّدا من صدغه بسلاسل.

حتّى بدا سيف العذار مجرّدا

فخشيت منه، فقلت هذا قاتلى!

وقال آخر:

قالت: اسودّ عارضاك بشعر،

وبه تقبح الوجوه الحسان!

قلت: أشعلت في فؤادى نارا،

فعلى عارضىّ منه دخان!

وقال آخر:

قلت، وقد أبصرته مقبلا

وقد بدا الشّعر على الخدّ:

صعود ذا النمل على خدّه

يشهد أن الرّيق من شهد.

ومثله قول الآخر:

قالوا: التحى، فاصب إلى غيره!

قلت لهم: لست إذا أسلو!

لو لم يكن من عسل ريقه،

ما دبّ في عارضه النّمل.

وقال آخر:

عذاره أحسن ما فيه،

وتيهه من أحسن التّيه.

فى فمه الشّهد، فلا تعجبوا

إن دبّ نمل بعذاريه.

وقال آخر:

أصلى بنار الخدّ عنبر خاله

فغدا العذار دخان ذاك العنبر.

وقال آخر (وقد تقدّم إيراده في صفاء الخدّ) .

أعد نظرا، فما في الخدّ نبت

حماه الله من ريب المنون!

ولكن رقّ ماء الوجه حتّى

أراك مثال أهداب الجفون.

ص: 84

ومثله قول الآخر (وقد تقدّم إيراده) :

ولمّا استدارت أعين الناس حوله

تلاحظه كيف استقلّ وسارا،

تمثّلت الأهداب في ماء وجهه

فظنّوا خيال الشّعر فيه عذارا.

وقال الحاجرىّ:

وما اخضرّ ذاك الخدّ نبتا، وإنما

لكثرة ما شقّت عليه المرائر.

وقال آخر:

يا لائمى في حبّ ذى عارض،

ما البلد المخصب كالماحل!

يموج ماء الحسن في وجهه

فيقذف العنبر في الساحل.

وقال آخر:

ولمّا بدا خطّ العذار بوجهه

كظلمة ليل في ضياء نهار،

تغلغل في قلبى هواه فلم أزل

خليع عذار في جديد عذار.

وقال آخر:

قالوا: التحى، فامتحت بالشّعر بهجته!

فقلت: لولا الدّجى لم يحسن القمر.

من كان منتظرا للصبر عنه به،

فإنّنى لغرامى كنت أنتظر.

خطّت يد الحسن منه فوق وجنته:

هذى محاسن، يا أهل الهوى، أخر!

وقال آخر:

وقلت: الشّعر يسلينى هواه!

ولم اعلم بأنّ الشّعر حينى.

فظلت لشقوتى أفدى وأحمى

سواد عذاره بسواد عينى.

وقال محمد بن عبد الله السلامى، شاعر اليتيمة:

عذارك جادت عليه الرّيا

ض بأجفانها وبآماقها.

ص: 85

وطال غرام الغوانى به

فقد طرّزته بأحداقها.

وقال ابن سكّرة الهاشمىّ:

وغزال لولا نميمة شعر

ذكّرته، لقلت: إحدى الجوارى.

شارب أشرب الصّبابة قلبى،

وعذار خلعت فيه عذارى.

وقال آخر:

قالوا: التحى وستسلو عنه، قلت لهم:

هل يحسن الروض ما لم يطلع الزّهر؟

هل التحى طرفه الساجى، فأهجره؟

وهل تزحزح عن ألحاظه الحور؟

وقال أبو الفتح كشاجم:

من عذيرى من عذارى قمر،

عرّض القلب لأسباب التلف؟

زيد حسنا وضياء بهما،

فهو الآن كبدر في سدف.

خمّشا خدّيه ثم انعطفا،

آه ما أحسن ذاك المنعطف!

علم الشّعر الذى عاجله

أنه جار عليه، فوقف.

فهو في وقفته معترف

بالتناهى في التعدّى والسّرف.

وقال آخر:

لا تعتقدوا ما لاح في وجنته

شعرا، غلطا! ما ذاك من شمته!

بل ساكن ماء الحسن قد حرّكه

موج قذف العنبر في حافته.

وقال عبد الله بن سارة الإشبيلىّ:

ومعذّر رقّت حواشى حسنه،

فقلوبنا حذرا عليه رقاق.

لم يكس عارضه السواد، وإنما

نفضت عليه صباغها الأحداق.

ص: 86

وقال أبو بكر الدانىّ، شاعر الذخيرة:

بدا على خدّه عذار

فى مثله يعذر الكئيب.

وليس ذاك العذار شعرا،

لكنّما سرّه غريب.

لمّا أراق الدّماء ظلما،

بدت على خدّه الذّنوب.

وقال عبد الجليل الأندلسىّ:

ومعذّرين كأنما بخدودهم

طرق العيون ومنهج الأوداج.

وكأنما صقلوا الجمال فأظهروا

مشى النّمال على متون العاج.

