الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها من الأنساب ما ينتفع به اللبيب، ويستغنى بوجوده الكاتب الأريب. فوجدته بدأ فيها بذكر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بآبائه، وشرح جملة من نسبه الطاهر وأبنائه. فرأيت أن أسرد النسب من أصله، وأبدأ بآدم عليه السلام، ثم بنسله؛ وأجعل العمدة على سرد عمود النسب المتصل بسيد البشر.
وأذكر من ذلك ما اشتهر عند أهل الأنساب وانتشر؛ إلى أن أنتهى إلى اسمه الشريف فأجعله خاتمة النسب، وأتمسك من شريعته ومحبته بأوثق سبب.
وأرجو ببركته بلوغ مآربى، ونجح مطالبى؛ وستر عيوبى، ومغفرة ذنوبى؛ وتزكية عملى، وسدّ خللى، والتجاوز عن سيئاتى، والمسامحة بفلتاتى ولفتاتى؛ والخيرة فى حركاتى وسكناتى.
هذا والله رجائى من كرم ربى، وإن قل عملى وكثر ذنبى؛ وعلى الشريف العمدة فيما أوردته، والعهدة فيما نقلته؛ فمن تأليفه نقلت، وعلى مقالته اعتمدت.
قال السيد الشريف نقيب النقباء أبو البركات بن أسعد بن على بن معمر الحسينى الجوّانى، النسابة رحمه الله: إن جميع ما بنت عليه العرب في نسبها أركانها، وأسست عليه بنيانها، عشر طبقات.
الطبقة الأولى الجذم
وهو الأصل إما إلى عدنان وإما إلى قحطان، والجذم القطع، يقال: جذم وجدم؛ وذلك لما كثر الاختلاف في عدد الآباء وأسمائهم فيما فوق ذلك، وشق على العرب تشعب المناهج فيه وتصعب المسالك؛ قطع الخوض فيما فوق قحطان ومعدّ وعدنان، واقتصر على ذكر ما دونهما، لاجتماعهم على صحته.
ومنه قول سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم لما انتسب إلى معدّ بن عدنان: «كذب النسابون فيما فوق ذلك»
لتطاول العهد. فمن كان من ولد قحطان، قيل يمنىّ. ومن كان من ولد معدّ بن عدنان، قيل خندفى، أو قيسى، أو نزارى، وإن كان الجميع داخلا في نزار، أعنى معدّ بن عدنان؛ وإنما كان بعد نزار جماجم استغنى بالنسبة إليها عن نزار بن معدّ بن عدنان؛ ولأن جمهور العلماء طبقوا النسب على ما قدّمناه أربع طبقات: خندفىّ، وقيسىّ، ونزارىّ، ويمنىّ. فقولهم: خندفى أى كل من يرجع إلى الياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان؛ وهو جمّاع خندف، فتوسعت العرب في ذلك إلى أن قالوا:
إلياس هو خندف، لأن ولده وهم مدركة، وطابخة، وقمعة، أمهم خندف، وهى ليلى بنت حلوان بن عمران، بن إلحاف بن قضاعة، خندفت في طلب ولدها أى أسرعت، فقال لها إلياس: مالك تخندفين؟ أى تهرولين فسميت خندف، فرجع إلى خندف أبطن عدّة: كمزينة، والرّباب، وضبّة، وصوفة، والشّعيرا، وتميم، وهذيل، وأسد، والقارة، وكنانة، وقريش، فقيل لولد إلياس «خندف» ثم قيل لإلياس نفسه خندف إذ كان أبا لمن أمه خندف لا غير ولا ولد له إلا من خندف.
ولذلك نظائر وأشباه في العرب، كما قيل لمالك بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر:
«عائدة» لأن أم ولده عائدة بنت الحمس بن قحافة الخثعميّة.
وكما قيل لعوف بن وائل بن قيس بن عوف بن عبد مناة بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر: «عكل» لأن أمة يقال لها عكل حضنت ولده.
وكما قيل لعمرو بن أدّ بن طابخة بن إلياس: «مزينة» لأن أم ولده مزينة بنت كلب بن وبرة القضاعية.
وكما قيل لعمرو بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار «جديلة قيس» لأن أم ولده جديلة بنت مرّ، أخت تميم بن مر، بن أدّ، بن طابخة.
وكما قيل للحارث بن عدىّ بن الحارث بن مرّة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان «عاملة» لأن أم ولده عاملة بنت مالك بن وديعة القضاعية.
وكما قيل لأشرس بن السكون بن أشرس بن كندة «تجيب» لأن أم ولده تجيب.
بنت ثوبان المذحجيّة، وغير ذلك مما يطول الكلام باستقصائه والله أعلم.
وأما قولهم قيسىّ، فالمراد به من ولد قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان، ويكون عيلان هاهنا أخا إلياس بن مضر، وكان [1] اسم إلياس عيلان.
