الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا تجاوز [1] عشر سنين أو جاوزها، فهو مترعرع وناشئ.
فإذا كاد أن يبلغ الحلم أو بلغه، فهو يافع ومراهق.
فإذا احتلم واجتمعت قوّته، فهو حزوّر؛ واسمه في جميع هذه الأحوال التى تقدّم ذكرها غلام.
فإذا احضرّ شاربه وأخذ عذاره يسيل، قيل فيه قد بقل وجهه.
فإذا صار ذا فتاء؛ فهو فتى وشارخ.
فإذا اجتمعت لحيته وبلغ غاية شبابه، فهو مجتمع.
ثم مادام بين الثلاثين والأربعين، فهو شابّ، ثم هو كهل إلى أن يستوفى الستين.
فصل فى ظهور الشيب وعمومه
يقال للرجل أوّل ما يظهر به الشيب، قد وخطه الشيب.
فإذا زاد، قيل خصّفه وخوّصه.
فإذا ابيضّ بعض رأسه، قيل قد أخلس رأسه، فهو مخلس.
فإذا غلب بياضه سواده، فهو أغثم.
فإذا شمطت مواضع من لحيته، قيل وخزه القتير ولهزه.
فإذا كثر فيه الشيب وانتشر، قيل فيه قد تقشّع [2] فيه الشيب.
[1] وردت هذه الجملة هكذا بالأصل. وفي فقه الثعالبى (فاذا كاد يجاوز العشر السنين، أو جاوزها فهو مترعرع وناشئ) وهو الصواب.
[2]
كذا بالأصل وفقه اللغة وهو محرف عن «تفشّغ» قال في القاموس (وتفشّغ فيه الشيب أو الدم:
انتشر وكثر) .
ويقال أيضا: شاب الرجل، ثم شمط، ثم شاخ، ثم كبر، ثم توجّه، ثم دلف، ثم دبّ، ثم مجّ، ثم هدج، ثم ثلّب، ثم الموت.
وقيل: ما السرور؟ قال: إدراك الحقيقه، واستنباط الدّقيقه.
وأما النفس الغضبية، فهمّ صاحبها منافسة الأكفاء ومغالبة الأقران ومكاثرة العشيرة.
ومن ذلك ما أجاب به حصين بن المنذر، وقد قيل له: ما السّرور؟ قال: لواء منشور، والجلوس على السرير، والسلام عليك أيها الأمير.
وقيل للحسن بن سهل: ما السرور؟ قال: توقيع جائز، وأمر نافذ.
وقيل لعبد الله بن الأقسم: ما السرو؟ قال: رفع الأولياء، ووضع الأعداء، وطول البقاء، مع الصحّة والنماء.
وقيل لزياد: ما السرور؟ قال: من طال عمره، ورأى فى عدوّه ما يسرّه.
وقيل لأبى مسلم، صاحب الدعوة: ما السّرور؟ قال: ركوب الهمالجة، وقتل الجبابرة. وقيل له: ما اللذة؟ قال: إقبال الزمان، وعزّ السلطان.
وأما النفس البهيمية، فهمّ صاحبها طلب الراحة. وانهماك النفس على الشهوة من الطعام والشراب والنكاح.
وعلى هذه الطبيعة البهيمية قسمت الفرس دهرها كلّه، فقالوا:
يوم المطر للشرب؛ ويوم الريح للنوم؛ ويوم الدّجن للصيد؛ ويوم الصّحو للجلوس.
قيل: ولما بلغ ابن خالويه ما قسمته الفرس من أيامها قال: ما كان أعرفهم بسياسة دنياهم! (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) .
ولكنّ نبينا صلى الله عليه وسلم جزّأ نهاره ثلاثة أجزاء: جزءا لله، وجزءا لأهله، وجزءا لنفسه؛ ثم جزّأ جزأه بينه وبين الناس، فكان يستعين بالخاصة على العامة، ويقول:«أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغى. فإنه من أبلغ حاجة من لا يستطيع، آمنه الله يوم الفزع الأكبر» .
قالوا: والطبيعة البهيمية هى أغلب الطبائع على الإنسان: لأخذها بمجامع هواه، وإيثار الراحة وقلة العمل.
ومن ذلك قولهم: الرأى نائم، والهوى يقظان؛ وقولهم: الهوى إله معبود.
ومن ذلك ما أجاب به امرؤ القيس، وقد قيل له: ما السرور؟ فقال: بيضاء رعبوبه، بالطيب مشبوبه، باللحم مكروبه. «وكان مفتونا بالنساء» .
وقيل لأعشى بكر: ما السرور؟ قال: صهباء صافيه، تمزجها ساقيه، من صوب غاديه. «وكان مغرما بالشراب» .
وقيل لطرفة بن العبد: ما السرور؟ قال مطعم هنىّ، ومشرب روىّ، وملبس دفىّ، ومركب وطىّ. «وكان يؤثر الخفض والدّعة» . وهو القائل:
فلولا ثلاث هنّ من عيشة الفتى،
…
وعيشك! لم أحفل متى قام عوّدى.
فمنهنّ سبقى العاذلات بشربة
…
كميت متى ما تعل بالماء تزبد.
وكرّى إذا نادى المضاف محنّبا
…
كسيد الغضا نبّهته المتورّد.
وتقصير يوم الدّجن، والدّجن معجب،
…
ببهكنة تحت الخباء المعمّد.
وسمع هذه الأبيات عمر بن عبد العزيز فقال: وأنا لولا ثلاث لم أحفل متى قام عوّدى: لولا أن أعدل في الرعيه، وأقسم بالسويّه، وأنفر في السّريّه.
وقال عبد الله بن نهيك، عفا الله تعالى عنه:
فلولا ثلاث هنّ من عيشة الفتى،
…
وعيشك، لم أحفل متى قام رامس.
فمنهن سبق العاذلات بشربة
…
كأنّ أخاها مطلع الشمس ناعس.
ومنهنّ تجريد الكواعب كالدّمى
…
إذا ابتزّ عن أكفالهنّ الملابس.
ومنهن تقريط الجواد عنانه
…
إذا ابتدر الشخص الخفىّ الفوارس.
وقيل ليزيد بن مزيد: ما السرور؟ فقال: قبلة على غفلة:
وقيل لحرقة بنت النعمان: ما كانت لذة أبيك؟ قالت: شرب الجريال، ومحادثة الرجال.
وقيل للحسن بن هانئ: ما السرور؟ فقال: مجالسة الفتيان، فى بيوت القيان، ومنادمة الإخوان، على قضب الرّيحان؛ ثم أنشد:
قلت بالقفص لموسى،
…
ونداماى نيام:
يا رضيعى ثدى أمّ
…
ليس لى عنه فطام!
إنما العيش سماع
…
ومدام وندام.
فإذا فاتك هذا،
…
فعلى الدّنيا السلام!