ومما وصف به العذار على طريق الذمّ، فمن ذلك ما قاله الوزير أبو المغيرة ابن حزم، عند ما عرضت عليه رسالة بديع الزمان في الغلام الذى خطب إليه ودّه بعد أن عذّر، قال:

«ورد كتابك ينشد ضالّة ودّنا، ويرقع خلق عهدنا؛ ويطلب ما أفاءته جريرتك «إلينا، وذهبت به جنايتك علينا؛ أيام غصنك ناضر، وبدرك زاهر؛ لا نجد رسولا «إليك، غير لحظة تخرق حجاب الدّموع، أو زفرة تقيم مناد الضّلوع؛ فإن رمنا شكوى «ينفث بها مصدورنا، ويستريخ إليها مهجورنا؛ لقينا دونها أمنع سدّ، وأقبح كفّ «وصدّ، وأقدح ردّ.

وفي فصل منها:

«حتّى إذا طفئت تلك النّيران، وانتصف لنا منك الزمان؛ بشعرات أغشت «هلالك كسوفا، وقلبت ديباجك صوفا؛ وأعادت نهارك ليلا، وناحت عليك تلهّفا

ص: 87

«وويلا؛ وأطار حمامك غرابك، وحجب ضياءك ضبابك؛ فصار عرسك مأتما، «وعاد وصلك محرّما، قال القائل:

«وبتّ مداما تسرّ النزيف

فأصبحت تجرع خلّا ثقيفا.

«وصرت حجازا جديب المحلّ،

وقد كنت للطالب الخصب ريفا.

«أقبلت تتسلّل إلينا لواذا، وتطلب منا عياذا؛ قد أنساك ذلّ العزل عزّ الولايه، «وأولاك طمعا نسياننا تلك الجناية؛ أيّام ترشقنا سهام ألحاظك رشقا، وتقتلنا سيوف «ألفاظك عشقا؛ وتميس غصنا، فتثير حزنا؛ وتطلع شمسا، فتفتّت نفسا.

«فالآن نلقاك بدمع قد جفّ، ووجد قد كفّ؛ وعزاء قد أبّد، وصبر قد أغار «وأنجد؛ وننظر منك إلى روض قد صوّح، وسار قد أصبح؛ وأعجم قد أفصح، «ومبهم قد صرّح. فلا شكّ قد رفع الغطاء، ولا إفك قد برح الخفاء، ولا لوم قد وقع «الجزاء. وهلّا ذكرت المثل الممتهن «الصّيف ضيّعت اللبن!» ونسيت من أحرقت «قلبه صدّا، وأقلقت جنبه ردّا؛ وملأت جوانحه نارا، وتركت نومه غرارا؛ «أن يوفيك قرضا، ويجازيك حتّى ترضى؛ حين نكّس علمك، وعثرت قدمك؛ «وضاقت طرقك، وأظلم أفقك؛ وهوى نجمك، وخاب قدحك؛ وفلّ سيفك، وحطّ «رمحك؛ فاطو ثوب وصلك فلا حاجة لنا إلى لباسه، وازو طارق شخصك فلا رغبة «لنا في إيناسه؛ فما يشتهى اليوم زيارة رمس، من زهد فيه أمس. قال:

«حانت منيته فاسودّ عارضه،

كما تسوّد بعد الميّت الدار.

«يا من نعته إلى الإخوان لحيته،

أدبرت، والناس إقبال وإدبار!

«فيا لدهر مضى ما كان أحسنه!

إذ أنت ممتنع والشّرط دينار.

«ايّام وجهك مصقول عوارضه،

وللرياض على خدّيك أنوار!

ص: 88

وقال علىّ بن نصر الكاتب تعزية لمن طلعت لحيته:

«لكل حادثة يفجع بها الدهر- أحسن الله معونتك- حدّ من القلق والالتياع، «ومبلغ من التحرّق والارتياع؛ تستوجب فنّا من التعزيه، وتستحق نصيبا من العظة «والتسليه؛ والاختصار فيها لما قرب خطبه وشانه، والإكثار لما جلّ محلّه «ومكانه.

«ومصابك هذا- أعانك الله- فى بياض روضك لما اسودّ، كمصابك في سواده «إذا ابيضّ؛ والألم ببياض روضه جميما، نظير الألم به يوم يعود هشيما.

«فليس أحد يدفع عظيم النازل بك، ولا يستصغر جسيم الطارق لك؛ وإن كان «ما يتعقبه من المشيب أقذى للعيون.

«التفتت عنك النواظر، وكانت منتفتة إليك، ووقفت عنك الخواطر، وكانت «موقوفة عليك؛ وصيّرك قذى الأجفان وكنت جلاها، وجعلك كربة النفوس «وكنت هواها؛ وأبدلك من أنس التقبل، وحشة التنقل؛ وعوّضك من رقة الترفرف، «كلفة التأفّف؛ فتبارك الله الذى صرف عنك الابصار، ونقّل فيك الأطوار! «فعويلا دائما وبكاء! وعزاء عن الذكر الجميل عزاء! فلكل أجل كتاب، وعلى كل «جائحة ثواب.

