الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا قامت إلى ملعبها
…
كمهاة الرمل في ملعبها،
سألت أردافها أعطافها:
…
هل رأت أوطأ من مركبها؟
وقال أبو الحسين بن فارس:
مرّت بنا هيفاء مقدودة
…
تركيّة تنمى لتركي.
ترنو بطرف فاتر فاتن
…
أضعف من حجّة نحوىّ.
ومما قيل في المطلق والمشترك
، قال الطغرائى:
فيم التعجّب من قلبى وصبوته
…
كأنّكم لم تروا من قبله عجبا!
ذوقوا الهوى ثم لوموا ما بدا لكم؛
…
أولا، فخلّوا ملامى واربحوا التّعبا!
وقال أيضا:
وكنت أرانى مفلتا شرك الهوى،
…
وقد صادنى سحر العيون النّوافث.
وأسمعنى داعى الغرام نداءه،
…
فقمت إليه مسرعا غير لابث.
وأعطيت إخوان البطالة صفقتى،
…
وبعت قديما من غرامى بحادث.
فما صفقتى في البيع صفقة خاسر،
…
ولا بيعتى للحبّ بيعة ناكث.
فلا تعذلونى في غرامى بعد ما
…
تولّى الصّبا، فالعذل أوّل باعث!
ولا تبحثوا عن سرّ قلبى إنّه
…
صفا، ليس يمضى فيه معول باحث.
أرى صبوات الحبّ قد جدّ جدّها،
…
وقد كان بدء الحب مزحة عابث!
وقال الأرّجانىّ:
قفا معى في هذه المعاهد!
…
لا بدّ للصّبّ من المساعد!
لا تبحلا يا صاحبىّ واسمحا
…
بوقفة على المعنّى الواجد.
فى منزل عهدت في عراصه،
…
لو ردّ معهودا بكاء عاهد،
كواعبا من الدّمى لواعبا
…
مشبهة الثّغور لا القلائد.
يمشين من فرط النّعيم والصّبا
…
كالقضب الموائل الموائد.
فيهنّ ظبى علق القلب به
…
من الظّباء النّفر الشوارد.
إذا تبدّى مرض بطرفه،
…
لم يخل من أفئدة عوائد.
رميته، فصادنى. فمن رأى
…
صيدا يمرّ بفؤاد الصائد؟
قطعت من قلبى رجائى في الهوى!
…
والقطع طبّ كلّ عضو فاسد!
وقال أبو القاسم عبد الله الدينورىّ، شاعر اليتيمة:
يا لعصر الخلاعة المودود
…
ولظلّ الشّبيبة الممدود!
وارتشافى الرّضاب من برد الثّغ
…
ر ولثمى عليه ورد الخدود!
وبكورى إلى مجالس علم
…
ورواحى إلى كواعب غيد!
فى قميص من السّرور مذال
…
ورداء من الشّباب جديد!
وقال تاج الملوك بن أيوب:
ألّا رحمتم متيما دنفا
…
ما زال من جوركم بكم عائذ!
صبّا قضى الله أن يهيم بكم
…
ولا مردّ لحكمه النافذ!
يلوذ حبّا دون الأنام بكم
…
وحسبه أنه بكم لائذ!
وقال فخر الدين الوركانى، شاعر الخريدة:
أأحبابنا أمّا حياتى بعدكم
…
فموت، وأما مشربى فمنغّص
وأسعد شىء فيّ قلبى لأنّه
…
لديكم، وجسمى بالبعاد مخصّص!
وقال العماد الأصفهانى:
بذلت لهم- أبغى رضاهم- مودّتى
…
وقلبى وصبرى والرّقاد، فما رضوا.
وهبنى عن كلّ تعوّضت بعدهم
…
فقل لى: بماذا عنهم أتعوّض؟
وما كان ظنّى أنّ عيشى ينقضى
…
ونجم الصّبا ينقضّ والعهد ينقض.