وقال الوزير ابن المغربى: هو الناسّ بتشديد السين فيكون مضر أعقب إلياس والناس. ومن العلماء من قال: إن عيلان كان حاضنا، حضن قيسا وليس بأب فيقول قيس عيلان بن مضر، مضاف إليه بغير ذكر البنوّة، كما قيل في فخذ من قضاعة سعد هذيم، وهذيم حاضن، وغير ذلك في العرب كثير والأوّل أصح. وهذا قيس بن عيلان بن مضر هو الذى قيل لقيس بن قيس والله أعلم.
وذهب قوم إلى أن ولد معدّ بن عدنان كلهم يقال لهم: قيس وهو خطأ، وإنما هم يجوّزون ذلك على وجه بعيد ليميزوا بالعزوة إلى ذلك بين يمن وغيرها: فيقولون: قيس ويمن، فيظن السامع أنهما أخوان، وأين قيس من قحطان جدّ يمن: لأن قحطان أبا اليمن هو أخو الجدّ العشرين لقيس: وهو فالغ بن عابر، وقحطان بن عابر.
وسيرد ذلك في سرد النسب بعون الله ومشيئته.
[1] لعله أو كان اسم إلياس الخ ليستقيم الكلام.
وبيانه هاهنا أن قيس بن عيلان، بن مضر، بن نزار، بن معدّ، بن عدنان، ابن أد [1] ، بن أدد، بن إسماعيل الذبيح، بن إبراهيم الخليل، بن تارح: وهو آزر بن ناحور، بن ساروغ، بن أرغو، بن فالغ، بن عابر. ففالغ أخو قحطان، وقحطان هو الجد الذى ترجع إليه يمن كلها؛ وهو أحد جذمى النسب كما تقدّم.
فقد بان أن قول من يقول قيس: ويمن قبيلة ليس بشىء، وإنما قال ذلك لولد معدّ بن عدنان إشارة لإعلام السائل إذا سأل المعدىّ من أىّ نسب هو، فكأنه يقول له من البطن التى منها قيس. وهذا بعيد وشاذ.
ومما يؤكد بعده أنا إذا جوزنا ذلك لمن ينتسب إلى جمجمة فوق قيس كربيعة ابن نزار بن معدّ بن عدنان، وإياد بن نزار وغير ذلك وان كان بعيدا فكيف يجوز أن يطلق ذلك على قريش. فنقول: هم قيس، وإنما قريش بنو فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار، وإلياس هو عم قيس فيكون قريش دون قيس بهذه العدّة، فلا يجوز أن يقال: إن قريشا من قيس، وقيس إنما هو ابن عم الأب السادس من قريش: وهو مدركة؛ ولو كان عمّا له، لكان ربما يجوز على وجه التعارف عند العرب بأن العم أب كما أخبر الله تعالى عن نبيه يعقوب عليه السلام فقال تعالى:(أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ)
، والذى ذهب إلى أن العم أب قال: أنا أطلق على ولد معدّ بن عدنان قيسا لأن قيسا منهم، فأقول: قريش من قيس. وهذا بعيد من وجه أن قيسا ليس
[1] هكذا بالأصل. وفي كتاب الجوّانى المنقول منه هذا الفصل والموجود منه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية، ناقصة الآخر (ابن أدّ بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن قيذار بن إسماعيل الذبيح الخ) .
بعم لقريش، وإنما هو ابن عم، ولا ترجع العزوة في الانتساب إلى ذيل الأعقاب، إنما يعزى لأعلى النسب؛ لا لأسفل العقب؛ ولو صح ذلك، لعزى الإنسان لابن ابن عمه وهذا لا يصح.
فقد وضح أن العزوة إلى قيس لا تصح إلا لمن يرجع إليه بالولادة منه: لأن ربيعة وإيادا ابنى نزار أعلى منه، فلا يصح أن يعزوا إليه؛ وقريش وكنانة أسفل منه فلا يصح أن يعزوا إليه.
وبالجملة فإنه ابن عم لهما، أعنى قريشا وكنانة، وأخ لهما أعنى ربيعة وإيادا؛ ولا يجوز أن يعزى الأب إلى ابنه إذ كانت النسبة في ذلك لا ترجع إلى الابن إنما ترجع إلى الأب. ولو اعتمد ذلك في الأنساب لاختلطت العزوة إلى كل أب بالأب الآخر فلم يتميز، ولم يقف عند حدّ دون الآخر. وهذا يؤول إلى الجهالة بالأبطن والأفخاذ والعشائر.
وأمّا شهرة العزوة إلى قيس، فلما فيها من الجماجم والرءوس والقبائل والأرحاء وهى عند النسابين أكبر من تميم ومن بكر ابنى مرّ بن أد بن طابخة؛ إذ كان في قيس بنو عبس، وذبيان، وغطفان، وأعصر، وهوازن، وعدوان، وفهم: وهم جديلة قيس، وسليم، وثقيف، وعامر، وجشم، ونصر، وبكر، وسعد، وسلول، وربيعة، وكلاب، وقشير، وحبيب، وعقيل، وحريش، وخفاجة، وطهفة، وغير ذلك من الأفخاذ والعشائر التى تشرح في مواضعها بمشيئة الله وعونه.