«ولقد استوفيت أمد الصبا والصبابه، واستنبت الحسرة عليها والكآبه. فرزيّتك «راسية والرزايا سوائر، ومصيبتك ثابتة والمصائب عوائر. «إنا لله وإنا إليه «راجعون» .

ص: 89

«ثم لا حيلة، فإنها الأيام التى لا تثبت على حاله، ولا تعرف غير التنقل والاستحاله! «فآجرك الله في وجه نضب ماؤه، وذهب رواؤه ومات حياؤه! وفي ضيعة استأجم «برّها، واستدغل نورها؛ وأسبع طريقها، واتسعت تنوفتها! وفي جاه كان عامرا «فخرب، ودخل كان وافرا فذهب، وتذكار كان واصلا إلى القلوب فحجب! «فأصبحت مسبوق السكّيت، وظللت حيا وأنت الميت؛ فلا حول ولا قوّة إلا بالله «من محن ذفعت إليها، ولم تعن بحال عليها.

«وقد يشغل الإنسان عن نوائبه المشاركون فيها، ويسلّيه عنها المساهمون في معنى «معانيها؛ وأنت من بين هذه المنزلة لا شريك لك، فإنهم يعتاضون عنها ولست «بمعتاض، ويركضون للعيش ولست بركاض. والدهر يطوى محاسنك طىّ السجلّ «كتابه، وينشر مقابحك نشر اليمانى أثوابه. ويملّ الطرف رؤيتك فلا يفيق عليك «جفنا، ويمجّ السمع ذكرك فلا يجد عنده أذنا.

ومنها:

وقد جعلت رقعتى هذه جامعة بين البكاء عليك والأنين، وناظمة بين العزاء والتأبين. لها حلاوة النثر، وعليها طلاوة الشعر. نتجتها قريحة عليك، ونسجتها خواطر خاطرت إليك؛ تخفّف غرامك والناس مشاغيل بتثقيله، وتكرم مكانك والإجماع واقع على تهوينه. فإن عرفت لى ذاك، وإلا عرفه الصّدق؛ وإن شكرنه، وإلا شكره الحق.

والسلام عليك من أسير لا يخلص بالفدية، وقتيل بسيف السّبال واللحية.»

وقال الصنوبرىّ:

ما بدت شعرة بخدّك إلّا

قلت في ناظرىّ أو في فؤادى.

ص: 90

أنت بدر جنى الخسوف عليه

ظلمة، لا أرى لها من نفاد.

فاسوداد العذار بعد ابيضاض

كابيضاض العذار بعد اسوداد.

وقال آخر:

أصبح نحسا- وكان سعدا-

من كان مولى فصار عبدا.

بكى على حسنه زمانا،

لما رأى الشّعر قد تبدّى.

لو نبت الشّعر في وصال،

لعاد ذاك الوصال صدّا!

وقال الخبز أرزى:

بدا الشّعر في وجهه، فانتقم

لعاشقه منه لمّا ظلم.

وما سلّط الله نبت اللّحى

على المرد إلّا زوال النّعم.

توحّشت العين في وجهه،

وحقّ لها وحشة في الظّلم.

إذا اسودّ فاضل قرطاسه،

فما ظنّه بمجارى القلم؟

ولم يعل في خدّه كالدّخا

ن إلّا وأسفله كالحمم.

وقال التّنوخىّ:

قلت لأصحابى، وقد مرّ بى

منتقبا بعد الضّيا بالظّلم:

بالله، يا أهل ودادى! قفوا

كى تبصروا كيف زوال النّعم!

وقال إبراهيم بن خفاجة الأندلسىّ في ملتح:

ما للعذار، وكان وجهك قبلة،

قد خطّ فيه من الدّجى محرابا.

وإذا الشّباب- وكان ليس بخاشع-

قد خرّ فيه راكعا، وأنابا.

ص: 91

وقال أيضا:

وافى بأوّله صحيفة صفحة

جعل العذار بها يسيل مدادا.

متجهّما ثكل الشّباب كأنما

لبس العذار على الشّباب حدادا.

وقال عمر المطوعىّ، من شعراء اليتيمة:

غدا- منذ التحى- ليلا بهيما،

وكان كأنّه القمر المنير.

فقد كتب السّواد بعارضيه

لمن يقرا: «وجاءكم النّذير» .

وقال عبد الجليل الأندلسىّ، من شعراء الذخيرة:

وأمرد يستهيم بكل واد

وينصب للحشا خدّا صليبا.

دعوت دعاء مظلوم عليه،

وكان الله مستمعا مجيبا.

فطوّقه الزمان بما جناه

وعلّق من عدريه؟؟؟

ومما قيل في العنق، يقال:

الجيد، طولها- التّلع، إشرافها- الهنع، نطامنها- الغلب، غلظها- البتع، شدّتها- الصّعر، ميلها- الوقص، قصرها- الخضع، خضوعها- الحدل، عوجها.

وقال دعبل:

أتاح لك الهوى بيض حسان

سلبنك بالعيون وبالنّحور.