وقال الطغرائى:
إن الألى أرضاك قولهم
…
بالأمس، تحت رضاهم سخط!
لمّا صفا ذاك الجمال لهم،
…
تاهوا على العشّاق واشتطّوا.
همّوا ببين فاستطار له
…
قلبى، فكيف يكون إن شطّوا؟
وقال الطغرائى أيضا:
فى القلب من حرّ الفراق شواظ،
…
والدمع قد شرقت به الألحاظ.
ولقد حفظت عهودكم، وغدرتم.
…
شتّان غدر في الهوى وحفاظ!
لله أىّ مواقف رقّت لنا
…
فيها الوسائل، والقلوب غلاظ!
وقال أيضا:
وسائل عن جوى قلبى، فقلت له:
…
ما أنت عندى على سرّ بمتّهم!
طاب الجوى في الهوى حتّى أنست به،
…
فهو المرارة يحلو طعمها بفمى!
وقال أحمد بن محمد بن عبد ربه:
أتقتلنى ظلما وتجحدنى قتلى،
…
وقد قام من عينيك لى شاهدا عدل!
أطلّاب ذحلى، ليس لى غير شادن
…
بعينيه سحر فاطلبوا عنده ذحلى!
أغار على قلبى، فلما أتيته
…
أطالبه فيه، أغار على عقلى!
بنفسى التى ضنّت بردّ سلامها!
…
ولو سألت قتلى، وهبت لها قتلى!
إذا جئتها صدّت حياء بوجهها،
…
فتهجرنى هجرا ألذّ من الوصل.
وإن حكمت جارت علىّ بحكمها؛
…
ولكنّ ذاك الجور أشهى من العدل.
كتمت الهوى جهدى، فجوّده الأسى
…
بماء البكا، هذا يخطّ وذا يملى!
وأحببت فيها العذل حبّا لذكرها،
…
فلا شىء أحلى في فؤادى من العذل!
أقول لقلبى كلّما ضامه الأسى:
…
إذا ما أبيت العزّ، فاصبر على الذّلّ!
برأيك لا رأيى تعرّضت للهوى،
…
وأمرك لا أمرى وفعلك لا فعلى.
وجدت الهوى نصلا من الموت مغمدا
…
فجرّدته ثم اتكأت على النصل!
فإن كنت مقتولا على غير ريبة
…
فأنت الذى عرّضت نفسك للقتل!
وهذه الأبيات معارضة لصريع الغوانى في قوله:
أديرا علىّ الكأس، لا تشربا قبلى
…
ولا تطلبا من عند قاتلتى ذحلى!
فما حزنى أنّى أموت صبابة؛
…
ولكن على من لا يحلّ لها قتلى!
فديت التى صدّت وقالت لتربها:
…
دعوه، الثّريّا منه أقرب من وصلى!
وقال ابن عبد ربه:
صحا القلب، إلا خطرة تبعث الأسى
…
لها زفرة موصولة بحنين.
بلى، ربّما حلت عرى عزماته
…
سوالف آرام وأعين عين.
لواحظ حبّات القلوب إذا رنت
…
بسحر عيون وانكسار جفون.
وريط من الموشىّ أينع تحته
…
ثمار صدور، لا ثمار غصون.
برود كأنوار الربيع لبسنها
…
ثياب تصاب لا ثياب مجون.
فرين أديم الليل عن نور أوجه
…
تجنّ بها الألباب كلّ جنون.
وجوه جرى فيها النعيم فكلّلت
…
بورد خدود يجتنى بعيون.
سألبس للأيّام درعا من العزا،
…
وإن لم يكن عند اللّقا بحصين.
وكيف، ولى قلب إذا هبّت الصّبا
…
أهاب بشوق في الضّلوع دفين؟
وقال آخر:
هزّوا القدود وجرّدوا الأجفانا!
…
فاطلب لنفسك، إن قدرت أمانا.
والق السّلاح إذا انثنوا وإذا رنوا؛
…
وكن الجبان وإن ملكت جنانا.