وأما نزار بن معدّ بن عدنان، ففيها من الأبطن والأفخاذ والعشائر: كبنى ربيعة الفرس، وضبيعة أضجم، وأكلب، وأسلم، ويقدم، وأجلان، وهميم، وعبد القيس، ودهن، والنّمر، وتغلب، ووائل، وبكر، وصعب، وعلى، وحبيب، وعنزة، وعنز،
ورفيدة، وإراشة، ويشكر، وعكابة، وعجل، ولجيم، وحنيفة، وزمّان، والدول [1] ، وشيبان، وذهل، ومازن، وسدوس، وبلىّ، وعوف، وبدر، ومعن، ودعمىّ، وزهرة، وحذافة.
فأما أنمار بن نزار، فانقلب في يمن كما انقلبت قضاعة في غير ذلك من الأفخاذ والعشائر مما بين في موضعه إن شاء الله تعالى والحمد لله.
وأما يمن، فهم أولاد قحطان، بن عابر، بن شالخ، بن أرفخشذ، بن سام، بن نوح عليه السلام.
وفيها عدّة جماجم وقبائل وأبطن وأفخاذ وعشائر: كسبإ، وطيئ، والأشعر، وحمير، وقضاعة، وغسّان، وأوس، والخزرج، والأزد، ولخم، وجذام، وعاملة، وخولان، وغافق، ومذحج، وحرب، وسعد العشيرة، ومعافر، وهمدان، وكندة، وكلب، ومهرة، وصنهاج [2] ، وبارق، وبجيلة، وثعلبة، ودرما، وزريق، وعنيز، وعتّاب، وبحتر، وجرم، ومراد، وعبس، وجعفىّ، وسلمان، وتجيب، وصدا، والنّخع، والصّدف، وحضرموت وغير وذلك.
وكل ما ذكرناه فهو أبطن وأفخاذ وعشائر مختلطة، وما قصدنا فيها الترتيب، على طبقات النسب والتعقيب، وإنما جئنا من كل عزوة ببعض مشاهيرها التى تنسب إليها: ليتبين بعضها من بعض ويعلم غرضنا في تحرير ما قدمناه والله أعلم.
[1] بضم الدال وإسكان الواو وهو غير الدؤل الذى ينسب اليه أبو الأسود الدؤلى.
[2]
الذى في القاموس: وصنهاجة قوم بالمغرب من ولد صنهاجة الحميرى وفي تاج العروس: «قال ابن دريد بضم الصاد ولا يجوز غيره. قال شيخنا والمعروف عندنا الفتح خاصة في القبيلة بحيث لا يكادون يعرفون غيره» .
وأما عزوة العرب إلى يمن: وهم ولد قحطان، فلكونهم نزلوا اليمن؛ وكان منهم ملوك الحيرة وأصحاب سدّ مأرب فتيامنوا، فنسبوا إلى اليمن.
وقيل: إنما قيل لهم: يمن بأيمن بن هميسع بن حمير، وهو جدّ الملوك التبابعة؛ والأوّل أولى.
وأكثر العزوة لمن ينقلب عن نسبه إلى اليمن، لأجل أن الملوك كانت في اليمن:
مثل آل النّعمان بن المنذر من لخم، وآل سليح من قضاعة، وآل محرّق، وآل العرنجج وهو حمير الأكبر بن سبإ كالتبابعة والأذواء وغيرهم.
والعرب يطلبون العزّ ولو كان في شامخات الشواهق [1][وبطون الأمالق البوالق فينتسبون الى الأعز لحماية الحمية وإباءة الدنية وسكون النفوس الى نفيس الكثرة والعصبية بطريق دقيق في النظر لا على الظن المشتهر] : كما جرى لقضاعة بن معدّ ابن عدنان [2][لما خلف على أمه الجرهمية بعد] مالك بن مرة بن عمرو بن زيد بن مالك ابن حمير أباه معد بن عدنان؛ فجاءت بقضاعة على فراش مالك بن مرة فنسبه العرب إلى زوج أمّه [3][مالك بن مرة، عادة للعرب فيمن يولد على فراش زوج أمه] . وقيل إن اسم الجرهمية: قضاعة، فلما جاءت بولدها سمته باسمها. وقيل بل كان اسمه عميرا فلما تقضع عن قومه أى بعد سمى قضاعة. والعادة عند العرب أن تنسب الرجل إلى زوج أمّه؛ ألا ترى أنها قالت في عبد مناة بن كنانة: بنو على وهو على بن مسعود الأزدىّ وكان حضن بنى أخيه لأمّه وهم بكر وعامر ومرة أولاد عبد مناة بن كنانة، فغلب
[1] زيادات وجدت في نسخة الجوّانى المخطوطة ولم توجد في الأصل «الفوتو غرافىّ» .
[2]
زيادات وجدت في نسخة الجوّانى المخطوطة ولم توجد في الأصل «الفوتو غرافىّ» .
[3]
زيادات وجدت في نسخة الجوّانى المخطوطة ولم توجد في الأصل «الفوتو غرافىّ» .