نظرت إلى النّحور فكدت تقضى

فأولى لو نظرت إلى الخصور.

ص: 92

وقال قيس بن الخطيم.

وجيد كجيد الرّيم صاف يزينه

توقّد ياقوت وفصل زبرجد.

كأنّ الثريّا فوق ثغرة نحرها

توقّد في الظّلماء أىّ توقّد.

ومما قيل في اليد إذا باشرت ما يعلق بها، يقال:

من اللحم غمرة، ومن الشحم زهمة، ومن السمن نسمة، ومن الزّبد وضرة، ومن الجبن نشمة، ومن اللبن مذقة، ومن البيض زهكة، ومن السمك صمرة، ومن الزيت قنمة، ومن الخمر عتكة، ومن الخل خمطة، ومن العسل ونحوه لزجة، ومن الطّيب عطرة، ومن الغالية عبقة، ومن الزعفران ردعة، ومن العنبر لطخة، ومن الخلوق ضمخة، ومن الحنّاء قنئة، ومن الدّم ضرجة، ومن الماء بللة، ومن الطين لثقة وردغة، ومن البرد صردة، ومن التراب كثبة وغضرة، ومن القار حلكة، ومن الفحم حممة، ومن المداد طرسة، ومن الحديد سهكة، ومن الفضة سبكة، ومن الذهب نضرة، ومن النار شعلة، ومن الرياحين فوحة، ومن البقل زهرة، ومن الفاكهة الرطبة لزقة، ومن البابسة فكهة، ومن العمل مجلة ونفطة، ومن الخشونة شثنة وثفنة، ومن الشوك مشطة وشظية، ومن الحطب حزمة، ومن الرمح كعبة، ومن الصولجان لعبة، ومن الجود سبطة، ومن العظية منحة، ومن البخل جعدة، ومن المنع لحزة، ومن العدم تربة، ومن الرزّ زنخة، ومن الصابون حفرة، ومن الفرصاد قانية، ومن الرجيع قثمة، ومن كل القاذورات قذرة، ومن الوسخ درنة. اه

ص: 93

ومما مدحت به اليد، قال مؤيد الدّين الطّغرائى:

ويد تمدّ المال راحتها

أبدا، ويغمر ظهرها القبل.

إن ضنّ غيث أوخبا قمر،

فجبينه ويمينه البدل.

وقال عبد المؤمن بن هبة الله الأصبهانىّ

قالوا: بدت عارضة- لا بدت! -

فى كفّ ذاك السيّد الأوحد.

راحته راحة من يجتدى،

وكفّه كفّ الذى يعتدى.

فلا أصابت يده آفة!

فكم يد عندى لتلك اليد!

وقال ابن دريد:

يا من يقبّل كفّ كلّ ممخرق،

هذا ابن يحيى ليس بالمخراق!

قبّل أنامله، فلسن أناملا؛

لكنهنّ مفاتح الأرزاق!

وقال إبراهيم بن العباس بن محمد:

لفضل بن سهل يد

تقاصر عنها المثل.

فباطنها للنّدى،

وظاهرها للقبل.

وبسطتها للغنى،

وسطوتها للأجل.

وقال ابن الرومىّ:

فامدد إلىّ يدا تعوّد بطنها

بذل النّوال، وظهرها التقبيلا.

وقال أبو نواس:

يا قمرا، أبرزه ماتم

يندب شجوا بين أتراب!

يبكى فيذرى الدّرّ من نرجس،

ويلطم الورد بعنّاب.

ص: 94

وقال الناشى:

من كفّ جارية كأنّ بنانها

من فضّة قد طرّفت عنّابا.

وكأنّ يمناها إذا نطقت بها

تلقى على يدها الشّمال حسابا.

وقال الراضى بالله:

قالوا: الرّحيل! فأنشبت أظفارها

فى خدّها، وقد اعتلقن خضابا.

فاخضّر تحت بنانها فكأنّها

غرست بأرض بنفسج عنّابا.

وقال ابن كيغلغ:

لمّا اعتنقنا للوداع وأعربت

عبراتنا عنّا بدمع ناطق،

فرّقن بين معاجر ومحاجر،

وجمعن بين بنفسج وشقائق.

وقال كشاجم:

فما أنسها، لا أنس منها إشارة

بسبّابة اليمنى إلى خاتم الفم!

وأعلنت بالشكوى إليها فأومأت

حذارا من الواشين أن لا تكلّم.

فلم أر شكلا واقعا فوق شكله

كعنّابة تومى بها فوق عندم.

ومما قيل في النهود، يقال:

ثندوة الرّجل، ثدى المرأة، خلف الناقة، ضرع الشاة والبقرة، طبى الكلبة.

قال ابن الرومىّ:

صدور فوقهنّ حقاق عاج،

وحلى زانه حسن اتّساق!

يقول الناظرون إذا رأوها:

أهذا الحلى من هذى الحقاق؟

وما تلك الحقاق سوى ثدىّ

قدرن من الحقاق على وفاق.