واحذر ضراما بالعيون، وسل به
…
مثلى، وجانب بالقدود طعانا.
فلقد رأيت الأسد وهى كواسر
…
تخشى بمعترك الهوى الغزلانا.
لا تعبثنّ بذابل وبباتر!
…
وخف المهفهف واحذر الوسنانا!
لولا تشابه مقلة أو قامة،
…
ما خفت يوما صعدة وسنانا.
وأنا الّذى حضر الوقائع في الهوى
…
وأقام في أسر الغرام زمانا.
ولكم رأيت به الشّدائد مرّة!
…
ولكم رأيت به الممات عيانا!
وثبتّ بين معاطف ولواحظ
…
فى موقف يذر الشّجاع جبانا!
مستسلما للعشق: لا مستصرخا
…
صبرا، ولا مستنجدا سلوانا.
أرجو الشهادة إن قتلت به، وما
…
ولّيت فيه ولا ثنيت عنانا.
يا ويح قلب ما خلا من شغله
…
بصبابة ومحبّة مذكانا!
لو فتّشوه لما لقوا لسوى الهوى
…
فيه ولا غير الغرام مكانا.
وقال التلعفرىّ:
هذا العذول عليكم، مالى وله؟
…
أنا قد رضيت بذا الغرام وذا الوله!
شرط المحبة أنّ كلّ متيّم
…
صبّ يطيع هواه، يعصى عذّله.
وأخذتمونى حين سار بحبّكم
…
مثلى، ومثلى سرّه لن يبذله!
ما أعربت والله عن وجدى بكم
…
وصبابتى إلّا دموعى المهمله.
جزتم مداكم في قطيعتكم، فلا
…
عطف لعائدكم يرام، ولا صله.
أألومكم في هجركم وصدودكم،
…
ما هذه في الحبّ منكم أوّله!
قسما بكم، قد حرت مما أشتكى!
…
حسبى الدّجى، فعدمته ما أطوله!
ليلى كيوم الحشر معنى إن يكن
…
لا ليل ذاك له، فذا لا صبح له.
يا سائلى من بعدهم عن حالتى!
…
ترك الجواب جواب هذى المسأله!
حالى إذا حدّثت لا لمعا ولا
…
جملا لإيضاحى لها من تكمله [1] .
عندى جوى يذر الفصيح مبلّدا:
…
فاترك مفصّله! ودونك مجمله [2] !
القلب ليس من الصّحاح فيرتجى
…
إصلاحه، والعين سحب مثقله [3] .
يا نازحين، وفي أكلّة عيسهم
…
رشأ عليه حشا المحبّ مقلقله!
قمر له في الطّرف بل في القلب بل
…
فى النّثرة الحصداء أشرف منزله [4] .
الصّدغ منه عقرب، ولحاظه
…
أسد، وخلف الظّهر منه سنبله [5] .
ما أجور الألحاظ منه إذا رنا!
…
وإذا انثنى، فقوامه ما أعدله!
لو لم يصب صدغيه عارض خدّه،
…
ما أصبحت في عارضيه مسلسله.
لله منه مهفهف أجنيته
…
عسل الهوى فجنيت منه حنظله!
لو كنت فيه قبلت نصح عواذلى،
…
ما أدبرت أيام حظّى المقبله!
[1] إشارة إلى الكتب الشهيرة: اللمع، الجمل، الإيضاح، التكملة. وكلها في علم العربية.
[2]
يشير إلى «الفصيح» لثعلب، و «المفصل» للزمخشرىّ، و «المجمل» لابن فارس. وكلها كتب في اللغة.
[3]
الاشارة إلى «للصحاح» للجوهرى، و «العين» للخليل بن أحمد. وهما من كتب اللغة.
[4]
يشير إلى بعض منازل القمر، وهى: الطرفة، والقلب، والنثرة.
[5]
يشير إلى بعض البروج، وهى: العقرب، والأسد، والسنبلة.