ص: 95

نواهد لا يعدّ لهنّ عيب

سوى منع المحبّ من العناق.

وهو مأخوذ من قول بعض الأعراب:

أبت الرّوادف والثّدىّ لقمصها

مسّ البطون، وأن تمسّ ظهورا.

وقال محمد بن مبادر:

ولها ثديان ما عدوا

من حقاق العاج أن كعبا.

قسمت نصفين دعص نقا

وقضيبا لان، فاضطربا.

وقال عبد الله بن أبى السّمط بن مروان:

كأنّ الثّدىّ إذا ما بدت

وزان العقود بهنّ النّحورا،

حقاق من العاج مكنونة

يسعن من الدّرّ شيئا كثيرا.

وقال علىّ بن الجهم:

كنت مشتاقا وما يحجزنى

عنك إلا حاجز يمنعنى.

شاخص في الصدر، غضبان على

قبب البطن وطىّ العكن.

يملأ الكفّ ولا يفضله،

وإذا أثنيته لا ينثنى.

وقال ابن الرومىّ:

ملقمات أطفالهنّ ثديّا

ناهدات كأحسن الرّمّان.

مفعمات كأنها حافلات

وهى صفر من درّة الألبان.

وقال ابن المعتزّ:

قبيح بمثلك أن تهجرى،

وأقبح من ذاك أن تهجرى.

أقاتلى بفتور الجفون

ورمّانتين على منبر،

كحقين من لبّ كافورة

برأسيهما نقطتا عنبر!

ص: 96

ومما قيل في البطن، يقال:

الدّحل، عظمه- الحبن، خروجه- الثّجل، استرخاؤه- القمل، ضخمه- الضّمور، لطافته- العجر والبجر، شخوصه- التّخرخر، اضطرابه.

قال محمد بن مبادر:

والبطن ذو عكنة لطيف

صفر وشاحاه جائلان.

أشرف من فوقه عليه

ثديان ميلان ناهدان.

ومما قيل في الأرداف والخصور، فمن ذلك ما ورد على لفظ التذكير.

فمنه قول عبد الله بن طاهر:

صبّ كئيب يشتكيك الهوى

كما اشتكى خصرك من ردفكا.

لسانه عن وصف أسقامه

أكلّ منه عن مدى وصفكا.

وقال ابن أبى البغل:

كأنّه في اعتداله غصن

وفي السّراويل منه أمواج.

إذا مشى كالقضيب جاذبه

ردف له كالكشيب رجراج.

ويعلم الله أنّنى رجل

إليه مذ قد كثرت محتاج.

ص: 97

وأنشد أبو بكر بن دريد عفا الله عنه ورحمه:

قد قلت لمّا مرّ يخطر ماشيا

والرّدف يجذب خصره من خلفه.

يا من يسلّم خصره من ردفه

سلّم فؤاد محبّه من طرفه.

وقال السرىّ الرّفاء:

ضعفت معاقد خصره وعهوده

فكأنّ عقد الخصر عقد وفائه.

وقال المتنبى:

وخصر تثبت الأبصار فيه

كأنّ عليه من حدق نطاقا.

وقال السرىّ الرفّاء:

أحاطت عيون الناظرين بخصره

فهنّ له دون النّطاق نطاق.

وقال الأمير سيف الدّين المشدّ:

وأهيف القدّ بتّ أشكو

له تلافى وما تلافى.

فلان عطفا ودقّ خصرا

وإنما ردفه تجافى.

وقال أبو نواس:

ليّن القدّ لذيذ المعتنق

يشبه البدر إذا البدر اتّسق.

مثقل الرّدف إذا ولّى حكى

موثقا في القيد يمشى في زلق.

وإذا أقبل كادت أعين

نحوه تجرح فيه بالحدق.

وقال آخر وأجاد:

أيا من نصفه غصن

يميل ونصفه كفل.

صفاتك في تباينها

فمنفصل ومتّصل.

فنصفك موج عاصفة

ونصفك شارب ثمل.

ص: 98

ومما وصفت به على لفظ التأنيث، فمنه قول أبى عبادة البحترىّ:

كأنّهنّ وقد قاربن في نظرى

ضدّين في الحسن تثقيلا وإخطافا.

رددن ما خفّفت عنه الخصور إلى

ما في المآزر فاستثقلن أردافا.

وقال آخر:

لها ردف تعلّق في لطيف

فذاك الرّدف لى ولها ظلوم.

يعذّبنى إذا فكّرت فيه

ويتعبها إذا قصدت تقوم.

وقال مؤمل وأفرط:

من رأى مثل حبّتى

تشبه البدر إذ بدا.

تدخل اليوم ثم تد

خل أردافها غدا.

وقال أبو هلال:

تمشى بأرداف أبين قعودها

بين النّساء كما أبين قيامها.

وقال علىّ بن عطية البلنسى:

وإنسيّة زارت من اللّيل مضجعى

فعانقت غصن البان منها إلى الفجر.

أسائلها أين الوشاح؟ وقد سرت

معطّلة منه، معطّرة النّشر.

فقالت: وأومت، للسّوار نقلته

إلى معصمى لما تقلقل في خصرى.

وقال الطائىّ:

من الهيف لو أنّ الخلاخل صيّرت

لها وشحا جالت عليها الخلاخل.

ص: 99

وقال إسحاق الموصلىّ:

ظباء كاليعافير

كنوس في المقاصير.

وأدبرن بأعجاز

كأوساط الزّنابير.

وقال عمر بن أبى ربيعة:

يتقابلن كالبدور على الأغ

صان في مثقل من الأرداف.

بخصور تحكى خصور الزّنابي

ر ضعاف هممن بالانقصاف.

وقال آخر:

عظمت روادفها فآذت خصرها

ووشاحها قلق كقلب المغرم.

وقال آخر:

آخرها متعب لأوّلها

فبعضها جائر على بعض.

وقال آخر:

تمشى فتثقلها روادفها

فكأنّها تمشى إلى خلف.

وقال البجلىّ:

إن العزيز علىّ خصرك إنه

بالرّدف حمّل منك ما لا يحمل.

فخذى له جسمى مكان وشاحه

إن العليل بشكله يتعلّل.

ومما قيل في السّوق، فمن ذلك قول الأمير سيف الدّين المشدّ:

ساق تجلّى كأنّه قمر،

يحمل شمسا، أفديه من ساق!

شمّر عن ساقه غلائله،

فقلت: مهلا، واكفف عن الباقى!

لمّا رآنى، وقد فتنت به

من فرط وجدى وعظم أشواقى،

غنّى وكأس المدام في يده:

قامت حروب الهوى على ساق.

ص: 100

وقال عروة:

فقمن بطيئا مشيهنّ تأوّدا

على قصب قد ضاق عنه خلاخله.

كما هزّت الميزان ريح فحرّكت

أعاليه منه وارجحنّت أسافله.

وقال كثيّر عزّة:

ويجعلن الخلاخل حين تلوى

بأسوقهنّ في قصب خدال.

وقال كشاجم:

قلت: وقد أبصرتها حاسرا

عن ساقها فاضل سربالها:

لو لم تكن من برد ساقها،

لاحترقت من نار خلخالها.

وله أيضا:

وإذا لبسن خلاخلا،

كذّبن أسماء الخلاخل.

ومما وصفت به القدود، فمن ذلك قول أبى فراس الحمدانىّ:

غلام فوق ما أصف

كأنّ قوامه ألف.

إذا ما مال يرعبنى:

أخاف عليه ينقصف.

وأشفق من تأوّده:

أخاف يذيبه التّرف.

وقال الخبز أرزّىّ:

أهيف يحكى بقدّه الألفا

يخسر من لم يكن به كلفا.

أحسن من بهجة الخلافة والأم

ن لمن قد يحاذر التّلفا.

لو أبصر الوجه منه منهزم

يطلبه ألف فارس، وقفا.

ص: 101

وقال مانى:

أتمنّى الذى إذا أنا أو مأ

ت إليه بطرف عينى، تجنّى.

أهيف كالقضيب لو أنّ ريحا

حرّكت هدب ثوبه، لتثنّى!

وقال آخر:

أيا سائلى عن قدّ محبوبى الّذى

كلفت به وجدا وهمت غراما.

أبى قصر الأغصان ثمّ رأى القنا

طوالا، فأضحى بين ذاك قواما.

وقال آخر، وهو محمد بن التلمسانى:

يا مخجلا بقوامه

أغصان بانات اللّوى!

ما أنت عندى والقضي

ب الّلدن في حدّ سوى!

هذاك حرّكه الهوا

ء وأنت حرّكت الهوى!

وقال آخر:

يا غصنا راح الصّبا

يثنيه، لا ريح الصّبا!

ما إن بدا للعين إلا

ارتاح قلبى وصبا.

ولا انثنى يخطر إلا

ازداد قلبى وصبا.

وقال آخر، وهو كشاجم:

معتدل من كلّ أعطافه،

مستحسن القامة والملتفت.

لو قيست الدّنيا ولذّاتها

بساعة من وصله، ما وفت.

سلّطت الألحاظ منه على

قلبى، فلو أودت به ما اشتفت.

واستعذنت روحى هواه فلا

تصحو ولا تسلو، ولو أتلفت.

ص: 102

ومما قيل في العناق، فمن ذلك ما ورد على لفظ التذكير.

فمنه قول الحسين بن الضحاك:

وموشّح، نازعت فضل وشاحه

وكسوته من ساعدىّ وشاحا.

بات الغيور يشقّ جلدة خدّه

وأمال أعطافا علىّ ملاحا.

وقال آخر:

بتّ وبدر الدّجى نديمى

وهو موات بلا امتناع.

فقلت للحاسدين لمّا

أشرقت الشمس بالشّعاع:

القلب والطّرف منزلاه

وهو إلى الآن في الذّراع.

وقال ابن المعتز:

ما أقصر الليل على الراقد!

وأهون السّقم على العائد!

يفديك ما أبقيت من مهجتى،

لست لما أوليت بالجاحد.

كأنّنى عانقت ريحانة

تنفّست في ليلها البارد.

فلو ترانا في قميص الدّجى،

حسبتنا في جسد واحد.

وقال أبو هلال في نحو ذلك:

ونحن في نظم الهوى واحد

كأنّنا عقدان في نحر.

وقال ابن الصولى:

طال عمر الليل عندى

إذ تولّعت بصدّ.

يا ظلوما نقض العه

د ولم يوف بعهد!

ص: 103

أنسيت الوصل إذ بت

نا على مرقد ورد.

واعتنقنا كوشاح

وانتظمنا نظم عقد.

وتعطّفنا كغصني

ن، فقدّانا كقدّ.

وقال ابن عبد كان الكاتب:

وكلانا مرتد صاحبه

كارتداء السّيف في يوم الوغى.

بخدود شافيات من جوّى

وشفاه مرويات من ظما.

نتساقى الريق فيما بيننا:

زقّ أمّات القطا زغب القطا.

وقال على بن الجهم:

سقى الله ليلا ضمّنا بعد فرقة،

وأدنى فؤادا من فؤاد معذّب!

فبتنا جميعا: لو تراق زجاجة

من الخمر فيما بيننا، لم تسرّب.

وقال الخبزأرزّىّ:

طوّقته طوق العتاق بساعدى،

وجعلت كفّى للّثام وشاحا.

هذا هو الفوز العظيم فخلّنا،

متعانقين فما نريد براحا!

وقال صالح بن يونس:

لى سيّد ما مثله سيّد،

تصدّت الحمّى له فاشتكى.

عانقته عند موافاته،

والأفق بالليل قد احلولكا.

فجاءت الحمّى كعاداتها،

فلم تجد ما بيننا مسلكا!

وقال الحسين بن علىّ بن بشر الكاتب:

ضممته ضمّ مفرط الضّمّ،

لا كأب مشفق ولا أمّ.

ولم نزل، والظلام حارسنا،

جسمين مستودعين في جسم.

ص: 104

ألثمه في الدّجى، وبرق ثنا

ياه يرينى مواضع اللّثم.

ثمّ افترقنا عند الصباح وقد

أثّرت فيه كهيئة الختم.

وقال أبو عبد الله الحامدىّ:

سقانى وحيّانى وبات معانقى!

فيا عطف معشوق على ذلّ عاشق!

ويا ليلة، باتت سواعدنا بها

تدور على الأعناق دور المخانق!

نبثّ من الشّكوى حديثا كأنّه

قلائد درّ في نحور العواتق.

ومما ورد على لفظ التأنيث، فمن ذلك قول أبى إسحاق الصابى:

هيفاء تحكى قضيبا

قد جمّشته الرّياح.

تفترّ عن سمط درّ

عليه مسك وراح.

جرّدتها واعتنقنا:

كلّ لكلّ وشاح!

باتت، وكلّ مصون

لى من حماها مباح.

فى ليلة لم يعبها

فى الدّهر إلا الصّباح.

وقال أيضا:

أقول وقد جرّدتها من ثيابها

وعانقتها كالبدر في ليلة التّمّ:

لئن آلمت صدرى بشدّة ضمّها،

لقد جبرت قلبى وإن أوهنت عظمى!

وقال أبو الفضل الأصبهانىّ:

يا ليلة قرنت لنا

فيها المآرب بالنّجاح.

بتنا برغم وشاتنا

متعانقين إلى الصّباح.

ص: 105

متمازجين كانّنا

روحان من ماء وراح.

ظنّ الوشاة لفرط ضمّ

ى أنّنى بعض الوشاح!

ومما قيل في وصف مشى النساء، يقال:

تهالكت المرأة، إذا انفتلت في مشيتها.

تأوّدت، إذا اختالت في تثنّ وتكسّر.

بدحت وتبدّحت، إذا أحسنت مشيتها.

تهزّعت تهزّعا، إذا اضطربت في مشيتها.

قرصعت قرصعة، وهى المشية القبيحة؛ وكذلك مثعت مثعا.

وقال الأعشى:

غرّاء، فرعاء، مصقول عوارضها

تمشى الهوينى كما يمشى الوجى الوحل

كأنّ مشيتها من بيت جارتها

مزّ السحابة: لا ريث ولا عجل.

وقال آخر:

يمشين مشى قطا البطاح تأوّدا،

قب البطون، رواجح الأكفال.

وقال ابن عائشة من أبيات:

فكأنّهنّ إذا أردن خطا

يقلعن أرجلهنّ من وحل

وقال أبو الفتح كشاجم:

وتهتزّ في مشيها مثل ما

تهزّ الصّبا غصنا ناعما.

وتأمر بالأمر فيه الذى

كرهت فأرضى به راغما.

ص: 106

وقال آخر:

شبّهت مشيتها بمشية ظافر

يختال بين أسنّة وسيوف.

صلف تباهت نفسه في نفسه،

لما انثنى بسنانه المرعوف.

وقال آخر:

تمشى الهوينى إذا مشت فضلا

مشى النّزيف المخمور في صعد.

تظلّ من زور بيت جارتها

واضعة كفّها على الكبد.

وقال المنخّل اليشكرىّ:

ولقد دخلت على الفتا

ة الخدر في اليوم المطير.

فدفعتها فتدافعت

مشى القطاة إلى الغدير.

ولمتها فتنفّست

كتنفّس الظّبى البهير.

وقال عمر بن أبى ربيعة:

أبصرتها ليلة، ونسوتها

يمشين بين المقام والحجر.

يرفلن في الرّيط والمروط كما

تمشى الهوينى سواكن البقر.

وقال ابن مقبل:

يهززن للمشى أوصالا منعّمة

هزّ الجنوب ضحى عيدان يبرينا [1] .

أو كاهتزاز ردينىّ تداوله

أيدى التّجار فزادوا متنه لينا.

يمشين هيل النّقا مالت جوانبه

ينهال حينا وينهال الثّرى حينا.

[1] العيدان: النخل الطوال واحدته بهاء، ويبرين: اسم قرية كثيرة النخل والعيون العذبة بحذاء الأحياء.

ص: 107

وقال أشجع السلمىّ:

وماجت كموج الماء بين ثيابها

يميل بها شطر ويعدلها شطر.

إذا وصفت ما فوق مجرى وشاحها

غلائلها ردّت شهادتها الأزر.

وقال العباس بن الأحنف:

شمس مقدّرة في خلق جارية

كأنما كشحها طىّ الطّوامير.

كأنها حين تمشى في وصائفها

تخطو على البيض أو خضر القوارير!

انتهى الغرض في وصف الأعضاء، وما شاكلها واتصل بها.

فلنذكر إن شاء الله تعالى ما جاء فيما قدّمناه من الأمثال.

فأما ما جاء منها في الإنسان، يقال:

شديد على الإنسان ما لم يعوّد.

وما علّم الإنسان إلا ليعلما.

الناس من جهة التمثيل أكفاء.

الناس أخياف وشتّى في الشّيم.

الناس بزمانهم اشبه منهم بآبائهم.

وما الناس إلا هالك وابن هالك.

والناس أولاد علّات فمن علموا

أن قد أقلّ فمهجور ومحقور.

وقال آخر:

الناس أكيس من أن يحسدوا رجلا

حتّى يروا عنده آثار إحسان.

ص: 108

ويقال:

المرء أعلم بشأنه.

المرء مع من أحبّ.

دع امرأ وما اختار.

كلّ امرئ في شأنه ساع.

كلّ امرئ مصبّح في أهله.

كلّ امرئ من شجو صاحبه خلو.

المرء يعجز لا محالة.

المرء توّاق إلى ما لم ينل.

المرء يجمع، والزمان يفرّق.

ويقال:

الرّجال بالأموال.

تقطّع أعناق الرجال المطامع.

ولكلّ دهر دولة ورجال.

ومما يتمثل به في ذكر النفس، يقال:

النفس مولعة بحبّ العاجل.

النفس أعلم من أخوك النافع.

أكذب النفس إذا حدّثتها.

ص: 109

ما عاتب الرجل اللبيب كنفسه.

الجود بالنفس أقصى غاية الجود.

نفس عصام سوّدت عصاما.

ومما يتمثل به من أعضاء الإنسان الظاهرة والباطنة ما قيل في الرأس والشعر من نجا برأسه فقد ربح.

رماه بأقحاف رأسه. أى بالدواهى.

اختلفت رءوسها فرتعت.

كلّ رأس به صداع.

ويقال:

ادقّ من الشّعر.

اهون من الشّعر الساقط.

ما يتمثل به من ذكر الوجه وجه المحرّش أقبح. أى وجه مبلّغ القبيح أقبح من وجه قائله.

فى وجه مالك تعرف إمرته.

قبل البكاء كان وجهك عابسا.

قال أبو تمام:

وما أبالى، وخير القول أصدقه،

حقنت لى ماء وجهى أم حقنت دمى.

ص: 110

وقال ابن الرومىّ:

وقلّ من ضمنت خيرا طويّته

إلا وفي وجهه للخير عنوان.

له محيّا جميل يستدلّ به

على جميل، وللبطنان ظهران.

وقال آخر:

صلابة الوجه صلاح الفتى

ورقّة الوجه من الخرقة.

ما يتمثل به من ذكر العين، يقال:

أسرع من طرف العين.

أسرع من لمح البصر.

العين ترجمان القلب.

شاهد البغض اللحظ.

ربّ عين أنمّ من لسان.

ليس لما قرّت به العين ثمن.

نظرة من ذى علق.

عين عرفت فذرفت.

لحظه أصدق من لفظه.

ليس لعين ما رأت، ولكن لكفّ ما أخذت.

لا تطلب أثرا بعد عين.

من أطاع طرفه، أصاب حتفه.

وأىّ عار على عين بلا حور.

والدّمع قد يعلن ما في الصّدور.

ص: 111